متسلسلة مكتملة منقولة مرايتك النفسية | السلسلة الأولي | ـ عشرة أجزاء 24/5/2025

الملكة زيزي

ميلفاوي رايق
عضو
ناشر قصص
ميلفاوي نشيط
إنضم
1 أكتوبر 2024
المشاركات
165
مستوى التفاعل
786
النقاط
0
نقاط
12,052
النوع
أنثي
الميول
سادية
انت فاهم نفسك ....طب فاهم ال حواليك....طب فكرت تفهم الدنيا.... محدش فينا عمره هيفهم دا علشان دا صعب جدا فوق ما تتخيل حتي لو قولت فاهم و عديت بمراحل كتيره في حياتي ف انت بس مدرك الموق:ف ال انت خدت فيه تجربه غير كدا فعلينا ف انت صفر و مثل بنسمعه كتير ال هو حط نفسك مكاني علشان تفهم ف مش هطول عليك و تعال نفهم اكتر انا اقصد اي
حاليا بكتب في القصه بس متأكد انها هتعجبكوا و هتكون مختلفه

اسرتي بسيطه جدا مكونه من 6 افراد الاب و الام و انا و اخواتي البنات التلاته الاصغر مني

حالتنا كانت ك معظم الناس و ممكن اقل كمان والدي شغال باليوميه و يدوبك بيقضي احتياجات اخواتي الصغيرين و يدوبك اكلنا و احنا عايشين في شقه في بيت جدتي و هي متجوزه سعودي من عيله العتيبي و عايشه حياتها علي الاخر بتفتكرنا كل فين و فين ممكن في العيد او رمضان غير كدا متعرفناش تقدر تقول بتشفق علينا من ضمن الناس الغلابه و تيته اسمها نحمدو و خليك فاكر الاسم دا يا صاحبي

و بكدا عرفت الاساسيات و الباقي هنعرفه سوا

محمد الاب :الدنيا بقت صعبه اووي يا رباب مش عارف اعمل اي ولا اي

رباب (الام):معلش يا محمد استحمل اكيد دا اختبار من **** و هنعديه سوا

محمد: عارف انه اختبار بس مش حاسه انه طول اووي خمس سنين مش عارف اخد اي خطوه

رباب : اهدي بس كدا و صدقني كل شي هيتحسن امك بس لو تاخدك السعوديه كانت حالتنا اتحسنت

محمد :معرفش ليه امي بتعمل كدا كلمتها كتير و بتقولي اصبر و واخده ولاد خالتي كلهم

و انتهي النقاش ب عياط سلمي (اصغر ابنه) قامت رباب علشان تشيلها و ترضعها و نام الكل

تاني يوم محمد راح شغله و جدتي كريمه جت عندنا ( ام والدتي)

كريمه: كنت قريبه من هنا بشتري لحمه و حاجات و لقيت نفسي دايخه شويه قولت احود عليكي

رباب : تنوري يا ماما في اي وقت

كريمه: فهمي جوز اختك جاي بكرا من السفر قولت لازم اعمله اكله مقامه دا بقاله تلت سنين في السعوديه و سمعت انه هياخد اختك معاه و هو راجع

رباب: **** يبارك ليهم و يسترها معاهم

كريمه: انتي جوزك لسه برضو شغال مرمطون عند الناس

رباب بكسره : الحمد *** يا ماما عايشين احسن من غيرنا

كريمه: هي مش حماتك معاها الجنسيه ما تاخده هي ليه سايباه كدا دا لو ابن حرام مش هترميه كدا

رباب : و هنعمل اي يا ماما زي ال راكبها عفريت انها تاخده

كنت راجع من المدرسه و كنت وقتها سبع سنين و دخلت سلمت علي تيته ال اكتفت انها مدت ايديها ليا

انا: عامله اي يا تيته وحشتيني

تيته : اصبر يا يوسف بكلم امك

و تيته فضلت تكلم ماما اد اي اخواتها و اجوزاتهم ناجحين و مفيش غيرها هي و جوزها ال اقل من الناس كلها و مينفعش تفضل ساكته كدا و فضلت تتكلم كلام كتير جداااااا

رباب : ما خلاااص يا ماما فيه اي دا نصيبنا نعمل اي يعني

كريمه: تصدقي انك بنت وسخه انا غلطانه اني جيت هنا اصلا

و قامت كريمه لبست و مشيت و سابتنا قاعدين مكسورين مش فاهمين هل دا امتحان ولا دي حياتنا

بس كسرت حاجه جوانا مش فاهمين دي عواطفنا ال اتكسرت و هنكرههم مع الوقت ولا دي كرامتنا ال كل شويه يداس عليها باوسخ طريقه بس ال نعرفه ان احنا مشاعرنا راحه لحته مش كويسه

فضل الحال علي كدا شهور بين ذل و خناق و مشاكل و اهانه و ضيق حال لحد ما جه يوم غير كل حاجه

هنزل الجزء دا و هكمل كتابه بس طبعا محتاج رأيك

الجزء التاني


نكمل باقي الاحداث

في نص الليل حصلت حاجه غيرت مجري حياتنا تماما

كالعاده ماما و بابا في خناق علي ضيق الحاله الماديه او مش بيتخانقوا نقدر نقول بيفضوا طاقتهم في بعض علشان يقدروا يعيشوا و يعدوا الحياه الصعبه

محمد: انتي اصلا غبيه و عمرك ما هتفهمي

رباب: مستحمله كل دا و غبيه دا انا اكتر واحده مستحملاك

محمد واضح اوووي انك مستحمله و الدليل انك واقفه قصادي اهو بتعايريني علي حالتي الماديه

رباب بصدمه : بعايرك ...يا محمد دا انا الوحيده ال واقفه في ضهرك

كنت انا و اختي نورا بنلعب في الصاله و طلعنا علي الكنبه و نورا اختي من غير قصد وقعتني و اول صدمه خدتها علي راسي و أغمي عليا بابا و ماما شافوا دا جريوا عليا يطمنوا بس كنت في دنيا تانيه خالص و جريوا بيا علي المستشفي بس طبعا كلنا عارفين المستشفيات الحكوميه زمان مكنش فيها اهتمام خالص ف واحد نصحهم يريحوا المستشفي الخاصه ال في اخر الشارع و فعلا خدوني و راحوا بس الاستقبال كان رد فعله أبرد

الموظف : اسف يا فندم لازم تدفع 3000 جنيه علشان يدخل

بابا بزعيق: يعم هديك الفلوس بس الواد هيمووت

الموظف: متفهم وضع ابنك و**** بس دي سياسه المستشفي انا ال هتأذي لو ابنك دخل

كان سمع النقاش دا دكتور اسمه محمود كمال خميس و دا اخصائي مخ و اعصاب

محمود : دخله علي حسابي الخاص الطفل حالته صعبه

الموظف: تحت امرك دكتور محمود

و كنت دخلت العمليات و كانت حالتي صعبه جدا و كانت لحظات بيني و بين الموت

محمود: المخ حصل فيه تجمع دموي لدرجه حصل ضغط علي مراكز المخ و الاعصاب و الجمجمه حصل فيها شرخ غير المراكز الحيويه داخله في عمليه خمول

حازم الدراع اليمين لمحمود: بس فيه امل اننا نركب قسطره و تسحب التجمع الدموي

محمود: بس دا هيسيب اثار جانبيه كتير و مش عارفين هتوصل لايه لدرجه ممكن توصل للشلل

حازم: احسن ما نتخلي عنه و نسيبه يموت

محمود: نفذ القسطره

و فعلا بدءوا يفتحوا الجمجمه و مره واحده مكان ما بيفتح الجمجمه ميه بقت تتسرب

محمود : كان عنده كيس سحاء و انفجر من الوقعه

و بدءوا ياخدوا الاجراءات اللازمه بسرعه و بعد سبع ساعات انتهوا

حازم : الطفل دا كان عايش ازاي دا كيس السحاء لوحده كان هيقتله و لولا الوقعه مكنش حد هياخد باله غير في لحظاته الاخير

محمود: فيه مواقف اه بتكون شر بس بتودينا علي الخير مش كل عاصفه وراها خراب و يلا يا ابطال نطمن اهله عليه

و بدء الدكاتره و الطاقم الطبي يجهزوا نفسهم علشان ينهوا العمليه و خرج محمود و حازم الاول و لقوا بابا و ماما في وشهم و بيجروا عليهم

محمد: طمنا يا دكتور ابني عامل اي

حازم: ابنك محظوظ اوووي معرفش مكتوب ليه اي علشان يقع و يحصل ال حصل النهارده

بابا مش فاهم قصده اي يعني اي محظوظ و هل بيستخف بالموقف و محمود كان خد باله

محمود : ابنك كان عنده كيس سحاء و كان بيتجمع فيه ماده شبه المياه و مكان تواجده كان صعب جدا و الجسم مكنش هيحس ب وجوده غير لما ينفجر و طبعا الانفجار دا كان ممكن يؤدي لموته

رباب من غير فهم: وضح اكتر يا دكتور

حازم : طب نطمن الاول علي الطفل و بعدين نقعد نتكلم و نفهم

محمد :ياريت يا دكتور بصراحه أعصابنا مفيش

و دخلوا الاوضه عندي كنت انا لسه متبنج و محمد راح يكلم امه برا

نحمدو:اي يا محمد بترن ليه

محمد:يوسف وقع علي راسه يا ماما و عمل عمليه و حالته صعبه اووي

نحمدو:الف سلامه عليه و المطلوب اي

محمد بكسره: كنت محتاج 10.000 جنيه سلف و هسدهم ليكي

نحمدو:ليه يا محمد 10.000 هو وزير بيتعالج

محمد:احنا في مستشفي خاصه يا ماما و طالبين فلوس كتيره

نحمدو بزعيق: و مالها المستشفيات الحكوميه قصرت في اي

محمد:ابني كان بيموت يا ماما و مكنش في غيرها قدامي و بعدين دا الفلوس ال قولتلك عليها سلف

نحمدو:سلف اي يا محمد انت لاقي تاكل و بعدين انت ال فتحت الفتحه دي سدها

محمد بعصبيه:في اي يا ماما هو انا مش ابنك عمرك ما وقفتي جنبي ولا معتبراني ابنك

نحمدو:و الشقه ال انت متجوز فيها دي منين ها و الفلوس ال بديها ليك في العيد و رمضان و المناسبات دي اي انت ال ناكر للجميل و طماع و الرد هيجي قريب اوي علي كلامك هسيبك بس علشان ابنك تعبان

و قفلت السكه في وشه

لف علشان يدخل الاوضه لقي محمود في وشه

محمود:عن اذنك ادخل اطمن علي يوسف

محمد:اتفضل يا دكتور

و دخلوا ليا كنت انا فوقت

محمود:ها يا بطل عامل اي

انا:كويس يا دكتور

محمود:قولي بقي حاسس ب اي

انا:راسي وجعاني اووي و حاسس بصوت زي بيفكر في دماغي

محمود بتركيز:صوت بيفكر ازاي يا يوسف

انا:مش عارف بس حاسس حد جوا راسي عارف لما تسمع اغنيتين في نفس الوقت دا ال حاسس بيه و مش عارف ازاي

محمود:بعد اذنكوا يا جماعه ممكن تطلعوا برا ثانيه

رباب: ابني ماله يا دكتور

محمود:ابنك كويس اطمني هكشف و اطمن عليه و هديله حقنه تهديه

و فعلا محمد خد رباب و طلعوا برا

محمود:بص يا يوسف عايزك تركز اووي معايا قولي كل ال حاسس بيه بالظبط

انا:سامع صوت جوا راسي و مصدع اوي كل ما هو يتكلم و حاسس ان جسمي ساعات مش انا ال بتحرك يعني من شويه رفعت ايدي عند راسي بس مش انا ال حركتها

محمود:الصوت ال جوا راسك دا ال حركها

انا:اه انت عرفت منين

محمود:طب بص يا بطل الكلام دا محدش يعرفه و هتيجي عندي كل فتره و كل ما يحصل حاجه جديده هتقولي عليها اتفقنا؟

انا:اتفقنا

محمود:خليك فاكر محدش يعرف اي حاجه و كل ما الصداع يزيد اووي قول ل بابا او ماما خليهم يجبوك ليا

انا:متقلقش دا كلام رجاله بينا

ابتسم محمود: اما نشوف كلام الرجاله دا

خرج محمود من الاوضه بعد ما اداني حقنه منومه و نمت شاف محمد و زوجته و القلق باين علي وشهم

محمود:استاذ محمد ممكن تيجي المكتب بتاعي لحظات و المدام ممكن تفضل جنب يوسف انا اديته حقنه و هو نايم و كويس دلوقتي و لما يفوق هيكون تأثير البنج راح كليا و مش هيحصل الصداع دا تاني

رباب: و الاصوات ال كان بيسمعها دي اي يا دكتور

محمود: دا عيل صغير و العمليه كانت كبيره ل سنه ف طبيعي يحصل مضاعفات و هلوسه بسيطه من البنج انتوا مش بتشوفوا فيديوهات النت ولا اي و التخاريف بتاعه المرضي و حاول يقلب الموضوع ب هزار شويه و يفك الجو و نجح في دا و ارتسمت الضحكه علي وشهم

و اتجهت رباب للغرفه لتجلس بجانب ابنها و اتجه محمد مع محمود لمكتبه الخاص ليتحدثوا عن حالتي

محمود:بص يا استاذ محمد عايزك تركز معايا في كل كلمه هقولها

محمد:اؤمر يا دكتور سمعك

محمود:اول حاجه تبعد تماما اي ماديات في التعامل بينا

محمد لسه هيتكلم قاطعه الدكتور محمود

محمود:لو سمحت سبني اكمل كلامي للاخر

محمد:اتفضل يا دكتور

محمود:انا مش محتاج فلوس بالعكس دا انا محتاج ابنك ...ابنك المرض ال عنده بعمل عليه دكترواه و محتاج اتابع حالته اول ب اول و مش هتابعها يوم او اتنين او حتي شهر و مش عارف المتابعه دي هتفضل اد اي ممكن نفضل سنين و كل ال عايزه ان يوسف يجي مره كل اسبوع ساعه زمن هنقعد نتكلم انا و هو شويه و اطمن عليه و اطلب ال تأمر بيه انا تحت امرك بس لو سمحت يوسف يتابع معايا دايما

محمد:ليه يا دكتور كل دا اطمن بس علي ابني و افهم

محمود:ابني متوفي بسبب المرض دا و تقدر تقول انا مش عايز حاله زي حاله ابني تكرر تاني و لو وافقت طبعها في ***** كتير اووي هنقذهم زي ابنك

محمد :ال تشوفه يا دكتور

محمود :يبقي اتفقنا و انا عارف انك شغال علي باب **** ف هوفر ليك شغل هنا في المستشفي و كمان تكون جنبي انت و يوسف و كل تكاليف المستشفي عليا

محمد:دا كتير اوي يا دكتور

محمود:متقولش كدا احنا اصدقاء من النهارده و بالمناسبه ال 10.000 ال كنت بتطلبهم من والدتك هديهم انا ليك

محمد:اسف يا دكتور مش هاخدهم

محمود:دول مش ليك دول ليوسف

محمد:اسف برضو مش هاخدهم كفايه حق العمليه

ابتسم محمود :ال تحبه بس وقت ما يكون فيه اي حاجه تقدر تكلمني

محمد:أكيد يا دكتور

محمود:نبدء من بكرا شغلك و الراتب هيكون 4000 و الشغل من 8 الصبح ل 4 العصر

محمد بدهشه:الراتب مش كبير شويه

محمود:مش كبير يا استاذ محمد انت تستاهل كل خير

(و يا عزيزي القارئ 4000 تلاف كان مبلغ لحد ما جرام الدهب كان بحوالي 300 جنيه)

خرج بابا و محمود قعد يفكر مع نفسه

محمود:يا تري البحث ال كنت بعمله بقالي سنين هينجح ...هل يوسف الوعاء ال هيستخدم كل القدرات و طلع خاتم فضه بشكل مميز و ارجواني مميز

هل يا تري الخاتم من نصيب يوسف و ليه منجذب اوي لطاقته و ازاي *** عنده طاقه زي دي و نروح عند محمد

محمد: رباب عندي ليكي خبر حلو اووووي

رباب: خبر اي

محمد:جالي شغل ب 4000 جنيه هنا في المستشفي الدكتور محمود هو ال قالي عليه

رباب:بجد الف مبروك حبيبي و يرزقك ....بس ليه الدكتور دا مهتم بينا اووي كدا

محمد:علشان بيعمل ابحاث و كدا كل ال طلبه انه بس كل اسبوع يبص علي يوسف و يطمن عليه

رباب :طب كويس يا محمد حياتنا هتتحسن بدل الفقر ال كنا فيه

محمد:يوسف بس يقوم بالسلامه

و تعدي الايام و و السنين و الحال زي ما هو مفيش جديد و نيجي بعد تلت سنين و يا تري هيحصل اي هيغير العلاقه بين محمد و رباب و يا تري يوسف هيمر ب اي

الجزء التالت


كريمه(ام رباب): بس غريبه كدا يا محمد الرزق جه كدا فجاءه و اشتريت شقه و بتجهز ل سفر امريكا

محمد:مفيش حاجه جت بالساهل لا عندي ورث اد كدا ولا معاش جيش كبير مش عارف اعمل بيه اي ولا مسافر و انا عيل اه الرزق جه متأخر بس احسن من انه ميجيش

كريمه:علي رأيك يا جوز بنتي

محمد من جواه:دلوقتي جوز بنتي اومال قبل كدا السلام نفسه مكنتيش بترميه فعلا الفلوس بتغير الواحد

و قضوا اليوم في الكلام عن المظاهر و الماديات و النفاق محدش مبسوط بالتجمع دا بس كله بيحاول يعلي علي كله و كان ال مجمعهم اليوم دا بابا بمناسبه انه هيسافر شغل في امريكا تبع دكتور محمود و تعالوا نعرف سني انا و عيلتي في الفتره دي

محمد:30

رباب:30

انا:10

نورا(ال بعدي علطول):8

منه:6

سلمي:5

و بعد ما خلصت قعده النفاق ال كانت عندنا محمد خد مراته و قعدوا يتكلموا

محمد:اسمعيني يا رباب في كل كلمه هقولها و مش تقاطعيني

رباب:سمعاك يا حبيبي

محمد:بصي يا حور عيني

رباب:حور عيني يبقي فيه حاجه كبيره و مهمه

محمد بابتسامه:لا كبيره ولا حاجه انتي عارفه اني مسافر امريكا مع دكتور محمود امريكا و دا رزق اكبر ب كتير اوووي من هنا في مصر و مش عارف هقعد هناك سنه اتنين تلاته بس ال اعرفه اني سايب ست ب 100 راجل رغم كل خناقتنا و عصبيتنا و زعيقنا مفيش يوم عديناه من غير ما نتصالح و ننام في حضن بعض و عارف انه صعب نتفرق و اننا كل خطوه بناخدها مع بعض بس انتي فاكره حياتنا كانت ازاي ف هنقدر نعدي كل حاجه

رباب بصوت كله دموع:
عارفة يا محمد.. عمر ما في يوم عدى إلا ومحفور في قلبي، بكل صعب فيه قبل أي حاجة حلوة. بس إزاي هبقى لوحدي؟ البنات لسه صغيرين.. ويوسف محتاجك جنبه. مش هتطمن غير وأنت هنا

محمد جذبها إليه واحتضنها بقوة، كأنه يودعها بالفعل: "هتبقى أحسن مني يا رباب، وهتبقى الأقوى زي ما كنتي دايماً. ده قدرنا، وبعد كل السنين دي **** بيفتحها علينا بفضل صبرك. هناك الحياة أفضل بكتير، والعيشة أوسع، وده كله عشان خاطرهم. يوسف بالذات محتاج حياة أفضل، بعيد عن كل اللي عشناه انتي عايزه العيال تعيش ال احنا عشناه تاني بكل الذل و كسره النفس و الاهانه احنا استحملنا كل ال فات بس جت فرصه نطلع من الفقر و كل دا كانت كلماته قوية لكنها لم تخفِ القلق في عينيه. هو أيضاً يخشى الفراق، يخشى المجهول في أرض بعيدة، لكن الأمل في مستقبل أفضل لأبنائه كان وقوده. تنهدت رباب وهي تشعر بصدق كلماته، وتلقت رأسها على صدره، تسمع دقات قلبه التي طالما كانت سنداً لها.

