الجزء الأول
كانت ليلى تستيقظ كل صباح على صوت العصافير في حديقة منزلها الصغير، لكنها لم تكن ترى جمال الصباح كما يراه الآخرون. منذ وفاة زوجها، أصبحت عبء البيت كله على عاتقها. ثلاث بنات وولد واحد، كل منهم يعيش عالمه الخاص، وكل منهم يحتاج إلى ليلى بطريقة أو بأخرى.
ابنتها الكبرى، هناء ، متزوجة وحياتها مستقرة نسبيًا، لكنها تأتي بين الحين والآخر لتستشير والدتها في أمور المنزل والطفل. ابنتها الوسطى، سلمى ، المطلقة، كانت أكثر من تسبب لليلى بالقلق؛ ولدان صغيران، ووالدتهما غائبة عن رعايتهما، فتضطر ليلى للقيام بدور الأم والأب معًا.
أما الابنة الصغرى، هند، فهي تعاني من ضعف في السمع، ما يجعل التواصل معها أحيانًا صعبًا جدًا، ويحتاج صبرًا لا ينتهي.
وأخيرًا، كان الولد، سامي، أكبر مصدر للهم والحزن لسلمى. مدمن للمخدرات، ومشكلة مستمرة بين الشجار، السرقات الصغيرة، والمشاكل التي يخلقها داخل الأسرة. كل يوم كان يشكل تحديًا جديدًا لها، وكل مرة كانت تجد نفسها مضطرة للتسامح معه أو التدخل لإنقاذه من كارثة محققة.
مع ذلك، رغم كل التعب، كانت ليلى تحاول أن تحافظ على توازن البيت، أن تكون الأم والجدّة والمرشد لكل من يحتاجها، بينما قلبها يئن تحت وطأة القلق والخوف على مستقبل أبنائها.
في هذا الصباح، وبينما كانت تعد الإفطار لأولاد منى، سمعت صوت صراخ سامي في الخارج. كان قد تسبب في فوضى جديدة، والقلق عاد ليملأ قلبها.
"إلى متى سيستمر هذا؟" تمتمت ليلى بصوت منخفض، وهي تحاول جمع شتات أعصابها قبل أن تواجه الابن الفاسد مرة أخرى.
مع مرور الأيام، أصبح سامي عبئًا مضاعفًا على البيت، وخصوصًا على أخته الوسطى، سلمى. لم تمر ساعة في المنزل دون شجار بينهما. سلمى، على الرغم من أنها مطلقة وتعاني مسؤولية ولديها، كانت تحاول قدر الإمكان الحفاظ على هدوء البيت، لكن سامي لم يكن ليتركها في سلام.
"ليه كل حاجة بتضايقك؟" صرخت سلمى في وجه سامي، وهي تحاول أن تمنعه من سرقة النقود من محفظة والدتها.
"ده مش فلوسك يا سلمى ، سيبيني!" رد سامي بغضب، محاولًا الانقضاض على المحفظة.
ليلى تدخلت بسرعة قبل أن تتطور المشاجرة، محاولة تهدئة الأمور. "كفاية يا أولادي! كل واحد فيكم يتحكم في نفسه. سلمى ، سامى مش عدوك!"
لكن سامي لم يستمع. كان الأمر بالنسبة له مسألة قوة، وكأن كل كلمة تصدر من أخته تحد من سلطته داخل البيت. وسلمى شعرت بالعجز؛ رغم أنها أكبر منه سنًا، لم تستطع التحكم في غضبه واندفاعه.
كانت ليلى تشاهد المشهد بقلق شديد، تشعر أن الأمور قد تتدهور أكثر، خصوصًا مع زيادة تأثير المخدرات على سامي وتصرفاته العنيفة أحيانًا.
في تلك اللحظة، أدركت أن واجبها ليس فقط أن تعتني بالبيت، بل أن تجد طريقة لإيقاف سامي قبل أن يحطم كل شيء، ويؤذي نفسه أو الآخرين.
بدأت الحياة في البيت تتحول تدريجيًا إلى فوضى لا يمكن السيطرة عليها. سامي، الابن، أصبح أكثر تمردًا وافتعل المشاكل باستمرار. المخدرات كانت رفيقته الدائم، وأصبحت الأم ترى أثرها على الجميع، لكنها شعرت بالعجز عن ضبط الأمور.
الأبنة الوسطى، رغم انفصالها، كانت تحاول التكيف مع حياتها وحماية ولديها الصغيرين، لكنها غالبًا كانت تصطدم بسامي في كل محاولة للتأقلم. كل مواجهة كانت تتحول إلى شجار كبير، وكثيرًا ما كان سامي يغضب ويهدد أو يحطم أشياء في البيت، مما يزيد من الضغط النفسي على الأم وبناتها.
الأبنة الصغرى، ذات ضعف السمع، كانت أكثر الشخصيات هشاشة، ومع كل صخب أو شجار كانت تشعر بالاضطراب والخوف. لم تكن تعرف كيف تتصرف، وغالبًا ما كانت تحاول الانسحاب أو الاختباء في غرفتها.
مع الوقت، بدأت الأم تشعر بأنها وحدها من تحاول الحفاظ على تماسك الأسرة. لكنها اكتشفت أن نفوذ سامي أصبح يسيطر على البيت بالكامل. المخدرات، الصراعات، الشجار المستمر، كل هذه الأمور جعلت البيت يشبه بركانًا على وشك الانفجار، وبدأت تتساءل: إلى متى ستستمر هذه الفوضى، ومن سيوقفها قبل أن تدمر الجميع؟
مع تصاعد مشاكل سامي وازدياد توتر البيت، قررت الابنة الوسطى أن تتخذ خطوة عملية لحماية أولادها وضمان مستقبلهما. تركت جزءًا من الخلافات اليومية خلفها وقررت الخروج للعمل لدى خطيبها السابق، الذي كان قد احتفظ بعلاقة ودية معها بعد الانفصال.
العمل لم يكن سهلاً، لكنها واجهت الصعوبات بشجاعة، متحملة الضغط النفسي والمسؤوليات المالية الجديدة. كانت كل يوم تحاول أن توفر المال لتعليم أولادها واحتياجاتهم الأساسية، في حين بقي البيت يعج بالفوضى بسبب سامي، والابنة الصغرى التي لم تتمكن من الاعتماد على نفسها بسبب ضعف السمع، والأم المثقلة بالهموم.
قرارها بالخروج للعمل منحها شعورًا بالقوة والاستقلالية، لكنه أيضًا أضاف بعدًا جديدًا للصراعات: شعور الأم بالمسؤولية المزدوجة، وسامي الذي بدأ يشعر بأن سلطته على الأسرة تتراجع شيئًا فشيئًا، والابنة الصغرى التي أصبحت أكثر عزلة وخوفًا.
بينما كانت الأم مشغولة ببعض الأعمال المنزلية، حضرت الابنة الكبرى هناء لزيارة والدتها. كان الجو هادئًا إلى حد ما، حتى دخل سامي الحمام ليأخذ جرعته من المخدرات، تاركًا أثر رائحة قوية تخترق المنزل.
عندما دخلت الابنة الكبرى هناء لاحقًا، شمت الرائحة، وتأثرت بما رأت، لكنها لم تشعر بالخوف، بل بالعكس، شعرت بموجة غريبة من الفضول والإثارة. ابتسمت مبتهجة، تريد الرقص تريد التعرى وكأنها ترى عالمًا جديدًا يفتح أمامها، وقررت أنها تريد الخروج في الليل بمفردها رأسها تحلق فى الفضاء تضحك بدون سبب لتستكشف المدينة، بعيدًا عن رقابة الأم وسامي.
الأم شعرت بالقلق من هذه الحماسة المفاجئة، بينما سامي لم يبدُ متفاجئًا، إذ كان تعود على ردود الفعل الغريبة من أفراد الأسرة بسبب تعاطيه المستمر للمخدرات.
هذا الموقف شكل نقطة تحول جديدة، إذ بدأ تأثير المخدر يمتد إلى الابنة الكبرى، لتتضح آثار الضياع والفوضى التي بدأت تسيطر على الأسرة تدريجيًا.
بعد أن لاحظت الابنة الكبرى هناء سلوك سامي وتصرفاته، شعرت بالغضب والخوف على الأسرة، وقررت مواجهة الموقف بشكل مباشر. اقتربت منه بنبرة حازمة وعيونها مليئة بالغضب:
«سامى، كفاية! أنا مش هسكت تاني. لو استمررت بتصرفاتك دى ، هروح لجوزى وأقول له كل شيء… كل اللي حصل هنا، تعاطيك المخدرات، وتأثيرك على البيت، وحتى على اللى حصلى أنا… ده كله بسببك!»
ارتعش سامي قليلًا من قوة كلماتها، لكنه حاول التهرب من المواجهة.
وأضافت الابنة الكبرى: «وبعدين كفاية المخدرات في البيت! إحنا مش هنا حنعيش في فوضى، وده مش من حقك تشرب الحاجات دي قدامنا!» هنا
سامى شعر بالتهديد لأول مرة من شخص في البيت، ومع هذا الغضب، أدرك أن موقفه أصبح هشًا، وأن تحركاته لم تعد بدون رادع.
الأم شاهدت هذا المشهد بصمت، وقلبها مليء بالقلق، لكنها شعرت بالفخر لأن الابنة الكبرى حاولت حماية البيت وأفراد الأسرة، ربما كانت هذه بداية لتحرك جديد يوقف الفوضى التي بدأ سامي يزرعها.
بعد دقائق من المواجهة بين هناء وسامى ، عادت سلمى الابنة الوسطى من خارج المنزل، ووجدت الجو متوترًا للغاية. أسرعت نحو الغرفة لتكتشف ما حدث، ورأت سامي واقفًا، وملامحه متوترة، بينما كان واضحًا أثر المواجهة السابقة.
بمجرد أن علمت بما فعله سامي، اندفعت نحو أخيها بغضب شديد:
«سامى! إيه اللي عملته؟! كفاية كده شرب مخدرات!»
حاولت ضربه بعنف، لكنه لم يكتف بالوقوف مكتوف الأيدي، بل رد عليها بضربتها أيضًا، لتتحول المواجهة إلى صراع جسدي عنيف.
في تلك اللحظة، تدخلت الأم بسرعة، محاولًة فصل الاثنين عن بعضهما. أمسكت بسامي وسلمت سلمى عن قبضته، وحاولت تهدئة الغضب الذي اجتاح المنزل:
«كفاية! كفاية يا ولادى… مش هتوصّلوا لحل بالحرب! ده كله غلط، أنا مش حاسة أقدر أتحمّل أكتر من كده!»
سامي شعر بالخزي والضغط، بينما سلمى كانت لا تزال غاضبة، لكن تدخل والدتها جعل الوضع يهدأ قليلًا، على الأقل مؤقتًا.
بعد أيام قليلة من المشاجرة، بدأت المشاكل تتفاقم في المنزل. سامي لم يتعلم من تحذيرات والدته أو تهديدات أخته الكبرى، بل ذهب خطوة أبعد.
في أحد الأيام، سرق سامي خاتم سلمى الثمين، الذي كانت تعتبره ذكرى ثمينة من والدها ، بالإضافة إلى نقود هناء ، التي كانت تحتفظ بها لتصرفها على احتياجاتها اليومية.
سلمى عندما اكتشفت السرقة، شعرت بالغضب والخذلان في نفس الوقت. نظرت إلى سامي بعينين مليئتين بالاستياء:
«إنت فقدت كل الحدود يا سامي! ده مش لعب يا عم! ده الخاتم ده ذكرى والدنا… وفلوس أختك الكبيرة!»
أما هناء، الكبرى ، فكانت منهارة وبدأت تبكي بحرقة، ولم تفهم سبب تصرف أخيها بهذه القسوة، بينما والدتهما حاولت التوسط، لكنها شعرت بالعجز.
سامي، بدوره، لم يُظهر أي ندم، بل بدا متحديًا وانكر كل هذا ، وكأن كل تحذيرات الأسرة لم تكن له أي تأثير. الوضع في المنزل أصبح متوترًا للغاية، وأصبح الخوف من تصرفاته يسيطر على الجميع.
بعد ما سرق سامي الخاتم والفلوس، الجو في البيت يبقى مشحون أكتر. الاخت الكبرى (هناء بتتعب من المشاكل المستمرة وتقرر ترجع لبيتها وتسيبهم لوحدهم، وده بيخلي الجو أكثر توتر لأن مفيش حد يفصل بينهم.
في لحظة من الانفعال، يحصل شجار عنيف بين سامي وسلمى، وبدل ما يقف عند الكلام، يتهور ويقطع ملابسها بعنف قدامها كنوع من إذلال أو انتقام.
سلمى كانت واقفة بالملابس الداخلية تحاول تدارى نفسها وامها بتقولها
خشى يا بنتى استرى نفسك وسيبك منه
سلمى تواصل ضربها لسامى ولكن هذه المرة يقطع البرا لتصبح بالاندر فقط تدخل سريعا لاحضار الروب وترفع الحذاء لتضربه به
في تلك الأيام، كانت سلمى تحاول أن تبدو أكثر جدية في عملها الجديد مع شادي، خطيبها السابق. كان يلحّ عليها أن تغيّر طريقة لباسها لتناسب أجواء الشركة، ويختار بنفسه بعض التفاصيل التي يراها تعكس صورة "الموظفة المحترفة".
كانت تقف أمام المرآة كل صباح، تتأمل شكلها المختلف. شعرها المفرود بعناية، ألوان ملابسها الهادئة، والأقمشة الرسمية التي لم تعتد ارتداءها من قبل. كان هناك شيء غريب بداخلها، مزيج من الرضا والخوف:
الرضا لأنها ترى انعكاسًا جديدًا لها، امرأة أكثر قوة وثقة.
والخوف لأنها تدرك أن هذا التغيير ليس من داخلها بالكامل، بل جاء استجابة لرغبة رجل ما زال يملك تأثيرًا عميقًا عليها.
في المكتب، كان شادي يرمقها بنظرات خفية، يبتسم أحيانًا وكأنه يستعيد ذكرياتهما القديمة. أما هي فكانت تحاول الفصل بين الماضي والحاضر، لكن قلبها لم يكن دائمًا متماسكًا كما تتمنى. كل تفصيلة صغيرة – طريقة حديثه، صوته وهو يناديها باسمها، حتى ملاحظاته البسيطة – كانت تفتح ثغرة في جدارها الداخلي.
في المساء، وبينما تعود إلى البيت منهكة، كانت تجلس أمام والدتها وأطفالها، تحاول أن تُقنع نفسها أن كل هذا مجرد "شغل" ولا شيء أكثر. لكنها حين تخلع ملابسها الرسمية وتضعها على الكرسي بجانب السرير، كانت تشعر وكأنها تخلع جزءًا من هويتها القديمة وتتركه هناك.
بدأت تتساءل في نفسها:
هل هي فعلاً تلك المرأة الجديدة التي تراها في المرآة؟ أم أنها مجرد نسخة يصنعها شادي من ماضيها ليعيد تشكيلها كما يشاء
تركت سلمى أطفالها لوالدتها، محاولةً أن تركز أكثر في عملها وتثبت لنفسها أنها قادرة على بناء حياة جديدة بعيدًا عن مشاكلها مع سامي. كانت تظن أن الانشغال بالعمل سيخفف عنها الضغوط، لكن الحقيقة أن المشاكل لم تتوقف، بل ازدادت حدةً وتنوعًا.
كانت تعود من العمل مرهقة، لتجد والدتها منهكة من رعاية الأطفال، وأحيانًا لا تخفي تذمرها من تقصير سلمى . وفي نفس الوقت، لم يتوقف زوجها عن ملاحقتها، يرسل لها رسائل متناقضة بين التوسل والتهديد، مرة يعدها أنه سيتغير، ومرة يهددها بالقضايا وبأخذ الأطفال منها.
سلمى كانت تحاول أن تظهر قوية أمام الجميع، لكنها في أعماقها كانت تشعر بالتمزق. عملها يستهلك وقتها وقواها، وأطفالها يكبرون بسرعة بين يدي جدتهم، وزوجها السابق لا يكف عن إشعال النار في حياتها.
ليالي طويلة جلست فيها سلمى تحدق في السقف، تسأل نفسها:
هل كان قرار الانفصال بداية حريتها… أم بداية ضياعها؟
في إحدى الليالي، كانت سلمى عائدة من عملها متأخرة، ترتدي ثوبًا ضيقًا يُظهر ملامح جسدها بجرأة لم تعهدها من قبل.
دخلت المنزل بخطوات متثاقلة، بينما كان سامي يجلس في الصالة ينتظرها بوجه متجهم وعينين تشتعلان غضبًا.
قال بصوت مرتفع:
ــ "إنتي فاكرة نفسك راجعة من ملهى؟! إيه اللبس ده؟ انتى عارفة الساعه كام ؟"
تراجعت قليلًا، لكنها واجهته بابتسامة ساخرة، محاولة أن تبدو واثقة:
ــ "أنا حرّة يا سامي… بشتغل طول اليوم، وعاوزة أعيش حياتي زي أي واحدة."
اقترب منها بعصبية، قبضته ترتجف وهو يشير إلى الباب:
ــ "دي مش حياتي ولا بيتنا! إنتي بتضيعي نفسِك وبتضيعي سمعتنا… ولادك هيكبروا يقولوا إيه عن أمهم؟"*
كلماته اخترقت قلبها لكنها دفعتها أكثر للتمرد.
يتركها سامى لتتلقى مكالمة هاتفيه من زوجها
رفعت رأسها بعناد:
ــ ولادك ،، كنت فين لما كانوا محتاجينك؟ إنت طول عمرك مشاكل وخناق… عمرك ما حسيت بيا ولا بيهم."
اشتعل الجدال بينهما، أصواتهما علت كأنها حرب داخل جدران البيت، بينما كان الأطفال يستيقظون خائفين على صرخات والديهم.
أما هي، فكانت كلماتها أشبه بسكاكين، تنزف منها غضبًا دفينًا، بينما هو لم يجد سوى الصراخ والتهديد ليُخفي ضعفه وعجزه.
وفي تلك اللحظة، أدركت سلمى أنها لن تعود إلى الوراء أبدًا… وأن الشرخ بينهما صار أعمق من
أي محاولة للترميم.
الجزء الثاني
مع مرور الأيام، أصبحت سلمى تقضي ساعات طويلة مع شادى في العمل. البداية كانت من الضرورة، تعليمات ومهام مرتبطة بالعمل، لكن مع الوقت، صار حضورها اليومي بجانبه يخلق مساحة من الألفة والراحة لم تعهدها منذ زمن.
كان شادى يستمع إليها بانتباه، يشاركها الضحك على المواقف الطريفة في المكتب، وأحيانًا يقدّم لها نصائح هادئة تجعلها تشعر بالاطمئنان والأمان. جيلان، من جهتها، كانت تجد نفسها تتحمس للتواجد بجانبه، تشعر بالراحة في الحديث معه، ويبدو أن قلبها بدأ يلين تدريجيًا تجاهه.
ذات مساء، بعد انتهاء العمل، ظلّت سلمى تتحدث معه عن مشروع جديد، وكانت تتجنب النظر إلى الساعة، لأن وجوده بجانبها أصبح يبعدها عن كل ما يزعجها في حياتها الشخصية.
وبينما كان الشارع مظلمًا خارج المكتب، شعرت أن النظرات العابرة بينهما تحمل رسائل غير منطوقة، شيئًا من الألفة والاعتماد المتبادل بدأ ينمو بصمت.
كان هذا التودد الطبيعي بينهما بدايةً لتحوّل العلاقة من مجرد زمالة في العمل إلى رابط أعمق… رابط يعتمد على الثقة والاحترام، بعيدًا عن الفوضى التي تركتها خلفها مشاكلها مع سامي
كانت كل كلمة من كلمات شادي تسقط على قلبها زي مطر ناعم في ليلة عطشانة. كان يعرف يختار الجمل اللي تخترق دفاعاتها، يضحكها من غير ما تبذل مجهود، يلمّس أوتارًا مهملة من سنين. "إنتي تستاهلي تبقي ملكة، بس معايا أنا"، كان يقولها وهو ماسك عينيها كأنه بيقنعها إنها أخيرًا لقت حد شايف قيمتها.
في الأول قاومت الإحساس بالذنب، تفتكر عيالها اللي بيناموا مستنيين حضنها، وصوت سامي أخوها اللي دايمًا يرمي عليها كلمة "انتى حتضيعى نفسك". لكن الليل كان له سحره… وفي عز وحدتها، كلام شادي كان زي المخدر، يدوّب عقلها ويخلّي قلبها يصدق.
ومع كل لقاء، بدأت التفاصيل الصغيرة تكشف وش تاني لشادي. طلباته اللي تتغلف بالحب: "خليكي معايا شوية زيادة"، "إنتي عارفة محتاجك إزاي"، وأحيانًا طلبات أبسط بس أعمق في معناها،
في بيتهم الهادئ، اللي بقى مليان توتر، كان سامي كل يوم يدخل وهو شايل هم المواجهة. أول ما يشوف سلمى راجعة متأخر، لابسة لبس ملفت مش متعود عليه، عروقه بتتنفض من الغضب.
قال لها بعصبية وهو بيقفل الباب وراه:
ـ هو إيه اللي بقى عاجبك في لبسك ده يا سلمى؟ مش مكفيكي كلام الناس؟
ردت ببرود مصطنع وهي بتخلع الشال عن كتفها:
ـ إيه يعني؟ هو أنا عملت جريمة؟ دي حاجة تخصني أنا.
ـ تخصك إزاي؟! وانتِ سايبة العيال لامك طول النهار وتتاخرى برّه بالساعات! يعني أنا لسه راجع ألاقيكِ مش موجودة، والأولاد مرميين على أمك؟!
رفعت صوتها وعيونها فيها تحدي:
ـ ماهو لو إنت تخليك فى حالك يا سامي وتبطل خناق مكنتش اشتغلت ! أنت السبب في كل ده.
لحظتها أمها خرجت من المطبخ، شعرها مشدود ووشها باين عليه التعب:
ـ كفاية بقى... أنا ماليش طاقة أتحمل خناقاتكم كل يوم. الأولاد مش ذنبهم إنكم مش عارفين تعيشوا مع بعض. طول اليوم على كتفي، وبالليل عايزين يناموا في حضن أمهم، يلاقوا سرير فاضي!
سكت سامي، لكن نبرته فضلت مقهورة:
ـ يا سلمى، انتي ما بقيتيش انتي... بقت حياتك برّه مش هنا. وأنا مش فاهمه هتستني إيه لحد ما البيت يتهد؟
وسلمى، بدل ما تحس بالذنب، رفعت راسها وتكلمت ببرود يخبي نارها:
ـ اللي بينهار مش البيت يا سامي... اللي بينهار جوايا أنا من زمان.
كان سامي، أخو سلمى، غارقًا حتى أذنيه في المخدرات، يتسكع بين الصحبة الفاسدة بلا هدف، يرهق جسده وروحه ويبتعد أكثر عن عائلته يومًا بعد يوم. أما الأم المسكينة، فقد حملت على عاتقها عبئًا لم يكن لها، ترعى أولاد سلمى الصغار كما لو كانوا أبناءها، تسهر على راحتهم، وتتحمل صراخهم واحتياجاتهم بينما أمهم غائبة بين عملها وسهراتها.
لم يكن غياب سلمى مجرد ساعات عمل طويلة، بل تأخرات متكررة، وملابس مثيرة مستفزة تزيد من حدّة الخلافات بينها وبين سامي. كان يثور عليها كلما رآها تخرج متزينة، يلومها على تقصيرها في حق أولادها، ويقارنها بالأم التي تذوب يوميًا من أجل هؤلاء الصغار.
لكن سلمى لم تكن ترى في كلماته سوى تدخّل وقمع، ولم تعترف لحظة أن تصرفاتها باتت تمزّق البيت من الداخل. وهكذا تحوّلت كل مواجهة بينهما إلى معركة صاخبة، تنتهي بباب يُغلق بعنف، أو بعيون دامعة للأم التي لا تعرف أيهما يحتاجها أكثر: ابنها الضائع في المخدرات، أم ابنتها التي تسير في طريق الانحدار.
كانت سلمى راجعة من الشغل متأخر، الشارع هادي إلا من صوت كلاب ضالة ونور ضعيف من عامود الكهرباء اللي بيترعش. فتحت باب البيت وهي بتحاول تخفّي تعبها بابتسامة، لكن أول ما دخلت لقت سامى، أخوها، واقع على الأرض، مش قادر يقف من كتر أثر المخدرات. ريحة دخان نفاذة مالية المكان، وكوباية مكسورة جنب السرير.
صوت أمها اتسمع من جوه، متوتر ومليان قهر:
ـ "يا بنتي كده ما ينفعش، الناس بدأت تتكلم! كل يوم راجعة بالليل وسامى حالته بتسوء... أنا مش عارفة ألحق على مين ولا مين."
سلمى وقفت، قلبها بيتخبط بين ضلوعها، حاولت ترد بهدوء لكنها لقت صوتها بيطلع عالي:
ـ "هو أنا السبب؟! مش أنا اللي وديته لطريق ده! وبعدين هو أنا لو فضلت قاعدة من غير شغل، هنعيش منين؟"
سامى حاول يرفع نفسه وهو بيضحك ضحكة بايخة، عينه حمرا وصوته متقطع:
ـ "سيبوني فحالي... أنا مش عايز منكم حاجة."
الأم مسكت في إيد بنتها وعيونها مغرقة دموع:
ـ "أنا مش بلومك يا سلمى، بس الجيران ما بيرحموش... بيبصوا عليكِ كل يوم وإنتِ راجعة متأخرة، وكلامهم هيكسر ضهري."
سلمى سكتت، وقفت قدام المرآة الصغيرة المكسورة اللي في الصالة، وشافت انعكاس وشها مجهد، وعينيها مليانة غضب وحزن. في اللحظة دي حسّت إنها محاصرة من كل ناحية: مجتمع بيراقب، أخ مدمن، وأم مكسورة بين الاتنين.
سامى كان راجع البيت متوتر ومشوش بسبب المخدرات، وعينيه حمرا من السهر. دخل لقى سلمى قاعدة بهدوء، من غير شال على كتفها شبه عارية صدرها اغلبه بالخارج وترتدى هوت شورت . حسّ فجأة إنها "مستفزة" أو "متحدياه"، رغم إنها ما كانتش عاملة حاجة.
اتجه ناحيتها بعصبية، رفع إيده يصفعها وهو بيزعق:
– "إنتي فاكرة نفسك إيه؟!"
سلمى اتجمدت مكانها من الخوف، لكن قبل ما إيده تيجي عليها، والدته اتدخلت بسرعة تحوش، والصفعة نزلت على وشها هي.
الست الكبيرة وقفت متألمة ومصعوقة، وسامى لأول مرة حس إنه عمل جريمة في حق أمه. اللحظة كانت تقيلة جدًا، صمت سيطر على المكان، وسلمى اتسمرت مكانها ودموعها وقفت في عينيها، مش قادرة تصدق اللي بيحصل.
سامي بعد ما فقد أعصابه وضرب والدته من غير قصد، سلمى اتصدمت جدًا من الموقف، وبدأت الخناقة الحقيقية بينهم.
---
سامي واقف متوتر، عينه مليانة غضب، بيبص لسلمى اللي ماسكة خد أمه بتترجاها تدخل ترتاح. الأم بتتنهد بتعب وبتقول بصوت واهي:
"خلاص... كفاية... انتو هتفضلوا تتخانقوا لحد إمتى؟ أنا تعبت."
تسيبهم وتدخل أوضتها، ماسكة إيدين أولاد سلمى معاها، كأنها عايزة تحميهم من المشهد.
سلمى بترجع تبص لسامي بعينين كلها تحدي:
"شُفت؟ حتى أمك زهقت منك... إنت مش عارف تمسك نفسك!"
سامي بيشد شعره بعصبية، صوته بيعلو:
"إنتي السبب! إنتي اللي خليتني أفقد السيطرة!"
سلمى تقطع كلامه، صوتها عالي، مليان قهر:
"لأ... إنت اللي ضعيف! وإنت اللي عايز تحمّل غيرك غلّك وقهرك!"
الخناقة بتسخن أكتر وأكتر، وفي لحظة الصمت اللي بعد الصراخ، أصوات الأطفال من جوة الأوضة بتتعالى، باين عليهم الخوف من اللي بيحصل.
سلمى كانت قاعدة على مكتبها في الشغل، باين عليها التعب والهموم، وشادى لاحظ إن وشها مش زي العادة.
قرب منها وقال بابتسامة خفيفة:
– "مالك يا سلمى؟ شكلك مش على بعضك."
سلمى بصتله بضيق وقالت:
– "مفيش… شوية مشاكل كده في البيت."
شادى رفع حاجبه وقال بنبرة جدية ممزوجة بهزار:
– "مشاكل في البيت؟ باين إنها تقيلة عليك… طب إيه رأيك؟ نسهر مع بعض النهاردة. يعني سهرة خفيفة نضحك ونهزر، يمكن تفكي شوية من الهم اللي على دماغك… وأوعدك هرجعك في نفس ميعاد الشغل بكرة الصبح."
سلمى ترددت، لمست شعرها بعصبية وقالت:
– "شادى… مش وقته و****."
هو ضحك وقال بثقة:
– "بالعكس، هو وقته جدًا. أوقات الواحد بيبقى محتاج يهرب حتى ساعتين من اللي هو فيه. جربي، ومش هتخسري حاجة."
سلمى سكتت لحظة، عينيها راحت ناحية الأرض وهي بتفكر… الحيرة واضحة بين إنها ترفض أو تستسلم لفكرة الهروب المؤقت.
رفعت رأسها بسرعة، وعينيها متسعتان بالرفض التلقائي:
"لا يا شادي، مش هينفع… أنا مش من النوع ده."
ابتسم بثقة أكبر واقترب قليلًا:
"إيه بس يا بنتي، ده مجرد سهرة… مكان شيك، موسيقى هادية، ونتكلم براحتنا. صدقيني مش هتخسري حاجة."
أدارت وجهها عنه في محاولة للتمسك بموقفها، لكن إلحاحه المستمر وضغطه بكلمات مطمئنة كان كالمطرقة على جدارها المتصدع. ومع كل محاولة للاعتراض، كان يجد ثغرة يُدخل منها جملة تجعلها تتردد.
وأخيرًا، وبعد تنهيدة طويلة، قالت بصوت منخفض بالكاد يُسمع:
"ماشي… بس دي أول وآخر مرة."
ارتسمت ابتسامة الانتصار على وجهه، بينما هي شعرت بأن قدميها انزلقتا خطوة أخرى في طريق لم تكن تود دخوله.
كانت السهرة ماشية بخطوات هادئة، أنغام الموسيقى ناعمة لكن لها إيقاع يخلي الروح تتموّج مع كل نغمة. الإضاءة خافتة، والجو مليان دخان سيجار فاخر ممزوج برائحة الخمر اللي بيصبّها النُدُل على الطاولات حوالينهم.
سلمى قاعدة متحفظة، ماسكة شنطتها على حجرها، كل شوية تبص حواليها بحذر. قلبها متوتر، حاسة إنها غريبة عن الجو ده. أما شادي، فكان قاعد واثق، مسترخٍ، وبشوش، يراقبها بنظرات صائد ماهر عارف فريسته.
مد إيده على الكاس وسكبه قدامها وهو بيبتسم:
– "جرّبي.. مشروب خفيف، هيريّحك، هيخليكي تنسي التوتر."
هزّت راسها بسرعة:
– "لأ يا شادي، أنا عمري ما شربت الحاجات دي.. ومش ناوية."
هو ضحك بخفة:
– "مشروب واحد مش هيغيّر حياتك يا سلمى، بالعكس.. هتلاقي الدنيا أبسط بكتير من اللي في دماغك."
– "قلتلك لأ." صوتها كان فيه نبرة حاسمة، لدرجة إنها مسكت شنطتها كأنها هتقوم.
هنا اتغيرت ملامحه، لكنه بسرعة لبس قناع الإصرار الناعم:
– "لحظة، متتعصبيش. أنا مش عايز أخسرك في ليلة زي دي. اسمعي.. إنتي عارفة قد إيه أنا معجب بيكي؟ أنا شايف فيكي حد مختلف. بس لازم تدي لنفسك فرصة تشوفي الحياة من زاوية تانية. كأس واحد بس، وبعدين لو لقيتي نفسك مش مرتاحة، مش هضغط عليكي تاني."
كلامه كان زي شبكة، ينسجها حوالينها بخيوط منطق وإطراء. هي بصّت له بعيون مترددة، حاسة إنها محاصرة بين كبرياءها ورغبتها إنها ماتخسرهوش.
أخدت نفس عميق، وبصوت متردد قالت:
– "آخر مرة يا شادي.. لو مش حبيت طعمه مش هكمل."
ابتسم بانتصار وهو يقرّب الكأس منها.
سلمى رفعت الكاس على استحياء، قربته من شفايفها، ريحة الخمر دخلت لأنفها بقوة وخلّت معدتها تتقلّب. أخدت رشفة صغيرة جدًا.. وطعم مر لاذع غريب انفجر في حلقها.
اتغيرت ملامحها، وبعدها حطّت الكاس بسرعة على الطاولة وقالت وهي مشمئزة:
– "إيه القرف ده؟! طعمه وحش أوووي.. لأ، مش قادرة."
ضحك شادي ضحكة صغيرة، وفي عينيه بريق رضا: هو عارف إن الخطوة الأولى اتاخدت، حتى لو كانت صغيرة.
حطت الكاس بسرعة على الطاولة وقالت وهي عاملة حركة بوشها:
– "إيه القرف ده؟! طعمه وحش جدًا!"
ضحك شادي ضحكة صغيرة، وقال بنبرة هادية وهو بيقرب منها:
– "هو كده في الأول… بس بعد شوية بتتعودي، وساعتها بتحسي إنه بيهدي أعصابك."
سلمى هزت راسها بسرعة وقالت:
– "لا، مش ليا. أنا حتى مش قادرة أبلع منه تاني… لأ خلاص."
كانت لهجتها حاسمة، حاطة خط واضح بينها وبين الكاس.
لكن شادي كان لسه مبتسم، ملامحه بتقول إنه مش هيستسلم بسهولة.
كانت سلمى قاعدة قدام الكاس، إيدها مترددة، وعينيها رايحة جاية على شادي اللي ماسك كاسه بثقة. قلبها بيقولها تسيبه وتمشي، لكن في حاجة جواها بتشدها تكمل.
شادي (بهدوء وابتسامة واثقة):
– مش هتعرفي الطعم غير لو جربتيه مرة واحدة… شوفي.
يمسك الكاس ويرفعه قدامها، يدوّر السائل في حركة بطيئة كأنه بيغريها، وبعدها يشربه كله مرة واحدة، وينزل الكاس على الترابيزة وهو بيضحك.
شادي:
– شايفة؟ سهلة أزاي. ولا حاجة.
سلمى تبص له بصدمة وخوف، لكن في نفس الوقت إحساس التحدي بيكبر جواها. بتحس كأنها في اختبار لازم تثبت فيه إنها مش أضعف منه.
تمسك الكاس بإيد مرتعشة، تقربه من شفايفها، وبعدين تبعده بسرعة.
سلمى (بصوت مبحوح):
– ريحته مش مريحة…
شادي (بابتسامة مطمئنة):
– ده أول إحساس بس… اشربيه مرة واحدة ومش هتحسي بحاجة.
سلمى تاخد نفس عميق، وتشد الكاس بكل قوتها وتفرغه في بوقها مرة واحدة. أول ما السائل ينزل في حلقها تحس بحرقة شديدة، تكاد تسعل، لكن تجبر نفسها تكمل للنهاية.
تحط الكاس على الترابيزة بقوة، عينيها بتدمع من المرارة والحرقة.
سلمى (بتكتم شهقة):
– إيه ده! طعمه وحش… وحش أوي!
تقوم بسرعة وتبعد وشها كأنها هتترجع، تمسك في بطنها وتتنفس بصعوبة.
شادي يضحك بخفة وهو بيقرب منها، عينيه كلها انتصار:
– كلنا قولنا كده أول مرة… بس صدقيني، المرة الجاية هيبقى أسهل.
لما حاول شادي يمد لها الكأس من تاني، رفعت سلمى إيدها بهدوء وقالت:
– "لا خلاص… مش عايزة تاني."
ابتسم ابتسامة مطمئنة، كأنه بيتفهم رغبتها، وقال:
– "ماشي… زي ما تحبي. إحنا مش جايين نكسر قواعدك، إحنا جايين نفرح."
جلس قدامها، وصوته بقى أهدى، فيه نوع من القرب اللي يخلي الكلام يدخل القلب بسهولة. ابتدى يحكي معاها عن حاجات عادية، يضحكها مرة، ويطبطب بكلامه مرة تانية. كانت عزيزة مترددة، قلبها بيقولها ترجع البيت، لكن لسانها انفك فجأة وهي بتحكيله:
– "عارف يا شادي… أنا طول الوقت حاسة إني غريبة جوه بيتي. سامي مش شايفني، ولا بيسمعني. حتى قبل ما اتجوز… حياتي كانت دايمًا كده. طليقـي نفس الشيء… عمري ما حسيت إني ست ليها قيمة."
سمعها باهتمام، مابيفوّت كلمة، ومابيحاولش يقاطعها. لمحت في عينيه نظرة غير مألوفة: نظرة اهتمام صادق أو على الأقل بارع في إظهارها.
هو قال:
– "بصي… أنا مش عايزك تفكري في أي حاجة من دي دلوقتي. إحنا هنا عشان نضحك… عشان ننسى."
ردّت بابتسامة صغيرة، غريبة حتى عليها، وقالت:
– "مش عارفة ليه… رغم إنه كاس واحد، بس حاسة إني مبسوطة. يمكن عشان دي أول مرة، يمكن عشان معاك."
شادي قرب منها أكتر، مابيعملش ضغط ولا بيزود حاجة، بس بيستغل اللحظة. الكاس البسيط ده كان كافي يخليها تحس بخفة في روحها، وبابتسامة خجولة على وشها، كانت بداية أول خطوة في طريق طويل مش متخيلاله نهاية
سلمى تبص له بنظرة غضب وارتباك، لكن جواها في لحظة غريبة بتحس إنها دخلت سكة مش قادرة ترجع منها.
بعد ما خلصت الكأس الأولى وهي مترددة، بدأت تشعر بحرارة في صدرها ولسانها يتقل شوية، لكن فيه حاجة جواها بتقول لها إنها محتاجة تكمل.
مدّ لها شادي الكأس التانية بابتسامة جانبية، وقال:
– "شوفتِ؟ أول مرة دايمًا صعبة… التانية أسهل."
بتاخد الكأس بإيدها وهي مترددة، بتشم ريحته، تتقزز، لكن عينيها فيها تحدي غريب، كأنها عايزة تثبت لنفسها إنها تقدر. رفعت الكأس وشربته دفعة واحدة وهي مغمضة عينيها.
بمجرد ما خلصت، كحّت ودموعها نزلت من قوة الطعم:
– "طعمه مقرف… بس… نفسي أكون مبسوطة، أنسى الحزن… أنسى المشاكل."
شادي قرب منها وحط إيده على كتفها وقال بهدوء:
– "أهو ده… اللي أنا عايزه منك، إنك تنسي… وتعيشي. الدنيا مش مستاهلة."
ابتسمت ابتسامة باهتة، ورجعت الكرسي لورا وقالت له:
– "هات تانى ."
بصّ لها شادي باستغراب ممزوج بإعجاب، وضحك:
– "إيه ده؟ لسه بتقولي طعمه وحش؟"
قالت له وهي بتسند راسها بإيدها:
– "طعمه وحش… بس يمكن يخلي جوايا يبقى حلو."
ضحك شادي، وملالها الكأس التالت. شربته أسرع المرة دي، وسابت نفسها تميل ورا على الكنبة، وبدأت تضحك فجأة من غير سبب.
بدأت تضحك ضحكة مختلفة، مش الضحكة المتكلّفة اللي كانت بتطلقها أحيانًا قدام الناس، دي ضحكة طالعة من قلبها، مليانة خفّة وحس إنها أخيرًا بتفك من قيودها. كانت الكاس قدامها يفضى بسرعة، وما تلحقش تسيب الكاس على الطاولة إلا وتلاقي إيد شادي عاملة حسابها، يمدّ إيده ويملأه من جديد وهو مبتسم ابتسامة واثقة.
قالت وهي تتمايل قليلًا:
– "هو طعمه وحش… بس عارف؟ نفسي أنسى… أنسى الحزن… أنسى المشاكل اللي ملهاش آخر… نفسي أكون مبسوطة ولو ليلة واحدة."
هزت الكاس تاني كأنها بتتحدى نفسها، وشربت جرعة أكبر من اللي قبلها. عينيها بقت تلمع بحرية جديدة، ولسانها بدأ ينطلق بكلام ما عمرها قالته لحد. حكَت عن وحدتها، عن قسوة بيتها، عن اللي اتسرق من عمرها وهي لسه عايشة كأنها مش عايشة. وشادي، من غير ما يقاطعها، كان يضحك معاها ويقرّب الكاس من إيدها كل ما يفرغ، كأنه بيغذّي لحظة سقوطها بنفس القدر اللي بيغذّي ضحكتها.
كانت سلمى أول ما الكاس يفضى تمد إيدها بخجل وتقول:
– "هو طعمه مر… بس… مش عايزة أوقف، نفسي أضحك… أنسى شوية."
وشادي، بابتسامة واسعة، يملأ الكاس من جديد وكأنه عارف إن كل رشفة بتاخدها بتفك عقدة جواها.
شربت للمرة التانية، ووشها بدأ يسخن وتحس بوشوشها بتتورد. ضحكت فجأة ضحكة بريئة، وبصوت عالٍ ما كانتش متعودة عليه:
– "ياااه… أنا عمري ما ضحكت كده من سنين."
كانت بتحرك إيدها وهي بتحكي حاجات من قلبها: عن الوحدة اللي حستها مع جوزها، عن ليالي السكون اللي كان بيطن فيها الصمت أكتر من أي صوت، وعن إنها ساعات بتبكي من غير سبب.
وشادي سايبها تتكلم، يهز راسه باهتمام، وأول ما الكاس يفضى يمد إيده بسرعة ويصب من جديد، وكأنه بيقول لها: "كمّلي، أنا سامعك."
التالتة بقت أخف، راحت الكلمات طالعة من غير ما تفكر، كل اللي كان مكبوت من سنين بدأ يتسرب معاها.
قالت وهي بتضحك نص ضحكة ونص دمعة:
– "عارف؟… أنا نفسي أكون مرة واحدة مبسوطة… من غير قيود، من غير حسابات."
عارف جوزى كان ضعيف مكنتش اعرف حاجة خالص يحطه ويجبهم وخلاص على كده خلفت العيلين وخلاص بس لما بابا تعب ورحت المستشفى اتعرفت عالدكتور سامى بقينا صحاب كنت بتتكلم معاه على مشاكل عندى اتكلمنا فى كل حاجه كل حاجه فهمنى الجنس اللى بجد رحت لجوزى لقيته زى ما هو ضعيف لحد ما فى يوم شافنى بكلمه وشاف المحادثة طلقنى طب اعمل ايه مش هو اللى تعبان
ضحكها كان عالي، وإيدها بقت تتحرك بعفوية، تمسك شعرها وترجعه ورا وهي بتحكي، كأنها رجعت بنت صغيرة.
