
how to create a url for an image
تمهيد الرواية:
لم تُولد زكية وفي فمها ملعقة من ذهب، بل وُلدت في حارة ضيقة، في بيت قديم من الطوب الاخضر فى الريف وسط صراخ الأمهات وأنين الجدران.
كانت الحياة تخبرها منذ الصغر أنها ستُركل كثيرًا، تُهان أكثر، وتُنكر دومًا. لكن شيئًا داخلها، شيء لا يُروى، لا يُفسَّر، ظلّ حيًا… يرفض الانكسار.
شبَّت زكية وهي تعرف أن العالم لا يفتح ذراعيه للفقراء، وأن الكرامة وحدها لا تُطعم، ولا تُنقذ.
تعلمت أن تُخفي دمعتها، أن تبتسم عند الخذلان، أن تُملي صمتها بالحسابات الباردة.
وفي الليلة التي أُهينت فيها أمام سكان العمارة، لم تنكسر… بل وُلدت من جديد.
تلك الليلة لم تكن سقوطًا… كانت بداية صعود.
لم تحتاج زكية عشرات السنين كي تُصبح إمبراطورة.
كل ما احتاجته كان خذلانًا واحدًا حقيقيًا، ومعلمًا تخلى، وصفقة أغلقتها بحدسٍ قاتل، وخطوة شجاعة أطاحت بمن وثق بها.
ومن هنا… بدأت تكتب سطورها الأولى بدمٍ لا يجف، وقلبٍ لا يرحم.
لم يكن صعودها مفاجئًا كما ظنه البعض. كان كل وجعٍ عاشته لبنة في عرشها، وكل إهانة تلقتها طوبة في الطريق المؤدي إلى العظمة.
حين تخلى عنها "المعلم" وتركت خلفها سنوات الولاء والانتظار، سقطت في بئرٍ من الخذلان، لكنها لم تبكِ طويلًا… كانت تعرف أن البكاء لا يصنع سلاحًا.
عندما انضمت إلى "نادر"، رضيت بالدونية ظاهريًا، لكنها كانت ترسم خريطته في رأسها، وتحفظ أخطاءه، وتنتظر لحظة ضعفه.
وفي الليلة التي أزاحته فيها، لم ترتعش يدها. لم تكن لحظة انتقام… كانت لحظة إعلان: أن من ظنها ظلًّا، غابت عنه شمسها الحارقة.
سقطت كل الأقنعة، وخرجت زكية الجديدة من تحت جلدها القديم… لا تسعى للعدل، بل للسيطرة.
لم تصعد بسرعة… هي فقط لم تتوقف عن الصعود منذ لحظة الانكسار الأولى.
عاطف شاب فقير من الارياف وحيد والديه نشأ فى اسره فقيره ابوه مزارع لدى احد الاعيان وامه تعمل فى المنزل كان يساعد والده لم يدخل المدارس وبعد عدة سنوات ترك والده العمل فى الارض ليصبح بلا عمل جلب له احد الاصدقاء عمل كبواب فى احد العقارات تحسنت حالته عمل عاطف عدة اعمال صبى حلاق وميكانيكى وعامل نظافه وسواق توكتوك ليصبح شابا يافعا كان معتاد على سرقة اى شئ امامه يده طويله ومع كثرة المشاكل قرر والده تزويجه من زكيه فهى مثله غير متعلمه اهلها بسطاء والدها بواب ايضا كانت زكيه فارعة الطول كعادة اهل الريف ليس لديها اى تجارب غير في اعمال المنزل مثل والدها استطاع والد زكيه جلب عمل لعاطف مثلهم بواب فهو عمل يدر ربح كبير من اصحاب الشقق بعد قضاء فترة الزواج الاولى شهر العسل وبالفعل تسلم عاطف عمله وكان له مسكن فى العمارة عبارة عن غرفه صغيرة جدا استاءت زكيه فهى كانت فى بيت كبير وزريبة مواشى ما هذا المنزل اقنعها بالعمل لتنظيف الشقق لجلب المال لم يكون عاطف امينا واصل السرقة زكيه تغيرت بدلت ملابسها لملابس المدينه تزينت تعطرت تغيرت تماما
:
---
[المشهد التالي]
كانت زكيّة واقفة أمام المرآة الصغيرة المعلّقة على حائط الغرفة الضيقة، تحاول أن تُرتّب شعرها المُدلّى على كتفيها بطريقة رأتها في مسلسلٍ على التلفاز، وتُجرب للمرة الأولى أحمر الشفاه الذي اشترته من "بتوع الأرصفة".
عاطف، الذي كان يفترش الأرض ويتناول قطعة جبن قديمة وخبز يابس، نظر لها بنصف عين، ثم أطلق صفيرًا ساخرًا: – "إيه يا ست باريس؟ رايحة فين كده؟"
ردت وهي تعدل غطاء رأسها: – "رايحة أنضف شقة الست فوزية اللي في الدور الرابع... الست دي بتدفع كويس، بس بتحب اللي قدامها يكون شيك."
قهقه عاطف وهو يقول: – "خلي بالك بس يا شيخة ما تاخديش على الشياكة وتنسي إنك بنت بلد... مش كل لمعة حقيقية."
نظرت له نظرة طويلة، ثم مالت نحوه وقالت بصوت خافت فيه نبرة غامضة: – "وإنت؟ ما كل اللي حوالينا بيلمّع وبيسرق... مش كده؟"
تهرب عاطف من نظرتها وأخذ رشفة من كوباية الشاي وقال بنبرة دفاعية: – "أنا باخد حقي من الناس اللي بتاكل غيرها... وأنا مالي؟ لما ألاقي حاجة مرمية، ما أخدهاش ليه؟"
زكيّة لم ترد، بل خرجت من الغرفة بخطوات ثابتة، وعطرها يسبقها.
[المشهد التالي – داخل شقة "الست فوزية"]
زكيّة كانت تكنس الأرض حين خرج ابن الست فوزية، "مروان"، من غرفته. شاب في أوائل الثلاثينات، أنيق، يلبس بنطالًا رياضيًا ويضع سماعات في أذنه. توقف للحظة، نزع سماعة واحدة، ونظر إلى زكيّة وهي تمسح العرق عن جبينها.
– "إنتِ جديدة؟"
هزّت رأسها في خجل: – "أيوه يا بيه... أنا زكيّة، مراته لعاطف البواب."
ابتسم مروان ابتسامة غريبة وقال: – "واضح إنك مش زيه... شكلك أنضف بكتير."
احمرّ وجهها، وارتبكت في حركتها، وخرجت من الشقة بأسرع ما يمكن، ولكن شيئًا في تلك النظرة ظل يطاردها وهي تعود لغرفتها.
[المشهد التالي – ليلًا]
عاد عاطف ومعه كيس بلاستيك فيه قميص رجالي جديد: – "جبت القميص اللي طلبتيه... بس حذري لو قلتيلي ألبسه وأنا رايح أقابل ناس. ده للفرجة بس."
زكيّة نظرت له ثم قالت بصوت منخفض: – "إحنا محتاجين نلبس أحسن من كده. الناس بقت تبص علينا بقلّة احترام... ومرات الناس اللي بنخدم عندهم بقت تحكي عليّ وتضحك."
– "ما يهمكيش من الناس... المهم الفلوس."
هزّت رأسها، لكنها من الداخل، كانت تُفكّر في نظرة مروان، وفي ضيق الغرفة، وفي رائحة المجاري التي تخرج من الحمّام المشترك.
[المشهد التالي – شقة الست فوزية]
بعد ما خلّصت زكيّة تنظيف الشقة، كانت الست فوزية قاعدة على الكنبة، بتقلب في هدوم كانت ناوية تتبرّع بيها.
– "يا زكيّة، تعالى… شوفي الهدوم دي، باين عليكي نفسك تلبسي حاجة غير العباية المشقوقة دي. خديهم… دول بتوعي من أيام ما كنت أنزل النادي، بس كبروا عليا."
زكيّة خدت الهدوم بإيدين فيها رهبة وامتنان. بلوزة بيضاء من الحرير الصناعي، وبنطلون جينز، وفستان ناعم لونه نبيتي، وطرحة شيك فيها خيوط دهبي.
قالت الست فوزية وهي بتضحك: – "بس ب**** عليكي، لما تلبسيهم، ما تجيش تنظفي بيهم!"
ضحكت زكيّة ضحكة خفيفة، وشكرت الست فوزية وهي خارجة شايلة الكيس كأنه كنز.
[المشهد التالي – الغرفة]
كانت رنا، بنت الست فوزية، قاعدة على السرير، بتعمل ميكاب على تيك توك لما دخلت زكيّة.
– "يا رنا… تعالي شوفي الحاجات اللي مامتك ادهتهالي."
قامت رنا، فرِحة أكتر من زكيّة نفسها، وبدأت تفرد الهدوم واحدة واحدة: – "يا شيخة دي تحف! تعالي أجربلك مكياج بسيط، وشوفي نفسك هتبقي شبه الممثلات."
زكيّة، اللي عمرها ما لمست أحمر شفاه، ولا رسمت كحل على عينها، قعدت وسكتت… ورنا بدأت الشغل.
بعد عشر دقايق، وقفت زكيّة قدام المراية، ماعرفتش نفسها.
– "هو أنا دي؟! يا نهار أبيض…"
ضحكت رنا: – "آه إنتي… بس نضّفتِ وفتحتي وشك… المرة الجاية نعمل شعرك."
[المشهد التالي – سلالم العمارة]
نزلت زكيّة تودّي الزبالة، لابسة البنطلون الجينز والبلوزة، ومغطيه شعرها بطرحة خفيفة، والمكياج الخفيف باين في ضوء اللمبة الصفرا. قابلها مروان عند باب المصعد، اتفاجئ، وبص لها بصّة طويلة:
– "إيه ده؟ أنتي زكيّة؟"
ردّت وهي محروجة: – "أيوه… الست فوزية ادتني شوية حاجات…"
ابتسم مروان وقال: – "أنتي أحلى كده على فكرة… الوش الحلو ما يستخباش."
زكيّة نزلت بسرعة، وقلبها بيرقص… مش من الفرح بس، من خوفها من اللي بيحصل جواها.
حاجة بتتفتح جواها، حاجة كانت نايمة بقالها سنين.
الجزء الثاني
[المشهد – ليل، الغرفة الصغيرة في العمارة]
زكيّة قاعدة على السرير، لابسة جلابية خفيفة وبتفك الكحل من عنيها قدام مراية مشروخة. الباب بيتفتح، يدخل عاطف، ريحته طالعة من بعيد—خمرة، ومعاها نفس خشن، ووشه محمر وعيونه شبه مقلوبة.
قال وهو بيقفل الباب: – "إنتِ لسه صاحية؟"
ردت بحذر: – "كنت هنام… إنتَ كنت فين يا عاطف؟"
– "مع الواد شادي تحت… بنفك شوية…"
قرب منها، حاول يلمسها، بس هي بعدت بخوف: – "إنت شربان؟"
ضحك وهو بيتهته: – "ما تعمليش فيها وكيلة نيابة… دي كاس ولا اتنين يفكوا المسمار."
سكتت لحظة، وبعدها قالت: – "أنا مش متعودة على كده… وريحته بتخوفني…"
– "خلاص، روحي بيت أبوكي… لو مش عاجبك."
كلمته دي طعنتها، دموعها نزلت بس ما ردتش، استنّت لحد ما نام، وقررت تروح الصبح.
---
[المشهد التالي – بيت أهلها، الصبح]
زكيّة قاعدة في المطبخ مع أمها، عينيها وارمة، وبتحكي بحرقه.
– "يا مّه… عاطف بيشرب… وبيرجع ريحته كأنها مجاري… وأنا بخاف، و**** بخاف…"
أمها بتقشّر بطاطس، بدون ما تبص عليها، ردّت بهدوء المستسلم:
– "يا عبيطة… ما هو الراجل لازم يتبسط…"
– "بس دي خمرة يا مّه، حرام… وبعدين بيزعق ووشه بيتغير…"
رفعت أمها عينيها أخيرًا، وقالت بصوت حاسم: – "اسمعيني يا زكيّة… الست العاقلة هي اللي تبسط جوزها، مش اللي تقف له على الوحدة. انتي فاكرة إن الرجالة بيمشوا عدل؟! لأ يا بنتي… انتي اللي لازم تمشي عدل وتخلّيه يحب البيت."