رباب: متفهمه دا و مش هقدر اعمل حاجه غير اني اكمل صبر و دعي

محمد:
هكلمك كل يوم يا رباب، وهنادي على الأولاد في التليفون. المسافات مش هتغير في حبنا حاجة. بالعكس، هتخلينا أقوى." قالها محمد محاولاً بث الطمأنينة فيها وفي نفسه

مرت الأيام التالية ثقيلة على الجميع. كانت رباب تعد لمحمد حقائبه بقلب مثقل، بينما الأطفال لم يفهموا بعد تماماً معنى غياب الأب الطويل. أما أنا، يوسف، فكان الصداع الخفيف قد عاد لي بعض الشيء، وكأن الصوت الغريب في رأسي كان يشعر باقتراب التغيير الكبير. لم يكن صوتاً واضحاً يتحدث، بل كان إحساساً غامضاً بالترقب، وكأنه على وشك استقبال معلومات جديدة أو مواجهة شيء كان ينتظره طويلاً الدكتور محمود لم يتصل بي منذ آخر زيارة له قبل أسبوعين، لكنني كنت أعرف أن هذا السفر معه هو جزء من "كلام الرجال" الذي اتفقنا عليه

اتصل محمود ب محمد ليخبره ان يأتي و معه يوسف لكي يطمن علي صحته و فعلا راحوا ليه

محمود:النهارده اخر يوم شغل ليك في مصر و هتاخد اليومين الباقيين اجازه

محمد:ماشي يا دكتور اروح انا اشوف شغلي و يوسف معاك

محمود:ماشي يا محمد و بدء الكلام معاايا ها يا يوسف طمني

انا:اخر فتره بدءت تظهر حاجات غريبه اوي

محمود:زي اي

انا:زي اني مبقتش انام خالص بمثل اني نايم بس انا صاحي دايما

محمود بذهول:اي كمان

انا:حاسس اني بقيت اشوف و اسمع احسن من الاول بكتير اووي و كمان كل ما اخمن حاجه تطلع صح او معني اصح الصوت ال في راسي هو ال بيقولي

محمود:حاولت تتكلم مع الصوت دا

انا:مش بالظبط بس تقدر تقول ان هو بيساعدني وقت ما يحب يعني لما بشوف حد بيقولي هو حلو ولا وحش

محمود:و قالك اي عليا

انا:بيقول ان معاك حاجه مهمه اووي و ان دي المفتاح

محمود :تمام يا يوسف تقدر تروح تلعب و كدا خلصنا

محمود: "يا ترى البحث اللي كنت بعمله بقالي سنين هينجح... هل يوسف الوعاء اللي هيستخدم كل القدرات؟" وطلع خاتم فضة بشكل مميز وأرجواني اللون. "هل يا ترى الخاتم من نصيب يوسف؟ وليه منجذب أوي لطاقته؟ وإزاي *** عنده طاقة زي دي؟"





في اليوم التالي، استدعى الدكتور محمود حازم إلى مكتبه، وبدت على ملامحه جدية غير معهودة.

محمود: "اجلس يا حازم. لدينا أمر جلل يجب أن نتحدث فيه. هذا الأمر سيبقى سراً بيننا، ولن يعلم به أحد غيرنا أنا وأنت ومحمد ويوسف."

جلس حازم، وشعر بقلبه يدق بعنف. نبرة الدكتور محمود كانت كافية لجعله يدرك أن الأمر ليس مجرد عمل روتيني. "خير يا دكتور؟"

محمود: "أنت تعلم قصة ابني المتوفى، وكيف أنني كرست حياتي للبحث عن علاج لحالته. يوسف ليس مجرد حالة عادية، بل هو مفتاح لشيء أكبر بكثير مما نتخيل. ذلك الكيس السحائي، انفجاره في ذلك التوقيت تحديداً، لم يكن مجرد حادثة طبية."

تأمل الدكتور محمود الخاتم الفضي الأرجواني في إصبعه، ثم نظر إلى حازم بعمق. "يوسف يمتلك قدرات كامنة، قدرات خارقة للطبيعة، بدأت في الظهور كأصوات في رأسه وحركات لا إرادية، وها هو الآن يخبرني عن قدرته على عدم النوم، وعلى رؤية وسماع ما لا يستطيع البشر العاديون رؤيته وسماعه."

اتسعت عينا حازم بصدمة. "قدرات... هل تقصد..."

محمود: "نعم. ابني كان يمتلك نفس الاستعداد، لكن حالته لم تتطور لهذا الحد. هذه القدرات ترتبط بسلالة نادرة جداً، وهذا الخاتم هو الأداة الوحيدة التي تساعدني على فهمها والتحكم بها. يوسف هو الوعاء المثالي لهذه القدرات، وإذا لم نساعده، فقد تسيطر عليه أو تدمره."

صمت حازم لدقيقة، يستوعب ما يسمعه، ثم هز رأسه ببطء. "لذا، السفر إلى أمريكا ليس فقط من أجل أبحاث طبية عادية، بل من أجل هذا الأمر؟"

محمود: "بالضبط. المختبرات هناك مجهزة، والبحث يتطلب سرية تامة وموارد هائلة. ولهذا السبب، أريدك أن ترافقنا يا حازم. أنت ذراعي الأيمن، وأثق بك أكثر من أي شخص آخر. سأكون بحاجة لمساعدتك في كل خطوة."

"تحت أمرك يا دكتور." قال حازم بجدية، وقد تبددت الصدمة ليحل محلها شعور بالمسؤولية. "لقد أنقذنا حياة الطفل، والآن علينا أن نحمي مستقبله. أنا معك."





رحلة البداية إلى أمريكا

وجاء يوم السفر. كان المطار يعج بالناس، ومحمد يمسك حقيبته الصغيرة بيد، بينما يمسك بيدي باليد الأخرى. كانت عينا رباب مليئتين بالدموع، تحاول إخفاءها عن البنات الصغيرات.

رباب: هتوحشني اوي يا حبيبي ."

محمد: "**** معاكي يا رباب. خلي بالك من البنات و يوسف. هكلمكم كل يوم.".

صعدنا الطائرة: أنا ومحمد، والدكتور محمود، وحازم الذي كان يبدو أكثر جدية وانضباطاً من أي وقت مضى. كانت هذه هي المرة الأولى لي في الطائرة، شعرت وكأنني أطير فوق العالم، تاركاً خلفي حياة الفقر والذل، متجهاً نحو المجهول

ثماني سنوات من التخبط

مرت السنوات، ثماني عجاف بمعناها الحرفي والمجازي. ثماني سنوات في أمريكا غيرت كل شيء في حياتي. تحسنت ظروفنا المعيشية كثيراً بفضل وظيفة أبي الثابتة في المستشفى، وعشنا في شقة أوسع وأكثر راحة، لكن الجانب الآخر من حياتي كان أكثر تعقيداً وظلمة.

كبرت، وأصبحت في الثامنة عشرة من عمري، في فترة الثانوية العامة. كانت تلك السنوات مليئة بالتحديات. الصوت في رأسي، الذي كان مجرد وشوشة في البداية، أصبح رفيقاً دائماً، يتدخل في أفكاري، يشتت انتباهي. كنت أشعر أحياناً وكأنني أرى طبقة إضافية من الواقع، أو أسمع همسات من بعيد، مما جعل التركيز في الدراسة مستحيلاً. كان كل ذلك يسبب لي صداعاً مزمناً وإرهاقاً نفسياً هائلاً، وجعلني أشعر بأنني مختلف تماماً عن أي شخص آخر.

لم أستطع الانسجام مع أقراني في المدرسة. كنت أشعر بأنني غريب، بأن هناك حاجزاً غير مرئي يفصلني عنهم. كانت دراستي تتدهور باستمرار، فكيف يمكنني التركيز في دروس التاريخ أو الرياضيات وصوت غامض يهمس لي بمعلومات عشوائية أو يشتتني برؤى غير مفهومة؟ عانيت بصمت، وحاولت إخفاء ذلك عن والديّ اللذين كانا يعقدان آمالاً كبيرة علي بعد كل هذا السفر والتضحيات.

كنت أرى الدكتور محمود وحازم بانتظام، ليس فقط للمتابعة الطبية، بل لما أطلق عليه الدكتور محمود "التدريب السري". كان يطلب مني أن أصف له الأصوات التي أسمعها، والإحساس بالحركة اللاإرادية، أو أي رؤى غريبة قد تأتيني. كانت تلك الجلسات تتم في سرية تامة، لم يكن أبي أو أمي يعلمان عنها شيئاً. كان حازم حاضراً دائماً، يراقب بصمت، يدوّن الملاحظات، ويسأل أحياناً أسئلة تقنية للدكتور محمود حول حالتي. لقد أصبح جزءاً لا يتجزأ من هذا السر الذي يخصني.

حاولت أن أتجاهل هذه "القدرات" التي لم أفهمها بعد. كنت أفسر أي حدث غريب – سقوط كتاب من تلقاء نفسه، أو معرفة إجابة سؤال قبل أن يسأل المعلم – على أنها صدفة أو تخمين خاطئ، رغم أن قلبي كان يخبرني بغير ذلك. كنت أكذب على نفسي، محاولاً التمسك بآخر خيوط الحياة الطبيعية التي كنت أحلم بها

محمد و هو واقف في البلكونه في مبني ضخم ماسك الفون و بيكلم حد

محمد:وحشاني اووي علفكره

رباب:ما لو كنت وحشاك مكنتش فضلت يومين مش بتكلمني و اه هتكلمني ليه و انت اصلا عينك زايغه علي البنات القالعه و المسهوكه ال عندك

محمد:اول حاجه غصب عني انا بقيت الدراع الشمال لدكتور محمود و مبقاش يستغني عني في اي مكان و كمان دا ال فضل فوق دماغي لحد ما درست طب و اتخرجت و كتر واحد ساعدني و بعدين بنات اي دول مش يجوا جنبك حاجه دا كفايه حله محشي ورق العنب بتاعتك دي بيهم كلهم

رباب :راجل بكاش اووي و بان ...بان علي وشها علامات الزعل

محمد:عارف اني طولت اووي بس وعد كلها سنه و هنزل عايز احضر نتيجه البغل ال عندك

رباب :يجيبك بالسلامه

محمد:اوماال فين العيال

رباب:يوسف و منه في الدروس و نورا في اوضتها بتذاكر

محمد:طب ادهالي

رباب :ثانيه انده عليها ....يا نوووووووووووووورا انتي يا زفته

نورا: اي يا ماما بتزعقي ليه كدا

رباب:كلمي ابوكي ..(و سن نورا حاليا 16 سنه)

نورا :عامل اي يا بابا

محمد:اي الحلاوه دي هو كل ما اكلمك الاقيكي احلويتي كدا

نورا بكسوف شديد:مش عارفه

محمد بضحك: عامله اي في حياتك احكيلي كدا بتعملي اي

نورا فضلت تتكلم علي مشاكلها مع صحابها و بتعمل اي في دروسها كالعاده بتحكي الموضوع الف مره لحد ما بابا قفل و عشر دقايق كانت منه دخلت و رنوا عليا علشان اتغدي معاهم بس مش رديت علي الفون كالعاده

رباب:اخوكي يوسف عمري ما رنيت عليه و لقيته رد

منه:تلاقيه في الدرس يا ماما مش عارف يرد

رباب:فكك منه يا بت و يلا نقعد ناكل هو بيتصرف و بياكل

نيجي عندي بقي و كنت قاعد في الحصه سرحان و الصوت جوايا مش سايبني

الصوت :ميس اسراء مش شاطره و بتخون جوزها....العطار زميلك بيبص علي جسمها....الاجابه التالته....زميتلك بسنت عايزه تكلمك بس مش عايزه تبدء هي ....احمد هيجيب لامه طماطم و هو مروح

انا في نفسي:الصوت دا كل مدي بيكون مزعج اكتر و استأذنت من ميس اسراء مش هكمل الحصه علشان تعبان و وافقت علشان هي متأكده اني فاهم الدرس و نزلت اتمشي لحد الكورنيش و قعدت في مكان هادي

انا مع نفسي:مش فاهم اي ال بيحصلي دا هل دا طبيعي اصلا اما اتصل ب دكتور محمود و رنيت عليه

انا:عامل اي يا دكتور

محمود:كويس انت اي الاخبار

انا :بقيت اقرأ الافكار

محمود:احكي بالتفصيل

انا:الصوت بقي يحكيلي كل شخص حواليا حرفيا بيفكر في اي يعني صاحبي بيبص علي جسم الميس ....زميلتي عايزه تكلمني بس مش هي ال تبدء كلام....صاحبي التاني هيجيب طلبات لامه و هو مروح

محمود:حاولت تتكلم تاني مع الصوت

انا:لا بس حاسس الموضوع زاد عن حده ولا انت شايف اي

محمود:هيزيد كمان و كمان لو مش حاولت تسيطر علي الصوت اعتبره واحد صاحبك و بتفرض عليه رأيك

اتنهدت و اتكلمت بضحك:ما انت عارف ال فيها يا دكتور

محمود:خلي عندك ثقه في نفسك يا يوسف و اجمد كدا

انا:حاضر يا دكتور اسيبك تكمل شغلك

و قفلت معاه الخط و سرحت في حياتي ال حرفيا اسوأ ما تكون و مش اقصد الصوت اقصد حياتي الطبيعيه عندك مفيش صحاب يدوبك العطار و فارد شخصيه اووي و انا مجبور علي كلامه و علاقتي ب والدي يعتبر مفيش علاقه اصلااا بقالنا شهور مش اتكلمنا حتي في البيت احنا بعاد اوووي عن بعض مش فاهم السبب بس ممكن يكون اختبار او تدريب ل حاجه محدش يعرف الدنيا مخبيه ليه اي


ملحوظه صغيره اووي لو انت مستني سكس و كدا ف مش هتلاقيه ممكن احط مرتين تلاته علشان بس المنتدي مش ينقل القصه او يشيلها بصراحه معرفش القواعد


الجزء الرابع
اتنهدت وقفلت الخط مع الدكتور محمود. كلامه عن "الثقة" وأن "الأصوات" دي ممكن أتعامل معاها كـ"صاحب" كان بيزيد إحساسي بالوحدة والضغط. إزاي أثق في فوضى بتدمر حياتي؟ إزاي أسيطر على سيل لا ينتهي من أفكار البشر اللي بيغرقني؟

كنت لسه قاعد على كورنيش النيل في بنها، وضجيج المدينة المحيطة بيطوقني من كل اتجاه. أصوات الأفكار كانت بتتحول لموجات عشوائية، بتضرب راسي زي أمواج المحيط. شعرت وكأنني قطعة خشب صغيرة في بحر هائج. كل ما أحاول أركز، كل ما كانت الأفكار تتسرب وتتداخل، بتأثر على بصري وسمعي. كنت بأشوف ومضات من صور غريبة، وأسمع همسات تتداخل مع الواقع.

"الراجل ده بيكره مراته... السيدة دي بتفكر في قرض البنك... سواق الميكروباص مستعجل عشان يجيب الوردية... البنت دي خايفة على نتيجتها..."

فجأة، وسط هذه الفوضى العارمة، تجمدت كل الأصوات الأخرى. الصخب الداخلي اختفى تمامًا، تاركًا ورائي صمتًا مطبقًا لم أعرف قيمته إلا الآن. ولكن هذا الصمت لم يكن مريحًا. كان ينذر بشيء أكبر، شيء خطير.

ثم، في لمح البصر، تدفقت في ذهني رؤية واحدة، واضحة كالشمس، ومرعبة! رأيت حافلة نقل عام قديمة، ممتلئة بالركاب، تسير على كوبري بنها العلوي. وفي ومضة أخرى، رأيت إطارها ينفجر، وتفقد الحافلة السيطرة، وتصطدم بقوة بالحاجز الخرساني، وتتساقط أجزاء منها في النيل مع صراخ عالي. كانت الرؤية حقيقية لدرجة أنني شممت رائحة احتراق الإطارات وسمعت صرخات الركاب بوضوح مؤلم.

لم يكن هذا مجرد صوت أو فكرة عابرة. كانت كارثة على وشك الوقوع. المكان: كوبري بنها العلوي. الوقت: بعد دقائق قليلة!

نفضت عني ذهول الصدمة. "لازم أتحرك!" كان هذا هو الصوت الوحيد الواضح في رأسي الآن، صوتي أنا. قفزت من مكاني، جريت بكل قوتي نحو الكوبري. لا أعرف كيف وصلتني هذه الرؤية، ولا لماذا الآن بالذات، لكنني كنت متأكدًا أنها حقيقية.





سباق مع القدر في قلب بنها

كنت أجري وأنا ألعن حظي الذي لم يمنحني هذه القدرة على التنبؤ إلا الآن، وبهذه الطريقة المفاجئة. عقلي كان يصرخ في وجهي: "مين هيصدقك؟ ولد مجنون بيصرخ في الشارع؟"

وصلت إلى بداية الكوبري، وأنا أرى حافلة النقل العام تقترب ببطء في زحمة المرور الخانقة. حاولت أن أصرخ، أن أنبه الناس، لكن صوتي كان يائسًا وسط ضجيج المدينة المعتاد. الناس كانوا ينظرون إلي باستغراب، بعضهم بضيق، وبعضهم بسخرية.

"الولد ده شكله شارب حاجة!" سمعت أحدهم يفكر. "أكيد مريض نفسي." فكرت سيدة أخرى.

لم يكن أمامي وقت للتفكير. يجب أن أوقف الحافلة. اندفعت نحو الطريق، ملوّحًا بيدي بجنون. سائق الحافلة، رجل بدا عليه الضيق والملل، أطلق بوق الحافلة بعصبية.

سائق الحافلة (بصوت عالٍ): "إيه يا ابني! انزل من الطريق! عايز تموت يعني؟!"

تجاهلته تمامًا، واستمريت في الركض نحو الحافلة، أصرخ بكل ما أوتيت من قوة: "الحافلة هتنقلب! الكوبري فيه خطر! فيه انفجار هيحصل!"

في تلك اللحظة، بينما كنت أصارع من أجل إيصال رسالتي، انبعثت طاقة غريبة من جسدي. شعرت وكأن شيئًا ما يدفعني، أو يدفع الهواء من حولي. لم أكن أدرك ما أفعله، لكنني كنت أركز كل طاقتي على إيقاف تلك الحافلة.

فجأة، وبشكل غير مفهوم، بدأت الإشارة الضوئية في منتصف الكوبري، التي كانت خضراء، تتأرجح وتتحول إلى أحمر صارخ! تبعتها أضواء أخرى حولها، لتنبه السائقين. لم يكن هناك أي سبب منطقي لذلك. اندهش سائق الحافلة، وضغط على المكابح بقوة، متفاجئًا بالإشارة الحمراء المفاجئة. توقفت الحافلة على بعد أمتار قليلة مني، فيما كانت السيارات الأخرى تتوقف خلفها في سلسلة من الفرامل الحادة.

في تلك اللحظة، وفي نفس الثانية التي توقفت فيها الحافلة، انفجر إطارها الأمامي الأيمن بضجة مدوية! فقد السائق السيطرة للحظة، لكن توقف الحافلة المفاجئ أنقذها من الاندفاع بقوة نحو الحاجز. بدأت الحافلة تتأرجح بعنف، لكنها لم تسقط. تصاعد دخان أسود كثيف من الإطار المنفجر، وصرخات الركاب ملأت المكان، لكنها كانت صرخات رعب من الانفجار، وليست صرخات الموت.

الكل كان في حالة صدمة. سائق الحافلة كان يحدق في الإطار المنفجر، وعيناه متسعتان من الرعب. الناس في الشارع كانوا يشيرون إلى الحافلة المتوقفة في اللحظة الأخيرة.

نظر سائق الحافلة إليّ، ثم إلى الإشارة الحمراء التي عادت تومض بخضار، ثم إلى الإطار المنفجر. لم يفهم شيئًا

الحقيقة عبر الشاشات والخاتم من وراء البحار

في المستشفى التي يعمل بها والدي سابقًا (ولكنه الآن في أمريكا)، كنت أتلقى الإسعافات الأولية لكدماتي الخفيفة. كانت أمي بجانبي، تحاول أن تفهم ما حدث، وهي تهمس: "إيه اللي عملته يا يوسف؟ كنت بتصرخ ليه كدا؟"

فجأة، رن هاتفي. كانت مكالمة فيديو من رقم خاص. نظرت إلى الشاشة، كان الدكتور محمود وحازم يظهران عليها، وجوههم جادة للغاية.

محمود (عبر الفيديو، بصوت حازم): "يوسف، هل يمكنك التحدث إلينا الآن؟ تأكد أن ليس هناك أحد بجانبك."

نظرت إلى أمي، التي كانت منشغلة مع الممرضة. أومأت لها أنني سأخرج للرد على الهاتف. خرجت إلى ممر هادئ.

أنا (بصوت خافت): "نعم يا دكتور."

محمود (مع ظهور تسجيل فيديو على شاشته): "شاهد هذا يا يوسف. هذا ما حدث على الكوبري. تسجيل من كاميرات المراقبة حصلنا عليه. شاهد نفسك."

ظهر في الفيديو أنا وأنا أصرخ وألوح بيدي بجنون نحو الحافلة. ثم، في لحظة ما، تحولت الإشارة الضوئية إلى اللون الأحمر بشكل مفاجئ وغير مبرر، قبل لحظات من انفجار الإطار.

