اسرار آسنة
السلسلة الثانية
( كشف المستور)
أعزاءي الغالين على قلبي .. معظمكم يعرف ظروفي و ظروف عملي و قلة وقت فراغي .. ولكني حبا بكم و نزولا عند رغباتكم و تثمينا لمواقفكم ووقوفكم معي دائما لكي توضع قصتي هذه ضمن قسم القصص المتميزة .. فلقد قررت ان اقتطع جزءا من وقت راحتي القصير لأسخره في استكمال احداث السلسلة الثانية ..
اخص بالذكر الأخ والصديق العزيز @الخديوى لمواقفه التي لا تنسى معي ..
اتمنى ان تنال هذه السلسلة اعجابكم و رضاكم ..
تنويه هام: يرجى مراجعة احداث السلسلة الاولى لانعاش ذاكرة القراءة .. لكي تستمتعوا بشكل اكبر و انتم تقرأون احداث هذه السلسلة
للتذكير بأهم أحداث السلسلة الاولى
انتهت السلسلة الاولى بزواج اسامة من احلام وحملها منه ومن ثم عودة علاقته الجنسية مع امها بديعة بالسر والخفاء ..
و كذلك بمعرفة آسر بزواج ابيه الثري عبد المنعم من مرام و اعتراضه عليه .. و تصاعد مخاوفه على أرثه ..
عند نهاية السلسلة الاولى كانت مرام قد اتمت ٢٤ سنة واحلام ٢١ سنة و بديعة ٥٤ سنة و عبد المنعم ٨٠ و ابنه آسر ٥٠ سنة .. واسامة ٣٠ عاما
استكمل معكم احداث القصة .. وقتا ممتعا اتمناه لكم
الجزء الأول
بعد مرور ١٢ عاما ...
امام شاهد قبر حديث البناء .. جثى رجل اربعيني .. يبكي بحرقة و بدون توقف .. يرثي من دفن تحت هذا الشاهد ..
بالضبط .. انه د. أسامة .. وهو الآن في الثانية والاربعين من عمره .. كان يزور قبر شخص عزيز عليه جدا .. ويضع الورود عليه .. باكيا و حزينا ويشعر بحسره كبيرة لأبعد حد .. وكأنه يرثي أمه التي ولدته !
على شاهد القبر نُقش اسم طالما اطرب اسماعه و لجأ اليه ينشد الأمان باحثا فيه عن أمه المفقودة التي لم يجدها ابدا .. حتى لاقى صاحبة هذا الأسم .. و فُتن بها
بديعه .. ! نعم .. انه اسمها من نقش على هذا الضريح !!
كان هذا قبر بديعة التي توفيت مؤخرا .. منذ ما يربو على عامين .. تاركة اسامة وحيدا في عالمه المجنون الذي بناه سرا بنفسه و بصنع من خيالاته و شهواته المريضة .. التي لم تتحقق الا على يدي بديعة و بمشاركة منها ..
لقد انتهت قصتنا الأولى مع استمرار زواج اسامة من احلام وحملها منه .. ولكن لم يكن زواجه من احلام كما توقعنا .. او كما كان هو يصبو اليه .. زواجا يجد فيه الاستقرار و العودة الى جادة الحق و الصواب و الانتهاء من جميع اعماله المنحرفة والتوقف عن كل شهواته السقيمة .. بل .. انما قاده زواجه من ابنة بديعة الى العودة لنفس المسار !!!
و كأن اسامة وجد علامة u turn في نهاية الطريق ليستدير بعجلة الحياة عائدا الى ما كان يهرب منه و بقوة و بأقصى سرعة ممكنة ! دون اي ندم او شعور بالذنب ..
ما ناله اسامة من زواجه بأحلام .. فإن كل العقلاء كانوا متوقعين حدوثه .. هكذا يقول المنطق و يتوقعه الشخص المحايد .. تماما مثلما كانت مرام تخشاه ..
لقد قاد هذا الزواج بأسامة لأستمرار علاقته مع بديعه في الخفاء .. ! و التي حرصت هذه المرة على ان تكون اكثر حذرا و حرصا في علاقتها تلك والتي اخفتها ليس عن ابنتها المسكينة احلام و حسب بل حتى عن ابنتها المقربة مرام ..
كانت مرام طوال فترة زواج اختها احلام من اسامة تسأل امها بديعة بشكل مستمر و متواصل عن ما اذا كان كل شيء يسير على مرام في حياتها و حياة ابنتها احلام ! التي صارت تحتك بها كثيرا في الآونة الأخيرة ..
فمرام لم تثق ابدا في امها وكانت تتخوف دوماً من ان تقوم بخطوه غبيه غير محسوبة تحت تأثير الشهوة و الرغبة المنحرفة وتعود لعلاقتها المحرمة مع اسامه ! وقد تُحطم حياة احلام دون ان تشعر ! او ربما تشعر !!!
بديعه كانت تجيب مرام بكل ثقة و بصوت مليء بالبراءة والعفة المصطنعة .. بالنفي القاطع ! و تؤكد لمرام ان كل الامور تسير بشكل طبيعي و معتاد مثل اي عائلة طبيعية !
لكن .. في حقيقة الأمر .. بديعة و أسامة كانا طوال تلك السنين يعيشان حياة سريه خفية بعيدا عن انظار الجميع .. في عالم خاص بهما لوحدهما .. حيث لا قيود .. لا ضمير .. لا شرائع .. و لا أي شعور بالذنب .. حياة سرية يفعلان فيها ما يشتهيان دون وازع ضمير او خوف من الكشف او الفضيحة !
لقد استمرا كلاهما في علاقة محرمة و خطيره جدا لو تم اكتشافهما على صعيد حياة احلام والآخرين .. فهما لم يباليا الا بنفسيهما
هذان العاشقان الغريبان .. كانا يُغيبان عقليهما عندما يكونان معا في غرفة نوم واحدة ..
لقد وصل الأمر ببديعة للتمادي و الجحود لدرجة انها صارت تغار على اسامة من ابنتها ! فكانت تطلب منه جنسا اكثر .. و اكثر .. لعلها تستنزف طاقته فما يعود فيه قوة ليمارس واجباته الزوجية تجاه ابنتها ..
كانت بديعة لو تكتشف انه نام مع ابنتها في يوم .. فأنها تجره بعدها بيوم .. جرا اليها لينيكها في مخدعهما السري .. اي مكان آمن يأويهما .. مرة عندها في بيتها و مرة في فندق و مرة في شقة .. اي مكان .. المهم ان تستنزف طاقته و تجفف منابع لبنه في جوفها المتعطش .. و كانت لا تسمح له أن ينيكها الا من الخلف فقط و لأيام متتالية .. لأنها تعرف ان النيك الخلفي يحتاج الى مجهود اكبر من الرجل في محاولة واضحة منها لانهاك اسامة و استنزاف قواه ..
ولكن كيف كانت بديعة تفعل ذلك و تجعل أسامة متجاوبا لطلبها ؟ بالضبط .. كانت ترتدي له فستان فرح امه عندما يكونان معا .. لأنها تعرف نقطة ضعفه . فأسامة عندما يراها بهذا الفستان يصبح كثور اعمى هائج لا يثيره فيها الا الجنس الخلفي ..
لقد وصل الحال بأسامة الى اشتياقه وافتقاده للنيك العادي في كسها لكثرة نيكه لها في دبرها الشره .. فكانت بديعة تشترط عليه بشكل مباشر ان يتوقف عن ممارسة الجنس مع ابنتها اسبوع كامل لتكافئه بعدها بجنس امامي كهدية مجزية عن صبره
لم تُعر بديعة بعلاقتها المريضة تلك مع اسامة اي اهتمام لمشاعر احلام ولا حياتها او حياه ابنها الذي ولد بأعجوبة بسبب حملها المهدد واصبحت هي جدته .. و بدأ يكبر امام عينيها ..
لقد استغلت بديعة حسن نوايا ابنتها احلام و طهر مشاعرها .. احلام ذلك الملاك الرقيق الهادئ الجميل التي كانت تعيش مع زوجها اسامة كذبة وتصدقها ! و تقضي اغلب وقتها متوهمة بأن حال زوجها قد انصلح !!
فأسامه بعد ان تزوجها حافظ على وعده لأبيه وتوقف عن القيام بأي اعمال مشبوهة تضر بسمعته او سمعة والده او حتى تضر بمهنته ..
فأصبح اسامه ظاهريا طبيبا محترما وزوجاً وفياً لزوجته الرقيقة و أب صالح لأبنه حديث الولادة .. احمد ..
فكان أسامة يقضي يومه بين العيادة والبيت .. والبيت و العيادة ..فقط .. ليحافظ على تماسك تلك الأسرة التي انشأها مع احلام ..
اما حقيقه الامر وواقع الحال فلقد كان اسامه وبديعه يقترفان جريمة بحق احلام كلما أُتيحت لهم الفرصة ليمارسا فيها من جديد خيانة مشتركة بحقها .. يمارسان ابشع انواع الشذوذ المشترك فيما بينهما بعلاقه جنسيه مريضة بشكل مقزز بالنسبة للعقلاء و المحايدين ..
لقد قرر اسامة مع بديعة العودة الى خندق الخيانة والسقوط فيه حتى القاع .. و الانغماس في وحله لإتمامهما مشروعا زائفا يعيش في مخيلتهما فقط لا ناتج مفيد فيه سوى اشباع الرغبات الدنيئة و الانصياع التام للشهوة و الإذعان لحكم الخطيئة والقيام بأبشع الافعال المحرمة فيما بينهما ..
لكن .. كل شيء له بداية .. مهما طال به الزمن .. فحتما سيكون له نهاية .. !
فمع مرور الايام والسنين وتقدم بديعة بالعمر .. لم تصبح بديعة بعد ذلك الوقت جذابه اكثر وآثار السنين تشوه معالم جسدها و تذبل ازهار ما تبقى من جمالها تحت وطأة تجاعيد السنين المتراكمة ..
ولكن هوس اسامه المريض بها جعله يراها دائما بديلا ناجحا يعوضه عن خيالاته المريضة حول امه .. بديلا ناجحا يمارس معها انحرافاته بكل اطمئنان وامان فلن يكتشفه احد بعد الآن .. وهو يفعل ما يحلو له متى ما اراد او اشتهى .. لأن بديعة لن تفكر ابدا في صده او منعه .. كان اسامة بالنسبة لبديعة .. هو الحب الضائع الذي وجدته و أرست اساطيل روحها على مرفأ حنينه و حضنه الدافئ ..
لم يكن اسامة عوض جنسي لبديعة و حسب .. بل كان قصة عشق مجنونة .. عشق ابدي خالد قد زارها في خريف العمر .. ولن تتخلا عنه حتى توارى الثرى ..
ولكن بعد أن مضت كل تلك السنين على الجميع .. وعلى غير العادة .. في اوائل الستينات من عمر بديعة .. اصابها مرض خبيث !!!
كان مرضا مفاجأ هاجمها بغتة و بشراسة و اوهنها بسرعة و استنزف من جسدها الحياة بسرعة غريبة !! كأن هذا المرض الخبيث كان عقابا لها عن كل افعالها السيئة التي قامت بها في حياتها .. وخصوصا ما اقترفته يداها بحق ابنتها احلام !!
فكل ما فعلته بديعه من اعمال سيئة وعلاقات مشبوهة في حياتها في كفة .. وخيانتها لابنتها كانت في كفة اخرى !
هذا المرض فتك ببديعه بسرعه كبيره حتى توفيت على اثرها بسبب هذا المرض .. ودفنت في مقبرة قريبة من بيتها لكي تستطيع بناتها زيارتها والدعاء لها .. فلعل خالقها يغفر لها يوما ما فعلته بنفسها و بحق احلام .. ابنتها
في يوم مواراتها الثرى .. يوم دفنها .. بكت بناتها عليها بحرقه وخصوصا احلام ، التي كانت تجهل تماما ان امها التي صارت تحت الارض كانت ضرتها في الحياه وهي حية .. وان زوجها يفضلها عليها في الفراش اكثر ويفرغ معظم شهوته و طاقته الجنسية في جسد امها الذي اصبح الآن مبلياً ومن نصيب الدود والتراب !
لقد حزن اسامه على وفاة حبيبته بديعة .. بشكل كبير جدا .. بكى اسامة على فقدانها لأنها مثلت له امه الثانية التي تقبلته مثلما هو بجميع عيوبه و سايرته في لعبته حتى اخر رمق فيها ..
لقد بكى اسامة عليها حتى جفت عينيه من شدة البكاء و صار يصرخ باعلا صوته بعد فراقها له .. و لولا الحرج من ابنتيها كان يتمنى احتضان جثمانها قبل ان تذهب الى مثواها الاخير .. لكنه لم يفعل .. لكي لا تظن بناتها فيه السوء ! حتى ان مرام ومع حزنها البالغ على امها شكّت بأن حزن اسامة كان مريبا جدا .. و مبالغا فيه
مهما كانت حماته عزيزة عليه .. لكن حزنه هذا فاق كل توقعاتها لدرجة جعل مرام تشك مرة ثانية بالأمر .. بأن امها قد تكون واصلت علاقتها السرية بزوج ابنتها ؟؟ لكن .. مرام لا تملك دليل على شكوكها
فحزن اسامة الشديد كأنه كان حزناً على شخص يعني له اكثر من ذلك بكثير ! ولكن مع كل تلك الريبة التي دخلت عقل مرام لكنها لم تكن تملك دليلا ماديا يدعم شكوكها ..
فهي لم تشهدهما معا و لم يقوما بأي فعل مثير للشك ابدا طوال تلك الفترة الماضية .. والا لشكت فيهما احلام و لاشتكت منهما عندها ..
احلام نفسها و بطيبة قلبها و حسن نواياها انما كانت تظن أن العلاقة فيما بين زوجها وامها قد تحسنت بشكل كبير جدا لتصبح كعلاقه الأبن بأمه ..
وحتى بعد ان غادر الجميع مراسيم الدفن و الكل عاد الى بيته .. ظل اسامة خلف الجميع يبكي عند قبر بديعة .. ومع أن احلام كانت تبكي بشده فراق امها الا انها كانت تستغرب حزن اسامه العميق عليها جدا
هذا الحدث فتح ابواب المسائلة على اسامة عندما عاد متأخرا لزوجته ..
تخاطبه احلام وتساله باستغراب
احلام / انا ما كنتش متخيلة في يوم انك بقيت تحب ماما بالشكل ده يا اسامة !!!
يجيبها اسامة بثقة و مازالت عينيه محمرة من شدة البكاء
اسامة / .. انتِ .. انت ماتعرفيش امك كانت بالنسبالي ايه ؟ انا ..انا حبيتها .. اه حبيتها .. زي ما حبيت امي بالضبط .. عشان لما عاشرتها اكتشفت قد ايه هي ست طيبة و حنينة .. و كأن **** عوضني بيها عن أمي ..
ثم يجهش اسامة مجددا بالبكاء .. و احلام تعرف مدى تعلق اسامة بأمه سابقا .. فتقترب منه تحضنه بحنان و تطبطب على ظهره و كأن من ماتت هي ام زوجها لا امها هي ؟؟؟
احلام معتذرة/ يا روحي .. قد ايه صعبت عليا .. **** يرحم مامتك و مامتي يا اسامة .. **** يهون علينا فراقهم ..
يحضنها اسامة وهو يبكي ..
اسامة/ انا امي ماتت مرتين يا احلام .. امي ماتت مرتين ... اااااااه ....
( يبكي بصراخ ) و تستمر احلام بتهدئته ..
لم تتوقع احلام يوما ان اسامه سيحب امها لهذه الدرجة ويحزن عليها كل هذا الحزن الكبير والعميق .. ربما كان صادقا بالنسبة لها .. و عليها ان تفرح لأن زوجها يحب امها بدرجة كبيرة !
بالطبع فإن اسامه لم تعني له بديعة الأم فقط بل كانت عشيقته التي وجد امه فيها .. فكان يمارس الجنس معها كل مرة و كأنه ينيك أمه التي تسبب بوفاتها بشكل غير مباشر ..
ما حدث بعد وفاة بديعه .. دخول اسامه في حاله اكتئاب .. لقد اتم هو الآن الثانية والاربعين من عمره ولم يعد شابا كفاية للبحث عن مغامرات جديده تغذي مرضه وهوسه وانحرافاته .. وكأنه هو الاخر اكتفى الآن مع موت بديعه .. وطوى تلك الصفحة بحلوها و مرها للأبد .. وسيظل يعيش فقط على ذكريات تلك الحقبة من عمره .. اجمل ايام قضاها مع بديعة .. بديعة التي مثلت له الأم و الزوجة و الوعاء الذي احتواه وليس فقط ما أفرغ شهواته فيه ..
لقد قرر اسامه الآن ان يواجه نفسه بعد تلك الحادثة الأليمة وفقدان اعز مخلوق على قلبه .. لقد قرر منذ الآن ان يعيش حياته مع احلام و لأجلها و اجل ابنهما فقط .. لقد آن الاوان لأن يعيش بصوره طبيعية ويركز اهتمامه على تربيه ابنه فهو في الظاهر زوج حنون يقوم بكل واجباته تجاه زوجته وابنه .. لا يخفي شيئا عن عائلته ما عدا اخفاءه لهذا السر .. السر العظيم المهول و الخطير جدا .. سر علاقته بأم احلام لأكثر من ١٦ عام مضت [ ٤ سنوات قبل زواجه من احلام و ١٢ عام بعد زواجه منها ]
في خط حياه مرام ..
فأن عبد المنعم جمال كان قد تعدى 80 و اصبح بحاله صحيه ضعيفة في اخر ايامه ولقد توفي بعد سنوات قليله جدا من زواجه بمرام وهو لم يتعد الثالثة والثمانين من عمره
لقد توفي عبد المنعم جمال تاركا أثرا طيبا خلفه و ثروة لا يعرف اولها من اخرها !! ولكنه كان رجلاً يعرف **** و يخافه ولا يريد أن يبخس حق احد لا في حياته ولا حتى بعد مماته ..
ولكن خوف عبد المنعم على مستقبل مرام من بعده .. و من كيد ابنه وزوجته ، جعله يسجل ملكية القصر باسمها بيع وشراء وترك باقي ممتلكاته لتتوزع على ورثته طبقا للأرث الشرعي ..
بالطبع فأن هذا القصر يعتبر فيض من غيظ بالنسبة لثروته ولا يكاد يمثل ١٠ بالمئة من مجمل ثروته الأصلية .. ولكن الانسان بطبعه طماع و لو كان لديه جبل من ذهب لود ان يحصل على جبل ذهب اخر ..
تلك الاخبار لم تكن سعيدة ولا مُرضيه لأبنه آسر الذي تلقى الخبر في محل اقامته بصدمة كبيرة .. فبعد ايام من وفاة عبد المنعم وصل آسر الخبر وهو في الغربة عن طريق سفارة الدولة ..
اشعار رسمي بالإرث و حقوق الورثة .. مع انه ورث تقريبا جميع شركات واموال واراضي والده لكنه لم يقتنع بذلك .. فالأشعار يُخطره بأن زوجة ابيه الثري .. مرام لم ترث الا حقها الشرعي في تركته وهذا لا يشكل سوى الثمن من مجمل ثروته بالإضافة الى القصر الذي وهبه عبد المنعم لمرام ليكون مستقرا لها ..