وشادي عينه ما فارقتهاش، عارف إنه كسب خطوة جديدة في انهيارها.
بدأت الموسيقى تعلو في المكان، أنغامها ثقيلة كأنها تلتف حول جسد سلمى المترهل من السكر. حاولت أن ترفع رأسها لتتابع مصدر الصوت، لكن عينيها كانتا تتراقصان وحدهما بلا تركيز. كلما حاولت أن تتحرك لتنهض من مكانها، شعرت وكأن الأرض تسحبها إلى الأسفل، وكأن الكرسي الذي تجلس عليه صار جزءًا من جسدها.
ابتسم شادي وهو يراقبها بهذا الحال، ثم مد يده ورفع الكأس أمامها مرة أخرى، لم يتركها تفرغ لحظة حتى أعاد ملئها، بينما هي تضحك بلا سبب واضح، تضحك ثم تنتقل فجأة لتتكلم بصراحة غريبة:
ـ "أنا… أنا عمري ما اتكلمت كده مع حد… انت عارف يا شادي… أنا حتى طليقى ما يعرفش عني نص اللي أنا بقوله دلوقتي."
حاولت أن تمسك الكأس بيد ثابتة لكنها ارتجفت، فامتدت يد شادي بثقة ليسندها ويقرب الكأس من شفتيها، وهي تبتسم له بخجل ممتزج بارتباك. الموسيقى من حولها ازدادت قوة، كأنها تدفعها للغوص أكثر في حالتها، وكل محاولة منها للنهوض كانت تبوء بالفشل، تتحرك قليلًا ثم تعود ساقيها لتخونها.
قال لها شادي وهو يقرّب فمه من أذنها ليتغلب على صوت الموسيقى:
ـ "خليكي مكانك… متقومييش… الليلة دي ليكي… سيبي نفسك خالص."
ارتعشت وهي تسمع كلماته، لم تعد قادرة على التمييز بين الخوف والمتعة، وبين الغياب واليقظة. كل ما شعرت به أن رأسها صار أخف من جسدها، والموسيقى تسيطر على أنفاسها، بينما كأسها لا يظل فارغًا أبدًا بفضل يده.
الجزء الثالث
تبدأ الموسيقى تعلو في المكان، والأنوار تتحرك حوالين عزيزة كأنها دوامات بتسحبها جوه عالم غريب. حاولت تقوم من مكانها لكن رجليها مش شايلة جسمها، إيديها بتترعش، وكل حركة بتكون أبطأ من إنها تخلّيها توازن نفسها.
شادي يقرب منها بابتسامة وهدوء مصطنع، يمد إيده كأنه بيمد لها طوق نجاة:
– "عزيزة، إنتِ كده مش هتعرفي تروحي… تعالى ارتاحي عندي شوية، دقيقة بس، وبعدها أرجّعك بيتك."
هي تبصله بعينين تايهة، مش قادرة تقول "آه" ولا "لأ"، لسانها تقيل وجواها صوت ضعيف بيقولها "لا"، لكن جسدها خلاص مستسلم. هو يمسك إيدها بلطف لكنه في الحقيقة بيقودها لمصير أكبر من إنها تدركه دلوقتي.
خطوتها الأولى ورا شادي مش بإرادتها… دي نتيجة إنها خلاص في عالم تاني، غايبة عن كل قرار.
باب الملهى الليلي بيتفتح، والأنوار المبهرة مع موسيقى صاخبة بتتسرب للشارع.
سلمى خارجة متعلقة في ذراع شادي، خطواتها متقطعة وكأن كل خطوة بتسحب معها آخر بقايا كرامتها.
شعرها منكوش، المكياج سايح، وفستانها غير مهندم، الكتف ظاهر بشكل فاضح وهي مش قادرة تعدّل نفسها.
شادي يحاول يظهر إنه بيسندها، لكن ابتسامته فيها خبث واستمتاع بالمنظر.
الكاميرا تتابعهم لحد السيارة… هي تحاول تضحك بس ضحكة مكسورة، والناس اللي على باب الملهى يبصوا باستغراب واشمئزاز.
الانتقال للعمارة:
المشهد يقطع على السيارة وهي بتقف قدام عمارة سامي.
الحارس شايفهم، يرفع حاجبه في صمت، عينه فيها استحقار وهو يتابع عزيزة اللي متعلقة في شادي كأنها غريقة.
لما تعدي من جنبه تتعرقل في الخطوات، يبان الفستان أكتر غير متماسك، والشارع هادي مقارنة بالملهى، فيبرز صوت كعبها المتعثر ونَفَسها الثقيل.
الحارس يشيح بوجهه، يخرج نفس طويل باستخفاف، كأنه بيقول لنفسه: "مجرد عاهرة"
كأن الزمن توقّف عند لحظة الجلوس.
سلمى ممدّدة على الأريكة، نصف جسدها متراخٍ ونصفه الآخر يقاوم سقوطًا داخليًا أعمق من أي هاوية مرّت بها من قبل. الموسيقى تتسلل في أذنيها، لكنها لا تسمعها، بل تشعر بها كذبذبات غريبة تهزّ أعصابها المرهقة.
كانت عيناها نصف مغمضتين، تترنحان بين وعي يرفض أن يُسحق وضياع يستدرجها بحنانٍ قاسٍ. لم ترَ شيئًا حولها؛ لا الشقة، لا تفاصيل المكان، ولا حتى انعكاس جسدها على الطاولة الزجاجية. العالم كلّه صار غائبًا، مطموسًا، كأن الستائر سُحبت على حواسها جميعًا.
داخلها صراع هائل: جزء صغير من عقلها يصرخ طالبًا النجاة، يذكّرها بأنها هنا، وأنها يجب أن تقوم وتقاوم، لكن هذا الصوت كان خافتًا، غارقًا في ضباب سميك. أما الجزء الآخر فمستسلم تمامًا، يترك نفسه للموجة التي تسحبها بعيدًا، موجة ثقيلة تشبه النوم لكنها ليست نومًا، تشبه الموت لكنها أكثر قسوة.
وبينهما، كانت سلمى أسيرة.
لم تعرف هل هي ما تزال على قيد الحياة، أم أن كل ما تشعر به وهمٌ طويل. كل ما كانت تعرفه أن جسدها خانها، ووعيها يتفتت كزجاج هشّ.
لم تكن سلمى ترى شيئًا من تفاصيل الشقة؛ الجدران، الأثاث، حتى الأضواء بدت كأنها ذابت في ضباب كثيف يحيط بعينيها. كل ما كان حاضرًا هو إحساس غامض يثقل صدرها، شعور بالانفصال عن نفسها، كأنها تعيش خارج جسدها، تراقب من بعيد دون قدرة على التدخل.
الكأس بين يديها لم تعد كأسًا، بل نافذة إلى نفق بلا نهاية، وكل رشفة كانت تُطفئ شمعة من وعيها، وتتركها أكثر عُرضة للتيه. كانت هناك لحظة صغيرة، خاطفة، حاولت فيها أن تسأل نفسها: لماذا أنا هنا؟ لماذا أسمح بهذا؟ لكن الصوت انطفأ سريعًا، غرق في موجة أخرى من الدوخة التي التهمت ما تبقّى من عقلها.
شادي، بدهاءه المعتاد، لم يُفلت الفرصة. كان يعرف كيف يقدّم لها الخمر وكأنه يمدّ لها يد العون، بينما في الحقيقة كان يسحبها أعمق نحو هاوية مظلمة. ابتسامته الهادئة، كلماته التي تتسلّل إلى أذنها كأنها طمأنينة، كل ذلك كان ستارًا يخفي نواياه.
وفي لحظة لم تستوعبها، كان قد اقترب أكثر، يتعامل مع غيابها عن وعيها كتصريح غير منطوق. لم تدرك متى اختفى آخر خيط من مقاومتها، ولم تشعر سوى بجسدها يُقاد دون إرادة، كأنها ورقة وقعت في تيار قوي لا يرحم.
كان هو حاضرًا بوعي كامل، وهي غائبة عن ذاتها، يختلس منها ما لا تعلم، بينما قلبها يترنح بين الخوف والفراغ، بين سؤال لم يُكتمل وجواب لم يُولد.
في صباحٍ ثقيلٍ برأسٍ يدور وضباب يلف ذاكرتها، فتحت سلمى عينيها ببطء.
رأت سقفًا غريبًا، ورائحة حادة للخمر تملأ المكان. حاولت أن تنهض، فجاءها الإحساس المفزع: جسدها مرهق، ملابسها غير مرتبة. التفتت بارتباك، لتجد شادي مستلقيًا بجوارها، نصفه مغطى بالغطاء، يتنفس بعمق وكأنه في نوم هادئ.
تجمدت ملامحها، وارتعشت يداها وهي تضعهما على وجهها، تلطم خديها في صدمة، والدموع تتساقط بلا وعي.
همست بصوت متقطع:
"أنا... أنا إيه اللي حصل؟!"
فتح شادي عينيه بتكاسل، وألقى عليها نظرة نصف مازحة، نصف متعمدة. ابتسم ابتسامة باردة وقال بصوت خافت:
"إهدي يا سلمى... إحنا كنا مخمورين... واللي حصل طبيعي."
ارتجفت أكثر، وصاحت بصوت مبحوح:
"إزاي؟! أنا... ما فاكرةش حاجة!"
اقترب منها بخبث، واضعًا يده على كتفها محاولًا تهدئتها:
"ما تشيليش هم... أنا بحبك، وهاخدك مراتي... محدش هيعرف حاجة."
لكن كلماته لم تهدئها، بل زادت الصدمة في عينيها، وكأنها تسمع حكمًا بالإعدام على روحها.
كانت عينَي سلمى متورمتين من البكاء، وجسمها منهك، وكأن كل خلية فيها بترجف من التعب. مدّت يدها ناحية الشنطة بتاعتها بتلقائية، تدور على الموبايل، يمكن تلاقي أي خيط يربطها بالواقع. لكن شادي كان أسبق، سحب التليفون من الترابيزة وهو يبتسم ابتسامة واثقة:
– "مستعجلة على إيه؟ خليكي معايا شوية، الدنيا لسه بدري."
مدّ إيده بيها ليها، وكأنّه بيقدملهالها منحة، وهي بتاخده بإيد مرتعشة. أول ما فتحت الشاشة، اتصدمت. عشرين مكالمة فائتة من أمها، وأرقام من البيت، ورسائل قصيرة بتتكرر: "إنتي فين يا سلمى؟… ردّي عليا أرجوكي…"
سلمى حسّت إن الأرض اتفتحت تحت رجليها. قلبها بيدق بسرعة، ودمها بيخبط في ودانها. بصّت على الساعة: ١٢ الضهر. النهار عدى من غير ما تحس، ومن غير ما تروح.
همست بصوت مبحوح:
– "يا نهار أبيض… أنا ما روحتش من امبارح! أنا هقولهم إيه دلوقتي؟!"
اتخيلت أمها وهي قاعدة طول الليل مرعوبة، مستنية، يمكن فاكرة إنها حصلها مصيبة. دموعها نزلت من غير ما تحس، وهي تضغط على الموبايل بيدها كأنها عايزة تكسره.
شادي قرب منها بهدوء، قعد جنبها، وصوته ناعم كأنه بيتسرب جوا عقلها:
– "إهدي يا حبيبتي… عادي. تقوليهم كنتي مع صاحبتك… أو كنتي تعبانة ونمتي عندها. كل البنات بتعمل كده."
لكن كلماتها داخليًا كانت بتصرخ: "أنا عمري ما عملت كده! دي مش أنا! إزاي هغلط الكذبة دي على أمي؟"
مسحت دموعها بإيدها المرتعشة وقالت بحرقة:
– "بس أمي هتموت من القلق… هتصدق إزاي إني نسيت أرد عليها؟!"
شادي ضحك ضحكة صغيرة، ما بين التهكم والتطمن:
– "هتصدقك لأنك بنتها… وبعدين، هو إيه يعني؟ يوم عدي… الدنيا مش هتقع. بالعكس، إنتي محتاجة تعيشي، تبعدي عن الخنقة اللي انتي فيها. أنا الوحيد اللي فاهمك."
صوته كان عامل زي شبكة عنكبوت، بيلف حواليها ببطء، وهي عاجزة تقطع الخيوط. قلبها من جوا بيقولها تجري، تاخد شنطتها وتفتح الباب وتجري من غير ما تبص وراها. لكن جسمها كان تقيل، ومخه مشوش، كأن الضباب رابطها مكانها.
نظرت تاني للتليفون، وشافت المكالمات المتكررة، ودموعها نزلت من جديد. قالت بين شهقات:
– "أنا ضيعت نفسي… ضيعت ثقة أمي… أنا مش عارفة هرجع إزاي!"
شادي مسك إيدها وضغط عليها، وكأنه بيرسخ سلطته:
– "مفيش حاجة ضايعة. إنتي معايا… وأنا اللي هكون ضهرك من هنا ورايح. أمك هتهدى… والوقت هيخليها تنسى."
لكن جواها كان في صوت أضعف بس أصدق، بيقول: "هو السبب… هو اللي رماني في الوحل… بس أنا كمان اللي سمحت…"
وبين لحظة ورا التانية، شعرت إنها أسيرة بين ذنبها وبين خدر كلماته. لا قادرة تنهض وتروح، ولا قادرة تبتلع حقيقة اللي بيحصل.
لكنها لا ترد. بعينين زائغتين تجمع ثيابها بسرعة وترتديها، وكأنها تهرب من جريمة لم ترتكبها. تتفادى النظر إليه، ثم تغادر بخطوات مرتبكة، يلاحقها صدى كلماته داخل رأسها.
ترجع سلمى البيت بالليل، هدومها مش مرتبة وشعرها مبعثر شوية، تحاول تعدّل نفسها على السلم قبل ما تفتح الباب. أول ما تدخل، تلاقي سامي قاعد ومعاه أمها، قاعدين مستنيينها.
سامي يرفع نظره فيها باستغراب:
"هو إيه المنظر ده يا سلمى؟ إنتي فين لحد دلوقتي؟"
أمها تتكلم بحدة ممزوجة بقلق:
"أنا كلمت صاحبتك يا بنتي، قالتلي إنها ما دخلتش مستشفى ولا حاجة. إنتي كنتي فين؟"
عزيزة تاخد نفس عميق وتحاول تضحك بتوتر:
"يا ماما يمكن ما فهمتش… أنا كنت معاها فعلاً… التليفون كان صامت، ما خدتش بالي…"
لكن عيونهم بتفضح إنهم مش مصدقين. سامي يقرب منها:
"حتى لو معاها… المنظر ده بيقول حاجة تانية خالص. إنتي شربتي؟!" ريحتك خمرة الريحة دى انا عارفاه كويس
تتجمد ملامحها، وبصوت عالي يخرج لأول مرة منها بحدة:
"كفاية بقى! سيبوني في حالي… مش ناقصة تحقيق منكم!"
ثم تنسحب إلى غرفتها، تغلق الباب، وتسند ظهرها إليه، تنهار دموعها في صمت، وهي تتساءل عن الخطوة القادمة في هذا الطريق المظلم.
"سامى... قولى، إنت متأكد؟ دى... دى بجد ريحة خمرة؟ يمكن انت متوهم... يمكن حد كان معدّي قبلك؟"
سامى شد نفسه وقال بنبرة واطية لكن متأكدة:
– "لأ يا ماما، أنا عارف الريحة كويس... دى مش أول مرة أشمها. دى كانت سكرانة... شوفى كلامها، وشكلها... مش سلمى اللى نعرفها."
الأم حطت إيدها على راسها، صوتها اتكسر:
– "يا نهار أبيض... يعنى بعد كل اللى عدى علينا، دى كمان وقعت في داهية تانية؟! دى جابت العار لينا يا ابنى... إزاى؟ إزاى؟"
سامى اتنهد بعصبية، إيده متشنجة:
– "أنا مش هسكتلها، مش كل مرة نقول يمكن تتعدل. المرة دى لأ... دى ماشية في طريق مش هترجع منه إلا لما يضيع كل حاجة. أنا هشوف حل معاها، ولو بالقوة."
الأم بصت له بخوف:
– "قوة؟ هتعمل إيه يا سامى؟ دى أختك، متنساش... مهما عملت، دمها من دمك."
سامى بص للباب المقفول وقال بغيظ:
– "أختى أو لأ، لو فضلت كده هتضيعنا معاها."
سلمى قاعدة في أوضتها، كل حاجة حوالينها ساكتة، بس جواها دوشة. بتحاول تهوّن على نفسها وتقول:
"هو قال حيتجوزني… يبقى اللي حصل عادي. وبعدين إحنا كنا شاربين… أنا مكنتش في وعيي أوي. يعني… مش غلطي."
بس في نفس الوقت، كل ما تحاول تدي مبرر، يطلع صوت داخلي يعاكسها:
"طب لو هو فعلاً ناوي يتجوزني، ليه مستعجل كده؟ وليه مكنش في وعيه زيي؟"
ترجع ترد على نفسها:
"ماهو يمكن الحب كده… ويمكن أنا معقدة الأمور… أي واحدة بتحب بتعمل كده."
وتفضل تلف وتدور جوا عقلها، بين التبرير واللوم، بين إنكار اللي حصل وتصديقه. وتحاول تقنع نفسها إن ده مش أول ولا آخر علاقة، وإن الطبيعي إن الجواز يبدأ بكده.
بس رغم كل المبررات، فيه وجع تقيل قاعد على صدرها، حاجة بتقولها إن الليلة دي مش عابرة… وإنها مش حتقدر تمحيها بسهولة.
كانت سلمى قاعدة في هدوء، تحاول تقنع نفسها إن اللي حصل مجرد تجربة عابرة… لكن جواها، في أعماقها، كان فيه صوت تاني بيهمس بشدة:
"افتكري الإحساس… افتكري الضحكة اللي خرجت منك من غير خوف، افتكري الراحة اللي مسحت كل الهموم… ما كانش فيه وجع ولا حزن، كان فيه خفة وسعادة كأنك **** صغيرة بتلعب من غير قيود."
سلمى حاولت تصد، تحاول تقول لنفسها: "أنا كنت ضعيفة… دي كانت غلطة… مش هتتكرر."
لكن الحقيقة إن قلبها ما كانش سامع الكلام ده.
كان بيجري ناحية الذكرى، متعلق باللحظة اللي حسّت فيها إنها حرة لأول مرة.
وبين لحظة وأخرى، الاشتياق كان بيتسلل جوه روحها… شعور صادق ورغبة صافية إنها تلاقي الكأس قدامها دلوقتي، في اللحظة دي بالذات. كانت تتمنى لو تقدر ترجع للدوامة الحلوة اللي نسيّتها كل وجعها.
سلمى قاعدة ساكتة، عينيها فيها لمعة غريبة، كأنها لسه عايشة في أثر النشوة اللي حسّتها. جواها صوت بيهمس لها إنها عايزة تكرر الإحساس ده، وإن الدنيا كلها تبقى خمر وسعادة.
فجأة الباب بيتفتح بعنف، سامي داخل ومعاه أمه. بيقطع الشرود اللي كانت غرقانة فيه.
سامي بيهجُم عليها، يمد إيده يضربها وهو بيزعق:
– "كنتي فين يا قليلة الأدب؟!"
لكن المرة دي سلمى ما بتسكتش، بتشد إيده وترد بقسوة في عينيه:
– "إيدك دي لو اترفعت عليا تاني هقطعها ا!"
أمه مذهولة من ردّها، تتدخل بسرعة وهي رافعة إيدها بينهم:
– "كفاية بقى! مش ناقصين فضايح! قولي يا سلمى كنتي فين؟"
سلمى تلتفت لها بهدوء مصطنع، تحاول تبين إنها مش مهتمة:
– "قولتلك يا ماما، كنت عند صاحبتي... خلاص."
نامت سلمى تلك الليلة نومًا متقطعًا، رأسها مثقل بأفكار متضاربة، لكن مع الصباح ارتدت ملابسها كالمعتاد وتوجهت إلى عملها. حاولت أن تبدو طبيعية أمام زملائها، كأن شيئًا لم يحدث، لكن داخلها كان هناك قلق مكتوم لم تعرف له تفسيرًا.
حين دخلت مكتب شادي، لاحظت فورًا أن معاملته تغيّرت. لم يكن بنفس التحفظ الذي اعتادت عليه؛ بل صار يقترب منها أكثر من اللازم، ولمساته باتت أكثر جرأة، حتى نبرة صوته في الكلام صارت مشبعة بإيحاءات لم تعهدها منه من قبل.
تراجعت خطوة للخلف، ونظرت إليه بجدية قائلة:
– "إيه اللي حصللك يا شادي؟ إنت بتتعامل معايا كده ليه؟"
ابتسم بثقة، واقترب منها أكثر وهو يقول:
– "أنا شايفك مش زميلة وبس... أنا بتعامل معاكي كإنك مراتي."
شعرت سلمى بارتباك شديد؛ قلبها دق بعنف بين خوف ودهشة، لم تعرف إن كانت هذه الكلمات بداية سقوط جديد... أم أنها لحظة اختبار حقيقية لمدى قدرتها على المقاومة.
تطلعت إليه بعيون نصف مبتسمة ونصف حزينة، وقالت بصوت مخنوق:
– “انت لو تعرف نفسي في إيه دلوقتي… حتستغرب.”
رفع حاجبه باستغراب وسألها:
– “في إيه يا سلمى؟”
تنهدت وهي تلعب بأصابعها بتوتر، ثم همست كأنها تعترف بخطيئة:
– “نفسي في كاس…”
سكت شادي لحظة، عيونه اتسعت بدهشة، وبعدين ابتسم ابتسامة ماكرة وهو يقرب منها أكتر:
– “أهو أنا بقول إنك بقيتي مراتي… ومراتي لازم تعيش اللي بتتمناه.”
شادي (بابتسامة ماكرة):
"ميصحش كده يا سلمى ، تشربي قصاد الموظفين! الناس عيونها مفتّحة، وكل كلمة بتتقال هنا بتتكرر برّه."
سلمى (بلهفة وهي بتحاول تخبي توترها):
"طب وأنا مالي بالناس… أنا عايزة دلوقتي وخلاص."
شادي (قرب منها وهمس بصوت واطي):
"بقولك إيه… تعالى معايا البيت، هناك محدش هيشوفك، ولا هيحاسبك، وتشربي براحتك… كاس ورا كاس لحد ما تنسي الدنيا كلها." كمان مفيش عندى هنا
دخلت بيت شادي وهي مترددة في الأول، لكن المرة دي محدش ضغط عليها ولا حاول يغريها. الكاسات كانت قدامها، والزجاجة جنبها، ولأول مرة مدت إيدها من تلقاء نفسها. صبت لنفسها كاس وشربت… ابتسمت بخفة:
– "الطعم مش وحش… بالعكس، مريح."
فضلت تشرب لحد ما وشها احمر وسكرت وابتسامتها اتسعت. حسّت بخفة في روحها، كأن الدنيا اللي كانت بتخنقها بقت بسيطة فجأة. وبعينين لامعتين، طلبت من شادي:
– "هاخدها هدية… زجاجة صغيرة أخدها معايا."
هو ضحك بهدوء، كأنه كان متوقع اللحظة دي من زمان، ومد إيده بالزجاجة. "براحتك، بس خدي بالك من نفسك."
ولأول مرة، وهي خارجة من عنده، حسّت بالأمان في وجوده… مش لأنه لمسها أو خدعها، لكن لأنه وفّر لها ملاذ بعيد عن برودة بيتها. وفي النهاية، وصلها لبيتها زي ما هي، من غير ما يحاول يقرب منها ، وكأنه عارف إنها محتاجة الوقت ده عشان تغرق لوحدها.
في المساء.. باب الشقة يتفتح فجأة بصوت عنيف، وتدخل سلمى وهي بتترنح، ماسكة في إيدها كيس أسود ملفوف جواه الزجاجة اللي شادي جابها لها "هدية".
بتسند بجسمها على الباب وهي بتحاول تقف متوازنة، لكن عينيها نص مفتوحة والكلمات مش مترتبة.
سلمى (بضحكة مكسورة):
"مامااا.. شوفي بقى.. أنا جبتلك هدية.. هدية بتوجع وتنسي.."
الكيس يفلت من إيدها ويقع على الأرض، صوت الزجاجة وهي بتتدحرج يملأ الصالة، وهي تنهار جنبه وتترمي عالأرض، راسها تخبط في الحيطة بخبطة خفيفة.
الأم تطلع من الأوضة مذعورة، وبمجرد ما تشوفها مرمية كده، عينيها تتملي دموع، وتصرخ بصوت عالي وتلطم على خدها:
الأم:
"يا ساتر يا رب.. يا سلمى.. إيه اللي جرالك؟! دا أنا ربيت وربيت عشان آخرها كده؟!"
بتجري عليها تحاول ترفعها من الأرض، بس سلمى بتضحك ضحكة هستيرية، دموعها نازلة، ورائحة الخمرة مالية المكان.
الأم (تصرخ وهي تلطم):
"سامى مش هنا حيعمل ايه لما يشوف الكارثة! يا فضيحتي مع الجيران.. يا ضياعك يا بنتي!"
الكاميرا تركز على الكيس المفتوح والزجاجة اللي طالعة نصها برة، في انعكاسها نشوف وش سلمى باين تعبان، كأنه مكسور ومتشرخ.
ليلى بتسندها وتدخلها جوه وتحطها عالسرير بس الغريبة ان سلمى بصوت واهن
،، فين الازازة بتاعتى هاتيها ،،
ليلى بترميها جنبها وتخرج تبكى وهى شايفة سلمى بتفتحها وتشرب منها كان كل همها سامى ميعرفش
سلمى أصبحت كل صباح تستيقظ على أثر الخمر تشرب صباحا، رأسها يدوخ، قلبها يتقلب بين شعور بالذنب ورغبة جامحة في الهروب من كل القيود. كل نفس كانت تأخذه كان يذكّرها بالليل السابق، بالكؤوس التي شربتها، وباللحظات التي تركت فيها وعيها ينساب بعيدًا عن نفسها.
سامى، أخوها، لم يعد يحتمل، فقد تعبت يده من كثرة الضرب، وعيونه من كثرة الصراخ، لكنه لم يجد طريقة لإيقاف هذا الانحدار. حتى زملاؤها في العمل بدأوا يلاحظون التغيرات الواضحة في مظهرها وتصرفاتها؛ لم تعد سلمى الفتاة المنظمة والمحافظة، بل أصبحت ملابسها أكثر عريًا، وكأنها تتحدى العالم كله بما فيه، وكأنها تقول لكل من يراها: "انظروا لي، لا أهتم." تحضر الى العمل ثملة
مقابلاتها مع شادي صارت أكثر تواترًا، وزياراتها لشقته أصبحت أيامًا كاملة أحيانًا، تغيب عن الواقع وعن كل من يعرفها. كانت تختفي عن كل القيود، وتعيش في عالمه الخاص، كأنها تتحدى الجميع، كأنها تنتحر نفسيًا، تبحث عن شعور مؤقت بالأمان والحرية وسط بحر من الفوضى.
الابتسامة التي كانت تظهر على وجهها أحيانًا لم تكن سوى ستار رقيق يخفي الألم والفراغ الذي يلتهمها من الداخل. كل خطوة كانت كأنها محاولة للهروب من نفسها، وكل نظرة في المرآة كانت تذكرها بأنها تتغير، وأن عالمها القديم الذي عرفته لم يعد موجودًا، وأنها تتوه بين شخصيتها الحقيقية وبين الرغبة في الانغماس الكامل في هذا الانحدار.
وقفت السيارة أمام العمارة، والليل ساكن، إلا من أصوات بعيدة لبعض السيارات المارة. سلمى حاولت التوازن وهي تنزل من السيارة، جسدها كله يترنح بفعل الخمر، وكيس أسود في يدها يحمل زجاجة احرى أهداها لها شادي. الحارس نظر إليهما باستغراب، والعيون من نوافذ العمارة تتابع المشهد بصمت، والجيران بدأوا يهمسون ببعض التعليقات.
أمها خرجت بسرعة من شقتها، عينان متسعتان ووجه مشدود بالقلق والغضب، صاحت عليها: "سلمى! إنتي كده كده بتستفزي نفسك وبتفضحي نفسك قدام الجيران!"
سلمى حاولت التماسك، لكنها كانت بالكاد قادرة على الوقوف، فأجابت بنبرة متثاقلة: "همّا كده كده بيتكلموا على سامي الحرامي المدمن، أنا مش هخليهم يضحكوا عليّ!"
أمها اقتربت منها، تحاول مساعدتها على التوازن، لكن صوتها كان حادًا، يملؤه الخوف واللوم معًا: "كفاية يا بنتي! كفاية! كفاية فضايح!
الجيران يواصلون النظر من بعيد، بعضهم يتبادل الهمسات، والآخرون يحاولون تجنب النظر تمامًا، لكن الرائحة والهيئة المترنحة لسلمى جعلتهم لا يستطيعون تجاهل ما يحدث.
سلمى، رغم ارتباكها، شعرت بشيء من القوة، كأنها تقاوم كل القيود التي تحاول أمها فرضها عليها: "مش هتفرق معاهم، ما يهمنيش رأيهم!"
أمها تشعر بالقلق من تأثير الكحول والخطر المحيط بابنتها، لكنها عاجزة عن مناقشتها بشكل منطقي في تلك اللحظة، وكل ما تفعله أن تراقبها بعينين مليئتين بالقلق والخوف على مستقبلها.
دخلت سلمى الشقة، قلبها يثقلها إحساس بالذنب، وعينها تبحث عن سامى الذي عادةً يكون في مكانه المعتاد، لكنها وجدته جالسًا على الأريكة، عيناه نصف مغلقة وملامحه متأثرة بالمخدر، وكأنه نصف غائب عن الواقع.
تنهدت ببطء، واقتربت منه بحذر، محاولة أن تتحدث كأخت تهتم: "سامى… أنا… أنا بشرب… عشان أحس بشوية فرحة… زهقت… من كل المشاكل… إحنا الاتنين… بنهرب…"
رفع سامى رأسه ببطء، وصوت مخدره يخرج من بين شفتيه الملتويتين: "طب… منهرب سوا… جربي ده… واهربي معايا…"
سلمى شعرت بقسوة الواقع تضرب قلبها، فحبست دموعها خلف عينين متحجرتين، لكنها لم تستطع إنكار الصراحة المؤلمة في كلماته. كل شيء حولها بدا وكأنه يصرخ لها بأن ما تفعله له ثمن… وأنه لم يعد مجرد هروب لحظي، بل بداية دوامة لا تنتهي.
وهي واقفة أمامه، شعرت بثقل المسؤولية، وكأن كل لحظة فرح اصطناعي تشربه هي شعلة تزيد من ظلام أخيها، فتساءلت بصوت داخلي: إزاي أقدر أوقف ده قبل ما ندمر نفسنا كلنا
بعد أيام من سهرة الخمر مع شادى، لاحظت سلمى أن الزجاجة التي أعطاها لها قد انتهت، لكنها لم تشعر بالارتياح الكامل، وكأن فرحة الخمرة لم تعد كافية. كان قلبها يبحث عن شعور أقوى، وأكثر عمقًا، عن شيء ينسى به همومها ويطفئ شعورها بالذنب تجاه سامى واولادها
حينها لمحت الأنبوبة الصغيرة التي تركها سامى على الطاولة فى غرفته، مخدر جديد، لم تجرب مثله من قبل. شعرت بتردد لحظي، لكنها فضولها كان أقوى. رفعت الأنبوبة وقررت أن تجربها، مع نفس مختلط بالخوف والإثارة.
ما أن دخل المخدر جسدها، حتى شعرت بشيء مختلف تمامًا عن الخمر. حرارة خفية بدأت تنتشر في جسدها، وحسّت كما لو أن العالم من حولها أصبح أكثر وضوحًا، وأخف ثقلًا على قلبها. كل ضغوط اليوم، كل همومها، كل شعورها بالذنب… تبخرت
في لحظة.
ابتسمت لنفسها بصمت، وإحساس غريب بالتحرر اجتاحها. كان شعورًا أقوى، أعمق، وأحلى بكثير من أي خمر جربته من قبل. أدركت سلمى في هذه اللحظة أنها دخلت عالمًا جديدًا، عالمًا مختلفًا، عالمًا قد يسيطر عليها… لكنها لم تهتم، فكل ما شعرت به كان متعة وهروبًا من الواقع.
الجزء الرابع
في أول مرة جربت فيها سلمى المخدر مع سامي، حسّت بحاجة مختلفة خالص عن الخمرة… إحساس أعمق وأهدى، وكأنها أخيرًا لقت طريقة توقف زحمة الأفكار اللي في دماغها. سامي كان بيتابعها وهو مبسوط، كأنه لأول مرة شايف أخته جنبه في نفس الدوامة اللي هو عايش فيها.
ضحكوا سوا على حاجات ملهاش معنى، شاركوا في كلام أسرار طفولية كان كل واحد فيهم ناسيها، بقوا يتكلموا عن وجعهم وإحباطاتهم، واللي كان زمان بيخلي كل واحد منهم يقفل على نفسه بابه.
بمرور الوقت، بقت الجلسات دي هي الرابط اللي بيربطهم… كل مرة يقعدوا مع بعض ويحضروا المخدر، يحسوا إنهم قريبين من بعض أكتر من أي وقت فات. سلمى لقت في سامي مش بس أخوها، لكن كأنه صاحبها الوحيد اللي يفهمها، وسامي شاف فيها النسخة اللي بتواسي وحدته.
لكن في نفس الوقت، كان في خيط خفي من الضياع بيجمعهم، وكأن الألفة دي بتبني جدار من الوهم، يخليهم يحسوا إنهم مش لوحدهم، مع إنهم الاتنين غرقانين أكتر يوم بعد يوم.
المشهد:
ليل – أوضة صغيرة مضلمة شوية – سلمى قاعدة جنب الترابيزة وفي إيدها السيجارة، وسامي أخوها مستلقي على الكنبة.
---
سامي (بيمد إيده ياخد منها):
– إديني كمان نفس يا سلمى… ما تبخليش على أخوكي.
سلمى (تضحك وهي بتديله):
– أخويا حبيبي… عمرنا ما قعدنا كده مع بعض!
أنا حاسة إنك أول مرة قريب مني بالشكل ده.
سامي (يسحب نفس عميق ويطلعه ببطء):
– يمكن عشان أول مرة نتشارك في حاجة بجد.
طول عمرنا متغربين عن بعض… انتي في دنيا وأنا في دنيا.
سلمى (تسند راسها على الكنبة وتبص له):
– هو الإحساس ده… مش زي الخمرة خالص.
ده بيخليني أنسى كل حاجة… حتى نفسي.
سامي (بصوت واطي وهو يضحك):
– وأنا جنبك بقيت حاسس إني مش لوحدي.
عارفة؟ أول مرة أحس إنك فاهماني.
سلمى (تبتسم وتدي له السيجارة تاني):
– طول عمري كنت بخاف منك… بس دلوقتي حاسة إني لقيت أخويا.
إحنا بقى سر واحد يا سامي.
سامي (يبص لها بعين لامعة):
– سر محدش في الدنيا يعرفه غيرنا.
ويا سلام… على الطعم ده لما يبقى متقسم بيني وبينك.
سامي مرمي على الكنبة، ماسك سيجارة ملفوفة، وعينيه نصف مغلقة.
سلمى قاعدة على الأرض قدامه، بتضحك ضحكة عالية مالهاش سبب.
سامي: (بيمد لها السيجارة)
خدي… خدي نفس… الدنيا أحلى كده… كل حاجة بتلمع… شايفة اللمبة؟ دي مش لمبة… دي قمر.
سلمى: (تضحك وتاخد نفس طويل)
هههه… قمر إيه يا مجنون! القمر مش جوه البيت… القمر برا… بس… استنى… يمكن دخل؟ (تغمض عينيها وتتكلم ببطء) يمكن القمر زهق… وجا قعد معانا.
سامي: (يهز راسه بحماس)
ايوه… صح… القمر زهق من الدوران… قالك: "يا ولاد أنا جاي أقعد معاكم."
(يقوم واقف فجأة ويشاور على السقف)
أهو… أهو فوق… مستني يقولنا سر.
سلمى: (مندهشة كطفلة)
سر؟!
(تضحك)
يمكن يقولنا نطير… ياااه… نفسي أطير يا سامي… نطير بعيد… بعيد عنهم كلهم…
سامي: (يبص لها وعينيه تلمع)
نطير؟… طب ما إحنا بنطير دلوقتي… بصي… أنا طاااير… (يفتح دراعاته ويبدأ يلف حوالين نفسه)
سلمى: (تصفق وتضحك بجنون)
ههههه… آه و****… إنت طاير… طاير زي… زي… بطة مشوهة!
سامي: (ينفجر من الضحك)
بطة إيه يا دماغ!
أنا نسر… نسر ملك… (يقع على الكنبة فجأة) بس النسر تعبان… محتاج ينام شوية.
سلمى: (تتزحلق لجنبه وتتكلم بصوت واطي)
طب نام… وأنا هغني للنسر… (تغمض عينيها وتغني كلام مش مفهوم)
"مياااو… طاطااا… شجرة بتجري ووراها حصان…"
سامي: (يضحك وهو نصف نايم)
إنتي مجنونة… بس أنا بحب جنانك… إحنا… أحلى اتنين إخوات في الدنيا…
سلمى: (تمد إيدها تمسك إيده بقوة)
وأنا كمان… إنت ضهري… ولو سبتني… القمر هيمشي… والدنيا هتسود.
سامي: (يغمض عينيه)
مش هسيبك… إحنا سوا… لحد آخر نفس…
سلمى , (وهى بتشد سطر بودره)
عارف انا نمت مع شادى كام مرة هههههه مش فاكره
سامى: (وهو بياخد منها البودره)
طب انتى عارفة انى كنت بقصد اقطعلك هدومك عشان اتفرج عاللحم الابيض هههههههه
سلمى
بعين نصف مقفوله)
اوعى تضربنى تانى احنا خلاص بقينا حبايب بس اوعى امك تعرف حاجه
سامى
سامى بيبص على صدرها)
اضرب مين يا ملبن انتى بقى تروحى للغريب وانا موجود
سلمى
بتضحك)
غريب مين شادى ماسموش غريب وبعدين انت اخويا نسيت ولا ايه مانت عارف امجد مبيعرفش ينيك بس شادى بينيك حلو بص حاحكيلك بس هات نفس الاول
احنا بنشرب وانا لما بسكر بسخن بقى وانزل امص زبه وبعدين لازم اخليه يلحسلى زى ما فهمنى سامر وبعدين يخلينى فى وضع الدوجى ويحطه فى كسى من ورا وبعدين انام على ضهرى ويرفع رجلى على كتفه ويفضل شغال فيا وبعد كده اطلع على زبه لحد ما يجبهم فيا
سامى
بيضحك بهستيرية)
بيجيبهم جوه انتى كده تحملى
سلمى
وهى بتشد اخر سطر),
لا يا عبيط انا مركبه جهاز
المشهد: بعد فترة من دخول عزيزة في مرحلة الإدمان.. شادي بيقابلها في شقته
شادي: (مبتسم بخبث وهو بيقفل الباب وراها) إزيك يا زيزي؟ شكلك تعبانة شوية.
سلمى: (بصوت مهزوز، عينيها حمرا) آه.. مش قادرة أستحمل من غيرها يا شادي. دماغي بتولع.
شادي: (يقرب منها ويمسك إيدها) أنا قلتلك من الأول.. أنا الوحيد اللي فاهمك. ومش هسيبك تتعذبي كده. (يطلع الكيس من الدرج) شوفي.. جبتلك اللي يريحك.
سلمى: (تتنفس بارتياح أول ما تشوفه) إنت الملاك اللي بيسمعني. جوزي عمره ما حس بيا كده.
شادي: (يقعدها على الكنبة ويحضر "الجرعة") هو مش فاهمك.. مش عارف قيمتك. لكن أنا.. أنا بعتبرك كل حاجة. صدقيني، من غيرك حياتي ما لهاش معنى.
سلمى: (تبدأ تبكي وهي بتاخد منه الجرعة) أنا عارفة إني وقعت.. بس مش قادرة أطلع. إنت السبب الوحيد اللي مخليني عايزة أعيش.
شادي: (يمسح دموعها وهو يضحك بخبث) خلاص بقى.. ما تفكريش. إنتي معايا، وأنا مش هخليك محتاجة حد. طالما عندك أنا.. وعندك ده. (يشاور على الكيس) الدنيا هتبقى جنة.
سلمى: (تضحك ضحكة هستيرية وهي بدأت تفقد السيطرة) إنت عارف.. أنا ساعات بحس إني بحلق فوق السما. بحس إني بشوف حاجات مش موجودة.
سلمى: (يمثل الانبهار) هو ده السحر.. هو ده الجمال اللي محدش غيرك يقدر يحسه. خليكي معايا وهتشوفي حاجات أعظم.
سلمى : (بصوت متقطع وهي مستسلمة) أوعدني إنك مش هتسيبني.
شادي: (يبص في عينيها بثبات) عمري ما هسيبك.. طول ما إنتي محتاجة لي.
دلوقتي بقى خدتى حقك تدينى حقى بقى
سلمى
بعيون مغمضه )
هات الازازة واقعد لاعبنى فى اوضة النوم هههه
شربت سلمى معاه وقلعت هدومها عشان شادى يقلع وينزل يلحس كسها كالمعتاد كانت سلمى طايرة مش حاسة بالدنيا شربت كتير والبودرة مخلياها فى غيبوبه بس شادى مسبهاش وفضل شغال ينيكها بزبره فى بقها عشان ينيمها ويفضل ينيك فيها وهى بتتاوه وتمسك بزها وتلعب فى حلمتها
نيمها شادى فى وضع الدوجى عشان يحطه فى كسها من ورا
شويه ونيمها على ضهرها ورجع يلحس كسها عشان يلاقى ميتها نطرت فى وشه يلحسها ويكمل عض خفيف على زنبورها عشان ينيمها على جنبها ويكمل نيك فيها لحد ما يجبهم على وشها عشان تبلع لبنه
سلمى(بصوت سكران)
يوه كفاايه كده عايزه ارووح
شادى(بمكر وخبث )
الاول فى موضوع عايزين نتكلم فيه انتى دلوقتي بقالك ياما مروحتيش الشغل وهما دلوقتي عايزين يمشوكى فانا كلمت المدير وهو جاى دلوقتي عشان نتكلم معاه حرام تترفدى واهو كلمتين منك ممكن كمان يرفع مرتبك
سلمى(بصوت واهن)
اكلم مين انا مش شايفه قدامى اصلا انا عايزه ارووح
شادى(بابتسامة ماكره)
مش مهم انا معاكى حاكلمه متشغليش بالك انتى
يخرج شادى ليستقبل صفوت مديره ليدور بينهم حديث جانبى
شادى(بدهاء ومكر)
بص هى دماغها مونونه وفى الضياع جوه وجاهزة ومستنياك انا قولتلها انك حتمشيها من الشركه
صفوت(يخلع الجاكت)
انت ليك مكافأةً كبيرة عندى
يدخل صفوت وشادى لسلمى غرفة النوم كانت سلمى ما زالت عارية تماما ونائمة بفعل الخمر والمخدر
صفوت (يخلع ملابسه)
دى نايمه خالص يا شادى شكلها تقلت فى الشرب
شادى(بابتسامة ماكره)
هو شرب بس دى رايحه فى داهيه خالص خش انت بس وهى حتفوق لما تدخله فى بقها
صفوت فضل يحاول ويدخله وهى فى غيبوبه مش دريانه بالدنيا فتحت عينيها شويه وغمضتها تانى فضل صفوت يقلب فيها فى اوضاع كتير كان بدأ عليه الضيق من عدم تجاوبه معه لحد ما جابهم جواها
صفوت(بضيق)
كنت قولى يا شادى مكنتش جيت ي
عنى انت ضبطتها وسايبهالى كده
شادى(بيحاول يلاقى مبرر)
انا سايبها صاحية ورحت افتحلك رجعت لقيتها كده عالعموم ملحوقه عندى دى ليك عليا المرة الجاية تيجى تلاقيها مستنياك
الجزء الخامس
في هدوء آخر الليل، فتحت أم سلمى باب شقتها على صوت حركة غريبة عند الشباك.