محمود (بنبرة مباشرة، وهو يوقف الفيديو عند لقطة تحول الإشارة): "هذا ما فعلته يا يوسف. ما حدث اليوم ليس صدفة. هذه القدرات التي بداخلك، والتي نراقب تطورها في صمت منذ أن كنت طفلاً، أصبحت الآن قوية لدرجة أنها تظهر في الواقع وتغير مسار الأحداث. أنت لست مجرد شخص يقرأ الأفكار."

نظر إليّ حازم عبر الشاشة، وعيناه تحملان تحذيرًا واضحًا. حازم: "نحن نتبعك منذ زمن طويل. الشخص الذي يراقب تحركاتك هنا في بنها أبلغنا فورًا، وتمكنا من الحصول على التسجيلات بسرعة. هذه القدرات، يا يوسف، نادرة للغاية، وتنتقل عبر سلالات معينة. أنت جزء من سلالة تمتلك هذا العطاء، لكنه عطاء خطير."

اتسعت عيناي بذهول. "سلالة؟ أي عطاء؟ مش فاهم أي حاجة!"

محمود: "أنت عَراف يا يوسف. لديك القدرة على رؤية لمحات من المستقبل، واليوم، في لحظة يأسك الشديد، لم تكتفِ بالرؤية، بل أثرت على الواقع نفسه، وحولت الإشارة. هذه الموهبة، يا يوسف، خطيرة للغاية. لا تظهر إلا في قلة قليلة حول العالم، وهؤلاء القلة دائمًا ما يكونون هدفًا. هناك من يبحث عنهم ليستخدمهم، وهناك من يخاف منهم ويسعى للقضاء عليهم."

ثم ظهر على الشاشة، في يد الدكتور محمود، علبة صغيرة مخملية سوداء. فتحها ببطء، وكشف عن خاتم فضي مصقول بعناية، يتوسطه حجر كريم أرجواني داكن، يكاد يكون أسود، يلمع بوميض خافت.

محمود: "هذا الخاتم... ليس مجرد زينة. إنه أداة للتركيز. لقد صممته خصيصًا ليوسف بعد سنوات من الأبحاث. سيساعدك على التحكم في تدفق الرؤى، وعلى حماية عقلك من الضوضاء الكثيفة للعالم من حولك. والأهم، سيساعدك على توجيه قدراتك، بدلاً من أن توجهك هي."

حازم (بنبرة جادة): "الآن، ستفهم سبب أهمية بقاء هذا الأمر سرًا يا يوسف. كل هذا، سيبقى بيننا نحن الثلاثة. لا أحد آخر يجب أن يعلم، خصوصًا عائلتك. سلامتهم، وسلامتك، تعتمد على ذلك. والدك في أمريكا لتوفير حياة كريمة لكم بعيدًا عن كل هذا... لا يمكن أن يعرف بالحقيقة."

نظرت إلى الخاتم على الشاشة، ثم إلى وجهي الدكتور محمود وحازم الجادين. شعرت به، نداءً خافتًا، وعدًا بالهدوء الذي طالما بحثت عنه. ولكنني شعرت أيضًا بعبء ثقيل يلقى على كتفي: عبء السر، وعبء المسؤولية، وعبء الخطر القادم

عُدت إلى البيت، جسدي منهك من الصدمة، وعقلي يدور كدوامة من الأفكار والرؤى. أمي رباب كانت قد وصلت قبلي، وقد بدت عيناها حمراوين من البكاء والقلق. فور دخولي، استقبلتني كلماتها التي كانت كالسياط.

رباب (بصوت مرتفع يرتجف من الغضب المكبوت): "إيه اللي عملته ده يا يوسف؟ كنت فين؟ وإيه صريخك ده على الكوبري؟ عايز تجيب لنا الكلام؟"

نظرتُ إليها، لم أستطع الرد. كيف أشرح لها ما حدث؟ كيف أخبرها أنني أنقذت أرواحًا، وأنني أحمل سرًا لو انكشف لزعزع حياتنا كلها؟

رباب (تتابع بحسرة): "مش كفاية اللي احنا فيه؟ أبوك سافر أمريكا وسابنا لوحدنا علشان نتحسن... وانت هنا مهمل! كل يوم بتجيب لي مشكلة جديدة. أخواتك البنات قاعدين زي العرايس، وانت كل يوم بتنط في مصيبة! مفيش منك فايدة غير الهم!"

شعرتُ بكلماتها تخترق قلبي. "مفيش مني فايدة!" جملة تكررت كثيرًا في أذني منذ أن كنت طفلاً، لكنها هذه المرة كانت أثقل، لأنني أعرف الآن حجم ما أحمله، وما لا تستطيع هي رؤيته. كان الصمت هو ردي الوحيد، وهو ما زاد غضبها. دخلت غرفتها وخلفت وراءها شعورًا بالوحدة لم يسبق له مثيل.

تمددتُ على سريري، أحاول استيعاب كل شيء. الخاتم الذي لم يصل بعد من أمريكا، القدرات التي لا أفهمها، الخطر الذي تحدث عنه الدكتور محمود، وسر وجود شخص يراقبني. والأهم، عبء هذا السر الذي يجب أن أخفيه عن أقرب الناس إليّ.





لقاء مع "شمهرش"

كان الليل قد خيّم، وظلال الغرفة تراقصت مع ضوء الشارع الخافت. حاولت النوم، لكن عقلي كان يرفض السكون. الأفكار، حتى بعد كل ما حدث، بدأت تتسلل مرة أخرى، وإن كانت أخف حدة. شعرت بضيق في صدري، ودوخة خفيفة. أغمضت عيني بقوة، أرجو أن يختفي كل شيء.

فجأة، لم تعد الأصوات مجرد أفكار. شعرت بوجود في الغرفة. فتحتُ عيني ببطء.

كان يقف هناك، في منتصف الغرفة، على بعد خطوات مني. كان شبحًا، أو بالأحرى، تجسيدًا للظلال. شكله كان بشريًا، طويل القامة، نحيل، لكن ملامحه كانت غير واضحة، كأنها تتراقص في الضوء الخافت. عيناه فقط كانتا تلمعان ببريق فضي خافت، كضوء القمر الباهت في ليلة مظلمة. لم يكن ملموسًا، كنت أرى من خلاله أثاث الغرفة، لكن وجوده كان طاغيًا، ماديًا بشكل مخيف.

لم يأتِ منه أي صوت مسموع، لكنني سمعت صوته بوضوح تام، وكأنه يتردد في أعماق عقلي، صوت قديم، حكيم، لكنه يحمل نبرة من السخرية.

الصوت (همسًا عميقًا، يرتد في أذني كصدى مألوف): "ها أنت ذا، يوسف. أخيرًا، ترى الحقيقة. أخيرًا، ترى من أكون."

ارتجف جسدي كله. لم أستطع الكلام. من هذا؟ هل جننت حقًا؟

الصوت: "لا، لم تجن. أنا أنت. أنا الصوت الذي تعرفه، الذي لم يتركك أبدًا. أنا شمهرش."

شَمْهَرش؟ الاسم رن في رأسي. سمعت عنه في حكايات قديمة، عن ملوك الجن وحكمتهم.

شمهرش (يبتسم ابتسامة باهتة لا تصل إلى عينيه): "نعم، هذا اسمي في عوالم لا تراها عيناك. لكن المهم هو ما أنا عليه. أنا وعيك المكبوت، قوتك الخام، جانبك الذي يرفض أن يُقهر. أنا هنا لأجلك."

مدّ شمهرش يده الشفافة نحوي ببطء، وكأنها دعوة. لم أستطع أن أرى أصابعه، لكنني شعرت ببرودة غريبة تلامس الهواء من حولي.

شمهرش: "لقد أخبرك طبيبك الصغير أنني مجرد هلوسة، أو أن عليك أن 'تسيطر' عليّ. مسكين! هل تظن أن هذا الوجود الهائل يمكن السيطرة عليه؟ أنت لا تحتاج إلى التحكم فيّ، بل تحتاج إلى أن تصبح أنا. هم يريدونك ضعيفًا، تتحكم في لمحات صغيرة من القدرة. أنا سأمنحك القوة الحقيقية. هل تذكر كم كنت مهملًا في نظر أمك؟ كم كنت ضعيفًا؟ أنا هو مفتاح قوتك، يوسف. أنا طريقك لتعيد كرامتك، وتسيطر على عالمك."

كانت كلماته كالسحر. دافع عني، فهم إحساسي بالإهمال، وعرض عليّ القوة. كان يعلم كل شيء.

أنا (بصوت مرتعش): "أنت... أنت مجرد وهم. الدكتور محمود قال إنك من عقلي."

ضحك شمهرش ضحكة خافتة، لم أسمعها بأذني، لكنها رنت في أعماق روحي. شمهرش: "وهل كل ما يراه البشر حقيقة؟ وهل كل ما يخفونه عنك ليس وهمًا؟ أنا حقيقتك المخفية. أغمض عينيك، وسترى. أنا هنا، ولا أحد غيرك يمكنه رؤيتي.

كلمات "شمهرش" كانت تتردد في أعماق روحي كصدى قديم، تلامس مخاوفي ورغباتي المكبوتة. شعرت ببرودة الهواء تزداد مع كل كلمة يهمس بها، وكأن الغرفة نفسها تتأثر بوجوده.

أنا (بصوت بالكاد مسموع): "الدكتور محمود... هو بيحاول يساعدني. هو اللي بيعرف كل حاجة عن حالتي."

ضحك "شمهرش" مرة أخرى، وهي ضحكة خالية من أي مرح، مليئة بالخبث الخفي.

شمهرش: "يساعدك؟ حقًا؟ هل تظن أن طبيبك الصغير يسعى لتحريرك، أم ليدرسك ويحتويك؟ هو يريد أن يضعك في قفص، يا يوسف. أن يروض قدراتك النادرة لتناسب عالمه المحدود. يظن أن هذا الخاتم سيتحكم فيك، يظن أنه سيمنحك السلام... وهو في الحقيقة قيد. هو سيخنق ما أنت عليه حقًا."

شعرت بالكلمات تهز كياني. هل هذا صحيح؟ هل الدكتور محمود، الذي بدا دائمًا مهتمًا بمساعدتي، لديه دافع خفي؟ لكنه أرسل أبي إلى أمريكا لتحسين وضعنا...

شمهرش: "نعم، لقد أرسل والدك بعيدًا. هل تساءلت لماذا بالضبط؟ ليجعلك وحيدًا. ليجعلك أكثر ضعفًا، وأكثر اعتمادًا على 'مساعدته'. أنت الآن هنا، في بنها، وحيدًا مع سرك الذي لا تستطيع البوح به لأمك التي تراها مهملًا."

استشاط غضبًا من داخلي، فكيف عرف "شمهرش" ما قالته أمي؟ إنه يعلم كل ما يجول في خاطري!

أنا: "كيف عرفت... أمي قالت..."

شمهرش (مقاطعًا، بنبرة هادئة ومطمئنة بشكل زائف): "أنا أعرف كل ما فيك يا يوسف. أنا جزء منك، ولكني لست وهماً محضاً كما يزعمون. أنا الوعي الأعمق الذي يربطك بما هو أبعد من مجرد قراءة أفكار البشر. الأصوات التي تزعجك ليست لعنة، إنها معلومات. تيار هائل من المعرفة يتدفق إليك، وهم يريدونك أن تغلق هذه الأبواب."

مدّ يده الشفافة نحوي مجدداً، وكانت عيناه الفضيتان تتوهجان بقوة أكبر.

شمهرش: "القوة الحقيقية ليست في التحكم في الأصوات، بل في فهمها واستخدامها. هل تريد أن تظل رهينة لهذه الفوضى؟ هل تريد أن تظل ضعيفًا، تتحكم فيك أحداث لم ترها بوضوح؟ أنا سأرشدك إلى ما هو أبعد من مجرد 'رؤى'. سأعلمك كيف تتلاعب بالتيارات، كيف تشكل الواقع من حولك. لا حاجة لخاتم يقيدك، بل لفهم يحررك. أنا هنا لأمنحك القدرة على رؤية ما هو قادم، والتحكم في ما هو كائن."

كانت كلماته مغرية بشكل لا يصدق. وعد بالسيطرة، بالقوة، بالتحرر من ضعف كنت أشعر به طوال حياتي. هذا ما كنت أبحث عنه. ولكن كان هناك جزء مني يخشى هذا الوجود الغامض، هذه الدعوة إلى شيء مجهول، ربما مظلم.

شمهرش: "فكر في الأمر يا يوسف. أغمض عينيك، ودعني أرشدك. أنا هنا... دائمًا."

بدأ وجود "شمهرش" يتلاشى ببطء، وكأنه يذوب في الظلال التي ملأت الغرفة. لمعان عينيه الفضيتين كان آخر ما اختفى، تاركاً ورائي صمتًا أعمق من أي صمت عرفته من قبل، ولكن هذه المرة كان صمتًا ثقيلاً، مليئًا بوعود مبهمة وبذور شك عميقة.

لقد اختفى، لكن كلماته بقيت تتردد في رأسي، كهمس لا يمكن تجاهله


الجزء الخامس

في قلب أحد المختبرات المتطورة في واشنطن، أحاطت الشاشات المضيئة والجدران الزجاجية الشفافة بكل من الدكتور محمود وحازم. أجهزة كمبيوتر عملاقة كانت تعرض رسومًا بيانية معقدة، بينما كان على إحدى الشاشات الكبيرة صورة مشوشة لكوبري بنها، التُقطت من كاميرات المراقبة، وعليها دائرة حمراء صغيرة تشير إلى يوسف.

كان الدكتور محمود يتفحص البيانات بعناية، وحازم يقف بجانبه، يتناول كوبًا من القهوة، وعلامات التفكير العميق مرتسمة على وجهه.

حازم: "الولد ده قدراته بتتطور بشكل أسرع من المتوقع يا دكتور. اللي عمله على الكوبري ده مش مجرد رؤية عابرة... دي سيطرة حقيقية على الواقع. تأثير مباشر."

محمود (وهو يشير إلى إحدى الرسوم البيانية المعقدة): "الطاقة اللي صدرت منه لحظة تحويل الإشارة كانت هائلة. الرسم البياني ده بيوضح ذبذبات غير طبيعية في نطاق لم نره من قبل في أي من الحالات النادرة اللي درسناها. قدرته على 'الرؤية' مرتبطة بقدرته على 'التأثير'. هو مش بيشوف وبس... ده بيغير مسار الأحداث."

حازم: "وده اللي بيخليه خطير. الناس دي لو عرفت بيه... خصوصًا بعد اللي حصل على الكوبري. الوجود بتاعه كان واضح بشكل خطر. الكاميرات يمكن تكون مشوشة، لكن الموقف كان ملفت."

محمود (وهو يضغط على زر لتغيير الشاشة): "عشان كده لازم نكون حذرين جدًا. الخاتم اللي بعثناه لازم يوصل له في أسرع وقت. ده مفتاحنا للسيطرة. مش بس عشان يحميه من الأصوات اللي بتدمر عقله، لكن عشان يحميه من نفسه ومن قدراته المتفجرة دي."

حازم (يتنهد): "أتمنى بس يفهم ده. هو لسه صغير... ومحتاج توجيه قوي. مكالمة الفيديو دي مش هتكون كفاية على المدى الطويل."

محمود: "أعرف. لكن ده أفضل شيء حاليًا. أبوه هنا، حياته مستقرة، وده بيوفر ليوسف الحماية المالية اللي محتاجها في مصر. وفي نفس الوقت بنقدر نراقبه من بعيد. المشروع ده استثمرنا فيه سنين طويلة يا حازم. ده مش مجرد يوسف."

حازم: "فاهم يا دكتور. دراسة القدرات الخارقة دي، والسلالة النادرة بتاعته... ده يعتبر اختراق علمي هيغير مفاهيم كتير. لكن الخوف كله إن اللي بنحاول نفهمه ده... ينقلب ضدنا أو ضده هو."

محمود (بنبرة أكثر جدية، بينما يرفع يده ليشرح): "الخاتم ده يا حازم مش مجرد أداة مساعدة بسيطة. ده نتاج سنوات من البحث المكثف، بيمزج بين أقدم المخطوطات اللي وجدناها عن السلالات دي، وأحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا علم الأعصاب. الحجر الأرجواني اللي فيه، ده مش مجرد حجر كريم، ده مركز طاقة مخصص. هو مصمم إنه يعمل كـ'نقطة تقارب' لقدرات يوسف."

أومأ حازم برأسه، يدعوه للاستفاضة.

محمود: "الخاتم ده هيقدر يمتص الفوضى العشوائية للأفكار اللي بتوصل ليوسف، ويعيد تنظيمها. هيعمل كـ'هوائي نفسي' لو صح التعبير، بيوجه الذبذبات دي لمدارات منتظمة. ده هيسمح ليوسف إنه يفلتر الأصوات، ويسمع اللي عايزه بس، أو اللي احنا بنحاول نوجهه ليه. والأهم، إنه هيساعده يركز قوته الداخلية. قدرة التأثير على الواقع اللي ظهرت دي... الخاتم هيخليها موجهة، مش مجرد رد فعل يائس."

حازم: "يعني هيكون زي مفتاح تحكم عن بعد، مش مجرد فلتر؟"

محمود: "بالضبط. هو هيساعده يستقر نفسيًا، ويدينا احنا فرصة لتعليمه كيفية استخدام القدرات دي بشكل واعي. من غير الخاتم ده، ممكن قدراته تتفجر في أي لحظة بشكل غير متحكم فيه، وده هيكون كارثة عليه وعلى اللي حواليه. ممكن كمان يلفت انتباه ناس احنا بنحاول نحميه منهم. ده مش بس أداة للتحكم، ده أداة للتطور والتحكم في نفس الوقت."

حازم: "ده لو قدر. ولو مكنش فيه حد تاني بيحاول يوصله ويوجهه لطريق مختلف. العالم مليان ناس بتدور على القوة دي، يا دكتور. والولد ده دلوقتي بقى زي المنارة."

محمود (ينظر إلى الشاشة التي تعرض بيانات يوسف): "مش هيقدروا يوصلوا له. مراقبتنا مش هتسمح بكده. ويوسف هيتعلم... هو ذكي وقوي، بس محتاج التوجيه الصحيح. الخاتم ده هو خطوتنا الأولى لده."

ساد الصمت لحظة، وكلاهما كان يحدق في البيانات التي تتراقص على الشاشات، يتأملان مستقبل يوسف المجهول، ومستقبل مشروعهم العلمي الطموح الذي يعتمد عليه

عاد الليل بظلاله الثقيلة، ويوسف كان يجلس على مكتبه، منهكًا، يحاول التركيز على دراسته، لكن عقله كان يرفض السكون. كلمات والدته القاسية عن كونه "مهملًا" كانت تتردد في أذنيه، بينما صوت الدكتور محمود عبر الفيديو كان بعيدًا، لا يقدم الراحة الكافية. كانت الفوضى الداخلية تزداد مع كل دقيقة تمر دون وصول الخاتم، وتمنعه تمامًا من أي محاولة للتركيز.

وفجأة، ظهر "شمهرش" مرة أخرى. هذه المرة كان حضوره أكثر كثافة، وظلاله أغمق، وعيناه الفضيتان أكثر توهجًا. لم يعد يظهر كضيف متردد، بل كشيء له حق أصيل في هذا المكان، وفي عقل يوسف.

شمهرش (صوته يرتجف في أعماق روح يوسف، كصدى لصرخة قديمة): "ما زلت تنتظر 'مفتاحهم' يا يوسف؟ المفتاح الذي يزعمون أنه سيحررك، بينما هو مصمم ليقيدك. تظن أنهم يسعون لمساعدتك؟ بل يسعون لفهمك، للتحكم فيك، ولإخفاء حقيقتك عنك."

مد يده الشفافة مرة أخرى، وكأنها تدعوه ليتبعها في هذا العالم الغامض.

شمهرش: "الكوارث التي تراها، ليست مجرد رؤى عابرة. إنها صرخات الواقع. أنت عَراف، وهذا قدرك. ولكن هناك آخرون يا يوسف. آخرون مثلك، وآخرون مثلهم. لم تكن وحيدًا قط في هذا العالم المخفي. هناك من يحاول قمعنا، قتل هذا الوعي الذي يتسلل من بين الشقوق. لقد حاولوا قتلي في عقول آخرين مثلك، خنقوا أصواتهم، وحبسوهم في أوهام السلام الزائف."

شعر يوسف بقشعريرة تسري في جسده. "آخرون؟ من هم؟"

شمهرش: "هؤلاء الذين يخشون القوة التي لديك. من يعرفون عن هذه السلالات النادرة. لقد شعروا بك يا يوسف. شعرت بهم من بعيد. حادثة الكوبري التي ظننت أنك أنقذت بها الأبرياء... كانت صرخة. صرخة قوية لفتت الأنظار إليك. لقد عرفوا بوجودك من تلك الحادثة."