حصة مرام الشرعية التي ورثتها من زوجها كانت عباره عن شركة وحيده لتجاره القطن والنسيج في داخل البلاد ..
تلك الشركة كانت القاعدة الاساس التي بنت عليها عائلة عبد المنعم من ايام جده و ابيه الثروة الكبيرة التي يتنعمون بها الآن .. لقد حققت هذه الشركة بعد نجاحها المزيد من الثراء لعائله عبد المنعم و كانت الانطلاقة منها في توسع اعمالهم التجارية ..
تلك الشركة لا تشكل قيمة مادية فقط بل أن لها قيمه معنويه كبيرة ايضا عند العائلة المالكة ..
هذا الخبر كان بمثابه الصاعقة التي وقعت على اسماع ابنه آسر فمع كل الذي ورثه من ابيه من شركات عديدة ومن اراضي زراعيه واموال في البنوك .. الا ان آسر شعر بالحقد والضغينة والظلم بسبب قرار ابيه المجحف هذا !! كما يراه
فلقد اوصى عبد المنعم في وصيته .. مستعينا بأمهر المحامين .. ان تكون حصة مرام في الارث حسب الشرع بشرط وحيد .. وهي ان تكون تلك الشركة ضمن حصتها في الإرث حتى يتم تسوية الإرث مع باق الورثة [ آسر كان الوارث الوحيد] وتصفية املاكه الباقية وتحويلها بأسم ابنه ..
تلك الشركة تحتوي على موظفين كبار محترمين هم على علاقه وثيقه بعبد المنعم من قبل وفاته .. كانوا هم اشخاص امناء ومحافظون ويعرفون كيف يديرون تلك المؤسسة و يحافظون على رزق عمالها الذين اغلبهم من الطبقة الفقيرة ..
خوف عبد المنعم كان على تلك الناس من ان ينقطع رزقها من بعد وفاته .. ولم يجد افضل من مرام التي خرجت من قلب المعاناة لتحافظ على دوام حال تلك الشركة ..لن يكون هناك شخص افضل منها لقيادتها و الحفاظ على الطبقة العاملة فيها وعلى رزق عوائلهم ..
وبالمقابل فإن المحامي المعتمد و مدير تلك الشركة السيد نظمي يبذلان اقصى جهودهما القانونية ليحولا هذه الشركة ضمن حقوق مرام ..
لقد اتقن السيد نظمي ادارة الشركة .. و كان هو من اقرب الأصدقاء الموثوقين لعبد المنعم .. و نجح في بقاء تلك الشركة تعمل بإنتاجية عالية مربحة و دون اي مشاكل او سهو او خطأ في ادارتها
لقد عاشت مرام حياه قاسية جدا من قبل ان تتزوج عبد المنعم .. وتعلمت من دروسها الكثير ولن تظل قطه مغمضة العينين معتمدة على هؤلاء الشخوص مهما كانت درجه امانتهم .. فلن يكون هناك من هو احرص على المال من مالكه
كان على مرام أن تخرج من ثوبها و تكسر قوقعتها وتقف في وجه الحياة لتصارعها .. و رغم انها أنها لم تكمل تعليمها ولكنها قررت وبمساعدة من العم حسن البواب والسائق الشخصي لها بنفس الوقت ان تذهب الى تلك الشركة بشكل دوري لإدارتها وتستفيد من الاشخاص الامناء الموجودين فيها لكي تتعلم من خبراتهم شيئا فشيئا .. وبالتالي تقود تلك الشركة بنجاح وتحافظ على مصالحها وعلى استمرار رزق عوائل الطبقة العاملة فيها ..
مع ان مرام لا تفقه شيئا في اعمال الإدارة لكنها مؤمنة بأن المال السائب يُعلم السرقة .. وعليها ان تكون متواجدة في قسم ادارة الشركة كلما سنحت لها الفرصة.. بل و صارت تقضي أغلب ايامها تعمل هناك فلم يعد لديها من بعد عبد المنعم شخصاً لترعاه في القصر ..
لقد اصبحت مرام سيدة مترملة وحيدة و تسكن في قصر كبير وتشعر بالملل لمجرد التواجد فيه .. ولم تفكر من بعد زوجها بأن تتزوج مرة اخرى فهي تعرف ان الطامعين حولها كثر و اغلبهم يودون الاقتران بها طمعا في اموالها لا حبا في سواد عيونها .. مع انها ما تزال شديدة الجمال ..
لكن مرام كانت قد شعرت بتغيير جوهري في داخلها انساها جزءا مهما من نفسها الا وهو تأسيس عائلة جديدة ، و انصب تركيزها على رفع اسم زوجها من بعده و السير على دربه ..
مع ان **** لم يرزق مرام بخلف من عبد المنعم لكبر سنه لكنها كانت حريصة على ان تحافظ على الوعد الذي قطعته له في ايامه الأخيرة بأن تحافظ على ارثه و اسمه من بعده بين هؤلاء الناس البسطاء وبقية العالم
مرام قد تحولت بالفعل الى انسانه اخرى في حياة عبد المنعم وحتى بعد ان رحل عنها للعالم الآخر ..
لقد انسلخت مرام من جلدها القديم تماما وهي تخرج من شرنقتها لتصبح فراشه جميلة مفعمة بالحياة .. تنطلق لتطير في عالم جديد مليء بالزهور وبالأشواك ايضا !
لقد تخلت مرام عن ماضيها الأسود بإرادتها الحرة الكاملة ولن تعود اليه .. فلقد اهدتها الحياه فرصة لا يحظى احد اخر بها بسهولة .. وعليها أن تكون شاكرة لهذه الفرصة وان تنعم بها وان تستغلها بشكل أمثل وان تتمسك بها و تحافظ عليها بأقصى استطاعتها وبكل قوتها .. لكي لا تغدر بها الحياة في يوم من الايام مرة اخرى .. فلا أمان للحياة !
لقد قررت مرام وبحزم ان لا تعود الى الطريق السوء مهما ستواجه من ظروف في المستقبل .. وليس لكونها تعيش الآن في بحبوحة و في حاله من الثراء المترف .. بل لأنها ارادت ان تشعر بالنقاء وتعيش هذا الشعور طوال حياتها
فلقد رأت بنفسها امثلة ايجابية عديدة من واقع الحياة و اقتدت بها .. كالعمال البسطاء الامينين الذين كانوا يكدون ليل نهار في مصانع عبد المنعم من اجل ان يحفظوا كرامتهم و لا يمدوا يدهم لأحد ..
لم يمر العمر على مرام فقط .. كذلك عم حسن البواب قد شاخ و كبر و لم يعد بمقدوره ان يعمل و صار الوقت لكي يُحال على المعاش .. و كانت منال تثق به كثيرا و تعتمد عليه لأمانته .. و لذلك فهي اوصته بشدة ان يجد بديلا عنه يكون مؤتمنا مثله او على الأقل يكون بمثل حرصه على العمل ..
لم يجد عم حسن البواب افضل من سراج ! الشاب المكافح الطموح الذي يقطن بالقرب من محل سكنه ..
سراج هذا هو يتيم الأبوين ، وجّدته أم أبيه احسنت تربيته و رعايته و كان يعيش في مستوى مادي متواضع .. و عندما اشتد عوده استطاع ان يجد له عملا شريفا يكتسب منه قوته في السوق
كان سراج شخصا امينا محبوبا من الجميع ، وحتى في منطقته كان معروفاً بصدقه امانته و اعتماديته و حرصه على عمله و كل من حوله ايضا ..
رغم ضعفه ماديا لكن سراج شاب وسيم بملامح رجولية حادة .. خفيف اللحية والشارب .. لكنه يحلقهما لكي يحافظ على مظهر مستحسن و مقبول من الناس .. يتصف بطول فارع وبنيته معتدلة وهو ليس نحيفاً، كما انه يحافظ على الفورمة الخاصة بجسده .. فكان يتدرب من حين الى اخر في احدى القاعات الرياضية ليحافظ على قوته البدنية وعلى جسده الذي يعينه لاكتساب رزقه
لم يستطع سراج اكمال تعليمه الدراسي .. وضعه المادي و حياته القاسية اجبرته على العمل في سن مبكرة .. من اجل توفير لقمة العيش ..
فمره يعمل صبيا في احدى محلات تصليح السيارات ومره يعمل في مجال البناء عند احد الاسطوات او يعمل احيانا مساعد بقال ..و غيرها من الاعمال الاخرى ..
و بعد سنوات من العمل الغير مستقر .. وجد سراج نفسه اخيرا في مهنة اصلاح السيارات .. عندما كان يعمل تحت اشراف احد الميكانيكيين المعروفين في المنطقة ..
هذا الميكانيكي عطف عليه و احبه عندما شاهد امانته وحُسن سلوكه وادبه وسرعة اتقانه للمهنة .. فقرر ان يعلمه قياده السيارات .. فمن يمكنه تصليح سيارة لابد ان يعرف كيف يقودها لكي يتقن صنعته اكثر و يحسّن من مهاراته ..
تعلم سراج القيادة و صار ماهرا فيها .. وبعد فترة .. و بسبب تعاطف هذا الميكانيكي معه ..والذي كان يدعى الأسطة جابر .. قرر مساعدته في ايجاد عمل اضافي اقل جهدا و اكثر رزقا .. لعله يستطيع ان يؤسس لحياته و يتمكن من ان يتزوج بنت الحلال و ينشئ معها عائلة ..
ولم يجد له الاسطة جابر افضل من تشغيله كسائق في احدى دوائر الدولة ..لكي يعتبر موظفا من ضمن كوادرها و يضمن راتبه الشهري حتى و ان كان راتباً متواضعا .. فقليل دائم افضل من كثير منقطع ..
وفي احد الايام لعبت الصدفة والحظ دورهما وقررتا ان يقفا مع سراج .. عندما تعرف عليه عم حسن بالصدفة اثناء مراجعته تلك الدائرة الحكومية التي كان سراج يعمل بها ..
عندما رأى حَسن سراج في الدائرة .. لفت انتباهه و اعجبته سيرته وسلوكه في اكثر مناسبة .. فحسن قد كبر و كان يبحث عن بديل له ليكمل مسيرته مع مرام تلبية لطلبها منه
و من هنا .. وبفضل سمعة سراج الجيدة و المعروفة بين الجميع .. قرر العم حسن ان يكلم مدير الشركة شخصيا لكي يستعين بخدمات سراج دون ان يضر بمصلحته قدر المستطاع ..
كان حسن ينوي ان يكون سراج بديلا عنه في قصر عبد المنعم ففي الايام الاخيرة صار نظر العم حسن ضعيفا واصبح غير قادر على قياده السيارة لوحده ..
في قصر عبد المنعم
مرام / ايوه يا عم حسن .. يعني انت متأكد من الولد الي اسمه سراج؟
العم حسن/ ايوا يا ست مرام .. متأكد .. ده ولد سمعته زي الجنيه الدهب .. كفاية انه تحرم من ابوه و امه وهو صغير و مخلي باله من جدته و شايلها فوق راسه ..
مرام / طب يا عم حسن .. ليه ماتشغل بدالك واحد من عيالك .. دول انا عارفاهم و وواثقة فيهم !
العم حسن/ يا بنتي .. والهي مايغلوش عليكي .. بس همه مالهومش في الشغلانه دي .. دول فتحو عنيهم ع الارض والغيط والبلد و لو سابوها هيموتوا .. وانا كمان كبرت و عجزت و محتاجهم يقفوا معايا عشان نزرع الارض و نخلي بالنا منها
مرام / ماشي يا عم حسن .. انا همشي وراك المرادي .. و هاشغل الولد ده بدالك ..ولو ان مايهونش عليه انك تسيب القصر .. بس هنعمل ايه .. انا كمان عايزاك ترتاح ..
العم حسن/ **** يخليكي يا بنتي .. و انا متأكد ان الولد ده مش هيخيب ظني فيه و هيكون قد المسؤولية ..
مرام / تمام يا عم حسن .. وانت كمان .. اوعى تنسى اني زي بنتك و اي حاجة تحتاجها مش هتاخر فيها عليك يا عم حسن .. ولا تتأخر دقيقة لو احتجتني وتكلمني حالا .. امانة عليك يا عم حسن ..
عم حسن/ **** ما يحرمناش منك يا بنت الاصول ..
بعد ان اقنع العم حسن مرام بسراج .. توجه الى سراج ليفاتحه بالموضوع .. و بعد مفاتحته بالموضوع وافق سراج على العمل كبواب و حارس و سائق في قصر عبد المنعم .. يعني ٣ في ١ ..
لقد طلب منه عم حسن ان يتفرغ تماما لمهنه السائق في القصر وسيعطيه الاجر المجزي الذي يغنيه عن دوائر الدولة والتزاماتها التي لا تساوي المرتب الشهري
فرح سراج جدا بالعرض الذي تلقاه من العم حسن .. الذي قدم له كل التفاصيل و وضح له كل الامتيازات التي سيحظى بها لو عمل بدلا منه ..
هذه المهنة ستغير من حال سراج المادي وستجعله يعود بالمال وما يتسوقه كل يوم للبيت الذي يعيش فيه لكي يفرح جدته ويحاول ان يعوضها عن تعب السنين
كانت جدته اغلب الاحيان ترفض منه اي هدايا يشتريها لها حبا به و توصيه بالاقتصاد فهو شاب في مقتبل عمره ومازال امامه الكثير من المسؤوليات وهو سيدخل قريبا العشرون من عمره وهو لم يتزوج بعد ولم يجد بنت الحلال .. فعادة تلك الطبقة الفقيرة الزواج المبكر .. و اغلب اقران سراج كانوا قد تزوجوا أصلا ..
لم ينس العم حسن ان يخبر سراج بكافة التفاصيل المهمة لعمله و طلب منه ان يأتي للقصر لكي يريه واجباته الميدانية بشكل مباشر و سيظل معه بضعة ايام حتى يتأكد من اتقانه العمل ..
فكان على العم حسن ان يجعل مرام تقابله لتقتنع به و تسلمه الوظيفة .. ولذلك ذهب العم حسن الى بيت سراج ليقابله بخصوص الوظيفة المرتقبة .
العم حسن/ خود دول يابني !
سراج/ اي دول ؟
العم حسن/ دول شوية فلوس عاوزك تشتري بيهم هدوم شيك و بِدل .. و لازم تلبس بدلة شيك قوي بكره وانت جاي تقابل المدام ..
سراج/ بس دول كتير؟ ثم انا لسه ما بتديتش الشغل؟ مش يمكن ماعجبش المدام لما تقابلني و متشغلنيش؟؟
العم حسن/ اولا .. دول مش فلوس كثير.. ثانيا .. المدام مش هتقول لا عليك .. لأنها واثقة في اختياري و انا اخترتك عشان تكون بديلي .. و اخيرا يا سراج .. لو محصلش نصيب لا سامح **** ابقى اعتبرهم هدية يا ابني
سراج/ ولو اني مقبلش صدقة من حد بس ..
يقاطعه العم حسن/ اخص عليك يابني .. صدقة ايه بس .. دا انا معتبرك زي ابني بالضبط
سراج بخجل / العفو يا عمي و**** ماقصدش
العم حسن/ حصل خير يابني .. المهم .. بكره جهز نفسك كويس للمعاد ..
سراج/ حاضر يا عم حسن ..
وفي يوم المقابلة ..
حضر سراج .. للقاء سيدة القصر .. مرام ..
رؤية مرام .. لعبت في راس سراج و شقلبت تفكيره .. ما ان رآها حتى افتتن بها ذاتها حرفيا على الفور .. لم يهمه عمرها ولا مالها ..
بالطبع انعكس اعجاب سراج بمرام من النظرة الاولى عليه واثر على سلوكه .. لم يكن يتوقع ان تكون سيدة القصر الثرية بكل هذا الجمال و السحر و الجاذبية
منذ أن رأى مرام من الوهلة الأولى اصيب سراج بارتباك واضح فصار يشعر بأحراج و يتلعثم في كلامه..
مرام كانت تجلس في مكتب زوجها المتوفي .. فأضاف لها ذلك هيبة زرعت في نفس سراج التردد و الخوف !!!
مرام/ واقف ليه ؟ تفضل اعقد !
سراج/ ها .. اه .. ايوا صحيح .. حاضر ..
سراج كان ينظر بسرعة لمرام ثم يبعد بصره اسرع عنها كي لا تفضح عينيه اعجابه المباشر و الشديد بها و بشخصيتها ..
لكن الامر كان عاديا لمرام .. كأي شخص جديد يحضر للمقابلة ويريد ان يعمل لديها او في مصنعها .. من الممكن ان يحصل له ذلك .. لقد رأت الكثير ممن يصابون بارتباك في مثل هذه المواقف
مرام/ عم حسن حكالي كتير عنك و شكر فيك قوي .. عم حسن ده بعتبره في مقام والدي .. و رأيه مهم قوي عندي .. عشان كده انا قبلت اشوفك .. و اسلمك الشغل الجديد مكانه ..
سراج بفرح/ كده ع طول ؟ اقصد انا متشكر قوي يا مدام .. ده شرف كبير ليا
مرام/ المهم ان عم حسن هيفضل معاك كام يوم و يعلمك ع الشغل و يعرفك واجباتك و ايه هو المطلوب منك .. لحد ما تاخذ ع الشغل و تتعود عليه
سراج بحياء/ **** يخليكي يا فندم .. ده كرم كبير من حضرتك
مرام/ هو قالك مرتبك هايبقى كام ؟
سراج/ مش مهم المرتب حضرتك المهم اني ابقى عند حسن ظنك فيا
مرام بحزم/ لا طبعا .. المرتب مهم و مهم قوي يا ..
سراج/ محسوبك سراج يا مدام
مرام/ المرتب مهم قوي يا سراج .. و هيزيد بعد كام شهر لما اشوف شغلك و اتبسط منك
سراج / انا واثق من كده حضرتك ..
مرام/ عندك اي سؤال بخصوص الشغل .. يعني انت موافق؟
سراج/ طبعا موافق اكيد حضرتك ده شرف كبير ليا
مرام/ كويس قوي .. روح دلوقتي لعم حسن خليه يمضي العقد معاك .. و **** يوفقك في شغلك الجديد
سراج بفرح/ انا ماعرفش اوصف فرحتي لحضرتك بالشرف الكبير ده يا مدام ..
صمتت مرام واومأت براسها لسراج في اشارة لرضاها عن مجاملته دون ان ترد عليه ..
فيما ذهب سراج فرحا لعم حسن البواب و اخبره برضا مرام عنه .. فهنئه حسن و صار يوصيه بالعمل و الحرص عليه و الاهتمام بسيدة القصر و كل ما تطلبه منه
صارت مرام تستحوذ على تفكيره طول الوقت .. ويحمل صورتها معه عند العودة لبيته ..
فسراج كان معجب بجمال مرام التي ماتزال ساحرة و اخاذة للقلوب بجسمها المتناسق و عودها الرفيع و جاذبيتها الخارقة
كما أن الثراء اضاف لوجهها هاله اكثر نورا و سطوعا و جعل منها قمرا منيرا ووجهاً مشرقاً اكثر نعومة و طراوة و ترفاً ..
الحقيقة ان سراج عندما رأى مرام في اكثر مناسبه افتتن قلبه فيها رغما عنه و بقوه .. لكنه لم يبح بذلك حتى مع نفسه .. مع ان الاهتمام كان واضحا في تصرفاته معها و نظراته التي تفلت نحو سيدته رغما عنه .. كأن كل فعل يقوم به يريد أن يفضح بما في داخله من شوق و اعجاب
اكتفى سراج بالسكون والسكوت والترقب فقط فكان يكتفي بالنظر الى هذا الجمال الشاخص امامه .. والتأمل فيه كل ما سنحت الفرصة البسيطة والضئيلة لرؤيتها او عندما يقوم بأجراء حوار سريع معها ..