سكتت زكيّة، دموعها وقعت على صباعها وهي بتقشر معاها بطاطس…
هي عارفة إن الكلام ده مش مريحها…
بس مش قادرة ترد.
[المشهد – شقة الشباب الجديدة، قبل وصولهم بيوم – بعد الظهر]
عاطف واقف قدام زكيّة، في إيده مفتاح، وصوته عالي شوية:
عاطف (بعصبية):
"إيه يعني؟! شقة فاضية، والشباب لسه جايين بكرة! هتنضفيها وتروقيها وخلاص… إيه دخلهم في الموضوع؟"
زكيّة (بتوتر):
"بس دول شباب لوحدهم… وأنا ست… عيب يا عاطف، الناس حتقول إيه؟!"
عاطف (بيضحك باستهزاء):
"هو إنتي بقيتي من الحارة الوسطانية ولا إيه؟! المفتاح معايا، وأنا واقف على الباب، ونضفي وانجزي."
زكيّة (مترددة، صوتها واطي):
"ماشي… بس مش مرتاحة يا عاطف…"
[المشهد ينتقل ليلًا – الغرفة الصغيرة]
زكيّة قاعدة على طرف السرير، بتكوي هدوم عاطف، وريحة الأكل لسه في الجو. يدخل عاطف، ريحته فايحة خمرة، وفي إيده إزازة.
زكيّة (برعب):
"إنت شربت تاني؟!"
عاطف (وهو بيقفل الباب برجله):
"إيوه… وجاي أشرب معاكي… الليلة دي مش زي أي ليلة!"
زكيّة (واقفة فجأة، بتحاول تبعد):
"لأ يا عاطف، بلاش… أنا قلتلك بلاش الكلام ده معايا…"
عاطف (وهو بيشدها بعنف):
"كده؟! خلاص، لازم أعلّمك إزاي الست تراضي جوزها!"
يضربها على خدها صفعة قوية، تقع على الأرض.
زكيّة (بدموع وارتعاش):
"حرام عليك… أنا مراتك…"
يمسك الإزازة، يفتحها، ويقربها من بوقها وهي بتقاوم. بس هو أقوى. يضغط، وهي تبكي وتقاوم، لكن في الآخر بتستسلم.
تشرب أول جرعة، وتكح… ثم تاني، وتدوخ…
الكاميرا (لو تخيلناها مشهد بصري) تزوغ، صوتها يضعف، تبدأ تشوف الدنيا بتموّج…
[المشهد التالي – بعد ساعات، فجرًا]
زكيّة نايمة على السرير، هدومها مبهدلة، مكياجها سايح، جنبها الإزازة، ونور ضعيف داخل من الشباك.
تفتح عينيها بتعب…
تحاول تفتكر إيه اللي حصل، بس دماغها تقيلة…
تحس بقرف، وتحس إنها مش نفسها.
تمد إيدها تلمس وشّها، ثم تبكي…
تبكي بوجع، مش بس من الضرب، لكن من أول خيانة حقيقية لنفسها.
اليوم التالي – بعد الظهر – داخل العمارة]
زكيّة طالعة من شقة الشباب، العرق مغرق جبهتها، شعرها مربوط بكُركية، والكنس والمسح خلّوا ضهرها يوجعها.
بتلمّ أدوات التنظيف وهي بتقفل الباب، تلمح شاب منهم واقف في البلكونة بيبص عليها وبيصفّر بخفوت.
الشاب (بنبرة إعجاب ساخر):
"دي البيبي ستر بتاعتنا؟ ولا الشغّالة اللى طلعت لنا فجأة؟"
شاب تاني (من جوه):
"بس برافو عالريحة، ريحة ليمون وفلّ، مش ناقص غير ننام!"
زكيّة (بهدوء مجروح، بتكمل الشغل كأنها مسمعتش حاجة)…
بس في عيونها دمعة مكبوتة، وإحساس بالذلّ ما بيتوصفش.
---
[ليلًا – نفس الغرفة الصغيرة]
عاطف داخل، إيده فيها نفس الإزازة، نفس الطقوس.
زكيّة (بصوت خافت):
"يعني لازم كل ليلة؟!"
عاطف (بهدوء مخيف):
"الليلة دي إنتي اللي حتفتحي الإزازة… عشان متقعديش تعمليلي تمثيليات."
زكيّة (تتردد، ثم ببطء، تمد إيدها تاخد الإزازة)…
تفتحها… تشرب رشفة.
عاطف (بضحكة خبيثة):
"شايفة؟ بقت بتعرف تتصرف لوحدها… الست اتعقّلت!"
زكيّة مش بترد. بتشرب تاني، أسرع المرة دي، بس وشّها مش مرتاح.
هي بتشرب عشان متتضربش…
عشان تعدّي الليلة…
---
[مرور أيام – مونتاج سريع لمشاهد متكررة]
زكيّة بتمسح الشقة… الشباب بيبصولها ويضحكوا…
زكيّة تلبس هدوم ضيّقة كانت فوزية جارتها مدتهالها…
الإزازة تفتح… هي اللي تمد إيدها أول…
صوت ضحكها الخافت وهو بيقول لها "خلاص، بقت عشرة خمرة!"
---
[لقطة هادئة – آخر الليل – زكيّة قاعدة لوحدها، وعاطف نايم]
الهدوء غريب… وشّها باهت…
تبص في المراية الصغيرة… تحط صباعها على شفايفها وتحاول تبتسم…
بس مش قادرة…
تحس إن اللي بتشوفه مش هي…
"أنا إزاي وصلت لكده؟"
الجزء الثالث
[صباح جديد – داخل شقة الشباب – الساعة 9 صباحًا]
زكيّة دخلت بمفتاح عاطف، نفس الجدول، نفس التعب.
لكن الشقة النهارده… ريحتها مختلفة.
ريحة سجاير تقيلة… بخور رخيص… خمرة بايتة… وأصوات مكسّرة من الليلة اللي فاتت.
الكاسات متبهدلة، الكنبة مقلوبة، والإزازة لسه موجودة، فاضل فيها حاجة بسيطة.
زكيّة تبص حواليها… تتنهّد، تمسك الإزازة…
زكيّة (بهمس):
"يعني لو شربت شوية، حيجرى إيه؟"
ترجع تبص للباب…
الدنيا لسه ساكنة…
تاخد رشفة، ثم تانية، ومسّاحة الأرضية تتحرّك معاها.
---
[دقائق بعد كده – وهي بتنضّف]
صوت باب غرفة بيتفتح فجأة.
شاب منهم، شعره منكوش، لابس بنص كم، يخرج وهو بيتمطّى.
الشاب (يتفاجأ):
"إنتي؟!"
زكيّة بتتجمد، الإزازة في إيدها لسه.
هو (يشم):
"ياااه… إنتي ضربتي من ورانا؟!" (يضحك)
زكيّة (مرتبكة، بتخبّي الإزازة):
"كنت… كنت بنضّف بس…"
هو (يقرّب، يضحك):
"لا لا لا… واضح إنك كنتي بتفكري تفضي الإزازة كلها!"
يبص لها بنظرة مش عادية…
نظرة فيها إعجاب، بس مش بريء…
يقرب أكتر…
هو (بصوت ناعم):
"طب طالما انتي فرفوشة كده… تعالي نقعد شوية."
زكيّة مترددة…
لكن دماغها دايخة، ورجلها مش قادرة تشيلها…
وهو يقرب أكتر، يشد إيدها، وهي تستسلم بدون صوت…
---
[لقطة ثابتة – كأن الزمن وقف]
الكاميرا تبص على الكنبة…
الإزازة مقلوبة على الأرض…
ووش زكيّة مغطى بشعرها…
مشهد خرس…
مفيش كلمة، مفيش صوت…
بس في حاجة ماتت جواها خلاص.
[داخل غرفة البوّاب – صباح باهت]
الساعة قربت 10، الشمس داخلة من شباك صغير…
الهدوء خانق…
وزكيّة قاعدة على طرف السرير، شعرها منكوش، عينها حمرا…
وفي إيدها، نفس الإزازة…
بقت زي فرشة سنان… حاجة بتبدأ بيها اليوم.
زكيّة (بصوت داخلي):
"أنا ماكنتش كده…
أنا كنت واحدة بتغسل المواشي… بتعجن عيش…
كنت بكره ريحة السجاير…
دلوقتي بقيت بخلّي ريحتها في هدومي عادي."
تبتسم بسخرية وهي تبص في الإزازة:
"عاطف قاللي أول مرة: هتشربي يعني هتشربي…
كنت بعيّط…
دلوقتي؟ أنا اللي بطلبها…"
تقوم، تروح تغسل وشّها، تبص لنفسها في المراية:
زكيّة (بمرارة):
"أنا بقيت شبه الست فوزية…
بس مش في العِزّ…
في التوهان…"
---
[فلاش باك سريع – مشاهد قصيرة بدون حوار]
عاطف بيزعق وهو ماسك الإزازة، بيجبرها تشرب.
زكيّة بتشرب وهي بتعيّط.
بعد كام ليلة، هي اللي بتفتح الإزازة وتصب.
بتضحك بصوت عالي في الشقة، وهي بتمسح الأرضية بإيد، وتسكب الخمرة في الإزازة التانية بالتانية.
بتنظّف شقة الشباب وهي ماسكة الإزازة في جيب العباية.
---
[رجوع للزمن الحاضر – داخل الشقة]
زكيّة بتخلص لبسها…
وتبص للباب:
"عارفة إنهم جوّا…
عارفة هيقولولي اقعدي…
بس أنا مش ناوية أقول لأ…
مش عشان عاجبني…
بس عشان بقيت مش فارقة."
تفتح الباب، تدخل…
والمشهد ينتهي بنظرة مكسورة منها، وهي تقفل الباب وراها.
المشهد: بعد مرور شهر – شقة الشباب – مساء
المكان مقلوب… دخان… موسيقى شعبية ووشوش ضحك عالية…
زكيّة قاعدة في نص القعدة، لابسة حاجة مش من هدومها… لا… دي من هدوم "رنا بنت الست فوزية" القديمة، اللي خبتها.
شعرها مرفوع، خدودها محمرة، والروج رخيص بس واضح…
وبإيدها كوباية ويسكي متخفية في كباية شاي.
واحد من الشباب بيرمي نكتة سخيفة، يضحكوا، وزكيّة تضحك مجاملة.
تقرب من واحد فيهم، تهمسله:
زكيّة:
"بس يا أحمد… زي ما اتفقنا… الليلة دي بميتين، غير التنضيف."
يضحك:
أحمد:
"ماشي يا ست البنات… بس هتقسمي الفلوس مع عاطف زي العادة؟"
زكيّة:
(تضحك بخبث)
"عاطف فاكرني لسه بنضف بس… وبديله اللي يرضيه.
الباقي؟… للي بيشرب مع الكبار."
---
المشهد التالي – غرفة البوّاب – منتصف الليل
عاطف داخل يتمايل من السكر، يفتح درج الكومود، تلاقي فيه فلوس قليلة.
عاطف:
"شيلتي كام النهاردة يا زكية؟"
زكيّة:
(ترمي عليه ورقتين بـ50)
"كفاية علينا… رزقنا بالحلال."
عاطف:
"ماشي… إنتي ست جدعة، وبصراحة… بقيتي أنضف من الأول!"
يضربها على كتفها، يضحك ويدخل ينام.
زكيّة تبص على ظهره، وتدخل الدولاب، تطلع ظرف فيه ورق أخضر ملفوف بإستيك…
تبص له، وتهمس:
زكيّة (بصوت داخلي):
"الحلال؟
من يومك ما فتحت الباب للخمرة… الحلال مات… وأنا كمان."
الجزء الرابع
المشهد: شقة الشباب – العصر
الدخان تقيل… صوت دندنات موبايل…
زكيّة بتنضف وهي بتعرق، ماسكة فوطة بتتمسّح بيها.
أحمد (واحد من الشباب – شاب لحوح):
"إنتي جيتي بدري النهاردة… بس في مصيبة!"
زكيّة:
(بتنفض الشرشف)
"مصيبة إيه يا سي أحمد؟"
أحمد:
"الواد اللي بيجيب الحاجات اتأخر… والناس جاية كمان ساعة!
الليلة دي فيها حباية للكل… وإنتي فاهمة!"
زكيّة:
(تتجهم)
"يعني أنا أعمل إيه؟"
أحمد:
"المعلم معروف… اسمه متخزن عند عاطف… روحي له خليه يقولك تروحي لمين!"
---
المشهد: غرفة البوّاب – بعد دقائق
زكيّة واقفة على باب الأوضة، مضطربة…
عاطف بيشرب من كوباية باينة إنها "مش شاي".
زكيّة:
"فيه واحد من العيال فوق… بيقول فيش مخدرات والليلة كبيرة.
قال لي أروح للمعلم…"