مدّت رقبتها وصرخت بخوف:
الأم: "مين هناك؟!"
ظهر ظلّ سلمى وهي بتحاول تدخل من الشباك، شعرها سايب ووشها أحمر، تتسلق بإيديها ورجليها وكأنها مش قادرة توقف مستقيمة.
الأم (مذهولة): "سلمى! إنتي إيه اللي بتعمليه؟!"
سلمى (تضحك وهي بتتهته): "مامااا… أنا تمام… بس السلم طويل أوي."
تدخل مترنحة وتقع على الكنبة، والريحة الفواحة تكشف كل حاجة. الأم تقترب بسرعة، تحاول تمسكها.
الأم (بتشدها): "يا نهار أسود… إنتي شربتي؟! إنتي بترجعيلي سكرانة؟!"
سلمى (تضحك بخفة): "سيبيني… أنا مبسوطة… الدنيا بتلف حواليا."
الأم غطت وشها بإيدها من الصدمة، ثم مدّت إيدها تشيل عباية سلمى اللي كانت لابساها بالمقلوب تقريبًا. أول ما خلعتها، تجمّدت مكانها.
الأم (بصوت مخنوق): "يا مصيبتي السودة… إنتي… إنتي فين هدومك الداخلية؟!"
سلمى لم تجب، عينيها نصف مغمضة، تبتسم ابتسامة طفولية فارغة، وكأنها مش مدركة حجم الكارثة. الأم جلست على الأرض تبكي بحرقة وهي تردد:
الأم: "ضيّعتيني… كسرتيني يا بنتي."
(المشهد في الصالة، الأم مرتبكة بعدما رأت سلمى في حالة سيئة وارتباك سلمى . فجأة يدخل سامي بخطوات سريعة) ليجد سلمى العباية مفتوحة وعارية تماما
الأم (بصوت عالي مرتبك):
يا نهار أسود… إيه اللى بيحصل هنا؟! إيه اللى جرى للبنت دى؟!
سامي (بهدوء غير متوقع وهو يقترب):
ماما… ماما اهدي… ما تكبريش الموضوع.
الأم (تتلفت بخوف):
ما كبّرش إيه؟! دي مش فى وعيها! إنت ساكت ليه؟! مش المفروض تضربها أو تزعق لها؟!
(سامي يضع يده على كتف أمه ليهدئها ثم يلتفت لسلمى، يأخذها برفق من ذراعها كأنه يعرف حالتها تمامًا)
سامي (بهدوء لافت):
تعالي يا سلمى… قومي. يلا نطلع على أوضتك.
الأم (مصدومة من رد فعله):
إيه؟! إنت بتهزر؟! ده أنا كنت متوقعة الدنيا تقوم وما تقعدش! إيه الهدوء الغريب ده؟!
(سامي يسحب سلمى برفق وهي شبه غايبة عن الوعي، متجاوبة معه بخطوات متثاقلة. الأم تتابع بعينين مفتوحتين من الدهشة)
الأم (بصوت منخفض، تكلم نفسها):
يا ساتر يا رب… هو إيه اللي بيحصل؟! الولد واقف كأنه عارف كل حاجة… ولا كأنه شايف مصيبة!
(الكاميرا/الوصف يركز على نظرة سامي، فيها برود غريب، ويفتح باب غرفته ويدخل هو وسلمى ويغلق الباب… تظل الأم واقفة مذهولة مش فاهمة إنهم بقوا شركاء في الإدمان، وإن ده سبب تصرفه الهادئ وغير الطبيعي.)
(داخل غرفة سامي – الإضاءة خافتة – سلمى تتمايل على الكنبة وهي تضحك بدون سبب واضح، الكأس في يدها، عينيها نصف مغمضة)
سلمى (بضحكة متقطعة): سامي… ليه شكلك كده؟ زعلان مني؟ ولا… (تلمس وجهه بخفة) بتحبني وانتَ مش عايز تقول؟
سامي (يحاول يتمالك نفسه وهو يقفل الباب): اسكتي يا سلمى… ماما ممكن تسمعنا. انتِ مش فاهمة ان اللي بتعمليه هيولّع الدنيا؟
سلمى (تترنح وتضحك): الدنيا مولعة أصلاً… (تقترب منه فجأة) إنت بس اللي مطفي… تعالى نشرب كمان… ننسى…
سامي (يجلس بجوارها، ينظر لها بحدة): إنتِ فاكرة إني مش زيك؟ أنا كمان ضايع… بس فرق إني عارف إني بضيع. إنتِ… كل مرة بتضحكي وأنا شايفك بتغوصي أكتر.
سلمى (تضع رأسها على كتفه وتهمس): ما تسيبنيش أغوص لوحدي… خليني أغوص معاك… يمكن نوصل لحاجة…
سامي (يتنفس بصعوبة، يتردد لحظة، ثم يأخذ منها الكأس ويحطه على الطاولة): إنتِ مش فاهمة… إحنا بقينا مدمنين… فاهمة يعني إيه؟ يعني خلاص… الطريق ده ملوش رجعة.
سلمى (ترفع رأسها بصعوبة، بعينين تلمع): يبقى نمشي فيه سوا… أنا وأنت…
(يصمت سامي، ينظر لها بنظرة مشاعر متناقضة: غضب، شهوة، عطف… ثم يقترب منها ببطء)
سامى (متسائلا)
انتى كنتى عند شادى صح
سلمى(ضاحكه)
صح شاطر
سامى(مذهول)
وناكك
سلمى(بتضحك بهستيرية)
مش فاكرة بس اكيد اصل كسى واجعنى اوى ههههههه
مفيش سطرين لاختك حبيبتك بقى
بيطلع سامى ورقة مطوية بيقسمها ٤ سطور ويقوم يقفل الباب كانت سلمى ما زالت العباءة مفتوحه ويظهر جميع جسدها يشد كل منهم سطرين بالتبادل وتتمايل الرؤوس
لينقض سامى على اخته وهم مغيبين ويواقعها ويعاشرها كزوجين وينام بجانبها ومائه بداخلها
[المشهد: غرفة مظلمة نسبيًا – آثار المخدر لسه موجودة لكن بدأت تضعف. سامي مستلقي بجوار سلمى، وهما لسه في حالة ارتباك.]
سلمى: (تفتح عينيها ببطء، صوتها متقطع) … إيه اللي… حصل؟
سامي: (يتنفس بسرعة، مرتبك) أنا… أنا مش عارف… بس إحنا… كنا سوا.
سلمى: (تحاول تستوعب) يعني… إنت بتقول… إننا… عملناها؟!
سامي: (يحط إيده على راسه) يا نهار… إحنا كنا مغيبين يا سلمى! المخدر لعب في دماغنا… أنا ما كنتش واعي.
سلمى: (بصوت عالي شوية، مرتبك وخايف) إزاي يحصل كده؟! إزاي؟!
سامي: (يحاول يهديها) اسمعيني… أنا ما كنتش قاصد، ولا إنتي قاصدة. إحنا الاتنين وقعنا في نفس الفخ.
سلمى: (تغمض عينيها بقوة) لأ… لأ… ده كابوس. مش ممكن.
سامي: (قريب منها) سلمى، ب**** عليكي، محدش يعرف. ده كان غصب عننا.
سلمى: (ترتعش، الدموع في عينيها) سامي… إنت فاهم إحنا عملنا إيه؟! ده مش هزار… دي جريمة في حقي وفي حق نفسي.
سامي: (يحاول يمسك إيدها وهي تبعدها بسرعة) أنا فاهم… بس اسمعيني، لو عرفت امك أو أي حد، حياتنا هتبوظ. لازم ندفن اللي حصل دلوقتي… ونعتبره ما كانش.
سلمى: (تضحك بمرارة) "ما كانش"؟! إزاي يا سامي؟! إزاي أعتبر اللي حصل… ما حصلش؟
[لحظة صمت تقيلة، صوت أنفاسهم بس اللي مسموع. التوتر مالي الجو.]
ضحكت سلمى ضحكة شبه مكسورة، ماسكة الكاس في إيدها وقالت بنبرة فيها تحدي واستسلام في نفس الوقت:
سلمى: "خلاص يا سامي، عادي… اللي حصل حصل. إنت ضيعت وأنا ضيعت. جت عليك يعني؟ خلينا ننبسط ونعيش اللحظة، يمكن دي الحاجة الوحيدة اللي فضلالنا."
سامي فضل ساكت، قلبه بيتخبط بعنف. جزء منه عايز يصرخ ويهرب، وجزء تاني حس إنه خلاص وقع في دوامة مش قادر يطلع منها.
سامي (وهو بيشعل السيجارة ويمدها لسلمى):
بصراحة ما كنتش متخيل إنك هتدوسي في السكة دي معايا.
سلمى (بتاخد نفس وتضحك بخفة):
ما انتَ فتحت الباب وأنا دخلت.. خلاص بقى، اللي حصل حصل.
سامي (مبتسم بس في عينيه لمعة غريبة):
أنا كنت متعود على الحاجات دي.. بس إنتِ كنتِ مختلفة، بريئة.
سلمى (بتهز كتفها باستهتار):
بريئة إيه.. بريئة وخلصت. إنت ضيّعت وأنا ضيّعت، خلينا ننبسط، جت عليّا يعني؟
سامي (يقرب منها ويصب لهم كاس):
إحنا بقينا واحد دلوقتي.. مش خمور بس، ولا حبوب بس.. إحنا في كل حاجة سوا.
سلمى (ترفع الكاس وتخبط بكاسه):
وإيه يعني؟ مدام اللي اتنين في نفس المركب، يبقى نغرق سوا.
وهنا يتضح إن العلاقة دي اتكررت مع كل جلسة مخدر وخمر، وسامي اللي كان مجرد مدمن مخدرات بقى كمان بيشرب معاها، وسلمى اللي كانت بس بتشرب دخلت عالم المخدرات، وبقوا الاتنين غرقانين مع بعض.
كانت الأم تراقب من بعيد بصمت، كل مرة تشوف سامي وسلمى قاعدين مع بعض أكتر من الطبيعي. النظرات بينهم مش بريئة، الضحكات مكسوفة لكنها طويلة، وكأن في سر بينهم محدش يعرفه. قلب الأم بدأ يضرب بقوة، وحاسة إن في مصيبة جاية.
وفي يوم، وهي داخلة فجأة الصالة لقتهم قاعدين قريبين بشكل ملفت، الكلام قليل بس العيون كلها كلام. الزجاجات فاضية طبق المخدر امامهم سلمى ترتدى بيبى دول وسامى بالشورت فقط
صرخت:
– "إيه اللي بيحصل هنا؟! أنتو قاعدين كده ليه؟!"
سامي اتلخبط، وسلمى وشها ابيض، حاولوا يغيروا الموضوع لكن الأم كانت شاكة من زمان. قربت منهم بعصبية، مسكت سلمى من دراعها:
– "قوليلي يا بنت، إيه اللي بينك وبين سامي؟! جاوبيني!"
سلمي دموعها نزلت فجأة، مكسوفة ومش قادرة ترد. سامي وقف يحاول يهديها:
– "ماما… الموضوع مش زي ما انتي فاهمة."
لكن الأم انهارت، صرخت بصوت عالي مرعِب:
– "لا يا سامي! فاهمة كويس أوي! أنا اللي ربتك… إزاي تعمل كده؟! و إزاي إنتي يا سلمى… دي اختك ! إيه العار ده؟!"
فضلت تضرب على وشها وتصرخ بصوت مسموع للجيران. وبعد ما فقدت السيطرة على أعصابها، لبست الطرحة بسرعة وخرجت من البيت وهي بتبكي، راحت على بيت بنتها الكبيرة هناء، عشان تلاقي حد يسندها من الصدمة اللي وقعت عليها.
تفتح هناء الباب تلاقي أمها واقفة منهارة، شعرها منكوش وعيونها حمراء من البكا.
هناء (بقلق): "ماما! إيه ده؟ إيه اللي حصل؟ تعالي ادخلي جوّه."
تسندها على الكنبة، تجيب لها كوباية ميه، الأم مش قادرة تمسك نفسها، صوتها بيرتعش:
الأم: "هناء… أختك… أختك بتضيع… و سامي معاها… أنا شوفت بعيني! قاعدين مع بعض زي… زي الحرام… مش طبيعية علاقتهم…!"
هناء تتجمد مكانها، الكوباية تقع من إيدها وتتناثر الميه على الأرض.
هناء (مصدومة): "ماما إنتي بتقولي إيه؟! لا لا… إزاي الكلام ده؟"
الأم تنهار وتفضل تضرب على صدرها:
الأم: "يا ساتر يا رب… عيالي ضاعوا… البيت باظ… أنا ماقدرتش أتحمل، سيبتهم وطلعتلك… يمكن إنتي تعرفي تتصرفي."
هناء تمسك إيد أمها بقوة:
هناء: "طب اهدي… اهدي يا ماما. لازم نفكر بعقل. إنتي متأكدة من اللي شوفتيه؟"
الأم تبص فيها بعين مليانة دموع وحسرة:
الأم: "أنا أمهم… وقلبي شاهد… و**** العظيم اللي شوفته مفيهوش شك. سلمى مش في وعيها… وسامي كمان مش فى وعيه استغلها…!"
هناء تسكت لحظة، وشها يتبدل من الصدمة للغضب:
هناء: "خلاص… لو كده لازم أواجههم بنفسي. مش هسيب البيت يولع بالشكل ده."
المشهد: داخل شقة ليلى – الليل
الجو ساكن إلا من صوت التلفزيون اللي شغال في الخلفية بصوت واطي.
سامي قاعد على الكنبة ، ماسك سيجارة ، عيناه حمرا من أثر التعاطي. سلمى قاعدة جنبه عارية ترتدى البنتى فقط ، سكرانه مش قادرة تتحكم في نفسها، كلامها متلخبط وضحكتها عالية من غير سبب.
سامي: (بصوت واطي وهو يراقب الباب)
ماما لسه راجعة بعد شوية، خليكي هادية.
سلمى: (تضحك وهي تترنح)
اهو… اهو يا سامي… أمك مشيت… (تقرب منه وتلمس كتفه بيد مرتعشة) خلاص بقى… نبقى براحتنا… محدش شايفنا.
سامي: (مضطرب، يحاول يبعدها شوية)
بس يا سلمى، إهدي شوية… مش وقته الكلام دا.
سلمى: (ترفع صوتها وهي تضحك بسخرية)
ليه خايف؟ أمك مش هنا… احنا لوحدنا… (تتقرب أكتر وتحاول تبوسه)
سامي: (يتراجع بخوف واضح، يرمي السيجارة بعصبية)
سلمى! إنتي مش في وعيك… حرام عليكي.
سلمى: (عينيها تلمع، صوتها بين الجد والهذيان)
حرام؟ ما إحنا أصلاً غرقانين… (تضحك وتترنح لورا)
(يدخل صوت المفتاح في الباب… هناء راجعة مه امها فجأة)
سامي يقفز واقفًا بسرعة، ووجهه يتجمد من الرعب. سلمى تنهار ضحك وهي مش مدركة الموقف.
هناء دخلت فجأة من غير ما ياخدوا بالهم… وقفت على عتبة الباب متسمرة مكانها.
عنينا اتسعت وهي شايفة سلمى مترنحة، ماسكة إيد سامي وبتضحك بصوت عالي وتقول:
سلمى (بلهجة سُكرانة): "أهو… أمك مشيت… عشان نبقى براحتنا بقى…"
الصدمة مسكت هناء من رقبتها… قلبها وقع، صوتها اتخنق وهي تهمس:
هناء (بصوت مبحوح): "إيه اللي بيحصل هنا؟"
سامي لف بسرعة وهو مرعوب، ساب إيد سلمى فورًا:
سامي: "ماما!… لا لا، مش زي ما انتي فاهمة… هي… هي مش في وعيها."
سلمى فضلت تضحك وتقول بصوت متهدج:
سلمى: "ليه يا ماما؟ هو غلط إني بحبك؟" انا عامله دماغ عنب
الجزء السادس
ليلى حست الدنيا بتلف حواليها… مسكت صدرها كأنها بتاخد نفسها بالعافية.
اتقدمت خطوة والدموع نزلت من عينيها من غير ما تحس:
هناء: "إنت… إنتِ بتقولي إيه يا سلمى؟! وانت يا سامي… إيه اللي سامعه ده؟"
سامي حاول يقرب منها، صوته متلخبط:
سامي: "ماما… أقسم ب****… أنا مليش ذنب… دي سكرانة ومش واعية على اللي بتقوله."
هناء رجعت خطوتين لورا، إيدها بترتعش وهي بتمسح دموعها:
ليلى : "إنتو… إنتو كسرتوا ضهري… ده جزائي؟ بعد ما ربيتكم ؟"
وسكتت فجأة، خدت نفسها بالعافية، وفضلت واقفة تنقل ببصرها بين سامي وسلمى اللي وقعت على الكنبة من السُكر.
هناء وقفت مذهولة، دمها فار من وشها، والدموع محبوسة في عينيها من هول اللي شافته. لمّا استوعبت إن أمها واقفة معاها وعيال سلمى بيعيطوا مرعوبين، مسكت إيد أمها وقالت بصوت مبحوح من الغضب والخذلان:
هناء: "تعالي يا أمي… تعالي بينا… إحنا ملناش مكان هنا خلاص."
بصّت على عيال سلمى اللي كانوا متكورين جنب الحيطة، محتارين وعيونهم مرعوبة، مدت إيديها ليهم وقالت:
هناء: "يلا يا حبايبي… تعالوا معايا… مفيش حد هنا ينفع يبقى سند ليكم."
هند اللي كانت واقفة متحجرة من المنظر قربت بسرعة، مسكت إيد أختها وهي بتترعش:
هند: "معاكي يا هناء… معاكي في أي قرار."
هناء ما بصّتش وراها تاني، ما دتش فرصة حتى تسمع صوت سلمى ولا تشوف نظرة سامي. شدت أمها وعيال سلمى وهند، وخرجوا من الشقة بسرعة. الباب اتقفل وراهم بصدمة، صوت الحديد وهو بيخبط كان كأنه بيسد الستار على آخر علاقة بينهم.
هناء نزلت السلم بخطوات سريعة، صدرها بيوجعها لكن قلبها متماسك. أول ما وصلت الشارع، بصّت لفوق للشقة وقالت بين نفسها:
"خليهم يغرقوا في الوحل اللي اختاروه… أنا مش هرجع تاني."
(المكان: شقة سلمى – الليل – موسيقى عالية – إضاءة خافتة ملونة)
سلمى مترنحة على الكنبة، ماسكة كاس وبتضحك ضحكة عالية مالهاش معنى. سامي جنبها، عينه عليها فيها استغلال أكتر من أي حاجة تانية.
سلمى (بصوت متهدج وهي ترفع الكاس):
أحسن… أحسن إنهم مشيوا… مش ناقصة غم ولا حد يفصلني دلوقتي. أنا مبسوطة… مبسوطة أوي… وعاملة دماغ عظمة.
سامي (مبتسم بخبث وهو يقرب منها):
بالظبط، كده تمام. الليلة ليكي… مفيش حد يضايقك… مفيش غيرنا.
سلمى (تغمض عينيها وهي تضحك):
إحنا… إحنا بس… والباقي في ستين داهية.
بص بقى انا عايزة احتفال يليق بالدماغ دى تنيكنى نيكة محصلتش اوعى تجبهم الا لما اقولك
سامى (متعجبا )
بس كده دانا حافشخك يا لبوه
المشهد التالي:
سلمى تدخل الشركة متأخرة، خطواتها سريعة بس شكلها باين عليه السهر والإرهاق، عينيها حمرا، وريحة البرفان قوية جدًا كأنها بتحاول تغطي على أي أثر من الليلة اللي فاتت. لبسها ملفت أكتر من اللازم بالنسبة للمكان، وده يخلي الموظفين يبصوا عليها باندهاش وهمسات جانبية.
فجأة يوقفها شادي بابتسامة متوترة:
شادي: "إيه يا سلمى… في إيه؟ إنتِ كده مش مظبوطة خالص، وبصراحة شكلك ملفت زيادة…"
سلمى (ببرود ومزاج مش مركز): "مالك إنت يا شادي؟ هو أنا داخلة عرض أزياء؟!"
شادي (يخفض صوته): "الموضوع مش كده… صفوت من امبارح متنرفز على غيابك، والنهارده أول ما شافك قال بالنص: 'الغياب المتكرر واللبس اللي مش مناسب ده… يا ترجع تظبط نفسها يا هتاخد جواب فصل'."
سلمى تضحك بسخرية وهي ترفع حواجبها:
سلمى: "يفصلني؟! ده يحمد **** إني لسه واقفة هنا وبشتغل معاه!"
شادي يقرب منها أكتر، صوته حازم:
شادي: "أنا بكلمك جد يا سلمى… شكلك ما ينفعش قدام الإدارة، ولازم تلحقي نفسك قبل ما تضيع منك."
كانت سلمى لا تتذكر ان صفوت حضر لمنزل شادى ونام معها وهى مخدرة فاستغل شادى هذا الامر
سلمى وقفت قدام شادي وهي متوترة، عينيها كلها قلق:
– "يعني هو فعلاً عايز يرفدني؟"
شادي هز راسه بأسلوب جاد:
– "أيوه يا سلمى ، الراجل بدأ يتضايق جدًا من غيابك، ومش أي حد ممكن ينقذك غير أنا."
سلمى ابتلعت ريقها بصعوبة:
– "طب أعمل إيه دلوقتي؟"
ابتسم شادي ابتسامة مريبة وقال:
– "بسيطة... النهاردة على الغدا، هعزم صفوت عندي، وإنتي هتكوني موجودة. كلمتين منك في الوقت الصح وأنا هخلصلك الموضوع."
سلمى بصت له بخوف:
– "يعني لازم أروح؟"
قرب منها وقال بصوت واطي:
– "دي فرصتك الوحيدة، صدقيني... لو ضيّعتيها مش هتلاقي شغل بسهولة بعد كده."
هي وقفت ساكتة، جواها شعور بالانقباض، بس في نفس الوقت كانت حاسة إنها اتزنقت ومش قادرة ترفض.
سلمى وقفت فجأة وقالت بابتسامة خفيفة:
سلمى: "أنا هستأذن دقايق أظبط الميك أب قبل ما ييجي صفوت."
شادي مد إيده وطلع من جيبه تذكرة صغيرة من البودرة، ومدهالها وهو يقول:
شادي (بصوت واطي): "خدي دي… بس بلاش تشربي كتير دلوقتي. صفوت ما يعرفش عن حياتك حاجة، ومش عاوز ياخد فكرة إنك مستهترة."
سلمى مدت إيدها وخدت التذكرة بسرعة، عينيها كان فيها بريق راحة واحتياج. قربتها من وشها وقالت وهي بتتنهد:
سلمى: "كفاية عليا دي… أنا كنت محتاجاها أوي."
وبصت لنفسها في المراية اللي على الحيطة، ابتسمت ابتسامة وراها تعب وإدمان، ثم دخلت الأوضة الجنبية وهي مقفولة على نفسها.
صفوت يدخل عند شادي هو عارف انه مش غدا عادي، لكن فجأة سلمى تظهر بلبس ملفت، متزينة زيادة، ومبين جدًا إنها مش في حالتها الطبيعية. خطواتها مش ثابتة، نظراتها مش مركزة، وضحكتها فيها نشوة غريبة.
شادي يحاول يبان عادي وهو يعرف كويس إيه اللي حاصل، ويبتدي يقدّمها لصفوت:
– "دي سلمى.. كانت مترددة الأول بس أنا قلتلها إنك لازم تشوفها بعينك."
صفوت يقعد مصدوم من جرأتها، وهي تقرب منه، كلامها متقطع وكأنها بتطير من الواقع. في اللحظة دي، صفوت يبقى في صراع داخلي: منبهر من جمالها وانطلاقها، لكن مرعوب من الواضح إنها مش واعية لنفسها.
الجو العام يبقى فيه توتر: الأكل محطوط عالترابيزة، بس مفيش حد مهتم، لأن الحوار والشحن النفسي مسيطرين.
صفوت وهو بيقطع حتة لحمة صغيرة، يرفع عينه يبص لها ويقول بابتسامة مكسورة:
"بسم **** ما شاء **** يا سلمى… الجمال ده معقول؟ ده حتى الضحكة منك زي الورد المفتّح."
شادي يضحك وهو يلمّح لصفوت:
"ما هو يا باشا … هي خلاص، مش حتغيب عننا تاني كتير. أيام السفر والغياب راحت، دلوقتي إحنا مع بعض على طول."
سلمى، وهي قاعدة عالكرسي، ضهرها مفرود ودماغها مرفوعة لفوق، تضحك بصوت خفيف متقطع، ضحكة أقرب للسكران منها للطبيعي. إيديها مش ثابتة، تلعب بالشوكة والسكينة كأنها مش عارفة تستخدمهم. الأكل قدامها زي ما هو، يمكن خدّت لقمتين صغيرين وبس.
صفوت يمد عينه عليها، مبهور وساحر في نفس الوقت، وكأنه مش شايف غيرها.
شادي يراقبها بنظرة فيها فخر واطمئنان، كأنه عايز يقول: "شايف، أنا السبب في الحالة دي."
أما هي… كأنها في عالم تاني تمامًا. ضحكتها طالعة من بعيد، عينها فيها بريق غريب، ومشغولة بلهو داخلي أكبر من اللي حواليها.
بعد ما الجو على السفرة يبقى مليان ضحك من صفوت، وهيّا بتضحك ومش مركزة في الأكل خالص، يقوم شادي يلمح عليها:
– "إيه يا سلمى ؟ شكلك مرهق… تعالي جوه ارتاحي شوية."
الجملة تتقال بنبرة كأنها نصيحة رقيقة قدام الكل، بس في عينيه في لمعان خفي، كأنه هو الوحيد اللي فاهم سر ضحكها وانشغالها.
سلمى تتسمر لحظة، تبص له بسرعة وكأنها بتقول "أنا كويسة"، لكن من جواها مستسلمة، تقوم تهز راسها بخجل وتقوم من على السفرة.
صفوت يراقب الموقف بنص عين، مستغرب ليه سلمى مطيعة أوي في اللحظة دي.
وسلمى تمشي جوه، ضحكتها لسه متعلقة في الهوى، وهي مشية بخطوات خفيفة كأنها عايزة تسيب وراها أي عقل أو قيود.
سلمى دخلت الأوضة، كانت لسه مشوشة من التعب والدوخة اللي حسّت بيها على السفرة. الغرفة ريحتها غريبة شوية، مزيج من عطر ثقيل ودخان خفيف. أول ما قعدت على الكرسي الجانبي، شادي قرب منها وقال بنبرة ناعمة:
"إنتي محتاجة تسترخي… أنا جايبلك مفاجأة هتخليكي تنسي أي حاجة مضايقاكي."
هي رفعت عينيها له، فيها خوف بسيط، وقالت:
"مفاجأة إيه يا شادي؟ أنا مش ناقصة."
هو ضحك بخبث، قاعد جنبها، وبص حواليه كأنه بيطمن على حاجة. فجأة خبط حد على الباب خبطة خفيفة، شادي قام وفتح، ودخل صفوت. كان لابس شيك زيادة عن اللزوم، ريحته نفاذة، وابتسامته فيها استهتار واضح.
سلمى قامت بسرعة وقالت بصوت عالي شوية:
"إيه ده؟ إنت جاي ليه هنا؟"
شادي مد إيده يهديها وقال:
"اهدي يا حبيبتي… صفوت معجب بيكى من زمان وجاي يقعد معانا شوية، يمكن يسلّيكى، يغير جوك."
هي رجعت خطوة لورا، قلبها بدأ يدق بسرعة. حسّت إن في حاجة غلط، خصوصًا مع نظرة صفوت اللي كانت مسلطة عليها بشكل مريب. شادي قعد تاني وهو بيبصلها ببرود:
"أنا مش بعمل كده غير عشانك… إنتي محتاجة تجربة جديدة، حاجة تخرّجك من اللي إنتي فيه."
سلمى وهي قاعدة عالسرير، شعرها مبلول من العرق ووشها شاحب، تبص لشادي بعينين غرقانين في الدموع:
"أنا خلاص... ضعت يا شادي. أنا مش قادرة أقاومك ولا حتى أقاوم نفسي. بقت كل حاجة جوايا ميتة... أنا إنسانة بلا روح."
شادي يقرب منها، يمسك إيدها ويضحك بخبث وهو يحسس إنها استسلمت تمامًا:
"إنتي مش ضايعة يا سلمى... إنتي لسه في البداية. في حاجات كتير لسه ما جربتيهاش... ولسه في ناس ممكن يفهموكي أكتر مني كمان."
سلمى ترفع عينيها باستسلام كامل، مفيش فيها أي رفض أو مقاومة:
"خلاص... أنا تحت أمرك. أعمل اللي إنت عايزه."
هنا شادي يبتسم ابتسامة رضا، يخرج بره ثواني ويرجع ومعاه صفوت... يدخل وهو شايل كوباية ويسلم عليها ببرود، كأن الموضوع عادي جدًا.
صفوت يقرب منها بتودد … انا مش حاعمل حاجه الا لو انتى وافقتى وكنتى عايزة كده اكتر منى لو مش عايزة انا حامشى دلوقتي ومش زعلان على فكرة
سلمى… طب ممكن تسيبنى شويه اجهز
كانت تذكرة المخدر لها مفعول السحر عليها جعلتها ترتمى فى حضن صفوت ليدخل صفوت يجدها فى كامل مكياجها ترتدى بيبى دول اسود شفاف وتضحك بشده
ظل يقبلها قبله رومانسية
كان صفوت سعيد بتجاوبه معه عكس المرة السابقة وسلمى رأت فيه شخصية رومانسية جدا فى العلاقة لم تجدها فى امجد طليقها ولا سامى اخوها ولا شادى
كان مفعول المخدر مهدئ لها ولكن صفوت اظهر براعة فائقة رغم ان قضيبه متوسط ليس ضخم ولا طويل لكنه اثبت انه ليس بالحجم كانت تئن سلمى تحته كان يتقن فنون الجنس ببراعه جعلها تؤتى مائها اكثر من مرة ليؤتى شهوته وينام فى حضنها حتى الصباح
المشهد – بيت هناء
(الأم قاعدة قدام هناء، باينة مكسورة وقلقانة، هناء بتحاول تفكر معاها. هاني جوزها قاعد ببرود وهو مش متقبل الفكرة.)
الأم:
أنا مش عارفة أعمل إيه معاها يا هناء… سلمى بتضيع من إيديا كل يوم أكتر.
هناء:
(تفكر) بصي… مفيش غير إنك تجيبيها هنا عندي.
نحبسها شوية… نمنع عنها كل حاجة. يمكن تفوق وتنسى.
هاني:
(معترض بعصبية) لأ! لأ طبعًا.
الأشكال دي متدخُلش بيتنا.
إحنا هنجيب بلاوي برجلينا؟!
الأم:
(مصدومة) أشكال إيه يا هاني؟ دي بنتي… بنتي يا ابني!
هاني:
(بحدة) ماشي… تبقى بنتك، بس أنا ماليش دعوة.
أنا مش هسيب مراتي ولا بيتي يتلوث بمشاكلها.
يا حماتى افهمينى انا قصدى ان الاعراض الانسحاب صعبه اوى احنا مش حنقدر عليها زى انهم بيربطوها بيدوها مهدئات وكل ده مش هنا غير بقى الاولاد حيخافو جدا من منظرها حتبقى زى الوحش الهائج
هناء:
(تحاول تهدي) هاني… دي أختي بردو. مش معقول نسيبها كده تنهار.
هاني:
(قاطحها) خلاص يا هناء، أنا قولت. الموضوع انتهى.
الأم:
(دموعها تنزل، واقفة بتزعل) ماشي يا هاني…
أنا مش هقعد في بيت يتقال فيه على بنتي "أشكال"!
أنا ماجيتش هنا عشان أتهان.
(الأم تمسك شنطتها بسرعة وتخرج، وهناء تفضل واقفة متوترة تبص لجوزها بغيظ.)
خرجت الام من بيت هناء ومعها هند واطفال سلمى وكأن خطواتها ليست لها، تتمايل كالمخدّرة، تحمل بين ضلوعها ثِقلاً يوشك أن يفتتها. وقفت للحظة عند باب الشقة، نظرت إلى هناء ثم إلى هانى ، لكن عينيها لم تستطع الثبات على وجوههم… شعرت أنها غريبة عنهم، عن نفسها، عن العالم كله.
لم تنطق بكلمة، فقط التقطت حقيبتها الصغيرة ورحلت مسرعة، تائهة في شوارع الليل، كأنها تهرب من نفسها قبل أن تهرب منهم.
وخرجت من بيت هناء من غير ما تبص وراها.
خطواتها كانت متخبطة، شبه حد تايه في الشارع، لحد ما وصلت عند باب ندى بنت خالتها. وقفت دقيقة قدام الباب، قلبها بيدق بسرعة، بتسأل نفسها: "أقولها؟ أفضفض؟ ولا أسكت زي ما كنت بعمل طول عمري؟"
وصلت إلى بيت بنت خالتها ندى، طرقت الباب بأنامل مرتجفة، وما إن فتحت ندى حتى ارتمت في حضنها باكية.
احتضنتها ندى بقلق، حاولت أن تفهم منها شيئًا، لكن سلمى لم تكن قادرة على الشرح. فقط أرادت حضنًا لا يسأل.
الجزء السابع
في داخلها، كانت تعرف أن بيت ندى ليس أمانًا كاملًا، فزوجها علاء رجل لا يمل من مد يده على كل أنثى، تتذكر جيدًا لمسات عابرة لسلمى … لمسات غريبة مع هناء… ونظراته لها هي شخصيًا. كل ذلك يصرخ بداخلها، لكنها الآن كالغريق الذي يتمسك بأي قشة، حتى لو كانت هذه القشة مليئة بالأشواك.
بسرعة ندى فتحت الباب وهي مبتسمة:
– ليلى! إيه ده؟ إنتي منورة فجأة كده.
ليلى حاولت ترسم ابتسامة مصطنعة وقالت بصوت مبحوح:
– ممكن أدخل يا ندى؟
"أنا ضعت يا ندى… أنا إنسانة بلا روح."
ندى حست إن فيه حاجة، وشدت إيدها ودخلتها بسرعة:
– تعالي يا حبيبتي، شكلك تعبانة.
ليلى قعدت على الكنبة، ومن غير مقدمات، الدموع نزلت على خدها. قالت بصوت مهزوم:
– يا ندى… أنا ضعت. بجد أنا ضعت. مش لاقية نفسي.
ندى اتفاجئت، وقربت منها وحطت إيدها على كتفها:
– ضيعك مين يا ليلى؟ قوليلي، إيه اللي حصل؟
ليلى بصت لها بعينين فيها كسرة وألم:
– سلمى بنتى بتضيع عالطول سكر وبترجع سكرانه والمصيبة بقت بتاخد مخدرات مع سامى وشفته معاها وفى حضنها عريانين
ندى شهقت وبصت لها بصدمة:
– إنتي بتقولي إيه يا ليلى؟!
ليلى نزلت دموعها أكتر، ورفعت وشها وقالت:
– آه يا ندى، أنا إنسانة بلا روح.
ندى شهقت ورفعت إيدها على وشها:
ــ "إيه الكلام ده يا ليلى! إنتي متأكدة؟"
ليلى بعيون دامعة:
ــ "أكتر من متأكدة.. وأنا خايفة.. وخايفة أتكلم. بس خلاص، مش قادرة أتحمل."
ندى شدت إيديها بكل قوة:
ــ "بصي يا ليلى.. لو الكلام ده صحيح، لازم نلاقي حل.. وميكونش الصمت. إنتي مش لوحدك. أنا معاكي.. وهقف في ضهرك مهما حصل."
سلمى صحيت من النوم على صوت ضربات قلبها، رأسها بيخبط كأنه طبول، عرق بارد نازل من جبينها، وإيدها بتترعش وهي بتدور حواليها. لقت نفسها لوحدها في الشقة، الكوبايات الفاضية والريحة النفاذة للخمرة لسه مالية المكان.
قامت تمشي مترنحة، ماسكة راسها، وبتقول بصوت واطي متقطع:
"أنا… أنا بموت… محتاجة… أي حاجة دلوقتي."
قربت من الترابيزة، قلبت بإيديها وسط الفوضى، يمكن تلاقي حاجة فاضلة. مفيش غير فتافيت بودرة على طبق زجاج صغير. حاولت تجمعها بأي طريقة وتحطها على لسانها، لكن مفعولها ماكانش كافي.
جلست على الأرض تبكي بحرقة، ضهرها ملزوق في الكنبة، صوتها بيتكسر:
"أنا بقت ولا حاجة… جسمي بيصرخ… يا رب… أنقذني…"
في اللحظة دي، الموبايل رن. كان اسم "شادي" ظاهر، لكن هي ماقدرتش ترد. كل اللي قدرت تعمله إنها تشد شعرها وتصرخ، لأن الصداع والإحتياج سيطروا عليها بشكل مرعب.
كانت سلمى إيدها بتترعش وهي ماسكة كباية فاضية، بتبص حواليها تدور على أي حاجة تسد بيها الاحتياج اللي بيأكلها من جوه.
تقوم بخطوات مهزوزة ناحية المطبخ، تفتح الدولاب العلوي، تلاقي زجاجة ويسكي نصها فاضي.
تمسكها بسرعة، تفتح الغطا بسرعه من كتر الارتعاش، وتصب في الكباية من غير ما تحسب.
تشرب جرعة كبيرة مرة واحدة…
تسعل بقوة، دموعها تنزل من الحرقة، بس بعد ثواني تحس بسكينة مؤقتة…
تضحك ضحكة باهتة وتقول بصوت واطي:
– "مافيش غيرك دلوقتي… مافيش غيرك."
ترمي نفسها على الأرض، والزجاجة في إيدها، وتكمل شرب كأنها بتحاول تطرد الألم اللي جواها.
كانت سلمى تتقلب فوق الأريكة في صالون شقة شادي، عرق بارد يغطي جبينها، والصداع يمزق رأسها كالسكاكين. جسدها يصرخ طلبًا للجرعة، لكن لا شيء أمامها سوى زجاجات الخمر الفارغة. مدت يدها المرتعشة لزجاجة نصف ممتلئة، رفعتها بشراهة، شربت حتى كادت تختنق، علّ الكحول يسكّن ذلك العذاب… لكن الألم ظلّ ينخرها.
انزلقت على الأرض وهي تأنّ، تبكي بهستيريا متقطعة:
"عايزة… عايزة… دلوقتي!"
وفجأة، انفتح باب الشقة بقوة. دخل شادي يتبعه صفوت، نظراتهما تحمل خليطًا من الغضب والشماتة. وقفا للحظة يراقبانها وهي تزحف باتجاههما وكأنها **** تستجدي الرحمة.
اقترب شادي منها بخطوات واثقة، رفعها من ذراعها وهو يبتسم ابتسامة باردة:
"بسرعة قوي وقعتِ؟… لسه بدري يا سلمى."
أخرج كيسًا صغيرًا من جيبه، ومرر الجرعة بين أصابعه أمام عينيها كمن يلوّح بجائزة. ارتجف جسدها كله، مدّت يدها تستجدي:
"أرجوك… اديني… مش قادرة."
ابتسم شادي ابتسامة نصر وهو يهمس:
"هتاخدي… بس لازم تدفعي التمن."
ألقى إليها بالجرعة بعد أن تأكد أن صفوت يراقب المشهد بشهية. لم تمضِ دقائق حتى غاب وعيها بين السُكر والمخدر، ليتركها بين أيديهم ألعوبة سهلة… يستغلان ضعفها أبشع استغلال، بلا رحمة ولا شفقة، وكأن إنسانيتها قد مُسحت تمامًا.
رجعت سلمى في نص الليل، خطواتها متقطعة، عينيها محمرة وجسمها مترنّح من التعب. كانت بايتة يومين بره البيت.
فتح لها سامي الباب وهو لسه راقد على الكنبة، علبة السجائر جنب منه وبواقي البرشام مرمية حوالينه. رفع عينه بصعوبة وقال بصوت متكسر:
– "كنتي فين؟"
جلست قدامه، شعرها مبعثر ووشها شاحب. ما استحملتش تكتم جوّاها، هو الوحيد اللي تقدر تحكيله. بصتله وقالت:
– "سامي… أنا كنت مع صفوت… عمل فيا حاجات مكنتش متخيلة أعيشها… استغلني، كسرني، وأنا كنت ضعيفة."
سامي فضل ساكت، بيهز رجله بعصبية من أثر السكة. عينيه زائغة، بيبص لها بس من غير ما يلاقي جوا نفسه رد. حاول يبلع ريقه، وبعدين طلع ضحكة صغيرة مش مفهومة وقال:
– "الدنيا كده… كلنا ضايعين."
سلمى دموعها نزلت، كانت محتاجة كلمة تطبطب عليها، بس لقت قدامها أخوها عاجز، مسجون في إدمانه. هو أقرب إنسان ليها، بس مش قادر ينقذ نفسه ولا حتى ينقذها.
كانت عزيزة لسه ماسكة الكوباية في إيدها، بتحاول تفهم إزاي حياتها اتغيرت للدرجة دي. بصّت لسامي، لقت عينه زائغة وصوته واطي. فجأة لقت على الترابيزة قدامها حاجة شبه التلج، متكتلة وبتلمع تحت النور الخافت. اتجمدت مكانها وقالت بارتباك:
– "إيه ده يا سامي؟"
سامي رفع عينه عليها ببطء، ابتسامة مش طبيعية على وشه، وقال بصوت متقطع:
– "واحد صاحبي جابهولي… ده مخدر جديد… اسمه آيس."