مرام كانت ايضا تستعين به في مشاويرها القريبة للتسوق او لزياره الصديقات او الذهاب الى احدى الحفلات للمشاركة في المناسبات الاجتماعية في الطبقة الراقية التي انضمت لها مؤخرا ( احدى الاندية الاجتماعية الراقية) بعد ان تعودت على حياه الثراء والرفاهية
كانت مرام تنظر لسراج بعين العطف والشفقة في بادئ الأمر و تحاول ايضا ان تساعده قدر استطاعتها فهي كانت تعطيه كل مره مبلغ من المال لمساعدته على ظروف الحياة بالإضافة الى اجوره المجزية لكن سراج كان لا يتقبل هذا منها أبدا
بمرور الوقت بدأ هو يشعر بحساسيه من الموضوع كأن الموضوع بدأ يمس كرامته فهو سيقبل اي مساعده ومن اي شخص الا من مرام لأنها مميزه عنده و لها مكانة خاصة في قلبه فلم يكن يريد ان يبان امامها كشخص ضعيف أو متسول بالأحرى ..
في زاوية منحدرة من خلف قرص الشمس عصرا، حين كانت الفيلا تستحمّ بلون ذهبيّ خفيف، كانت مرام تهمّ بالخروج، ترتدي ثوباً بيج اللون، ترفع نظارتها الشمسية فوق رأسها، وتمسك بحقيبة جلدية صغيرة. لم ترتدي مرام ال**** لكنها كانت تضعه على رأسها عندما تنوي زيارة المصنع.. وهي تبدو دوماً في ابهى صورها ..
في الصالة، كان سراج ينتظر، واقفًا بجسده المستقيم وملامحه المشدودة، كأنما يخفي شيئًا خلف كل وقفة وكل تنهيدة.
قالت مرام له، بنبرة ودودة تحمل شيئًا من الاعتياد / انا هروح النادي ساعة كدا و راجعة، تعال بس عشان تشتريلي كام حاجة في السكة.
سراج/ تحت أمرك، العربية جاهزة من بدري، وحضرتك تؤمري.
لم تكن تلك المرة الأولى التي يرافقها سراج فيها، لكنها في كل مرة كانت تلاحظ شيئًا في عينيه لا تفهمه تمامًا. شيء بين الانبهار والتوتر، وكأنه يرى فيها أكثر مما تقوله ملامحها
حين عادا، وقبل أن يخرج، أخرجت مرام ظرفًا صغيرًا من حقيبتها وقدّمته له
مرام / خد يا سراج، دي حاجة بسيطة ليك. عارفة إن الظروف صعبة،.. و انت على وش جواز ! .. تستاهل أكتر من كده.
وقف سراج لحظة، كأن شيئًا ثقيلًا وقع على كتفيه. نظر إلى الظرف، ثم إليها، ثم ردّ وهو يمدّ يده بلطف يعيد الظرف إليها
سراج/ لا و**** يا مدام مرام... مش كده. حضرتك ما قصّرتيش معايا، بس مش هاقدر آخده.
رمشت مرام عيناها بتعجب / ليه يا سراج؟ إيه السبب ؟
تنحنح سراج قليلاً، ثم قال بصوت هادئ فيه نبرة رجولة مكسوة بالخجل
سراج/ مش الموضوع كدا... بس أنا... بحب أشتغل وآخد حقي. مش عايز أبان كأن الناس بتعطف علي. خصوصًا من حضرتك...
سكت سراج برهة، ثم استجمع شجاعته / أنا بحترمك... وبقدرك فوق ما حضرتك تتخيلي. بس... لو خدت مساعدات من حضرتك، أنا هحس إني صغير... وأنا بصراحة مش صغير!
نظرت إليه مرام، وقد شعرت بشيء غريب في نبرته، شيء لم تقف عنده من قبل. سراج لم يكن مجرد شاب يعمل في القصر... فيه شيء آخر، شيء صامت لكنه يصرخ.
قالت بهدوء/ أنا عمري ما فكّرتك صغير يا سراج... بس اللي زيك، لازم ياخد فرصة. ودي مش منّة، ولا شفقة. دي محاولة تشجيع ... بس خلاص، انا مش هضغط عليك.
ابتسم سراج ابتسامة باهتة، كأنها ابتسامة وداع لفكرة راودته طويلًا. ثم انحنى قليلاً وقال/ **** يخليكي، ويكرمك. و... شكرًا على كل حاجة.
ثم استدار ليغادر، لكنها بقيت واقفة تنظر إليه، وفي داخلها سؤال لم يُطرح بصوت:
هل سراج فقط شاب طموح؟ أم أن خلف نظراته سرٌ لم تكتشفه بعد؟
كان سراج يريد ان يبين لها انه قادر على تدبر اموره وانه رجل قوي و ليس بحاجة لعطف احد فلقد كانت لديه أسباب فلسفيه تخص الرجل وكرامته مع ان مرام اكدت له انها لم تقصد شيئا من مساعدتها له .. هي فقط تريد ان تحفزه فهي لطالما كانت تخبره عليك ان تتزوج ،عليك ان تبني اسره ، وكان هذا الامر صعب عليه ويجعله يحس ببعض الحزن لأن مرام كانت لا تشعر به قطعا ولا حتى من قريب فظل ذلك الأمر حبيس صدره ومؤذيا له اغلب الاحيان
لكن ماةيجهله سراج أن مرام شعرت بأعجاب سراج فيها من طريقة كلامه وتعامله معها وحتى نظرات اعجابه المفضوحة نحوها .. و مع انها كانت تكابر و تنكر الأمر لكنها حين تختلي بنفسها و تقف امام المرأة تلطالع جمالها الذي ما زال صامدا و نظرا و براقاً و تنظر للسنوات الطويلة التي قضتها بلا جنس ولا زوج ولا حتى حب.. تدرك انها ما زالت امراة في ريعان شبابها و مازالت محط اهتمام الكثير من الرجال حتى الشباب الاصغر سنا منهم .. هي مازالت شابة و الاف الرحال يتمنون رضاها ..
لقد اندمجت مرام في الارث الذي تركه عبد المنعم لها و في كيفية الحفاظ على اسمه متناسية نفسها وشعورها كامراة جميلة و جذابة لكل من يراها .. فهي امراة ذكية، أنيقة، قوية الشخصية ومتحفّظة، ومع انها ورثت المعمل والقصر لكنها مازالت لاتعلم بعد أنه عليها مواجهة أطماع عائلة زوجها المغتربة .. قريبا جدا !
حتى بعد تلك المحادثة .. ما في داخل سراج نحو سيدته لم يتغير كثيرا .. ما زال معجبا بها في سرّه، مفتون بجمالها ورقتها، رغم فارق السن فيما بينهما .. هو عنده عزة نفس قوية فقط، يرفض مساعداتها المالية، لكنه سيظل منجذبا إليها بصمت.
في احد الايام وصل للقصر خبر مفاجئ بوفاة السيد نظمي المسؤول الأقدم عن معمل النسيج الذي كان يديره من ايام عبد المنعم وهو على قيد الحياه
هذا الخبر كان صدمة كبيرة لمرام .. فهي كانت معتمده بشكل كبير على السيد نظمي في اداره هذا المصنع
السيد نظمي كان لا يعتبر مديرا أمينا لهذا المصنع فحسب بل كان لديه حصه بسيطة ايضا تعادل الثلث فيه من منذ ايام تأسيسه على يد زوجها عبد المنعم
ولكن عبد المنعم رغم ثرائه الكبير لم يفكر في يوم يضحي بتلك الشراكة من اجل المال مع قدرته على ذلك والسبب ان عبد المنعم كان يثق جدا بالسيد نظمي و يعود اليه بكل الامور المتعلقة بإدارة هذا المصنع واداره شؤون عماله
فعبد المنعم بعد ان توسعت تجارته لم يكن يملك الوقت الكافي للسيطرة على كل فروع املاكه
و ما حصل بعد الوفاه ان ابن السيد نظمي الاكبر ظهر في الساحة وهو يدعى قصي ، رجل متزوج و عمره 40 عاما وكان يظن ان والده قد بنى المصنع على اكتافه بتعب السنين وعرق الجبين
ولذلك طالما كان يسأل ابيه عندما كان على قيد الحياه بأن عليهم المطالبة بهذا المصنع لنفسهم والذي يعتبر قشه في بحر املاك عبد المنعم
لكن السيد نظمي كان يرفض مطالب ابنه بشده فهو يدرك تماما أن ذلك ليس صحيحا من الناحية الرياضية ولا من ناحية الجهد فأملاك عبد المنعم وان كانت قد ابتدأت من هذا المصنع الا ان حصته كانت تشكل الثلثين وارباحه تلك هي من مكنت عبد المنعم بخبرته وحنكته وجراته، بالإضافة للخبرة التي اكتسبها من اهله .. من دخول معترك السوق بجراة مجازفا بكل ما لديه ليحقق نجاحا ماديا كبيراً فيما بعد
اما السيد نظمي فاكتفى ان يظل في منطقه امنه ومستقرة مكتفيا بإيراداته التي تأتيه من هذا المصنع .. و على ايه حال فإن قصي كان يشعر بالظلم بدون سبب وجيه .. يشعر دائما انه هو الاحق بهذا المصنع على الاقل .. وله حق أيضا في ثلثي ثروة عبد المنعم الاخرى .. ولو امتلك قصي دليل واحد يؤيد فكرته تلك لما تردد عن اقامه دعوه قضائية في المحاكم ضد مرام
ما فعله قصي بعد وفاة ابيه .. هو ابراز مكانته و ودوره .. فأكثر من ظهوره الى الساحة و صار يزور المصنع بشكل يومي حتى شعر اغلب العمال والإداريين الصغار بأن قصي هو السيد الجديد أو على الاقل اصبح هو المدير الاول في الإدارة والمتحكم بجميع شؤون المصنع
لقد كان قصي يتواجد طول الوقت في المصنع ويتدخل في كل صغيره وكبيرة ، حتى انه صار يفتعل المشاكل و صار يظلم عمال هذا المصنع من غير وجه حق
الاخبار كانت تصل الى مرام التي شعرت حقا انها بدأت تواجه تحديا جديدا لم تكن تتوقعه من بعد وفاه السيد نظمي .. فكان عليها الدفاع بقوه عن هذا المصنع الذي يمثل الإرث و الثروة التي توارثتها من زوجها
مرام كانت تزور هذا المصنع بشكل متقطع فلقد وجدت انه من الافضل ان تكون متواجدة هي الاخرى بشكل شبه يومي فيه
سراج كان يرافقها كل يوم الى هذا المصنع بصفته سائقها و حارس بيتها .. فلقد وردت لمرام شكاوى عديدة من بعض العمال
فصراع المنافسة على اداره هذا المصنع اشتدت حتى وصلت الى عرقله القرارات الصادرة من الإدارة بسبب تدخل قصي فيها
فقصي كان كل همه ان يقف في وجه مرام و لم يهتم لو اثرت قرارته تلك سلبا على إنتاج المصنع و عائداته ..
لم تواجه مرام قصي بشكل مباشر .. حتى وصلتها شكوى بأن قصي فصل عاملا بسيطا بغير وجه حق. فأثار ذلك غضبها و كانت تلك هي القشة التي قسمت ظهر البعير ..
في صباح هذا اليوم ..
كان المصنع يعجّ بالحركة و أصوات الآلات تتداخل مع صياح العمّال وضجيج السيارات التي تقف عند المستودع لتحميل البضائع.
مرام كانت تمشي بين الممرات الواسعة للمصنع، والعمّال يلقون عليها التحية في احترام ظاهر.. و سراج كان يسير بجانبها بخطوات ثابتة، يحمل دفتراً للملاحظات ويدوّن ما تطلبه. بدا كل شيء يسير بهدوء حتى الآن ..
تقدّمت مرام بخطوات واثقة عبر اروقة المصنع .. عابرة لمكتب قصي .. يرافقها سراج الذي صار ظلّها الحاضر، يفتح لها الطريق بين العمال ويلفت اليه النظر بحضوره الصامت.. تعمدت مرام عدم دخول مكتب قصي و تجاوزته .. قصي سمع بالضجيج في الممرات وخرج ليتقصى الاخبار..
وبينما كانت هي تتفقد صالة الإنتاج، ظهر قصي فجأة امامها .. يرتدي بدلة رمادية، وجهه كان ذو ملامح حادة وعيناه تقدحان غضبًا محتقناً .. فتوقّف في منتصف الصالة، ثم توجه مباشرة نحو مرام
قصي .. هو الابن الاكبر للسيد نظمي .. كان في أوائل الأربعينات، ممتلئ البنية، و يتميز بأن له ملامح حادّة ونظرة متحفّزة. فتوقّف أمامها بجرأة.
قال لها وهو يبتسم ابتسامة فيها تحدّ/ هو معقول المدام تبقى قريبة من المكتب و ما تشرفنيش بالزيارة !
رفعت مرام حاجبها قليلًا، ونظرت إليه بثبات/ اهلا يا قصي .. هو الي سمعته ده صحيح؟ انت ازاي ترفد واحد من العمال من غير ما ترجعلي في الاول ؟
اقترب قصي أكثر، ورفع صوته قليلًا وكأنه أراد أن يسمعه الجميع ..
قصي بتحد واضح/ أنا قصي نظمي.. يا مدام .. انا والدي شريك أساسي في المصنع، انا من حقي أعزل و ارفد و اعين من غير ما ارجع لحضرتك
توتر الجوّ فجأة، العمّال تراجعوا في صمت، وسراج تقدّم نصف خطوة كأنه يستعد للتدخل. مرام لم تُظهر انفعالًا، بل ردّت على قصي ببرود متزن
مرام / أنت أكيد عارف إن كل حاجة متقيدة في الورق، أبوك **** يرحمه ليه تلت في المصنع ده، وأنا ليا الباقي… واللي بيحصل هنا تحت مسؤوليتي انا.. انا .. المسؤولة المباشرة يا قصي
ضحك قصي بسخرية / الأوراق حاجة، والحق حاجة تانية يا ست مرام. ده أبويا هو اللي شال المصنع على كتافه وهو الي مافوتش نهار من غير ما يبقى موجود فيه .. وهو الي اشرف على كل انتاج طلع منه من يوم ما تأسس .. المصنع ده اتبنى طوبة طوبة بفضل مجهود ابويا، الكل عارف ان احنا اولى بالمصنع .. احنا الي شقينا فيه بعرقنا و دمنا.. وانتي الي جاية دلوقتي ع الجاهز .. عايزة تتدخلي في قراري؟ إنتي مجرد زوجة جت في الآخر… وأخدت كل حاجة على الجاهز! بعد ما كل حاجة بقت باسمك ..لمجرد ان الباشا أتجوزك قبل ما يسلم الامانة للي خلقها بثلاث سنين؟ ..هو ده معقول يا جدعان .. هو ده يرضي **** برضه ؟ هو ده الحق يا ناس؟
كلام قصي كان مبطنا .. الكل عرف مقصده .. هو يقصد ان مرام حديثة النعمة وان ابوه وهو كانا من المؤسسين للمصنع من قبل حتى ان تولد هي .. وان احقيتها شكلية و غير مستحقة بتاتا ..
مرام تحسست لكلام قصي الذي كان جارحا لها .. فلقد فهمت قصده جيدا ..ولكنها قبل ان تقوم بأي رد فعل .. تحرّك سراج بخطوة للأمام، و خاطب قصي بنبرة منخفضة لكن حادّة وهو يقف بينه و بين مرام و كأنه درع بشري ..
سراج/ لو سمحت، خلي كلامك بحدود !
قصي نظر له باستهانة / وأنت مالك انت و تطلع مين انت الآخر؟ و مين سمحلك تتدخل ما بين الكبار ؟
جميع الحضور كانوا مصطفين حول الثلاثة كأنهم في حلبة من نوع اخر .. حلبة يجري فيها صراع خفيف. . لكنه ناري ..
ابتسم سراج ابتسامة باهتة
سراج / انا المرافق بتاعها…و المسؤول عن سلامتها .. وكلامك ليها مش مسموح انه يخرج عن حدود الاحترام..
وقفت مرام بينهما بسرعة قبل أن يتصاعد الموقف، وقالت لقصي بصرامة
مرام/المصنع ده ليه مجلس إدارة، و هم عارفين مين فينا الاحق .. ولو عندك اعتراض، اتفضل قدّمه رسمي.. إنما المشاهد دي و استعراض العضلات … ملهاش مكان هنا ارجوك
قصي ضيّق عينيه، وصمت للحظة وكأنه يقيس رد فعلها، ثم قال وهو يبتسم ابتسامة ساخرة
قصي / ماشي يا ست مرام… بس اعتبري دي .. كانت البداية بس !!
ثم غادر قصي بخطوات بطيئة، تاركًا وراءه توترًا ظلّ معلقًا في الهواء.
التفتت مرام إلى سراج، الذي كان لا يزال واقفًا بحدة كأنه مستعد للاشتباك. نظرت إليه طويلًا وقالت بصوت خافت
مرام / إوعى تسيب أعصابك تجرّك لبعيد يا سراج… هو عايز يشوفنا كده .. بنفقد هدوءنا !
أومأ سراج برأسه، وعينيه ما زالتا تتابعان قصي وهو يبتعد
سراج / تمام يا ست مرام .. امرك… بس واضح إننا داخلين على أيام مش سهلة..
صمت سراج قليلا ثم اكمل كلامه لها
سراج/ كل الي عاوزك تعرفيه .. اني مش هسمحله او اسمح لأي حد ان يتجاوز حدوده معاك ..اقصد مع حضرتك!
انتبهت مرام لعبارة سراج الاخيرة .. التي دخلت نفسها و نالت إعجابها .. نظراتها كانت مركّزة عليه. كانت لأول مرة ترى فيه شيئًا مختلفًا .. حدة رجولية لم تتوقعها منه فشعرت حقا بالقوة و هو مساندٌ لها ..
ثم تابعت بعد هذا الموقف مشيها بين العمال وهي ترفع رأسها من جديد، لكن عينيها لم تترك سراج
أما سراج كان يحاول إخفاء ارتباكه، بينما قلبه يخفق بقوة لم يعهدها من قبل.. شعور جميل ان تحمي احباءك و تجعلهم يشعرون بخوفك عليهم ..
الجزء الثاني
بعد ايام من ابتداء عمل سراج في القصر ..
في شقته المتواضعة
كانت الغرفة الضيقة تفوح برائحة القهوة المحمّصة، والمروحة العتيقة تصدر طنينًا خافتًا وهي تدور في بطء فوق رأسيهما.. هو وجدته
جلست الجدة .. السيدة نجية على الأرض وقد فرشت أمامها بعض صور الفتيات، كل واحدة منهن مبتسمة بثقة مصطنعة أمام عدسة جوال
لفد لاحظت جدة سراج تغير احوال حفيدها بعد استلامه لعمله الأخير
قالت وهي تلوّح أمامه بإحدى الصور
الجدة نجية / بُص يا واد، دي بنت خالتك سهى .. جيرانا الي ساكنين قصادنا من قبل ما تتولد... بص عليها .. بنت زي القمر، مؤدبة وشاطرة، وأبوها قاللي لو وافقت انت بس، هنكتب الكتاب بعد العيد على طول.