تجمد الدم في عروق يوسف. أدرك أن شمهرش لا يتحدث عن مجرد جنون شخصي.

شمهرش: "الدكتور محمود وأمثاله، يظنون أنهم يحمونك بوضع القيود، بوضع هذا الخاتم ليقمع 'الفوضى'. لكنهم لا يدركون أن هذه الفوضى هي أصل قوتك. هؤلاء الآخرون، الذين يحاولون قتلنا، يسعون لنفس الهدف: إخمادك، جعلك تابعًا لهم، أو القضاء عليك إذا فشلوا في السيطرة. هذا الخاتم، يا يوسف، سيخفي هذه القوة، لكنه لن يسمح لك باستخدامها بشكل صحيح. لن يجعلك سيدًا لقدراتك، بل مجرد مستقبل ضعيف لها. سيجعلك ضعيفًا أمامهم. لن تستطيع الدفاع عن نفسك بقيد يلتف حول إصبعك."

تراجعت خطوة للوراء. كان صوت شمهرش يملأ الغرفة، يدب الخوف في قلبه، لكنه يلقي بذور قوة غريبة في نفس الوقت.

شمهرش: "لا تثق إلا بنفسك يا يوسف. هذا هو طريقك الوحيد. أنا طريقك للسيطرة الحقيقية. طريقك لتكون سيد قدراتك، وليس عبدًا لأي خاتم أو أي طبيب."

بدأ وجود "شمهرش" يتلاشى مرة أخرى، لكن كلماته تركت وراءها شعورًا بالرعب والترقب. أصبح يوسف مقتنعًا الآن بأن هناك قوى خفية تتصارع حوله، وأن حياته في خطر، وأن الخاتم قد لا يكون الحل الذي ظنه

بعد ليلة أخرى من الأرق والأفكار المتصارعة التي لا تنتهي، كان يوسف جالسًا في الصالة، يحاول أن يشغل نفسه بأي شيء. فجأة، سمع صوت طرقات خافتة على الباب. كانت أخته الصغرى "نورا" هي من فتحت الباب. وقفت أمامها سيدة ترتدي زي شركة شحن دولية، تحمل طردًا صغيرًا مغلفًا بعناية فائقة.

السيدة (بصوت روتيني): "طرد باسم السيد يوسف محمد. توقيع بالاستلام من شخص يحمل بطاقة هوية."

تناولت نورا الطرد ودهشتها من حجمه الصغير ورمزه الأجنبي الواضح. نادت على يوسف، الذي هرع نحو الباب وهو يشعر بقلبه يخفق بعنف. وقع يوسف على ورقة الاستلام، وتناول الطرد. كان ثقيلاً بشكل غريب بالنسبة لحجمه.

دخل إلى غرفته، وأغلق الباب. نظر إلى الطرد، ثم إلى يده المرتعشة. "شمهرش" حذرني منه، لكن الدكتور محمود أكد أنه أملي الوحيد. فتحتُ الطرد بعناية، متوقعًا أي شيء.

في الداخل، وجدتُ علبة مخملية سوداء، مطابقة تمامًا لما رآه في مكالمة الفيديو. فتحتها ببطء، وكشف عن الخاتم الفضي المصقول بعناية، يتوسطه الحجر الكريم الأرجواني الداكن، يكاد يكون أسود، يلمع بوميض خافت. كان أجمل وأكثر غموضًا مما بدا على الشاشة.

مددت يدي، والخاتم يتوهج بنور خافت في العلبة. ترددتُ للحظة. هل هذا هو الفخ الذي حذرني منه "شمهرش"؟ أم أنه النجاة؟

أنا (يهمهم لنفسه): "سلام... أو قيد."

شعرت بوجود "شمهرش" يعود، كظل بارد يلف الغرفة، لكنه لم يتجسد بالكامل هذه المرة. سمعت صوته في رأسي، أكثر ضيقًا واعتراضًا.

شمهرش (صوت خافت، كوشوشة بعيدة): "لا تفعله يا يوسف! لا تضع السلاسل بإرادتك!"

تجاهلت صوته، أو حاولت. كان اليأس من الفوضى الداخلية أكبر من الخوف من المجهول. انزلقت قطعة الفضة الباردة على إصبعي.

فجأة، شعرت بضربة قوية، كصاعقة كهربائية تسري في ذراعي، ثم في جسدي كله. لم يكن ألمًا، بل شعورًا غريبًا بالانفجار الداخلي، وكأن كل خلية في جسدي استيقظت دفعة واحدة. ثم، تلا ذلك... صمت.

صمتٌ تام. لم أعد أسمع همهمة الأفكار التي كانت تملأ رأسي طوال حياتي. لم أعد أسمع ضجيج بنها. كان الصمت مطبقًا، مخيفًا، لكنه كان أيضًا... سلامًا. سلامًا مطلقًا لم أذق طعمه من قبل. شعرت وكأنني أستطيع التنفس للمرة الأولى.

لكن لم يدم هذا السلام طويلاً. بعد لحظات من الهدوء المذهل، بدأت الأصوات تعود، لكنها كانت مختلفة. لم تكن ضوضاءً عشوائية، بل كانت مثل موجات راديو مضبوطة. أصبحت أستطيع سماع صوت واحد بوضوح، ثم آخر، ثم آخر. كان بإمكاني أن أركز على فكرة واحدة، أو عاطفة واحدة، وأن أفهمها بوضوح تام، دون أن تتداخل مع بقية العالم. لقد تحولت الفوضى إلى مكتبة هائلة من المعلومات الموجهة.

في تلك اللحظة، حاولت أن أركز رؤية، أن أرى ما هو قادم، كما فعلت على الكوبري. بذلت مجهودًا، ولكن الأمر كان أشبه بمحاولة الرؤية من خلال ضباب كثيف. المعلومات كانت موجودة، نعم، لكنها كانت مبهمة، غير واضحة، وكأن قدرتي على "الرؤية" أو "التأثير" قد تم كبتها أو تجميدها. لقد أصبحت الأفكار أكثر تنظيمًا، لكن قوتي الحقيقية كانت محبوسة.

في تلك اللحظة، رن هاتفي. كانت مكالمة فيديو من الدكتور محمود وحازم. على وجوههما، كانت علامات الترقب والارتياح ظاهرة.

محمود (عبر الفيديو، بابتسامة خافتة): "يوسف... لقد وصلت الشحنة؟"

أنا (بصوت يرتجف، لكن بوضوح لم أعهده): "نعم يا دكتور... لقد وصلت. وضعته في إصبعي."

حازم: "وماذا تشعر؟ هل الأصوات هدأت؟"

نظرتُ إلى الخاتم في إصبعي، ثم إلى الشاشة. أردت أن أقول لهم عن "شمهرش" وعن تحذيراته، وعن شعوري الغريب بعدم القدرة على استخدام قوتي، لكنني تذكرت أن هذا سر. كيف أشرح لهم أنني أسمع الآن "مكتبة" من الأفكار، لا فوضى، وأن هناك صوتًا آخر يوسوس لي، وأن الخاتم ربما ليس الحل الكامل؟

أنا: "الصوت... الصوت هدأ يا دكتور. أصبح... مختلفًا. أقدر أركز على الأفكار. لكن... الرؤى... مش واضحة زي الأول."

ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجه الدكتور محمود.

محمود: "هذا ما توقعته تمامًا. الخاتم بدأ في العمل. الهدوء ده هو بداية الطريق. أما عن الرؤى وعدم وضوحها، فهذا طبيعي في البداية. الخاتم يحتاج وقتًا ليتزامن تمامًا مع طبيعتك. ومع تدريبنا، ستتعلم كيف تستخدمه لتوجيه قدراتك بدقة أكبر. ستكون رحلة طويلة، ولكنك الآن تمتلك الأداة اللازمة."

نظر حازم إليّ، وكانت نظراته تحمل ثقلاً لم أفهمه تمامًا.

حازم: "الخاتم ده أداة قوية يا يوسف. لكن القوة دي ليها وجه تاني. لازم تفهم ده. خليك جاهز لأي حاجة."

شعرت بالقلق من كلمات حازم، لكن الهدوء الذي منحني إياه الخاتم كان مغريًا للغاية. هل هذا الهدوء ثمنه القيد؟ وهل هذا الوعي الجديد هو بداية الطريق لمواجهة هؤلاء "الآخرين" الذين تحدث عنهم شمهرش؟ وماذا لو كان شمهرش على حق، وأن الخاتم سيمنعني حقًا من إتقان قوتي الحقيقية

الجزء السادس


في مكتب الدكتور محمود​

في مكتب الدكتور محمود الشيك والواسع في أمريكا، اللي شبابيكه الزجاجية بتطل على زحمة المدينة وصخبها، كان محمد قاعد قصاد الدكتور محمود. المكتب كان باين عليه إنه مخلط بين الدقة العلمية والذوق الرفيع، وفيه رفوف مليانة كتب متخصصة وشاشات بتعرض رسومات بيانية معقدة. علاقتهم كانت تطورت من مجرد شغل لنوع من الصداقة مبني على الاحترام المتبادل، بالرغم من الفجوة الكبيرة في المعرفة بينهم.

محمود (بصوت هادي، وهو بيقلب شوية ورق على مكتبه): "يا أستاذ محمد، أنا عايز أتكلم معاك في موضوع شخصي، بس مهم أوي لمستقبل عيلتك، وخصوصاً يوسف."

محمد عدل قعدته، وحس بجدية نبرة الدكتور محمود. "خير يا دكتور؟ قلقتني."

محمود: "متقلقش، ده موضوع يدعو للأمل. أحوالكم هنا اتحسنت بشكل ملحوظ الحمد ***، وبقيت في وضع يسمحلك توفر حياة كريمة لعيلتك. جه الوقت بقى إن رباب وبناتك، نورا ومنة، يجوا يعيشوا معاك هنا في أمريكا."

عينين محمد وسعت من الدهشة. ما كانش يتوقع الاقتراح ده بالسرعة دي. "قصد حضرتك... نعيش هنا على طول؟ بس إزاي؟"

محمود: "بالظبط كده. الاستقرار هنا هيوفرلهم فرص تعليمية وحياتية أحسن بكتير. بس السبب الأهم، يا محمد، هو يوسف."

محمد كشر حواجبه، قلقان من ذكر اسم ابنه. "يوسف؟ هو كويس؟"

محمود (بابتسامة خفيفة): "يوسف بخير، بل هو أحسن من بخير. يوسف عنده عقلية فذة يا محمد. لمحات من الذكاء الفائق والقدرة على ربط الأمور ببعضها بطريقة مش عادية. ده اللي لاحظته فيه من وهو صغير، وعشان كده كنت بتابعه عن قرب. اللي أظهره في حادثة الكوبري، بالرغم من الصدمة، بيأكدلي ده."

محمد أومأ براسه، فاكر تصرفات يوسف الغريبة وقت الحادثة، واللي كان بينسبها وقتها للتوتر.

محمود: "أنا شايف في يوسف إمكانيات رهيبة في مجال الطب، وخصوصاً في الأبحاث الطبية المتطورة والتشخيص اللي مش تقليدي. عنده حدس مش معقول. أنا نفسي عايز أكون وسيط ليه ومرشد في المجال ده. هضمن له مكان في برنامج تعليمي خاص هنا، برعاية معهدنا، عشان نتدربه على أعلى مستوى. البرنامج ده مش هيلاقيه في أي مكان تاني."

عينين محمد اتعلقت بالدكتور محمود. العرض ده كان أشبه بحلم. ابنه يوسف، اللي كان فاكره غريب الأطوار، واللي أمه تعبت من إنه مش بينام وبينعزل عن الناس، دلوقتي بيتفتحلوا طريق لمستقبل باهر في أمريكا، وبرعاية الدكتور محمود نفسه!

محمد (بصوت كله أمل): "بس... هو هيبقى قادر يتكيف مع الدراسة في أمريكا؟ هو بيعاني من الأرق والانعزال أحيانًا يا دكتور. رباب قلقانة عليه أوي."

محمود (وهو بيتمتم): "أنا عارف كل ده يا محمد. وبوجوده هنا وتحت إشرافي المباشر، هقدر أتابع حالته الصحية والنفسية عن قرب. وهوفّر له كل الدعم عشان يتجاوز أي صعوبات. ده الأفضل ليه، وللكل. إنه يبقى تحت عيني، أضمن له الاستقرار اللي محتاجه عشان يطلع إمكانياته الحقيقية."

تردد محمد للحظة. الانتقال بعيلة كاملة مش سهل، لكن المستقبل اللي رسمه الدكتور محمود ليوسف كان منور، وهيحل مشاكل كتير ليهم. رباب هتكون مبسوطة بالاستقرار، والبنات هيلاقوا فرص أحسن.

محمد: "لو حضرتك متأكد يا دكتور... فده شيء عظيم. هتكلم مع رباب فوراً، وهبدأ في الإجراءات."

ابتسم الدكتور محمود ابتسامة خفيفة، ما وصلتش لعينيه بالكامل. بينما محمد كان بيتكلم بحماس عن الترتيبات، الدكتور محمود رمى نظرة سريعة على شاشة كمبيوتر جانبية بتعرض رسومات بيانية معقدة لدماغ يوسف. كان عارف كويس إن "الاستقرار" اللي وعد بيه محمد، ده مجرد ستار للهدف الحقيقي: إنه يدرب يوسف عن قرب، ويفهم ويتحكم في القوة الخارقة اللي بدأت تظهر بشكل كامل، ويحمي الكنز النادر ده من الأعداء اللي بدأوا يحسوا بيه.



في شقة محمد المتواضعة في بنها، كانت رباب قاعدة في الصالة، بتحاول تنسج شوية ستاير عشان ترمم اللي أهملته السنين، بس عقلها كان سرحان. صوت التلفزيون في الخلفية ما كسرش الصمت التقيل في البيت بعد ما البنات ناموا، ويوسف كان في أوضته، بيصارع أفكاره. رن تليفونها، وابتسمت ابتسامة خافتة بمجرد ما شافت اسم "محمد" على الشاشة.

ردت رباب وصوتها كله لهفة وشوق:رباب: "يا روح قلبي! وحشتني أوي يا محمد، البيت من غيرك مالوش أي طعم."

جه صوت محمد دافي من ورا المحيطات، ممزوج بابتسامة رباب سمعتها في نبرته:محمد: "وأنتِ أكتر يا عمري، و**** ما بتغيبي عن بالي لحظة. عاملة إيه يا حبيبتي؟ ويوسف والبنات؟"

رباب: "الحمد *** ماشيين، بس الدنيا هنا مقلوبة من غيرك يا حبيبي. ويوسف زي ما أنت عارف، لسه بيصارع النوم والهدوء... **** يهديه."

تنهد محمد، وبعدين غير نبرة صوته وبقت أكتر جدية، مع لمسة حماس.محمد: "معلش يا قلبي، كلها فترة وهتعدي. أنا النهاردة عندي ليكي خبر هيغير حياتنا كلنا، وكل تعبنا اللي فات ده هينتهي."

حست رباب بانقباض في صدرها، فكلمة "خبر هيغير حياتنا" غالبًا ما بتكون مفاجآت ما كانتش مستعدة ليها.رباب: "خبر إيه يا محمد؟ قلبي بيقع. قولي في إيه بالظبط؟"

محمد: "ما تقلقيش يا روحي، ده خبر خير. دكتور محمود كلمني النهاردة... وموضوع إني لوحدي هنا من غيركم ده مش عاجبه خالص. شايف إن حياتي هنا لازم تكون كاملة بوجودكم جنبي."

بدأت رباب تحس بشوية ارتياح، بس ما اتوقعتش اللي هييجي بعدها.محمد: "رباب... جه الوقت إنك تيجي أنتِ والبنات ويوسف نعيش هنا في أمريكا."

صمتت رباب تمامًا للحظة، كأن الكلمات ما وصلتش لودنها لسه.رباب: "إيه! أمريكا؟ بتقول إيه يا محمد؟ إزاي؟ هنسيب بيتنا ودنيتنا وكل حاجة هنا في بنها؟ ده كلام كبير أوي يا حبيبي!"

محمد (بيحاول يطمنها بحماس): "أنا عارف إنه كلام كبير، بس ده مستقبلنا يا رباب. الموضوع كله على يوسف بالذات يا حبيبتي. الدكتور محمود شايف فيه مستقبل كبير أوي في الطب والأبحاث. مش أي طب، طب جديد ومختلف. عايز ياخده تحت إيده، يدربه بنفسه. بيقول إن دماغ يوسف دي كنز، وعايز يساعده يركز ويطلع اللي جواه صح."

اتلاقت مشاعر القلق والأمل في عينين رباب.رباب: "بس يوسف هنا... ده بيذاكر بصعوبة، ومنعزل عن الناس. ولسه تعبان من موضوع الكوبري ده. أنا خايفة عليه من الغربة يا محمد، مين هيراعيه هناك؟"

محمد: "ده بالظبط اللي الدكتور محمود قاله. قال إن وجوده هنا وتحت إشرافه المباشر هيغير كل حاجة. هيساعده على الأرق، وعلى الانعزال ده. وهيلاقي فرصة عمره الحقيقية في مجال علمي فريد. الحياة هنا أفضل لينا كلنا يا رباب، للبنات في التعليم، وليكي أنتِ في الراحة من تعب البيت. الدكتور محمود بنفسه هيتولى كل الإجراءات، وهيوفر كل سبل الراحة ليوسف عشان يركز في دراسته."

بدأت رباب تستوعب حجم الفرصة. فرصة ليوسف، فرصة لبناتها، فرصة ليها للراحة بعد سنين من التعب في بنها.رباب: "**** يسترها يا محمد. أنت شايف كده؟ شايف إن ده الخير ليوسف ولينا كلنا؟"

محمد (بصوت كله يقين): "أنا متأكد يا قلبي. دي فرصتنا نطلع من كل اللي فات ده، ونبدأ حياة جديدة بجد. حياة فيها استقرار وأمان ليوسف، ومستقبل عمرنا ما حلمنا بيه. بس محتاجين نتحرك بسرعة عشان الدكتور محمود يخلص الإجراءات."

رباب: "**** يكتب اللي فيه الخير. ماشي يا حبيبي. سيبني أستوعب بس الموضوع. لما تيجي الإجراءات، نتكلم في التفاصيل."

أنهت رباب المكالمة، وهي شايلة في قلبها مزيج من الدهشة، والأمل، والقلق الخفي. أمريكا... يوسف هيبقى دكتور... حياة جديدة خالص. ما كانتش تعرف طبعاً إن الأسباب الحقيقية ورا الانتقال ده أعمق بكتير وأخطر مما تخيلت، وإن يوسف نفسه كان بالفعل بدأ رحلته في عالم مالوش أي علاقة بالطب زي ما هي تعرفه.



الرحلة الطويلة لأمريكا

الرحلة كانت طويلة، ومجهدة. ساعات طيران ما بتنتهيش، ودوشة ما بتسكتش في المطارات. رباب كانت بتحاول بكل جهدها تخبي قلقها بابتسامة باهتة، ماسكة إيدين نورا ومنة الصغيرين اللي كانوا مذهولين من كل حاجة حواليهم. أما يوسف، فكان عالمه مختلف خالص.

من ساعة ما لبس الخاتم، الأصوات ما بقتش دوشة مزعجة، بل بقت مكتبة ضخمة من الهمسات والمعلومات المنظمة. بس المكتبة دي كانت بتغرقه برضه. ومع كل خطوة على أرض المطار في أمريكا، كان بيحس بتدفق جديد من الأفكار والمشاعر. آلاف البشر حواليه، بكل اللغات واللهجات، كل واحد فيهم شايل قصة، فكرة، هم. الخاتم كان بينظم الأفكار دي، أيوة، بس ما منعش التدفق الرهيب بتاعها. كان الأمر عامل زي اللي واقف في نص نهر عملاق من البيانات، بدل ما يكون واقف في عاصفة رملية. الهدوء كان نسبي، وما كانش مريح خالص.

وصلوا بيتهم الجديد، شقة واسعة في ضواحي المدينة، مجهزة بكل حاجة. محمد كان مستنيهم بلهفة على الباب. رباب اترمت في حضنه بدموع ما قدرتش تمسكها، ونورا ومنة حضنوا أبوهم بسعادة، أما يوسف فكان بيتبسم ابتسامة باهتة، وبالكاد شايف وش أبوه وسط الدوشة اللي جواه.