عاطف:
(يبص لها ببرود)
"وأنا مالي؟"
زكيّة:
"ما هو بيقول الرقم عندك… وأنا معرفش أوصّل إزاي…"
عاطف:
(بتنهيدة وبصوت غليظ)
"روحي… إنتي كبرتي خلاص.
اللي بيشرب ويضحك معاهم… يجيب لهم اللي عايزينه.
روحي… وقولي له جايّة من طرف عاطف… وهو حيفهم."
زكيّة:
(بتتراجع خطوة، وهي حاسة إن فيه حاجة جوّاها بتتكسر)
"يعني… أنا اللي أروح؟"
عاطف:
"آه…
وما تتأخريش… مش عايز فضايح!"
---
المشهد التالي – الشارع الجانبي – المغرب
زكيّة ماشية لوحدها، لابسة طرحة مستعجلة، شايلة كيس فيه شوية فُرشة تنظيف، بس باين عليها التوتر…
كل خطوة بتفكرها إنها مش "زكيّة" اللي كانت من شهور بتغسل المواشي في الزريبة…
دي واحدة تانية.
توقف قدام محل صغير مضلم…
تدخل… يطلع صوت من الداخل:
المعلم:
"منو؟"
زكيّة (بصوت واطي):
"من طرف عاطف… قال لي تجيب الحاجة اللي اتأخرت."
المشهد: داخل "الوكر" – مغرب يوم غائم
الإضاءة خافتة…
ريحة بخور مغشوش وسجائر تقيلة ماليه المكان…
زكيّة واقفة متخشّبة قدام المعلم – راجل في آخر الأربعينات، ضخم، عينه باردة وصوته ناعم بشكل مريب.
المعلم:
(ينفخ دخان من السيجارة)
"تعالى… اقعدي يا ست الكل."
زكيّة:
(بخوف وتردّد)
"أنا جاية من طرف عاطف… قال لي آخد الحاجة وبس."
المعلم:
(يبتسم ابتسامة عريضة فيها خبث)
"واللي ييجي من طرف عاطف… ده يبقى ضيفي.
وإحنا هنا… الضيف ليه واجب."
(يمد لها سيجارة ملفوفة بعناية، باين من ريحتها إنها مش سجائر عادية)
زكيّة:
(تتراجع خطوة وتهز رأسها)
"لا معلش… أنا بس آخد الحاجة وأمشي.
خلي الواجب فلوس…"
المعلم:
(بنبرة هادية لكن تقيلة كالرصاص)
"اللي يقول كده يبقى مش قدّ المكان.
المعلم ميتقالوش لأ…
والسيجارة دي… واجب.
دي حتى أول مرة… ومش حتكون الأخيرة."
(ينهض ويمشي ناحية الباب ويقفله بالمفتاح)
زكيّة:
(تحاول تضحك بصوت مكسور)
"بس أنا… ما بعرفش أشرب…"
المعلم:
(يقف قدامها، ويناولها السيجارة)
"كله بيتعلم… واللي عايز يفضل يشتغل معانا… لازم يبدأ من هنا."
(زكيّة تبص للسيجارة، ثم تبص حوالينها… الصمت خانق، وقلبها بيخبط في صدرها، بس فيه حاجة جواها استسلمت)
زكيّة (بصوت واطي شبه مكسور):
"طيب… واجب."
(تاخد السيجارة بإيد بتترعش… وتحطها على شفايفها… المعلم يولعها ليها بنفسه)
إضاءة خافتة… صوت شهقة أول نفس… ثم كتمة…
عين زكيّة بتبدأ تدمع… بس الملامح بتتلين… مش ضعف، بل استسلام.
---
نهاية المشهد
هنا، زكيّة خطت أول خطوة حقيقية في طريق اللاعودة… ما بقاش الموضوع مجرد "سُكر مع عاطف"، دي دخلت دايرة أوسع فيها رجال بيسيطروا على الموقف، وواجبات مفروضة، و"سيطرة" بتتحول لمخدر.
المشهد: سلم العمارة – الليل
زكيّة طالعـة من وكر المعلم…
الوش مورّد، الضحكة طالعة من غير سبب، رجليها مش شايلة جسمها لكن دماغها طايرة في السحاب.
إيدها فيها كيس صغير فيه "الحاجة" للشباب، وشعرها مفكوك، والعين فيها بريق مش متعودين عليه.
الموسيقى في دماغها شغالة…
بتغني لنفسها وهي طالعة، وبتضحك ضحكة فاضية بس باينة فيها النشوة.
تدخل شقة الشباب…
ثلاثة قاعدين بيضحكوا وبيشربوا…
زكيّة:
(تفتح الباب وتدخل وهي بتتمايل)
"مساء المزاج العالي… اللي طالب حاجته… اهيه جايّة مع المزاج."
شباب:
(يصفقوا ويهللوا وهم مندهشين من حالتها)
"إيه ده يا طنط زوزو! دي مش انتِ خالص!"
زكيّة:
(ترمي الكيس على الترابيزة، وتمسك إزازة وتفتحها)
"اللي ما يشربشي… ما يعرفشي."
(تشرب من الإزازة وهي ترقص وسطهم… والكل بيتفرج في صدمة ممزوجة بالإعجاب… وحدة كانت خدامة بتنضف، بقت جزء من اللعبة)
---
بعد ساعة – عند باب شقتها
زكيّة نازلة تترنح على السلم، وشها فيه نشوة غريبة…
أول ما توصل تحت… تلاقي عاطف واقف مستنيها.
عاطف:
(يبص لها من فوق لتحت، بعين خبير)
"هو ده الوش اللي يرجع بيه حد من عند المعلم؟"
زكيّة:
(تضحك بصوت عالي وهي بتقرب منه)
"كان كريم… وقاللي اللي يشربها مرة… مايبطلهاش."
عاطف:
(يمسك دراعها ويسحبها ناحيته)
"إنتِ شربتي؟!
ده انتِ كنتي بتعيطي وأنا أقولك خدي رشفه… دلوقتي راجعة بترقصي!"
زكيّة:
(تفلت منه وتبعد شوية، بعيون زغلانة)
"أنا خلاص… فهمت اللعبة.
أنت كنت بتكسرني… بس دلوقتي أنا بقيت أعرف أتبسط.
ولو عايز حاجة… تعالى فوق، الحفلة ما خلصتش."
عاطف (يكتشف لأول مرة إنه فقد السيطرة):
(بصوت مبحوح)
"زكيّة… إنتِ بتبعدي عني؟
مين دخّلك الوكر ده؟!
هو المعلم؟
هو شافك إزاي؟!"
زكيّة:
(تضحك بصوت عالي، وتوشوشه بصوت مغري)
"هو شافني بعيونه… لكن أنا اللي قررت أشوف نفسي…
أشوفني بعيون تانية غيرك يا عاطف."
(تسيبه واقف مذهول، وتطلع السلم وهي بترقص وتغني)
---
نهاية المشهد
ده أول مرة عاطف يحس إنه فقد السيطرة على زكية…
وأول مرة زكية تحس إنها مش مجرد تابع… بل بدأت تتحوّل إلى نسخة مختلفة من نفسها، رغم الانهيار اللي جواها.
المشهد: مدخل العمارة – صباح متأخر
الشمس طالعة، والدنيا حر، وزكية نازلة من فوق بـجلابية مش متزبطة، شعرها منكوش، والروج لسه باقي حوالين شفايفها من الليلة اللي فاتت.
عيونها منفوخة، والخطوة مش متزنة.
نازلة تضحك… وتغني بصوت واطي:
"أنا اللي اخترت الطريق…"
الصدمة كانت تحت، عند المدخل…
الشيخ ناجي واقف، ومعاه الست فوزية، وتلات جيران…
الشيخ ناجي (يُسند عصاه، ويتأملها في حزن):
"استغفر **** العظيم…
زكيّة؟
ده أنتِ كنتِ من كام شهر بتبكي عالستر… دلوقتي بقيتي فضيحة ماشية!"
زكية (بتتلخبط وتشوفه):
"ياااه شيخ ناجي…
يعني إيه… يعني انتَ واقفلي؟"
الست فوزية (بنظرة قاسية):
"يا بنتي ده انتي كنتي بتسجدي *** هنا في الشقة…
إيه اللي وصلك للريحة دي؟!
إيه اللي خلاكي تغرقي في الوحل ده؟"
جارتها أم منى:
"أنا بنتي شافتك من الشباك وانتي بترقصي فوق وسط الولاد!
إحنا سكتنا كتير… لكن دي مش عمارة دعارة!"
زكيّة (تتوتر وتحاول تهرب):
"أنا ماليش دعوة، دي حفلاتهم… أنا بنضف…"
الشيخ ناجي (بحدة):
"وانتي بتتنضفي ليه من غير هدوم؟
ولا بتشربي الخمر عشان المعاشيّة؟
احنا بلغنا الحي والشرطة… واللي زي عاطف مش هيكمل هنا ساعة."
فوزية (تدمع عينيها وهي
تبص فيها):
"كنتِ جوهرة مكسورة… أنا حاولت ألمّك.
بس انتِ مشيتي برجليك للهاوية.
اطلعي حوّشي حاجتك… انتِ وهو لازم تسيبوا العمارة النهارده قبل ما يحصل مصيبة أكبر."
---
المشهد التالي: في شقة زكية وعاطف
زكية داخلة تبكي وتصرخ، وعاطف قاعد على الكنبة، بيشرب.
زكيّة:
"اتفضحنا!
الشيخ ناجي والحي… والست فوزية قالتلي اطلعي لمّي حاجتك!"
عاطف (ينفث دخان السيجارة، ويضحك):
"خليهم ينبحوا… اللي عاشوا بوشين، ما يقدروش يحاكمونا.
إحنا هنتنقل مكان تاني… ونعرف نعيش."
زكيّة (بصوت منكسر):
"أنا خسرت كل حاجة يا عاطف… حتى نفسي.
المعلم… امى… الشرب… ده مش أنا!"
عاطف (يقوم يقرب منها ويمسك وشها):
"بس بقيتي حاجة أحسن… بقيتي بتعرفي تلعبي…
وأنا علمتك."
الجزء الخامس
—
الفصل الجديد: "خدمة جديدة"
المشهد: مغبشة جوه قهوة صغيرة في حواري شبرا
الدخان مالي الجو، والمعلم قاعد وراه رجاله، وفي إيده سبحة سودة.
زكية داخلة… شعرها مربوط، بس وشها مش متغطي… وعينيها فيها حاجة جديدة:
جرأة… وندم مطحون.
المعلم (يبص لها وهو بيشرب):
"أهو دي اللي بتفهم… الست اللي بتعرف تنجز وتسكت.
قوليلي يا زوزو، الناس كانوا مبسوطين؟"
زكية (بنبرة مهنية):
"أيوه، كله وصل، والفلوس رجعت معايا… بالملّي."
المعلم (يضحك ويقرب منها):
"يبقى شغالة معايا من النهاردة.
أنا عاوزك توصّلي حاجات صغيرة كده لناس معينين…
تروحي، تسلمي، تاخدي الفلوس، وترجعي. بسيطة."
زكية (تبص في الأرض):
"بس أنا ست… ومش باخرج كتير… يعني الناس مش حتشك؟"
المعلم:
"بالعكس… دي ميزتك!
الناس مش هتشُك أبدًا في واحدة زيّك…
وعشان ترتاحي… جوزك هيشتغل معانا كمان."
---
المشهد التالي: في شقة زكية وعاطف
زكية (بحذر):
"المعلم عاوزك تشتغل معاه… تبقى بتلم منه البضاعة، وأنا أوزعها."
عاطف (بعين طماعة):
"وأنا مالي؟ أنا مش بنزل مشاوير، خليه يبعتلك حاجته وانتي تروحي."
زكية (تغمض عنيها):
"قاللي اللي مش هيمشي بالنظام… هيتقطع رزقه.
خلي بالك، ده راجل مابيتهزرش."
عاطف (يفكر لحظة، ثم يضحك):
"يبقى نكمل السكة سوا يا زوزو…
بس المرّة دي، نلعبها صح… نكسب جامد."
---
الفصل يُختتم بمشهد صامت:
زكية ماشية في الشارع… شنطة في إيدها، وطرحة على شعرها…
بس جواها في زوبعة مش بتسكت.
الست اللي كانت بتخاف من كلام الناس، بقت ماشية بين العمارات وعيونها مش بتتحرك.
المشهد الأول: "المشوار الأول" – زكية
النهار مشمس، لكن قلبها تقيل.
زكية واقفة قدام عمارة فخمة في شارع المهندسين…
لابسة عباية سودة فوق جينز مش باين، شال ملون وشنطة جلد مقلّمة.
إيدها بتترعش، لكن ريقها ناشف مش من الخوف… من الترقب.
الباب اتفتح…