سراج كان جالسًا أمامها، يمسك كوب الشاي دون أن يرتشف منه. عيونه شاردة، كأنها تبحث عن مخرج بين وجوه الفتيات المعروضة امامه .
قال لها بهدوء، كأنما يحاول أن لا يجرح قلبها / مش دلوقتي يا تيتة... لسه بدري على الجواز.
ولكن هذا الرفض كان له مبرر ، فالصراع الخفي في قلب سراج صار يستعر، في داخله صورة غير معلنة لإعجابه العميق بمرام، التي بدأت تتحوّل في وجدانه إلى ما يشبه الهوس بل وحتى الهيام
رفعت الجدة حاجبها بدهشة صادقة / بدري؟! عندك واحد وعشرين سنة يا واد، يعني امتى ناوي تتجوز؟ بعد ما تجيب عيال لوحدك؟!
ابتسم سراج بتوتر، ثم تنهد وقال/ مش حكاية سن... بس أنا... حاسس إني لسه مش مستعد.
زفرت الجدة بقوة، وألقت الصور جانبًا / دي أول مرة أسمعك بتتكلم كدا. أنت طول عمرك بتقولي يا تيتة انا بحب العيلة والبيت لأني اتحرمت منهم ! إيه اللي حصلك يابني ؟ ولا تكونش ... فيه واحدة في دماغك؟
صمت سراج امام سؤالها ، لم ينفِ، ولم يؤكد .. لكن ارتباكه كان أبلغ من أي اعتراف.
قالت وهي تحدق في وجهه/ يبقى أنت... بتحب .. ؟
ردّ سريعًا وهو يشيح بنظره/ لا يا تيتة... حب ايه بس؟
رفعت الجدة حاجبها الآخر، وكأنها قرأت ما لم تكتبه ملامح حفيدها، وقالت بنبرة ملغومة /ولا يمكن... تكونش الست بتاعة القصر هي اللي ما خلتكش تبص على غيرها؟
تجمّد سراج كأن اسمها عندنا لُفظ من بين شفتيها قد عرّى سرّه أمام نفسه قبلها. حاول أن يضحك، أن ينفي، لكنه فشل.
قال بخفوت/ يا تيتة انت بتقولي إيه؟ دي المدام مرام... دي ست القصر .. شجاب لجاب بس يا تيته ؟
ضحكت الجدة ضحكة قصيرة خالية من التصديق/ مدام ؟؟ دي أصغر حتى من خالتك ابتهاج! ما انت من يوم ما اشتغلت عندهم وانت متغيّر... بتقفل على نفسك في أوضتك كتير و بتسكت كتير، ودايمًا بتدافع عنها لما اي حد يجيب في سيرتها. هو أنا هبلة يا واد؟
رفع سراج عينيه نحوها، وقال بنبرة فيها وجع خفي/ ماعاش الي يقول عليك كده يا تيته .. بس مش عارف اوصلك الي عاوز اقوله من غير ما تفهميني غلط .. فيه ناس يا تيته، أول ما يدخلوا في حياتك... ما تقدريش تخرجيهم تاني منها بأي شكل.. مهما حاولتي
صمتت الجدة، وقلّبت الصور التي كانت بيدها، ثم قالت بهدوء/ يابني انا خايفة عليك .. مش عايزاك تحلم بحاجة مش هاتحصل وصعب انك تنولها . مش عايزاك تتقهر .. احنا ناس ع قد حالنا .. هم فين واحنا فين
لم يُجب سراج جدته .. لكنه هذه المرة لم يُنكر مع نفسه انها على حق
فسراج عندما دخل قصر عبد المنعم و رأى سيدته .. افتتن بجمالها ! مع ان مرام لم تتعدَ ٣٦ عاما ولكنها ما تزال يافعه و في قمة جمالها و لم تغير منها السنين او تؤثر في بريقها و جمالها .. حتى انها ماتزال تبدو و كأنها لم تتجاوز الخامسة والعشرين من العمر ولكن للقلب احكامه والهوى سلطان
بعيدا عن شقة سراج
كانت الحياة في القصر توحي بأن مرام تعيش في الفردوس .. لا احد يدري ان مرحلة الاستقرار المؤقتة التي عاشتها على وشك ان تنتهي!
فهناك تهديد قادم على وشك ان يقوض الاستقرار .. تحدٍ جديد من نوع آخر ستواجهه مرام لوحدها .. ليس من اجل التمسك بحقها و لكن للحفاظ على تركته و أرثه المادي و المعنوي والمتعلق بمعمل القطن الذي يفتح مئات البيوت كمصدر دخل وحيد لعائلات محدودة الدخل ..
خلف الكواليس .. كان قصي يحاول اقصى جهده ان يبعد مرام عن المصنع على اقل تقدير .. هو يعرف جيدا ان اخذ المصنع منها مستحيل .. ولكن على الاقل ليبعدها عن طريقه في الوقت الراهن .. يريد قصي ان يخلو له الجو لكي يتصرف في انتاج المصنع على هواه .. و ليعوض ما اسماه حقه و حق ابيه في بناء هذا المكان ..
لم يكتف قصي بإزعاج مرام شبه اليومي عند تواجدها في المصنع ...بل صار جشعه يدفعه لارتكاب امور اخرى طائشة في الخفاء !!
فيما كانت الايام تمر على مرام بشكل بطيء وهي تحس بوجود توتر متصاعد يدخل حياتها ويعكر صفاؤها .. بسبب المواجهات المتكررة بينها وبين قصي ..
وفي احدى الأيام
كانت مرام عائدة من جولة طويلة في المعمل، تشعر بالإنهاك ، وعيناها تحملان لمحة من التعب الشديد الذي حاولت إخفاءه بابتسامة متماسكة أمام العمال.
حين وصلت إلى السيارة، سبقتها يد سراج التي فتحت لها الباب بسرعة. فنظرت إليه، فرأت في عينيه شيئًا من الحرص البالغ و الاهتمام الحقيقي .. و كأن سراج شعر بتعبها و ما يختلج في نفسها من قلق متصاعد
سراج/ انت كويسة يا ست مرام؟
قالت له بنبرة مرهقة/اه أنا كويسة يا سراج... كويسه!
لكنه لم يتحرك من مكانه، وكأنه يقرأ ما وراء كلماتها
سراج / معلش يا ست مرام، بس إنتي شكلك تعبانة اوي... لو تسمحيلي أخدك للدكتور!
ابتسمت مرام بخفة، وقد لفت انتباهها حرصه الصادق وهي تدخل المقعد الخلفي للسيارة
مرام / هو انت بقالك كام سنة معانا يا سراج ؟
أجابها سراج بتردد خفيف/ ايه؟ قصد حضرتك كام شهر؟
أطرقت مرام برأسها قليلًا وكأنها تفكر بصوت مسموع/ غريب... حاسة كأنك معايا من وقت طويل؟... يمكن لأنك فهمتني بسرعة و حتى من غير ما تكلم ..بتعرف انا قصدي ايه و حاسة بايه
رفع سراج عينيه إليها، وفي نظراته بريق خجل ممزوج بالفخر. لم يرد بكلمة، لكنه شدد قبضته على باب السيارة كأنه يحبس انفعالًا داخليًا.
سراج بخجل مخفي و هو يحاول ان يظل متواضعا جدا امامها / يمكن عشان انت بجد انسانة كويسة و طيبة و قلبك ع الناس الي معاك .. فربنا اراد اني ابقى فاهمك و حاسك حتى من غير ما تتكلمي ..
مرام، التي عادة ما تتحفظ في كلماتها، وجدت نفسها تبتسم له ابتسامة خفيفة مخلوطة بخيطٍ من إعجاب حاولت اخفاءه
مرام/ عارف يا سراج.. وجودك جنبي في الفترة الاخرانية كان مهم اوي و ريحني في حاجات كتير ..
تدراكت مرام نفسها ثم اضافت باحراج قليا/ اقصد .. انت عارف ان العم حسن كان راجل كبير و صحته على قده .. مش زيك كده في عز شبابك و تلقطها و هي طايرة .. نشيط و مليان حياة .. النبي حرسك !
تجمدت لحظة صامتة بينهما، كأن ما قالته مرام كان أول اعتراف غير مباشر بأن هناك شيء ما بدأ يتجاوز العلاقة الرسمية. ثم قطعت هي هذا الصمت سريعًا وهي تركب السيارة
مرام باحراج/ يلا بينا يا سراج ع القصر .. لو سمحت!
سراج رد عليها بابتسامة خفيفة وهو يشعر بقليل من السعادة التي طرقت أبواب قلبه .. لتهبه ذرة امل بسيطة .. نبتت كبرعم نبات غض في وسط صحراء قاحلة ..
ثم ذهب ليجلس في مقعد السائق كي يحرك السيارة
لكن مرام، في انعكاس زجاج النافذة، لمحت عينيه ما زالتا مثبتتين عليها، بكل ما تحملانه من اعجاب واضح و مفضوح .. بل وحتى بدايات رغبة !
في صباحٍ يوم آخر مشمس،
رن هاتف مرام فأستيقظت من نومها المريح من على سريرها الفخم .. في مشهد يشبه استيقاظ اميرة في قصرها الملكي ..
مرام/ اهلا يا نادين .. صباح الخير
نادين/ ايه ده ..هو انت لسه نايمة ؟ يابنتي العمر قصير حرام تضيعيه في النوم
مرام تبتسم/ غصبن عني واللهي من التعب يا نادين .. دماغي هتطق و تنفجر من كتر الشغل و التعب و المسؤولية الي على دماغي
نادين تضحك/ وعلى ايه ده كله بس؟ يا بنتي دنتي لو بعتي نص المصنع ..فلوسه هتعيشك العمر كله من غير ما تفكري بحاجة ..لازمتها ايه وجع الدماغ ده بس
مرام/ مش مسالة فلوس يا نادين وانت عارفاني كويس .. دي امانة ولازم احافظ عليها
نادين بضجر/ يييه يا مثاليتك يا مرمر .. بصي سيبي المصنع وكل حاجة وراكي .. انا عازماكي النهاردة في النادي ..
مرام/ خير .. ايه هي المناسبة
نادين/ اخص عليك با مرمر .. مش النهاردة عيد ميلادي
مرام /ايه ؟ كل سنة وانت طيبة يا نادين ..انا نسيت واللهي سامحيني ..اسفة بجد ..
نادين/ مسامحاكي عشان بحبك يا قمر .. بس هزعل بجد لو ماجتيش الحفلة بالليل
مرام/ حاضر .. على عيني .. ده انا هجيبلك هديه ما حصلتش
نادين وهي تضحك/ بس ما تكونش اقل من الف دولار .. والا هزعل
ضحكت مرام معها ثم قاطعت ضحكتها نادين/ بهزر معاكي واللهي.. وجودك معايا كفايا يا مرمر .. دنتي اختي يا مرمر
مرام/ **** يخليك ليا يا حبيبتي..
قررت مرام أن تلبي دعوة صديقتها المقرّبة نادين، وهي إحدى سيدات المجتمع الراقي، لحضور حفلة عيد ميلادها في النادي. نادين بعمر مرام تقريبا او اصغر منها قليلا .. و مع كل المال الذي تملكه و الدلال الذي تناله من زوجها رجل السياسة المعروف الكبير السيد محمود الذهبي .. و عمليات التجميل الباهظة الثمن .. ما زالت نادين غير قادرة على خطف الانظار من مرام عندما تقف بجانبها .. فمرام ذات جمال باهر و طبيعي.. ربما اعتنت هي ببشرتها بشكل منتظم حالها كحال اغلب سيدات المجتمع الراقي .. لكنها في الاصل شديدة الجمال .. من غير أي تدخل خارجي ..
محمود الذهبي زوج نادين هذا رجل طاعن في السن .. تخطى ال٨٠ عاما .. و مازال على قيد الحياة .. نادين تشترك مع مرام بنفس النقطة .. هي ايضا تزوجت رجلا ثريا .. الفرق فقط ان نادين خططت لذلك لكي تبني مستقبلها و تحقق احلامها برأس زوجها بينما مرام لم تفعل ذلك عن عمد ولم تخطط له ..
وكعادتها، طلبت مرام من سراج أن يرافقها للحفل..
و هناك .. في النادي حيث اقيم الحفل ..
دخل سراج بخطوات واثقة إلى البهو الواسع للنادي، حيث جلست نادين بانتظار مرام.. ببدلته الكلاسيكية البسيطة ونظراته الحادة، بدا حضوره لافتًا رغم صمته. انحنى قليلًا عند وصولهما وقال لها بهدوء
سراج/ أنا هستناكي برة يا مدام مرام... لو احتجتي أي حاجة، رنة صغيرة وهكون موجود عندك
أومأت مرام بابتسامة، بينما ظلت عينا نادين تلاحق سراج حتى ابتعد. ما إن جلسَت مرام حتى ارتسمت ابتسامة مشاكسة على شفتي صديقتها.
نادين، بخفة معتادة، انحنت نحوها قائلة/ هو ده المز الجديد بتاعك ؟
مرام ارتبكت قليلًا/ مز ايه بس يا نادين .. ده السواق بتاعي .. ده بقاله فترةمعايا ، اظن انت عارفاه !
ضحكت نادين وهي ترفع حاجبيها بدهشة مصطنعة
نادين/ من امتى معاكي ؟ وانتي لسه مش واخدة بالك؟ يا بنتي الولد ده وسيم بطريقة مش طبيعية... شكله مختلف عن أي حد هنا في النادي.
تنحنحت مرام محرجة/ سراج ده مجرد موظف عندي، وراجل مؤتمن ومخلص في شغله... وبس..
نادين أرجعت ظهرها للكرسي، تنظر لصديقتها نظرة فاحصة كأنها تحاول ان تدخل في اعماق روحها لتكشف خباياها
نادين/ وبس؟! إنتي بتضحكي على مين؟ على نفسك؟ ولا عليا؟ بصي يا مرام يا حبيبتي .. إنتي لسه صغيرة و في عز شبابك و جمالك مالوش مثيل بجد .. ده انتي اجمل وحدة هنا في النادي .. مش بجاملك ع فكرة مع اني مابحبش تكون فيه وحدة احلا مني .. بس هي دي الحقيقة...
مرام/ انت عايزة تقولي ايه بالضبط؟
نادين/ عايزة اقولك .. انت قافلة قلبك كده ليه؟ عبد المنعم **** يرحمه خد نصيبه من الدنيا و مشي، بس انتي لسه حياتك قدامك .. عيشيها .. تمتعي بشبابك و جمالك و بالنعيم الي **** ادهولك .. صدقيني يا مرام انا بتمنالك الخير و انك تبقي سعيدة
ارتبكت مرام أكثر، نظرت من مكانها الى خارج اسوار النادي التي هي عبارة عن سياج نباتي قصير .. تستطيع رؤية سراج من مكانها في تلك اللحظة
. . حيث كان سراج واقفًا بعيدًا قرب السيارة، يراقب المكان بجدية. شعرت مرام بحرارة تسري في وجهها بلا سبب واضح.. قلبها خفق قليلا وهي تنظر لوقفته الشامخة و نسق جسمه الرشيق و اناقته الواضحة هذا اليوم حتى صعب على الحضور تمييزه عن باقي السادة الكبار في النادي
مرام في محاولة لنكران ذاتها/ نادين .. أنا مش بفكر في الحاجات دي... ما تنسيش سني، ظروفي، الناس... و ..
قاطعتها صديقتها بثقة
نادين/ الناس ؟ الناس هيفضلوا يتكلموا على أي حال... لكن إنتي هتعيشي مرة واحدة. وبصراحة الولد ده... شكله راجل بمعنى الكلمة باين اوي عليه على فكرة. يمكن انا شايفة فيه اللي إنتي مش راضية تعترفي بيه.
لم تجبها مرام، لكنها ظلت صامتة للحظات، تنظر في كأس النبيذ الابيض الموضوع أمامها، بينما عقلها يعيد مشهدا سابقا ..
عندما فتح لها باب السيارة و عاملها بكل رقي و احترام و شعر بتعبها و وهنها من غير حتى ان تنطق ..
لأول مرة، سمحت لنفسها أن تتساءل .. هل هي فعلاً لم تنتبه لسراج و لا للكاريزما خاصته؟ أم أنها كانت ترفض أن تنتبه؟
كلام نادين زرع شيء في قلب مرام .. الانتباه ربما .. الاهتمام محتمل.. لكنها قطعا لن تنظر بعد الآن لسراج بنفس النظرة
كانت مرام صامتة أغلب الوقت، بينما نادين ما زالت تتكلم بحماس معها، غير عابئة بصمتها
نادين كررت تساؤلها على مرام بلا ضجر او حتى ملل
نادين/ بصراحة يا مرام، أنا مش فاهمة إزاي واحدة زيك، و بجمالك وذوقك و مستواكي، تفضلي وحدِك بالشكل ده!؟
توقفت مرام لحظة، كأن الكلمات ضربت وترا مخفيًا بداخلها.. لتحرك نغماته .. التفتت نحو صديقتها بجدية محاولة وأد الشرارة التي نجحت نادين بإشعالها في فتيل روحها
مرام/ إنتي فاكراني إيه؟ إني لسه هأدور عن جواز تاني؟ ( تقصد الثالث .. لكنها لم تطلع نادين رغم قربها منها على اسرار ماضيها البعيد )
ابتسمت نادين بسخرية رقيقة و بلؤم / و هو مين جاب سيرة الجواز بس يا مرمر .. ده انتي على نياتك صحيح ..
شعرت مرام بارتباك من كلمات صديقتها وكأن نادين وضعت إصبعها على جرح لم تكن تريد لمسه..
نادين تنظر بأتجاه سراج / بصي .. بصيله كويس !
مرام بخجل/ تقصدِي سراج
نادين، تنظر له بعيون لامعة من اعجابها المفضوح/هو في غيره؟! الراجل ده واقف هناك زي التمثال من ساعة ما سابك، مش واخد باله إن كل الستات اللي هنا بيبصوا عليه؟ وسيم، طويل، شكله جدع وابن ناس من غير ما يقول كلمة... وبعدين إنتي مش واخدة بالك كان بيبصلك ازاي؟ لغة العيون مش ممكن تغلط.. ده معجب اوي فيكي
خفضت مرام عينيها سريعًا، تحاول الهروب من صدق الكلام. قلبها يخفق كأنها ارتكبت خطيئة لمجرد أنها فكرت فيه بهذه الطريقة.. قلبها اصبح صدئاً و لم تفكر حتى في ابعاد التراب عن اقفاله المهملة .. ١٢ عاما مرت دون ان تشعر بأنوثتها او بنفسها ولا بكيانها .. هي اجمل حاضرة في الحفل على الاطلاق .. و هناك عشرات الرجال في نفس المكان مستعدون لفعل المستحيل لنيل رضاها بل و هناك من هو سيكون مستعدا للتضحية بشريكته من اجل عيونها ..
مرام بشيء من التردد/ بس هو أصغر مني بكتير .. ده .. انا اكبر منه ب ١٥ سنة ع الاقل !
أجابتها نادين وهي تهز كتفيها
نادين/ أصغر ولا أكبر، إيه الي فارق؟ إنتي محتاجة راجل يحميكي ويخليكي تحسي إنك عايشة مش مجرد موجودة و بتتنفسي الهوا و خلاص .. واللي أنا شايفاه، إن الولد ده مستعد يديكي عمره كله من غير ما تطلبي ..