سلمى اتنفضت من الكلمة، قلبها وقع، حاولت تلاقي رد أو تصرخ، لكن لقت سامي ممدد وملوش أي إرادة، كأنه مستسلم تمامًا، عاجز حتى يبرر.
سامى وهو ماسك الكيس الصغير الشفاف، بيوريها البلورات البيضا اللي شبه التلج:
سامى (بحماس مغري): بصي يا سلمى… ده مش أي حاجة، ده اسمه آيس. أحسن من البودرة، وأحسن من الخمرة كمان. بيديك قوة ونشوة، ومابيهدكش ولا يكسرك زي الحاجات التانية.
بتبصله مترددة، عينيها فيها خوف وفضول في نفس الوقت:
سلمى: آيس؟! أول مرة أسمع عنه… هو مش خطر؟
يقرب منها بابتسامة ماكرة:
سامى: خطر؟ بالعكس، ده اللي جابهولي صاحبي من برة. بصي، أنا مردتش أجربه لوحدي. قلت لازم أول تجربة تبقى معاك إنتي… نعيش اللحظة سوا.
بتسكت لحظة، قلبها بيدق بسرعة، وفي عقلها بتمر كل الصور: لحظات سعادة زائفة معاه، الألم اللي كانت بتحاول تنساه بالخمرة، وحس المغامرة اللي بيشعلها كلامه.
سلمى (بهمس): طب… نجرّب.
ابتسامته بتتسع، وبيبدأ يجهز الجرعة الأولى، وهي بتقرب أكتر كأنها داخلة في دوامة جديدة من غير رجعة.
سلمى تبصّ للكيس بخوف ممزوج بفضول، إيدها بترتعش وهي بتقرب. الغرفة حواليهم ضلمة إلا من لمبة خافتة، والدخان اللي مالي الجو يخلي الصورة كلها باهتة ومخنوقة.
سلمى (بصوت متردّد): "يعني… ده آخر حاجة ممكن ننجر وراها؟"
سامي يضحك ضحكة قصيرة بس فيها لمحة قسوة:
سامي: "ده مش آخر حاجة… ده البداية."
تسكت لحظة طويلة، وبعدين تمد إيدها بتبطّؤ، صوت دقّات قلبها كأنه بيملأ المكان. وهي بتلمس المخدر لأول مرة، تركز على عينيها اللي فيها لمعة خوف… كأنها بتشوف بوابة سودة مفتوحة قدامها، مش عارفة لو رجوع منها ممكن.
سامي وهو ماسك الكيس الصغير:
– "بصي يا سلمى، الإيس ده غير أي حاجة تانية. أحسن من البودرة وأجمد من الخمرة بكتير. بيخليك فوق، صاحي، دماغك صافية ومافيش نوم ولا كسل… كله طاقة وحماس. مش زي الهيروين اللي بينيمك ويكسر جسمك ويخليك شبه ميت."
سلمى مترددة، عينيها فيها قلق بس صوت سامي كان واصل لآخر نقطة ضعف عندها.
– "أنا ماقدرش أخده لوحدي، كنت مستنياك، لازم نجربه سوا."
هزّت رأسها بالموافقة، وكأنها بتوقع على حكم غيابي ضد نفسها.
أول نفس أخدوه مع بعض كان البداية. إحساس غريب، نار بتجري في العروق، دقات قلب سريعة كأنها طبول حرب، عرق بارد، وضحكة هستيرية من غير سبب. سلمى حسّت إنها طايرة، دماغها مش ثابتة على أرض، كأنها فجأة فوق العالم كله. وسامي كان بيتمايل وهو بيضحك ويقول:
– "شايفة؟ ده الصح، ده اللي يخليكي تحسي إنك عايشة بجد!"
سلمى . انت لو تشوف صفوت عمل ايه يا لهوى فنان نيك ولا لما صحيت جسمى بيتقطع مالنعب عشان شمه جه شادى وصفوت جابولى تذكرة وناكونى مع بعض اول مرة اجرب الزبرين مع بعض طيزى اتفشخت
سامى . ورينى كده
سلمى: سخنت صح عايز تنكنى الصراحه البتاع ده مخلينى طايره ونفسي اتناك
لكن الحقيقة إن الطريق من اللحظة دي كان مظلم. الإيس صحيح بيخليهم صاحيين ساعات طويلة ويدّيهم نشاط وهمي، لكنه بيسحب منهم كل لحظة راحة، كل خيط أمان. مش زي الهيروين اللي بيوقع الواحد في غيبوبة، ده بيفتح عينك على هاوية أوسع، يخليك تسهر أيام من غير نوم، تهلوس وتشوف اللي مش موجود، ويخلي الجسم يتحرق من جوه ببطء.
الضحك اللي ملأ القوضة كان باين من بره كأنه فرحة، لكن جواهم كان بداية الانكسار.
سلمى صحيت الصبح بدري على غير عادتها، قامت من السرير بخفة، فتحت الشبابيك، الشمس دخلت أوضتها وكأنها بتعلن بداية جديدة. لبست بسرعة، وشربت قهوة وهي مبتسمة… حسّت إنها أخيرًا رجعت تبقى "هي".
رجعت شغلها بنفس طاقة زمان، عينيها فيها لمعة غريبة، كل حاجة بتعملها بسرعة وإنجاز. زمايلها في المكتب استغربوا من حماسها المفاجئ.
لكن اللي محدش عارفه… إن النشاط ده مش حقيقي. ده مجرد وهم كيميائي بيتولد في دمها.
الـ"آيس" – زي ما بيقولوا – بيخلي المخ يفرز كميات هائلة من الدوبامين، إحساس لحظي بالنشوة والطاقة، لكن الجسم في الحقيقة بيُستنزف.
على العكس من الهيروين، اللي بيخلي الواحد ينغمس في خدر وكسل، الآيس بيدي اندفاع ونشاط زائف… وكأنك ماشي بسرعة جنونية في طريق مظلم، من غير ما تلاحظ إنك بتقترب من منحدر خطير.
في صباحٍ عادي، جلست سلمى على مكتبها بين الملفات والتقارير، وجهها يبدو أكثر إشراقًا من المعتاد، وحركتها أسرع قليلًا مما ألفه زملاؤها. كانت تبتسم بلا سبب واضح، وكأن طاقة غامضة تسري في عروقها.
لكن بينما كانت تشرح لنَدَى بعض النقاط، توقفت فجأة. جملتها انقطعت في منتصفها، وعيناها ثبتتا على ورقة فارغة أمامها كأنها ترى فيها شيئًا لا وجود له. لحظة صمت مرت ثقيلة، قبل أن ترمش سريعًا وتضحك بخفة متصنعة، وكأنها تحاول إخفاء الشرود.
ندى رفعت حاجبها بقلق:
– "سلمى، إنتي كويسة؟"
سلمى أومأت بسرعة، وهي تلتقط القلم وتعود لعملها، لكن يدها ارتجفت لحظة على الورق. ابتسمت ابتسامة واهية وقالت:
– "آه.. تمام، يمكن بس سرحت شوية."
ومع أن الموقف مرّ عابرًا، إلا أن أثره ظلّ معلقًا في الجو، كوميض خاطف يعلن بداية شيء أكبر قادم.
رفعت سلمى الهاتف بيد مرتجفة، كانت أنفاسها سريعة كأنها تسبق الكلمات. ضغطت على الرقم وحين سمعت صوت أمها المرتبك على الطرف الآخر، انفجرت:
"إزاي سبتيـنا؟! إزاي كنتي واقفة بتتفرجي علينا وإحنا بنتكسّر من غير ما تمدي إيدك؟! كنا محتاجين حضنك، مش دموعك!"
صوتها علا حتى صار كالصراخ، تختلط فيه المرارة بالغضب، بينما على الجانب الآخر لم يُسمع سوى بكاء مكتوم، متقطع، كأن الأم تحاول الكلام لكن الدموع خانتها.
زاد صراخ سلمى وحدة كلماتها:
"أنا مش عايزة أعذار! ولا عايزة أسمع إنك كنتي ضعيفة! إحنا اللي اتحملنا كل حاجة… وإنتي كنتي فين؟!"
ظل البكاء يتردد في سماعة الهاتف، صامتًا في عجزه، مدويًا في أذن سلمى كأن كل دمعة صفعة.
ومع آخر كلمة، أغلقت المكالمة بحدة، لتبقى واقفة في العتمة، والهواء الثقيل يضغط على صدرها، بينما صدى بكاء أمها ما زال يطاردها.
داخل شقة "ندى" و"علاء". الإضاءة هادئة، الساعة متأخرة. "الأم" جالسة على الكنبة، ملامحها منهارة والدموع تنساب على وجهها. "ندى" بجانبها تمسك يدها في محاولة للتهدئة، بينما "علاء" يجلس قريبا أكثر من اللازم.
بعد ما خلصت المكالمة، جلست أم سلمى عند ندى وهي مش قادرة تتحمل دموعها. علاء كان قاعد معاهم، بيظهر تعاطف مصطنع. حاول يواسيها بكلمات هادئة:
ـ "خليكي قوية، بكرة الأمور هتهدى."
لكن يده كانت بتتسلل بحذر، يلمس كتفها ثم ذراعها بحجة المواساة، وهي في حالة انكسار مش واخدة بالها إنه بيتعمد اللمس.
وفي اللحظة دي، وهو بيشوفها غرقانة في دموعها، قفز لعقله فكرة شيطانية. ابتسم ابتسامة خفيفة ما لفتتش نظر حد، وقال بنبرة جدية:
ـ "بصوا، أنا هروح لسامي وسلمى، يمكن لو كلمتها تراجع نفسها، يمكن تلين شوية."
لكن داخله، كان الهدف الحقيقي مختلف تمامًا... هو ما كانش رايح يصلح، كان رايح يجرّب إزاي يوقع سلمى في فخه.
الأم (بنبرة مكسورة): "بنتي بتزعقلي يا ندى... دي بتقول إني أنا السبب في وجعهم... أنا؟ أنا اللي ربيتهم وسط نار، وكنت بحاول على قد ما أقدر!"
ندى (تربت على كتفها): "معلش يا طنط، سلمى مضغوطة... مش قصدها تجرحك."
الأم (تضع يديها على وجهها وتبكي بحرقة): "بس وجعتني... حسيتني إني قليلة... وأنا ما استاهلش منهم كده."
(هنا "علاء" يمد يده ببطء ليمسك كتف الأم بحجة المواساة، لكن لمسته فيها زيادة عن الحد الطبيعي، وكأنها متعمدة. الأم غارقة في دموعها، مش منتبهة خالص، تسيبه من غير ما تلاحظ. "ندى" مركزة في تهدئة ليلى ، مش واخدة بالها من حركة زوجها.)
علاء (بصوت واطي وهادئ): "انتي ست عظيمة يا طنط... محدش يقدر يقلل منك... كله هيعدي، صدقيني."
(الكاميرا تركز على يده وهي ثابتة على كتفها لحظة أطول من الطبيعي، كأن في لمسة مش بريئة. الأم تظل تبكي، من غير ما تلاحظ. ندى ما زالت مشغولة بالكلام معاها.)
علاء، بعقله الملتوي، قفزت إلى ذهنه فكرة ماكرة. تظاهر أمام الجميع بأنه يريد زيارة سامي وزوجته سلمى للحديث في بعض الأمور البسيطة، لكن داخله كان يخفي نية أخرى أكثر سوادًا.
قرر أن يستغل نقطة ضعف سلمى التي يعرفها جيدًا: إدمانها على الشراب. اصطحب معه زجاجة خمرة فاخرة ملفوفة بعناية، كهدية ظاهرها المجاملة والود، وباطنها فخ منصوب بعناية.
وقف أمام باب منزل سامي، وعلى وجهه ابتسامة مصطنعة، يخفي وراءها نواياه الدنيئة. ضغط على الجرس، وفي قلبه شهوة متأججة ممزوجة بخبث شيطاني، ينتظر اللحظة التي ينفرد فيها بسلمى ليوقعها في شَرَكه.
دخل علاء البيت وهو يحمل في يده زجاجة أنيقة مغلفة بورق فضيّ، ابتسامة ماكرة ترتسم على وجهه. ما إن دفع الباب حتى لاحظ أن المنزل بدا غير مرتب؛ الكراسي متناثرة، ستائر نصف مغلقة، وطاولة القهوة مليئة بأكواب فارغة وبقايا سجائر.
سلمى اندفعت نحوه بسرعة، تحتضنه بترحاب شديد، ورائحة الخمر تسبق كلماتها.
قالت بصوت مبحوح وابتسامة واسعة:
ـ "إيه المفاجأة الحلوة دي يا علاء؟! نورت البيت."
أما سامي، فاقترب بخطوات متثاقلة وهو يحاول أن يبدو مهذبًا رغم الشرود الظاهر في عينيه، مدّ يده لمصافحته قائلاً:
ـ "أهلاً يا صاحبي، زمان عنك… تفضل، البيت بيتك."
علاء رفع الزجاجة في يده بابتسامة متعمدة:
ـ "قلت أجيبلكم حاجة صغيرة… عارف إنكم بتحبوها."
عين سلمى تلألأت لحظة رأت الزجاجة، وانعكس في ملامحها مزيج من اللهفة والامتنان، بينما سامي اكتفى بابتسامة باهتة وهو يزيح بعض الأكواب عن الطاولة ليجلس ضيفه.
جلسوا حول الطاولة، والزجاجة في منتصفها كأنها ضيف ثقيل.
مدّ علاء يده بثقة، صبّ كأسًا صغيرًا لنفسه، ثم ملأ كأس سامى حتى الحافة، وأخرى لسلمى.
ابتسم بخبث مخفي:
– "خلّينا نفرّغ شوية هموم من دماغنا."
رفع سامى الكأس بارتباك، أما سلمى فقد أخذته بلهفة.
كان علاء يكتفي برشفات خفيفة بالكاد تُبلل شفتيه، بينما يُعيد ملء كأسهم كلما فرغت بسرعة.
الدقائق مرت، وسلمى بدأت تفقد توازنها شيئًا فشيئًا، الكلمات تتعثر، الضحكات تعلو ثم تهبط.
وفجأة، وسط دوامة السكر، نظرت إلى علاء بعينين زائغتين وقالت بصوت متهدج:
– "إنت مش عارف… أنا… أنا كنت مع شادي… ومع صفوت كمان… كانوا بيخلوني أحس إني عايشة."
سامى شهق بقوة، الكأس كاد يسقط من يده
أما علاء، فظل ثابتًا، يربت على كتف سلمى برفق متصنع، كأنه يحاول تهدئتها:
– "اهدّي يا سلمى… خلاص، كل حاجة هتكون بخير."
لكنه في داخله، ابتسم ابتسامة النصر… لقد حصل على أكثر مما كان يتوقع.
كانت كؤوس الخمر نصف ممتلئة، وضحكاتهم تتداخل مع صوت الموسيقى الخافتة. كان سامي قد بدأ يفقد توازن
ه، ثملًا أكثر مما ينبغي، يرفع الكأس مرارًا دون وعي.
علاء، بعينين تلمعان بدهاء، كان يتعمد أن يملأ كأس سلمى كلما فرغت، بينما يكتفي هو برشفة صغيرة، يحافظ على وعيه كاملًا.
بدأت كلمات سلمى تتعثر، ضحكتها تنكسر إلى اعترافات غير مقصودة:
الجزء الثامن والأخير
– "شادي… ما كانش مجرد صديق… كنت معاه… حتى صفوت كمان…"
ارتبكت وهي تنطق الأسماء، لكن الثمالة دفعتها أكثر للبوح. سامي لم يدرك شيئًا، كان رأسه مائلًا للخلف، يغالب النوم والدوار.
اقترب علاء ببطء، يضع يده على كأسها كأنه يمنعها من المزيد، ثم يبتسم ابتسامة غامضة:
– "كفاية عليكي دلوقتي… خلّي الباقي بينّا."
في تلك اللحظة، سقط سامي برأسه على الكنبة، غارقًا في غيبوبة سُكر تام. وجد علاء نفسه أخيرًا منفردًا بسلمى، كما خطط منذ البداية.
سندها حتى غرفة النوم ليخلع ملابسها كم تمنى هذه اللحظة منذ مده علاء عبث باجسادهم جميعا مسك صدرها لامس كسها حضنها قبلها كانها دعابة ولكن من داخله يريدها واليوم جاءت فرصته وهى ثمله
لحس كسها ليضع قضيبه وهو غارق بمائها وصار يقبلها وهى ثمله ليعبث بصدرها وحلمتها ليقلبها ويضعه فى مؤخرتها ثم يبدل على كسها حتى اتى شهوته وغادر سريعا
يعود سامي إلى بيت ندى ووالدتها وهو يترنح قليلًا من أثر الشراب، يفتح الباب بعصبية ويمرر يده على جبينه المرهق.
سامي (بتنهيدة ثقيلة):
"و**** يا ندى… دول دماغهم ناشفة! تعبت من الكلام معاهم… لا بيقتنعوا ولا عايزين يفهموا."
تنظر إليه ندى بقلق واضح، بينما تضع أمها كوب الشاي أمامه وتحاول تهدئته.
الأم (بهدوء):
"اهدَى يا سامي، يمكن اللي في دماغهم صعب يتغيّر دلوقتي. خليك صبور شوية."
يجلس سامي وهو يلوّح بيده بعصبية، ثم يسند رأسه للخلف وكأنه فقد الأمل.
سامي:
"صبرت كتير… بس خلاص… حسّيت إني بكلم حجر."
ندى تقرّب منه وتحاول أن تلمس يده لتمنحه دعمًا، بينما الحزن يسيطر على عينيها.
انت ريحتك خمرة يا علاء
علاء:
ماهو بكلمها عمالة تشرب باخد الكاس بالعافيه منها اتكب عليا وبهدلنى انا ماشى محرج بسبب ريحة الزفت ده
[المشهد]
(في الصالة، الجو فيه توتر بعد رجوعهم من جيلان. ندى قاعدة متجهمة، وأمها ساكتة، علاء يحاول يخفف الجو.)
علاء (يمد إيده على كتف ليلى وبيهزر معاها بابتسامة):
يا بنتي إنتي كده مكشرة ليه؟ الدنيا مش مستاهلة، تعالي نضحك شوية.علاء يمسك بزها ويشيلها يقعدها على حجره طب بصى نعمل مسابقة انتى وندى كل واحدة تطلع بزها ونشوف بز مين اكبر
ليلى (تضحك بخفة وتحاول تبين ارتياحها):
عارفة يا ندى… علاء هو الوحيد اللي بيعرف يخليني أضحك مهما كان عندي هموم. يا بنى انت مش بتتكسف مراتك قاعدة
ندى (بصوت جاف وعيونها متضايقة):
الحمد *** إن في حد قادر يضحكك… انا داخلة انام وانت يا علاء متزهقش ليلى بقى خف عليها
(يعم الصمت لحظة، وعلاء يحاول يغير الموضوع بسرعة عشان يكسر التوتر.)
ندى كانت تعلم ان هذه طريقة علاء فى المزاح مع ليلى وبناتها هناء وسلمى حتى الصغيرة هناء لم تسلم منه ولكن هناء كانت تصده فكان يحملها على يده ويلامس صدرها واردافها بحجة الهزار اما سلمى كانت سلسلة كانت تتركه يعبث فى جميع انحاء جسدها. صدرها. حلمتها. اردافها .مهبلها وتضحك كثيرا حتى عندما تزوجت امجد كان يداعبها بنفس الطريقة وندى ترى كل ذلك وتضحك
هذا اليوم عاد علاء بعدما واقع سلمى وعاشرها معاشرة الازواج كانت ليلى ترتدى جلباب صيفى عادى ولكن علاء ما زال مهتاجا والخمر رغم انه لم يشرب كثيرا ولكنه جعله الدم يقفز فى قضيبه ظل يداعبها بحجة التهوين عليها يجلسها على حجره وكان قضيبه منتصبا لتشعر به وتقوم سريعا يداعب صدرها من الخلف وحلماتها يداعب مهبلها كل هذا من فوق الجلباب رأى بلل اسفلها ووجهها شاحب
ليلى * كفاية يا علاء انا اعصابى باظت
علاء * متبوظ هو فى احسن من كده يا سلام بقى لو تقلعى الجلابية دى
ليلى * علاء بلاش قلة ادب ندى ممكن تصحى
علاء * طب ايه رائيك انك حتقلعيها ودلوقتى كمان
مد يده ليرفع لها الجلباب ليراها بالاندر والبرا فقط ليخلع الاندر وهى تضم ساقيها فى خجل ليقبلها ويعبث بحلمتها لتصدر اهة تتبعها تفرج ساقيها وينزل علاء ليلحس كسها ويدخل اصابعه ليتنفض بمائها الكثير ويطلق الوحش الكامن بداخلها لتقوم ليلى وتخلع البرا وتخرج قضيبه لتمتصه كممثلة بورنو محترفه كانت تدخله فى فمها وتضعه بين صدرها الكبير
الخمر جعل علاء قضيبه منتصبا كالحديد وليلى كالوحش الجائع المنقض على فريسته كان علاء لا يفعل شئ بعدما انتهت من مص قضيبه دفعت علاء للاستلقاء وجلست على قضيبه لتصعد وتهبط عليه كان علاء يمنى نفسه ويقول فى خاطره الام وبنتها فى ليلة واحدة
كانت ليلى رغم بلوغها سن ٤٧ عام الا انها محتفظة برونقها جميلة جدا جسمها متناسق وهناء تملك نفس جمالها لها اخت اسمها امال ولكنها ممتلئة كثيرا وليست جميله مثلها فهى الاكثر جمالا تزوجت فى سن صغير ولكنها كان حظها عثر الزوج عاطل والاولاد فشلو فى التعليم عدا هناء لتكون الاكبر حظا وجمالا وخلقا هى ابنتها هناء تخرجت من كلية التجارة وتزوجت رجلا طيبا على خلق
ليلى كان حظها عثر فى العلاقة الجنسية الزوج كان ضعيف جنسيا كان يكتفى بقذفه داخلها فقط لا يوجد اى مداعبات ولا اوضاع الى ان جاء يوم دخلت غرفة سامى وجدته نائم من اثر المخدر وامامه الهاتف به فيلم جنسي دخلت عالم جديد ملئ بالمتعه تعلمت من الافلام العادة السرية وكيف تفعلها شاهدت الاوضاع تعلمت فنون الجنس ولكن نظريا فقط لم يبذل علاء مجهودا كبيرا ليلى كانت كالقنبلة الذى تنتظر فقط اشعالها حتى تنفجر شهوتها
اما هناء فكان حظها جيد نشأت فى بيت ملئ بالمشاكل عزلت نفسها ذاكرت ونجحت استقلت بنفسها لم تطلب شيئا منهم حتى انهت دراستها بنجاح جمالها كان اخاذ فهى تشبه والدتها كثير تقدم لها هانى احضرته جارتها سحر كان اول عريس يتقدم وتمت خطبتها احببته لتتزوج بعد سنه وتنفصل عن هذا البيت بمشاكله كثيرا جدأ رأت سلمى تتحدث مع الشباب عالنت نصحتها كثيرا ولكن دون جدوى
هناء كانت مثقفة ومتعلمه احتضنت هانى جعلته ينسي كل نساء العالم بها كانت تتنفنن لاسعاده كانت فى البيت كقمر مضئ يوميا تلبس ملابس نوم مثيرة جدا كانت ترقص له حتى عندما اصبح لديها ولدان لم تنسي هانى وتهتم بالاطفال كان يأتى من العمل يجدها تنتظره فى كامل زينتها كان يراها كل يوم كانها المرة الاولى لم تهينه او تفتعل المشاكل كان ينسي همومه بها حتى عندما جاءت والدتها فى المنزل لم يعترض اعترض فقط على وجود سلمى فى المنزل وهى مدمنه لانه من الوارد ان تتعاطى المخدر فى شقته او عالاقل اعراض الانسحاب لا يمكن تحملها وهذا سيخيف اطفاله لتغضب ليلى وتذهب لتقيم عند ندى
اما سلمى فهى تشبه عمتها الذى تحمل نفس الاسم جمالها متوسط ولكن جسمها كيرفى كان لدى خالتها امال ابنة فى غاية الجمال تزوجت فى سن صغير فدبت الغيرة لدى سلمى ظلت سلمى تقيم علاقات عالنت مع شباب كثيره جدا حتى تم خطبتها لشادى ليتركها بعد وقت قصير بعد ان اوهمها بالحب لتحضر خالتها امال عريس لها امجد ولكنه عصبى ومهتز نفسيا سلمى رغم زواجها لم تترك الفيس بوك وعلاقتها مع الشباب حتى مرض والدها وتعرفت على سامر حتى توطدت علاقته به واعتادو التحدث فى مواضيع جنسية لتطلب من امجد طلبات غريبه لم يعتادها مثل مص قضيبه.لحس كسها .وضعية الدوجى .تعجب امجد وعللت ذلك ان صديقاتها اخبرتها بذلك حتى فى يوم رأى محادثة بينها وبينه وهى تدير الهاتف منه شك فيها وفضحها ليتنصل سامر منها ويتركها بعد ان خرب بيتها واقامت لدى والدتها بالاطفال لتتبدل حالها مشاجرات متكررة مع سامى .نزول للعمل لدى شادى .سقوطها فى براثن السكر والادمان .علاقتها بسامى تتحسن بعد ان اصبحو مدمنين سويا وهروب والدتهم بعد ان ايقنت ان سامى يعاشر اخته وهم تحت تأثير المخدر
علاء قرر التحكم فى زمام الامر ليغير الوضع وتنام ليلى ويرفع رجلها على كتفه وهى تكتم اهتها خوفا من استيقاظ ندى هى تعلم انه يداعبها ولكن وقع المفأجاة عليها سيكون كارثي
ظل علاء يرهزها سريعا حتى اتى شهوتها بداخلها ولكن ليلى
لم يكفيها هذا ظلت تمتص قضيبه واعتلته من جديد وظلت تصعد وتهبط عليه وقت طويل حتى همدت واتت شهوتها
ليلى * انا مش عارفة عملت كده ازاى انت شيطان انت اللى بوظت اعصابى
علاء * بصراحه مينفعش اسيبك انتى عارفة انى نفسي فى كده من زمان وانتى كمان دافنه نفسك بالحيا من حقك تعيشى وتشوفى نفسك
ليلى *انا مكسوفة اوى من نفسي انى خنت ثقة ندى فيا مكنتش اتصور انى اعمل كده انا شفت الحاجات دى مرة على تليفون سامى وسلمى بس متصورتش اعمل زيهم
علاء * وانا بقول هى ازاى كده اتاريكى خبره بقى
ليلى * وبعدين يا علاء حزعل منك قوم بسرعة البس هدومك لندى تخرج ونتفضح
سلمى فتحت عينيها ببطء، تحاول تستوعب المكان. شعرها منكوش وملابسها مش مظبوطة. أول إحساس جه لها كان الغربة والوجع. قلبها دق بسرعة وهي بتحاول تفتكر… آخر حاجة في بالها إنها كانت قاعدة مع علاء، والضحكة اللي ضحكتها قبل ما تفقد السيطرة. دموعها نزلت غصب عنها وهي بتمسك راسها .صوتها مبحوح وبتحاول تفتكر اللى حصل مع علاء هى عارفة علاء كويس ولمساته الغير بريئة افتكرت يوم ما راحو البحر سواء وشالها فى الميه بحجة انه بيعلمها العوم ولعب فى كل حته فى جسمها طيزها .كسها.بزها.حلمتها ونفس الكلام مع هناء اختها وامها ليلى ،:
سلمى (بصوت واطي): "إيه اللي حصل… أنا إزاي جيت هنا كده؟!"
حسّت بثقل رهيب في قلبها، كأنها فجأة اتحولت من مجرد سهرة عادية لكابوس مش عارفة تصحى منه.
وبعد لحظة تبص لنفسها في المراية وتضحك ضحكة باردة وتقول:
"ولا يهمني... أنا ضايعة من زمان، إيه الجديد يعني؟"
وكأنها متقبلة إنها بتتدهور أكتر وأكتر، وما بقاش عندها أي مانع أو مقاومة.
سلمى خرجت من أوضتها وهي لسه في حالة لا مبالية، لقت أخوها قاعد في الصالة، عينيه حمرا ووشه تعبان، ماسك راسه بإيده وبيتمتم:
– "آخ… دماغي هتنفجر… أنا شربت كتير أووي امبارح."
سلمى وقفت تبصله من بعيد، عينيها فاضية من أي تعبير، وقالت بنبرة باردة:
– "عادى… انتَ متعود. ده مش أول مرة تصحى كده."
هو بصّلها بتوتر، وقال:
– "طب وانتي؟ شكلك متبهدل… كنتي مع علاء صح؟"
سلمى اتنهدت وقالت ببرود:
– "ما تفرقش… أنا ضايعة أصلاً."
وهو رجع يغمض عينيه، مش قادر يكمل الكلام من الصداع، وسابها تدخل المطبخ كأنها بتحاول تهرب من مواجهة أي حاجة.
سلمى خرجت من بيتها وهي شبه منهارة. ملامحها شاحبة، عيونها فيها ضياع واضح، والخطوات بتاعتها متخبطة. أول ما وصلت الشركة، حاولت تلبس قناع الجدية وتبان طبيعية قدام الموظفين، لكن الحقيقة كانت أوضح من إنها تتخبّى.
وهي قاعدة على مكتبها، الأوراق قدامها بقت مش واضحة… الحروف بتتشابك، والأسطر بتتحرك قدام عينيها كأنها موج بحر. مدّت إيدها تمسك قلم، لكنها حسّت إن القلم بيتضاعف، واحد اتنين… ومرة واحدة اتزحلق من إيدها.
الهلاوس بقت تلاحقها حتى في عز النهار. سمعت صوت أخوها بيزعق جوا دماغها:
– "انتي السبب… إنتي السبب في اللي وصلنا له!"
رفعت راسها مرعوبة، تدور حوالين المكتب… مفيش حد. حاولت تقوم، لكن رجليها كانت تقيلة، كأنها مربوطة بسلاسل.
دخلت السكرتيرة تقول لها:
– "مدام سلمى، في اجتماع بعد نص ساعة."
بصّت لها بعينين مش ثابتة وقالت بصوت مبحوح:
– "اجتماع؟!… هو أنا هنا؟"
السكرتيرة اتجمدت مكانها من الصدمة، مش فاهمة بتتكلم عن إيه، بينما سلمى رجعت تبص في الورق اللي قدامها وكأنها بتغرق جواه.
، سلمى قاعدة على مكتبها، عينيها مرهقة وصوت أنفاسها متلاحق. الأوراق قدامها بتتشوش، والحروف بقت تتحرك كأنها بتتلعب بيها. بتحاول تركز لكن صوت خفي بيرن في ودنها.
سلمى (بهمس لنفسها):
أنا… مش طبيعية… في إيه بيحصلي؟
بتقوم بسرعة وتستأذن من زملائها، خطواتها متخبطة وهي خارجة. بتنزل على الشارع تروح بيتها، عينيها بتدور على سامي، لحد ما تلاقيه واقف بيشرب "آيس".
بتقرب منه متوترة، وشها متعرق:
سلمى: سامي… أنا… أنا بقى بيحصلي حاجات غريبة… هلاوس… أصوات… حاسة إن البتاع ده السبب…
سامي بيرمي ضحكة صغيرة، يهز الكيس في إيده كأنه بيستعرضه:
سامي: إيه يا بنتي؟ هو إنتِ أول مرة؟ ده بيفتح الدماغ مش بيهبلها.
سلمى تهز راسها بعصبية، تحاول تبعد الكيس عنه:
سلمى: لا… أنا مش عايزة… أنا حاسة إني بتدمر… انا غلطانه انى كنت بديك فلوس تجبلنا الهيروين والايس
لكن سامي يقرب أكتر، عينيه فيها لمعة إدمان:
سامي: اسمعي كلامي… جربّي تاني… يمكن اللي بيحصلك ده مش من دي خالص…
سلمى تحاول ترفض، لكن إيدها تمتد مرتبكة وتشد منه المخدر رغم الخوف، كأنها محاصرة بين رغبتها في النجاة وجاذبية الهروب.
سلمى:بقولك ايه عايزة اعمل معااك طول ماحنا هنا محدش يلبس هدوم خاالص
سامى: عايزة تتناكى يا لبوه هما بقو كام واحد كده امجد وشادى وصفوت وعلاء وانا ههههخخخ
سلمى: طب قوم البتاع ده بيخلينى هيجانه اوى وبيخلى زبرك كبير اوى عارف انا شايفة زبرك طويل اوى اوى
سامى كان المخدر مخليه نشيط جدا زبه واقف زى الحجر فشخ سلمى حرفيا والغريبه سلمى مبتجيبش مطوله معاه عمال يقلبها يمين وشمال وسلمى بتنطط على زبه لا هو بيجيب ولا هى والاتنين هيجانين على بعض لدرجة ان سامى عور شفايفها وبزها كله علامات وطيزها احمرت من الضرب وسامى كمان ضهره كله خرابيش من سلمى لحد ما تعبو ونامو على وضعهم كده
تانى يوم سلمى راحت الشركه في البداية كانت سلمى تظن أن الآيس يمنحها قوة وتركيزًا استثنائيًا، يجعلها أكثر ثقة وسط الاجتماعات وأقدر على السيطرة على تفاصيل العمل. لكن مع مرور الأيام، بدأت التصدعات تظهر في جدارها النفسي.
كانت تدخل مكتبها وعيناها متسعتان، تتحرك بعصبية مفرطة، تتحدث بسرعة وكأن عقلها يسبق لسانها بخطوات. في الاجتماعات، صارت تضحك بلا سبب أحيانًا، وأحيانًا أخرى تلتزم صمتًا غريبًا يثير ارتباك من حولها.
الهلاوس تسللت إلى يومها؛ تسمع أصواتًا خافتة تناديها باسمها وهي وحيدة، وترى خيالات تمر بجوارها في المكتب ثم تختفي حين تدير رأسها. قلبها لم يعد يعرف الهدوء، دائمًا يخفق بعنف وكأنها مطاردة من خطر خفي.
أصبحت متوترة، كثيرة الشك في أقرب الناس إليها. لا تثق في زملائها، ولا حتى في نفسها. ذات ليلة، عادت إلى المنزل لتجد المرآة تعكس وجهًا غير وجهها؛ وجه شاحب، مُتعب، غارق في العرق، بينما عيناها تحولت لبحرين من الرعب. عندها أدركت – ولو للحظة – أن هذا "القوة" التي كانت تعتقدها، لم تكن سوى بداية سقوط مرعب.
كان الليل ساكن، والأنوار الخافتة منبعثة من مصباح أصفر مُرهق في ركن الغرفة. جلست سلمى على الكنبة تحاول أن تُخفي ارتباكها وهي تراقب سامي الذي لم يعد هو نفسه.
وجهه شاحب كأنه فقد كل حيويته، عيناه واسعتان زائغتان، يحدّق في الفراغ تارة وفيها تارة أخرى وكأنه لا يراها فعلًا.
قالت بصوت خافت:
– "سامي… إنت كويس؟ شكلك مش طبيعي."
ضحك ضحكة قصيرة متقطعة، أشبه بقهقهة عصبية:
– "أنا تمام… تمام قوي! أنا حاسس إني شايف كل حاجة أوضح من زمان."
لكن يديه كانتا ترتجفان وهو يحاول إشعال سيجارة جديدة رغم أن واحدة لا تزال مشتعلة بين أصابعه.
اقترب منها فجأة، ثم تراجع بخطوات سريعة وكأن شيئًا ما يطارده:
– "سمعتي؟ في صوت! في حد ورا الباب."
نظرت له بقلق:
– " فيه وحش داخل من باب الشقة اهو شايفه "
وضع يديه على رأسه وبدأ يهزها بقوة:
– "لأ… أنا سامع! هم عايزين ياخدوني… مش هيسيطروا عليّ… مش هيسيطروا عليّ!"
تراجعت سلمى للخلف، قلبها يخفق بقوة. لم يكن هذا هو الاخ الهادئ الذي كان يضاجعها . المخدر حوّله إلى ظل مهزوز، غارق في خوف غير مبرر وهلاوس قاتمة.
نظرت إليه بعيون دامعة، وهي تدرك أن طريق العودة أصبح أصعب بكثير مما تصورت.
الغرفة مضببة من دخان "الإيس". الأكياس الفارغة والعلب المبعثرة على الترابيزة بقت جزء من المكان.
سامي قاعد على الأرض وبيجهز "الجرعة"، إيده بتترعش بس عينيه فيها لهفة.
سلمى داخلة من الأوضة التانية، شعرها منكوش وعينيها محمرة.
سلمى (بصوت مبحوح):
إنت أخدت كله يا سامي؟! أنا ما لحقتش حاجة!
سامي (بيرمي الكيس الفاضي قدامها):
إنتِ آخر همي! روحي دبري حالك، مش كل شوية تقعدي تتلزقي.
سلمى (بغضب):
إنت فاكر نفسك إيه؟! ده أنا اللي جبتلك الطريق ده أصلاً! من غيري كنت لسه بتشحت في الشارع!
سامي (ينهض فجأة ويمسكها من دراعها بعنف):
اسكتي يا... (يسبّها بلفظ جارح)
إنتِ السبب في ضياعي، إنتِ اللي جرتيني للمستنقع ده.
سلمى (بتصرخ وتدفعه):
كذاب! إنت كنت مستني أي حجة عشان تضيع.
(يتحول الشجار لعراك جسدي – هو بيرميها على الكنبة، وهي تنهض وتضربه بقوة، الصياح والسباب يملأ الغرفة. في الخلفية، المزيكا الصاخبة شغالة والضوء الأحمر الخافت يدي إحساس بالاختناق).
لقطة قريبة على عيني سامي وهو بيكتم غيظه ويحاول يكمل الجرعة، وفي نفس اللحظة سلمى بتخطف منه الإبرة بعصبية.
سامي (يصرخ):
هقتلك لو لمستِها!
سلمى (بضحكة هستيرية):
جرب! إحنا الاثنين مشيين على نفس الطريق... طريق الموت. وبتاخد الجرعه معاه
المشهد:
الليلة حالكة، الغرفة غارقة في فوضى عارمة، أثاث مقلوب، زجاج متناثر على الأرض.
سلمى واقفة تتنفس بصعوبة، شعرها مبعثر ووجهها مدرّج بالدماء من خدوش وجروح مفتوحة. عينيها حمراوتان من كثرة البكاء والصراخ. دموعها مختلطة بالدم، وجسدها يرتعش.
سامى في الناحية المقابلة، يترنّح، رأسه ينزف من شق عميق نتيجة الارتطام بالحافة الحديدية للسرير. وجهه متورّم ومليء بالكدمات. يلهث غاضبًا، قبضته مشدودة وكأنه ما زال مستعدًّا للهجوم.
الصمت يخيّم لثوانٍ قصيرة، يُسمع فقط صوت أنفاسهما المتقطعة. ثم يندفع كل منهما مرة أخرى، بلا عقل، وكأنهما وحشان عالقان في قفص مغلق.
الجيران سمعو الشجار بينهم ابلغو امها ولكن سلمى اتصلت بصفوت وشادى كى يحضرو اصرت على حضور الجميع عدا ******* ***** هناء وسلمى كى يرو الخذلان والضياع حاولت ان تحضر سامر لكنه لم يجب اتصالها وعلمت انه ترك المستشفى نهائيا
في تلك الليلة الثقيلة، كانت الشقة القديمة تعجّ بالوجوه المرهَقة. أمها تجلس في الركن، ساهمة النظر، كأنها تنتظر شيئًا لا تعرفه. طليقها جلس صامتًا على الأريكة، يراقب سلمى بعين خاوية، وكأنه يبحث عن ملامح نفسه الضائعة في وجوهها. الأقارب، وقد تفرّقت مشاعرهم بين الغضب والخذلان، ظلّوا يتبادلون نظرات باردة، لا يجمعهم سوى جدران المكان.
هناء وهند جلستا إلى جوار بعضهما، كأنهما تقتاتان من الحيرة، لا تدريان إن كان حضورهما من باب الشفقة أم من باب التشفي الخفي. ،هانى يقف بجوار هناء ،صفوت وقف عند النافذة، يطلّ على العتمة، يتهرّب من مواجهة الوجوه. شادي وعلاء تبادلا ابتسامة متوترة، بينما ندى جلست في الظلّ، يداها ترتجفان، لكنها أخفت ذلك تحت طيّات ثوبها. ليلى جلست باكية وعلى وجهها ملامح الحزن
وسط هذا الركام البشري، تقدّم سامي بخطوات هادئة على غير عادته. وقف عند ماسورة الغاز في المطبخ، أصابعه تتحرك بثبات غريب، كأنه وجد أخيرًا الجواب لنهاياته المعلقة. فتح الصمام ببطء، فانتشرت رائحة الغاز الكثيفة كوحش غير مرئي يزحف إلى كل ركن من أركان الشقة.
التفت الجميع نحوه بوجوه متوجسة، لكن لم ينبس أحد بكلمة. كان الصمت أبلغ من أي اعتراض لم يترك فرصه . سامي أخرج ولاعته من جيبه، رفعها أمام عينيه، ابتسم ابتسامة باردة، ثم ضغط إبهامه على الحجر.
في اللحظة التي اشتعل فيها اللهب الصغير، تحوّل المكان إلى جحيمٍ واحد، وانفجرت العمارة بكاملها، كأنها صرخة أخيرة اختلطت فيها أرواحهم جميعًا، لتصبح الحكاية رمادًا يتناثر في هواء المدينة.
الانفجار يهز العمارة بالكامل.
زجاج النوافذ يتناثر، والدخان الكثيف يغطي السماء.
الجيران يصرخون، والناس يركضون مبتعدين.
بعد دقائق، تصل سيارات الشرطة والإطفاء، أضواءها تلوّن المشهد بالفوضى.
رجال الإطفاء يخمدون النيران، بينما يقتحم ضباط الشرطة البناية المدمرة.
داخل الركام، أجساد متفحمة لا يمكن تمييز أصحابها.
الضابط يضع يده على رأسه في صدمة، بينما يدوّن أحدهم في دفتره:
الضابط: "الجميع... ماتوا."
لم يكن أحد يتصور أن الحقد والخذلان قد يحولوا بيتًا إلى مقبرة، وأن الجدران التي شهدت صراخًا وبكاءً طويلًا ستنتهي بلهيبٍ يلتهم كل شيء. سامي، في لحظة جنون ويأس، فتح ماسورة الغاز وأشعل ولاعته، فصار البيت حرفيًا بيتًا من نار، احترق ساكنوه جميعًا، وتحوّلت الأحلام إلى رماد. وحين وصلت الشرطة لم يجدوا سوى أجساد متفحمة وركام أسود يروي القصة، وكأن القدر ختم عليهم أن النهاية لن تكون إلا في بيت من نار.
الكاميرا تبتعد تدريجيًا عن العمارة المدمرة، صرخات الجيران تختلط مع صفارات سيارات الشرطة والإطفاء... وتنتهي الصورة بسكون ثقيل، يطغى على المكان.