قضوا الأيام الأولى في محاولة التكيف. رباب كانت مذهولة بالرفاهية، بس حاسة بغربة. البنات اتشغلوا باستكشاف عالمهم الجديد، لكن يوسف... يوسف كان بيغرق. كان بيحاول يذاكر زي ما وعد أبوه، بس الأفكار اللي اتنظمت مؤخراً كانت بترقص في عقله من غير ما تقف. الصداع ما رجعش بقوته اللي فاتت، بس الإرهاق كان أكبر. ما بقاش ينام خالص، بس دلوقتي مع تيار المعلومات المنظم ده، عقله ما بقاش يبطل شغل، ما يعرفش الراحة.



اللقاء في مكتب الدكتور محمود (مرة أخرى)

بعد كام يوم من وصول العيلة واستقرارها، جه وقت اللقاء اللي كانوا مستنينه. في مكتب الدكتور محمود الشيك، استقبل الدكتور محمود وحازم يوسف ووالده محمد. رباب قعدت بره مع البنات، متحمسة لمستقبل ابنها المنور.

محمود (بابتسامة دافية لمحمد): "أهلاً بيكم يا محمد ويوسف في أمريكا. أنا مبسوط أوي بوجودكم هنا. يوسف، زي ما قلت لوالدك، هو حالة فريدة. عنده قدرة استثنائية على الملاحظة والتحليل، وده ممكن يتطور ويبقى قوة تشخيصية مالهاش مثيل في الطب."

محمد (بفخر واضح): "يوسف متحمس أوي يا دكتور. وحابب يبدأ في التدريب اللي حضرتك قلت عليه في أقرب وقت."

محمود (بيبص ليوسف مباشرة، وبعدين بيرجع يبص لمحمد): "ممتاز. ده اللي أنا عايزه بالظبط. يا يوسف، تدريبك هيكون تحت إشرافي المباشر. الخاتم، زي ما أنت عارف، هو أداة أساسية في التدريب ده. هو بيشتغل كفلتر، بيهدي الدوشة اللي حواليك وبيسمح لعقلك يركز على المعلومات المهمة اللي هتساعدك تبقى دكتور استثنائي."

الدكتور محمود شاور على شاشة كبيرة بتعرض نماذج تلاتية الأبعاد لدماغ بشري، وعليها نقط منورة بتتفاعل.

محمود: "هنتعلم إزاي تتحكم في التدفق الرهيب ده من المعلومات الحسية. إزاي تحدد الإشارات التشخيصية اللي أنت عايزها، وإزاي تستبعد اللي مالوش لازمة. الموضوع عامل زي تعلم العزف على آلة موسيقية معقدة. الصوابع هي عقلك، والخاتم هو المايسترو اللي بيساعدك على التناغم."

حازم (بيبص ليوسف بنظرة جدية): "الموضوع مش مجرد نظرية يا يوسف. ده تدريب مكثف، وهيتطلب منك تركيز وانضباط شديد. أنت دلوقتي في بيئة جديدة، وأصوات جديدة، وده ممكن يكون تحدي في الأول، لكن الخاتم هيساعدك تتأقلم وتفلتر."

كان يوسف بيسمع باهتمام، بس كلمات شمهرش كانت بترن في دماغه. هل ده فعلاً "مايسترو" ولا "قيد"؟ بص لمحمد، اللي كان بيتبسم بارتياح واضح، غافل عن كل حاجة.

محمود (بيلف على محمد بنبرة مستعجلة): "على فكرة يا محمد، أنا محتاجك معايا ضروري. فيه حالة طارئة وصلت المستشفى، مريض بيحتاج عملية جراحية معقدة أوي، وخبرتك في الجراحة هتكون لا تقدر بتمن. ممكن تيجي معايا دلوقتي؟"

اندهش محمد شوية من المفاجأة، بس أومأ براسه بسرعة.

محمد (بحماس): "بالتأكيد يا دكتور! أنا جاهز في أي وقت. اتفضل حضرتك."

محمود (ليوسف، بابتسامة بتطمن): "يوسف، هكون مشغول شوية مع والدك دلوقتي. أنت ابدأ في الاستعداد لتدريبنا. حازم هيكون معاك عشان يوفرلك أي حاجة تحتاجها. وهنتكلم بالتفصيل بعدين."

غادر محمد المكتب مع الدكتور محمود على عجل، وسابوا يوسف لوحده مع حازم. كانت فرصة لمحمود وحازم إنهم يتكلموا بعمق مع يوسف بعيداً عن عينين أبوه، لكن بالنسبة ليوسف، كان الأمر عامل زي ما يكونوا رموه في المحيط بعد ما ادولوا درس نظري عن السباحة.



بداية التدريب

حازم خد يوسف لأوضة تدريب خاصة. الأوضة كانت مبطنة للصوت، ومجهزة بشاشات عرض وأجهزة قياس.

حازم: "تمام يا يوسف، خلينا نبدأ. الدكتور محمود عايزك تركز على التحكم في تدفق الأفكار الأول. الخاتم هيهدي الدنيا، ودلوقتي دورك إنك تختار الإشارات اللي عايز تستقبلها."

حاول يوسف بكل جهده يركز على مهمة بسيطة حازم طلبها منه، زي إنه "يشوف" إيه اللي هيحصل في الممر اللي بره بعد دقيقة واحدة. عمل مجهود، بس الموضوع كان عامل زي ما يكون بيحاول يشوف من خلال ضباب كثيف. المعلومات كانت موجودة، أيوة، بس كانت غامضة، مش واضحة، وكأن قدرته على "الرؤية" أو "التأثير" اتكبتت أو اتجمدت. الأفكار بقت منظمة أكتر، لكن قوته الحقيقية كانت محبوسة.

يوسف (بعد محاولات متعبة، بضيق): "أنا شايف الأفكار يا حازم... لكني مش شايف بوضوح. الرؤى... مش مفهومة. زي ما يكون فيه حاجز بيمنعني أشوف صح."

بص حازم ليوسف، وبعدين لشاشات البيانات اللي ما سجلتش أي نشاط مش عادي.

حازم: "ده طبيعي في الأول يا يوسف. الخاتم مش بيفتحلك كل الأبواب دفعة واحدة. هو بينظم الأول، وبعدين بنوجه إحنا. الموضوع محتاج صبر وتدريب. قدراتك رهيبة، ومحتاجة توجيه دقيق

الجزء السابع
في ليلة من الليالي، ويوسف قاعد في أوضته لابس الخاتم، وتاعبان من تدريب الدكتور محمود اللي ملوش لازمة بالنسبة لقوته بجد، ظهر "شمهرش" تاني. المرة دي كان أوضح، وشكله الشبحاني مش مغبش زي الأول، وعينيه الفضية بتلمع كأنها بتتحدى.

شمهرش (صوته كله سخرية ومرارة، بيرن في عقل يوسف رغم الخاتم): "مش قولتلك؟ الخاتم ده قيد. بيديك هدوء كداب، بس بيعمي عينيك عن الحقيقة. بينظم أفكارك، بس بيمنعك تستخدمها صح. هما مش عايزينك تشوف بوضوح، مش عايزينك تتحكم بجد. عايزينك مطيع، مكبوت، مجرد لعبة في إيديهم."

يوسف حس إن الدم بيغلي جواه. كلام شمهرش جه على الجرح. هو جرب بنفسه، والخاتم فعلاً كان حابس قوته.

يوسف (صوته بالعافية طالع، كأنه بيتخانق مع الصوت اللي جواه): "بس... الأصوات كانت فوضى. كانت هتقتلني."

شمهرش (قرب منه، كأنه بيوشوش في ودنه): "وهل فاكر إن ده الحل؟ إنك تاكل فتافيت قوتك المكبوتة؟ الفوضى دي هي أصل كل حاجة يا يوسف، ومنها بييجي الفهم الحقيقي. أنا أقدر أوريك إزاي تتحكم في الفوضى دي، مش تهرب منها. إزاي تفتح عينيك بجد، مش تغمضهم بخاتم بيوهمك."

مد شمهرش إيده الشفافة تاني، كأنه بيوعد بقوة الدكتور محمود ميعرفهاش.

شمهرش: "هما خايفين من القوة دي يا يوسف. خايفين من الناس التانيين اللي بيطاردوها. والخاتم ده هيخليك هدف سهل، هدف أعمى لقوى مش هتشوفها جاية. أنا لوحدي اللي أقدر أفتحلك عينيك على حقيقة العالم، وأديك القوة اللي تحمي بيها نفسك وعيلتك. فكر فيها يا يوسف... عايز تبقى مجرد لعبة؟ ولا سيد نفسك؟"

اختفى شمهرش، وساب يوسف في حيرة أكبر. الهدوء اللي كان عامله الخاتم كان مغري، بس الوعد بالقوة الحقيقية، والتحذير من الخطر اللي جاي، كان بيرن في روحه. يوسف ابتدى يحس إن الخاتم، رغم كل حاجة، ممكن يكون عائق أكبر مما تخيل الدكتور محمود نفسه. صراعه دلوقتي بقى أصعب، بين الراحة المتقيدة والقوة المطلقة اللي مش مضمونة.



الأيام كانت بتعدي في المعمل كأنها سنين. يوسف بيكمل تدريباته الصعبة مع الدكتور محمود وحازم. الخاتم كان بيديله هدوء بسيط، بس كان كأنه قيد حوالين قوته الحقيقية. كل محاولة عشان يشوف بوضوح أو يأثر على أي حاجة بسيطة كانت بتنتهي بإحباط. الدكتور محمود كان بيفسر ده إنه جزء من عملية "التنظيم" و"التكيف"، بينما يوسف كان حاسس بالخاتم كأنه حاجز تخين بيفصله عن جوهر قوته.

في واحدة من حصص التدريب، يوسف كان بيحاول يركز على شاشة عليها أرقام عشوائية، عشان يحاول يتوقع ترتيب ظهور الأرقام. وشه كان بيجيب عرق، والخاتم ضاغط على صباعه بقوة، بس الأرقام كانت بترقص كأنها أشباح مش واضحة.

محمود (بصوت هادي ومركز): "اهدأ يا يوسف، ركز. سيب الأفكار تجيلك، ومتحاولش تجبرها. الخاتم هيوجهك."

يوسف (بتعب): "بحاول يا دكتور... بس كأن فيه حاجة قافلة عيني. شايف أفكار كتير، بس مش قادر ألقط حاجة محددة."

في اللحظة دي، ضرب إنذار حاد وقوي في المعمل. صوت عالي هز الحيطان، والاضاءة اتغيرت للأحمر اللي بيرعش. الشاشات وقفت عن الشغل، وظهر عليها رسالة تحذير: "اختراق أمني! تهديد من بره!"

نط الدكتور محمود وحازم من كراسيهم في لحظة. باين عليهم علامات الدهشة والقلق الشديد.

حازم (بصوت حازم، وهو ماسك جهاز اتصال): "ايه اللي بيحصل؟ قفل فوري لكل الأقسام! شغلوا أنظمة الدفاع!"

ظهرت على شاشات تانية صور مشوشة لمجموعة من الأشخاص لابسين أقنعة غامقة، بيتحركوا بمهارة رهيبة في الممرات. مكنوش مجرد حرامية، حركاتهم كانت سريعة وغريبة، كأنهم مبيتبعوش قوانين الجاذبية بالظبط. كان واضح إنهم مش بني آدمين عاديين.

محمود (وشه شاحب، بيوشوش): "مستحيل... وصلوا بالسرعة دي؟"

صوت انفجار جامد جه من مكان قريب، هز الأرض تحت رجل يوسف. طلع دخان من فتحة في سقف المعمل. يوسف حس بالخوف مسيطر عليه. الأصوات المنتظمة في عقله ابتدت تتحول لوشوشة، بس الخاتم كان مانعها إنها تبقى فوضى كاملة.

وفي اللحظة دي بالظبط، بينما حازم بيستقبل أوامر من جهازه، والدكتور محمود بيبص على الشاشات مصدوم، وقف الزمن. كل حاجة وقفت. صوت الإنذار اتجمد في الهوا كصرخة صامتة. الدخان اتجمد في مكانه. الدكتور محمود وحازم ملامح الخوف اتجمدت على وشوشهم. كل حاجة، كل حركة، كل ذرة تراب، وقفت تماماً. الوحيدين اللي فضلوا بيتحركوا في العالم المتجمد ده، هما يوسف و"شمهرش".

ظهر "شمهرش" قدامه، أوضح ومجسم أكتر من أي وقت فات. عينيه الفضية كانت بتتوهج بقوة رهيبة، وابتسامة عريضة انتشرت على وشه الشبحاني.

شمهرش (صوته بيرن بوضوح تام في عقل يوسف، مفيش فيه غلطة، كأنه بيملا الكون): "وها هو ذا. نهايتهم بتبدأ. مش حذرتك؟ دول اللي عايزين يقمعوا قوتك. فاكرين إنهم عندهم كل المعرفة، بس ميعرفوش غير فتافيت. بص عليهم... عاجزين، ضعاف، قدام الخطر الحقيقي."

بص يوسف على محمود وحازم المتجمدين، وبعدين على شاشات المراقبة اللي عليها المتسللين. كان شايف الخوف في عين محمود، والعجز في حركات حازم اللي وقفت.

يوسف: "ايه اللي بيحصل يا شمهرش؟ مين دول؟ وازاي الزمن وقف؟"

شمهرش (بيقرب، كأنه بيمشي على السكون المطلق): "دول جزء من صراع أكبر يا يوسف. صراع أزلي بين اللي عايزين يتحكموا في الوعي، واللي عايزين يطلقوه. اللي بيحاولوا يدخلوا المكان ده، مجرد بيادق لقوة أكبر. قوة قمعتني في أجسام تانية قبلك، وحاولت تخفي الحقيقة عن البشر. ودلوقتي، بيطاردوك أنت، عشان ابتديت تصحى."

عين شمهرش وقفت على الخاتم اللي في صباع يوسف.

شمهرش: "والقيد ده... بيمنعك تشوفهم بجد. بيمنعك تدافع عن نفسك. الخاتم ده معمول عشان يكبت جوهر قوتك الحقيقية، يا يوسف. بيخليهم فاكرين إنهم بيتحكموا فيك، وهما بيضعفوك قدام أعدائك الحقيقيين."

مد شمهرش إيده تاني، المرة دي ناحية يوسف مباشرة، كأنه عرض أخير.

شمهرش: "دي فرصتك الأخيرة يا يوسف. الفرصة الوحيدة عشان تنجو أنت وعيلتك. أنا هديك القوة الحقيقية. القوة اللي تخليك تشوف الأعداء دول، وتخلص عليهم. القوة اللي تخليك سيد قدرك، مش عبد لأي أداة أو أي دكتور. هوريك إزاي تستخدم قدراتك من غير قيود، إزاي تحول الفوضى لسلاح، وإزاي تطلق العنان للي جواك."

بص يوسف على إيده الممدودة، وبعدين على الخاتم اللي كان ضاغط على صباعه. سمع أصوات الانفجارات المتجمدة، وحس بالخطر اللي حواليه.

شمهرش: "في المقابل... عندي عدو قديم، عدو أزلي، فضل بيطاردنا احنا، اللي زينا، عبر العصور. هو نفس الكيان اللي بيحاول يقتلك ويقضي على عيلتك دلوقتي. ساعدني في العداوة القديمة دي، وهخليك سيد القوة، محصن ضد أي خطر. محدش هيقدر يقرب منك ولا من أهلك طالما أنا برشِدك."

يوسف كان لسه هيتكلم، لما حس بوميض مفاجئ، كصدمة كهربا في جسمه.



الزمن رجع فجأة لسرعته الطبيعية، صوت الإنذار ملى المكان من تاني. بس المرة دي، الدكتور محمود مكنش بيبص على الشاشات، كان ماسك تليفونه، وشه شاحب تماماً، وعينيه مرعوبة.

محمود (صوته بيرتعش، بالعافية بيطلع): "لا... مستحيل... حصل..."

حازم بص لمحمود بقلق شديد.

حازم: "ايه يا دكتور؟ ايه اللي حصل؟"

محمود (بيبص ليوسف بعجز، وصوته بيعلى بصرخة مش مصدق): "عيلتك يا يوسف! خطفوهم! رباب... نورا... منة... اختفوا! خدوهم!"

الأرض اتهدت من تحت رجل يوسف لما سمع كلام الدكتور محمود. عيلته! رباب... نورا... منة... كل عالمه، كل اللي فاضله من نور، اتشد منه في لحظة. صوت الإنذار لسه بيرن في المعمل، بس بان كأنه همس بعيد مقارنة بالصريخ اللي انفجر جوه راس يوسف.

يوسف (صوته بيرتعش، وبعدين بيعلى بغضب، والذهول واليأس سيطروا على وشه): "عيلتي؟! يعني إيه عيلتي؟ فين الحماية اللي وعدتوني بيها؟ فين الخاتم ده اللي هيحميني ويوجهني؟!"

محمود وحازم راحوا ليوسف بسرعة، وشوشهم شاحبة.

محمود (بيحاول يهدي يوسف، بس كلامه باين عليه ضعيف قدام غضب يوسف): "اهدأ يا يوسف! الموضوع معقد. دول أعداء منعرفهمش بالظبط، قوة خفية... الخاتم مش عشان يصد الهجمات المباشرة، هو عشان ينظم قدراتك أنت!"

يوسف (بيندفع لقدام، وعينيه بتولع بغضب محدش شافه قبل كده): "ينظم إيه؟! يمنعني إني أشوف اللي جاي! يخليني أعمى عن أعدائي! قولتولي هيديني قوة، وطلع قيد! قيد ساب عيلتي في خطر، سابهم يتخطفوا!"

حازم (بيتقدم، بيحاول يسيطر على الموقف): "يوسف، لازم نركز! لازم نفهم مين دول، ونحدد مكانهم. العصبية مش هتفيدنا دلوقتي. خطتهم كانت بالظبط."

يوسف (بيبص لحازم وبعدين للدكتور محمود، السخرية واليأس مختلطين في كلامه): "خطتكم؟! خطتكم فشلت! كنتوا عايزين تتحكموا فيا، تحبسوا قوتي! شمهرش كان صح... كان صح في كل كلمة قالها!"

مد يوسف إيده اللي لابس فيها الخاتم، وعينيه متثبتة على الدكتور محمود.

يوسف: "الخاتم ده... قيد! أداة عجز! أنا مش عايزها!"

وبقوة دفع مفاجئة، قلع يوسف الخاتم من صباعه.

في اللحظة دي، السيل انفجر. الأصوات كلها رجعت في نفس الوقت، كأنها آلاف الصرخات، ملايين الأفكار، الكون كله بيصب في راسه دفعة واحدة. مبقاش فيه تنظيم. الفوضى الكبيرة رجعت، بس المرة دي كانت مختلفة. مكنتش مجرد وشوشة، كانت قوة خام، كبركان انفجر جواه. حس بدوخة للحظة، بس موقعش. بل حس إن قوته بتزيد مع كل نبضة في راسه، كأن السدود انهارت.

رمى الخاتم في وش الدكتور محمود اللي لقطه بذهول.

يوسف (بصوت قوي، مليان قوة وغضب الخاتم مقدرش يكبته): "خاتمك ده مش هينقذ حد! أنا ليا طريقي الخاص دلوقتي. طريقي اللي هيخليني ألاقي عيلتي... وهدفعهم التمن!"

استدار يوسف واندفع بره المكتب، وسايب الدكتور محمود وحازم واقفين مذهولين، مش فاهمين التحول المفاجئ في يوسف، ولا حجم القوة اللي انفجرت منه.



في اللحظة اللي ساب فيها يوسف المعمل، بينما صوت الإنذارات لسه بيرن حواليه، ظهر "شمهرش" قدامه بوضوح تام، مش مجرد سراب، لكن كحقيقة ملموسة مبيشوفهاش غيره. ملامحه الشبحية كانت بتنور، وابتسامة واسعة انتشرت على وشه.

شمهرش (صوته بيرن بقوة في عقل يوسف، من غير أي وسوسة، كصوت مرشد أخير): "أخيراً... أخيراً حررت نفسك من قيودهم يا يوسف! دلوقتي شايف الحقيقة. هما ميعرفوش القوة الحقيقية. هما مجرد علماء ضعاف بيلعبوا بحاجات ميفهموهاش. لكن أنت... أنت مختلف. أنت استثناء."

ارتعش يوسف، بس مش من الخوف، لكن من تدفق القوة اللي بتغمره. "عيلتي... لازم ألاقيهم يا شمهرش! مين دول؟"

شمهرش (بيبص عليه بعمق، عينين زي الفضة الدايبة): "دول أتباع الطارق يا يوسف. اسمهم بيثير الرعب حتى في قلوب العرافين الأقوياء. الطارق... هو عدوي القديم، خصمي الأزلي اللي حاربته عبر العصور. هو كيان قديم، قوة ضلمة، بتؤمن بالسيطرة الكاملة على كل اللي عندهم الوعي الخاص، كل اللي زينا وزيك. مش عايزين حد يشوف الحقيقة. عايزين يا إما يتحكموا فينا، يا إما يقضوا علينا."