حاولت مرام ان تجعل الموضوع يبدو و كانه غير جاد و اقرب للمزاح فقالت لنادين بنبرة ساخرة قليلا/ كل ده عرفتيه من اول ما شفتيه ؟
نادين ابتسمت بثقة امرأة تعرف جيدًا معنى ما تقول/ ايو يا حبيبتي تريقي .. بس انا مش هرد عليكي ..هسيبلك قلبك هو يجاوب لوحده !
لقد فهمت مرام قصد نادين جيدا .. هي لديها ماض غير مشرف و اكتسبت خبرة ليست هينة من معرفتها بالرجال.. كل ما تغير الآن هو ارتداءها لقناع جديد يناسب مكانتها الاجتماعية و يرضي من يتواجدون حولها ..
مرام باعتراض مفتعل / برضه انا لسه مش فاهمة قصدك يا نادين؟
ضحكت نادين ضحكة مريبة وهي تنادي على سائقها حسام .. هو كذلك شاب وسيم .. طويل و معضل في العشرينات من عمره .. فتقدم نحوها مبتسما و يتصرف بأريحية و كأنه قادم لحبيبته او خطيبته لا سيدته
نادين لمرام و هي تضحك ضحكة شرموطة/ اعرفك .. ده حسام .. بتاعي!
نظر حسام لمرام و ابتسم لها ابتسامة ماكرة خبيثة / اه .. فعلا .. انا بتاعها ! بتاعها و بس ..
مرام باعتراض و هي متفاجئة/ يعني ايه بتاعك؟
نادين امسكت حسام من منطقة حساسة بسرعة و قالت لها وهي تعض على شفتيها
نادين/ يعني الجو بتاعي .. الانتيم بتاعي .. بتاع كله ..اتنين في واحد يا مرمر ..
مرام بنفس الاعتراض/ طب و جوزك .. ؟
نادين/ و هو لسه فيه نفس يا مرمر ؟ اوعي تفتكري اني لوحدي في المجتمع ده كله بعمل كده .. لا .. بصي حواليك كويس .. شوفي دي< اشارت نادين الى سيدة خمسينية انيقة جدا> .. دي صافيناز هانم .. الست الي عندها احفاد .. تيتة صافيناز ماتفوتش ليلة من غير ما تنام في حضن السواق بتاعها ..ايوه ده الي هناك .. شفتيه كويس؟
حركت مرام راسها حيث اشارت نادين لها
نادين / هو ده السواق بتاعها.. افريقي ! بنت الكلب عرفت تنقي ..ما أي راجل في سنها اكيد مش هيريحها .. مش هيريحها غير المستورد ! ولا اقلك بصي هناك لشفق هانم ..اظن عارفاها .. الي لسه متجوزة من شهر من عز الدين باشا .. الدنيا كلها بتعرف انها بتنام مع ابنه ..
مرام بصدمة/ مع ابنه ؟؟ و انت عرفتي ازاي؟
نادين بسخرية/ ما هو نفسه أبن جوزها.. هو الي فضحها بالفيديوهات الي مصورها وهو ينيكها .. و ابوه هو نفسه الي دفع فلوس بالهبل لشركة سايبر متخصصة عشان يشيلو الفيديو المتسرب من ع النت و يلم الموضوع .. كله داخل في بعضه يا مرمر.. مايغركيش النفخة الكدابة الي انت شايفاها دي .. كلنا في الآخر بشر و لينا شهوات لازم نهديها يا حبيبتي!
مرام بصدمة / ايه .. معقول ده؟ انا .. انا مش مصدقة الي بتقولي ده!
نادين/ ايوه معقول يا حبيبتي .. انت بس الي لسه غشيمة و لسه عاملة فيها قطة مغمضة ..
ثم استادرت نادين بوجهها لحسام و هي تمسح بيدها على بطنه الرشيقة بخفة
نادين بلبونة لحسام/ هتوديني فين النهاردة يا حسومتي ..
حسام ماسكا يدها يقبلها/ مطرح ما يعجبك يا لبوة ..
استغربت مرام كيف ان حسام قد اخذ على نادين و يعاملها بابتذال تفرح به و تستثار !
نادين بلبونة واضحة/ ما تنساش يا حسومتي النهاردة عيد ميلادي . عايزاك تقطعني .. اه.. مش قادرة استنى .. امته تخلص الحفلة و الناس تروح عشان ابقى انا وانت لوحدينا ..
مرام بإحراج / لو عايزيني امشي عشان اسيبكم براحتكم !
نادين تخاطبها بمزاح/ تسيبيني تروحي فين الحفلة لسه في اولها ..انا بس بقول كده من هيجاني يا مفترية ..
كلام نادين لم يكن بصدمة كبرى لمرام! مرام عاشت في اجواء مشابهة قبل ١٢ عاما! لم تتردد قبل في وهب لمسات من جسدها لمن يدفع لها اكثر، نعم هي كانت تحافظ على جسدها او بالأحرى بكارتها و لكن فقط لتهديه لصاحب النصيب الذي يحقق احلامها .. لكنها لم تكن تملك خبرة كافية .. الامر الذي جعلها تصبح فريسة سهلة بوقتها لإدريس الثري .. الذي تخلا عنها و طردها فور ان اكتشف حملها ..
الفرق بين الامس واليوم .. هو اختلاف الطبقة .. ما راته في فقرها .. من انحرافات و موبقات .. هو نفسه موجود الآن امامها مغلفا بأقنعة هشة تحت مسمى الرقي و التحرر او اي اسم آخر ..
كأن كلام نادين ايقظها من سباتها الذي استمر ١٢ عاما ليفتح عينيها من جديد على ما كانت تستغفله عمدا .. فظل يدور في رأسها كفراشة التصقت بمصباح وسط الظلام .. تدور حوله بهوس حتى يكاد يحرق اجنحتها
مر الوقت على مرام من غير ان تشعر .. بعد ما سمعته من صديقتها نادين .. فلقد كانت شبه غائبة عما يدور حولها ..و هي ترى نساء الطبقة الراقية تستغل كل لحظة من حياتهن حتى وان كن في خريف العمر ليشبعن غرائزهن و رغباتهن .. بينما انغمست هي في دور القديسة العصماء .. الفارسة التي تريد محاربة الشر المتمثل امامها بطواحين دون كي شوت .. !! كيف لم تفكر بنفسها بعد ان رحل عبد المنعم! كيف تناست سنين طويلة كانت هي فيها في قمة نضجها و ذروة ريعان شبابها و اقصى طاقات رغباتها .. على الاقل لو انها فقط بحثت عن حب او زوج شاب يشاركها المسؤولية و يقف معها و يساندها بوجه التحديات .. و يشعرها بأهميتها و يرضي رغباتها الطبيعة في الحياة !
تفاجأت مرام بنهاية الحفلة و اغلب الحضور قد غادروا المكان .. ولم يبق غيرها و نادين و بعض الصديقان المقربات منها .
كررت مرام تبريكاتها لنادين التي أصرت ان ترافقها في طريق خروجها من النادي
خرجت مرام من صالة النادي برفقة نادين، خطواتها على الرخام كانت تُحدث صدى خفيفًا.. يصل حتى اسماع سراج .. فتلاعب تلك الخطوات اوتار قلبه لتعزف عليه معزوفة حب جديد النشوء .. مفعم بالمشاعر و الاحاسيس الجياشة ..
فوصلتا إلى السور الخارجي .. وهناك كان سراج واقفًا كما تركته مرام، قامته المستقيمة وعينيه الحادتين تراقبان المكان بحذر كأنه جندي في القوات الخاصة. و حين لمح مرام، تقدّم بسرعة باتجاهها وفتح لها الطريق.
سراج بصوته العميق/ جاهزة يا مدام !
نظرت إليه مرام، وفجأة رأت ما كانت تتجاهله طوال الوقت .. قوة صامتة، حضور طاغٍ، رجل يشع بالثقة. للحظة، ترددت في الكلام، ثم قالت بصوت أضعف من المعتاد .. منعم بأنوثتها الحقيقية التي كانت تخفيها في سبات طويل
مرام / أيوه... جاهزة
نظرت نادين له بنظرة فيها الكثير من الكلام قبل ان تودعها.. والذي فهمته مرام دون ان تحتاج لسماعه، ثم غمزت لها غمزة خاطفة لتذكرها بكل ما قالته لها عن سراج ..
احنت مرام رأسها وهي تهم بدخول السيارة .. و بعد ان استقرت في المقعد الخلفي.. استرجعت كلمات نادين التي ظلت تتردّد في رأسها <إنتي مش واخدة بالك إزاي بيبصلك>
في المرآة الأمامية، انعكس وجه سراج وهو يضبط المقود. مرام أطرقت رأسها، لكن داخلها شيء بدأ يتحرك ببطء... شعور لم تعد قادرة على إنكاره.. حتى جسدها ارسل لها رسائل فسلجية على شكل إشارات حساسة لحلمتيها و تحتها .. كأن جسدها يطلب منها عدم تجاهل تلك الإشارات اكثر من ذلك
عيون سراج في المرآة كانت تنظر كل قليل لها .. اكثر من نظرها لمراعاة الطريق .. حتى سراج استطاع ان يشعر بتغييرها الطفيف الذي حصل فيها بعد خروجها من الحفلة .. نبرتها الانثوية الرقيقة كفيلة بأسقاط جيش تحت اقدامها لا قلبه هو فقط .. خجلها الملتف بحيائها و طريقة تحركها .. كلها علامات جديدة لم يغفل سراج عنها ..
اثناء قيادته .. في طريقهما للعودة الى القصر .. كان الوقت متأخرا بعض الشيء والشارع شبه خالٍ إلا من أضواء السيارات المتفرقة.
مرام مازالت صامتة في المقعد الخلفي، تنظر عبر النافذة و ألف الفكرة تغزوها الآن .. بينما سراج كان يقود بهدوء وثبات.
كل شيء كان صامتا .. هادئا .. ساحرا للحظات .. حتى ....
فجأة، ظهرت سيارة سوداء ذات دفع رباعي خلفهم، تقترب بسرعة غير طبيعية منهما. حدس سراج أيقظه على الفور. زمجر في داخله وهو يتمسك بالمقود بقوة.
فقال لمرام / في حاجة مش مريحة... بتحصل !
كلامه ايقظ مرام من غفلتها .. كأنها تصحو من نوم سرمدي .. فلم تجد ما تجيبه به ..
اقتربت السيارة السوداء منهما أكثر، واندفعت فجأة نحوهم ثم انتقلت بسرعة قصوي محاولة صدمهم من الجانب.
صرخت مرام منتبهة اخيرا/سراج!!! خلي بالك!
بمهارة وسرعة بديهة، ضغط سراج على المكابح ثم انحرف بانسيابية ليتجنب الضربة الأولى. أصوات الكاوتش صرخت على الإسفلت، لكن السيارة استقرت في المسار الآخر. التفت سراج إليها سريعًا، صوته ثابت رغم التوتر
سراج /متخافيش، أنا معاكي
استمرت المطاردة، سيارة البلطجية تلاحقهم كوحش جائع. سراج ناور مرة تانية، غير مساره، واستخدم مخرج جانبي للطريق، ثم فجأة توقفت السيارة السوداء أمامهم وقطعت عليهم الطريق..!!!
توقف سراج على مضض، وضربت مرام يدها على صدرها من الفزع.
مرام بذعر / انا خايفة اوي ! هما عايزين مننا إيه؟
فتح ثلاثة رجال ضخام الأبواب ونزلوا، يقتربون بخطوات تهديدية من سيارة مرام. أحدهم صرخ
/ انزلي من العربية حالاً يا ست الكل... عايزينك في كلمة صغيرة بس
سراج فتح باب السائق ونزل بخطوات ثابتة، جسده المشدود وملامحه الغاضبة قالت كل شيء. مد ذراعه حاجزًا أمام الباب من جهة مرام
سراح/ خليكي جوه يا مدام.. محدش هيقرب منك طول ما أنا واقف.
ابتسم أحد البلطجية بسخرية
/ هو انت فاكر نفسك سوبرمان يا واد انت ؟
لم يرد سراج عليه بكلمة، لكن عندما حاول أول رجل أن يدفعه، انقض عليه بحركة سريعة وأوقعه أرضًا بلكمة واحدة أفقدته وعيه. هجم الآخران عليه، لكن خبرته الجسدية تفجرت في لحظة؛ راوغ ضربة، ورد بأخرى في بطن خصمه حتى انحنى يصرخ، ثم ألقى الثالث على مقدمة السيارة بقوة جعلت الزجاج يهتز.
مرام شهقت من خلف النافذة، عيناها متسعتان بين خوف وإعجاب. لم ترَ سراج بهذا الشكل من قبل؛ قوة هادرة لكنها منضبطة، دفاع مستميت عنها كأنها حياته نفسها.
ادرك الخصوم حجم عدوهم ففروا مسرعين من المكان، تاركين خلفهم أثر الهزيمة.
تنفس سراج بعمق، ثم التفت نحو السيارة، وعيناه تبحثان عن عيني مرام. فتح الباب بلطف وقال بصوت منخفض لكنه مليء بالرجولة
سراج / انتي كويسة؟
مرام، ما زالت ترتجف و ترتعد من الخوف و لم تجد ما تقوله سوى أن تهمس
مرام/ اه .. انا كويسة .. اه ..
ثم نظرت لسراج فلاحظت وجود كدمة خفيفة قرب عينه و اثار خدوش على ساعده
مرام وهي تنظر لأصابته/ هو انت كويس؟
سراج/ لا دي حاجة بسيطة ما تقلقيش!
مرام بحرص صادق/ لأ ازاي .. طب خلينا نروح ع المستشفى يا سراج ..
سراج/ ما تخافيش يا ست مرام .. صدقيني دي شوية خدوش .. مش مستاهلة ابدا ..
مرام/ طب نطلع ع الاسم نبلغ !
سراج يبتسم/ هو انت شاكة بحد؟
مرام/ بصراحة .. لا .. بس افتكر الاصول نعمل كده
سراج/ زي ما تحبي يا ست مرام .. كويس ان العربية فيها داش كام و اكيد سجلت حاجات كتير.. على رايك يمكن الشرطة تقدر تعرف يطلعوا مين دول و مين الي وراهم ..
بعد ان ذهبا لقسم الشرطة و قدما بلاغا بالحادث .. خرجا منه لكي يعودوا للقصر
امام قسم الشرطة ..
فتح سراج باب السيارة الخلفي لمرام
مرام / ممكن اقعد قدام لو سمحت! اصل انا لسه مرعوبة من الي حصل ..
ابتسم سراج و شعر بداخله بزهو و سعادة ارضت رجولته وهو يشعر بنفسه الحارس الامين الذي يحمي الأميرة ..
سراج/ اه طبعا يا ست مرام .. اوي اوي .
جلست مرام في المقعد الامامي قربه .. فشعرت بطمأنينة .. وقالت مع نفسها < عمري ما حسّيت بالأمان كده من قبل .. هو انا حصلي ايه ؟ بس هو بجد راجل و جدع و يخليني مطمنة اوي و انا معاه >
جلس سراج في مقعده في السيارة بعد ان تأكد من جلوسها و قال لها
سراج/ انا ماعرفش يطلعوا مين ولاد الحرام دول .. بس خليني ارجعك القصر بسرعة
مرام بتأثر/ انا .. انا بجد مش عارفة اشكرك ازاي .. لولاك .. ده انا كان ممكن اتبهدل ولا حتى اتخطف ..
سراج/ بعد الشر عنك يا ست مرام .. وهو فيه حد هيستطري يعمل كده طول ما انا موجود جنبك !
مرام بلطف/ ممكن تقلي مرام بس؟
سراج بتردد/ ها .. بس ..
مرام/ ارجوك يا سراج ..
سراج/ حاضر يا س .. اقصد يا مرام ..
ابتسمت مرام له ابتسامة مليئة بالرضا و عينيها تنظر مباشرة قي عينيه ترسل له رسالة مشفرة محتواها غامض لكن الايام القادمة ستفكك شفرة تلك الرسالة و سيفهمها سراج بكل تأكيد ..
نظراتهما التقتا للحظة طويلة، شعرت مرام أنها ترى في عينيه شيئًا أكبر من مجرد ولاء أو واجب.. او جدعنة .. لحظة كسرت حاجزًا ظل طويلًا قائمًا بينهما.
عادت مرام إلى القصر تلك الليلة، قلبها ما زال يخفق بقوة مما جرى.. خليط مشاعر ما بين قلق ، خوف ، ترقب و .. سعادة !!! .
دخلت بهدوء، خطواتها مترددة، كأنها تحمل في داخلها شيئًا جديدًا لم تعهده من قبل. جلست على الأريكة في الصالون الكبير
ثم دخل سراج بعدها بدقائق، ملابسه متربة قليلا وآثار الشجار ما زالت واضحة على ساعده. حاول أن يتظاهر بالهدوء، لكن عينيه لم تفارقا ملامحها القلقة.
قال بنبرة مطمئنة/ انت لسه قلقانة؟
رفعت مرام رأسها نحوه ببطء، عينيها تلمعان مليئتان بالامتنان العميق، أو ربما شيئًا أبعد من ذلك.
مرام / تعرف .. انا لسه مدركة ده حالا بعد ما هديت .. انت عارف عملت إيه النهاردة؟ إنت أنقذت حياتي يا سراج.. !
ابتسم سراج بخجل وهو يشيح بنظره عنها/ انا ما عملتش غير الواجب و الاصول يا مرام .. وحياتك عندي أهم بكتير من حياتي
صمتت مرام لحظة، كلمات لم تتجرأ على قولها ظلت عالقة في صدرها. شعرت أنها لأول مرة منذ رحيل عبد المنعم، تجد سندًا حقيقيًا يملأ فراغ الوحدة.. التي سكنته مغتربة لدهر من الزمن
نهضت من مكانها و أقتربت منه بخطوة بطيئة، ثم وقفت أمامه، ترفع يدها المرتجفة قليلًا نحو ساعده المصاب. لمست ذراعه برفق، ومرّت أصابعها بخفة على الكدمة الداكنة.
مرام بنبرة رقيقة/ بتوجعك ؟
أجاب وهو يبتسم ابتسامة صغيرة مختلطة بخجله و بعضا من احراجه
سراج / لا... دي ولا حاجة. ده انا لو إيدي اتكسرت ما كنتش هحس بحاجة طول ما إنتي جنبي ..
تنحنح سراج قليلا و اصلح ما قاله بعد فوات الاوان/ اقصد طول ما انت بخير !
نظرت مرام إليه مطولًا .. مبتسمة و صراع داخلي يشتعل بداخلها .. أشياء كثيرة شكلت زوبعة فكرية في دماغها الآن .. فارق السن، موقعها الاجتماعي ،كلام الناس، الصراعات التي تحيط بها، الطامعين بثروتها، و الحواجز اللي بنتها حول قلبها.
لكنها في تلك اللحظة .. ادركت انها رغم كل تلك الاشياء المجتمعة في رأيها .. قد رأت أمامها رجلاً لا يقل عنها قوة بالشخصية ولا نضجًا فكريا ، رجلًا أثبت أنه قادر على أن يكون أكثر من مجرد حارس او سائق !
سادت لحظة صمت، كان كل ما فيها يقول أكثر مما تقوله الكلمات..