شاب في الثلاثينات، لابس تيشيرت ضيق، وسلسلة دهب، وشعره معمول جِل، يبص لها بابتسامة فاجرة:
"إنتِ زوزو؟"
هزت راسها.
دخلتها إيده جوه كأنهم أصحاب من زمان…
"تعالي… كنت مستنيك."
طلعت معاه.
البيت كله ريحة بخور ممزوجة بحاجة تانية…
الخمر؟
ولا حاجة أقوى؟
"اقعدي… تشربي إيه؟"
"لا، أنا بس جاي أسلّم الحاجة."
"آه… بس المعلم ما قالش إنك ددممّك خفيف كده!"
يقرب منها… وهي ما بتتحركش… بتفتكر كلام المعلم:
"خليكي لينة… الناس دي بتحب التعامل السهل… بس خدي بالك من جسمك، عشان ده أغلى من البضاعة."
ابتسمت… بس الابتسامة كان فيها سُكر من نوع تاني.
"هات فلوسك… وأنا هسلّمك الحاجة."
وهو بيعدّ، قرب منها…
وفي لحظة… كانت زكية في حضنه.
مش زي المرة اللي فاتت، مش غصب…
المرّة دي كانت هي اللي طاوعت.
---
المشهد الثاني: "الرجل في الشارع" – عاطف
نفس اللحظة…
عاطف واقف في نص شارع ضيق، وسط عربيات راكنة وتكاتك بتعدي.
لابس تريننج قديم، وفي إيده كيس أسود… جوّاه أكياس صغيرة.
زبون يقرّب:
"فين الحاجة؟"
عاطف (بصوت واطي):
"هيه… عشرة في عشرة."
بياخد الفلوس، يحط الكيس في جيب الزبون…
يبص حواليه… محدش واخد باله.
يحس إن قلبه بيضرب بسرعة…
لكن فيه نشوة غريبة…
حاسس إنه أخيرًا "شخص مهم"، عنده سلعة مطلوبة.
يبتسم…
ويقول لنفسه:
"أنا بقت ليّا لازمة… بقيت راجل من تاني."
---
المشهد الثالث: "نهاية اليوم"
زكية نازلة من العمارة…
شعرها مفكوك تحت الشال، ووشها فيه آثار أحمر خدود ممسوح.
في شنطتها فلوس أكتر من أي يوم فات.
بس في قلبها… فيه فراغ بيكبر.
وفي الوقت ده بالضبط…
عاطف قاعد على الرصيف، بيعد فلوسه.
بيرفع راسه… يشوفها جاية من بعيد.
تبتسم له… ابتسامة واسعة…
وهو يردّ بابتسامة أوسع… مش عارف الحقيقة.
لكن القارئ عارف.
الليل نازل، والمعلم قاعد في مكتبه جوه القهوة اللي وراها مخزن.
وشه غرقان في الدخان، وإيده بتقلّب في رزنامة قديمة محطوطة جنب شنطة جلد فيها الفلوس.
الباب خبط.
"ادخلي."
زكية دخلت، لبسها لسه نفس العباءة، بس جسمها ما بقاش بيخاف…
الخطوات بقت ثابتة، والنظرة فيها حياة جديدة…
مستعارة، بس قوية.
المعلم يرمقها من فوق لتحت:
"انتي كنتي فين امبارح؟ الزبون اللي في الدقي بعتلي واحد مخصوص يقوللي:
(خليها تيجي تاني، دي بتنسي الواحد اسمه)."
زكية تبتسم بخفة: "ما هو الناس دمهم خفيف يا معلم… وأنا بعمل اللي بيتطلب مني."
يقوم المعلم، يلف حواليها…
"بصي يا زوزو… أنا شُفت كتير في السوق، بس اللي زيك قليل."
"أول مرة أشتري بضعة… ألاقيها بقت هي السلعة الأغلى."
زكية توطّي نظرها… لكن تسمع.
"من النهاردة، انتي مش بس بتوصّلي… انتي بتدلّعي.
الزبون يطلبك، تشربي معاه، ترقصي، تريّحيه…
ومفيش كلمة اسمها لأ."
تسكت لحظة…
"وكل حاجة بحسابها."
زكية (بصوت واطي):
"والنصيب؟"
المعلم:
"خدتي النُص التاني من عمرِك بدل ما كنتي مرمية…
دلوقتي كل شقة تدخليها تبقي حكاية…
وانا هأخد النُص الأكبر، بس انتي هتشوفي أيام."
هي ما ردتش…
لكن في عينيها، فيه لمعة… مش من الفرح، من الضياع.
---
المشهد الموازي: عاطف
في نفس الوقت…
عاطف واقف في الممر بين عمارتين، بيعد الفلوس…
تجيله رسالة على تليفونه من زكية:
"نصيبك وصل، هتلاقيه عند رشاد."
يبتسم…
يحط التليفون في جيبه، ويكمل البيع…
وهو مش عارف إن زكية بقت أهم منه بمراحل…
وإنه بيقبض على هامش رغبات الزباين، لكن هي بقت في قلبها.
فصل جديد: "العرض"
المكان: شقة فخمة في الزمالك…
الإضاءة ناعمة، والموسيقى شغالة بصوت واطي.
زكية داخلة، لابسة شيك جدًا على غير العادة…
ده الزبون اللي بلغ المعلم إنه "VIP"، محتاج خدمة خاصة.
الشباك مفتوح، وواقف قدامه رجل في الخمسينات، شيك جدًا، بدلة رمادي وتي شيرت أبيض…
من النوع اللي عينيه تحكي قبل ما لسانه ينطق.
"اتفضلي يا زكية… سمعنا عنك خير."
زكية تدخل بخفة، تحاول تكون حذرة…
هو (بابتسامة):
"أنا مش طالب حاجة الليلة دي…
أنا جاي أشوفك. بس أشوفك بعين تانية."
زكية (باستغراب):
"يعني إيه؟"
يقرب منها… ياخد نفس طويل…
"أنا اسمي نادر، شغال في الاستيراد… بس شغلي الحقيقي في الناس.
وبصراحة، انتي مش المفروض تبقي في المكان اللي انتي فيه."
زكية تضحك بسخرية:
"والمفروض أكون فين؟ في دار الأوبرا؟"
"لأ…
بس تبقي تبعي."
تسكت…
"أنا مش زي المعلم بتاعك…
أنا مش محتاجك توصّلي بضاعة، أنا محتاجك تكوني وجهتي…
تدخلي الأماكن، تفتحي بيبان، تبقي على ذوقي…
تعيشي مرتاحة… وفلوسك توصلك قبل ما تسألي."
زكية تبصله باستغراب… ولسانها يسبق عقلها:
"والمعلم؟"
"نسيه… الراجل دا فاكرك سبوبة.
أنا شايفك فرصة.
وأنا لما بشوف فرصة، مفيش حد بياخدها مني."
يسيبها واقفة، ويمشي ناحية الباب…
"هسيبك تفكري…
بس اعرفي إن العرض دا مش بيتكرر."
---
مشهد نهاية الفصل: زكية على السرير في بيتها،
زجاجة خمر جنبها…
بتفكر… المعلم؟ ولا نادر؟
أمانها مع اللي يعرف يسوقها؟
ولا اللي ممكن يملكها لكن برُقي؟
الكأس في إيدها، بس عقلها صاحي لأول مرة من زمن.
الجزء السادس
فصل جديد: "السيدة"
المكان: ڤيلا في الشيخ زايد
الجو راقٍ، ناس بتيجي بسيارات فارهة، شموع، وخدم بيفتحوا الأبواب.
زكية داخلة… مش زكية اللي نعرفها.
لابسة فستان أسود طويل أنيق، شعرها مرفوع، ميكياچ ناعم، وحذاء بكعب عالي يخلّي مشيتها كلها رقي وثقة.
كل خطوة بتحكي عن امرأة بقت تعرف قيمتها.
نادر كان مستنيها… شافها من بعيد، ابتسم ابتسامة رضا:
"أهو كده… دي زكية اللي كنت شايفها من أول لحظة."
زكية بعيون فيها لمعة قوة لأول مرة من سنين:
"حاسّة إني رجعت ليا… بعد ما كنت ضايعة."
نادر يقرّب منها، ياخد إيديها بإحساس:
"إنتي ماترجعتيش…
إنتي اتولدتي من جديد."
---
مشهد: في بيت المعلم
المعلم قاعد على الكنبة، سجاير كتير حواليه، عاطف بيلف ورايح جاي:
"إنت متأكد إنها راحتله؟"
عاطف غاضب:
"لبست لبس ناس تانية… وقالتلي خليني وشأني.
إنت السبب! كنت بتسحبها حتة حتة، دلوقتي طارت منك."
المعلم ينفجر:
"أنا اللي عملتها… أنا اللي طلعتها من تحت الأرض.
وتيجي دلوقتي تسيبني؟! دي لازم ترجع."
---
مشهد: مكتب محامٍ كبير – بعد يومين
نادر قاعد، وزكية جنبه، بتلبس طقم رسمي شيك جدًا.
المحامي بيقدّم ورق رسمي:
"تم توكيل الأستاذ نادر رسميًا بإنهاء علاقتها بالمدعو عاطف…
ودي ورقة الطلاق العرفي اللي مضى عليها من شوية… بعد ما تدخلنا بطريقتنا."
زكية تبص لنادر:
"عملت ده إزاي؟"
نادر يبتسم بثقة:
"اللي ليه ضهر… مايتضربش على بطنه."
---
مشهد النهاية للفصل:
زكية خارجة من المكتب…
واقف برا عاطف… باصص لها كأنها مش زكية، كأنها شبحها بس متحوّل.
"إنتي بقتي إيه؟"
زكية تبص له، بابتسامة هادئة:
"بقيت أنا… مش لعبتك."
تركبه عربية فخمة…
تتحرك بعيد، تسيب وراها شارع كان شاهد على انهيارها…
ودلوقتي بيشهد على بعثها من جديد
فصل جديد: "أعيدي تقديم نفسك"
المكان: نيويورك – مانهاتن
الجو بارد، وزكية ماشية في الشارع، لابسة بالطو طويل بلون الجمل، ونضارة سوداء، ومعاها نادر.
وقفوا قدام مبنى زجاجي فخم…
نادر يشاور عليه ويقول:
"هنا اتعلمت... وهنا هتتعلمي."
زكية تبص للمبنى وكأنها داخلة مدرسة حياة جديدة.
تاخد نفس عميق، وتقول:
"أنا جاهزة… ومش راجعة زي ما سافرت."
---
مشاهد متتابعة – تدريبها في أمريكا:
قاعدة في قاعة اجتماعات، بتتعلّم إتيكيت الاجتماعات، والرد الرسمي، وطريقة الجلوس.
مشهد تاني، بتتعلّم برمجة عقلها على التفكير في المال، الاستثمار، وكيفية قراءة العقود.
نادر معاها في كل مشهد، بيدفعها، بيصحّح لها، بيشجعها، أوقات يعنّفها لكن بمحبة.
في آخر تدريب، مدربتها الأمريكية تبص لها وتقول:
"You don’t need to act like a lady anymore...
You are a lady now."
---
مشهد العودة لمصر:
الطيارة تهبط في مطار القاهرة.
زكية نازلة… بس دي مش زكية القديمة.
دي واحدة مختلفة تمامًا:
لبس كلاسيكي أنيق، شنطة لابتوب، خطوة واثقة.
نادر جنبها:
"جاهزة للضربة؟"
زكية:
"مش ضربة… ده زمن زكية."
---
مشهد افتتاح شركتها:
يفطـة كبيرة مكتوب عليها:
– للدعاية، والعلاقات العامة، وإدارة الأعمال –"ZK Consulting"
رئيسة مجلس الإدارة: زكية كامل
صالة الاستقبال شيك جدًا، سكرتيرة تقولها:
"عندنا أول اجتماع مع مجلس إدارة فرنسي الساعة ١٢."
زكية تبتسم:
"قولي لهم: مدام زكية وصلت."
فصل جديد: "الستارة"
الزمن: بعد سنة ونصف من افتتاح شركتها
المكان: مكاتب "ZK Consulting" – الدور الـ 14 – وسط البلد
زكية قاعدة قدام اللابتوب، بتراجع أوراق صفقة جديدة.
ملاحظة إن الفلوس اللي بتدخل باسم الشركة أكتر بكتير من حجم العقود الحقيقية.
تسأل المحاسب:
"إيه البنود دي؟ فلوس مش مفهومة جاية من شركات أوف شور؟!"
المحاسب يرد مرتبك:
"دي تعليمات نادر بيه… مش بنراجع وراه طبعًا."
---