النهاية.
كانت ليلى تستيقظ كل صباح على صوت العصافير في حديقة منزلها الصغير، لكنها لم تكن ترى جمال الصباح كما يراه الآخرون. منذ وفاة زوجها، أصبحت عبء البيت كله على عاتقها. ثلاث بنات وولد واحد، كل منهم يعيش عالمه الخاص، وكل منهم يحتاج إلى ليلى بطريقة أو بأخرى.
ابنتها الكبرى، هناء ، متزوجة وحياتها مستقرة نسبيًا، لكنها تأتي بين الحين والآخر لتستشير والدتها في أمور المنزل والطفل. ابنتها الوسطى، سلمى ، المطلقة، كانت أكثر من تسبب لليلى بالقلق؛ ولدان صغيران، ووالدتهما غائبة عن رعايتهما، فتضطر ليلى للقيام بدور الأم والأب معًا.
أما الابنة الصغرى، هند، فهي تعاني من ضعف في السمع، ما يجعل التواصل معها أحيانًا صعبًا جدًا، ويحتاج صبرًا لا ينتهي.
وأخيرًا، كان الولد، سامي، أكبر مصدر للهم والحزن لسلمى. مدمن للمخدرات، ومشكلة مستمرة بين الشجار، السرقات الصغيرة، والمشاكل التي يخلقها داخل الأسرة. كل يوم كان يشكل تحديًا جديدًا لها، وكل مرة كانت تجد نفسها مضطرة للتسامح معه أو التدخل لإنقاذه من كارثة محققة.
مع ذلك، رغم كل التعب، كانت ليلى تحاول أن تحافظ على توازن البيت، أن تكون الأم والجدّة والمرشد لكل من يحتاجها، بينما قلبها يئن تحت وطأة القلق والخوف على مستقبل أبنائها.
في هذا الصباح، وبينما كانت تعد الإفطار لأولاد منى، سمعت صوت صراخ سامي في الخارج. كان قد تسبب في فوضى جديدة، والقلق عاد ليملأ قلبها.
"إلى متى سيستمر هذا؟" تمتمت ليلى بصوت منخفض، وهي تحاول جمع شتات أعصابها قبل أن تواجه الابن الفاسد مرة أخرى.
مع مرور الأيام، أصبح سامي عبئًا مضاعفًا على البيت، وخصوصًا على أخته الوسطى، سلمى. لم تمر ساعة في المنزل دون شجار بينهما. سلمى، على الرغم من أنها مطلقة وتعاني مسؤولية ولديها، كانت تحاول قدر الإمكان الحفاظ على هدوء البيت، لكن سامي لم يكن ليتركها في سلام.
"ليه كل حاجة بتضايقك؟" صرخت سلمى في وجه سامي، وهي تحاول أن تمنعه من سرقة النقود من محفظة والدتها.
"ده مش فلوسك يا سلمى ، سيبيني!" رد سامي بغضب، محاولًا الانقضاض على المحفظة.
ليلى تدخلت بسرعة قبل أن تتطور المشاجرة، محاولة تهدئة الأمور. "كفاية يا أولادي! كل واحد فيكم يتحكم في نفسه. سلمى ، سامى مش عدوك!"
لكن سامي لم يستمع. كان الأمر بالنسبة له مسألة قوة، وكأن كل كلمة تصدر من أخته تحد من سلطته داخل البيت. وسلمى شعرت بالعجز؛ رغم أنها أكبر منه سنًا، لم تستطع التحكم في غضبه واندفاعه.
كانت ليلى تشاهد المشهد بقلق شديد، تشعر أن الأمور قد تتدهور أكثر، خصوصًا مع زيادة تأثير المخدرات على سامي وتصرفاته العنيفة أحيانًا.
في تلك اللحظة، أدركت أن واجبها ليس فقط أن تعتني بالبيت، بل أن تجد طريقة لإيقاف سامي قبل أن يحطم كل شيء، ويؤذي نفسه أو الآخرين.
بدأت الحياة في البيت تتحول تدريجيًا إلى فوضى لا يمكن السيطرة عليها. سامي، الابن، أصبح أكثر تمردًا وافتعل المشاكل باستمرار. المخدرات كانت رفيقته الدائم، وأصبحت الأم ترى أثرها على الجميع، لكنها شعرت بالعجز عن ضبط الأمور.
الأبنة الوسطى، رغم انفصالها، كانت تحاول التكيف مع حياتها وحماية ولديها الصغيرين، لكنها غالبًا كانت تصطدم بسامي في كل محاولة للتأقلم. كل مواجهة كانت تتحول إلى شجار كبير، وكثيرًا ما كان سامي يغضب ويهدد أو يحطم أشياء في البيت، مما يزيد من الضغط النفسي على الأم وبناتها.
الأبنة الصغرى، ذات ضعف السمع، كانت أكثر الشخصيات هشاشة، ومع كل صخب أو شجار كانت تشعر بالاضطراب والخوف. لم تكن تعرف كيف تتصرف، وغالبًا ما كانت تحاول الانسحاب أو الاختباء في غرفتها.
مع الوقت، بدأت الأم تشعر بأنها وحدها من تحاول الحفاظ على تماسك الأسرة. لكنها اكتشفت أن نفوذ سامي أصبح يسيطر على البيت بالكامل. المخدرات، الصراعات، الشجار المستمر، كل هذه الأمور جعلت البيت يشبه بركانًا على وشك الانفجار، وبدأت تتساءل: إلى متى ستستمر هذه الفوضى، ومن سيوقفها قبل أن تدمر الجميع؟
مع تصاعد مشاكل سامي وازدياد توتر البيت، قررت الابنة الوسطى أن تتخذ خطوة عملية لحماية أولادها وضمان مستقبلهما. تركت جزءًا من الخلافات اليومية خلفها وقررت الخروج للعمل لدى خطيبها السابق، الذي كان قد احتفظ بعلاقة ودية معها بعد الانفصال.
العمل لم يكن سهلاً، لكنها واجهت الصعوبات بشجاعة، متحملة الضغط النفسي والمسؤوليات المالية الجديدة. كانت كل يوم تحاول أن توفر المال لتعليم أولادها واحتياجاتهم الأساسية، في حين بقي البيت يعج بالفوضى بسبب سامي، والابنة الصغرى التي لم تتمكن من الاعتماد على نفسها بسبب ضعف السمع، والأم المثقلة بالهموم.
قرارها بالخروج للعمل منحها شعورًا بالقوة والاستقلالية، لكنه أيضًا أضاف بعدًا جديدًا للصراعات: شعور الأم بالمسؤولية المزدوجة، وسامي الذي بدأ يشعر بأن سلطته على الأسرة تتراجع شيئًا فشيئًا، والابنة الصغرى التي أصبحت أكثر عزلة وخوفًا.
بينما كانت الأم مشغولة ببعض الأعمال المنزلية، حضرت الابنة الكبرى هناء لزيارة والدتها. كان الجو هادئًا إلى حد ما، حتى دخل سامي الحمام ليأخذ جرعته من المخدرات، تاركًا أثر رائحة قوية تخترق المنزل.
عندما دخلت الابنة الكبرى هناء لاحقًا، شمت الرائحة، وتأثرت بما رأت، لكنها لم تشعر بالخوف، بل بالعكس، شعرت بموجة غريبة من الفضول والإثارة. ابتسمت مبتهجة، تريد الرقص تريد التعرى وكأنها ترى عالمًا جديدًا يفتح أمامها، وقررت أنها تريد الخروج في الليل بمفردها رأسها تحلق فى الفضاء تضحك بدون سبب لتستكشف المدينة، بعيدًا عن رقابة الأم وسامي.
الأم شعرت بالقلق من هذه الحماسة المفاجئة، بينما سامي لم يبدُ متفاجئًا، إذ كان تعود على ردود الفعل الغريبة من أفراد الأسرة بسبب تعاطيه المستمر للمخدرات.
هذا الموقف شكل نقطة تحول جديدة، إذ بدأ تأثير المخدر يمتد إلى الابنة الكبرى، لتتضح آثار الضياع والفوضى التي بدأت تسيطر على الأسرة تدريجيًا.
بعد أن لاحظت الابنة الكبرى هناء سلوك سامي وتصرفاته، شعرت بالغضب والخوف على الأسرة، وقررت مواجهة الموقف بشكل مباشر. اقتربت منه بنبرة حازمة وعيونها مليئة بالغضب:
«سامى، كفاية! أنا مش هسكت تاني. لو استمررت بتصرفاتك دى ، هروح لجوزى وأقول له كل شيء… كل اللي حصل هنا، تعاطيك المخدرات، وتأثيرك على البيت، وحتى على اللى حصلى أنا… ده كله بسببك!»
ارتعش سامي قليلًا من قوة كلماتها، لكنه حاول التهرب من المواجهة.
وأضافت الابنة الكبرى: «وبعدين كفاية المخدرات في البيت! إحنا مش هنا حنعيش في فوضى، وده مش من حقك تشرب الحاجات دي قدامنا!» هنا
سامى شعر بالتهديد لأول مرة من شخص في البيت، ومع هذا الغضب، أدرك أن موقفه أصبح هشًا، وأن تحركاته لم تعد بدون رادع.
الأم شاهدت هذا المشهد بصمت، وقلبها مليء بالقلق، لكنها شعرت بالفخر لأن الابنة الكبرى حاولت حماية البيت وأفراد الأسرة، ربما كانت هذه بداية لتحرك جديد يوقف الفوضى التي بدأ سامي يزرعها.
بعد دقائق من المواجهة بين هناء وسامى ، عادت سلمى الابنة الوسطى من خارج المنزل، ووجدت الجو متوترًا للغاية. أسرعت نحو الغرفة لتكتشف ما حدث، ورأت سامي واقفًا، وملامحه متوترة، بينما كان واضحًا أثر المواجهة السابقة.
بمجرد أن علمت بما فعله سامي، اندفعت نحو أخيها بغضب شديد:
«سامى! إيه اللي عملته؟! كفاية كده شرب مخدرات!»
حاولت ضربه بعنف، لكنه لم يكتف بالوقوف مكتوف الأيدي، بل رد عليها بضربتها أيضًا، لتتحول المواجهة إلى صراع جسدي عنيف.
في تلك اللحظة، تدخلت الأم بسرعة، محاولًة فصل الاثنين عن بعضهما. أمسكت بسامي وسلمت سلمى عن قبضته، وحاولت تهدئة الغضب الذي اجتاح المنزل:
«كفاية! كفاية يا ولادى… مش هتوصّلوا لحل بالحرب! ده كله غلط، أنا مش حاسة أقدر أتحمّل أكتر من كده!»
سامي شعر بالخزي والضغط، بينما سلمى كانت لا تزال غاضبة، لكن تدخل والدتها جعل الوضع يهدأ قليلًا، على الأقل مؤقتًا.
بعد أيام قليلة من المشاجرة، بدأت المشاكل تتفاقم في المنزل. سامي لم يتعلم من تحذيرات والدته أو تهديدات أخته الكبرى، بل ذهب خطوة أبعد.
في أحد الأيام، سرق سامي خاتم سلمى الثمين، الذي كانت تعتبره ذكرى ثمينة من والدها ، بالإضافة إلى نقود هناء ، التي كانت تحتفظ بها لتصرفها على احتياجاتها اليومية.
سلمى عندما اكتشفت السرقة، شعرت بالغضب والخذلان في نفس الوقت. نظرت إلى سامي بعينين مليئتين بالاستياء:
«إنت فقدت كل الحدود يا سامي! ده مش لعب يا عم! ده الخاتم ده ذكرى والدنا… وفلوس أختك الكبيرة!»
أما هناء، الكبرى ، فكانت منهارة وبدأت تبكي بحرقة، ولم تفهم سبب تصرف أخيها بهذه القسوة، بينما والدتهما حاولت التوسط، لكنها شعرت بالعجز.
سامي، بدوره، لم يُظهر أي ندم، بل بدا متحديًا وانكر كل هذا ، وكأن كل تحذيرات الأسرة لم تكن له أي تأثير. الوضع في المنزل أصبح متوترًا للغاية، وأصبح الخوف من تصرفاته يسيطر على الجميع.
بعد ما سرق سامي الخاتم والفلوس، الجو في البيت يبقى مشحون أكتر. الاخت الكبرى (هناء بتتعب من المشاكل المستمرة وتقرر ترجع لبيتها وتسيبهم لوحدهم، وده بيخلي الجو أكثر توتر لأن مفيش حد يفصل بينهم.
في لحظة من الانفعال، يحصل شجار عنيف بين سامي وسلمى، وبدل ما يقف عند الكلام، يتهور ويقطع ملابسها بعنف قدامها كنوع من إذلال أو انتقام.
سلمى كانت واقفة بالملابس الداخلية تحاول تدارى نفسها وامها بتقولها
خشى يا بنتى استرى نفسك وسيبك منه
سلمى تواصل ضربها لسامى ولكن هذه المرة يقطع البرا لتصبح بالاندر فقط تدخل سريعا لاحضار الروب وترفع الحذاء لتضربه به
في تلك الأيام، كانت سلمى تحاول أن تبدو أكثر جدية في عملها الجديد مع شادي، خطيبها السابق. كان يلحّ عليها أن تغيّر طريقة لباسها لتناسب أجواء الشركة، ويختار بنفسه بعض التفاصيل التي يراها تعكس صورة "الموظفة المحترفة".
كانت تقف أمام المرآة كل صباح، تتأمل شكلها المختلف. شعرها المفرود بعناية، ألوان ملابسها الهادئة، والأقمشة الرسمية التي لم تعتد ارتداءها من قبل. كان هناك شيء غريب بداخلها، مزيج من الرضا والخوف:
الرضا لأنها ترى انعكاسًا جديدًا لها، امرأة أكثر قوة وثقة.
والخوف لأنها تدرك أن هذا التغيير ليس من داخلها بالكامل، بل جاء استجابة لرغبة رجل ما زال يملك تأثيرًا عميقًا عليها.
في المكتب، كان شادي يرمقها بنظرات خفية، يبتسم أحيانًا وكأنه يستعيد ذكرياتهما القديمة. أما هي فكانت تحاول الفصل بين الماضي والحاضر، لكن قلبها لم يكن دائمًا متماسكًا كما تتمنى. كل تفصيلة صغيرة – طريقة حديثه، صوته وهو يناديها باسمها، حتى ملاحظاته البسيطة – كانت تفتح ثغرة في جدارها الداخلي.
في المساء، وبينما تعود إلى البيت منهكة، كانت تجلس أمام والدتها وأطفالها، تحاول أن تُقنع نفسها أن كل هذا مجرد "شغل" ولا شيء أكثر. لكنها حين تخلع ملابسها الرسمية وتضعها على الكرسي بجانب السرير، كانت تشعر وكأنها تخلع جزءًا من هويتها القديمة وتتركه هناك.
بدأت تتساءل في نفسها:
هل هي فعلاً تلك المرأة الجديدة التي تراها في المرآة؟ أم أنها مجرد نسخة يصنعها شادي من ماضيها ليعيد تشكيلها كما يشاء
تركت سلمى أطفالها لوالدتها، محاولةً أن تركز أكثر في عملها وتثبت لنفسها أنها قادرة على بناء حياة جديدة بعيدًا عن مشاكلها مع سامي. كانت تظن أن الانشغال بالعمل سيخفف عنها الضغوط، لكن الحقيقة أن المشاكل لم تتوقف، بل ازدادت حدةً وتنوعًا.
كانت تعود من العمل مرهقة، لتجد والدتها منهكة من رعاية الأطفال، وأحيانًا لا تخفي تذمرها من تقصير سلمى . وفي نفس الوقت، لم يتوقف زوجها عن ملاحقتها، يرسل لها رسائل متناقضة بين التوسل والتهديد، مرة يعدها أنه سيتغير، ومرة يهددها بالقضايا وبأخذ الأطفال منها.
سلمى كانت تحاول أن تظهر قوية أمام الجميع، لكنها في أعماقها كانت تشعر بالتمزق. عملها يستهلك وقتها وقواها، وأطفالها يكبرون بسرعة بين يدي جدتهم، وزوجها السابق لا يكف عن إشعال النار في حياتها.
ليالي طويلة جلست فيها سلمى تحدق في السقف، تسأل نفسها:
هل كان قرار الانفصال بداية حريتها… أم بداية ضياعها؟
في إحدى الليالي، كانت سلمى عائدة من عملها متأخرة، ترتدي ثوبًا ضيقًا يُظهر ملامح جسدها بجرأة لم تعهدها من قبل.
دخلت المنزل بخطوات متثاقلة، بينما كان سامي يجلس في الصالة ينتظرها بوجه متجهم وعينين تشتعلان غضبًا.
قال بصوت مرتفع:
ــ "إنتي فاكرة نفسك راجعة من ملهى؟! إيه اللبس ده؟ انتى عارفة الساعه كام ؟"
تراجعت قليلًا، لكنها واجهته بابتسامة ساخرة، محاولة أن تبدو واثقة:
ــ "أنا حرّة يا سامي… بشتغل طول اليوم، وعاوزة أعيش حياتي زي أي واحدة."
اقترب منها بعصبية، قبضته ترتجف وهو يشير إلى الباب:
ــ "دي مش حياتي ولا بيتنا! إنتي بتضيعي نفسِك وبتضيعي سمعتنا… ولادك هيكبروا يقولوا إيه عن أمهم؟"*
كلماته اخترقت قلبها لكنها دفعتها أكثر للتمرد.
يتركها سامى لتتلقى مكالمة هاتفيه من زوجها
رفعت رأسها بعناد:
ــ ولادك ،، كنت فين لما كانوا محتاجينك؟ إنت طول عمرك مشاكل وخناق… عمرك ما حسيت بيا ولا بيهم."
اشتعل الجدال بينهما، أصواتهما علت كأنها حرب داخل جدران البيت، بينما كان الأطفال يستيقظون خائفين على صرخات والديهم.
أما هي، فكانت كلماتها أشبه بسكاكين، تنزف منها غضبًا دفينًا، بينما هو لم يجد سوى الصراخ والتهديد ليُخفي ضعفه وعجزه.
وفي تلك اللحظة، أدركت سلمى أنها لن تعود إلى الوراء أبدًا… وأن الشرخ بينهما صار أعمق من
أي محاولة للترميم.
الجزء الثاني
مع مرور الأيام، أصبحت سلمى تقضي ساعات طويلة مع شادى في العمل. البداية كانت من الضرورة، تعليمات ومهام مرتبطة بالعمل، لكن مع الوقت، صار حضورها اليومي بجانبه يخلق مساحة من الألفة والراحة لم تعهدها منذ زمن.
كان شادى يستمع إليها بانتباه، يشاركها الضحك على المواقف الطريفة في المكتب، وأحيانًا يقدّم لها نصائح هادئة تجعلها تشعر بالاطمئنان والأمان. جيلان، من جهتها، كانت تجد نفسها تتحمس للتواجد بجانبه، تشعر بالراحة في الحديث معه، ويبدو أن قلبها بدأ يلين تدريجيًا تجاهه.
ذات مساء، بعد انتهاء العمل، ظلّت سلمى تتحدث معه عن مشروع جديد، وكانت تتجنب النظر إلى الساعة، لأن وجوده بجانبها أصبح يبعدها عن كل ما يزعجها في حياتها الشخصية.
وبينما كان الشارع مظلمًا خارج المكتب، شعرت أن النظرات العابرة بينهما تحمل رسائل غير منطوقة، شيئًا من الألفة والاعتماد المتبادل بدأ ينمو بصمت.
كان هذا التودد الطبيعي بينهما بدايةً لتحوّل العلاقة من مجرد زمالة في العمل إلى رابط أعمق… رابط يعتمد على الثقة والاحترام، بعيدًا عن الفوضى التي تركتها خلفها مشاكلها مع سامي
كانت كل كلمة من كلمات شادي تسقط على قلبها زي مطر ناعم في ليلة عطشانة. كان يعرف يختار الجمل اللي تخترق دفاعاتها، يضحكها من غير ما تبذل مجهود، يلمّس أوتارًا مهملة من سنين. "إنتي تستاهلي تبقي ملكة، بس معايا أنا"، كان يقولها وهو ماسك عينيها كأنه بيقنعها إنها أخيرًا لقت حد شايف قيمتها.
في الأول قاومت الإحساس بالذنب، تفتكر عيالها اللي بيناموا مستنيين حضنها، وصوت سامي أخوها اللي دايمًا يرمي عليها كلمة "انتى حتضيعى نفسك". لكن الليل كان له سحره… وفي عز وحدتها، كلام شادي كان زي المخدر، يدوّب عقلها ويخلّي قلبها يصدق.
ومع كل لقاء، بدأت التفاصيل الصغيرة تكشف وش تاني لشادي. طلباته اللي تتغلف بالحب: "خليكي معايا شوية زيادة"، "إنتي عارفة محتاجك إزاي"، وأحيانًا طلبات أبسط بس أعمق في معناها،
في بيتهم الهادئ، اللي بقى مليان توتر، كان سامي كل يوم يدخل وهو شايل هم المواجهة. أول ما يشوف سلمى راجعة متأخر، لابسة لبس ملفت مش متعود عليه، عروقه بتتنفض من الغضب.
قال لها بعصبية وهو بيقفل الباب وراه:
ـ هو إيه اللي بقى عاجبك في لبسك ده يا سلمى؟ مش مكفيكي كلام الناس؟
ردت ببرود مصطنع وهي بتخلع الشال عن كتفها:
ـ إيه يعني؟ هو أنا عملت جريمة؟ دي حاجة تخصني أنا.
ـ تخصك إزاي؟! وانتِ سايبة العيال لامك طول النهار وتتاخرى برّه بالساعات! يعني أنا لسه راجع ألاقيكِ مش موجودة، والأولاد مرميين على أمك؟!
رفعت صوتها وعيونها فيها تحدي:
ـ ماهو لو إنت تخليك فى حالك يا سامي وتبطل خناق مكنتش اشتغلت ! أنت السبب في كل ده.
لحظتها أمها خرجت من المطبخ، شعرها مشدود ووشها باين عليه التعب:
ـ كفاية بقى... أنا ماليش طاقة أتحمل خناقاتكم كل يوم. الأولاد مش ذنبهم إنكم مش عارفين تعيشوا مع بعض. طول اليوم على كتفي، وبالليل عايزين يناموا في حضن أمهم، يلاقوا سرير فاضي!
سكت سامي، لكن نبرته فضلت مقهورة:
ـ يا سلمى، انتي ما بقيتيش انتي... بقت حياتك برّه مش هنا. وأنا مش فاهمه هتستني إيه لحد ما البيت يتهد؟
وسلمى، بدل ما تحس بالذنب، رفعت راسها وتكلمت ببرود يخبي نارها:
ـ اللي بينهار مش البيت يا سامي... اللي بينهار جوايا أنا من زمان.
كان سامي، أخو سلمى، غارقًا حتى أذنيه في المخدرات، يتسكع بين الصحبة الفاسدة بلا هدف، يرهق جسده وروحه ويبتعد أكثر عن عائلته يومًا بعد يوم. أما الأم المسكينة، فقد حملت على عاتقها عبئًا لم يكن لها، ترعى أولاد سلمى الصغار كما لو كانوا أبناءها، تسهر على راحتهم، وتتحمل صراخهم واحتياجاتهم بينما أمهم غائبة بين عملها وسهراتها.
لم يكن غياب سلمى مجرد ساعات عمل طويلة، بل تأخرات متكررة، وملابس مثيرة مستفزة تزيد من حدّة الخلافات بينها وبين سامي. كان يثور عليها كلما رآها تخرج متزينة، يلومها على تقصيرها في حق أولادها، ويقارنها بالأم التي تذوب يوميًا من أجل هؤلاء الصغار.
لكن سلمى لم تكن ترى في كلماته سوى تدخّل وقمع، ولم تعترف لحظة أن تصرفاتها باتت تمزّق البيت من الداخل. وهكذا تحوّلت كل مواجهة بينهما إلى معركة صاخبة، تنتهي بباب يُغلق بعنف، أو بعيون دامعة للأم التي لا تعرف أيهما يحتاجها أكثر: ابنها الضائع في المخدرات، أم ابنتها التي تسير في طريق الانحدار.
كانت سلمى راجعة من الشغل متأخر، الشارع هادي إلا من صوت كلاب ضالة ونور ضعيف من عامود الكهرباء اللي بيترعش. فتحت باب البيت وهي بتحاول تخفّي تعبها بابتسامة، لكن أول ما دخلت لقت سامى، أخوها، واقع على الأرض، مش قادر يقف من كتر أثر المخدرات. ريحة دخان نفاذة مالية المكان، وكوباية مكسورة جنب السرير.
صوت أمها اتسمع من جوه، متوتر ومليان قهر:
ـ "يا بنتي كده ما ينفعش، الناس بدأت تتكلم! كل يوم راجعة بالليل وسامى حالته بتسوء... أنا مش عارفة ألحق على مين ولا مين."
سلمى وقفت، قلبها بيتخبط بين ضلوعها، حاولت ترد بهدوء لكنها لقت صوتها بيطلع عالي:
ـ "هو أنا السبب؟! مش أنا اللي وديته لطريق ده! وبعدين هو أنا لو فضلت قاعدة من غير شغل، هنعيش منين؟"
سامى حاول يرفع نفسه وهو بيضحك ضحكة بايخة، عينه حمرا وصوته متقطع:
ـ "سيبوني فحالي... أنا مش عايز منكم حاجة."
الأم مسكت في إيد بنتها وعيونها مغرقة دموع:
ـ "أنا مش بلومك يا سلمى، بس الجيران ما بيرحموش... بيبصوا عليكِ كل يوم وإنتِ راجعة متأخرة، وكلامهم هيكسر ضهري."
سلمى سكتت، وقفت قدام المرآة الصغيرة المكسورة اللي في الصالة، وشافت انعكاس وشها مجهد، وعينيها مليانة غضب وحزن. في اللحظة دي حسّت إنها محاصرة من كل ناحية: مجتمع بيراقب، أخ مدمن، وأم مكسورة بين الاتنين.
سامى كان راجع البيت متوتر ومشوش بسبب المخدرات، وعينيه حمرا من السهر. دخل لقى سلمى قاعدة بهدوء، من غير شال على كتفها شبه عارية صدرها اغلبه بالخارج وترتدى هوت شورت . حسّ فجأة إنها "مستفزة" أو "متحدياه"، رغم إنها ما كانتش عاملة حاجة.
اتجه ناحيتها بعصبية، رفع إيده يصفعها وهو بيزعق:
– "إنتي فاكرة نفسك إيه؟!"
سلمى اتجمدت مكانها من الخوف، لكن قبل ما إيده تيجي عليها، والدته اتدخلت بسرعة تحوش، والصفعة نزلت على وشها هي.
الست الكبيرة وقفت متألمة ومصعوقة، وسامى لأول مرة حس إنه عمل جريمة في حق أمه. اللحظة كانت تقيلة جدًا، صمت سيطر على المكان، وسلمى اتسمرت مكانها ودموعها وقفت في عينيها، مش قادرة تصدق اللي بيحصل.
سامي بعد ما فقد أعصابه وضرب والدته من غير قصد، سلمى اتصدمت جدًا من الموقف، وبدأت الخناقة الحقيقية بينهم.
---
سامي واقف متوتر، عينه مليانة غضب، بيبص لسلمى اللي ماسكة خد أمه بتترجاها تدخل ترتاح. الأم بتتنهد بتعب وبتقول بصوت واهي:
"خلاص... كفاية... انتو هتفضلوا تتخانقوا لحد إمتى؟ أنا تعبت."
تسيبهم وتدخل أوضتها، ماسكة إيدين أولاد سلمى معاها، كأنها عايزة تحميهم من المشهد.
سلمى بترجع تبص لسامي بعينين كلها تحدي:
"شُفت؟ حتى أمك زهقت منك... إنت مش عارف تمسك نفسك!"
سامي بيشد شعره بعصبية، صوته بيعلو:
"إنتي السبب! إنتي اللي خليتني أفقد السيطرة!"
سلمى تقطع كلامه، صوتها عالي، مليان قهر:
"لأ... إنت اللي ضعيف! وإنت اللي عايز تحمّل غيرك غلّك وقهرك!"
الخناقة بتسخن أكتر وأكتر، وفي لحظة الصمت اللي بعد الصراخ، أصوات الأطفال من جوة الأوضة بتتعالى، باين عليهم الخوف من اللي بيحصل.
سلمى كانت قاعدة على مكتبها في الشغل، باين عليها التعب والهموم، وشادى لاحظ إن وشها مش زي العادة.
قرب منها وقال بابتسامة خفيفة:
– "مالك يا سلمى؟ شكلك مش على بعضك."
سلمى بصتله بضيق وقالت:
– "مفيش… شوية مشاكل كده في البيت."
شادى رفع حاجبه وقال بنبرة جدية ممزوجة بهزار:
– "مشاكل في البيت؟ باين إنها تقيلة عليك… طب إيه رأيك؟ نسهر مع بعض النهاردة. يعني سهرة خفيفة نضحك ونهزر، يمكن تفكي شوية من الهم اللي على دماغك… وأوعدك هرجعك في نفس ميعاد الشغل بكرة الصبح."
سلمى ترددت، لمست شعرها بعصبية وقالت:
– "شادى… مش وقته و****."
هو ضحك وقال بثقة:
– "بالعكس، هو وقته جدًا. أوقات الواحد بيبقى محتاج يهرب حتى ساعتين من اللي هو فيه. جربي، ومش هتخسري حاجة."
سلمى سكتت لحظة، عينيها راحت ناحية الأرض وهي بتفكر… الحيرة واضحة بين إنها ترفض أو تستسلم لفكرة الهروب المؤقت.
رفعت رأسها بسرعة، وعينيها متسعتان بالرفض التلقائي:
"لا يا شادي، مش هينفع… أنا مش من النوع ده."
ابتسم بثقة أكبر واقترب قليلًا:
"إيه بس يا بنتي، ده مجرد سهرة… مكان شيك، موسيقى هادية، ونتكلم براحتنا. صدقيني مش هتخسري حاجة."
أدارت وجهها عنه في محاولة للتمسك بموقفها، لكن إلحاحه المستمر وضغطه بكلمات مطمئنة كان كالمطرقة على جدارها المتصدع. ومع كل محاولة للاعتراض، كان يجد ثغرة يُدخل منها جملة تجعلها تتردد.
وأخيرًا، وبعد تنهيدة طويلة، قالت بصوت منخفض بالكاد يُسمع:
"ماشي… بس دي أول وآخر مرة."
ارتسمت ابتسامة الانتصار على وجهه، بينما هي شعرت بأن قدميها انزلقتا خطوة أخرى في طريق لم تكن تود دخوله.
كانت السهرة ماشية بخطوات هادئة، أنغام الموسيقى ناعمة لكن لها إيقاع يخلي الروح تتموّج مع كل نغمة. الإضاءة خافتة، والجو مليان دخان سيجار فاخر ممزوج برائحة الخمر اللي بيصبّها النُدُل على الطاولات حوالينهم.
سلمى قاعدة متحفظة، ماسكة شنطتها على حجرها، كل شوية تبص حواليها بحذر. قلبها متوتر، حاسة إنها غريبة عن الجو ده. أما شادي، فكان قاعد واثق، مسترخٍ، وبشوش، يراقبها بنظرات صائد ماهر عارف فريسته.
مد إيده على الكاس وسكبه قدامها وهو بيبتسم:
– "جرّبي.. مشروب خفيف، هيريّحك، هيخليكي تنسي التوتر."
هزّت راسها بسرعة:
– "لأ يا شادي، أنا عمري ما شربت الحاجات دي.. ومش ناوية."
هو ضحك بخفة:
– "مشروب واحد مش هيغيّر حياتك يا سلمى، بالعكس.. هتلاقي الدنيا أبسط بكتير من اللي في دماغك."
– "قلتلك لأ." صوتها كان فيه نبرة حاسمة، لدرجة إنها مسكت شنطتها كأنها هتقوم.
هنا اتغيرت ملامحه، لكنه بسرعة لبس قناع الإصرار الناعم:
– "لحظة، متتعصبيش. أنا مش عايز أخسرك في ليلة زي دي. اسمعي.. إنتي عارفة قد إيه أنا معجب بيكي؟ أنا شايف فيكي حد مختلف. بس لازم تدي لنفسك فرصة تشوفي الحياة من زاوية تانية. كأس واحد بس، وبعدين لو لقيتي نفسك مش مرتاحة، مش هضغط عليكي تاني."
كلامه كان زي شبكة، ينسجها حوالينها بخيوط منطق وإطراء. هي بصّت له بعيون مترددة، حاسة إنها محاصرة بين كبرياءها ورغبتها إنها ماتخسرهوش.
أخدت نفس عميق، وبصوت متردد قالت:
– "آخر مرة يا شادي.. لو مش حبيت طعمه مش هكمل."
ابتسم بانتصار وهو يقرّب الكأس منها.
سلمى رفعت الكاس على استحياء، قربته من شفايفها، ريحة الخمر دخلت لأنفها بقوة وخلّت معدتها تتقلّب. أخدت رشفة صغيرة جدًا.. وطعم مر لاذع غريب انفجر في حلقها.
اتغيرت ملامحها، وبعدها حطّت الكاس بسرعة على الطاولة وقالت وهي مشمئزة:
– "إيه القرف ده؟! طعمه وحش أوووي.. لأ، مش قادرة."
ضحك شادي ضحكة صغيرة، وفي عينيه بريق رضا: هو عارف إن الخطوة الأولى اتاخدت، حتى لو كانت صغيرة.
حطت الكاس بسرعة على الطاولة وقالت وهي عاملة حركة بوشها:
– "إيه القرف ده؟! طعمه وحش جدًا!"
ضحك شادي ضحكة صغيرة، وقال بنبرة هادية وهو بيقرب منها:
– "هو كده في الأول… بس بعد شوية بتتعودي، وساعتها بتحسي إنه بيهدي أعصابك."
سلمى هزت راسها بسرعة وقالت:
– "لا، مش ليا. أنا حتى مش قادرة أبلع منه تاني… لأ خلاص."
كانت لهجتها حاسمة، حاطة خط واضح بينها وبين الكاس.
لكن شادي كان لسه مبتسم، ملامحه بتقول إنه مش هيستسلم بسهولة.
كانت سلمى قاعدة قدام الكاس، إيدها مترددة، وعينيها رايحة جاية على شادي اللي ماسك كاسه بثقة. قلبها بيقولها تسيبه وتمشي، لكن في حاجة جواها بتشدها تكمل.
شادي (بهدوء وابتسامة واثقة):
– مش هتعرفي الطعم غير لو جربتيه مرة واحدة… شوفي.
يمسك الكاس ويرفعه قدامها، يدوّر السائل في حركة بطيئة كأنه بيغريها، وبعدها يشربه كله مرة واحدة، وينزل الكاس على الترابيزة وهو بيضحك.
شادي:
– شايفة؟ سهلة أزاي. ولا حاجة.
سلمى تبص له بصدمة وخوف، لكن في نفس الوقت إحساس التحدي بيكبر جواها. بتحس كأنها في اختبار لازم تثبت فيه إنها مش أضعف منه.
تمسك الكاس بإيد مرتعشة، تقربه من شفايفها، وبعدين تبعده بسرعة.
سلمى (بصوت مبحوح):
– ريحته مش مريحة…
شادي (بابتسامة مطمئنة):
– ده أول إحساس بس… اشربيه مرة واحدة ومش هتحسي بحاجة.
سلمى تاخد نفس عميق، وتشد الكاس بكل قوتها وتفرغه في بوقها مرة واحدة. أول ما السائل ينزل في حلقها تحس بحرقة شديدة، تكاد تسعل، لكن تجبر نفسها تكمل للنهاية.
تحط الكاس على الترابيزة بقوة، عينيها بتدمع من المرارة والحرقة.
سلمى (بتكتم شهقة):
– إيه ده! طعمه وحش… وحش أوي!
تقوم بسرعة وتبعد وشها كأنها هتترجع، تمسك في بطنها وتتنفس بصعوبة.
شادي يضحك بخفة وهو بيقرب منها، عينيه كلها انتصار:
– كلنا قولنا كده أول مرة… بس صدقيني، المرة الجاية هيبقى أسهل.
لما حاول شادي يمد لها الكأس من تاني، رفعت سلمى إيدها بهدوء وقالت:
– "لا خلاص… مش عايزة تاني."
ابتسم ابتسامة مطمئنة، كأنه بيتفهم رغبتها، وقال:
– "ماشي… زي ما تحبي. إحنا مش جايين نكسر قواعدك، إحنا جايين نفرح."
جلس قدامها، وصوته بقى أهدى، فيه نوع من القرب اللي يخلي الكلام يدخل القلب بسهولة. ابتدى يحكي معاها عن حاجات عادية، يضحكها مرة، ويطبطب بكلامه مرة تانية. كانت عزيزة مترددة، قلبها بيقولها ترجع البيت، لكن لسانها انفك فجأة وهي بتحكيله:
– "عارف يا شادي… أنا طول الوقت حاسة إني غريبة جوه بيتي. سامي مش شايفني، ولا بيسمعني. حتى قبل ما اتجوز… حياتي كانت دايمًا كده. طليقـي نفس الشيء… عمري ما حسيت إني ست ليها قيمة."
سمعها باهتمام، مابيفوّت كلمة، ومابيحاولش يقاطعها. لمحت في عينيه نظرة غير مألوفة: نظرة اهتمام صادق أو على الأقل بارع في إظهارها.
هو قال:
– "بصي… أنا مش عايزك تفكري في أي حاجة من دي دلوقتي. إحنا هنا عشان نضحك… عشان ننسى."
ردّت بابتسامة صغيرة، غريبة حتى عليها، وقالت:
– "مش عارفة ليه… رغم إنه كاس واحد، بس حاسة إني مبسوطة. يمكن عشان دي أول مرة، يمكن عشان معاك."
شادي قرب منها أكتر، مابيعملش ضغط ولا بيزود حاجة، بس بيستغل اللحظة. الكاس البسيط ده كان كافي يخليها تحس بخفة في روحها، وبابتسامة خجولة على وشها، كانت بداية أول خطوة في طريق طويل مش متخيلاله نهاية
سلمى تبص له بنظرة غضب وارتباك، لكن جواها في لحظة غريبة بتحس إنها دخلت سكة مش قادرة ترجع منها.
بعد ما خلصت الكأس الأولى وهي مترددة، بدأت تشعر بحرارة في صدرها ولسانها يتقل شوية، لكن فيه حاجة جواها بتقول لها إنها محتاجة تكمل.
مدّ لها شادي الكأس التانية بابتسامة جانبية، وقال:
– "شوفتِ؟ أول مرة دايمًا صعبة… التانية أسهل."
بتاخد الكأس بإيدها وهي مترددة، بتشم ريحته، تتقزز، لكن عينيها فيها تحدي غريب، كأنها عايزة تثبت لنفسها إنها تقدر. رفعت الكأس وشربته دفعة واحدة وهي مغمضة عينيها.
بمجرد ما خلصت، كحّت ودموعها نزلت من قوة الطعم:
– "طعمه مقرف… بس… نفسي أكون مبسوطة، أنسى الحزن… أنسى المشاكل."
شادي قرب منها وحط إيده على كتفها وقال بهدوء:
– "أهو ده… اللي أنا عايزه منك، إنك تنسي… وتعيشي. الدنيا مش مستاهلة."
ابتسمت ابتسامة باهتة، ورجعت الكرسي لورا وقالت له:
– "هات تانى ."
بصّ لها شادي باستغراب ممزوج بإعجاب، وضحك:
– "إيه ده؟ لسه بتقولي طعمه وحش؟"
قالت له وهي بتسند راسها بإيدها:
– "طعمه وحش… بس يمكن يخلي جوايا يبقى حلو."
ضحك شادي، وملالها الكأس التالت. شربته أسرع المرة دي، وسابت نفسها تميل ورا على الكنبة، وبدأت تضحك فجأة من غير سبب.
بدأت تضحك ضحكة مختلفة، مش الضحكة المتكلّفة اللي كانت بتطلقها أحيانًا قدام الناس، دي ضحكة طالعة من قلبها، مليانة خفّة وحس إنها أخيرًا بتفك من قيودها. كانت الكاس قدامها يفضى بسرعة، وما تلحقش تسيب الكاس على الطاولة إلا وتلاقي إيد شادي عاملة حسابها، يمدّ إيده ويملأه من جديد وهو مبتسم ابتسامة واثقة.
قالت وهي تتمايل قليلًا:
– "هو طعمه وحش… بس عارف؟ نفسي أنسى… أنسى الحزن… أنسى المشاكل اللي ملهاش آخر… نفسي أكون مبسوطة ولو ليلة واحدة."
هزت الكاس تاني كأنها بتتحدى نفسها، وشربت جرعة أكبر من اللي قبلها. عينيها بقت تلمع بحرية جديدة، ولسانها بدأ ينطلق بكلام ما عمرها قالته لحد. حكَت عن وحدتها، عن قسوة بيتها، عن اللي اتسرق من عمرها وهي لسه عايشة كأنها مش عايشة. وشادي، من غير ما يقاطعها، كان يضحك معاها ويقرّب الكاس من إيدها كل ما يفرغ، كأنه بيغذّي لحظة سقوطها بنفس القدر اللي بيغذّي ضحكتها.
كانت سلمى أول ما الكاس يفضى تمد إيدها بخجل وتقول:
– "هو طعمه مر… بس… مش عايزة أوقف، نفسي أضحك… أنسى شوية."
وشادي، بابتسامة واسعة، يملأ الكاس من جديد وكأنه عارف إن كل رشفة بتاخدها بتفك عقدة جواها.
شربت للمرة التانية، ووشها بدأ يسخن وتحس بوشوشها بتتورد. ضحكت فجأة ضحكة بريئة، وبصوت عالٍ ما كانتش متعودة عليه:
– "ياااه… أنا عمري ما ضحكت كده من سنين."
كانت بتحرك إيدها وهي بتحكي حاجات من قلبها: عن الوحدة اللي حستها مع جوزها، عن ليالي السكون اللي كان بيطن فيها الصمت أكتر من أي صوت، وعن إنها ساعات بتبكي من غير سبب.
وشادي سايبها تتكلم، يهز راسه باهتمام، وأول ما الكاس يفضى يمد إيده بسرعة ويصب من جديد، وكأنه بيقول لها: "كمّلي، أنا سامعك."
التالتة بقت أخف، راحت الكلمات طالعة من غير ما تفكر، كل اللي كان مكبوت من سنين بدأ يتسرب معاها.
قالت وهي بتضحك نص ضحكة ونص دمعة:
– "عارف؟… أنا نفسي أكون مرة واحدة مبسوطة… من غير قيود، من غير حسابات."