مازالت كف مرام الرقيقة الترفة الناعمة .. تمر على ساعد سراج بلطف و رقة فتبعث فيه قشعريرة مثيرة كالكهرباء الساكنة التي تدغدغ صاحبها ولا تصعقه .. فتبعث في نفسه شعورا غريبا ناتجا عن حاصل جمع لحظة سعادة .. و لحظة اثارة بنفس الوقت ..
تلك اللمسة .. لم تكن مجرد لمسة عادية .. لقد كانت لمسة نفخت في روح سراج الامل و اعادته للحياة بعد ان كان اقرب لليأس .. بعد ان كانت اقصى درجات امانيه ان يظل مستمتعا بجمالها الأخاذ و هو يخدمها من موقع ادنى ..
مرام/ انت ليه مخلتنيش اخدك للمستشفى!
سراج/ انا .. انا كويس صدقيتي ..
كان قربها منه ..و عطرها البهي مع حضورها الاخاذ يقتحمان روحه و يطرقان ابواب قلبه حتى أُقتلعت كلها من مكانها بلحظة واحدة .. كاد سراج يصرخ في وجهها ..< أحبك .. منذ اول لحظة رايتك فيها .. اعشقك .. اعبدك .. بل و اقدس التراب الذي تدوسه قدميك > ..
لكنه اعقل من ان يسمح لقلبه الغبي المتيم بأن يخرب عليه تلك اللحظة و يحرمه من اي فرصة متجددة للتقرب اكثر من سيدته .. بمرور الايام ..
مرام بنفس الرقة و النبرة الطاغية/ طب كويس .. انت هتبات في اوضة الضيوف .. بكره هخلي الدكتور يكشف عليك .. انا مش هرتاح غير لما اطمن عليك
سراج بصدمة/ أبات !
مرام بنبرة رجاء/ ايوه با سراج .. هو انت معقول ليك قلب تسيبني لوحدي بعد الي حصل .. ده انا هموت من الخوف .. مين الي هايحميني يا سراج .. انا خايفه .. خايفة اوي
بشكل مفاجئ .. وضعت مرام راسها على كتف سراج برقة تحيطه بذراعيها بخجل متردد و برقة متراخية .. . حتى سراج لم يتوقع منها هذه الحركة ولا مرام استطاعت ان تفسر لنفسها سبب فعل ذلك ولماذا
مرام برجاء/ ارجوك يا سراج ما تسيبنيش لوحدي .. انا ماليش حد في الدنيا دي غيرك .. ارجوك ..انا خايفة انا مرعوبة ..
سراح بقلب خافق .. مد يده بتردد حتى وضعها على راسها يطمئنها وهو يستقبل حضنها الخجول بخجل اكبر ..
سراج/ خلاص.. خلاص ...انا مش هسيبك ..انا معاكي اهو .. ما تخافيش يا مرام ..
اضطر سراج للمبيت في غرفه الضيوف هذه الليلة بعد ان طلبت مرام منه ذلك فاتصل بجدته ليخبرها بحصول امر طارىء سيجبره للمبيت خارجا ..
بعد قليل ..قبل ان يذهب الى غرفته .. فتحت مرام خزنة زوجها الراحل واخذت منه مسدسا قديم الطراز ذو بكرة .. وعادت له لتعطيه لسراح
سراج/ اي ده؟
مرام/ مسدس! ما تخافش ده مترخص .. كان بتاع جوزي المرحوم .. هو قديم بس ينفع .. احنا لازم ناخد بالنا ونحمي نفسنا كويس ..
سراج/ انا .. هحافظ عليه بروحي
مرام بضحكة خفيفة/ لا يا سراج ..انا عايزاك تحافظ بيه على روحك و روحي ..
ضحك سراح/ امرك يا ست .. يا مرام ..
في غرفة الضيوف ..
استلقى سراج على سريره بعد ان اخذ حماما ازاح به عن جسده كل اثار العراك التي التصقت به .. سرح مع نفسه مفكرا بكل احداث اليوم التي وقعت مجتمعة بشكل غريب .. حنى لحظة حضنه لمرام ..
كان هذا هو اول تماس جسدي عاطفي مباشر بينه وبين سيدة القصر ..ابتسم سراج مع نفسه كثيرا و هو يمني نفسه و قلبه بآمال كثير .. صارت تبدو اقرب لأن تتحقق في الواقع .. مما كان يتخيل !
بعد هذا الحادث ..
في اليوم التالي حاولت مرام من تعود لتمارس نشاطها الطبيعي كما في بقيه الايام ولكن طلبت من سراج ان يكون ملتصقا بها اكثر .. كي تشعر بالأمان والاطمئنان
حتى لاحظ جميع العمال في المصنع ذلك .. اقتراب سراج منها والتصاقه بها اصبح اكثر من قبل !
كانت جولة عادية تشبه جولات الأيام الاخرى ..
ولكن في هذا اليوم رأى سراج قصي بشكل مختلف عما سبق فلقد كان يبدو على ملامحه بعض الانزعاج الغريب .. كما انه كان يجيب أسألة مرام له حول امور فنية بشكل مختصر جدا ثم يسكت .. لم يفتعل اي جدال او مشكلة معها كالمعتاد !
هذا الامر زرع بعض الشكوك في داخله نحو قصي ولكنه احتفظ بها لنفسه .. فسراج رغم انه ظل يقلب تلك الشكوك في راسه لكنه لم يترك حيطته و انتباهه لما يجري حوله .. فمن له مصلحه في إيذاء مرام غير قصي؟ كما ان تصرفات قصي هذا اليوم كانت مليئة بالغرابة فبعثت الريبة في نفس سراج لبناء تلك الشكوك
قرر سراج مع نفسه انه سيراقب قصي منذ الآن ..و سوف يجمع كل ما يستطيع من معلومات حوله ..
على صعيد آخر
بالنسبة لمرام .. بعد ان اثرت فيها نادين مؤخراً .. بدأت بالتخفيف من تشددها تجاه سراج وصارت تهدم المزيد من الحواجز التي بنتها مسبقا حول نفسها .. كانت تريد مع مرور كل يوم ان تفك قيدا جديدا من القيود التي قيدت بها مشاعرها و احساسها كامرأة .. عليها ان تنطلق للحياة بقوة .. عليها ان تعيش السعادة التي لم تختبرها من قبل ..
فيما كانت مرام تستريح في قصرها هذا اليوم .. وردها اتصال هاتفي مفاجئ من نادين
نادين/ بصي انا عاملالك مفاجأة انما ايه!
مرام بإستغراب/ مفاجآتك كترت الايام دي يا نادين؟ خير .. فيه ايه المرادي يا بنتي؟
نادين بمزاح/ يا بنتي انت المفروض تبوسي ايدك وش و ظهر على نعمت وجودي في حياتك ..
مرام تبتسم/ نحمده و نشكره .. **** يكملك بعقلك !
نادين/ صدقيني مش هبقى مبسوطة لو كنت بكامل قوايا العقلية ..الدنيا دي مش محتاجة عقل .. محتاجة قلب يتبسط و من غير ما يفكر ..
مرام/ متشكرين ع الحكم بتاعتك يا حبيبتي .. ماقلتليش ايه هي المناسبة المرادي؟
نادين بجدية/ مناسبة خاصة اوي .. ما انا قلتلك مفاجأة.. ما ينفعش اقولك عليها ..
مرام باستسلام/ حاضر امري *** يا نادين .. أما اشوف اخرتها معاكي
نادين/ بصي .. تعالي لوحدك .. بلاش سراج يكون معامي!
مرام بخوف/ ايه؟؟؟؟
يتبع ..
مع تحيات اخوكم الباحث
الجزء الثالث
يعلم الجميع مدى انشغالي و لكني حبا بكم اعمل جاهدا قدر استطاعتي ان اكتب ما تيسر لي من بعض الأسطر .. الكتابة في الاول و الآخر شغف .. ليست مجرد حشو ..
سامحوني للتأخير وشكرا لصبركم
نادين/ ايه فيه ايه مالك يا بنتي؟ اتخضيتي كده ليه؟
مرام بقليل من القلق/ لا .. ما تخضتش بس مستغربة شوية ..
نادين تضحك/ انا مش قصدي انك تجي لوحدك خالص.. قصدي ما تطلعيش عندي مع سراج .. بس كده
مرام براحة/ اه .. ايوا .. طبعا اكيد يا نادين .. و انا هطلعه معايا ليه يعني.. هو .. هو مجرد سواق بس ..
نادين تضحك/ عارفة ده يا مرمر طبعا .. و اوعي تتأخري ..
اتفقت نادين و مرام على الموعد و المكان المحدد ..
ذهبت مرام برفقة سراج الى المكان المنشود ولكنها طلبت منه انتظارها في السيارة ..
سراج بقلق/ انت متأكدة يا مرام؟
مرام/ ايوه يا سراج .. دي صحبتي الروح في الروح .. ماتقلقش ..
سراج/ تمام .. انا هفضل مستنيكي في العربية و لو احتجتي أي حاجة رنيلي و هتلاقيني فورا جنبك ..
مرام تبتسم له/ متشكرة اوي يا سراج
اتجهت مرام الى مصعد العمارة الشاهقة .. حيث الشقة الراقية التي كانت نادين قد استأجرتها بشكل مؤقت بعيدا عن الفيلا الفارهة التي تسكنها ..
عند وصول مرام الى الطابق المنشود لم تكن شقة عادية بل كانت جناحا فخما حديث البناء .. بمجرد ان ضغطت على الجرس حتى فتح لها الباب بشكل اوتوماتيكي ..
دخلت مرام بخطى بطيئة متثاقلة .. مع قليل من التردد و شعور بالفضول .. و صارت تتجول المكان بعينيها تتفحصه و تستمتع بجمال جدرانه التي زينت بعناية فائقة و علقت عليه لوحات فنية جميلة مرسومة باليد .. بعضها كلاسيكي يحتوى على صور نساء عاريات يقفن وسط اللوحة بخجل امام رسامهن ..
المكان من الداخل بدا كأنه مصمَّم ليُشعرك بالعزلة .. الإضاءة كانت خافتة و مائلة للون الأحمر .. والموسيقى كانت هادئة تُعزف في الأجواء
مرام لم تفكر كثيرًا في الأمر عندما دعتها نادين .. لقد اعتادت على دعوات صديقتها الثرية الغريبة الأطوار، لكنها هذه المرة أحسّت أن في الأمر شيئًا مختلفًا.
عندما دخلت مرام الى عمق جناح نادين..
جلست على أريكة ناعمة .. موضوعة بشكل يدل على انها مخصصة للضيوف.. وبينما كانت هي تعدل من جلوسها، وقع بصرها على نادين وقد دخلت اليها بخطوات واثقة ..وإلى جوارها حسام حارسها الشخصي..الذي كان يرافقها و هي تتأبط يده .. تمشي بسعادة واضحة تتبادل معه كلمات غير مسموعة .. همس و نظرات و ضحكات خفيفة متبادلة بينهما و كأنهما عاشقين مراهقين ..
حسام .. بدا حضوره هذه المرة مختلفًا .. اصبح الامر معلنا تقريبا بأنه ليس مجرد حارس شخصي مقرب من نادين بل هو انتيمها و عشيقها الذي يحتل مساحة كبيرة في حياتها !
اقتربت نادين وجلست مع حسام مقابل مرام ،لا تفارق يده بل و تلتصق به اكثر كأنه زوجها .. ثم التفتت إليها بابتسامة ماكرة وقالت لها بخفة
نادين/ ها .. ايه رأيك بالمفاجأة دي؟
لم تكد مرام تجيب حتى رأت نادين تضع يدها على كتف حسام وتتركها هناك بلا تحفظ. لحظة صمت قصيرة تحولت فجأة إلى جرأة أكبر، حين مالت نادين عليه وقبّلته أمام مرام من دون أي تردد..!
استغرقت قبلتهما بعض الوقت ..
شعرت مرام بارتباك واحراج شديد .. تنحنحت قليلا، قلبها صار يخفق .. وحرارة غريبة تجتاح جسدها.. فتشعر بها تحت جلدها .. كأن المكيف الحديث لم يعد يعمل .. فأثرت اجواء الغرفة على حرارة جسدها مباشرة ..
لم يكن الموقف مجرد قبلة عابرة بين نادين و حسام .. بل بدا وكأنه إغراء متعمَّد. حاولت مرام أن تزيح بصرها، لكن المشهد كان أقوى من قدرتها على الانصراف.
فيما تمادت نادين بقبلتها الفرنسية مع حسام اكثر .. حتى مد يده ليداعب صدرها برقة من فوق فستانها المصمم خصيصا لها .. وهي تأن مستمتعة من بين القبل
بعد دقائق بدت كأنها اشواط متلاحقة لمباراة خاسرة .. اخيرا قطعت نادين قبلتها مع حسام لتأخذ انفاسها وهي تضحك لمرام ..
ابتسمت نادين وهي تراقب انفعال صديقتها وقالت بصوت متهكم رقيق
نادين/ مستغربة؟ مش كده؟
مرام بصدمة/ ها .. لا .. بس ..
نادين/ تفتكري إيه اللي يمنع إن الست تلاقي لنفسها مساحة تعيش فيها حياتها وتتنفّس؟ تعمل كل الي نفسها فيه من غير ما حتى تفكر في بكرى؟
تلعثمت مرام و هي تنظر نحو حسام/ هو انتي جايباني هنا عشان .. ؟ < تقصد المشهد الساخن الحي الذي تفعله نادين امامها .. مع حسام >
قهقهت نادين بخفة ومالت أكثر على حسام .. وكأنها تتعمد استفزازها
نادين/ بصراحة آه .. عايزة احركك .. احرك الي جواكي .. نفسي تعيشي حياتك بقى .. حرام جمالك ده كله يضيع هدر! ده حتى المفعوص الي معايا< تقصد حسام> من ساعة ما شافك وهو مش قادر يبطل تفكير فيكي بعد ما شاف جمالك ..
ثم نظرت نادين له/ مش كده يا حسومتي!
حسام يبتسم بلؤم فيجيبها وهو ينظر لمرام بنظرة كادت تفترس لحمها المغطى بثوبها / و هو انا اقدر ابص لغيرك يا قمر !
نادين بمزاح/ ده انا هاحط صوابعي دول في ..
ثم تضحك بصوت عال و حسام يضحك معها
بينما مرام كانت تحاول أن تبقى قوية .. و أن تتجاهل الجوع العاطفي المتراكم بداخلها، لتبدو اكثر اتزان و رزانة .. بالأحرى لتحافظ على تلك الصورة التي رسمتها لنفسها و تعايشت معها طوال سنينٍ مضت .. لكن نادين بعرضها الصادم هذا أرادت أن تذكّرها بما فقدته، أو ربما بما لم تكتشفه بنفسها بعد.
ظلّت مرام صامتة .. مزيج من الخجل والغضب والدهشة يتصارع داخلها .. بينما نادين واصلت لعبتها ببرود و هي تنظر بعينيها لمرام و ترسم على وجهها ابتسامة ساخرة .. كأنها تريد بشكل متعمد أن تُشرك صديقتها في مواجهة مع نفسها.
بينما اندمج حسام و نادين بحضنهما وقبلتهما .. و ظلت مرام متسمرة في مكانها .. لا تعرف كيف من المفروض ان تتصرف؟ هل تواصل المشاهدة؟ ام تعود لترتدي قناعها المزيف و تمثل رفضها لما يحدث و تخرج تاركة المكان باعتراض رافض و غاضب؟
غابت نادين عن العالم و هي تندمج بقبلتها مع حسام ولم تعد تكترث بوجود مرام من عدمه .. فلقد سلمت نفسها ليديه العابثة في كل زوايا جسدها .. و بدأ حسام يفتح ازرار قميصها الابيض البسيط التصميم .. ليخرج من تحته احدى كرات نهديها مباشرة لتملأ كفه الخشن النهم .. مع انطلاق أول آه مكتومة الانفاس من انف نادين الجميل الناعم .. واضح جدا انها كانت مستعدة لهذا اللقاء فلم ترتدي اي ملابس داخلية تحت قميصها البسيط ..
تصاعدت الافعال و توالت الاحداث .. مرام .. تشاهد بصدمة .. صدمة ايقظت مشاعرها التي دفنتها بيدها .. انوثتها التي وأدتها مبكرا ... المنظر جعل لعابها يسيل و جسمها يعاندها بالرحيل .. كأنها جالسة رغما عنها .. لا تملك شيء من امرها ..
ارادت مرام ان تصرخ بصديقتها ..ان ترفض ان تعترض ان تقول شيئا ما .. اي شيء .. فقط لتقول لها انا موجودة يا نادين .. احترمي وجودي على الاقل يا فتاة .. لكن شيء ما اخرسها و شل حبالها الصوتية
و لكن .. حين باشر حسام بفك قميصه عن نفسه و خلع قميص نادين عن نصفها العلوي معريا كرتي صدرها .. انتبهت مرام اخيرا لنفسها .. و بلا سبب ولا أي مقدمات .. نهضت مرام من مكانها كمجنونة و خرجت راكضة تهرب من المكان ..
انتبه حسام و نادين لهروبها فقطعا قبلتهما و هما مازالا يواصلان فك ثيابهما عن نفسيهما
حسام وهو يلهث/ احححح .. دي هربت ..
نادين تضحك/ مش مهم ..المرة الجاية مش هتهرب !
حسام/ وايه الي مخليكي واثقة اوي كده من الي بتقوليه
نادين/ صحبتي و انا عارفاها .. هي محتاجة شوية وقت بس ..
ضحك حسام/ على رأيك.. مسيرها هتضعف ..
بعد ان خرجت مرام مهرولة من المكان .. اسرعت متجهة نحو سيارة سراج الذي رأى قدوم سيدته التي لم تكن على ما يرام .. لقد كانت مضطربة بعض الشيء .. فخرج سراج من السيارة وفتح لها الباب لتركب و حاول الاطمئنان عليها
سراج/ انت كويسه؟
مرام بتوتر/ اه . اه .. كويسه .. يلا بينا يا سراج ع القصر .. بسرعة ارجوك ..
سراج / امرك .. يا مرام!
عرف سراج ان عليه التزام الصمت احتراما لرغبة سيدته ولكنه ظل طول طريق العودة يراقبها ويراقب افعالها فقد كان التوتر واضح جدا على هيئتها ..
مرام في مكانها .. كانت تشعر بشيء غريب ينمو في داخلها كأنما هنالك شراره صغيره نشبت في صدرها لتوقد نارا بدأت السنتها تتصاعد بخجل .. من تحت رماد كان مطفأً لأكثر من عقد ..
فيما توالت عليها تغيرات فلسجية خارج عن ارادتها .. حتى انها شعرت بقليل من انتصابٍ في حلمتيها وبعض البلل الطفيف غزاها من تحت فبلل قليلا كلسونها ! لقد تفاعل جسمها رغما عنها مع ما شاهدته عيناها مع انها ما زالت تنكر على نفسها ما رأته .
.
فيما كان سراج يقود بها عائدا للقصر .. ارادت مرام ان تصرف تفكيرها عن الشهوة التي بدأت تتقد فيها .. فتحولت بأفكارها عن نادين نحو نادين نفسها!!