يوسف كبس على إيديه. "يعني إيه؟"

شمهرش: "من زمان جداً، كنت أنا واللي زيي بنمثل الفوضى اللي بتخلق حاجات جديدة، الجوهر الحقيقي للقوة والوعي. لكن الطارق وأتباعه، بيمثلوا القمع والسيطرة. هما بيسعوا عشان يطفوا أي قوة ميفهموهاش أو ميعرفوش يتحكموا فيها. قضوا على سلالات من العرافين قبل كده، وحاولوا يقتلوني مرات متتعدش من خلال تحكمهم في أجسام عرافين تانيين. أنت... أنت ورثت قوتي، وجيت للعالم ده كإشارة على رجوعي. عشان كده بيطاردوك."

صمت شمهرش للحظة، وبعدين كمل بلهجة حادة:

شمهرش: "المرة دي، عايزين يستخدموا عيلتك عشان يجبروك إنك تسلملهم، أو يدمروا عشان يتجنبوا أي خطر يهددهم. ميرحموش. دكتور محمود وخاتمه، مش هيدوك القوة اللي محتاجها عشان تواجه الطارق. أنا بس اللي أقدر أعمل كده. أنا لوحدي أقدر أوريك إزاي تتحكم في قوة الفوضى اللي في عروقك، وإزاي تحولها لسلاح لا يقهر."

بص يوسف على الفوضى اللي بتزيد في المعمل، وبعدين على نفسه. قوة رهيبة بتنفجر من جواه، وأصوات العالم كلها بتصب فيه. مبقاش فيه رجوع.

شمهرش (صوته بيعلى، كأنه بيعمل عهد): "هديك القوة اللي محلمتش بيها. هعلمك إزاي تستخدمها صح، إزاي تحول التدفق ده لرؤى واضحة، وإزاي تدافع عن اللي بتحبهم. في المقابل... هتساعدني في الشوية الباقيين من الصراع الأبدي ده مع الطارق. هيكون تحالف، مش قيد. إيه رأيك يا يوسف؟ هتكون سيد نفسك... ولا مجرد ضحية تانية؟"

يوسف كان لسه حاسس بدوخة بسيطة من تدفق القوة اللي مش متحكم فيها، بس صوت شمهرش كان واضح. وراله ضعف حماية الدكتور محمود، وها هو دلوقتي بيعرض عليه السبيل الوحيد عشان يرجع عيلته.

مبقاش فيه اختيار.



فوضى القوة: أول خطوة للهاوية​

اندفع يوسف بره المعمل، مبقاش سامع صوت الإنذار الحاد، بس كان شايف العالم كله بيرقص حواليه. الأضواء بتنور وتطفي بقوة، وأصوات البشر بتعلى لدرجة الصراخ في راسه، ووشوشات خفية بتوشوشله من كل اتجاه. الخاتم اللي قيده لشهر اختفى، ودلوقتي حاسس بتيار ضخم من الطاقة بينفجر من جواه، بيدمر كل حواجزه النفسية. بعض لمبات المعمل اللي كانت قريبة انفجرت وراه، والأبواب الكهربائية وقفت عن الاستجابة، كأن الطاقة الخام اللي بيطلعها بتأثر على اللي حواليه.

ظهر "شمهرش" قدامه، شفاف وبيلمع في نفس الوقت، بيوجهه بنظراته الفضية المتوهجة.

شمهرش (صوته بيرن دلوقتي كصدى قوي في عقله، ميتجاهلش): "ممتاز! دي هي القوة الحقيقية يا يوسف! ده هو أنت! سيبها تتدفق، متقاومهاش! دلوقتي تقدر تشوف اللي هما عمرهم ما شافوه."

يوسف حس بدوخة شديدة، كأن الأرض بتلف بيه. "فينهم يا شمهرش؟ فين عيلتي؟"

شمهرش: "هتلاقيهم! اتبع الغضب اللي بيغلي جواك! اتبع القوة دي! هي بتوصلك ليهم!"

يوسف مكنش بيجري، كان بيندفع بقوة جبارة ميعرفهاش قبل كده. الأفكار اللي كانت بتملا راسه مبقتش مجرد همسات، لكن كانت صور متداخلة من الخوف والرعب جاية من جهة معينة، بتوجه خطواته. قوة "الطارق" وأتباعه كانت سايبة أثر يوسف يقدر يشمه، يحس بيه. كان ماشي في شوارع أمريكا الزحمة، وهو حاسس بالكون كله بيئن حواليه. مرة كادت عربية تخبطه، لكنه غمض عينيه واندفع، وكأن الزمن بطئ للحظة، أو العربية نفسها انحرفت بقدرة خفية. مكنش متأكد.

وقف شمهرش قدام مبنى قديم مهجور، شبابيكه مكسرة، وباين عليه كأنه صمت غريب وسط دوشة المدينة. الطاقة الضلمة كانت بتتدفق منه كأنها نهر.

شمهرش: "هنا هما! ده هو وكر "الطارق" اللي بيجذب الشفقة واليأس عشان يتغذى عليهم. ادخل يا يوسف! واجه قدرك! اطلق العنان لقوتك!"

اندفع يوسف جوه المبنى المهجور. الريحة كانت وحشة، وريحة الخوف مالية المكان. الأفكار اللي منتشرة في عقله كانت بترشده. في كل زاوية ضلمة، كان بيشوف خيالات بتتحرك بسرعة البرق. كانوا هناك. أتباع "الطارق". مكنوش لابسين أقنعة دلوقتي، لكن وشوشهم كانت شاحبة، عينيهم ضلمة، وباين عليهم نوع من الشلل العاطفي. كانوا بيتحركوا بهدوء غريب، كأنهم عرايس.

هاجمه اتنين منهم في نفس الوقت. حركاتهم كانت سريعة ومش متوقعة. يوسف، بدافع الغضب والقوة الخام اللي بتتدفق منه، مفكرش. مد إيده، وحس بطاقة بتخرج منه. واحد منهم وقع على الأرض متأثر بقوة مش مرئية. التاني، لما حاول يمسكه، يوسف حس برغبة جامدة إنه يحطمه. الأفكار العنيفة كبرت في راسه، وكادت تتجسد في حقيقة مادية.

شمهرش (بصوت بيدفعه): "أكثر! متسيبش رحمة! دي هي القوة! استخدمها!"

يوسف كان على وشك يوجه ضربة مدمرة، لما سمع صوت صرخة خافتة جاية من أوضة قريبة. "ماما!"

الصرخة دي كانت كفيلة بإنها توقفه. صرخة نورا.

اندفع ناحية الصوت، عشان يدخل أوضة واسعة، شبه ضلمة. رباب ومنة ونورا كانوا مربوطين في كراسي، بقهم متكمم، وعينيهم مليانة دموع وخوف.

يوسف (صرخ، وقلبه اتقبض): "ماما! نورا! منة!"

تقدم ناحيتهم، لكن فجأة، حاط بيه كذا شخص تاني من أتباع "الطارق". كانوا أكتر عدد المرة دي، وعملوا حركة متزامنة، كأنهم بيشتغلوا بعقل واحد. يوسف حس بحاجة شبه الحصار الطاقي بيلتف حواليه، بيحاول يمتص منه قوته. ابتدى يشوف ومضات سودة، وحس بدوخة بتزيد.

شمهرش (صوته ابتدى يبان عليه نوع من القلق أو التحدي): "قاوم يا يوسف! دي مش نهايتك! اطلق العنان لكل حاجة!"

يوسف كان بيتخانق، حاسس إن قوته بتتسرب منه، لكنه رافض يستسلم. ابتدى يشوف صور مشوشة، ذكريات مؤلمة من الماضي، وكأن "الطارق" بيحاول يخترق عقله ويسرق ذاكرته وقوته

الجزء الثامن
في اللحظة دي، وقت ما كان يوسف بيحاول يفضل صاحي وسط الهجوم، وكان شمهرش بيشجعه يقاوم، الباب اتفتح بعنف، ودخل الدكتور محمود ومعاه حازم، ووشوشهم كلها تعب وتراب، كأنهم كانوا بيحاربوا عشان يوصلوا هنا. وكان معاهم فريق صغير من الأمن، لابسين سترات واقية ومعاهم أسلحة مش قاتلة.


محمود (وهو بيصرخ، صوته كله يأس وتحذير): "يوسف! لأ! ماتسمعش له!"


بص يوسف ناحية صوت محمود، محتار ما بين الهجوم اللي بيتعرض له وصريخ محمود.


محمود (وهو بيزق رجالة الأمن لقدام، وبيتحرك نحية يوسف، عنيه مولعة بالحزن والغضب):
"يوسف، ده مش منقذك! شمهرش مش كائن طيب ولا مرشد قديم! ده كيان فوضوي قديم أوي، بيعيش على طاقة العرافين ويمص أرواحهم! ده شبح، طفيلي، لازم له جسم بشري عشان يبان ويأثر في العالم!"


يوسف اتصدم. الكلام وقع عليه زي الصاعقة. شمهرش؟ اللي كان شايفه منقذ وقوة؟ طفيلي؟!


محمود (بيكمل، صوته مليان ندم، وهو بيشاور على أتباع الطارق اللي الأمن ابتدوا يشتبكوا معاهم):
"والخاتم يا يوسف... الخاتم مكنش بيحبسك! ولا كان بيهديك فعلاً! ده كان... خدعة! لعبة عشان نكسب ثقتك! نخلي عقلك يصدق إنه اتظبط! كل الهدوء اللي حسيت بيه... كان من عقلك أنت، يا يوسف! قوة الإيحاء! أنا اضطريت أعمل كده! كان لازم أسيطر على قدراتك اللي كانت بتخرج عن السيطرة! وكان لازم تثق فيا عشان تبقى تحت حمايتنا!"


يوسف اتصدم تاني. الخاتم اللي وثق فيه؟ طلع كذبة؟ والهدوء اللي حس بيه؟ كان وهم؟ الغضب اتجدد جواه، المرة دي ناحية الدكتور محمود نفسه.


حازم (بيبص ليوسف بجدية، وهو بيضرب واحد من المهاجمين بصاعق كهربا):
"الطارق... مش كائن واحد يا يوسف. ده رمز لتنظيم قديم، شبكة من العرافين الأقوياء، اللي كرسوا حياتهم عشان يحموا البشرية من كيانات الفوضى زي شمهرش!"


وفي اللحظة دي، ظهر "الطارق" نفسه، مش كشبح، لا، كإنسان بلحم ودم، ضخم البنية، عنيه حادة بتخترق يوسف، لابس درع أسود قاتم، واقف في زاوية الأوضة، بيراقب كل حاجة.


حازم (بيكمل بصوت قوي):
"هم خطفوا عيلتك عشان يضطروك تيجي هنا... وتطلق شمهرش بالكامل! هم عايزين يا يتحكموا فيه من خلالك، يا ينهوا عليه وعليك قبل ما يبقى قوة ماحدش يقدر يوقفها!"


في اللحظة دي، يوسف حس إن قوة شمهرش جواه بتزيد بشكل مرعب، بس مش قوة صافية. حس بكتمة، كأن في حاجة بتحاول تبلع وعيه. بص على شمهرش، ووشه اتغير خالص. مابقاش المرشد الطيب، كان بيضحك ضحكة مرعبة، ملامحه بقت شبه وش شيطاني، وعنيه بتلمع بطمع فظيع، وجسمه الشبحاني بقى بيتكثف أكتر وأكتر، كأنه هيظهر في جسد يوسف.


شمهرش (صوته بقى خليط من الضحك والانتصار، بيصرخ جوا عقل يوسف):
"كذب! كلهم كذابين! عايزين يحبسوكي زي ما حبسوني! أنا حريتك! أنا قوتك! ودلوقتي... أنا إنت!"


رباب، المقيدة، رجعت ورا في الكرسي، عينيها كلها رعب، مش فاهمة إيه اللي بيحصل، بس شايفة إن يوسف بيتحول، وحاسة بالخطر.


يوسف بقى محاصر، مش بس بأتباع الطارق، لكن بكشف حقايق تقلب كل حاجة. الخاتم طلع كذبة، شمهرش هو العدو، والطارق تنظيم عايز يوازن الدنيا. عيلته في خطر، والكل بيحاصره، وقوة شمهرش بتحاول تسيطر عليه.


جسمه اترعش، ممزق ما بين كابوس بشع. محمود صوته بيرن في ودانه:
"شمهرش طفيلي! الخاتم خدعة!"
وفي المقابل، صوت شمهرش بيصرخ جواه:
"كذب! أنا قوتك! أنا حريتك! أنا إنت!"


روحه كانت بتتشد في اتجاهين، وطاقة شمهرش بتحاول تتغلغل في كل خلية فيه، مش عشان تسيطر، لكن عشان تغذيها.


رباب بتترجع في مكانها، بتصرخ بصمت من ورا الكمامة، وعينين نورا ومنة مليانين دموع وفزع. يوسف شاف الرعب في عنيهم، الرعب اللي حتى كوابيسه في بنها ما جابتوش. لازم يعمل حاجة.


يوسف (صرخ، صوته بيترج، بالكاد طالع):
"ابعد عني يا شمهرش! سيبني!"


لكن شمهرش ضحك ضحكة تدوّي جوا دماغه.
شمهرش: "أنا إنت! مش هتهرب مني! دي قوتك! سيبني أوريهم!"


ما بقاش شايف غير وش أمه وأخواته المرعوبين. الغضب من الخيانة، الخوف على عيلته، والطاقة اللي بتتفجر جواه... كله انفجر فجأة.


يوسف ما سلمش لشمهرش، ما سابش له السيطرة. قرر إنه يمسك القوة دي، يستخدمها، حتى لو ده هيكلفه حياته. كانت مخاطرة، بس دي كانت فرصته الوحيدة ينقذ عيلته.


بدأ جسمه يتحول. طاقة رهيبة خرجت منه، مش مجرد ومضات، لكن تحول كامل. شعره بقى أبيض دهبي، كأنه من نور النجوم. عنيه اتحولت للون الفضي، زي شمهرش، بس كان فيهم إصرار يوسف وغضبه البشري. بقى كيان جديد، جواه قوة شمهرش، لكن إرادته هو اللي بتقود.


انفجار!


مش صوت، ده كان طاقة. القيود اللي كانت مربوطة رباب ونورا ومنة اتفكّت كأنها خيوط عنكبوت. أتباع الطارق اتناثروا في الأوضة زي ورق الشجر، ناس فقدت الوعي، وناس اتصدمت من قوة خفية. حتى رجال الأمن بتوع محمود اتلخبطوا.


محمود (صرخ): "حازم! خد العيلة! بسرعة!"


اندفع حازم وفريقه وسحبوا رباب والبنات بعيد عن يوسف اللي بقى دلوقتي مصدر خطر.


محمود (بصوت كله ألم ويأس):
"يوسف! دي مش طريقتك! دي مش أنت!"


بس يوسف ما كانش بيسمع. قوته كانت طالعة من كل خلية فيه. مابقاش فيه صراع بينه وبين شمهرش. اتحدوا. يوسف مسك القوة، وشمهرش بقى جواه، بيساعده يستخدمها.


ظهر الطارق، واقف بيراقب، ملامحه مصدومة.


الطارق (بصوت عميق):
"ده ماكانش في الخطة... أطلقت قوة ماينفعش تتوقف!"


يوسف (الكيان الجديد) اتحرك بسرعة خارقة ناحية الطارق، بعينيه الفضيين بترشق شرار.
يوسف:
"أطلقتوا حاجة ما تعرفوهاش... ودلوقتي... هتشوفوا ليه كنتوا غلطانين

الجزء التاسع
بعد ما يوسف طار زي الصاروخ من المبنى اللي اتهد في أمريكا، ووسط الدوشة الكبيرة اللي كانت عاملها قوته اللي طلعت منه، مرجعش لمكان بعيد عن كل حاجة، لأ ده رجع للمكان اللي اتولد فيه. بطريقة ما، يمكن بمساعدة مش باينة من شمهرش، أو يمكن كان غصب عنه يرجع للي يعرفه، يوسف لقى طريقه راجع لبنها، لحياته كتلميذ في الثانوية العامة.

الرجوع ده كان أصعب خدعة يوسف عرف يعملها. كل يوم، يوسف كان بيلبس قناع. بيخبّي شعره الدهبي-الأبيض تحت طاقية أو بيخفي لمعانه بطاقة مركزة. بيخبّي لمعان عينيه الفضي تحت عدسات لاصقة مخصوصة أو ببساطة بتعبيرات وش متسيطر عليها. كان بيمشي في طُرُقات مدرسته القديمة، ويقعد في نفس الفصول، ويقابل صحابه القدامى اللي رحبوا برجوعه من "رحلة علاجية" طويلة بره البلد. بس تحت الوش الهادي ده، قوة شمهرش كانت بتوشوش جواه، وعايزة تطلع، وهو بيصارع عشان يسيطر عليها، ويحافظ على الهدوء الكداب ده.

حياته في بنها كانت عبارة عن تمثيلية يومية مجهدة. الأصوات الكتير في دماغه كانت بتزيد في الأسواق الزحمة، والأفكار المتلخبطة للطلاب في الفصول كانت بتعمله صداع خفيف. كان بيحس بأكتر من مجرد "همسات"؛ كان بيحس بوجود قوة خفية بتراقبه، بتقرب بالراحة، كإنها خيوط عنكبوت مش باينة. الطارق كان بيقرب.

رجع يوسف بنها، لمقاعد الدراسة في مدرسته الثانوية اللي عمره ما تخيل إنه هيرجعلها غير وهو متغير. كل يوم، كان بيمثل دور متقن. بيلبس قناع الهدوء العادي عشان يخفي لمعان شعره الدهبي-الأبيض وبريق عينيه الفضي. بيخفي قوة شمهرش الرهيبة اللي بتوشوش جواه، بتضغط، عايزة تطلع. كان بيعمل نفسه طالب ثانوي عادي، يسمع للمحاضرات، ويتبادل الضحكات الخفيفة.

بس الوحدة كانت صاحبه الأكبر. مع رجوعه من أمريكا، اكتشف إن صاحبه الوحيد اللي كان بيفهمه، العطار، نقل هو وعيلته لشبين الكوم. الغياب ده ساب فراغ كبير في حياة يوسف، وخلاه يحس بوحدة أكتر من أي وقت فات. مبقاش فيه حد يقدر يتكلم معاه، أو حتى يحاول يشرحله جزء من اللي بيمر بيه. الأفكار المتلخبطة للطلاب حواليه، والهمسات اللي بتزيد اللي بيحس بيها من الطارق، كانت بتزود الضغط النفسي عليه.

بعد ما اليوم الدراسي خلص، ويوسف بيحاول يتجنب الأنظار وماشي بسرعة ناحية البوابة، جاه صوت ناعم ومتردد من وراه: "يوسف؟"

لف عشان يشوف بسنت، زميلته في الفصل اللي دايماً كانت عينيها بتعكس إعجاب خفي بيه. عينيها الواسعة كانت بتراقبه بقلق واضح، وإيديها ماسكة شنطها الدراسية.

بسنت (بصوت واطي، كإنه همس): "يوسف، إنت كويس؟ شكلك... متغير من ساعة ما رجعت."

حاول يوسف يبتسم ابتسامة باهتة، عامل نفسه هادي. "أنا كويس يا بسنت، مجرد تعب من المذاكرة. إنتي عارفة، الثانوية العامة..."

بس بسنت مكنتش مقتنعة. قربت خطوة، وعينيها متثبتة عليه بتركيز غريب.

بسنت (بنبرة هادية، مليانة حيرة): "مش ده اللي قصدي عليه... حسيت إمبارح بالليل... كإن حاجة غريبة حصلتلك. كان فيه نور... و..." سكتت، كإنها بتدور على الكلام، وبعدين كملت بصوت متردد: "عينيك... حسيت إنهم بيلمعوا بطريقة مختلفة."

قلب يوسف انقبض. بسنت شافت حاجة، أو على الأقل، لمحت جزء من الحقيقة. ده معناه إن قناعه بيقع. حاول يعمل نفسه مش مهتم، بس صوته خانه شوية. "مجرد خيال يا بسنت. يمكن من كتر الإرهاق. لازم أمشي دلوقتي."

حاولت بسنت تبتسم، بس نظراتها كانت مليانة شك. "يمكن... بس أنا حسيت إنه حقيقي أوي." مدت إيديها تلمس دراعه بالراحة، بس سحبتها بسرعة، كإنها حست بطاقة ساقعة بتعدي من يوسف، أو لمحت لمعة خاطفة في عينيه. اتلخبطت وقالت: "أنا آسفة... لازم أمشي دلوقتي. أشوفك بكرة."

سابت بسنت يوسف واقف، حاسس كإن الأرض بتلف بيه. الحقيقة قربت أوي. نظرتها وقلقها كان بمثابة إنذار أخير ليه. مبقاش فيه مفر من مصيره. مبقاش فيه مكان ليوسف الطالب الثانوي.