عارف جوزى كان ضعيف مكنتش اعرف حاجة خالص يحطه ويجبهم وخلاص على كده خلفت العيلين وخلاص بس لما بابا تعب ورحت المستشفى اتعرفت عالدكتور سامى بقينا صحاب كنت بتتكلم معاه على مشاكل عندى اتكلمنا فى كل حاجه كل حاجه فهمنى الجنس اللى بجد رحت لجوزى لقيته زى ما هو ضعيف لحد ما فى يوم شافنى بكلمه وشاف المحادثة طلقنى طب اعمل ايه مش هو اللى تعبان
ضحكها كان عالي، وإيدها بقت تتحرك بعفوية، تمسك شعرها وترجعه ورا وهي بتحكي، كأنها رجعت بنت صغيرة.
وشادي عينه ما فارقتهاش، عارف إنه كسب خطوة جديدة في انهيارها.
بدأت الموسيقى تعلو في المكان، أنغامها ثقيلة كأنها تلتف حول جسد سلمى المترهل من السكر. حاولت أن ترفع رأسها لتتابع مصدر الصوت، لكن عينيها كانتا تتراقصان وحدهما بلا تركيز. كلما حاولت أن تتحرك لتنهض من مكانها، شعرت وكأن الأرض تسحبها إلى الأسفل، وكأن الكرسي الذي تجلس عليه صار جزءًا من جسدها.
ابتسم شادي وهو يراقبها بهذا الحال، ثم مد يده ورفع الكأس أمامها مرة أخرى، لم يتركها تفرغ لحظة حتى أعاد ملئها، بينما هي تضحك بلا سبب واضح، تضحك ثم تنتقل فجأة لتتكلم بصراحة غريبة:
ـ "أنا… أنا عمري ما اتكلمت كده مع حد… انت عارف يا شادي… أنا حتى طليقى ما يعرفش عني نص اللي أنا بقوله دلوقتي."
حاولت أن تمسك الكأس بيد ثابتة لكنها ارتجفت، فامتدت يد شادي بثقة ليسندها ويقرب الكأس من شفتيها، وهي تبتسم له بخجل ممتزج بارتباك. الموسيقى من حولها ازدادت قوة، كأنها تدفعها للغوص أكثر في حالتها، وكل محاولة منها للنهوض كانت تبوء بالفشل، تتحرك قليلًا ثم تعود ساقيها لتخونها.
قال لها شادي وهو يقرّب فمه من أذنها ليتغلب على صوت الموسيقى:
ـ "خليكي مكانك… متقومييش… الليلة دي ليكي… سيبي نفسك خالص."
ارتعشت وهي تسمع كلماته، لم تعد قادرة على التمييز بين الخوف والمتعة، وبين الغياب واليقظة. كل ما شعرت به أن رأسها صار أخف من جسدها، والموسيقى تسيطر على أنفاسها، بينما كأسها لا يظل فارغًا أبدًا بفضل يده.
الجزء الثالث
تبدأ الموسيقى تعلو في المكان، والأنوار تتحرك حوالين عزيزة كأنها دوامات بتسحبها جوه عالم غريب. حاولت تقوم من مكانها لكن رجليها مش شايلة جسمها، إيديها بتترعش، وكل حركة بتكون أبطأ من إنها تخلّيها توازن نفسها.
شادي يقرب منها بابتسامة وهدوء مصطنع، يمد إيده كأنه بيمد لها طوق نجاة:
– "عزيزة، إنتِ كده مش هتعرفي تروحي… تعالى ارتاحي عندي شوية، دقيقة بس، وبعدها أرجّعك بيتك."
هي تبصله بعينين تايهة، مش قادرة تقول "آه" ولا "لأ"، لسانها تقيل وجواها صوت ضعيف بيقولها "لا"، لكن جسدها خلاص مستسلم. هو يمسك إيدها بلطف لكنه في الحقيقة بيقودها لمصير أكبر من إنها تدركه دلوقتي.
خطوتها الأولى ورا شادي مش بإرادتها… دي نتيجة إنها خلاص في عالم تاني، غايبة عن كل قرار.
باب الملهى الليلي بيتفتح، والأنوار المبهرة مع موسيقى صاخبة بتتسرب للشارع.
سلمى خارجة متعلقة في ذراع شادي، خطواتها متقطعة وكأن كل خطوة بتسحب معها آخر بقايا كرامتها.
شعرها منكوش، المكياج سايح، وفستانها غير مهندم، الكتف ظاهر بشكل فاضح وهي مش قادرة تعدّل نفسها.
شادي يحاول يظهر إنه بيسندها، لكن ابتسامته فيها خبث واستمتاع بالمنظر.
الكاميرا تتابعهم لحد السيارة… هي تحاول تضحك بس ضحكة مكسورة، والناس اللي على باب الملهى يبصوا باستغراب واشمئزاز.
المشهد يقطع على السيارة وهي بتقف قدام عمارة سامي.
الحارس شايفهم، يرفع حاجبه في صمت، عينه فيها استحقار وهو يتابع عزيزة اللي متعلقة في شادي كأنها غريقة.
لما تعدي من جنبه تتعرقل في الخطوات، يبان الفستان أكتر غير متماسك، والشارع هادي مقارنة بالملهى، فيبرز صوت كعبها المتعثر ونَفَسها الثقيل.
الحارس يشيح بوجهه، يخرج نفس طويل باستخفاف، كأنه بيقول لنفسه: "مجرد عاهرة"
كأن الزمن توقّف عند لحظة الجلوس.
سلمى ممدّدة على الأريكة، نصف جسدها متراخٍ ونصفه الآخر يقاوم سقوطًا داخليًا أعمق من أي هاوية مرّت بها من قبل. الموسيقى تتسلل في أذنيها، لكنها لا تسمعها، بل تشعر بها كذبذبات غريبة تهزّ أعصابها المرهقة.
كانت عيناها نصف مغمضتين، تترنحان بين وعي يرفض أن يُسحق وضياع يستدرجها بحنانٍ قاسٍ. لم ترَ شيئًا حولها؛ لا الشقة، لا تفاصيل المكان، ولا حتى انعكاس جسدها على الطاولة الزجاجية. العالم كلّه صار غائبًا، مطموسًا، كأن الستائر سُحبت على حواسها جميعًا.
داخلها صراع هائل: جزء صغير من عقلها يصرخ طالبًا النجاة، يذكّرها بأنها هنا، وأنها يجب أن تقوم وتقاوم، لكن هذا الصوت كان خافتًا، غارقًا في ضباب سميك. أما الجزء الآخر فمستسلم تمامًا، يترك نفسه للموجة التي تسحبها بعيدًا، موجة ثقيلة تشبه النوم لكنها ليست نومًا، تشبه الموت لكنها أكثر قسوة.
وبينهما، كانت سلمى أسيرة.
لم تعرف هل هي ما تزال على قيد الحياة، أم أن كل ما تشعر به وهمٌ طويل. كل ما كانت تعرفه أن جسدها خانها، ووعيها يتفتت كزجاج هشّ.
لم تكن سلمى ترى شيئًا من تفاصيل الشقة؛ الجدران، الأثاث، حتى الأضواء بدت كأنها ذابت في ضباب كثيف يحيط بعينيها. كل ما كان حاضرًا هو إحساس غامض يثقل صدرها، شعور بالانفصال عن نفسها، كأنها تعيش خارج جسدها، تراقب من بعيد دون قدرة على التدخل.
الكأس بين يديها لم تعد كأسًا، بل نافذة إلى نفق بلا نهاية، وكل رشفة كانت تُطفئ شمعة من وعيها، وتتركها أكثر عُرضة للتيه. كانت هناك لحظة صغيرة، خاطفة، حاولت فيها أن تسأل نفسها: لماذا أنا هنا؟ لماذا أسمح بهذا؟ لكن الصوت انطفأ سريعًا، غرق في موجة أخرى من الدوخة التي التهمت ما تبقّى من عقلها.
شادي، بدهاءه المعتاد، لم يُفلت الفرصة. كان يعرف كيف يقدّم لها الخمر وكأنه يمدّ لها يد العون، بينما في الحقيقة كان يسحبها أعمق نحو هاوية مظلمة. ابتسامته الهادئة، كلماته التي تتسلّل إلى أذنها كأنها طمأنينة، كل ذلك كان ستارًا يخفي نواياه.
وفي لحظة لم تستوعبها، كان قد اقترب أكثر، يتعامل مع غيابها عن وعيها كتصريح غير منطوق. لم تدرك متى اختفى آخر خيط من مقاومتها، ولم تشعر سوى بجسدها يُقاد دون إرادة، كأنها ورقة وقعت في تيار قوي لا يرحم.
كان هو حاضرًا بوعي كامل، وهي غائبة عن ذاتها، يختلس منها ما لا تعلم، بينما قلبها يترنح بين الخوف والفراغ، بين سؤال لم يُكتمل وجواب لم يُولد.
في صباحٍ ثقيلٍ برأسٍ يدور وضباب يلف ذاكرتها، فتحت سلمى عينيها ببطء.
رأت سقفًا غريبًا، ورائحة حادة للخمر تملأ المكان. حاولت أن تنهض، فجاءها الإحساس المفزع: جسدها مرهق، ملابسها غير مرتبة. التفتت بارتباك، لتجد شادي مستلقيًا بجوارها، نصفه مغطى بالغطاء، يتنفس بعمق وكأنه في نوم هادئ.
تجمدت ملامحها، وارتعشت يداها وهي تضعهما على وجهها، تلطم خديها في صدمة، والدموع تتساقط بلا وعي.
همست بصوت متقطع:
"أنا... أنا إيه اللي حصل؟!"
فتح شادي عينيه بتكاسل، وألقى عليها نظرة نصف مازحة، نصف متعمدة. ابتسم ابتسامة باردة وقال بصوت خافت:
"إهدي يا سلمى... إحنا كنا مخمورين... واللي حصل طبيعي."
ارتجفت أكثر، وصاحت بصوت مبحوح:
"إزاي؟! أنا... ما فاكرةش حاجة!"
اقترب منها بخبث، واضعًا يده على كتفها محاولًا تهدئتها:
"ما تشيليش هم... أنا بحبك، وهاخدك مراتي... محدش هيعرف حاجة."
لكن كلماته لم تهدئها، بل زادت الصدمة في عينيها، وكأنها تسمع حكمًا بالإعدام على روحها.
كانت عينَي سلمى متورمتين من البكاء، وجسمها منهك، وكأن كل خلية فيها بترجف من التعب. مدّت يدها ناحية الشنطة بتاعتها بتلقائية، تدور على الموبايل، يمكن تلاقي أي خيط يربطها بالواقع. لكن شادي كان أسبق، سحب التليفون من الترابيزة وهو يبتسم ابتسامة واثقة:
– "مستعجلة على إيه؟ خليكي معايا شوية، الدنيا لسه بدري."
مدّ إيده بيها ليها، وكأنّه بيقدملهالها منحة، وهي بتاخده بإيد مرتعشة. أول ما فتحت الشاشة، اتصدمت. عشرين مكالمة فائتة من أمها، وأرقام من البيت، ورسائل قصيرة بتتكرر: "إنتي فين يا سلمى؟… ردّي عليا أرجوكي…"
سلمى حسّت إن الأرض اتفتحت تحت رجليها. قلبها بيدق بسرعة، ودمها بيخبط في ودانها. بصّت على الساعة: ١٢ الضهر. النهار عدى من غير ما تحس، ومن غير ما تروح.
همست بصوت مبحوح:
– "يا نهار أبيض… أنا ما روحتش من امبارح! أنا هقولهم إيه دلوقتي؟!"
اتخيلت أمها وهي قاعدة طول الليل مرعوبة، مستنية، يمكن فاكرة إنها حصلها مصيبة. دموعها نزلت من غير ما تحس، وهي تضغط على الموبايل بيدها كأنها عايزة تكسره.
شادي قرب منها بهدوء، قعد جنبها، وصوته ناعم كأنه بيتسرب جوا عقلها:
– "إهدي يا حبيبتي… عادي. تقوليهم كنتي مع صاحبتك… أو كنتي تعبانة ونمتي عندها. كل البنات بتعمل كده."
لكن كلماتها داخليًا كانت بتصرخ: "أنا عمري ما عملت كده! دي مش أنا! إزاي هغلط الكذبة دي على أمي؟"
مسحت دموعها بإيدها المرتعشة وقالت بحرقة:
– "بس أمي هتموت من القلق… هتصدق إزاي إني نسيت أرد عليها؟!"
شادي ضحك ضحكة صغيرة، ما بين التهكم والتطمن:
– "هتصدقك لأنك بنتها… وبعدين، هو إيه يعني؟ يوم عدي… الدنيا مش هتقع. بالعكس، إنتي محتاجة تعيشي، تبعدي عن الخنقة اللي انتي فيها. أنا الوحيد اللي فاهمك."
صوته كان عامل زي شبكة عنكبوت، بيلف حواليها ببطء، وهي عاجزة تقطع الخيوط. قلبها من جوا بيقولها تجري، تاخد شنطتها وتفتح الباب وتجري من غير ما تبص وراها. لكن جسمها كان تقيل، ومخه مشوش، كأن الضباب رابطها مكانها.
نظرت تاني للتليفون، وشافت المكالمات المتكررة، ودموعها نزلت من جديد. قالت بين شهقات:
– "أنا ضيعت نفسي… ضيعت ثقة أمي… أنا مش عارفة هرجع إزاي!"
شادي مسك إيدها وضغط عليها، وكأنه بيرسخ سلطته:
– "مفيش حاجة ضايعة. إنتي معايا… وأنا اللي هكون ضهرك من هنا ورايح. أمك هتهدى… والوقت هيخليها تنسى."
لكن جواها كان في صوت أضعف بس أصدق، بيقول: "هو السبب… هو اللي رماني في الوحل… بس أنا كمان اللي سمحت…"
وبين لحظة ورا التانية، شعرت إنها أسيرة بين ذنبها وبين خدر كلماته. لا قادرة تنهض وتروح، ولا قادرة تبتلع حقيقة اللي بيحصل.
لكنها لا ترد. بعينين زائغتين تجمع ثيابها بسرعة وترتديها، وكأنها تهرب من جريمة لم ترتكبها. تتفادى النظر إليه، ثم تغادر بخطوات مرتبكة، يلاحقها صدى كلماته داخل رأسها.
ترجع سلمى البيت بالليل، هدومها مش مرتبة وشعرها مبعثر شوية، تحاول تعدّل نفسها على السلم قبل ما تفتح الباب. أول ما تدخل، تلاقي سامي قاعد ومعاه أمها، قاعدين مستنيينها.
سامي يرفع نظره فيها باستغراب:
"هو إيه المنظر ده يا سلمى؟ إنتي فين لحد دلوقتي؟"
أمها تتكلم بحدة ممزوجة بقلق:
"أنا كلمت صاحبتك يا بنتي، قالتلي إنها ما دخلتش مستشفى ولا حاجة. إنتي كنتي فين؟"
عزيزة تاخد نفس عميق وتحاول تضحك بتوتر:
"يا ماما يمكن ما فهمتش… أنا كنت معاها فعلاً… التليفون كان صامت، ما خدتش بالي…"
لكن عيونهم بتفضح إنهم مش مصدقين. سامي يقرب منها:
"حتى لو معاها… المنظر ده بيقول حاجة تانية خالص. إنتي شربتي؟!" ريحتك خمرة الريحة دى انا عارفاه كويس
تتجمد ملامحها، وبصوت عالي يخرج لأول مرة منها بحدة:
"كفاية بقى! سيبوني في حالي… مش ناقصة تحقيق منكم!"
ثم تنسحب إلى غرفتها، تغلق الباب، وتسند ظهرها إليه، تنهار دموعها في صمت، وهي تتساءل عن الخطوة القادمة في هذا الطريق المظلم.
"سامى... قولى، إنت متأكد؟ دى... دى بجد ريحة خمرة؟ يمكن انت متوهم... يمكن حد كان معدّي قبلك؟"
سامى شد نفسه وقال بنبرة واطية لكن متأكدة:
– "لأ يا ماما، أنا عارف الريحة كويس... دى مش أول مرة أشمها. دى كانت سكرانة... شوفى كلامها، وشكلها... مش سلمى اللى نعرفها."
الأم حطت إيدها على راسها، صوتها اتكسر:
– "يا نهار أبيض... يعنى بعد كل اللى عدى علينا، دى كمان وقعت في داهية تانية؟! دى جابت العار لينا يا ابنى... إزاى؟ إزاى؟"
سامى اتنهد بعصبية، إيده متشنجة:
– "أنا مش هسكتلها، مش كل مرة نقول يمكن تتعدل. المرة دى لأ... دى ماشية في طريق مش هترجع منه إلا لما يضيع كل حاجة. أنا هشوف حل معاها، ولو بالقوة."
الأم بصت له بخوف:
– "قوة؟ هتعمل إيه يا سامى؟ دى أختك، متنساش... مهما عملت، دمها من دمك."
سامى بص للباب المقفول وقال بغيظ:
– "أختى أو لأ، لو فضلت كده هتضيعنا معاها."
سلمى قاعدة في أوضتها، كل حاجة حوالينها ساكتة، بس جواها دوشة. بتحاول تهوّن على نفسها وتقول:
"هو قال حيتجوزني… يبقى اللي حصل عادي. وبعدين إحنا كنا شاربين… أنا مكنتش في وعيي أوي. يعني… مش غلطي."
بس في نفس الوقت، كل ما تحاول تدي مبرر، يطلع صوت داخلي يعاكسها:
"طب لو هو فعلاً ناوي يتجوزني، ليه مستعجل كده؟ وليه مكنش في وعيه زيي؟"
ترجع ترد على نفسها:
"ماهو يمكن الحب كده… ويمكن أنا معقدة الأمور… أي واحدة بتحب بتعمل كده."
وتفضل تلف وتدور جوا عقلها، بين التبرير واللوم، بين إنكار اللي حصل وتصديقه. وتحاول تقنع نفسها إن ده مش أول ولا آخر علاقة، وإن الطبيعي إن الجواز يبدأ بكده.
بس رغم كل المبررات، فيه وجع تقيل قاعد على صدرها، حاجة بتقولها إن الليلة دي مش عابرة… وإنها مش حتقدر تمحيها بسهولة.
كانت سلمى قاعدة في هدوء، تحاول تقنع نفسها إن اللي حصل مجرد تجربة عابرة… لكن جواها، في أعماقها، كان فيه صوت تاني بيهمس بشدة:
"افتكري الإحساس… افتكري الضحكة اللي خرجت منك من غير خوف، افتكري الراحة اللي مسحت كل الهموم… ما كانش فيه وجع ولا حزن، كان فيه خفة وسعادة كأنك **** صغيرة بتلعب من غير قيود."
سلمى حاولت تصد، تحاول تقول لنفسها: "أنا كنت ضعيفة… دي كانت غلطة… مش هتتكرر."
لكن الحقيقة إن قلبها ما كانش سامع الكلام ده.
كان بيجري ناحية الذكرى، متعلق باللحظة اللي حسّت فيها إنها حرة لأول مرة.
وبين لحظة وأخرى، الاشتياق كان بيتسلل جوه روحها… شعور صادق ورغبة صافية إنها تلاقي الكأس قدامها دلوقتي، في اللحظة دي بالذات. كانت تتمنى لو تقدر ترجع للدوامة الحلوة اللي نسيّتها كل وجعها.
سلمى قاعدة ساكتة، عينيها فيها لمعة غريبة، كأنها لسه عايشة في أثر النشوة اللي حسّتها. جواها صوت بيهمس لها إنها عايزة تكرر الإحساس ده، وإن الدنيا كلها تبقى خمر وسعادة.
فجأة الباب بيتفتح بعنف، سامي داخل ومعاه أمه. بيقطع الشرود اللي كانت غرقانة فيه.
سامي بيهجُم عليها، يمد إيده يضربها وهو بيزعق:
– "كنتي فين يا قليلة الأدب؟!"
لكن المرة دي سلمى ما بتسكتش، بتشد إيده وترد بقسوة في عينيه:
– "إيدك دي لو اترفعت عليا تاني هقطعها ا!"
أمه مذهولة من ردّها، تتدخل بسرعة وهي رافعة إيدها بينهم:
– "كفاية بقى! مش ناقصين فضايح! قولي يا سلمى كنتي فين؟"
سلمى تلتفت لها بهدوء مصطنع، تحاول تبين إنها مش مهتمة:
– "قولتلك يا ماما، كنت عند صاحبتي... خلاص."
نامت سلمى تلك الليلة نومًا متقطعًا، رأسها مثقل بأفكار متضاربة، لكن مع الصباح ارتدت ملابسها كالمعتاد وتوجهت إلى عملها. حاولت أن تبدو طبيعية أمام زملائها، كأن شيئًا لم يحدث، لكن داخلها كان هناك قلق مكتوم لم تعرف له تفسيرًا.
حين دخلت مكتب شادي، لاحظت فورًا أن معاملته تغيّرت. لم يكن بنفس التحفظ الذي اعتادت عليه؛ بل صار يقترب منها أكثر من اللازم، ولمساته باتت أكثر جرأة، حتى نبرة صوته في الكلام صارت مشبعة بإيحاءات لم تعهدها منه من قبل.
تراجعت خطوة للخلف، ونظرت إليه بجدية قائلة:
– "إيه اللي حصللك يا شادي؟ إنت بتتعامل معايا كده ليه؟"
ابتسم بثقة، واقترب منها أكثر وهو يقول:
– "أنا شايفك مش زميلة وبس... أنا بتعامل معاكي كإنك مراتي."
شعرت سلمى بارتباك شديد؛ قلبها دق بعنف بين خوف ودهشة، لم تعرف إن كانت هذه الكلمات بداية سقوط جديد... أم أنها لحظة اختبار حقيقية لمدى قدرتها على المقاومة.
تطلعت إليه بعيون نصف مبتسمة ونصف حزينة، وقالت بصوت مخنوق:
– “انت لو تعرف نفسي في إيه دلوقتي… حتستغرب.”
رفع حاجبه باستغراب وسألها:
– “في إيه يا سلمى؟”
تنهدت وهي تلعب بأصابعها بتوتر، ثم همست كأنها تعترف بخطيئة:
– “نفسي في كاس…”
سكت شادي لحظة، عيونه اتسعت بدهشة، وبعدين ابتسم ابتسامة ماكرة وهو يقرب منها أكتر:
– “أهو أنا بقول إنك بقيتي مراتي… ومراتي لازم تعيش اللي بتتمناه.”
شادي (بابتسامة ماكرة):
"ميصحش كده يا سلمى ، تشربي قصاد الموظفين! الناس عيونها مفتّحة، وكل كلمة بتتقال هنا بتتكرر برّه."
سلمى (بلهفة وهي بتحاول تخبي توترها):
"طب وأنا مالي بالناس… أنا عايزة دلوقتي وخلاص."
شادي (قرب منها وهمس بصوت واطي):
"بقولك إيه… تعالى معايا البيت، هناك محدش هيشوفك، ولا هيحاسبك، وتشربي براحتك… كاس ورا كاس لحد ما تنسي الدنيا كلها." كمان مفيش عندى هنا
دخلت بيت شادي وهي مترددة في الأول، لكن المرة دي محدش ضغط عليها ولا حاول يغريها. الكاسات كانت قدامها، والزجاجة جنبها، ولأول مرة مدت إيدها من تلقاء نفسها. صبت لنفسها كاس وشربت… ابتسمت بخفة:
– "الطعم مش وحش… بالعكس، مريح."
فضلت تشرب لحد ما وشها احمر وسكرت وابتسامتها اتسعت. حسّت بخفة في روحها، كأن الدنيا اللي كانت بتخنقها بقت بسيطة فجأة. وبعينين لامعتين، طلبت من شادي:
– "هاخدها هدية… زجاجة صغيرة أخدها معايا."
هو ضحك بهدوء، كأنه كان متوقع اللحظة دي من زمان، ومد إيده بالزجاجة. "براحتك، بس خدي بالك من نفسك."
ولأول مرة، وهي خارجة من عنده، حسّت بالأمان في وجوده… مش لأنه لمسها أو خدعها، لكن لأنه وفّر لها ملاذ بعيد عن برودة بيتها. وفي النهاية، وصلها لبيتها زي ما هي، من غير ما يحاول يقرب منها ، وكأنه عارف إنها محتاجة الوقت ده عشان تغرق لوحدها.
في المساء.. باب الشقة يتفتح فجأة بصوت عنيف، وتدخل سلمى وهي بتترنح، ماسكة في إيدها كيس أسود ملفوف جواه الزجاجة اللي شادي جابها لها "هدية".
بتسند بجسمها على الباب وهي بتحاول تقف متوازنة، لكن عينيها نص مفتوحة والكلمات مش مترتبة.
سلمى (بضحكة مكسورة):
"مامااا.. شوفي بقى.. أنا جبتلك هدية.. هدية بتوجع وتنسي.."
الكيس يفلت من إيدها ويقع على الأرض، صوت الزجاجة وهي بتتدحرج يملأ الصالة، وهي تنهار جنبه وتترمي عالأرض، راسها تخبط في الحيطة بخبطة خفيفة.
الأم تطلع من الأوضة مذعورة، وبمجرد ما تشوفها مرمية كده، عينيها تتملي دموع، وتصرخ بصوت عالي وتلطم على خدها:
الأم:
"يا ساتر يا رب.. يا سلمى.. إيه اللي جرالك؟! دا أنا ربيت وربيت عشان آخرها كده؟!"
بتجري عليها تحاول ترفعها من الأرض، بس سلمى بتضحك ضحكة هستيرية، دموعها نازلة، ورائحة الخمرة مالية المكان.
الأم (تصرخ وهي تلطم):
"سامى مش هنا حيعمل ايه لما يشوف الكارثة! يا فضيحتي مع الجيران.. يا ضياعك يا بنتي!"
الكاميرا تركز على الكيس المفتوح والزجاجة اللي طالعة نصها برة، في انعكاسها نشوف وش سلمى باين تعبان، كأنه مكسور ومتشرخ.
ليلى بتسندها وتدخلها جوه وتحطها عالسرير بس الغريبة ان سلمى بصوت واهن
،، فين الازازة بتاعتى هاتيها ،،
ليلى بترميها جنبها وتخرج تبكى وهى شايفة سلمى بتفتحها وتشرب منها كان كل همها سامى ميعرفش
سلمى أصبحت كل صباح تستيقظ على أثر الخمر تشرب صباحا، رأسها يدوخ، قلبها يتقلب بين شعور بالذنب ورغبة جامحة في الهروب من كل القيود. كل نفس كانت تأخذه كان يذكّرها بالليل السابق، بالكؤوس التي شربتها، وباللحظات التي تركت فيها وعيها ينساب بعيدًا عن نفسها.
سامى، أخوها، لم يعد يحتمل، فقد تعبت يده من كثرة الضرب، وعيونه من كثرة الصراخ، لكنه لم يجد طريقة لإيقاف هذا الانحدار. حتى زملاؤها في العمل بدأوا يلاحظون التغيرات الواضحة في مظهرها وتصرفاتها؛ لم تعد سلمى الفتاة المنظمة والمحافظة، بل أصبحت ملابسها أكثر عريًا، وكأنها تتحدى العالم كله بما فيه، وكأنها تقول لكل من يراها: "انظروا لي، لا أهتم." تحضر الى العمل ثملة
مقابلاتها مع شادي صارت أكثر تواترًا، وزياراتها لشقته أصبحت أيامًا كاملة أحيانًا، تغيب عن الواقع وعن كل من يعرفها. كانت تختفي عن كل القيود، وتعيش في عالمه الخاص، كأنها تتحدى الجميع، كأنها تنتحر نفسيًا، تبحث عن شعور مؤقت بالأمان والحرية وسط بحر من الفوضى.
الابتسامة التي كانت تظهر على وجهها أحيانًا لم تكن سوى ستار رقيق يخفي الألم والفراغ الذي يلتهمها من الداخل. كل خطوة كانت كأنها محاولة للهروب من نفسها، وكل نظرة في المرآة كانت تذكرها بأنها تتغير، وأن عالمها القديم الذي عرفته لم يعد موجودًا، وأنها تتوه بين شخصيتها الحقيقية وبين الرغبة في الانغماس الكامل في هذا الانحدار.
وقفت السيارة أمام العمارة، والليل ساكن، إلا من أصوات بعيدة لبعض السيارات المارة. سلمى حاولت التوازن وهي تنزل من السيارة، جسدها كله يترنح بفعل الخمر، وكيس أسود في يدها يحمل زجاجة احرى أهداها لها شادي. الحارس نظر إليهما باستغراب، والعيون من نوافذ العمارة تتابع المشهد بصمت، والجيران بدأوا يهمسون ببعض التعليقات.
أمها خرجت بسرعة من شقتها، عينان متسعتان ووجه مشدود بالقلق والغضب، صاحت عليها: "سلمى! إنتي كده كده بتستفزي نفسك وبتفضحي نفسك قدام الجيران!"
سلمى حاولت التماسك، لكنها كانت بالكاد قادرة على الوقوف، فأجابت بنبرة متثاقلة: "همّا كده كده بيتكلموا على سامي الحرامي المدمن، أنا مش هخليهم يضحكوا عليّ!"
أمها اقتربت منها، تحاول مساعدتها على التوازن، لكن صوتها كان حادًا، يملؤه الخوف واللوم معًا: "كفاية يا بنتي! كفاية! كفاية فضايح!
الجيران يواصلون النظر من بعيد، بعضهم يتبادل الهمسات، والآخرون يحاولون تجنب النظر تمامًا، لكن الرائحة والهيئة المترنحة لسلمى جعلتهم لا يستطيعون تجاهل ما يحدث.
سلمى، رغم ارتباكها، شعرت بشيء من القوة، كأنها تقاوم كل القيود التي تحاول أمها فرضها عليها: "مش هتفرق معاهم، ما يهمنيش رأيهم!"
أمها تشعر بالقلق من تأثير الكحول والخطر المحيط بابنتها، لكنها عاجزة عن مناقشتها بشكل منطقي في تلك اللحظة، وكل ما تفعله أن تراقبها بعينين مليئتين بالقلق والخوف على مستقبلها.
دخلت سلمى الشقة، قلبها يثقلها إحساس بالذنب، وعينها تبحث عن سامى الذي عادةً يكون في مكانه المعتاد، لكنها وجدته جالسًا على الأريكة، عيناه نصف مغلقة وملامحه متأثرة بالمخدر، وكأنه نصف غائب عن الواقع.
تنهدت ببطء، واقتربت منه بحذر، محاولة أن تتحدث كأخت تهتم: "سامى… أنا… أنا بشرب… عشان أحس بشوية فرحة… زهقت… من كل المشاكل… إحنا الاتنين… بنهرب…"
رفع سامى رأسه ببطء، وصوت مخدره يخرج من بين شفتيه الملتويتين: "طب… منهرب سوا… جربي ده… واهربي معايا…"
سلمى شعرت بقسوة الواقع تضرب قلبها، فحبست دموعها خلف عينين متحجرتين، لكنها لم تستطع إنكار الصراحة المؤلمة في كلماته. كل شيء حولها بدا وكأنه يصرخ لها بأن ما تفعله له ثمن… وأنه لم يعد مجرد هروب لحظي، بل بداية دوامة لا تنتهي.
وهي واقفة أمامه، شعرت بثقل المسؤولية، وكأن كل لحظة فرح اصطناعي تشربه هي شعلة تزيد من ظلام أخيها، فتساءلت بصوت داخلي: إزاي أقدر أوقف ده قبل ما ندمر نفسنا كلنا
بعد أيام من سهرة الخمر مع شادى، لاحظت سلمى أن الزجاجة التي أعطاها لها قد انتهت، لكنها لم تشعر بالارتياح الكامل، وكأن فرحة الخمرة لم تعد كافية. كان قلبها يبحث عن شعور أقوى، وأكثر عمقًا، عن شيء ينسى به همومها ويطفئ شعورها بالذنب تجاه سامى واولادها
حينها لمحت الأنبوبة الصغيرة التي تركها سامى على الطاولة فى غرفته، مخدر جديد، لم تجرب مثله من قبل. شعرت بتردد لحظي، لكنها فضولها كان أقوى. رفعت الأنبوبة وقررت أن تجربها، مع نفس مختلط بالخوف والإثارة.
ما أن دخل المخدر جسدها، حتى شعرت بشيء مختلف تمامًا عن الخمر. حرارة خفية بدأت تنتشر في جسدها، وحسّت كما لو أن العالم من حولها أصبح أكثر وضوحًا، وأخف ثقلًا على قلبها. كل ضغوط اليوم، كل همومها، كل شعورها بالذنب… تبخرت
في لحظة.
ابتسمت لنفسها بصمت، وإحساس غريب بالتحرر اجتاحها. كان شعورًا أقوى، أعمق، وأحلى بكثير من أي خمر جربته من قبل. أدركت سلمى في هذه اللحظة أنها دخلت عالمًا جديدًا، عالمًا مختلفًا، عالمًا قد يسيطر عليها… لكنها لم تهتم، فكل ما شعرت به كان متعة وهروبًا من الواقع.
الجزء الرابع
في أول مرة جربت فيها سلمى المخدر مع سامي، حسّت بحاجة مختلفة خالص عن الخمرة… إحساس أعمق وأهدى، وكأنها أخيرًا لقت طريقة توقف زحمة الأفكار اللي في دماغها. سامي كان بيتابعها وهو مبسوط، كأنه لأول مرة شايف أخته جنبه في نفس الدوامة اللي هو عايش فيها.
ضحكوا سوا على حاجات ملهاش معنى، شاركوا في كلام أسرار طفولية كان كل واحد فيهم ناسيها، بقوا يتكلموا عن وجعهم وإحباطاتهم، واللي كان زمان بيخلي كل واحد منهم يقفل على نفسه بابه.
بمرور الوقت، بقت الجلسات دي هي الرابط اللي بيربطهم… كل مرة يقعدوا مع بعض ويحضروا المخدر، يحسوا إنهم قريبين من بعض أكتر من أي وقت فات. سلمى لقت في سامي مش بس أخوها، لكن كأنه صاحبها الوحيد اللي يفهمها، وسامي شاف فيها النسخة اللي بتواسي وحدته.
لكن في نفس الوقت، كان في خيط خفي من الضياع بيجمعهم، وكأن الألفة دي بتبني جدار من الوهم، يخليهم يحسوا إنهم مش لوحدهم، مع إنهم الاتنين غرقانين أكتر يوم بعد يوم.
المشهد:
ليل – أوضة صغيرة مضلمة شوية – سلمى قاعدة جنب الترابيزة وفي إيدها السيجارة، وسامي أخوها مستلقي على الكنبة.
---
سامي (بيمد إيده ياخد منها):
– إديني كمان نفس يا سلمى… ما تبخليش على أخوكي.
سلمى (تضحك وهي بتديله):
– أخويا حبيبي… عمرنا ما قعدنا كده مع بعض!
أنا حاسة إنك أول مرة قريب مني بالشكل ده.
سامي (يسحب نفس عميق ويطلعه ببطء):
– يمكن عشان أول مرة نتشارك في حاجة بجد.
طول عمرنا متغربين عن بعض… انتي في دنيا وأنا في دنيا.
سلمى (تسند راسها على الكنبة وتبص له):
– هو الإحساس ده… مش زي الخمرة خالص.
ده بيخليني أنسى كل حاجة… حتى نفسي.
سامي (بصوت واطي وهو يضحك):
– وأنا جنبك بقيت حاسس إني مش لوحدي.
عارفة؟ أول مرة أحس إنك فاهماني.
سلمى (تبتسم وتدي له السيجارة تاني):
– طول عمري كنت بخاف منك… بس دلوقتي حاسة إني لقيت أخويا.
إحنا بقى سر واحد يا سامي.
سامي (يبص لها بعين لامعة):
– سر محدش في الدنيا يعرفه غيرنا.
ويا سلام… على الطعم ده لما يبقى متقسم بيني وبينك.
سامي مرمي على الكنبة، ماسك سيجارة ملفوفة، وعينيه نصف مغلقة.
سلمى قاعدة على الأرض قدامه، بتضحك ضحكة عالية مالهاش سبب.
سامي: (بيمد لها السيجارة)
خدي… خدي نفس… الدنيا أحلى كده… كل حاجة بتلمع… شايفة اللمبة؟ دي مش لمبة… دي قمر.
سلمى: (تضحك وتاخد نفس طويل)
هههه… قمر إيه يا مجنون! القمر مش جوه البيت… القمر برا… بس… استنى… يمكن دخل؟ (تغمض عينيها وتتكلم ببطء) يمكن القمر زهق… وجا قعد معانا.
سامي: (يهز راسه بحماس)
ايوه… صح… القمر زهق من الدوران… قالك: "يا ولاد أنا جاي أقعد معاكم."
(يقوم واقف فجأة ويشاور على السقف)
أهو… أهو فوق… مستني يقولنا سر.
سلمى: (مندهشة كطفلة)
سر؟!
(تضحك)
يمكن يقولنا نطير… ياااه… نفسي أطير يا سامي… نطير بعيد… بعيد عنهم كلهم…
سامي: (يبص لها وعينيه تلمع)
نطير؟… طب ما إحنا بنطير دلوقتي… بصي… أنا طاااير… (يفتح دراعاته ويبدأ يلف حوالين نفسه)
سلمى: (تصفق وتضحك بجنون)
ههههه… آه و****… إنت طاير… طاير زي… زي… بطة مشوهة!
سامي: (ينفجر من الضحك)
بطة إيه يا دماغ!
أنا نسر… نسر ملك… (يقع على الكنبة فجأة) بس النسر تعبان… محتاج ينام شوية.
سلمى: (تتزحلق لجنبه وتتكلم بصوت واطي)
طب نام… وأنا هغني للنسر… (تغمض عينيها وتغني كلام مش مفهوم)
"مياااو… طاطااا… شجرة بتجري ووراها حصان…"
سامي: (يضحك وهو نصف نايم)
إنتي مجنونة… بس أنا بحب جنانك… إحنا… أحلى اتنين إخوات في الدنيا…
سلمى: (تمد إيدها تمسك إيده بقوة)
وأنا كمان… إنت ضهري… ولو سبتني… القمر هيمشي… والدنيا هتسود.
سامي: (يغمض عينيه)
مش هسيبك… إحنا سوا… لحد آخر نفس…
سلمى , (وهى بتشد سطر بودره)
عارف انا نمت مع شادى كام مرة هههههه مش فاكره
سامى: (وهو بياخد منها البودره)
طب انتى عارفة انى كنت بقصد اقطعلك هدومك عشان اتفرج عاللحم الابيض هههههههه
سلمى
اوعى تضربنى تانى احنا خلاص بقينا حبايب بس اوعى امك تعرف حاجه
سامى
اضرب مين يا ملبن انتى بقى تروحى للغريب وانا موجود
سلمى
غريب مين شادى ماسموش غريب وبعدين انت اخويا نسيت ولا ايه مانت عارف امجد مبيعرفش ينيك بس شادى بينيك حلو بص حاحكيلك بس هات نفس الاول
احنا بنشرب وانا لما بسكر بسخن بقى وانزل امص زبه وبعدين لازم اخليه يلحسلى زى ما فهمنى سامر وبعدين يخلينى فى وضع الدوجى ويحطه فى كسى من ورا وبعدين انام على ضهرى ويرفع رجلى على كتفه ويفضل شغال فيا وبعد كده اطلع على زبه لحد ما يجبهم فيا
سامى
بيجيبهم جوه انتى كده تحملى
سلمى
لا يا عبيط انا مركبه جهاز
المشهد: بعد فترة من دخول عزيزة في مرحلة الإدمان.. شادي بيقابلها في شقته
شادي: (مبتسم بخبث وهو بيقفل الباب وراها) إزيك يا زيزي؟ شكلك تعبانة شوية.
سلمى: (بصوت مهزوز، عينيها حمرا) آه.. مش قادرة أستحمل من غيرها يا شادي. دماغي بتولع.
شادي: (يقرب منها ويمسك إيدها) أنا قلتلك من الأول.. أنا الوحيد اللي فاهمك. ومش هسيبك تتعذبي كده. (يطلع الكيس من الدرج) شوفي.. جبتلك اللي يريحك.
سلمى: (تتنفس بارتياح أول ما تشوفه) إنت الملاك اللي بيسمعني. جوزي عمره ما حس بيا كده.
شادي: (يقعدها على الكنبة ويحضر "الجرعة") هو مش فاهمك.. مش عارف قيمتك. لكن أنا.. أنا بعتبرك كل حاجة. صدقيني، من غيرك حياتي ما لهاش معنى.
سلمى: (تبدأ تبكي وهي بتاخد منه الجرعة) أنا عارفة إني وقعت.. بس مش قادرة أطلع. إنت السبب الوحيد اللي مخليني عايزة أعيش.
شادي: (يمسح دموعها وهو يضحك بخبث) خلاص بقى.. ما تفكريش. إنتي معايا، وأنا مش هخليك محتاجة حد. طالما عندك أنا.. وعندك ده. (يشاور على الكيس) الدنيا هتبقى جنة.
سلمى: (تضحك ضحكة هستيرية وهي بدأت تفقد السيطرة) إنت عارف.. أنا ساعات بحس إني بحلق فوق السما. بحس إني بشوف حاجات مش موجودة.
سلمى: (يمثل الانبهار) هو ده السحر.. هو ده الجمال اللي محدش غيرك يقدر يحسه. خليكي معايا وهتشوفي حاجات أعظم.
سلمى : (بصوت متقطع وهي مستسلمة) أوعدني إنك مش هتسيبني.
شادي: (يبص في عينيها بثبات) عمري ما هسيبك.. طول ما إنتي محتاجة لي.
دلوقتي بقى خدتى حقك تدينى حقى بقى
سلمى
هات الازازة واقعد لاعبنى فى اوضة النوم هههه
شربت سلمى معاه وقلعت هدومها عشان شادى يقلع وينزل يلحس كسها كالمعتاد كانت سلمى طايرة مش حاسة بالدنيا شربت كتير والبودرة مخلياها فى غيبوبه بس شادى مسبهاش وفضل شغال ينيكها بزبره فى بقها عشان ينيمها ويفضل ينيك فيها وهى بتتاوه وتمسك بزها وتلعب فى حلمتها
نيمها شادى فى وضع الدوجى عشان يحطه فى كسها من ورا
شويه ونيمها على ضهرها ورجع يلحس كسها عشان يلاقى ميتها نطرت فى وشه يلحسها ويكمل عض خفيف على زنبورها عشان ينيمها على جنبها ويكمل نيك فيها لحد ما يجبهم على وشها عشان تبلع لبنه
سلمى(بصوت سكران)
يوه كفاايه كده عايزه ارووح
شادى(بمكر وخبث )
الاول فى موضوع عايزين نتكلم فيه انتى دلوقتي بقالك ياما مروحتيش الشغل وهما دلوقتي عايزين يمشوكى فانا كلمت المدير وهو جاى دلوقتي عشان نتكلم معاه حرام تترفدى واهو كلمتين منك ممكن كمان يرفع مرتبك
سلمى(بصوت واهن)
اكلم مين انا مش شايفه قدامى اصلا انا عايزه ارووح
شادى(بابتسامة ماكره)
مش مهم انا معاكى حاكلمه متشغليش بالك انتى
يخرج شادى ليستقبل صفوت مديره ليدور بينهم حديث جانبى
شادى(بدهاء ومكر)
بص هى دماغها مونونه وفى الضياع جوه وجاهزة ومستنياك انا قولتلها انك حتمشيها من الشركه
صفوت(يخلع الجاكت)
انت ليك مكافأةً كبيرة عندى
يدخل صفوت وشادى لسلمى غرفة النوم كانت سلمى ما زالت عارية تماما ونائمة بفعل الخمر والمخدر
صفوت (يخلع ملابسه)
دى نايمه خالص يا شادى شكلها تقلت فى الشرب
شادى(بابتسامة ماكره)
هو شرب بس دى رايحه فى داهيه خالص خش انت بس وهى حتفوق لما تدخله فى بقها
صفوت فضل يحاول ويدخله وهى فى غيبوبه مش دريانه بالدنيا فتحت عينيها شويه وغمضتها تانى فضل صفوت يقلب فيها فى اوضاع كتير كان بدأ عليه الضيق من عدم تجاوبه معه لحد ما جابهم جواها
صفوت(بضيق)
كنت قولى يا شادى مكنتش جيت ي
عنى انت ضبطتها وسايبهالى كده
شادى(بيحاول يلاقى مبرر)
انا سايبها صاحية ورحت افتحلك رجعت لقيتها كده عالعموم ملحوقه عندى دى ليك عليا المرة الجاية تيجى تلاقيها مستنياك
الجزء الخامس
في هدوء آخر الليل، فتحت أم سلمى باب شقتها على صوت حركة غريبة عند الشباك.