ففكرت فيها وفي امرها ولكن من ناحية اخرى بعيدة عما حصل بينها وبين حسام قبل قليل .. فتساءلت مرام مع نفسها ..لماذا اصبحت نادين مؤثرة عليها بهذا الشكل في حياتها .. و هي لم تتعرف عليها الا في الفترة الأخيرة ؟ فمن هي نادين يا ترى ؟
نادين .. من هي نادين؟
وُلدت نادين في عائلة فقيرة الحال، والدها كان موظفاً عادياً في مصلحة الكهرباء .. يتقاضى راتبا بسيطا بالكاد يوفر به لقمة عيش يسد بها رمق عائلته .. المكونة من ٣ بنات .. اصغرهن كانت نادين .. والدتها السيدة سهيلة .. كانت ربة بيت عادية ..
منذ صغرها كانت نادين تحلم بحياة البذخ .. فلقد كانت مختلفة عن محيطها و عن اخواتها .. تحب الظهور و تهتم بمظهرها، و تسرح بعيدا في احلامها لتهرب من واقعها التعيس .. حتى تمادت نادين بأحلامها لدرجة اصبحت فيها تطمح لأن تعيش حياة أرستقراطية بأي طريقة ممكنة .. في المستقبل .. ملامح جمالها كانت بادية عليها منذ صغرها وهي وعت ذلك مبكرا و عليها ان تستغل هذا الجمال الذي كان ميزتها الوحيدة في ذلك الوقت
في صغرها .. كانت توفر مصروفها اليومي الذي تحصل عليه من ابيها .. حتى تمكنت من جمع مبلغ معقول من المال مكنها من أن تدرس في معهد لغات عندما كانت في ال١٨ وهذا اعطى لها فرصة للاحتكاك ببنات من طبقات أغنى منها .. والتعرف على بيئتهن و طريقة عيشهن و الترف الذي يتمتعن به .. فزاد ذلك من شعورها بالغيرة والرغبة في الصعود.. سريعاً
في بداية العشرينات وحتى اثناء دراستها في المعهد جربت العمل في مجالات فيها احتكاك بأُناس يعتبرون نخبة المجتمع
شيئا فشيئا .. مع كل عقبة صادفتها .. اصبحت نادين لا تتردد في علاقاتها ان تهب جسدها للرجل المناسب< مع الخفاظ على عذريتها> و الذي يستطيع ان يوفر لها فرصة محققة لتتخطى اي عقبة في طريقها ..
في ذروة شبابها .. كانت نادين فتاة مليئة بالطاقة و الحيوية و القبول من كل المحيطين بها .. فهي بنت جميلة .. الكثيرين ممن يرونها يشبهونها بهدى الاتربي .. الممثلة المعروفة ..
نادين لم تكن جميلة فحسب بل و مرحة و محبة للحياة و يرتسم على وجها البشوش ابتسامة مريحة و جميلة طول الوقت..
فهي فتاة اجتماعية جدا وتستطيع أن تكوّن علاقات صداقة بسرعة .. و لديها عدد كبير من الأصدقاء و الصديقات ..
و مع انها كانت طالبة متميزة في المعهد .. لكنها لم تكن طموحة جدا لإكمال دراستها بجدية، لأنها ركزت في ذلك على هدف اكبر يناسب طموحاتها .. ألا وهو . .. علاقاتها المتشعبة ودوائرها الاجتماعية المتشابكة ..
بعد ان اكملت المعهد بالكاد .. بحثت نادين فورا عن عمل .. اي عمل يدر عليها نقودا .. حتى و ان كان بعيدا عن تخصصها المهني .. فجربت العمل في مجالات مختلفة .. مستفيدة من علاقاتها الاجتماعية القوية ..
فاغتنمت اول فرصة متاحة لها من احدى صديقاتها المقربات .. لتدخل في عمل عروض أزياء صغيرة في دور الازياء المحلية و بعض محلات الملابس المشهورة ..
اثناء عملها بدور عرض الازياء المحلية لفتت انتباه رجل اربعيني كان يبدو انه مرتاح ماديا ..
هذا الرجل كان يحضر جميع العروض التي تقدمها هي .. وبعد ذلك يقوم بشراء جميع الموديلات التي ارتدتها نادين ثم يطلب من المحل ان يتم وضع تلك الثياب في علب على شكل هدايا ثم يقوم بأرسالها الى نادين نفسها !!!
نادين كانت تتقبل تلك الهدايا بكل سرور .. لا يوجد اجمل من تلك اللحظة بالنسبة اليها .. اشياء مجانية تكسبها بلا تعب!
ولكن هذا الرجل كان لديه غرض ما مما كان يفعله .. كأي رجل اخر .. غرض جنسي بالتأكيد او ربما طموح في علاقة قصيرة الامد ..
في وقتها استغربت مديرة البوتيك و صاحبة دار العرض مما يحدث وسألت نادين بشكل مباشر ان كانت تعرف هذا الرجل .. لكن نادين انكرت معرفتها به وهي كانت صادقة بجوابها .. مما اضطر المديرة الى سؤال الرجل نفسه عن سبب ما يفعله مع نادين بشكل متكرر من غير مناسبه وبلا معرفه سابقه !
وهنا اعترف الرجل بأنه معجب شديد بنادين ويتوق للتعرف بها ببساطة ، المديرة نقلت رغبة الرجل بالتعرف الى نادين فهو زبون دائم و مهم و يجب الحفاظ عليه لمصلحة البوتيك .. و من واجبهم ان يكسبوه بأي طريقة ..
وافقت نادين بسهوله على دعوته لها للعشاء في مطعم راقي .. و هناك تعرفت عليه واخبرها بأن اسمه شاكر محمود وهو يعمل مدير شركه انتاج و تسويق الاعلانات و لديه علاقات عديده و متشعبة و يستطيع ان يساعدها في الحصول على فرص اكبر لتحقيق طموحاتها
مع ان نادين كانت تعمل في عروض الازياء لكن ذلك لم يكن يدر عليها ريعا ماديا كافيا يغطي كل احتياجاتها .. فهي تقوم بذلك مقابل اجور زهيده فتلك الدور الخاصة بعروض الازياء لم تكن من الدور المشهورة جدا .. ولذلك فأن فرصه الحصول على عمل اضافي اخر يدر عليها المزيد من المال كانت مناسبه لها جدا في هذا الوقت
فعرض عليها شاكر وظيفة مهمة ستغير حياتها مستقبلا .. ولكن ليس في اول لقاء ..
فبعد ان قبلت نادين ان تكون "صديقته" حاول شاكر نيل رضاها بأي طريقة ..
شاكر هو رجل متزوج ولديه عائله وكان اهم شيء عنده هو الحفاظ على صورته الاجتماعية امام الناس
وعندما كان يخرج مع نادين .. كان يخاف من ان يثير انتباه الآخرين .. و يطلب من نادين مثلا ان يتركوا المكان المتواجدين فيه فورا و ينتقلوا الى مكان آخر .. كل هذا بسبب وجود شخص مقرب له في المكان وهو يخاف ان ينقل هذا الشخص ما رآه لعائلته و يؤثر هذا بالتأكيد على استقرارها ..
بعد مضي وقت على علاقتهما .. لم تشعر نادين براحه كبيره مع شاكر .. هي تكره القيود .. تحب ان تطير بحرية في كل مكان ..لا تريد شخصا مرتبطا يجعلها في المرتبة الثانية من اهتماماته ..
لقد حاول شاكر اثناء علاقته بنادين ان يتقرب منها اكثر وان ينال حصته من كعكتها
لكن نادين كانت حريصة جدا تجاه هذا النوع من الرجال لأنها تعرف جيداً انها لو سلمته نفسها فإنه سيرميها بعد ذلك ولن يهتم بها اكثر ! فكانت نادين تتعامل معه بأسلوب خد و عين ..
فعندما تشعر بأنه سيضجر و ربما سيهجر كانت تهديه قبله او لمسه كتصبيرة لتجعله يأمل و يطمح في نيل المزيد ..ولكنها لم تصل معه أبدا لنقطة تتعرى فيها امامه او تجعله يلاعب نهديها مثلا .. او ربما نعم ! لا احد يعرف الى اي مدى وصلت علاقة نادين بشاكر سواهما الاثنين نفسهما !
استطاع شاكر بعد فترة ان يجد لنادين فرصه عمل كبيره كموظفه استقبال في الجناح الخاص بالشخصيات الكبرى في احد اهم واشهر الفنادق في البلاد
وجه نادين الجميل و ابتسامتها المريحة و لباقتها في الكلام و اسلوبها المرن ..كلها امور دفعت بصاحب هذا الفندق لتعيينها فورا في هذا الجناح الخاص vip
ومن هنا بدأت حكايتها مع محمود الذهبي! التي سنعرفها لاحقا .. فهناك شيء آخر يتعلق بنادين .. نادين لم تكن فتاة عصامية ولا حتى فكرت في يوم ان تكون كذلك .. بل هي اقرب منها الى ان تكون فتاة انتهازية نوعا ما او ذات منفعة متبادلة مع كل المحيطين بها ..
هي لا تتورع عن منح قبلة او لمسة لمن يفتح امامها باب يساعدها في الوصول الى اهدافها بشكل اسرع .. اما الجنس! فهي لا تهب نفسها بسهولة لكل من هب و دب ..انما فقط لمن كان يستطيع ان يهبها المفاتيح اللازمة لفتح اي قفل يقف في وجهها .. او اي باب يستعصي عليها لتمر من خلاله بسهولة .. وهنا نقطة التشابه بينها وبين مرام .. قبل ان تتزوج عبد المنعم.
كيف اذا تزوجت نادين من زوجها الحالي .. و كيف تعرفت عليه بالأصل؟
في عمر ٢٦ تقريبًا ..
وقف امامها في جناح استقبال الشخصيات الكبيرة .. رجل تعدى السبعين عاما .. علامات الثراء واضحة جدا عليه .. وجهه بشوش و مبتسم اغلب الوقت ..
انه محمود الذهبي .. الرجل السياسي المعروف والتاجر الغني الحديث النعمة ..
من مكانه ظل الذهبي ينظر لها مطولا يبتسم في وجهها طول الوقت من غير ان ينتبه لما كانت تقوله له وهي تشرح له تفاصيل متعلقة بإقامته في الجناح الخاص ..
حتى قطع كلامها و هو يضع امامها على الكاونتر مبلغ كبير و ملفت بكل ود ..
نادين بلطف / اي ده حضرتك؟
الذهبي/ تِب .. تب بسيط يا مودموزيل ..
ابتسمت نادين بضحكة ساحرة و قبلته منه بسهولة/ انا متشكرة اوي لكرم حضرتك ..
كان إعجاب الذهبي بها واضح جدا .. لدرجة صار يتكرر على الفندق بمناسبة او من دونها فقط لكي يرى عيون نادين الجميلة .. و خلال فترة إقامته كان يجلس في الصالة في مكان مميز يجعل زاوية نظره لنادين حيث تقف من ١٨٠ درجة .. و كلما تلاقت اعينهما كان يرميها بابتسامة او يلوح لها من بعيد كأبله مراهق هائم في الحب ..
ادركت نادين ..ان امامها فرصة سهلة و لا يمكن تفويتها لتحقيق طموحاتها في زمن قياسي .. لقد رأت في الذهبي فرصة لتحقيق "القفزة" الاجتماعية.. التي طالما حلمت بها .. قفزة ستنقلها من مجتمع استهلاكي بسيط الى مجتمع راق و منتج!
بعد مضي اسابيع قليلة .. لم يعد الذهبي يحتمل مزيدا من الصبر فتقدم بشكل مباشر لخطبتها !
نادين رغم فارق العمر.. لن يهمها الحب بقدر اهتمامها بالطموح .. ستقبل ان تكون زوجة لمن يستطيع أن يمنحها حياة ذات رفاهية ووجاهة اجتماعية و يحقق كل احلامها
رغم فارق السن الكبير قبلت نادين الزواج به لأنها رأت في الذهبي نفسه "التذكرة الذهبية" للانتقال إلى حياة الهاي كلاس.. التي طالما حلمت بها منذ نعومة اظفارها .. نعم .. لقد وافقت نادين عليه .. وبسرعة انتقلت من بيت بسيط إلى فيلا فاخرة وسيارات فارهة وسفرات حول العالم .. ومجوهرات.. لا تقدر بثمن ..
الذهبي فرح بموافقة نادين على الزواج منه .. وهو يعلم جيدًا أن نادين تزوجته لأجل المال، لكنه تقبل ذلك لأنه يستمتع بصحبتها وجمالها و حضورها و شخصيتها الاجتماعية اللافتة و قبولها الكبير بين الناس .. خصوصًا أمام مجتمعه الذي ينتمي إليه.
بالمقابل كانت نادين تلعب دور الزوجة الجميلة الراقية التي ترافقه في المناسبات، وتحرص على ان تمنحه مظهرًا يليق بمقامه.. امام مختلف اطياف هذا المجتمع الراقي ..
من سخرية القدر .. عرفت نادين لاحقا ان شاكر .. صاحب شركة الإعلانات .. والذي ساعدها للحصول على وظيفتها الجديد .. هو نفسه ابن محمود الذهبي!
لكن ذلك لم يهمها في بادئ الأمر .. خصوصا ان شاكر قد كتم امر اعجابه بها في نفسه خوفا على صورته الاجتماعية و خوفا من سطوة ابيه كذلك ..
زواج نادين من محمود الذهبي كان خاليًا من العاطفة الحقيقية من ناحيتها ..
لكن كان هذا الزواج مرضي لطموح نادين .. أذ منحها نفوذاً ومالاً وفتح لها أبواب النوادي الراقية والدوائر الاجتماعية الأرستقراطية التي زادت من تألقها وسط المجتمع الراقي الذي كانت تحلم بان تكون جزءا منه ..
فأصبحت نادين لاحقا بفضل ثروة زوجها .. سيدة مجتمع تُحسب لها مكانتها ..
ولكن ..
بعد مرور مدة قصيرة على هذا الزواج .. و كبر سن الذهبي .. و انطفاء شرارته التي كان يوقدها بخليط من مختلف الادوية الحديثة الغالية الثمن ليمد في طاقته الجسدية والجنسية قليلا من الوقت.. اصبح هذا الزواج بعد خفوت الشرارة .. قائم شكليًا فقط .. فطالما هو يوفّر لها المال، المجوهرات، السفر، والوجاهة الاجتماعية.. فلما لا ؟
حتى بعد ان اصبحت العلاقة الزوجية بينهما باردة عاطفيًا، استمرا نادين و الذهبي في زواجهما .. للحفاظ على علاقة اخرى شكّلاها معا .. فيها مزيج من المنفعة المتبادلة.
وبعد مرور بضعة سنوات على هذا الزواج ..و بعد ان حققت نادين مرادها و بعد ان نالت طموحاتها ووصلت لأهدافها .. وشبعت و لبست و ارتدت كل ما تمنته .. شعرت انها قد نسيت شيء مهما لم تفكر فيه من قبل و لم تركز عليه ابدا ..< العاطفة > فنادين بعد ان امتلأت خارجيا بالحلي و الدرر النفيسة والثياب الغالية و الاموال الوفيرة .. شعرت بنقص كبير في داخلها ..
ففي داخلها كان هناك فراغ عاطفي كبير.. اهملته لفترة طويلة جدا ولم تكن مهتمة به من الأساس .. و صار حاجة ملحة تؤرق منامها ..
مازالت نادين فتاة جميلة و في عز شبابها و تريد ان تخوض تجارب الحياة مع رجال من جيلها .. شباب مليئين بالحياة و الطاقة .. فزوجها خذلته السنين و أُفرغت طاقته عاجلا ولم يعد ينفعه شيء لا دواء و لا عطار .. فالعطار لا يصلح ما افسده الدهر ..
كل ما كان يهم نادين في بداية زواجها انها كانت تنظر لنفسها كسيدة أنيقة وذكية تعرف كيف تحافظ على مكانتها في المجتمع .. و لكن في داخلها بدأت تشعر بأنها اصبحت مشبعة بالندم لأنها لم تختبر حبًا حقيقيًا في حياتها ..
هذا الفراغ العاطفي
هو ما جعل نادين تلتصق بمرام بعد ان تعرفت عليها منذ بضعة سنوات في احدى المناسبات الاجتماعية في النادي الاجتماعي الراقي الذي تنتمي اليه .
وبعد ان توطدت العلاقة بين الفتاتين .. انتبهت نادين الى أن مرام مغلقة على نفسها كثيرا .. رغم انها لا تزال في ذروة شبابها لكنها كانت جدية مثل سيدة تعدت الستين! كل وقتها تقضيه بين القصر و المصنع و الاهتمام بشؤون العمال و حتى الاهتمام بعوائلهم و حل مشاكلهم .. متناسية نفسها تماما .. و لذلك حاولت نادين "نصحها" أو استفزازها أحيانًا، لأنها تخاف ان تتحول مرام الى نسخة أخرى مشابهة لها !
فنادين .. تزيد على مرام ببعض الامور المهمة .. فهي خبيرة في التعامل مع الرجال ومطامحهم .. مرام انتهت تجاربها مع الرجال من بعد الزواج من عبد المنعم و توقفت عن خوض اي تجارب جديدة حتى الآن .. فلقد اصبحت مرام من بعد ترملها ..أكثر واقعية وبروداً !
نادين في حقيقتها اصابها بعض الندم الخفي لأنها لم تعش حبًا حقيقيًا، لكنها ترفض الاعتراف بذلك حتى لنفسها.. و تريد ان ترى التعويض في صديقتها مرام .. فمرام الاكثر جمالا و الافضل فرصا .. فهي امرأة متاحة للجميع وان تمنعت عنهم .. عكسها هي المرتبطة بزوج مسن !
مرام كانت تتقبل نصائح نادين لها برحابة صدر لكنها كانت تسمع من اذن و ترمي من الاذن الاخرى .. لم تتأثر بنصائح نادين لها .. حتى الآن ! كانت تمضي في طريقها الذي اختارته لنفسها .. بخطى واثقة ..
وبعد مرور عدة سنين على تعارفهما .. أصبحت علاقة نادين بمرام .. علاقة فيها مزيج من الغيرة والإعجاب بنفس الوقت ..
فنادين تغار من جمال مرام الشديد و ظروفها المرنة بالنسبة لها .. و تعجب ايضا بقدرتها على الصمود وحدها.. لكن نادين لم تكره مرام ابدا .. كان شعورا عاديا بالغيرة منها لم و لن يصل ابدا الى ابعد من كونه غِبطة ..
عودة الى خط حياة مرام ..
بعيدا عن القصر .. بقليل !
في صباح اليوم التالي .. كان القدر يخبأ لمرام مفاجأة اخرى لم تكن تتوقعها أبدا !
عاد رامي إلى الوطن .. !!!
بعد غيابٍ شبه ازلي .. فرامي ولد في أرض الغربة .. و تربى على يد ابيه آسر و امه فاتن .. واللذان حاولا بذل جهدهما لأن يزرعا في قلبه ولو شقفة صغيرة تجعله يتمسك بأصوله و أرضه التي نشأ أهله فيها ..
عند وصوله ارض المطار .. لم يكن رامي يحمل في قلبه شوقًا حقيقيًا للوطن .. فهو يراه لأول مرة .. رغم تشبعه بكثير من الصور .. فالواقع غير الصور .. بل كان لديه دافعٌ آخر أكثر تعقيدًا وغموضًا من مسألة الانتماء
منذ اللحظة التي وطئت فيها قدمه أرض المطار .. و كان يحمل بداخله ما يشبه العزم على فعل شيء .. قد يشبه الانتقام ربما ..!