وعدى اليوم عادي جداً من غير أي أحداث، ولحد تاني يوم يوسف راح المدرسة عادي، وطبعا معدلات ذكائه زادت عن الطبيعي. ولما اليوم الدراسي خلص وكان خلاص ماشي، سمع أفكار بسنت إنها هتيجي تطمن عليه، فهو نفسه ميعرفش ليه وقف واتلكك في أي حاجة.

لمح بسنت جاية ناحيته بخطوات مترددة. بسنت، زميلته في الفصل اللي نظراتها دايماً كانت بتعكس إعجاب خفي بيه، كانت متوترة شوية وهي بتقرب.

بسنت (بصوت واطي ومتردد): "يوسف... ممكن أتكلم معاك لحظة؟"

لف يوسف، وحاول يبان طبيعي على قد ما يقدر، وهو بيراقب عينيها الصغيرة خايف تكون لمحت حاجة. "آه... طبعاً يا بسنت."

بسنت (بنبرة قلقة): "أنا... أنا بس كنت عايزة أطمن عليك. الناس بيقولوا كلام غريب عنك من ساعة ما رجعت من أمريكا... وشكلك متغير."

يوسف (بتوتر خفيف): "إرهاق بس يا بسنت. تعرفي، الثانوية العامة... كله بيتعب."

حاولت بسنت تبتسم، بس نظراتها كانت عميقة، كإنها بتحاول تخترق قناع يوسف. في اللحظة دي، بسنت شافت صديقة طفولتها، لوثيبا، بتلوح لها من بعيد.

لوثيبا (بتقرب، بنبرة مرحة): "مالك يا بسنت واقفة هنا ليه؟ ويوسف؟ إيه اللي حصل؟"

بسنت (بصت ليوسف بلوم خفيف، وبعدين للوثيبا): "مفيش، كنت بطمن على يوسف. شكله تعبان شوية."

ابتسم يوسف ابتسامة مجاملة، وبعدين استأذن بهدوء. "عن إذنكما يا بنات، لازم أمشي دلوقتي." ومشي بسرعة، وساب بسنت ولوثيبا لوحدهم.

سحبت لوثيبا بسنت من دراعها، ومشيوا مع بعض ناحية البيت، والفضول مالي وشها.

لوثيبا (بلهجة مصرية واضحة ومرحة): "إيه يا بنتي، لسه عينك عليه؟ ده يوسف ده كل ما يكبر يبقى لغز أكتر!"

بسنت (اتنهدت، وعينيها بتتبع يوسف وهو بيختفي بين الناس): "مش حكاية لغز يا لوثيبا. هو... مختلف. فيه حاجة غريبة فيه بتشدني."

لوثيبا (بتضحك): "لأ بجد! يا بنتي إنتي بتحبي الحاجات الغامضة دي، وهو من يومه هادي وساكت. بس الصراحة، من ساعة ما رجع من أمريكا وهو بقى كأنه في عالم تاني خالص. شعره بقى تحسيه كده... بيلمع؟ ولا أنا بيتهيأ لي؟"

بسنت عينيها وسعت، لوثيبا لمست جزء من اللي هي حست بيه. "مش عارفة أقولك إزاي... بس النهاردة لما كنت بكلمه، حسيت بحاجة غريبة أوي. كأني لمحت كده لمعة غريبة في عينيه، أو كأن فيه برودة جت منه فجأة."

لوثيبا (بتلوح بإيديها بتضحك): "برودة إيه بس يا بسنت؟ يا بنتي دي أفلام الرعب اللي بتتفرجي عليها مأثرة عليكي! ولا يمكن من كتر ما بتفكري فيه، عينيكي بدأت تتوهم!"

بسنت (فركت حواجبها بقلق): "لا بجد يا لوثيبا... مش عارفة. يمكن. بس هو فعلاً متغير. زي ما يكون جواه قوة كده... حاجة مش طبيعية."

لوثيبا (بنبرة أكتر جدية المرة دي): "يا ستي، كل واحد بيتغير. سيبك إنتي من الألغاز دي وركزي في مذاكرتك. يمكن يكون بس تعبان من اللي شافه في أمريكا. وبعدين، الراجل اللي اسمه العطار ده، صاحبه الوحيد، لما سألت عليه قالولي إنه سافر شبين الكوم هو وعيلته. أكيد يوسف لوحده دلوقتي وممكن يكون مضغوط شوية عشان كده."

بسنت (بصت ناحية المسجد القديم اللي باين في الأفق، وبعدين رجعت بصت للوثيبا، بخوف): "يمكن... بس مش عارفة ليه حاسة إن الموضوع أكبر من كده بكتير. زي ما يكون فيه حاجة مش مفهومة بتحصل حواليه."



في اللحظة الحاسمة دي، لما صرخات الرعب دوت من انهيار المسجد الأثري، وطلعت سحابة التراب مع صرخات الناس المحبوسة، يوسف حس بنداء ميتوصفش. شاف الخوف في عيون الناس، وافتكر رعب عيلته. مبقاش فيه مكان للحيرة. صوت شمهرش اللي كان بيوشوش فيه سكت، كأن الكيان القديم نفسه مستني آخر قرار ليوسف.

القناع اللي يوسف لبسه شهور اختفى. لمعان رهيب طلع من جسمه، بيمزع الأوهام البصرية اللي كان بيحافظ عليها. شعره الدهبي-الأبيض بان بلمعة محدش يقدر ينكرها، بينما عينيه الفضية لمعت بقوة ساحرة ومخيفة في نفس الوقت. دي مبقتش قوة مقيدة، لأ دي حاجة اتحولت، وظهرت للعالم.

اندفع يوسف ناحية المسجد المنهار. مكنش بيجري، لأ ده كان بيتحرك بسرعة تفوق سرعة الضوء، كإنه اتزحلق في المكان. الهوا كان بيتجمد حواليه، كإن الزمن بيبطأ عشان يدي مساحة لقوته. لما وصل لركام المسجد، ملمسهوش. مد إيديه ناحية الكتل الحجرية الضخمة اللي حاصرت الأبرياء، وطلعت منه طاقة رهيبة مش باينة. الأنقاض اتهزت، وبدأت الكتل الصخرية الضخمة تتحرك، تطلع في الهوا لكام ثانية، كاشفة عن الناس المحبوسة.

شال يوسف الأطفال والستات والرجالة بسرعة خارقة، وطلعهم واحد ورا التاني، بيحطهم في أمان بعيد عن الخطر، قبل ما الأنقاض تقع تاني. المنظر كان أشبه بمعجزة أو كابوس. شافه عشرات من الناس المذعورين، كانت عينيهم مفتوحة على الآخر من الصدمة، ماسكين موبايلاتهم عشان يصوروا فيديوهات للكيان الخارق ده اللي ظهر فجأة في قلب بنها.

بسنت ولوثيبا كانوا لسه قريبين من المكان لما سمعوا الصرخات. اندفعوا ناحية المسجد عشان يشوفوا الموقف المرعب. وفي وسط الفوضى، بسنت لمحت اللمعان الدهبي-الأبيض ده، والعينين الفضية اللي كانت لمحتها في حلمها. المرة دي، الموضوع كان حقيقي وواضح.

بسنت (بتصرخ، صوتها بيترعش من الصدمة): "يوسف! إنه يوسف!"

بصت لوثيبا ناحيتها، وبعدين ليوسف اللي كان لسه بينقذ الناس المحبوسة، وعينيها مفتوحة على مشهد مش ممكن يتصدق. "إيه ده يا بسنت؟! إزاي؟!"



في الأثناء دي، وسط التراب والصريخ، ظهرت مجموعة رجالة لابسين لبس غامق، ملامحهم حادة، وشايلين أجهزة غريبة. دول كانوا رجالة الطارق. خلاص وصلوا للي عايزينه. يوسف انكشف.

واحد من رجالة الطارق (بيتكلم في جهاز اتصال، بصوت بارد): "الموضوع اتأكد. الكيان بقى مكشوف بالكامل. قوة شمهرش متجسدة فيه من غير قيود. لازم نتحرك دلوقتي. الهدف: نقبض عليه، حي أو ميت."

حس يوسف بتيار طاقة جديدة بتجري في جسمه، بتصحّي جواه غرايز عمره ما عرفها قبل كده. بص ناحية رجالة الطارق، عينيه الفضي بتشتعل بالغضب. هو كشف عن نفسه عشان يحمي الأبرياء، ودلوقتي بقى مطارد. مبقاش فيه مكان يستخبى فيه، أو يعيش حياة طبيعية. انطلق يوسف، مستخدم سرعة خارقة، بعيد عن المسجد المتهد وعن العيون اللي كانت بتراقبه.

في مكان بعيد، في أوضة مراقبة متحصنة، حازم كان بيتفرج على الفيديوهات اللي منتشرة على الإنترنت. عينيه وسعت بصدمة لما شاف يوسف بقواه المتغيرة.

حازم (بيوشوش لنفسه، كإنه بيكلم شبح): "يا إلهي... حصل. محمود... كان عنده حق."

وفي نفس اللحظة، في كهف أثري في جنوب فرنسا، حيث كان الدكتور محمود محاوط نفسه بمخطوطات ولفائف قديمة، حس بانفجار طاقي رهيب. الرموز على الحيطان نورت للحظة، ووقعت كام كتاب من على الرفوف. محمود اتنفض، وشه شاحب، أدرك إن يوسف أطلق العنان لقوته علناً.

محمود (صرخ، كلماته بتردد في الكهف): "يوسف! كشف عن نفسه! الطارق هيطارده من غير رحمة دلوقتي! الوقت بيخلص!"

يوسف بقى كيان مكشوف، مطارد في بلده.



في وسط الفوضى، ظهرت مجموعة رجالة لابسين لبس غامق، ملامحهم حادة، وشايلين أجهزة غريبة. دول كانوا رجالة الطارق. خلاص وصلوا للي عايزينه. يوسف انكشف.

واحد من رجالة الطارق (بيتكلم في جهاز اتصال، بصوت بارد): "الموضوع اتأكد. الكيان بقى مكشوف بالكامل. قوة شمهرش متجسدة فيه من غير قيود. لازم نتحرك دلوقتي. الهدف: نقبض عليه، حي أو ميت."

بدأ رجالة الطارق يحاوطوا يوسف. رموا عليه أشعة طاقة غريبة كانت عايزة تقيد حركته. بس يوسف، اللي كان بيغذييه دلوقتي غضب صافي عشان ورطوا الأبرياء، مكنش هيسمح بده. قوة شمهرش تدفقت جواه بقوة رهيبة. مهاجمهمش بعنف، لأ ده استخدم طاقته عشان يعطل أجهزتهم، ويرميهم بعيد بضربات هوا مش باينة، وعشان يلعب في البيئة اللي حواليهم.

الأرض اتهزت تحت رجلي رجالة الطارق. أشعتهم حرفت عن مسارها. اتدفعوا لورا بقوة مش باينة، وبعضهم وقع مغمى عليه. اللي فضل منهم أدرك إن الكيان ده أقوى مما توقعوا. بوشوش شاحبة، انسحبوا بالراحة، سايبين وراهم الفوضى، ومثبتين هزيمتهم الأولى قدام قوة يوسف المتغيرة.



وقف يوسف للحظة، بياخد نفسه، وعينيه الفضي بتمسح المكان. شاف بسنت ولوثيبا واقفين على بعد أمتار قليلة، وشوشهم شاحبة من الصدمة والرعب، بس عيون بسنت كانت شايلة كمان خليط غريب من الدهشة والأسئلة.

اندفع يوسف ناحية بسنت. مكنش فيه وقت للشرح. مسك إيديها بقوة بس برفق.

يوسف (بصوت حاسم، وعينيه بتلمع): "مقدرش أسيبك هنا. شفتي كتير. هتبقي في خطر." وبعدين بص للوثيبا اللي كانت بتترعش: "اجري... إوعي ترجعي البيت."

وقبل ما بسنت تستوعب إيه اللي بيحصل، أو تنطق بأي كلمة، حست بالهوا بيخبط في وشها. انطلق يوسف بيها بسرعة تفوق سرعة الصوت، سايبين وراهم مدينة بنها المذهولة، والأنقاض المتناثرة، ورجالة الطارق المغلوبين. الهروب كان سريع ومفاجئ، كإنهم دابوا في الهوا.

موقفش يوسف غير بعد ما قطعوا مسافة كبيرة أوي، في مكان بعيد تماماً، شبه واحة سرية معزولة في قلب الصحرا الغربية المصرية. الواحة كانت حواليها تلال صخرية، وفي نصها نبع مياه نضيفة متجمعة حواليه كام نخلة. الجو كان هادي بشكل بسنت عمرها ما شافته قبل كده، وصوت الهوا هو الصوت الوحيد اللي بيكسر الصمت.

قعد يوسف على صخرة كبيرة، وشه باين عليه الإرهاق. بسنت كانت بتترعش جنبه، عينيها الكبيرة مبتبعدش عن منظره المتغير.

بسنت (بصوت بيترعش من الخوف والصدمة): "يوسف... إيه اللي بيحصل؟ إيه... إيه أنت؟"

بصلها يوسف. ملقاش كلمات يشرح بيها كل حاجة. كان عارف إنها في حالة صدمة، وإن حياتها اتقلبت رأساً على عقب بسببه. المعجبة البريئة بتاعته اتحولت لرفيقة له في هروب خطير. كان لازم دلوقتي يحميها، ويديها الهدوء المؤقت ده اللي كان بيتمناه لنفسه.



في مكان بعيد، في أوضة مراقبة متحصنة، حازم كان بيتفرج على الفيديوهات المنتشرة على الإنترنت. عينيه وسعت بصدمة لما شاف يوسف بقواه المتغيرة، والمشهد اللي بيظهر فيه وهو بيهزم رجالة الطارق وبعدين بيختفي مع بنت.

حازم (بيوشوش لنفسه، كإنه بيكلم شبح): "يا إلهي... حصل. الطارق مهزموش. ده هو اللي هزمهم! ومعاه شاهدة! محمود... الوضع خرج عن السيطرة تماماً دلوقتي."

وفي نفس اللحظة، في كهف أثري في جنوب فرنسا، حيث كان الدكتور محمود محاوط نفسه بمخطوطات ولفائف قديمة، حس بانفجار طاقي رهيب. الرموز على الحيطان نورت للحظة، ووقعت كام كتاب من على الرفوف. محمود اتنفض، وشه شاحب، أدرك إن يوسف أطلق العنان لقوته علناً، مش بس عشان يحميهم، لأ ده عشان يهزم أتباع الطارق كمان.

محمود (صرخ، كلماته بتردد في الكهف): "يوسف! كشف عن نفسه وهزمهم! بس خد بنت معاه! إنها بسنت! ده معناه إن الطارق هيطارده من غير رحمة دلوقتي، وهيستهدف البنت كمان! الوقت بيخلص! لازم ألاقي حل دلوقتي

عندي ليكوا خبر حلو السلسله التانيه كتبت فيها اربع اجزاء و الخبر الاحلي ان السلسله هتكون طويله و علشان توصل ليكوا السلسله الاولي كانت في رينج 20 الف كلمه و وقفت عند الجزء العاشر السلسله التانيه انا في الجزء الرابع و تخطيت 25 الف كلمه و هتفضل لحد الجزء ال 15 ف ممكن نبدء ننزلها من بدايه بعد بكرا ولا نصبر شويه علشان يكون فيه اشتياق و حماس كدا

الجزء العاشر و الاخير
دا اخر جزء في السلسله الاولي و علشان لقيت منكوا تشجيع خلصت السلسله التانيه و هبدء انزلها من النهارده بالليل او بكرا

طبعًا، تعالى نحول النص ده لعامية مصرية:

يوسف ساب إيد بسنت بالراحة. بسنت كانت بتترعش ونفسها بالعافية، عينيها الكبار مثبتة على شكله اللي بيتغير: شعره الدهبي-الأبيض اللي بينور خفيف، وعينيه الفضي اللي ما بقتش مستخبية. بصت حواليها، بتحاول تستوعب المكان الغريب اللي لقوا نفسهم فيه، وبعدين رجعت بصت ليوسف، والخوف مالي صوتها.

بسنت (صوتها بيرتعش وبالكاد مسموع): "يوسف... إيه اللي بيحصل؟ إيه... إيه أنت؟"

يوسف قعد على صخرة كبيرة، وشه باين عليه الإرهاق. بصلها، بيدور على كلام مناسب يقوله. ما لقاش كل الكلام. "أنا... معرفش أقولك إيه يا بسنت. اللي شفتيه ده... حتة مني. حتة بقت حقيقة من فترة."

بسنت (وعينيها مدمعة): "حتة منك إزاي؟ الناس دي... مين؟ إيه القوة دي؟ وليه جبتني هنا؟ أهلي... هيعملوا إيه؟"

يوسف اتنهد تنهيدة عميقة. "الناس دول اسمهم الطارق. بيطاردوني. والقوة دي... اسمها شمهرش. كيان قديم، دخل جوايا وغيرني." حاول يختصر على قد ما يقدر، ويسيب التفاصيل المرعبة لنفسه. "جبتك هنا عشان كنتي في خطر. هما شافوكي معايا، ومكنش ممكن أسيبك. دلوقتي الطارق هيطارد اللي شافوني، وأنتِ منهم."

الدموع اتجمعت في عين بسنت. "طب أهلي؟ هيفتكروا إيه؟ هيعملوا إيه؟ أنا... أنا خايفة يا يوسف."

يوسف بصلها بوش باين عليه الألم. "أنا عارف. أنا آسف يا بسنت. بس مكنش عندي حل تاني. أنا بوعدك هحميكي، وهحاول أرجعك أول ما أقدر." كان عارف إن الوعد ده ممكن يكون صعب، بس نيته كانت صادقة.



بداية استكشاف القدرات​

في الأيام اللي بعد كده في الواحة، وبسنت بتحاول تستوعب الوضع الجديد، يوسف بدأ يستكشف قدراته. في هدوء الصحرا، قوة شمهرش كانت بتتدفق جواه أوضح وأكثر استجابة. كان بيتدرب، بيختبر سرعته وقوته، وبيحاول يتحكم في الطاقة اللي بتطلع منه. شمهرش كان بيهمسله، مش بكلام، لكن بدفعات من المعرفة الغريزية، كأنه بيرشده عشان يستعيد قوته ويكتشف قدراتهم المشتركة.

بسنت كانت بتراقبه من بعيد، عينيها مليانة خوف ورهبة، بس كمان فضول. يوسف اتحول من طالب ثانوي لكيان أسطوري قدام عينيها، وهو دلوقتي مسئول عن حياتها. بدأت تفهم إن الهدوء اللي حواليهم في الواحة ده مجرد وهم، هدنة قصيرة قبل ما العاصفة الجاية تبدأ.



انتشار الأخبار والمطاردة​

في نفس الوقت، الأخبار كانت بتنتشر بسرعة البرق عن "الظاهرة الغامضة في بنها". الفيديوهات كانت واضحة، الكيان اللي شعره دهبي وعينيه فضي وهزم رجالة لابسين غامق واختفى مع بنت.

في مقر سري، الطارق كانوا مجتمعين. هزيمتهم في بنها كانت صدمة قوية لسمعتهم.

واحد من قادتهم (بصوت حازم): "الكيان أقوى مما توقعنا. ووجود الشاهدة معاه بيزود الأمر تعقيدًا. لازم نغير استراتيجيتنا. جهزوا فرق الاستطلاع المتقدمة. استخدموا أجهزة التتبع القديمة والحديثة. لازم نلاقيه هو والبنت. المرة دي، مش هيفلت."

المطاردة بقت شخصية، ومرتبطة بكرامة الطارق.



دكتور محمود ونقطة التوازن​

في كهف أثري في جنوب فرنسا، دكتور محمود كان في سباق يائس مع الزمن. جاتله مكالمة من حازم، وشاف الفيديوهات المنتشرة. جسمه اترعش لما شاف بسنت جنب يوسف.

محمود (بيهمهم لنفسه، وعينيه مركزة على مخطوطة قديمة): "بسنت... ليه هي؟ ده بيخلي الموضوع أخطر! لازم ألاقي الحل دلوقتي! قبل ما الطارق يوصلوله... أو قبل ما قوة شمهرش تلتهم يوسف بالكامل."

يوسف دلوقتي بقى مكشوف، مطارد في بلده، ومعاه رفيقة غير متوقعة بتزود الحمل عليه، لكنها ممكن تكون مرساة لإنسانيته. والصراع الكبير لسه ما بدأش.