مدّت رقبتها وصرخت بخوف:
الأم: "مين هناك؟!"
ظهر ظلّ سلمى وهي بتحاول تدخل من الشباك، شعرها سايب ووشها أحمر، تتسلق بإيديها ورجليها وكأنها مش قادرة توقف مستقيمة.
الأم (مذهولة): "سلمى! إنتي إيه اللي بتعمليه؟!"
سلمى (تضحك وهي بتتهته): "مامااا… أنا تمام… بس السلم طويل أوي."
تدخل مترنحة وتقع على الكنبة، والريحة الفواحة تكشف كل حاجة. الأم تقترب بسرعة، تحاول تمسكها.
الأم (بتشدها): "يا نهار أسود… إنتي شربتي؟! إنتي بترجعيلي سكرانة؟!"
سلمى (تضحك بخفة): "سيبيني… أنا مبسوطة… الدنيا بتلف حواليا."
الأم غطت وشها بإيدها من الصدمة، ثم مدّت إيدها تشيل عباية سلمى اللي كانت لابساها بالمقلوب تقريبًا. أول ما خلعتها، تجمّدت مكانها.
الأم (بصوت مخنوق): "يا مصيبتي السودة… إنتي… إنتي فين هدومك الداخلية؟!"
سلمى لم تجب، عينيها نصف مغمضة، تبتسم ابتسامة طفولية فارغة، وكأنها مش مدركة حجم الكارثة. الأم جلست على الأرض تبكي بحرقة وهي تردد:
الأم: "ضيّعتيني… كسرتيني يا بنتي."
(المشهد في الصالة، الأم مرتبكة بعدما رأت سلمى في حالة سيئة وارتباك سلمى . فجأة يدخل سامي بخطوات سريعة) ليجد سلمى العباية مفتوحة وعارية تماما
الأم (بصوت عالي مرتبك):
يا نهار أسود… إيه اللى بيحصل هنا؟! إيه اللى جرى للبنت دى؟!
سامي (بهدوء غير متوقع وهو يقترب):
ماما… ماما اهدي… ما تكبريش الموضوع.
الأم (تتلفت بخوف):
ما كبّرش إيه؟! دي مش فى وعيها! إنت ساكت ليه؟! مش المفروض تضربها أو تزعق لها؟!
(سامي يضع يده على كتف أمه ليهدئها ثم يلتفت لسلمى، يأخذها برفق من ذراعها كأنه يعرف حالتها تمامًا)
سامي (بهدوء لافت):
تعالي يا سلمى… قومي. يلا نطلع على أوضتك.
الأم (مصدومة من رد فعله):
إيه؟! إنت بتهزر؟! ده أنا كنت متوقعة الدنيا تقوم وما تقعدش! إيه الهدوء الغريب ده؟!
(سامي يسحب سلمى برفق وهي شبه غايبة عن الوعي، متجاوبة معه بخطوات متثاقلة. الأم تتابع بعينين مفتوحتين من الدهشة)
الأم (بصوت منخفض، تكلم نفسها):
يا ساتر يا رب… هو إيه اللي بيحصل؟! الولد واقف كأنه عارف كل حاجة… ولا كأنه شايف مصيبة!
(الكاميرا/الوصف يركز على نظرة سامي، فيها برود غريب، ويفتح باب غرفته ويدخل هو وسلمى ويغلق الباب… تظل الأم واقفة مذهولة مش فاهمة إنهم بقوا شركاء في الإدمان، وإن ده سبب تصرفه الهادئ وغير الطبيعي.)
(داخل غرفة سامي – الإضاءة خافتة – سلمى تتمايل على الكنبة وهي تضحك بدون سبب واضح، الكأس في يدها، عينيها نصف مغمضة)
سلمى (بضحكة متقطعة): سامي… ليه شكلك كده؟ زعلان مني؟ ولا… (تلمس وجهه بخفة) بتحبني وانتَ مش عايز تقول؟
سامي (يحاول يتمالك نفسه وهو يقفل الباب): اسكتي يا سلمى… ماما ممكن تسمعنا. انتِ مش فاهمة ان اللي بتعمليه هيولّع الدنيا؟
سلمى (تترنح وتضحك): الدنيا مولعة أصلاً… (تقترب منه فجأة) إنت بس اللي مطفي… تعالى نشرب كمان… ننسى…
سامي (يجلس بجوارها، ينظر لها بحدة): إنتِ فاكرة إني مش زيك؟ أنا كمان ضايع… بس فرق إني عارف إني بضيع. إنتِ… كل مرة بتضحكي وأنا شايفك بتغوصي أكتر.
سلمى (تضع رأسها على كتفه وتهمس): ما تسيبنيش أغوص لوحدي… خليني أغوص معاك… يمكن نوصل لحاجة…
سامي (يتنفس بصعوبة، يتردد لحظة، ثم يأخذ منها الكأس ويحطه على الطاولة): إنتِ مش فاهمة… إحنا بقينا مدمنين… فاهمة يعني إيه؟ يعني خلاص… الطريق ده ملوش رجعة.
سلمى (ترفع رأسها بصعوبة، بعينين تلمع): يبقى نمشي فيه سوا… أنا وأنت…
(يصمت سامي، ينظر لها بنظرة مشاعر متناقضة: غضب، شهوة، عطف… ثم يقترب منها ببطء)
سامى (متسائلا)
انتى كنتى عند شادى صح
سلمى(ضاحكه)
صح شاطر
سامى(مذهول)
وناكك
سلمى(بتضحك بهستيرية)
مش فاكرة بس اكيد اصل كسى واجعنى اوى ههههههه
مفيش سطرين لاختك حبيبتك بقى
بيطلع سامى ورقة مطوية بيقسمها ٤ سطور ويقوم يقفل الباب كانت سلمى ما زالت العباءة مفتوحه ويظهر جميع جسدها يشد كل منهم سطرين بالتبادل وتتمايل الرؤوس
لينقض سامى على اخته وهم مغيبين ويواقعها ويعاشرها كزوجين وينام بجانبها ومائه بداخلها
[المشهد: غرفة مظلمة نسبيًا – آثار المخدر لسه موجودة لكن بدأت تضعف. سامي مستلقي بجوار سلمى، وهما لسه في حالة ارتباك.]
سلمى: (تفتح عينيها ببطء، صوتها متقطع) … إيه اللي… حصل؟
سامي: (يتنفس بسرعة، مرتبك) أنا… أنا مش عارف… بس إحنا… كنا سوا.
سلمى: (تحاول تستوعب) يعني… إنت بتقول… إننا… عملناها؟!
سامي: (يحط إيده على راسه) يا نهار… إحنا كنا مغيبين يا سلمى! المخدر لعب في دماغنا… أنا ما كنتش واعي.
سلمى: (بصوت عالي شوية، مرتبك وخايف) إزاي يحصل كده؟! إزاي؟!
سامي: (يحاول يهديها) اسمعيني… أنا ما كنتش قاصد، ولا إنتي قاصدة. إحنا الاتنين وقعنا في نفس الفخ.
سلمى: (تغمض عينيها بقوة) لأ… لأ… ده كابوس. مش ممكن.
سامي: (قريب منها) سلمى، ب**** عليكي، محدش يعرف. ده كان غصب عننا.
سلمى: (ترتعش، الدموع في عينيها) سامي… إنت فاهم إحنا عملنا إيه؟! ده مش هزار… دي جريمة في حقي وفي حق نفسي.
سامي: (يحاول يمسك إيدها وهي تبعدها بسرعة) أنا فاهم… بس اسمعيني، لو عرفت امك أو أي حد، حياتنا هتبوظ. لازم ندفن اللي حصل دلوقتي… ونعتبره ما كانش.
سلمى: (تضحك بمرارة) "ما كانش"؟! إزاي يا سامي؟! إزاي أعتبر اللي حصل… ما حصلش؟
[لحظة صمت تقيلة، صوت أنفاسهم بس اللي مسموع. التوتر مالي الجو.]
ضحكت سلمى ضحكة شبه مكسورة، ماسكة الكاس في إيدها وقالت بنبرة فيها تحدي واستسلام في نفس الوقت:
سلمى: "خلاص يا سامي، عادي… اللي حصل حصل. إنت ضيعت وأنا ضيعت. جت عليك يعني؟ خلينا ننبسط ونعيش اللحظة، يمكن دي الحاجة الوحيدة اللي فضلالنا."
سامي فضل ساكت، قلبه بيتخبط بعنف. جزء منه عايز يصرخ ويهرب، وجزء تاني حس إنه خلاص وقع في دوامة مش قادر يطلع منها.
سامي (وهو بيشعل السيجارة ويمدها لسلمى):
بصراحة ما كنتش متخيل إنك هتدوسي في السكة دي معايا.
سلمى (بتاخد نفس وتضحك بخفة):
ما انتَ فتحت الباب وأنا دخلت.. خلاص بقى، اللي حصل حصل.
سامي (مبتسم بس في عينيه لمعة غريبة):
أنا كنت متعود على الحاجات دي.. بس إنتِ كنتِ مختلفة، بريئة.
سلمى (بتهز كتفها باستهتار):
بريئة إيه.. بريئة وخلصت. إنت ضيّعت وأنا ضيّعت، خلينا ننبسط، جت عليّا يعني؟
سامي (يقرب منها ويصب لهم كاس):
إحنا بقينا واحد دلوقتي.. مش خمور بس، ولا حبوب بس.. إحنا في كل حاجة سوا.
سلمى (ترفع الكاس وتخبط بكاسه):
وإيه يعني؟ مدام اللي اتنين في نفس المركب، يبقى نغرق سوا.
وهنا يتضح إن العلاقة دي اتكررت مع كل جلسة مخدر وخمر، وسامي اللي كان مجرد مدمن مخدرات بقى كمان بيشرب معاها، وسلمى اللي كانت بس بتشرب دخلت عالم المخدرات، وبقوا الاتنين غرقانين مع بعض.
كانت الأم تراقب من بعيد بصمت، كل مرة تشوف سامي وسلمى قاعدين مع بعض أكتر من الطبيعي. النظرات بينهم مش بريئة، الضحكات مكسوفة لكنها طويلة، وكأن في سر بينهم محدش يعرفه. قلب الأم بدأ يضرب بقوة، وحاسة إن في مصيبة جاية.
وفي يوم، وهي داخلة فجأة الصالة لقتهم قاعدين قريبين بشكل ملفت، الكلام قليل بس العيون كلها كلام. الزجاجات فاضية طبق المخدر امامهم سلمى ترتدى بيبى دول وسامى بالشورت فقط
صرخت:
– "إيه اللي بيحصل هنا؟! أنتو قاعدين كده ليه؟!"
سامي اتلخبط، وسلمى وشها ابيض، حاولوا يغيروا الموضوع لكن الأم كانت شاكة من زمان. قربت منهم بعصبية، مسكت سلمى من دراعها:
– "قوليلي يا بنت، إيه اللي بينك وبين سامي؟! جاوبيني!"
سلمي دموعها نزلت فجأة، مكسوفة ومش قادرة ترد. سامي وقف يحاول يهديها:
– "ماما… الموضوع مش زي ما انتي فاهمة."
لكن الأم انهارت، صرخت بصوت عالي مرعِب:
– "لا يا سامي! فاهمة كويس أوي! أنا اللي ربتك… إزاي تعمل كده؟! و إزاي إنتي يا سلمى… دي اختك ! إيه العار ده؟!"
فضلت تضرب على وشها وتصرخ بصوت مسموع للجيران. وبعد ما فقدت السيطرة على أعصابها، لبست الطرحة بسرعة وخرجت من البيت وهي بتبكي، راحت على بيت بنتها الكبيرة هناء، عشان تلاقي حد يسندها من الصدمة اللي وقعت عليها.
تفتح هناء الباب تلاقي أمها واقفة منهارة، شعرها منكوش وعيونها حمراء من البكا.
هناء (بقلق): "ماما! إيه ده؟ إيه اللي حصل؟ تعالي ادخلي جوّه."
تسندها على الكنبة، تجيب لها كوباية ميه، الأم مش قادرة تمسك نفسها، صوتها بيرتعش:
الأم: "هناء… أختك… أختك بتضيع… و سامي معاها… أنا شوفت بعيني! قاعدين مع بعض زي… زي الحرام… مش طبيعية علاقتهم…!"
هناء تتجمد مكانها، الكوباية تقع من إيدها وتتناثر الميه على الأرض.
هناء (مصدومة): "ماما إنتي بتقولي إيه؟! لا لا… إزاي الكلام ده؟"
الأم تنهار وتفضل تضرب على صدرها:
الأم: "يا ساتر يا رب… عيالي ضاعوا… البيت باظ… أنا ماقدرتش أتحمل، سيبتهم وطلعتلك… يمكن إنتي تعرفي تتصرفي."
هناء تمسك إيد أمها بقوة:
هناء: "طب اهدي… اهدي يا ماما. لازم نفكر بعقل. إنتي متأكدة من اللي شوفتيه؟"
الأم تبص فيها بعين مليانة دموع وحسرة:
الأم: "أنا أمهم… وقلبي شاهد… و**** العظيم اللي شوفته مفيهوش شك. سلمى مش في وعيها… وسامي كمان مش فى وعيه استغلها…!"
هناء تسكت لحظة، وشها يتبدل من الصدمة للغضب:
هناء: "خلاص… لو كده لازم أواجههم بنفسي. مش هسيب البيت يولع بالشكل ده."
المشهد: داخل شقة ليلى – الليل
الجو ساكن إلا من صوت التلفزيون اللي شغال في الخلفية بصوت واطي.
سامي قاعد على الكنبة ، ماسك سيجارة ، عيناه حمرا من أثر التعاطي. سلمى قاعدة جنبه عارية ترتدى البنتى فقط ، سكرانه مش قادرة تتحكم في نفسها، كلامها متلخبط وضحكتها عالية من غير سبب.
سامي: (بصوت واطي وهو يراقب الباب)
ماما لسه راجعة بعد شوية، خليكي هادية.
سلمى: (تضحك وهي تترنح)
اهو… اهو يا سامي… أمك مشيت… (تقرب منه وتلمس كتفه بيد مرتعشة) خلاص بقى… نبقى براحتنا… محدش شايفنا.
سامي: (مضطرب، يحاول يبعدها شوية)
بس يا سلمى، إهدي شوية… مش وقته الكلام دا.
سلمى: (ترفع صوتها وهي تضحك بسخرية)
ليه خايف؟ أمك مش هنا… احنا لوحدنا… (تتقرب أكتر وتحاول تبوسه)
سامي: (يتراجع بخوف واضح، يرمي السيجارة بعصبية)
سلمى! إنتي مش في وعيك… حرام عليكي.
سلمى: (عينيها تلمع، صوتها بين الجد والهذيان)
حرام؟ ما إحنا أصلاً غرقانين… (تضحك وتترنح لورا)
(يدخل صوت المفتاح في الباب… هناء راجعة مه امها فجأة)
سامي يقفز واقفًا بسرعة، ووجهه يتجمد من الرعب. سلمى تنهار ضحك وهي مش مدركة الموقف.
هناء دخلت فجأة من غير ما ياخدوا بالهم… وقفت على عتبة الباب متسمرة مكانها.
عنينا اتسعت وهي شايفة سلمى مترنحة، ماسكة إيد سامي وبتضحك بصوت عالي وتقول:
سلمى (بلهجة سُكرانة): "أهو… أمك مشيت… عشان نبقى براحتنا بقى…"
الصدمة مسكت هناء من رقبتها… قلبها وقع، صوتها اتخنق وهي تهمس:
هناء (بصوت مبحوح): "إيه اللي بيحصل هنا؟"
سامي لف بسرعة وهو مرعوب، ساب إيد سلمى فورًا:
سامي: "ماما!… لا لا، مش زي ما انتي فاهمة… هي… هي مش في وعيها."
سلمى فضلت تضحك وتقول بصوت متهدج:
سلمى: "ليه يا ماما؟ هو غلط إني بحبك؟" انا عامله دماغ عنب
الجزء السادس
ليلى حست الدنيا بتلف حواليها… مسكت صدرها كأنها بتاخد نفسها بالعافية.
اتقدمت خطوة والدموع نزلت من عينيها من غير ما تحس:
هناء: "إنت… إنتِ بتقولي إيه يا سلمى؟! وانت يا سامي… إيه اللي سامعه ده؟"
سامي حاول يقرب منها، صوته متلخبط:
سامي: "ماما… أقسم ب****… أنا مليش ذنب… دي سكرانة ومش واعية على اللي بتقوله."
هناء رجعت خطوتين لورا، إيدها بترتعش وهي بتمسح دموعها:
ليلى : "إنتو… إنتو كسرتوا ضهري… ده جزائي؟ بعد ما ربيتكم ؟"
وسكتت فجأة، خدت نفسها بالعافية، وفضلت واقفة تنقل ببصرها بين سامي وسلمى اللي وقعت على الكنبة من السُكر.
هناء وقفت مذهولة، دمها فار من وشها، والدموع محبوسة في عينيها من هول اللي شافته. لمّا استوعبت إن أمها واقفة معاها وعيال سلمى بيعيطوا مرعوبين، مسكت إيد أمها وقالت بصوت مبحوح من الغضب والخذلان:
هناء: "تعالي يا أمي… تعالي بينا… إحنا ملناش مكان هنا خلاص."
بصّت على عيال سلمى اللي كانوا متكورين جنب الحيطة، محتارين وعيونهم مرعوبة، مدت إيديها ليهم وقالت:
هناء: "يلا يا حبايبي… تعالوا معايا… مفيش حد هنا ينفع يبقى سند ليكم."
هند اللي كانت واقفة متحجرة من المنظر قربت بسرعة، مسكت إيد أختها وهي بتترعش:
هند: "معاكي يا هناء… معاكي في أي قرار."
هناء ما بصّتش وراها تاني، ما دتش فرصة حتى تسمع صوت سلمى ولا تشوف نظرة سامي. شدت أمها وعيال سلمى وهند، وخرجوا من الشقة بسرعة. الباب اتقفل وراهم بصدمة، صوت الحديد وهو بيخبط كان كأنه بيسد الستار على آخر علاقة بينهم.
هناء نزلت السلم بخطوات سريعة، صدرها بيوجعها لكن قلبها متماسك. أول ما وصلت الشارع، بصّت لفوق للشقة وقالت بين نفسها:
"خليهم يغرقوا في الوحل اللي اختاروه… أنا مش هرجع تاني."
(المكان: شقة سلمى – الليل – موسيقى عالية – إضاءة خافتة ملونة)
سلمى مترنحة على الكنبة، ماسكة كاس وبتضحك ضحكة عالية مالهاش معنى. سامي جنبها، عينه عليها فيها استغلال أكتر من أي حاجة تانية.
سلمى (بصوت متهدج وهي ترفع الكاس):
أحسن… أحسن إنهم مشيوا… مش ناقصة غم ولا حد يفصلني دلوقتي. أنا مبسوطة… مبسوطة أوي… وعاملة دماغ عظمة.
سامي (مبتسم بخبث وهو يقرب منها):
بالظبط، كده تمام. الليلة ليكي… مفيش حد يضايقك… مفيش غيرنا.
سلمى (تغمض عينيها وهي تضحك):
إحنا… إحنا بس… والباقي في ستين داهية.
بص بقى انا عايزة احتفال يليق بالدماغ دى تنيكنى نيكة محصلتش اوعى تجبهم الا لما اقولك
سامى (متعجبا )
بس كده دانا حافشخك يا لبوه
المشهد التالي:
سلمى تدخل الشركة متأخرة، خطواتها سريعة بس شكلها باين عليه السهر والإرهاق، عينيها حمرا، وريحة البرفان قوية جدًا كأنها بتحاول تغطي على أي أثر من الليلة اللي فاتت. لبسها ملفت أكتر من اللازم بالنسبة للمكان، وده يخلي الموظفين يبصوا عليها باندهاش وهمسات جانبية.
فجأة يوقفها شادي بابتسامة متوترة:
شادي: "إيه يا سلمى… في إيه؟ إنتِ كده مش مظبوطة خالص، وبصراحة شكلك ملفت زيادة…"
سلمى (ببرود ومزاج مش مركز): "مالك إنت يا شادي؟ هو أنا داخلة عرض أزياء؟!"
شادي (يخفض صوته): "الموضوع مش كده… صفوت من امبارح متنرفز على غيابك، والنهارده أول ما شافك قال بالنص: 'الغياب المتكرر واللبس اللي مش مناسب ده… يا ترجع تظبط نفسها يا هتاخد جواب فصل'."
سلمى تضحك بسخرية وهي ترفع حواجبها:
سلمى: "يفصلني؟! ده يحمد **** إني لسه واقفة هنا وبشتغل معاه!"
شادي يقرب منها أكتر، صوته حازم:
شادي: "أنا بكلمك جد يا سلمى… شكلك ما ينفعش قدام الإدارة، ولازم تلحقي نفسك قبل ما تضيع منك."
كانت سلمى لا تتذكر ان صفوت حضر لمنزل شادى ونام معها وهى مخدرة فاستغل شادى هذا الامر
سلمى وقفت قدام شادي وهي متوترة، عينيها كلها قلق:
– "يعني هو فعلاً عايز يرفدني؟"
شادي هز راسه بأسلوب جاد:
– "أيوه يا سلمى ، الراجل بدأ يتضايق جدًا من غيابك، ومش أي حد ممكن ينقذك غير أنا."
سلمى ابتلعت ريقها بصعوبة:
– "طب أعمل إيه دلوقتي؟"
ابتسم شادي ابتسامة مريبة وقال:
– "بسيطة... النهاردة على الغدا، هعزم صفوت عندي، وإنتي هتكوني موجودة. كلمتين منك في الوقت الصح وأنا هخلصلك الموضوع."
سلمى بصت له بخوف:
– "يعني لازم أروح؟"
قرب منها وقال بصوت واطي:
– "دي فرصتك الوحيدة، صدقيني... لو ضيّعتيها مش هتلاقي شغل بسهولة بعد كده."
هي وقفت ساكتة، جواها شعور بالانقباض، بس في نفس الوقت كانت حاسة إنها اتزنقت ومش قادرة ترفض.
سلمى وقفت فجأة وقالت بابتسامة خفيفة:
سلمى: "أنا هستأذن دقايق أظبط الميك أب قبل ما ييجي صفوت."
شادي مد إيده وطلع من جيبه تذكرة صغيرة من البودرة، ومدهالها وهو يقول:
شادي (بصوت واطي): "خدي دي… بس بلاش تشربي كتير دلوقتي. صفوت ما يعرفش عن حياتك حاجة، ومش عاوز ياخد فكرة إنك مستهترة."
سلمى مدت إيدها وخدت التذكرة بسرعة، عينيها كان فيها بريق راحة واحتياج. قربتها من وشها وقالت وهي بتتنهد:
سلمى: "كفاية عليا دي… أنا كنت محتاجاها أوي."
وبصت لنفسها في المراية اللي على الحيطة، ابتسمت ابتسامة وراها تعب وإدمان، ثم دخلت الأوضة الجنبية وهي مقفولة على نفسها.
صفوت يدخل عند شادي هو عارف انه مش غدا عادي، لكن فجأة سلمى تظهر بلبس ملفت، متزينة زيادة، ومبين جدًا إنها مش في حالتها الطبيعية. خطواتها مش ثابتة، نظراتها مش مركزة، وضحكتها فيها نشوة غريبة.
شادي يحاول يبان عادي وهو يعرف كويس إيه اللي حاصل، ويبتدي يقدّمها لصفوت:
– "دي سلمى.. كانت مترددة الأول بس أنا قلتلها إنك لازم تشوفها بعينك."
صفوت يقعد مصدوم من جرأتها، وهي تقرب منه، كلامها متقطع وكأنها بتطير من الواقع. في اللحظة دي، صفوت يبقى في صراع داخلي: منبهر من جمالها وانطلاقها، لكن مرعوب من الواضح إنها مش واعية لنفسها.
الجو العام يبقى فيه توتر: الأكل محطوط عالترابيزة، بس مفيش حد مهتم، لأن الحوار والشحن النفسي مسيطرين.
صفوت وهو بيقطع حتة لحمة صغيرة، يرفع عينه يبص لها ويقول بابتسامة مكسورة:
"بسم **** ما شاء **** يا سلمى… الجمال ده معقول؟ ده حتى الضحكة منك زي الورد المفتّح."
شادي يضحك وهو يلمّح لصفوت:
"ما هو يا باشا … هي خلاص، مش حتغيب عننا تاني كتير. أيام السفر والغياب راحت، دلوقتي إحنا مع بعض على طول."
سلمى، وهي قاعدة عالكرسي، ضهرها مفرود ودماغها مرفوعة لفوق، تضحك بصوت خفيف متقطع، ضحكة أقرب للسكران منها للطبيعي. إيديها مش ثابتة، تلعب بالشوكة والسكينة كأنها مش عارفة تستخدمهم. الأكل قدامها زي ما هو، يمكن خدّت لقمتين صغيرين وبس.
صفوت يمد عينه عليها، مبهور وساحر في نفس الوقت، وكأنه مش شايف غيرها.
شادي يراقبها بنظرة فيها فخر واطمئنان، كأنه عايز يقول: "شايف، أنا السبب في الحالة دي."
أما هي… كأنها في عالم تاني تمامًا. ضحكتها طالعة من بعيد، عينها فيها بريق غريب، ومشغولة بلهو داخلي أكبر من اللي حواليها.
بعد ما الجو على السفرة يبقى مليان ضحك من صفوت، وهيّا بتضحك ومش مركزة في الأكل خالص، يقوم شادي يلمح عليها:
– "إيه يا سلمى ؟ شكلك مرهق… تعالي جوه ارتاحي شوية."
الجملة تتقال بنبرة كأنها نصيحة رقيقة قدام الكل، بس في عينيه في لمعان خفي، كأنه هو الوحيد اللي فاهم سر ضحكها وانشغالها.
سلمى تتسمر لحظة، تبص له بسرعة وكأنها بتقول "أنا كويسة"، لكن من جواها مستسلمة، تقوم تهز راسها بخجل وتقوم من على السفرة.
صفوت يراقب الموقف بنص عين، مستغرب ليه سلمى مطيعة أوي في اللحظة دي.
وسلمى تمشي جوه، ضحكتها لسه متعلقة في الهوى، وهي مشية بخطوات خفيفة كأنها عايزة تسيب وراها أي عقل أو قيود.
سلمى دخلت الأوضة، كانت لسه مشوشة من التعب والدوخة اللي حسّت بيها على السفرة. الغرفة ريحتها غريبة شوية، مزيج من عطر ثقيل ودخان خفيف. أول ما قعدت على الكرسي الجانبي، شادي قرب منها وقال بنبرة ناعمة:
"إنتي محتاجة تسترخي… أنا جايبلك مفاجأة هتخليكي تنسي أي حاجة مضايقاكي."
هي رفعت عينيها له، فيها خوف بسيط، وقالت:
"مفاجأة إيه يا شادي؟ أنا مش ناقصة."
هو ضحك بخبث، قاعد جنبها، وبص حواليه كأنه بيطمن على حاجة. فجأة خبط حد على الباب خبطة خفيفة، شادي قام وفتح، ودخل صفوت. كان لابس شيك زيادة عن اللزوم، ريحته نفاذة، وابتسامته فيها استهتار واضح.
سلمى قامت بسرعة وقالت بصوت عالي شوية:
"إيه ده؟ إنت جاي ليه هنا؟"
شادي مد إيده يهديها وقال:
"اهدي يا حبيبتي… صفوت معجب بيكى من زمان وجاي يقعد معانا شوية، يمكن يسلّيكى، يغير جوك."
هي رجعت خطوة لورا، قلبها بدأ يدق بسرعة. حسّت إن في حاجة غلط، خصوصًا مع نظرة صفوت اللي كانت مسلطة عليها بشكل مريب. شادي قعد تاني وهو بيبصلها ببرود:
"أنا مش بعمل كده غير عشانك… إنتي محتاجة تجربة جديدة، حاجة تخرّجك من اللي إنتي فيه."
سلمى وهي قاعدة عالسرير، شعرها مبلول من العرق ووشها شاحب، تبص لشادي بعينين غرقانين في الدموع:
"أنا خلاص... ضعت يا شادي. أنا مش قادرة أقاومك ولا حتى أقاوم نفسي. بقت كل حاجة جوايا ميتة... أنا إنسانة بلا روح."
شادي يقرب منها، يمسك إيدها ويضحك بخبث وهو يحسس إنها استسلمت تمامًا:
"إنتي مش ضايعة يا سلمى... إنتي لسه في البداية. في حاجات كتير لسه ما جربتيهاش... ولسه في ناس ممكن يفهموكي أكتر مني كمان."
سلمى ترفع عينيها باستسلام كامل، مفيش فيها أي رفض أو مقاومة:
"خلاص... أنا تحت أمرك. أعمل اللي إنت عايزه."
هنا شادي يبتسم ابتسامة رضا، يخرج بره ثواني ويرجع ومعاه صفوت... يدخل وهو شايل كوباية ويسلم عليها ببرود، كأن الموضوع عادي جدًا.
صفوت يقرب منها بتودد … انا مش حاعمل حاجه الا لو انتى وافقتى وكنتى عايزة كده اكتر منى لو مش عايزة انا حامشى دلوقتي ومش زعلان على فكرة
سلمى… طب ممكن تسيبنى شويه اجهز
كانت تذكرة المخدر لها مفعول السحر عليها جعلتها ترتمى فى حضن صفوت ليدخل صفوت يجدها فى كامل مكياجها ترتدى بيبى دول اسود شفاف وتضحك بشده
ظل يقبلها قبله رومانسية
كان صفوت سعيد بتجاوبه معه عكس المرة السابقة وسلمى رأت فيه شخصية رومانسية جدا فى العلاقة لم تجدها فى امجد طليقها ولا سامى اخوها ولا شادى
كان مفعول المخدر مهدئ لها ولكن صفوت اظهر براعة فائقة رغم ان قضيبه متوسط ليس ضخم ولا طويل لكنه اثبت انه ليس بالحجم كانت تئن سلمى تحته كان يتقن فنون الجنس ببراعه جعلها تؤتى مائها اكثر من مرة ليؤتى شهوته وينام فى حضنها حتى الصباح
المشهد – بيت هناء
(الأم قاعدة قدام هناء، باينة مكسورة وقلقانة، هناء بتحاول تفكر معاها. هاني جوزها قاعد ببرود وهو مش متقبل الفكرة.)
الأم:
أنا مش عارفة أعمل إيه معاها يا هناء… سلمى بتضيع من إيديا كل يوم أكتر.
هناء:
(تفكر) بصي… مفيش غير إنك تجيبيها هنا عندي.
نحبسها شوية… نمنع عنها كل حاجة. يمكن تفوق وتنسى.
هاني:
(معترض بعصبية) لأ! لأ طبعًا.
الأشكال دي متدخُلش بيتنا.
إحنا هنجيب بلاوي برجلينا؟!
الأم:
(مصدومة) أشكال إيه يا هاني؟ دي بنتي… بنتي يا ابني!
هاني:
(بحدة) ماشي… تبقى بنتك، بس أنا ماليش دعوة.
أنا مش هسيب مراتي ولا بيتي يتلوث بمشاكلها.
يا حماتى افهمينى انا قصدى ان الاعراض الانسحاب صعبه اوى احنا مش حنقدر عليها زى انهم بيربطوها بيدوها مهدئات وكل ده مش هنا غير بقى الاولاد حيخافو جدا من منظرها حتبقى زى الوحش الهائج
هناء:
(تحاول تهدي) هاني… دي أختي بردو. مش معقول نسيبها كده تنهار.
هاني:
(قاطحها) خلاص يا هناء، أنا قولت. الموضوع انتهى.
الأم:
(دموعها تنزل، واقفة بتزعل) ماشي يا هاني…
أنا مش هقعد في بيت يتقال فيه على بنتي "أشكال"!
أنا ماجيتش هنا عشان أتهان.
(الأم تمسك شنطتها بسرعة وتخرج، وهناء تفضل واقفة متوترة تبص لجوزها بغيظ.)
خرجت الام من بيت هناء ومعها هند واطفال سلمى وكأن خطواتها ليست لها، تتمايل كالمخدّرة، تحمل بين ضلوعها ثِقلاً يوشك أن يفتتها. وقفت للحظة عند باب الشقة، نظرت إلى هناء ثم إلى هانى ، لكن عينيها لم تستطع الثبات على وجوههم… شعرت أنها غريبة عنهم، عن نفسها، عن العالم كله.
لم تنطق بكلمة، فقط التقطت حقيبتها الصغيرة ورحلت مسرعة، تائهة في شوارع الليل، كأنها تهرب من نفسها قبل أن تهرب منهم.
وخرجت من بيت هناء من غير ما تبص وراها.
خطواتها كانت متخبطة، شبه حد تايه في الشارع، لحد ما وصلت عند باب ندى بنت خالتها. وقفت دقيقة قدام الباب، قلبها بيدق بسرعة، بتسأل نفسها: "أقولها؟ أفضفض؟ ولا أسكت زي ما كنت بعمل طول عمري؟"
وصلت إلى بيت بنت خالتها ندى، طرقت الباب بأنامل مرتجفة، وما إن فتحت ندى حتى ارتمت في حضنها باكية.
احتضنتها ندى بقلق، حاولت أن تفهم منها شيئًا، لكن سلمى لم تكن قادرة على الشرح. فقط أرادت حضنًا لا يسأل.
الجزء السابع
في داخلها، كانت تعرف أن بيت ندى ليس أمانًا كاملًا، فزوجها علاء رجل لا يمل من مد يده على كل أنثى، تتذكر جيدًا لمسات عابرة لسلمى … لمسات غريبة مع هناء… ونظراته لها هي شخصيًا. كل ذلك يصرخ بداخلها، لكنها الآن كالغريق الذي يتمسك بأي قشة، حتى لو كانت هذه القشة مليئة بالأشواك.
بسرعة ندى فتحت الباب وهي مبتسمة:
– ليلى! إيه ده؟ إنتي منورة فجأة كده.
ليلى حاولت ترسم ابتسامة مصطنعة وقالت بصوت مبحوح:
– ممكن أدخل يا ندى؟
"أنا ضعت يا ندى… أنا إنسانة بلا روح."
ندى حست إن فيه حاجة، وشدت إيدها ودخلتها بسرعة:
– تعالي يا حبيبتي، شكلك تعبانة.
ليلى قعدت على الكنبة، ومن غير مقدمات، الدموع نزلت على خدها. قالت بصوت مهزوم:
– يا ندى… أنا ضعت. بجد أنا ضعت. مش لاقية نفسي.
ندى اتفاجئت، وقربت منها وحطت إيدها على كتفها:
– ضيعك مين يا ليلى؟ قوليلي، إيه اللي حصل؟
ليلى بصت لها بعينين فيها كسرة وألم:
– سلمى بنتى بتضيع عالطول سكر وبترجع سكرانه والمصيبة بقت بتاخد مخدرات مع سامى وشفته معاها وفى حضنها عريانين
ندى شهقت وبصت لها بصدمة:
– إنتي بتقولي إيه يا ليلى؟!
ليلى نزلت دموعها أكتر، ورفعت وشها وقالت:
– آه يا ندى، أنا إنسانة بلا روح.
ندى شهقت ورفعت إيدها على وشها:
ــ "إيه الكلام ده يا ليلى! إنتي متأكدة؟"
ليلى بعيون دامعة:
ــ "أكتر من متأكدة.. وأنا خايفة.. وخايفة أتكلم. بس خلاص، مش قادرة أتحمل."
ندى شدت إيديها بكل قوة:
ــ "بصي يا ليلى.. لو الكلام ده صحيح، لازم نلاقي حل.. وميكونش الصمت. إنتي مش لوحدك. أنا معاكي.. وهقف في ضهرك مهما حصل."
سلمى صحيت من النوم على صوت ضربات قلبها، رأسها بيخبط كأنه طبول، عرق بارد نازل من جبينها، وإيدها بتترعش وهي بتدور حواليها. لقت نفسها لوحدها في الشقة، الكوبايات الفاضية والريحة النفاذة للخمرة لسه مالية المكان.
قامت تمشي مترنحة، ماسكة راسها، وبتقول بصوت واطي متقطع:
"أنا… أنا بموت… محتاجة… أي حاجة دلوقتي."
قربت من الترابيزة، قلبت بإيديها وسط الفوضى، يمكن تلاقي حاجة فاضلة. مفيش غير فتافيت بودرة على طبق زجاج صغير. حاولت تجمعها بأي طريقة وتحطها على لسانها، لكن مفعولها ماكانش كافي.
جلست على الأرض تبكي بحرقة، ضهرها ملزوق في الكنبة، صوتها بيتكسر:
"أنا بقت ولا حاجة… جسمي بيصرخ… يا رب… أنقذني…"
في اللحظة دي، الموبايل رن. كان اسم "شادي" ظاهر، لكن هي ماقدرتش ترد. كل اللي قدرت تعمله إنها تشد شعرها وتصرخ، لأن الصداع والإحتياج سيطروا عليها بشكل مرعب.
كانت سلمى إيدها بتترعش وهي ماسكة كباية فاضية، بتبص حواليها تدور على أي حاجة تسد بيها الاحتياج اللي بيأكلها من جوه.
تقوم بخطوات مهزوزة ناحية المطبخ، تفتح الدولاب العلوي، تلاقي زجاجة ويسكي نصها فاضي.
تمسكها بسرعة، تفتح الغطا بسرعه من كتر الارتعاش، وتصب في الكباية من غير ما تحسب.
تشرب جرعة كبيرة مرة واحدة…
تسعل بقوة، دموعها تنزل من الحرقة، بس بعد ثواني تحس بسكينة مؤقتة…
تضحك ضحكة باهتة وتقول بصوت واطي:
– "مافيش غيرك دلوقتي… مافيش غيرك."
ترمي نفسها على الأرض، والزجاجة في إيدها، وتكمل شرب كأنها بتحاول تطرد الألم اللي جواها.
كانت سلمى تتقلب فوق الأريكة في صالون شقة شادي، عرق بارد يغطي جبينها، والصداع يمزق رأسها كالسكاكين. جسدها يصرخ طلبًا للجرعة، لكن لا شيء أمامها سوى زجاجات الخمر الفارغة. مدت يدها المرتعشة لزجاجة نصف ممتلئة، رفعتها بشراهة، شربت حتى كادت تختنق، علّ الكحول يسكّن ذلك العذاب… لكن الألم ظلّ ينخرها.
انزلقت على الأرض وهي تأنّ، تبكي بهستيريا متقطعة:
"عايزة… عايزة… دلوقتي!"
وفجأة، انفتح باب الشقة بقوة. دخل شادي يتبعه صفوت، نظراتهما تحمل خليطًا من الغضب والشماتة. وقفا للحظة يراقبانها وهي تزحف باتجاههما وكأنها **** تستجدي الرحمة.
اقترب شادي منها بخطوات واثقة، رفعها من ذراعها وهو يبتسم ابتسامة باردة:
"بسرعة قوي وقعتِ؟… لسه بدري يا سلمى."
أخرج كيسًا صغيرًا من جيبه، ومرر الجرعة بين أصابعه أمام عينيها كمن يلوّح بجائزة. ارتجف جسدها كله، مدّت يدها تستجدي:
"أرجوك… اديني… مش قادرة."
ابتسم شادي ابتسامة نصر وهو يهمس:
"هتاخدي… بس لازم تدفعي التمن."
ألقى إليها بالجرعة بعد أن تأكد أن صفوت يراقب المشهد بشهية. لم تمضِ دقائق حتى غاب وعيها بين السُكر والمخدر، ليتركها بين أيديهم ألعوبة سهلة… يستغلان ضعفها أبشع استغلال، بلا رحمة ولا شفقة، وكأن إنسانيتها قد مُسحت تمامًا.
رجعت سلمى في نص الليل، خطواتها متقطعة، عينيها محمرة وجسمها مترنّح من التعب. كانت بايتة يومين بره البيت.
فتح لها سامي الباب وهو لسه راقد على الكنبة، علبة السجائر جنب منه وبواقي البرشام مرمية حوالينه. رفع عينه بصعوبة وقال بصوت متكسر:
– "كنتي فين؟"
جلست قدامه، شعرها مبعثر ووشها شاحب. ما استحملتش تكتم جوّاها، هو الوحيد اللي تقدر تحكيله. بصتله وقالت:
– "سامي… أنا كنت مع صفوت… عمل فيا حاجات مكنتش متخيلة أعيشها… استغلني، كسرني، وأنا كنت ضعيفة."
سامي فضل ساكت، بيهز رجله بعصبية من أثر السكة. عينيه زائغة، بيبص لها بس من غير ما يلاقي جوا نفسه رد. حاول يبلع ريقه، وبعدين طلع ضحكة صغيرة مش مفهومة وقال:
– "الدنيا كده… كلنا ضايعين."
سلمى دموعها نزلت، كانت محتاجة كلمة تطبطب عليها، بس لقت قدامها أخوها عاجز، مسجون في إدمانه. هو أقرب إنسان ليها، بس مش قادر ينقذ نفسه ولا حتى ينقذها.
كانت عزيزة لسه ماسكة الكوباية في إيدها، بتحاول تفهم إزاي حياتها اتغيرت للدرجة دي. بصّت لسامي، لقت عينه زائغة وصوته واطي. فجأة لقت على الترابيزة قدامها حاجة شبه التلج، متكتلة وبتلمع تحت النور الخافت. اتجمدت مكانها وقالت بارتباك:
– "إيه ده يا سامي؟"
سامي رفع عينه عليها ببطء، ابتسامة مش طبيعية على وشه، وقال بصوت متقطع:
– "واحد صاحبي جابهولي… ده مخدر جديد… اسمه آيس."