ترجع زكية البيت وتدخل المكتب الصغير اللي فيه الملفات القديمة، تفتح خزنة نادر السرية (بعد ما شافت رقمه السري بالصدفة)، تلاقي:
عقود بأسماء شركات وهمية
تحويلات باسمها هي شخصيًا، فيها "كوميشنات"
صورها وهي مع رجال أعمال مشبوهين... كانوا بيصوروها من غير ما تعرف
تقعد على الأرض، تبكي شوية… بعدين تقوم، تبص في المراية، وتقول:
"أنا مش ستارة يا نادر... أنا كنت اللعبة كلها."
---

زكية تبدأ تغير استراتيجيتها:
تتقرب من واحد من رجال نادر الكبار في الشبكة، اسمه أبو سيف – رجل عجوز لكنه ذكي، ويكره نادر لأنه تخطاه كتير.
تستخدم سحرها وعقلها في التقرب منه، وتخليه يقولها أسرار كبيرة عن الشبكة.
وفي مشهد مثير، تبعت لنادر صورة فيها ملفاته كلها على تابلت، ومعاها رسالة قصيرة:
"شكراً على التدريب… جه وقت الاستقلال."
---

بمساعدة أبو سيف، تبدأ تدخل دوائر أكبر:
ناس من رجال السياسة والأعمال
رجال بنوك كبار كانوا بيغسلوا فلوس
تدخل مجال العقارات الضخمة
نادر يحاول يرجع السيطرة، لكنها تقطع عليه الطريق دايمًا.
وفي مشهد مرعب، نادر يدخل مكتبه يلاقيه فاضي… كل العقود، كل الفلوس، كل الأشخاص اللي كان بيشتغل معاهم… بقوا مع زكية.
---