الواحة الملاذ المؤقت​

في الأيام اللي بعد هروبهم المرعب من بنها، الواحة المعزولة اتحولت لملاذ مؤقت ليوسف وبسنت. هدوء المكان كان متناقض بشكل كبير مع العاصفة اللي دخلت حياتهم. بسنت، بمرور الوقت، بدأت تطلع من حالة الصدمة. خوفها الأول من يوسف بدأ يختفي ويحل محله فضول عميق ومزيج غريب من الرهبة والإعجاب. كانت بتراقبه وهو بيتحرك، بتشوف تحولاته السريعة، وبتسمع همساته المتقطعة عن عالم ما كانتش تعرف بوجوده.

"إيه اللي بيخلي شعرك يلمع كده؟" سألت بسنت في ليلة، ويوسف قاعد قصادها، وشعره الدهبي-الأبيض بينور خفيف في الضلمة.

يوسف اتنهد. "دي حتة من قوة شمهرش. بتظهر لما بستخدمها أو لما بكون متوتر." كان حاسس إن شمهرش ما بقاش مجرد كيان جواه، لكن بقى شريك، أو مرشد صامت بيدفعه ناحية فهم قدراتهم المشتركة. في عزلة الواحة، يوسف بدأ يتدرب. كان بيختبر سرعته وقوته، وبيحاول يتحكم في الطاقة اللي بتتدفق منه. مرة، حاول يحرك صخرة كبيرة بتركيزه، ونجح، الصخرة ارتفعت في الهوا وبعدين نزلت ببطء، وده أذهل بسنت.

"ده... ده زي الأبطال الخارقين في الأفلام!" بسنت قالت بانبهار، وبعدين قلقها بان عليها. "بس ده معناه إن اللي اسمهم الطارق دول أقوياء قوي عشان يطاردوك بالشكل ده."

"هما عندهم معرفة بالقوى دي من آلاف السنين،" يوسف رد. "مش بس بيطاردوني، بيحاولوا يسيطروا عليا أو يدمروني. لكن هنا... هنا أنا حاسس إن شمهرش بيقوى معايا، كأنه بيتغذى على الهدوء ده."



تصعيد المطاردة​

في المقابل، الطارق ما استسلموش. هزيمتهم في بنها كانت صفعة قوية لكرامتهم. في مقرهم السري، الغضب انتشر. "قدرات الكيان تفوق توقعاتنا. وتطوره سريع للغاية." قال أحد قادة الطارق، وشاشة عملاقة بتعرض صور مش واضحة ليوسف من الفيديوهات المتداولة. "والبنت معاه. دي نقطة ضعف أو فرصة."

الطارق بدأوا يفعلوا شبكة بحثهم الأكثر تطوراً. ما اعتمدوش بس على التكنولوجيا الحديثة، لكن استخدموا تقنيات تتبع قديمة، بتعتمد على الطاقة الكامنة في المواقع الأثرية و"همسات" العالم الآخر. أجهزتهم كانت بتتبع بصمة الطاقة الفريدة لشمهرش اللي سابها يوسف في بنها، وبتوجههم بالتدريج ناحية الصحرا.



سر المعبد ونقطة التوازن​

في كهفه الأثري في جنوب فرنسا، دكتور محمود كان وصل لنقطة اللا رجعة في بحثه. المخطوطات القديمة اللي كان بيدرسها بدأت تكشف عن أسرار مذهلة. لقى إشارات واضحة لـ"الكيان الدهبي" اللي بيظهر كل آلاف السنين، وإزاي مرتبط بالمضيف البشري. الأهم من كده، لقى إشارة لموقع قديم في مصر، وصفه بـ"نقطة التوازن"، مكان ممكن يكون له تأثير حاسم على كيان شمهرش، إما لاحتوائه أو لإطلاق العنان لقوته الكاملة بلا رجعة.

محمود صاح، حاطط إيده على خريطة قديمة كانت جزء من المخطوطة. "هنا! أنا لقيتهم! إنه معبد آتوناريس! يوسف، لازم أوصلك! أنت مش مجرد مضيف لشمهرش، أنت المفتاح لفتح أو إغلاق البوابات دي!"

مصير العوالم دلوقتي متعلق بيوسف وبسنت، جوه معبد قديم، وعلى اكتشاف دكتور محمود.



الهجوم المفاجئ​

بينما يوسف وبسنت كانوا بيلاقوا شوية راحة في هدوء الواحة، يوسف بدأ يحس بوجود غريب بيقرب. ما كانتش مجرد همسات المرة دي، لكن كان ضغط ملموس، كأن خيوط مش باينة بتضيق حوالين الواحة.

"إيه الصوت ده؟" بسنت سألت، وبان عليها القلق، وهي بتسمع صوت خفيف بيوضح، شبه زئير موتوسيكلات بعيدة.

يوسف اتجمد مكانه. بص للأفق، حيث التراب كان بيطلع ببطء. "الطارق. لقونا."

الهدنة خلصت. لازم يتحركوا تاني، لكن المرة دي، بسنت مش مجرد شاهدة، لكن رفيقة، وهي عارفة حجم الخطر اللي بيواجههم.



معركة الواحة​

في الواحة المعزولة، يوسف وبسنت مالقوش الهدوء اللي كانوا بيطلبوه. يوسف كان بيتدرب في صمت، بيسمع همسات شمهرش اللي بقت أوضح، بتشكل في دماغه أفكار عن التحكم في طاقة الأرض، تفتيت الأجسام الصلبة، وحتى الانزلاق عبر الفضاء. بسنت كانت بتراقبه، عينيها بتتسع بذهول مع كل قوة جديدة بتبان منه. خوفها الأول ما بقاش مسيطر، لكن اتحول لمزيج من الرهبة، والفضول، وشعور غريب بالمسئولية.

"حاسس إنهم قريبين... حاسس بيهم،" يوسف همس في ليلة، وشعره الدهبي-الأبيض بينور خفيف تحت ضوء قمر الصحرا. "ضغط غريب... مش زي المرة اللي فاتت."

يوسف لسه ما كملش جملته لحد ما الأرض اتهزت. دي ما كانتش مجرد عربيات. فجأة، الرمل انشق على أطراف الواحة، وطلعت منه مركبات سودا صامتة، مش زي عربيات الطرق، لكن شبه آلات عسكرية مستقبلية، وتصميمها فيه لمسات قديمة غريبة. أضواء كاشفة قوية كانت بتخترق الضلمة، وعشرات من عملاء الطارق، لابسين دروع خفيفة وأقنعة سودا، بيندفعوا ناحية الواحة.

المرة دي كانت مختلفة. هدفهم ما كانش القبض عليه بس. المركبات طلعت طلقات ضوئية مكثفة ناحية يوسف، مش قتالية، لكن مصممة لامتصاص الطاقة وشل الحركة. يوسف كان بيصدها بصعوبة، درع من الطاقة بيتكون حواليه، لكنه حس إن شمهرش بيتألم تحت الهجمات الجديدة دي.

وبينما يوسف كان بيصد الهجمات، شاف بسنت متجمدة مكانها، لازقة في الأرض من الرعب. فجأة، في لحظة ما توقعهاش، بسنت رمت صخرة صغيرة ناحية واحدة من المركبات المتقدمة. كانت حركة يائسة، لكن ما كانتش من غير معنى. الصخرة خبطت في حتة بارزة من المركبة، وطلعت صوت غريب، وبسنت لمحت وميض أزرق خفيف بيطلع من المركبة قبل ما ترجع تضرب نار.

"الأزرق!" بسنت صرخت، صوتها بيرتعش. "الجهاز اللي بيضرب نور، فيه وميض أزرق بيخرج منه لما بيتضرب! يمكن نقطة ضعفه!"

يوسف ما كانش عنده وقت يفكر. الكلمات كانت مجرد همسة من بنت خايفة، لكن حاجة في كلامها، أو يمكن في طاقة شمهرش اللي استجابت للملاحظة دي، خلته يفهم. يوسف ركز طاقته، مش للهجوم المباشر، لكن لاستهداف نقط الضعف دي في أجهزة الطارق. أطلق نبضات طاقة مركزة، بتصيب الأجهزة مباشرة. بعض المركبات بدأت تطلع أصوات طنين عالية قبل ما تتعطل.



تدخل غامض وبوابة قديمة​

في وسط الفوضى، وبينما يوسف كان بيستميت في الدفاع عن بسنت، ظهر شيء غير متوقع. ما كانش من الطارق. من ورا واحدة من التلال الصخرية البعيدة، ظهر وهج أخضر غامض، وبعدين انفجار صامت للطاقة. ما كانش انفجار مدمر، لكن كان شبه تموج في الهوا. يوسف لمح للحظة، بين ومضات طلقات الطارق، كيان ضخم، شبه ظل عملاق ليه قرون، بيختفي بنفس سرعة ظهوره. ما تدخلش بشكل مباشر، لكن وجوده خفف الضغط عن يوسف لثواني معدودة.

في اللحظات الغالية دي، يوسف حس باندفاع قوي من شمهرش، مش ناحية القتال، لكن ناحية الهروب. ما كانش بيدفعه ناحية جري سريع بس، لكن ناحية نتوء صخري غريب في قلب الواحة ما حدش لاحظه قبل كده.

"امسكي فيا كويس!" يوسف صرخ لبسنت.

يوسف ركز طاقته الهائلة على النتوء الصخري. اتكونت دوامة من الطاقة حواليه، وبعدين النتوء اتهز، وانشق على نفسه، كاشفًا عن فجوة بتلمع بضوء أزرق غامق، شبه بوابة لعالم تاني. دي كانت بوابة قديمة، مستخبية من آلاف السنين، وما كانتش هتتفتح إلا لطاقة شمهرش المطلقة.

يوسف وبسنت اندفعوا جوه البوابة المنورة، واختفوا تمامًا قبل ما عملاء الطارق يقدروا يوصلولهم. البوابة اتقفلت وراهم بنفس السرعة اللي اتفتحت بيها، وسابت الواحة في صمت تاني، ما عدا زئير مركبات الطارق المعطلة.



معبد آتوناريس الخفي​

يوسف وبسنت زحلقوا عبر البوابة، وحسوا بدوخة وارتفاع في درجة الحرارة. لما الأرض استقرت تحت رجليهم، لقوا نفسهم في مكان ضلمة، الهوا فيه تقيل بريحة التراب القديم والبخور. ما كانتش صحرا، لكن كانوا جوه معبد فرعوني قديم مدفون بالكامل تحت الرمل، ما حدش اكتشفه قبل كده. النقوش على الحيطان كانت سليمة بشكل مذهل، بتحكي قصص عن آلهة قديمة وكيانات من عوالم تانية.

بسنت كانت بتنهج، مكلبشة في يوسف. "إيه المكان ده؟ إحنا فين؟"

يوسف بص حواليه. حس بطاقة هائلة بتتغلغل في كل حجر من حجارة المعبد. حس بشمهرش بيهدا، كأنه رجع بيته. فجأة، وفي وسط صمت المعبد، يوسف ما شافش رؤيا، لكن سمع صوت خفيف، كأن المعبد نفسه بيهمسله. ما كانش صوت بشري، لكن همسة روحانية: "نقطة التوازن... هنا يكتمل... أو ينتهي."

على واحد من الحيطان، في مكان ما توقعوهوش، يوسف لقى نقش مختلف عن باقي النقوش. كان باين فيه كيان شبه شمهرش، لكنه مش لوحده. كان فيه رموز تانية، وكلمات هيروغليفية بتنور بشكل غريب، كأنها مستنية اللي يقراها.



دكتور محمود يكتشف السر​

في نفس الوقت، في كهفه الأثري في جنوب فرنسا، عينين دكتور محمود كانوا بيلمعوا بشدة. المخطوطة القديمة اللي كان بيدرسها بدأت تكشف عن نفسها بالكامل. اكتشف الموقع الدقيق لـ"نقطة التوازن" – مكان اسمه "معبد آتوناريس الخفي" – ولقى وصف دقيق لإزاي بيشتغل. لكن الأهم، لقى معلومات عن الطبيعة الحقيقية لشمهرش: مش كيان للفوضى بس، لكن حارس قديم للتوازن بين العوالم، والطريق لكيانات تانية، وإن الطارق مش عايزين يحتووه، لكن عايزين يستغلوه عشان يفتحوا بوابات بين العوالم ويحرروا قوى تانية كانوا بيطمعوا يسيطروا عليها.

محمود صاح، حاطط إيده على خريطة قديمة كانت جزء من المخطوطة. "هنا! أنا لقيتهم! إنه معبد آتوناريس! يوسف، لازم أوصلك! أنت مش مجرد مضيف لشمهرش، أنت المفتاح لفتح أو إغلاق البوابات دي!"

مصير العوالم دلوقتي متعلق بيوسف وبسنت، جوه معبد قديم، وعلى اكتشاف دكتور محمود.



الحقيقة الكاملة والمعركة النهائية​

مع دخول يوسف وبسنت لمعبد آتوناريس المدفون تحت الرمل، استقبلهم ضلمة أثرية ملفوفة بريحة البخور المتجمد عبر العصور. يوسف كان بيحس بقوة هائلة بتتغلغل في كل حجر، لكن النقوش على الحيطان كانت لغز ما بيفهموش. بسنت، رغم خوفها، كانت الأكثر انتباهًا. بصت على الحيطان بعينين واسعتين، وفجأة، صاحت:

"يوسف! بص هنا!" بسنت شورت على سلسلة من النقوش اللي بتنور بضوء أزرق خافت، يوسف ما شافهوش بالعين المجردة. "النقوش دي... بتنور! زي الوميض الأزرق اللي شفته في جهاز الطارق!"

يوسف قرب، وتركيز شمهرش جواه زاد. لما ركز بصره على الوميض الأزرق، ما شافش نقوش بس، لكن دخل دماغه صور ورؤى سريعة: كيانات قديمة، بوابات بين النجوم، صراع أزلي بين قوى عايزة تسيطر على الكون، وكيانات بتحرس التوازن. يوسف فهم إن شمهرش مش مجرد طاقة مدمرة، لكنه حارس قديم للتوازن بين العوالم، ومفتاح لبوابات مستخبية. وإن الطارق مش عايزين يحتووه، لكن عايزين يستغلوه عشان يفتحوا البوابات دي ويستدعوا قوى تانية عشان تخدم أهدافهم الشريرة. المعبد ده، "نقطة التوازن"، ما كانش مجرد مكان هروب، لكن كان محطة تحكم للبوابات دي، مكان شمهرش يقدر يقفل منه المسارات دي، مش يفتحها بس.

لسه يوسف وبسنت بيستوعبوا الاكتشاف الجديد لحد ما المعبد اتهز بعنف. صوت زئير مألوف. الطارق لقوهم. المرة دي، ما جوش في مركبات عادية. الرمل انشق فوق المعبد، وكشف عن سفينة فضائية ضخمة، تصميمها قديم وحديث في نفس الوقت، بيطلع منها ضوء أزرق خافت. نزل منها عشرات من عملاء الطارق، لكن المرة دي، قدامهم راجل لابس درع بيلمع، وشه متغطي بقناع معدني بارد، وهو شايل عصا بتنور بطاقة شريرة. ده كان قائدهم الأوحد، القائد الظل.

القائد الظل (صوت معدني عميق بيتردد في أرجاء المعبد): "الكيان الدهبي! أنت بطأت خططنا سنين! لكنك دلوقتي محاصر، في نقطة التوازن! هنا، هتفتحلنا الأبواب شئت أم أبيت!"

المعركة النهائية اشتعلت في قلب المعبد القديم. عملاء الطارق استخدموا أسلحة متطورة أكتر، بتطلع أشعة طاقة قوية، وبعضهم كان عنده دروع واقية صعب تتخترق. القائد الظل كان بيقاتل بقوة يوسف ما واجههاش قبل كده، عصاه بتطلع نبضات قادرة على امتصاص طاقة شمهرش.



لحظة الحقيقة وتدخل بسنت​

في وسط الفوضى، وبينما يوسف كان بيصارع عشان يدافع عن نفسه وبسنت، دوت صرخة من مدخل المعبد. ده كان دكتور محمود! وشه شاحب، بينهج، لكن عينيه بتلمع بعزيمة.

محمود (بيصرخ، صوته بالكاد مسموع فوق دوشة المعركة): "يوسف! ما تفتحش! ما تخليهمش يفتحوا! لازم تقفل البوابة! المعبد ده مش للفتح! ده للغلق! أنت نقطة التوازن! استخدم الطاقة عشان تقفلها، مش تفتحها!"

يوسف فهم. رؤاه، وكلام بسنت، وصرخات محمود كشفوا الحقيقة الكاملة. الهدف ما كانش القتال بس، لكن التصرف.

يوسف بص لبسنت، وبعدين للنقش المنور على الحيطة، وبعدين للقائد الظل اللي كان بيقرب منهم بخطوات واثقة. ما بقاش عنده خيار.

يوسف (صاح بصوت عالي، بيتردد صداه في المعبد): "شمهرش! اقفل!"

يوسف اندفع ناحية المذبح المركزي في قلب المعبد، اللي كان بينور بطاقة غامضة. القائد الظل فهم يوسف ناوي يعمل إيه، واندفع ناحيته بغضب.

القائد الظل: "لا! مش هنسيبك تقفل الطريق اللي استنيناه آلاف السنين!"

بسنت تدخلت بشكل غير متوقع. وبينما القائد الظل كان على وشك يوصل ليوسف، وطت بسرعة ومسكت حتة حجر صغيرة بتنور أزرق من الأرض. رمتها بكل قوتها ناحية القائد الظل، مش عشان تأذيه، لكن عشان تشتته. القطعة المنورة خبطت فيه، ودرعه طلع صوت حاد ووهج أخضر للحظة، وده ادى يوسف الثواني الغالية اللي كان محتاجها.

يوسف جمع كل قوة شمهرش جواه، طلع فوق المذبح. ما كانتش طاقة للهجوم، لكن طاقة للتوازن. أطلق العنان لوهج ضخم اكتسح المعبد، وشعره الدهبي-الأبيض اتحول لشلال من الضوء، وعينيه الفضي بقوا نجمتين منورين. صرخات عملاء الطارق اختلطت بصوت زئير المعبد وهو بيتفاعل مع الطاقة الهائلة.



النهاية وبداية جديدة​

في لحظة متفجرة، الطاقة اندفعت من يوسف ناحية المذبح المركزي، ومنه انتشرت عبر المعبد، عشان تغلف النقوش المنورة بالأزرق. الضوء الأزرق اتقفل ببطء، كأن بوابات ضخمة كانت بتتقفل في الفضا نفسه. سفينة الطارق الضخمة اللي فوق انكمشت، وأجهزتهم بدأت تتعطل بالكامل، وبعدين انفجرت بضربة صامتة، وعملاء الطارق وقعوا، بعضهم فاقد الوعي، وبعضهم بيتلوى من الألم.

وهج يوسف تلاشى بالتدريج، وسقط مجهدًا على ركبته فوق المذبح. بسنت كانت بتجري ناحيته، والدموع مالية عينيها. دكتور محمود وصلهم، بياخد نفسه بصعوبة.

محمود (بصوت مليان إعجاب وارتياح): "أنت عملتها يا يوسف! أنت رجعت التوازن! قفلت البوابة!"

يوسف بص لبسنت، وابتسامة خفيفة ظهرت على شفايفه، لكنها كانت مختلفة، فيها نضج وتعب مش عاديين. عينيه لسه فضي، وشعره مايل للدهبي، لكن الوهج الزيادة خف.

"أنت بخير يا يوسف؟" بسنت سألت، حاطة إيدها على كتفه.

يوسف (صوته أعمق شوية): "أنا بخير يا بسنت... شمهرش بقى حتة مني. حتة مستقرة. بس... فيه تمن. حسيت إنه بيطلب مني مهمة أكبر."

محمود بص للمخطوطات. "الطارق مش هيستسلموا. لكنك دلوقتي أقوى، وأكثر سيطرة. أنت مش مجرد كيان، أنت حارس، يوسف. ويمكن... فيه بوابات تانية، وأسرار أكبر مستنية تتكشف."

يوسف وبسنت ودكتور محمود خرجوا من المعبد المدفون، عشان يلاقوا نفسهم تحت سما الصحرا الواسعة. نجوم الليل كانت بتلمع بوضوح ما شافوهوش قبل كده. مطاردة الطارق خلصت للمرحلة دي، لكن مصير يوسف تحدد. ما بقاش مجرد طالب ثانوي مستخبي من قوى خارقة. بقى حارس التوازن، مفتاح العوالم، ومعاه بسنت اللي بقت رفيقته في الرحلة الجديدة دي، وفهمت إنها مش هترجع لحياتها العادية أبدًا.

الصحرا سادها الصمت، لكن العالم دلوقتي عرف بوجود "الكيان الدهبي". والطريق قدام يوسف، كحارس جديد، كان مجرد بداية لمغامرة أكبر مستنياه في قلب عالم ما كانش يعرف بوجوده. وهل يوسف هيكون حارس لعالم البشر بس؟ هنعرف كل ده في الجزء الجديد
 


أكتب ردك...
أعلى أسفل