سلمى اتنفضت من الكلمة، قلبها وقع، حاولت تلاقي رد أو تصرخ، لكن لقت سامي ممدد وملوش أي إرادة، كأنه مستسلم تمامًا، عاجز حتى يبرر.
سامى وهو ماسك الكيس الصغير الشفاف، بيوريها البلورات البيضا اللي شبه التلج:
سامى (بحماس مغري): بصي يا سلمى… ده مش أي حاجة، ده اسمه آيس. أحسن من البودرة، وأحسن من الخمرة كمان. بيديك قوة ونشوة، ومابيهدكش ولا يكسرك زي الحاجات التانية.
بتبصله مترددة، عينيها فيها خوف وفضول في نفس الوقت:
سلمى: آيس؟! أول مرة أسمع عنه… هو مش خطر؟
يقرب منها بابتسامة ماكرة:
سامى: خطر؟ بالعكس، ده اللي جابهولي صاحبي من برة. بصي، أنا مردتش أجربه لوحدي. قلت لازم أول تجربة تبقى معاك إنتي… نعيش اللحظة سوا.
بتسكت لحظة، قلبها بيدق بسرعة، وفي عقلها بتمر كل الصور: لحظات سعادة زائفة معاه، الألم اللي كانت بتحاول تنساه بالخمرة، وحس المغامرة اللي بيشعلها كلامه.
سلمى (بهمس): طب… نجرّب.
ابتسامته بتتسع، وبيبدأ يجهز الجرعة الأولى، وهي بتقرب أكتر كأنها داخلة في دوامة جديدة من غير رجعة.
سلمى تبصّ للكيس بخوف ممزوج بفضول، إيدها بترتعش وهي بتقرب. الغرفة حواليهم ضلمة إلا من لمبة خافتة، والدخان اللي مالي الجو يخلي الصورة كلها باهتة ومخنوقة.
سلمى (بصوت متردّد): "يعني… ده آخر حاجة ممكن ننجر وراها؟"
سامي يضحك ضحكة قصيرة بس فيها لمحة قسوة:
سامي: "ده مش آخر حاجة… ده البداية."
تسكت لحظة طويلة، وبعدين تمد إيدها بتبطّؤ، صوت دقّات قلبها كأنه بيملأ المكان. وهي بتلمس المخدر لأول مرة، تركز على عينيها اللي فيها لمعة خوف… كأنها بتشوف بوابة سودة مفتوحة قدامها، مش عارفة لو رجوع منها ممكن.
سامي وهو ماسك الكيس الصغير:
– "بصي يا سلمى، الإيس ده غير أي حاجة تانية. أحسن من البودرة وأجمد من الخمرة بكتير. بيخليك فوق، صاحي، دماغك صافية ومافيش نوم ولا كسل… كله طاقة وحماس. مش زي الهيروين اللي بينيمك ويكسر جسمك ويخليك شبه ميت."
سلمى مترددة، عينيها فيها قلق بس صوت سامي كان واصل لآخر نقطة ضعف عندها.
– "أنا ماقدرش أخده لوحدي، كنت مستنياك، لازم نجربه سوا."
هزّت رأسها بالموافقة، وكأنها بتوقع على حكم غيابي ضد نفسها.
أول نفس أخدوه مع بعض كان البداية. إحساس غريب، نار بتجري في العروق، دقات قلب سريعة كأنها طبول حرب، عرق بارد، وضحكة هستيرية من غير سبب. سلمى حسّت إنها طايرة، دماغها مش ثابتة على أرض، كأنها فجأة فوق العالم كله. وسامي كان بيتمايل وهو بيضحك ويقول:
– "شايفة؟ ده الصح، ده اللي يخليكي تحسي إنك عايشة بجد!"
سلمى . انت لو تشوف صفوت عمل ايه يا لهوى فنان نيك ولا لما صحيت جسمى بيتقطع مالنعب عشان شمه جه شادى وصفوت جابولى تذكرة وناكونى مع بعض اول مرة اجرب الزبرين مع بعض طيزى اتفشخت
سامى . ورينى كده
سلمى: سخنت صح عايز تنكنى الصراحه البتاع ده مخلينى طايره ونفسي اتناك
لكن الحقيقة إن الطريق من اللحظة دي كان مظلم. الإيس صحيح بيخليهم صاحيين ساعات طويلة ويدّيهم نشاط وهمي، لكنه بيسحب منهم كل لحظة راحة، كل خيط أمان. مش زي الهيروين اللي بيوقع الواحد في غيبوبة، ده بيفتح عينك على هاوية أوسع، يخليك تسهر أيام من غير نوم، تهلوس وتشوف اللي مش موجود، ويخلي الجسم يتحرق من جوه ببطء.
الضحك اللي ملأ القوضة كان باين من بره كأنه فرحة، لكن جواهم كان بداية الانكسار.
سلمى صحيت الصبح بدري على غير عادتها، قامت من السرير بخفة، فتحت الشبابيك، الشمس دخلت أوضتها وكأنها بتعلن بداية جديدة. لبست بسرعة، وشربت قهوة وهي مبتسمة… حسّت إنها أخيرًا رجعت تبقى "هي".
رجعت شغلها بنفس طاقة زمان، عينيها فيها لمعة غريبة، كل حاجة بتعملها بسرعة وإنجاز. زمايلها في المكتب استغربوا من حماسها المفاجئ.
لكن اللي محدش عارفه… إن النشاط ده مش حقيقي. ده مجرد وهم كيميائي بيتولد في دمها.
الـ"آيس" – زي ما بيقولوا – بيخلي المخ يفرز كميات هائلة من الدوبامين، إحساس لحظي بالنشوة والطاقة، لكن الجسم في الحقيقة بيُستنزف.
على العكس من الهيروين، اللي بيخلي الواحد ينغمس في خدر وكسل، الآيس بيدي اندفاع ونشاط زائف… وكأنك ماشي بسرعة جنونية في طريق مظلم، من غير ما تلاحظ إنك بتقترب من منحدر خطير.
في صباحٍ عادي، جلست سلمى على مكتبها بين الملفات والتقارير، وجهها يبدو أكثر إشراقًا من المعتاد، وحركتها أسرع قليلًا مما ألفه زملاؤها. كانت تبتسم بلا سبب واضح، وكأن طاقة غامضة تسري في عروقها.
لكن بينما كانت تشرح لنَدَى بعض النقاط، توقفت فجأة. جملتها انقطعت في منتصفها، وعيناها ثبتتا على ورقة فارغة أمامها كأنها ترى فيها شيئًا لا وجود له. لحظة صمت مرت ثقيلة، قبل أن ترمش سريعًا وتضحك بخفة متصنعة، وكأنها تحاول إخفاء الشرود.
ندى رفعت حاجبها بقلق:
– "سلمى، إنتي كويسة؟"
سلمى أومأت بسرعة، وهي تلتقط القلم وتعود لعملها، لكن يدها ارتجفت لحظة على الورق. ابتسمت ابتسامة واهية وقالت:
– "آه.. تمام، يمكن بس سرحت شوية."
ومع أن الموقف مرّ عابرًا، إلا أن أثره ظلّ معلقًا في الجو، كوميض خاطف يعلن بداية شيء أكبر قادم.
رفعت سلمى الهاتف بيد مرتجفة، كانت أنفاسها سريعة كأنها تسبق الكلمات. ضغطت على الرقم وحين سمعت صوت أمها المرتبك على الطرف الآخر، انفجرت:
"إزاي سبتيـنا؟! إزاي كنتي واقفة بتتفرجي علينا وإحنا بنتكسّر من غير ما تمدي إيدك؟! كنا محتاجين حضنك، مش دموعك!"
صوتها علا حتى صار كالصراخ، تختلط فيه المرارة بالغضب، بينما على الجانب الآخر لم يُسمع سوى بكاء مكتوم، متقطع، كأن الأم تحاول الكلام لكن الدموع خانتها.
زاد صراخ سلمى وحدة كلماتها:
"أنا مش عايزة أعذار! ولا عايزة أسمع إنك كنتي ضعيفة! إحنا اللي اتحملنا كل حاجة… وإنتي كنتي فين؟!"
ظل البكاء يتردد في سماعة الهاتف، صامتًا في عجزه، مدويًا في أذن سلمى كأن كل دمعة صفعة.
ومع آخر كلمة، أغلقت المكالمة بحدة، لتبقى واقفة في العتمة، والهواء الثقيل يضغط على صدرها، بينما صدى بكاء أمها ما زال يطاردها.
داخل شقة "ندى" و"علاء". الإضاءة هادئة، الساعة متأخرة. "الأم" جالسة على الكنبة، ملامحها منهارة والدموع تنساب على وجهها. "ندى" بجانبها تمسك يدها في محاولة للتهدئة، بينما "علاء" يجلس قريبا أكثر من اللازم.
بعد ما خلصت المكالمة، جلست أم سلمى عند ندى وهي مش قادرة تتحمل دموعها. علاء كان قاعد معاهم، بيظهر تعاطف مصطنع. حاول يواسيها بكلمات هادئة:
ـ "خليكي قوية، بكرة الأمور هتهدى."
لكن يده كانت بتتسلل بحذر، يلمس كتفها ثم ذراعها بحجة المواساة، وهي في حالة انكسار مش واخدة بالها إنه بيتعمد اللمس.
وفي اللحظة دي، وهو بيشوفها غرقانة في دموعها، قفز لعقله فكرة شيطانية. ابتسم ابتسامة خفيفة ما لفتتش نظر حد، وقال بنبرة جدية:
ـ "بصوا، أنا هروح لسامي وسلمى، يمكن لو كلمتها تراجع نفسها، يمكن تلين شوية."
لكن داخله، كان الهدف الحقيقي مختلف تمامًا... هو ما كانش رايح يصلح، كان رايح يجرّب إزاي يوقع سلمى في فخه.
الأم (بنبرة مكسورة): "بنتي بتزعقلي يا ندى... دي بتقول إني أنا السبب في وجعهم... أنا؟ أنا اللي ربيتهم وسط نار، وكنت بحاول على قد ما أقدر!"
ندى (تربت على كتفها): "معلش يا طنط، سلمى مضغوطة... مش قصدها تجرحك."
الأم (تضع يديها على وجهها وتبكي بحرقة): "بس وجعتني... حسيتني إني قليلة... وأنا ما استاهلش منهم كده."
(هنا "علاء" يمد يده ببطء ليمسك كتف الأم بحجة المواساة، لكن لمسته فيها زيادة عن الحد الطبيعي، وكأنها متعمدة. الأم غارقة في دموعها، مش منتبهة خالص، تسيبه من غير ما تلاحظ. "ندى" مركزة في تهدئة ليلى ، مش واخدة بالها من حركة زوجها.)
علاء (بصوت واطي وهادئ): "انتي ست عظيمة يا طنط... محدش يقدر يقلل منك... كله هيعدي، صدقيني."
(الكاميرا تركز على يده وهي ثابتة على كتفها لحظة أطول من الطبيعي، كأن في لمسة مش بريئة. الأم تظل تبكي، من غير ما تلاحظ. ندى ما زالت مشغولة بالكلام معاها.)
علاء، بعقله الملتوي، قفزت إلى ذهنه فكرة ماكرة. تظاهر أمام الجميع بأنه يريد زيارة سامي وزوجته سلمى للحديث في بعض الأمور البسيطة، لكن داخله كان يخفي نية أخرى أكثر سوادًا.
قرر أن يستغل نقطة ضعف سلمى التي يعرفها جيدًا: إدمانها على الشراب. اصطحب معه زجاجة خمرة فاخرة ملفوفة بعناية، كهدية ظاهرها المجاملة والود، وباطنها فخ منصوب بعناية.
وقف أمام باب منزل سامي، وعلى وجهه ابتسامة مصطنعة، يخفي وراءها نواياه الدنيئة. ضغط على الجرس، وفي قلبه شهوة متأججة ممزوجة بخبث شيطاني، ينتظر اللحظة التي ينفرد فيها بسلمى ليوقعها في شَرَكه.
دخل علاء البيت وهو يحمل في يده زجاجة أنيقة مغلفة بورق فضيّ، ابتسامة ماكرة ترتسم على وجهه. ما إن دفع الباب حتى لاحظ أن المنزل بدا غير مرتب؛ الكراسي متناثرة، ستائر نصف مغلقة، وطاولة القهوة مليئة بأكواب فارغة وبقايا سجائر.
سلمى اندفعت نحوه بسرعة، تحتضنه بترحاب شديد، ورائحة الخمر تسبق كلماتها.
قالت بصوت مبحوح وابتسامة واسعة:
ـ "إيه المفاجأة الحلوة دي يا علاء؟! نورت البيت."
أما سامي، فاقترب بخطوات متثاقلة وهو يحاول أن يبدو مهذبًا رغم الشرود الظاهر في عينيه، مدّ يده لمصافحته قائلاً:
ـ "أهلاً يا صاحبي، زمان عنك… تفضل، البيت بيتك."
علاء رفع الزجاجة في يده بابتسامة متعمدة:
ـ "قلت أجيبلكم حاجة صغيرة… عارف إنكم بتحبوها."
عين سلمى تلألأت لحظة رأت الزجاجة، وانعكس في ملامحها مزيج من اللهفة والامتنان، بينما سامي اكتفى بابتسامة باهتة وهو يزيح بعض الأكواب عن الطاولة ليجلس ضيفه.
جلسوا حول الطاولة، والزجاجة في منتصفها كأنها ضيف ثقيل.
مدّ علاء يده بثقة، صبّ كأسًا صغيرًا لنفسه، ثم ملأ كأس سامى حتى الحافة، وأخرى لسلمى.
ابتسم بخبث مخفي:
– "خلّينا نفرّغ شوية هموم من دماغنا."
رفع سامى الكأس بارتباك، أما سلمى فقد أخذته بلهفة.
كان علاء يكتفي برشفات خفيفة بالكاد تُبلل شفتيه، بينما يُعيد ملء كأسهم كلما فرغت بسرعة.
الدقائق مرت، وسلمى بدأت تفقد توازنها شيئًا فشيئًا، الكلمات تتعثر، الضحكات تعلو ثم تهبط.
وفجأة، وسط دوامة السكر، نظرت إلى علاء بعينين زائغتين وقالت بصوت متهدج:
– "إنت مش عارف… أنا… أنا كنت مع شادي… ومع صفوت كمان… كانوا بيخلوني أحس إني عايشة."
سامى شهق بقوة، الكأس كاد يسقط من يده
أما علاء، فظل ثابتًا، يربت على كتف سلمى برفق متصنع، كأنه يحاول تهدئتها:
– "اهدّي يا سلمى… خلاص، كل حاجة هتكون بخير."
لكنه في داخله، ابتسم ابتسامة النصر… لقد حصل على أكثر مما كان يتوقع.
كانت كؤوس الخمر نصف ممتلئة، وضحكاتهم تتداخل مع صوت الموسيقى الخافتة. كان سامي قد بدأ يفقد توازن
ه، ثملًا أكثر مما ينبغي، يرفع الكأس مرارًا دون وعي.
علاء، بعينين تلمعان بدهاء، كان يتعمد أن يملأ كأس سلمى كلما فرغت، بينما يكتفي هو برشفة صغيرة، يحافظ على وعيه كاملًا.
بدأت كلمات سلمى تتعثر، ضحكتها تنكسر إلى اعترافات غير مقصودة:
الجزء الثامن والأخير
– "شادي… ما كانش مجرد صديق… كنت معاه… حتى صفوت كمان…"
ارتبكت وهي تنطق الأسماء، لكن الثمالة دفعتها أكثر للبوح. سامي لم يدرك شيئًا، كان رأسه مائلًا للخلف، يغالب النوم والدوار.
اقترب علاء ببطء، يضع يده على كأسها كأنه يمنعها من المزيد، ثم يبتسم ابتسامة غامضة:
– "كفاية عليكي دلوقتي… خلّي الباقي بينّا."
في تلك اللحظة، سقط سامي برأسه على الكنبة، غارقًا في غيبوبة سُكر تام. وجد علاء نفسه أخيرًا منفردًا بسلمى، كما خطط منذ البداية.
سندها حتى غرفة النوم ليخلع ملابسها كم تمنى هذه اللحظة منذ مده علاء عبث باجسادهم جميعا مسك صدرها لامس كسها حضنها قبلها كانها دعابة ولكن من داخله يريدها واليوم جاءت فرصته وهى ثمله
لحس كسها ليضع قضيبه وهو غارق بمائها وصار يقبلها وهى ثمله ليعبث بصدرها وحلمتها ليقلبها ويضعه فى مؤخرتها ثم يبدل على كسها حتى اتى شهوته وغادر سريعا
يعود سامي إلى بيت ندى ووالدتها وهو يترنح قليلًا من أثر الشراب، يفتح الباب بعصبية ويمرر يده على جبينه المرهق.
سامي (بتنهيدة ثقيلة):
"و**** يا ندى… دول دماغهم ناشفة! تعبت من الكلام معاهم… لا بيقتنعوا ولا عايزين يفهموا."
تنظر إليه ندى بقلق واضح، بينما تضع أمها كوب الشاي أمامه وتحاول تهدئته.
الأم (بهدوء):
"اهدَى يا سامي، يمكن اللي في دماغهم صعب يتغيّر دلوقتي. خليك صبور شوية."
يجلس سامي وهو يلوّح بيده بعصبية، ثم يسند رأسه للخلف وكأنه فقد الأمل.
سامي:
"صبرت كتير… بس خلاص… حسّيت إني بكلم حجر."
ندى تقرّب منه وتحاول أن تلمس يده لتمنحه دعمًا، بينما الحزن يسيطر على عينيها.
انت ريحتك خمرة يا علاء
علاء:
ماهو بكلمها عمالة تشرب باخد الكاس بالعافيه منها اتكب عليا وبهدلنى انا ماشى محرج بسبب ريحة الزفت ده
[المشهد]
(في الصالة، الجو فيه توتر بعد رجوعهم من جيلان. ندى قاعدة متجهمة، وأمها ساكتة، علاء يحاول يخفف الجو.)
علاء (يمد إيده على كتف ليلى وبيهزر معاها بابتسامة):
يا بنتي إنتي كده مكشرة ليه؟ الدنيا مش مستاهلة، تعالي نضحك شوية.علاء يمسك بزها ويشيلها يقعدها على حجره طب بصى نعمل مسابقة انتى وندى كل واحدة تطلع بزها ونشوف بز مين اكبر
ليلى (تضحك بخفة وتحاول تبين ارتياحها):
عارفة يا ندى… علاء هو الوحيد اللي بيعرف يخليني أضحك مهما كان عندي هموم. يا بنى انت مش بتتكسف مراتك قاعدة
ندى (بصوت جاف وعيونها متضايقة):
الحمد *** إن في حد قادر يضحكك… انا داخلة انام وانت يا علاء متزهقش ليلى بقى خف عليها
(يعم الصمت لحظة، وعلاء يحاول يغير الموضوع بسرعة عشان يكسر التوتر.)
ندى كانت تعلم ان هذه طريقة علاء فى المزاح مع ليلى وبناتها هناء وسلمى حتى الصغيرة هناء لم تسلم منه ولكن هناء كانت تصده فكان يحملها على يده ويلامس صدرها واردافها بحجة الهزار اما سلمى كانت سلسلة كانت تتركه يعبث فى جميع انحاء جسدها. صدرها. حلمتها. اردافها .مهبلها وتضحك كثيرا حتى عندما تزوجت امجد كان يداعبها بنفس الطريقة وندى ترى كل ذلك وتضحك
هذا اليوم عاد علاء بعدما واقع سلمى وعاشرها معاشرة الازواج كانت ليلى ترتدى جلباب صيفى عادى ولكن علاء ما زال مهتاجا والخمر رغم انه لم يشرب كثيرا ولكنه جعله الدم يقفز فى قضيبه ظل يداعبها بحجة التهوين عليها يجلسها على حجره وكان قضيبه منتصبا لتشعر به وتقوم سريعا يداعب صدرها من الخلف وحلماتها يداعب مهبلها كل هذا من فوق الجلباب رأى بلل اسفلها ووجهها شاحب
ليلى * كفاية يا علاء انا اعصابى باظت
علاء * متبوظ هو فى احسن من كده يا سلام بقى لو تقلعى الجلابية دى
ليلى * علاء بلاش قلة ادب ندى ممكن تصحى
علاء * طب ايه رائيك انك حتقلعيها ودلوقتى كمان
مد يده ليرفع لها الجلباب ليراها بالاندر والبرا فقط ليخلع الاندر وهى تضم ساقيها فى خجل ليقبلها ويعبث بحلمتها لتصدر اهة تتبعها تفرج ساقيها وينزل علاء ليلحس كسها ويدخل اصابعه ليتنفض بمائها الكثير ويطلق الوحش الكامن بداخلها لتقوم ليلى وتخلع البرا وتخرج قضيبه لتمتصه كممثلة بورنو محترفه كانت تدخله فى فمها وتضعه بين صدرها الكبير
الخمر جعل علاء قضيبه منتصبا كالحديد وليلى كالوحش الجائع المنقض على فريسته كان علاء لا يفعل شئ بعدما انتهت من مص قضيبه دفعت علاء للاستلقاء وجلست على قضيبه لتصعد وتهبط عليه كان علاء يمنى نفسه ويقول فى خاطره الام وبنتها فى ليلة واحدة
كانت ليلى رغم بلوغها سن ٤٧ عام الا انها محتفظة برونقها جميلة جدا جسمها متناسق وهناء تملك نفس جمالها لها اخت اسمها امال ولكنها ممتلئة كثيرا وليست جميله مثلها فهى الاكثر جمالا تزوجت فى سن صغير ولكنها كان حظها عثر الزوج عاطل والاولاد فشلو فى التعليم عدا هناء لتكون الاكبر حظا وجمالا وخلقا هى ابنتها هناء تخرجت من كلية التجارة وتزوجت رجلا طيبا على خلق
ليلى كان حظها عثر فى العلاقة الجنسية الزوج كان ضعيف جنسيا كان يكتفى بقذفه داخلها فقط لا يوجد اى مداعبات ولا اوضاع الى ان جاء يوم دخلت غرفة سامى وجدته نائم من اثر المخدر وامامه الهاتف به فيلم جنسي دخلت عالم جديد ملئ بالمتعه تعلمت من الافلام العادة السرية وكيف تفعلها شاهدت الاوضاع تعلمت فنون الجنس ولكن نظريا فقط لم يبذل علاء مجهودا كبيرا ليلى كانت كالقنبلة الذى تنتظر فقط اشعالها حتى تنفجر شهوتها
اما هناء فكان حظها جيد نشأت فى بيت ملئ بالمشاكل عزلت نفسها ذاكرت ونجحت استقلت بنفسها لم تطلب شيئا منهم حتى انهت دراستها بنجاح جمالها كان اخاذ فهى تشبه والدتها كثير تقدم لها هانى احضرته جارتها سحر كان اول عريس يتقدم وتمت خطبتها احببته لتتزوج بعد سنه وتنفصل عن هذا البيت بمشاكله كثيرا جدأ رأت سلمى تتحدث مع الشباب عالنت نصحتها كثيرا ولكن دون جدوى
هناء كانت مثقفة ومتعلمه احتضنت هانى جعلته ينسي كل نساء العالم بها كانت تتنفنن لاسعاده كانت فى البيت كقمر مضئ يوميا تلبس ملابس نوم مثيرة جدا كانت ترقص له حتى عندما اصبح لديها ولدان لم تنسي هانى وتهتم بالاطفال كان يأتى من العمل يجدها تنتظره فى كامل زينتها كان يراها كل يوم كانها المرة الاولى لم تهينه او تفتعل المشاكل كان ينسي همومه بها حتى عندما جاءت والدتها فى المنزل لم يعترض اعترض فقط على وجود سلمى فى المنزل وهى مدمنه لانه من الوارد ان تتعاطى المخدر فى شقته او عالاقل اعراض الانسحاب لا يمكن تحملها وهذا سيخيف اطفاله لتغضب ليلى وتذهب لتقيم عند ندى
اما سلمى فهى تشبه عمتها الذى تحمل نفس الاسم جمالها متوسط ولكن جسمها كيرفى كان لدى خالتها امال ابنة فى غاية الجمال تزوجت فى سن صغير فدبت الغيرة لدى سلمى ظلت سلمى تقيم علاقات عالنت مع شباب كثيره جدا حتى تم خطبتها لشادى ليتركها بعد وقت قصير بعد ان اوهمها بالحب لتحضر خالتها امال عريس لها امجد ولكنه عصبى ومهتز نفسيا سلمى رغم زواجها لم تترك الفيس بوك وعلاقتها مع الشباب حتى مرض والدها وتعرفت على سامر حتى توطدت علاقته به واعتادو التحدث فى مواضيع جنسية لتطلب من امجد طلبات غريبه لم يعتادها مثل مص قضيبه.لحس كسها .وضعية الدوجى .تعجب امجد وعللت ذلك ان صديقاتها اخبرتها بذلك حتى فى يوم رأى محادثة بينها وبينه وهى تدير الهاتف منه شك فيها وفضحها ليتنصل سامر منها ويتركها بعد ان خرب بيتها واقامت لدى والدتها بالاطفال لتتبدل حالها مشاجرات متكررة مع سامى .نزول للعمل لدى شادى .سقوطها فى براثن السكر والادمان .علاقتها بسامى تتحسن بعد ان اصبحو مدمنين سويا وهروب والدتهم بعد ان ايقنت ان سامى يعاشر اخته وهم تحت تأثير المخدر
علاء قرر التحكم فى زمام الامر ليغير الوضع وتنام ليلى ويرفع رجلها على كتفه وهى تكتم اهتها خوفا من استيقاظ ندى هى تعلم انه يداعبها ولكن وقع المفأجاة عليها سيكون كارثي
ظل علاء يرهزها سريعا حتى اتى شهوتها بداخلها ولكن ليلى
لم يكفيها هذا ظلت تمتص قضيبه واعتلته من جديد وظلت تصعد وتهبط عليه وقت طويل حتى همدت واتت شهوتها
ليلى * انا مش عارفة عملت كده ازاى انت شيطان انت اللى بوظت اعصابى
علاء * بصراحه مينفعش اسيبك انتى عارفة انى نفسي فى كده من زمان وانتى كمان دافنه نفسك بالحيا من حقك تعيشى وتشوفى نفسك
ليلى *انا مكسوفة اوى من نفسي انى خنت ثقة ندى فيا مكنتش اتصور انى اعمل كده انا شفت الحاجات دى مرة على تليفون سامى وسلمى بس متصورتش اعمل زيهم
علاء * وانا بقول هى ازاى كده اتاريكى خبره بقى
ليلى * وبعدين يا علاء حزعل منك قوم بسرعة البس هدومك لندى تخرج ونتفضح
سلمى فتحت عينيها ببطء، تحاول تستوعب المكان. شعرها منكوش وملابسها مش مظبوطة. أول إحساس جه لها كان الغربة والوجع. قلبها دق بسرعة وهي بتحاول تفتكر… آخر حاجة في بالها إنها كانت قاعدة مع علاء، والضحكة اللي ضحكتها قبل ما تفقد السيطرة. دموعها نزلت غصب عنها وهي بتمسك راسها .صوتها مبحوح وبتحاول تفتكر اللى حصل مع علاء هى عارفة علاء كويس ولمساته الغير بريئة افتكرت يوم ما راحو البحر سواء وشالها فى الميه بحجة انه بيعلمها العوم ولعب فى كل حته فى جسمها طيزها .كسها.بزها.حلمتها ونفس الكلام مع هناء اختها وامها ليلى ،:
سلمى (بصوت واطي): "إيه اللي حصل… أنا إزاي جيت هنا كده؟!"
حسّت بثقل رهيب في قلبها، كأنها فجأة اتحولت من مجرد سهرة عادية لكابوس مش عارفة تصحى منه.
وبعد لحظة تبص لنفسها في المراية وتضحك ضحكة باردة وتقول:
"ولا يهمني... أنا ضايعة من زمان، إيه الجديد يعني؟"
وكأنها متقبلة إنها بتتدهور أكتر وأكتر، وما بقاش عندها أي مانع أو مقاومة.
سلمى خرجت من أوضتها وهي لسه في حالة لا مبالية، لقت أخوها قاعد في الصالة، عينيه حمرا ووشه تعبان، ماسك راسه بإيده وبيتمتم:
– "آخ… دماغي هتنفجر… أنا شربت كتير أووي امبارح."
سلمى وقفت تبصله من بعيد، عينيها فاضية من أي تعبير، وقالت بنبرة باردة:
– "عادى… انتَ متعود. ده مش أول مرة تصحى كده."
هو بصّلها بتوتر، وقال:
– "طب وانتي؟ شكلك متبهدل… كنتي مع علاء صح؟"
سلمى اتنهدت وقالت ببرود:
– "ما تفرقش… أنا ضايعة أصلاً."
وهو رجع يغمض عينيه، مش قادر يكمل الكلام من الصداع، وسابها تدخل المطبخ كأنها بتحاول تهرب من مواجهة أي حاجة.
سلمى خرجت من بيتها وهي شبه منهارة. ملامحها شاحبة، عيونها فيها ضياع واضح، والخطوات بتاعتها متخبطة. أول ما وصلت الشركة، حاولت تلبس قناع الجدية وتبان طبيعية قدام الموظفين، لكن الحقيقة كانت أوضح من إنها تتخبّى.
وهي قاعدة على مكتبها، الأوراق قدامها بقت مش واضحة… الحروف بتتشابك، والأسطر بتتحرك قدام عينيها كأنها موج بحر. مدّت إيدها تمسك قلم، لكنها حسّت إن القلم بيتضاعف، واحد اتنين… ومرة واحدة اتزحلق من إيدها.
الهلاوس بقت تلاحقها حتى في عز النهار. سمعت صوت أخوها بيزعق جوا دماغها:
– "انتي السبب… إنتي السبب في اللي وصلنا له!"
رفعت راسها مرعوبة، تدور حوالين المكتب… مفيش حد. حاولت تقوم، لكن رجليها كانت تقيلة، كأنها مربوطة بسلاسل.
دخلت السكرتيرة تقول لها:
– "مدام سلمى، في اجتماع بعد نص ساعة."
بصّت لها بعينين مش ثابتة وقالت بصوت مبحوح:
– "اجتماع؟!… هو أنا هنا؟"
السكرتيرة اتجمدت مكانها من الصدمة، مش فاهمة بتتكلم عن إيه، بينما سلمى رجعت تبص في الورق اللي قدامها وكأنها بتغرق جواه.
، سلمى قاعدة على مكتبها، عينيها مرهقة وصوت أنفاسها متلاحق. الأوراق قدامها بتتشوش، والحروف بقت تتحرك كأنها بتتلعب بيها. بتحاول تركز لكن صوت خفي بيرن في ودنها.
سلمى (بهمس لنفسها):
أنا… مش طبيعية… في إيه بيحصلي؟
بتقوم بسرعة وتستأذن من زملائها، خطواتها متخبطة وهي خارجة. بتنزل على الشارع تروح بيتها، عينيها بتدور على سامي، لحد ما تلاقيه واقف بيشرب "آيس".
بتقرب منه متوترة، وشها متعرق:
سلمى: سامي… أنا… أنا بقى بيحصلي حاجات غريبة… هلاوس… أصوات… حاسة إن البتاع ده السبب…
سامي بيرمي ضحكة صغيرة، يهز الكيس في إيده كأنه بيستعرضه:
سامي: إيه يا بنتي؟ هو إنتِ أول مرة؟ ده بيفتح الدماغ مش بيهبلها.
سلمى تهز راسها بعصبية، تحاول تبعد الكيس عنه:
سلمى: لا… أنا مش عايزة… أنا حاسة إني بتدمر… انا غلطانه انى كنت بديك فلوس تجبلنا الهيروين والايس
لكن سامي يقرب أكتر، عينيه فيها لمعة إدمان:
سامي: اسمعي كلامي… جربّي تاني… يمكن اللي بيحصلك ده مش من دي خالص…
سلمى تحاول ترفض، لكن إيدها تمتد مرتبكة وتشد منه المخدر رغم الخوف، كأنها محاصرة بين رغبتها في النجاة وجاذبية الهروب.
سلمى:بقولك ايه عايزة اعمل معااك طول ماحنا هنا محدش يلبس هدوم خاالص
سامى: عايزة تتناكى يا لبوه هما بقو كام واحد كده امجد وشادى وصفوت وعلاء وانا ههههخخخ
سلمى: طب قوم البتاع ده بيخلينى هيجانه اوى وبيخلى زبرك كبير اوى عارف انا شايفة زبرك طويل اوى اوى
سامى كان المخدر مخليه نشيط جدا زبه واقف زى الحجر فشخ سلمى حرفيا والغريبه سلمى مبتجيبش مطوله معاه عمال يقلبها يمين وشمال وسلمى بتنطط على زبه لا هو بيجيب ولا هى والاتنين هيجانين على بعض لدرجة ان سامى عور شفايفها وبزها كله علامات وطيزها احمرت من الضرب وسامى كمان ضهره كله خرابيش من سلمى لحد ما تعبو ونامو على وضعهم كده
تانى يوم سلمى راحت الشركه في البداية كانت سلمى تظن أن الآيس يمنحها قوة وتركيزًا استثنائيًا، يجعلها أكثر ثقة وسط الاجتماعات وأقدر على السيطرة على تفاصيل العمل. لكن مع مرور الأيام، بدأت التصدعات تظهر في جدارها النفسي.
كانت تدخل مكتبها وعيناها متسعتان، تتحرك بعصبية مفرطة، تتحدث بسرعة وكأن عقلها يسبق لسانها بخطوات. في الاجتماعات، صارت تضحك بلا سبب أحيانًا، وأحيانًا أخرى تلتزم صمتًا غريبًا يثير ارتباك من حولها.
الهلاوس تسللت إلى يومها؛ تسمع أصواتًا خافتة تناديها باسمها وهي وحيدة، وترى خيالات تمر بجوارها في المكتب ثم تختفي حين تدير رأسها. قلبها لم يعد يعرف الهدوء، دائمًا يخفق بعنف وكأنها مطاردة من خطر خفي.
أصبحت متوترة، كثيرة الشك في أقرب الناس إليها. لا تثق في زملائها، ولا حتى في نفسها. ذات ليلة، عادت إلى المنزل لتجد المرآة تعكس وجهًا غير وجهها؛ وجه شاحب، مُتعب، غارق في العرق، بينما عيناها تحولت لبحرين من الرعب. عندها أدركت – ولو للحظة – أن هذا "القوة" التي كانت تعتقدها، لم تكن سوى بداية سقوط مرعب.
كان الليل ساكن، والأنوار الخافتة منبعثة من مصباح أصفر مُرهق في ركن الغرفة. جلست سلمى على الكنبة تحاول أن تُخفي ارتباكها وهي تراقب سامي الذي لم يعد هو نفسه.
وجهه شاحب كأنه فقد كل حيويته، عيناه واسعتان زائغتان، يحدّق في الفراغ تارة وفيها تارة أخرى وكأنه لا يراها فعلًا.
قالت بصوت خافت:
– "سامي… إنت كويس؟ شكلك مش طبيعي."
ضحك ضحكة قصيرة متقطعة، أشبه بقهقهة عصبية:
– "أنا تمام… تمام قوي! أنا حاسس إني شايف كل حاجة أوضح من زمان."
لكن يديه كانتا ترتجفان وهو يحاول إشعال سيجارة جديدة رغم أن واحدة لا تزال مشتعلة بين أصابعه.
اقترب منها فجأة، ثم تراجع بخطوات سريعة وكأن شيئًا ما يطارده:
– "سمعتي؟ في صوت! في حد ورا الباب."
نظرت له بقلق:
– " فيه وحش داخل من باب الشقة اهو شايفه "
وضع يديه على رأسه وبدأ يهزها بقوة:
– "لأ… أنا سامع! هم عايزين ياخدوني… مش هيسيطروا عليّ… مش هيسيطروا عليّ!"
تراجعت سلمى للخلف، قلبها يخفق بقوة. لم يكن هذا هو الاخ الهادئ الذي كان يضاجعها . المخدر حوّله إلى ظل مهزوز، غارق في خوف غير مبرر وهلاوس قاتمة.
نظرت إليه بعيون دامعة، وهي تدرك أن طريق العودة أصبح أصعب بكثير مما تصورت.
الغرفة مضببة من دخان "الإيس". الأكياس الفارغة والعلب المبعثرة على الترابيزة بقت جزء من المكان.
سامي قاعد على الأرض وبيجهز "الجرعة"، إيده بتترعش بس عينيه فيها لهفة.
سلمى داخلة من الأوضة التانية، شعرها منكوش وعينيها محمرة.
سلمى (بصوت مبحوح):
إنت أخدت كله يا سامي؟! أنا ما لحقتش حاجة!
سامي (بيرمي الكيس الفاضي قدامها):
إنتِ آخر همي! روحي دبري حالك، مش كل شوية تقعدي تتلزقي.
سلمى (بغضب):
إنت فاكر نفسك إيه؟! ده أنا اللي جبتلك الطريق ده أصلاً! من غيري كنت لسه بتشحت في الشارع!
سامي (ينهض فجأة ويمسكها من دراعها بعنف):
اسكتي يا... (يسبّها بلفظ جارح)
إنتِ السبب في ضياعي، إنتِ اللي جرتيني للمستنقع ده.
سلمى (بتصرخ وتدفعه):
كذاب! إنت كنت مستني أي حجة عشان تضيع.
(يتحول الشجار لعراك جسدي – هو بيرميها على الكنبة، وهي تنهض وتضربه بقوة، الصياح والسباب يملأ الغرفة. في الخلفية، المزيكا الصاخبة شغالة والضوء الأحمر الخافت يدي إحساس بالاختناق).
لقطة قريبة على عيني سامي وهو بيكتم غيظه ويحاول يكمل الجرعة، وفي نفس اللحظة سلمى بتخطف منه الإبرة بعصبية.
سامي (يصرخ):
هقتلك لو لمستِها!
سلمى (بضحكة هستيرية):
جرب! إحنا الاثنين مشيين على نفس الطريق... طريق الموت. وبتاخد الجرعه معاه
المشهد:
الليلة حالكة، الغرفة غارقة في فوضى عارمة، أثاث مقلوب، زجاج متناثر على الأرض.
سلمى واقفة تتنفس بصعوبة، شعرها مبعثر ووجهها مدرّج بالدماء من خدوش وجروح مفتوحة. عينيها حمراوتان من كثرة البكاء والصراخ. دموعها مختلطة بالدم، وجسدها يرتعش.
سامى في الناحية المقابلة، يترنّح، رأسه ينزف من شق عميق نتيجة الارتطام بالحافة الحديدية للسرير. وجهه متورّم ومليء بالكدمات. يلهث غاضبًا، قبضته مشدودة وكأنه ما زال مستعدًّا للهجوم.
الصمت يخيّم لثوانٍ قصيرة، يُسمع فقط صوت أنفاسهما المتقطعة. ثم يندفع كل منهما مرة أخرى، بلا عقل، وكأنهما وحشان عالقان في قفص مغلق.
الجيران سمعو الشجار بينهم ابلغو امها ولكن سلمى اتصلت بصفوت وشادى كى يحضرو اصرت على حضور الجميع عدا ******* ***** هناء وسلمى كى يرو الخذلان والضياع حاولت ان تحضر سامر لكنه لم يجب اتصالها وعلمت انه ترك المستشفى نهائيا
في تلك الليلة الثقيلة، كانت الشقة القديمة تعجّ بالوجوه المرهَقة. أمها تجلس في الركن، ساهمة النظر، كأنها تنتظر شيئًا لا تعرفه. طليقها جلس صامتًا على الأريكة، يراقب سلمى بعين خاوية، وكأنه يبحث عن ملامح نفسه الضائعة في وجوهها. الأقارب، وقد تفرّقت مشاعرهم بين الغضب والخذلان، ظلّوا يتبادلون نظرات باردة، لا يجمعهم سوى جدران المكان.
هناء وهند جلستا إلى جوار بعضهما، كأنهما تقتاتان من الحيرة، لا تدريان إن كان حضورهما من باب الشفقة أم من باب التشفي الخفي. ،هانى يقف بجوار هناء ،صفوت وقف عند النافذة، يطلّ على العتمة، يتهرّب من مواجهة الوجوه. شادي وعلاء تبادلا ابتسامة متوترة، بينما ندى جلست في الظلّ، يداها ترتجفان، لكنها أخفت ذلك تحت طيّات ثوبها. ليلى جلست باكية وعلى وجهها ملامح الحزن
وسط هذا الركام البشري، تقدّم سامي بخطوات هادئة على غير عادته. وقف عند ماسورة الغاز في المطبخ، أصابعه تتحرك بثبات غريب، كأنه وجد أخيرًا الجواب لنهاياته المعلقة. فتح الصمام ببطء، فانتشرت رائحة الغاز الكثيفة كوحش غير مرئي يزحف إلى كل ركن من أركان الشقة.
التفت الجميع نحوه بوجوه متوجسة، لكن لم ينبس أحد بكلمة. كان الصمت أبلغ من أي اعتراض لم يترك فرصه . سامي أخرج ولاعته من جيبه، رفعها أمام عينيه، ابتسم ابتسامة باردة، ثم ضغط إبهامه على الحجر.
في اللحظة التي اشتعل فيها اللهب الصغير، تحوّل المكان إلى جحيمٍ واحد، وانفجرت العمارة بكاملها، كأنها صرخة أخيرة اختلطت فيها أرواحهم جميعًا، لتصبح الحكاية رمادًا يتناثر في هواء المدينة.
الانفجار يهز العمارة بالكامل.
زجاج النوافذ يتناثر، والدخان الكثيف يغطي السماء.
الجيران يصرخون، والناس يركضون مبتعدين.
بعد دقائق، تصل سيارات الشرطة والإطفاء، أضواءها تلوّن المشهد بالفوضى.
رجال الإطفاء يخمدون النيران، بينما يقتحم ضباط الشرطة البناية المدمرة.
داخل الركام، أجساد متفحمة لا يمكن تمييز أصحابها.
الضابط يضع يده على رأسه في صدمة، بينما يدوّن أحدهم في دفتره:
الضابط: "الجميع... ماتوا."
لم يكن أحد يتصور أن الحقد والخذلان قد يحولوا بيتًا إلى مقبرة، وأن الجدران التي شهدت صراخًا وبكاءً طويلًا ستنتهي بلهيبٍ يلتهم كل شيء. سامي، في لحظة جنون ويأس، فتح ماسورة الغاز وأشعل ولاعته، فصار البيت حرفيًا بيتًا من نار، احترق ساكنوه جميعًا، وتحوّلت الأحلام إلى رماد. وحين وصلت الشرطة لم يجدوا سوى أجساد متفحمة وركام أسود يروي القصة، وكأن القدر ختم عليهم أن النهاية لن تكون إلا في بيت من نار.
الكاميرا تبتعد تدريجيًا عن العمارة المدمرة، صرخات الجيران تختلط مع صفارات سيارات الشرطة والإطفاء... وتنتهي الصورة بسكون ثقيل، يطغى على المكان.
النهاية.