واحد يقرب منها ويقول:
"زكية هانم … المعلم الكبير عايز يقابلك."
تبتسم، وترد:
"خليه ييجي… أنا مش بس ستارة… أنا الحيطة اللي بتتكسَّر عليها خططهم."
فصل جديد: "الاختيار الأخير"
الزمان: بعد 6 شهور من آخر فصل
المكان: جناح فندقي فاخر في جنيف – سويسرا
---
زكية في اجتماع مغلق مع شخصية غامضة… رجل في أواخر الستين، ملامحه أوروبية، له هيبة، وصوته منخفض بس بيهز المكان.
اسمه "مايكل جيفورد"، المعروف باسم المعلم الكبير.
يحط قدامها ملفات على الطاولة، ويقول:
"Your transformation is impressive, Zakia. We want to offer you a position as our Executive Director… not just here, but in Dubai, Singapore, New York, and Berlin."
زكية تسأله:
"يعني اشتغل تحتكم؟"
يرد بابتسامة:
"Not *****. With. But there's one condition… You’ll have to renounce your Egyptian nationality."
تسكت لحظة… تبص حوالين، تسترجع ذكريات:
حيها القديم
عاطف وهو بيضربها
المعلم وهو بيجبرها تشرب
الزباين وهي بتهرب من ريحتهم
تضحك بسخرية:
"وإنتو عايزين أفتكر نفسي مصرية ليه؟ أنا خلاص اتولدت من جديد…"
تمضي ورقة التنازل، وتقول:
"أنا من دلوقتي… أمريكية."
---

زكية في القنصلية الأمريكية بباريس… بتسلّم جوازها المصري، وتاخد جواز أمريكي
بتتسلم شنطة فيها "هاتف خاص – خط آمن – ملف أول عملية دولية"
تبدأ في السفر بين الدول… توقّع عقود، تفتتح مكاتب، وتُنشئ شبكات أعمال ضخمة.
---

وهي في نيويورك، تتسلّم ملف جديد مكتوب عليه:
"Cairo - إعادة التموضع: عملية الجيل الجديد"
تفتحه تلاقي فيه:
صور قديمة لناس كانت معاها في العمارة… الست فوزية، الشيخ ناجي، حتى عاطف.
تعليمات بأنها ستعود إلى مصر لكن كـ "أداة تأثير ناعمة" داخل خطة استخباراتية اقتصادية.
ترفع نظرها وتقول:
"هم لسه فاكرينني زكية… بس أنا بقيت حاجة تانية خالص."
الجزء السابع

الزمان: بعد 3 شهور
المكان: ميامي – مقر المجموعة الدولية الجديدة
زكية الآن باسم جديد: "إليانا جيفورد"
---
في مقر مبهر، زجاجي ضخم مطل على المحيط، بتجلس زكية – أو "إليانا" كما أصبحت تُعرف – على رأس طاولة اجتماعات فيها مدراء تنفيذيين من جنسيات مختلفة.
على الشاشات الكبيرة:
شعار جديد لمجموعة عالمية متعددة المجالات
الاسم: "Zelcorp International"
مجالات الشركة:
عقارات
مطاعم فاخرة
تطبيقات إلكترونية
استثمارات في الطاقة
شركات توريد أجهزة طبية
وشركات نقل وملاحة
كل شيء يبدو قانوني… لكنه مصمم بدقة ليُخفي عمليات غسيل أموال هائلة.
---

خلال اجتماع داخلي، يطلب منها أحد المسؤولين توقيع بعض المستندات البنكية بتحويلات من "كيانات غير معلنة".
تشك، وتبدأ تربط بين:
تحويلات بالملايين لجهات في بنما وسويسرا
شركات وهمية في جزر الكايمان
شراء أراضي بأسعار مضروبة في أفريقيا
تمويل شركات أدوية مغمورة بتنتج أدوية غير مرخّصة
تواجه مايكل (المعلم الكبير):
زكية:
"دي كلها غسيل أموال، وأنا مش لعبة في إيدكم."
مايكل (بهدوء مرعب):
"You’ve already signed. You're in this now, willingly or not. You’re too useful, and too deep."
---

تروح البيت، تبص في المراية… تفتكر:
وهي ماسكة المكنسة في شقة الشباب
وهي بتتوسل لعاطف ما يضربهاش
وهي بتضحك مع الزباين… سكرانة
وهي بتمضي على أوراق الجنسية الأمريكية
تقول لنفسها:
"أنا وصلت… بس الطريق كله كان وسخ."
---

قرار غير متوقع من زكية:
تطلب بشكل سري مقابلة عميل في مكتب الـFBI...
وتقول له:
"أنا مستعدة أكون شاهد ملك… بس بشرط: محدش يقرب من شركاتي، وأنا اللي أطيّح بيهم من جوّه."

المكان: مبنى تابع للـFBI – واشنطن العاصمة
الوقت: منتصف الليل
زكية (إليانا) تدخل الغرفة بعيون واثقة، تفتكر زمان لما كانت بتخاف من أي راجل يزعق لها…
لكن دلوقتي؟
هي اللي بتُخيفهم.
تقابل العميل رايت – رجل يبدو عليه الذكاء والبرود:
رايت:
"سيدة جيفورد، لدينا كل سجلات تحويلاتك. شبكتك بالكامل مرصودة. أي حركة خاطئة، حياتك كلها تنهار في 3 دقائق."
زكية (ببرود ساخر):
"يعني أنتو مش جايين تحموا العدالة، أنتو جايين تاخدوا حصتكم من الكعكة؟"
رايت (بهدوء):
"العالم ما بيتحكمش بالقانون يا زكية... بيتحكم بالمعلومات. واللي عنده أكتر، هو اللي بيكسب."
---

يعرض عليها اتفاق:
تنفيذ مهمات مالية لصالح شبكات خفية مرتبطة بالحكومة
حماية تامة من الملاحقة القانونية
تغطية على نشاطاتها
توسع في أنشطتها بموافقة ضمنية
في المقابل:
نسبة من الأرباح
نقل بعض الأموال لصالح مشاريع معينة في أمريكا اللاتينية وأفريقيا
توريط رجال أعمال من دول مستهدفة
---

في جلسة صامتة في بيتها، تبص في الفلوس، في المجوهرات، في البطاقات البنكية المشفرة
وتقول لنفسها:
"أنا مش لعبة في إيد حد… أنا اللاعب الوحيد اللي هيكسب كل الجولات."
وترجع لرايت وتقول:
"هشتغل معاكم… بس بطريقتي. تنفذوا طلبي قبل أي عملية: حمايتي الكاملة، وعدم التدخل في قراراتي التنفيذية. أنفذ… وأكسب."
رايت:
"Deal."
---

زكية تطير إلى هونج كونج لافتتاح فرع جديد لشركتها
تتم الصفقة الأولى بتوقيع من تحت الطاولة
ويظهر معها حارس شخصي أمريكي – إشارة لحمايتها الرسمية من داخل الدولة العظمى.

المكان: أحد شوارع شبرا – القاهرة
الزمن: بعد سنوات طويلة من الغياب
موكب من أربع سيارات سوداء مصفّحة يتوقف أمام بيت شعبي قديم.
أعين الجيران تحدّق من الشبابيك في دهشة، وسيدة تطلق زغرودة من شباكها ظنًا أن شخصية سياسية وصلت.
زكية تنزل من السيارة الأولى، مرتدية نظارة سوداء، شعرها مربوط للأعلى، وفستان أنيق يحمل توقيع دار أزياء أمريكية.
وراءها حارسان أمريكيان ببدلات رسمية وسماعات في آذانهم.
تقف أمام باب البيت، تتردد لحظة… ثم تطرقه.
تفتح لها أمها الباب… امرأة عجوز بملامح ذابلة، ترتدي عباءة قديمة، وتمسك بمسبحة.
الأم (باندهاش ثم غضب):
"إنتي مين؟"
زكية (بصوت مرتجف):
"أنا… زكية يا أمه… بنتك."
الأم تنظر لها طويلًا… ثم تقول بحدة:
"زكية ماتت من زمان. اللي قدامي دي واحدة تانية. أنا ماعرفش الست دي… مش بنتي اللي تبقى بالشكل ده!"
زكية تحاول لمس يدها، لكن الأم تتراجع كأنها لُدغت:
"ابعدي عني! خرجتِ من بيتي بإيدك… ماترجعيش برجلك. أنا دُخت أشوفك، وتمنيت تموتي، لكن دلوقتي؟ موتك أرحملي."
زكية تقف متصلبة… عيناها تلمعان بالدموع.
تفلت دمعة من عينها لأول مرة منذ سنوات.
تدير ظهرها وتخرج ببطء، وسط ذهول الحراس.
عند الباب، تتوقف فجأة.
قائد الحرس (موجهًا سلاحه داخل البيت):
"Ma’am, is that woman threatening you?"
يرفع سلاحه باتجاه الأم.
زكية (بلهفة وصوت مهتز بالإنجليزية):
"No! Stop! She’s my mother!"
قائد الحرس يتراجع، يحدّق فيها بدهشة.
لم يرَها أبدًا تبكي… ولا تتردد.
ولا تعترف بضعف.
لكن الليلة… رأى كل ده.
---

زكية تمشي ببطء نحو السيارة، وتجلس، وتخلع نظارتها، وتدفن وجهها بين كفيها…
لم تسقطها العصابات ولا السياسات… لكن سقطت أمام أم رفضت نسيان بنتها الأصلية.

المكان: سطح الفندق الراقي المطلّ على نيل القاهرة
الزمن: بعد منتصف الليل
زكية واقفة عند سور السطح، تدخن سيجارة بنفَس هادئ… لكنها من الداخل عاصفة.
يقترب منها "إيثان" – قائد فريق الحراسة الأمريكية، شاب في الثلاثينات، قليل الكلام، صارم كعسكري محترف.
إيثان (بخجل):
"Ma’am, I’m not supposed to—"
زكية (قاطعة وهي تنظر للنيل):
"ارتاح يا إيثان، مش هاقفز. أنا بس… حبيت أشم الهوا اللي كان زمان بيريّحني. اتكلم، إنت أول مرة أشوفك متوتر كده."
يتراجع خطوة، لكنها تشير له أن يقترب.
زكية (بهدوء):
"عمرك سألت نفسك ليه بنختار سكة واحنا عارفين نهايتها؟"
إيثان:
"Maybe because the other road isn’t any better?"
ابتسمت بسخرية، ورمت السيجارة.
زكية:
"أنا كنت بنت عادية جدًا… أ
بويا كان بياخدني المدرسة، وكنت بلبس عباية مقفولة… بس دخل حياتي شخص اسمه عاطف."
نظرت لإيثان في عينيه لأول مرة، وقالت بالعربي:
"خلاني أكره نفسي. هو اللي ورّاني أول كاس… هو اللي سلّمني لإيديهم."
إيثان (يحاول فهم الكلمات):
"I’m sorry, I don’t… understand."
زكية (بإنجليزية هادئة):
"He was my first fall. The man who made dirt feel like gold."
إيثان:
"You miss him?"
ضحكت، ودمعة نزلت بهدوء:
"I miss who I was before him."
صمت طويل…
ثم استدارت له مباشرة، بنظرة جامدة لأول مرة.
زكية:
"I want him gone."
إيثان:
"Fired?"
زكية (بنبرة قاطعة):
"No. Gone. Forever."
وقف إيثان مكانه، لم يتحرك.
زكية (بهسيس غريب):
"You work for me… don't you?"
إيثان:
"Yes, ma’am."
زكية:
"Then clean what’s left of my past."
استدارت ببطء، وسارت نحو باب السطح…
خلفها الهواء، والحقيقة، وطلبًا لا رجوع فيه.