نظراته نحو اهدافه كانت ثابتة .. و خطواته للوصول اليها محسوبة وحقائبه التي جلبها معه خفيفة .. كأنه لا ينوي البقاء طويلًا... لكن النوايا أحيانًا تخدع أصحابها .. و توهمهم بنصر مرتقب قد يحصل .. و قد لا يحصل!
على المقعد الخلفي في السيارة التي استأجرها منذ لحظة وصوله .. جلس رامي صامتًا، يتأمل المباني التي كانت تبدو له موحشة وكئيبة بشكلٍ مزعج.. مع انه رآها في الصور التي كانت امه فاتن تريها له منذ نعومة اظفاره .. لكنه ظل يستغربها .. حتى بدت له كوحوش تريد افتراسه !!
في طريقه نحو قصر جده ..
استرجع رامي مع نفسه شريط ذكرياته الأخيرة في بلاد المهجر .. كانت والدته فاتن قد زرعت في ذهنه على مدار السنين الماضية أفكارًا لم يكن يتبناها في البداية، لكنها ومع التكرار... أصبحت تُشبه قناعاته.. بل حتى اصبحت اقرب للأعتقاد الأعمى بقضية لم يكن فيها طرفا اساسيا ايام نشوب النزاع ..
< مرام خدت كل حاجة ع الجاهز... أبوك طول عمره راضي وساكت ..ابوك طول عمره سلبي و مش هايعرف يعمل حاجة .. أنا مش هسكت عن حقك يا رامي ولا أنت كمان .. ماينفعش تسكت.. مش هنسيب حقنا يروحلها ع الجاهز .. و لا هنسيبها تتهنى فيه>
كلمات أمه له لا تزال ترن في أذنه .. فيشعر بمزيج من الغضب والمرارة والرفض
لم يكن رامي يعرف مرام عن قرب .. ولم يسمع عنها حتى ..الا ما كانت امه فاتن تنقله له . كان يراها دائمًا من بعيد .. عن طريق الصور التي تصل لأمه من العيون المزروعة في الوطن ..
هو رآها في الصور .. منذ صغره ..
لكنه حين كبر .. صار يراها بعين الرجل الناضج .. سيدة أنيقة، هادئة، جميلة بشكل مفرط .. شخصيتها تبدو أكبر من عمرها قليلًا لكنها تملك عينين لا تَفقدان بريقهما.. ومع ذلك، لم يقدر ان يحبها أبدًا..
لم يستوعب رامي حتى اللحظة لماذا اختارها جده كزوجة له وهو في اخر ايامه ؟ لكن أمه فاتن بذلت كل جهدها لكي تجعله يراها بعيونٍ أخرى .. مجرد امرأة طموحة تسللت إلى قلب رجل مسنّ لتقتنص منه ما استطاعت... قصر فخم ..مصنع نسيج، أراضٍ، وأموال.. و غيرها الكثير ..
وصلت سيارة الأجرة عند عتبة بوابة القصر الرئيسية .. و توقّفت أمام بوابة الفيلا القديمة الواسعة .. تلك التي طالما رآها في الصور لكنها اليوم بدت غريبة جدا عليه… كأنها لا تنتمي له وليس له فيها اي حق ولا حتى باطل !
ُفتح باب السيارة ببطء
فنزل رامي منها .. هذا الشاب الوسيم اليافع .. الحاد القسمات .. ملامحه رغم حدتها لكنها لا تعطي انطباعاً بأنه شخص سيء ! كان يرتدي نظارة شمسية ربما لكي يخفي خلفها قلقه و توتره الحقيقي عندما سيقابل ارملة جده
من مكانه نظر نحو الشرفة الكبيرة المطلة من اعلى القصر على الشارع .. و التي رآها في الصور التي يحتفظ بها ابيه و امه .. تذكر صورة رأى فيها جده يقف متباهيا في هذه الشرفة .. ثم ابتسم رامي ابتسامة ساخرة مع نفسه .. ومشى بعد برهة نحو البوابة .. يحمل حقيبة سفره على كتفه، ونظراته تجول في المكان كأنه يتفحّص ما سُلب منه.
بوابة حديدية عتيقة كانت تقف امامه كأنها تحول بينه و بين اهدافه التي عاد من أجلها ..
وحديقة لا تزال تحتفظ بتماثيل قديمة تحمل اثار السنين فيها على شكل ندوب و حفر صغيرة .. كانت ماتزال تزين الحديقة الكبيرة في واجهة القصر .. حتى أجواء الماضي الذي لم يشهده تركت بعضا من اثارها رغم انه لم يعد لها وجود.
طرق رامي الباب، و ضغط على زر الجرس وانتظر .. وهو يرفع بنظره نحو الاعلى .. فانتبه الى ان السماء كانت رمادية قليلا ..و كأنّها تنذره قبل أن يخطو أولى خطواته.. بأن القادم لن يكون سهلا أبدا
اسرعت الخادمة تخبر سيدتها بوجود ضيف غريب على بوابة القصر ..
مرام لم تر رامي في حياتها ولا تعرف شيئا عنه. هي تعرف فقط انه حفيد زوجها المرحوم .. ابن فاتن! من خلال ما كان يصلها من اخبار متواردة ..
سيدة الخادمة/ يا ست هانم في حد واقف بره ع الباب .. انا اول مرة اشوفه يا ست هانم .. حضرتك مستنية حد؟
مرام/ لا .. انا ماعنديش اي مواعيد مع اي حد النهاردة .. طب ممكن تفتحيلي الشاشة يا سيدة ؟
سيدة/ اهو يا ست هانم ..
اعطت الخادمة لسيدتها تابليت صغير مرتبط لا سلكيا بكاميرا بوابة القصر .. فنظرت مرام للشاب الصغير الوسيم .. فإستطاعت ان تتكهن من هو .. فكما فاتن لديها عيون .. فإن اخبار فاتن تصل لمرام عن طريق الكثيرين الذين يعملون في المصنع .. الناس تتناقل الاخبار بينها بسرعة ..
مرام/ خليه يخش يا سيدة
سيدة/ امرك يا ست هانم ..
فتحت الخادمة البوابة من داخل القصر ثم اتجهت نحو رامي لتستقبله .. و رافقته حتى دخل الى صالة القصر الكبيرة ..
دخل رامي صالة القصر .. خطواته مترددة و بطيئة .. كل شيء في القصر بدا له مرتبًا .. نظيفًا .. محافظًا على روح الماضي فيه… و صورة جده ما زالت معلقة فوق المدفأة القديمة.
لم يفتح رامي فمه بكلمة حتى الآن .. لكنه ظل يتجول بعينيه في ارجاء البناية القديمة من الداخل .. مازالت البناية تعج بعبق الماضي الملتصق في ادق تفاصيلها ..الاثاث .. السجاد .. الموكيت ..الستائر .. التحف .. الصور .. وحتى الاجهزة !
بعد ان قدمت له الخادمة سيدة واجب الضيافة .. نزلت مرام من الطابق العلوي .. بخطى واثقة و مرنه و كأنها اميرة تنزل من جناحها الملكي لتلتقي بأحد ابناء رعيتها..
انتبه رامي لخطواتها ..فنظر اليها .. و منذ اول لحظة رآها فيها .. اتسعت عيناه! لم يكن يتخيل ان تكون مرام بكل هذا الجمال و الاناقة والكياسة و قوة الشخصية التي تشع حولها كما تشع هالة القمر حوله في يوم ضبابي ! ..
لقد ارته امه صورها ..التي كانت تصل لها عبر عيونها في ارض الوطن .. كان يراها شابة جميلة .. حلوة ربما .. لكن .. الصور شيء .. و الواقع شيء آخر تماما ..
انبهار رامي بها حرك في داخله شعور الرجل! كأي رجل اخر عندما يرى سيدة جميلة .. شعر بقليل من التوتر و قلبه بدا يخفق بنمط اسرع بقليل .. ناهيك عن توتره الاولي الذي دخل به القصر .. وهو قلق من تلك المواجهة و كان يعمل لها الف حساب .. !
فجأة .. انقطع سرحانه على صوت مرام الانثوي الرقيق الهادئ .. و الجميل ايضا ..
لم تتفاجأ مرام بزيارته .. نظرت إليه طويلًا، ثم قالت بنبرة هادئة
مرام/ رامي؟ مش كده ؟ ايه الزيارة المفاجأة و الحلوة دي ؟ كويس انك افتكرت بيت المرحوم جدك ! و إن ليك وطن !
قال في نفسه < انا ماكنتش متخيل ان مرام تطلع حلوة اوي بالشكل ده .. ده .. ده جدي كان عنده حق فعلا يوم ما اختارها عشان يتجوزها .. انا .. انا بقول ايه .. وهو ده وقته يا رامي؟ >
رامي محاولا اخفاء توتره/ اهلا .. يا مرات جدي .. انا .. انا سعيد اني شفتك !
لم تمضِ ثوانٍ حتى سُمع صوت مزلاج باب الصالة يُفتح من الخارج فظهر سراج منه .. داخلا بثيابه البسيطة ونظراته التي تجمع بين الحذر والانتباه .. وقف قبالة القادم الغريب، يُحدّق فيه بثبات لم يخلُ من تساؤلات عميقة و خفية ..
سراج لمرام / حضرتك ناديتي عليه يافندم ؟
و قبل ان ترد مرام سؤاله و اذا برامي يقول لسراج
رامي بنبرة حادة قليلا/ انا رامي بيه .. حفيد صاحب القصر ده !
سراج كتم رد فعله، و رد ببرود/ ها .. العفو منك يافندم الي مايعرفك يجهلك ..
رامي ينظر له بنظرة فوقية/ أنت الشغّال هنا؟ صح؟
يتبع
مع تحيات اخوكم الباحث
الجزء الرابع
تنويه : رغم قلة التفاعل .. لكن احتراماً لأصدقائي المقربين على قلبي سأواصل كتابة هذه القصة لأجلهم فقط .. فقط ارجو منهم مراعاة ظروفي و تأخري في نزول الأجزاء ..
عبست مرام قليلا بسبب ما قاله رامي .. و لكنها لم تود ان تزيد من توتر الجو اكثر مما هو مشحون من الأساس.. فصمتت و هي غير راضية بنظراتها لرامي ..
سراج رد بهدوء ولكن بنبرة فيها كرامة/ أنا اسمي سراج حضرتك .. و آه .. بشتغل هنا عند المدام من فترة ..
مرام لكي تنهي التوتر نظرت لسراج و قالت له بنفس نبرتها المعهودة / ممكن تسيبنا لوحدنا شوية يا سراج ! و انا ابقى اندهلك لما اعوزك
سراج كاتما انزعاجه/ امرك يا مدام مرام .. !
خرج سراج منزعجا من المكان .. لكنه عرف ان حركة مرام تلك كانت تصب في صالحه ..
بعد أن غادر سراج الصالة، بقي الصمت معلّقًا بين مرام ورامي. هو جلس مستندًا بارتياح مصطنع، يحرّك أصابعه على ذراع الأريكة بإيقاع ثابت، بينما هي وقفت مقابله، نبرات الحذر ترتسم على وجهها
هي لا تريد ان تسمح لرامي ان يقوم بإهانته اكثر فهي لن تستطيع التدخل بشكل سافر لحمايته .. لكي لا تثير شكوك رامي حولها .. و بذلك هي جنبته مزيدا من الاصطدام غير الضروري برامي
مرام/ اهلا وسهلا يا رامي .. البيت بيتك .. و شرفتني بالزيارة ..
رامي بحدة/ طبعا هو بيتي .. ده بيتي من ايام جدي .. !
تحملت مرام وقاحته/ واضح انك مش جاي عشان تطوّل .. عشان مش شايفه معاك شنط كتير..
ثم نادت مرام على الخادمة التي جاءت مسرعة
مرام تنظر لرامي و تخاطب الخادمة/ واضح ان البيه تعبان من السفر .. خدي شنطته يا سيده و اطلعي معاه عشان يريح في اوضة الضيوف
رامي رفض اعطاء حقيبته للخادمة/ عنك انتي .. انا عارف طريق اوضة الضيوف منين .. مش محتاج حد يدلني .. ده مهمن كان قصر جدي .. يعني قصري!!!
صمتت مرام لأنها تعرف ان رامي ما زال شابا يافعا ممتلئا بالطاقة ايا كان نوعها.. فلقد احسنت امه تعبئته بطاقة وافرة من الغضب .. حتى ان مرام شعرت برامي و كأنه أسدٌ فتي في حالة تأهب للهجوم على فريسته في اية لحظة .. لكن مرام .. لن تكون ببساطة تلك الفريسة السهلة المنال .. بل .. ستكون هي الصياد الذي يُطارد .. لا الطريدة
ابتسمت مرام مع نفسها قليلا و هي ترى رامي يصعد متخبطا لا يعلم الى اين يتوجه!!! فغمزت لسيدة لكي تصعد خلفه بهدوء و تظله على غرفته دون ان تكلمه !
سراج و رامي .. لم يكن أحدهما يعرف الآخر بالطبع .. لكن كلاهما شعر بشكلٍ غامض أن هذه البداية التي حصلت بينهما لم تكن حدثاً عابرة..
في تلك اللحظة .. فهم كلاهما أن اللعبة قد بدأت .. وأن أولى أوراقها قد وُضعت على الطاولة… ولكن أحدهما فقط سيخرج منها واقفًا.. اخر المطاف ! هذا الشعور لا يعرفه سوى الذكور في مملكة البقاء .. اثناء تنافسهما على التزاوج من ملكة !
حتى الخادمة سيدة لاحظت الجو المشحون الذي سيطر على المكان كله .. كان الهواء مشبعًا بشيءٍ من التوتر .. وكأن القصر نفسه علم أن ما شب بين الشابّين للتو أمام مالكته .. لن يهدأ بسهولة..
بعد ان صعد رامي و دخل لغرفته .. طلبت مرام من الخادمة ان تنادي سراج ..
تحرّك سراج نحو الداخل بخطى واثقة دون أن يلتفت حوله .. و اشارت له مرام ان يتبعها لغرفة المكتب الخاصة بها[ غرفة مكتب عبد المنعم سابقا]
في المكتب
مرام/ اسمعني يا سراج .. ارجوك تقدر موقفي و حاول تتجنب اي تصادم مع رامي .. لو سمحت
سراج بضجر/ ايه؟ انت شفتيه بيكلمك ازاي؟ و عاوزاني كمان اسكت! لا .. لا يا مرام مش انا الي اسكت .. انتي بتطلبي مني المستحيل
مرام تغير نبرتها لرجاء/ طب و لو قلتلك عشان خاطري .. لو كنت بتعزني صحيح .. تعمل الي قلتهولك ده!
فكر سراج بكلمات مرام قليلا .. للحظة شعر بأن قلبه سيخرج من بين قفصه الصدري ليرتاح على راحتي كفي مرام و يقول لها خذيه ..لا احتاجه .. انت اولى به ..
سراج بسعادة مكبوتة/ اعزك! ده .انا مش بس بعزك يا مرام ..انا .. انا .. انا افديكي بحياتي من غير ما افكر .. لو حسيت بس احساس صغير انه في حد او حاجة ممكن تاذيكي ..
ابتسمت مرام له برضا .. لم يعد اعجاب سراج بها امرا مخفيا بعد الآن..
مرام صارت تجد معه الامان والشعور بالراحة و حتى الرضا .. شعورها الداخلي بالرضا عن كونها انثى ما زالت تتربع على القمة .. بكل اريحية ..
مرام/ طيب .. كويس يا سراج .. الايام الي جاية هيكون قدامنا تحدي كبير .. لازم نكون قده و نواجه
سراج بثقة/ قصدك وجود رامي! ولا هايقدر يعمل حاجة طول ما انا جنبك .. و .. و القانون بصفك كمان .. هايعمل إيه يعني ..
مرام / أنا عارفة انه مش هايقدر يعمل حاجة بس الحذر واجب .. احنا مش عارفين هو ناوي على ايه ..وهو ليه جاي مالاساس ..وايه الي مخبيه عننا .. لسه هو ما كشفش لينا اي حاجة .. بس واضح ان مش ناوي على خير ..
بعد لحظات .. طُرق الباب و دخلت الخادمة سيدة المرأة الكبيرة بالعمر والوفية لمرام
سيدة على جنب/ العفو منك يا ست هانم .. هو انت مستحملاه ليه ..ما تطرديه يا ست مرام .. هو هيعملك ايه يعني؟
مرام/ لا يا سيدة .. ده مهمن كان حفيد المرحوم جوزي .. وهيبقى ضيف عندنا .. طول ما هو موجود في بلده ..
سيدة/ اصيلة و بنت أصول يا ست هانم .. بالمناسبة يا ست هانم .. انا .. انا قاصداك في خدمة و كلي عشم فيكي ..
مرام/ عنيه ليكي يا سيدة .. اطلبي الي انت عايزاه
سيدة/ تسلم عنيكي الجميلة يا ست الكل .. بصراحة .. ليه واحدة جارتي و صحبتي .. ست كبيرة و عيانة و مالهاش حد غير بنتها .. و بنتها دي تصرف عليها .. و لو فيها تقل عليك يعني .. ياريت لو تلاقيلها اي شغلانة في المصنع .. انش**** حتى فراشة ولا كناسة .. المهم تلاقي شغلانة تصرف منها على نفسها و على امها و تحفظ كرامتها ..
مرام/ بس كده .. من عنية يا سيدة .. خليها تجي المصنع تقابلني يوم الاربع .. و هايحصل خير ان شاء **** .. هي .. اسمها ايه البنت دي ؟
سيدة بفرح/ نهال .. نهال يا ست هانم .. **** يخليكي و يوفقك و يديمك للناس الغلابة ..
( نهال هي صديقة مقربة جدا من حنين ابنة القابلة ام راجح .. التي كانت صديقة مرام قبل ان تصيبها النعمة! حنين ورثت جميع اسرار أمها و حتى المهنة ايضا .. وهي كذلك كانت صديقة زينة اخت حميد الذي كان له علاقة جنسية بمرام – راجع السلسلة الاولى للتذكير )
فرحت مرام بدعوات سيدة لها ثم طلبت من سراج ان يذكرها بطلب سيدة يوم الأربعاء القادم لكي تقابل تلك الفتاة و ترى وظيفة مناسبة لها
بعد ايام ..
كل شيء كان يسير بنمط روتيني معتاد .. مرام كانت تكثر من ذهابها للمصنع على غير العادة .. شعورها بالقلق ازداد منذ يوم مجيء الوافد الجديد .. رامي ..
رغم وجود رامي كضيف ثقيل عليها لكن مرام ظلت تطلب من سراج ان يبقى ملتصقا بها في كل خطوة تخطوها .. فمنذ حادثة السيارة السوداء و هي تشعر بقلق و خوف .. مازالت مرام تنتظر خبراً من قسم الشرطة ليخبرها بألقبض على المعتدين و قد يريحها من كل هذا الخوف والقلق .. !
فيما كان رامي .. يصحو كل يوم متأخرا.. و يقضي اغلب وقته يتجول في ارجاء القصر .. مازال رامي يشعر انه ليس له هدف واضح ولا خطة محكمة لأجل تنفيذ ما جاء من اجله ..
في هذا اليوم بالذات .. كان رامي يتجول في اروقة القصر كعادته ثم خرج منه للحديقة .. عيناه الداكنتان تجولان في أرجاءها متفحصة كل زاوية فيها.. فأرتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة حاول اخفاءها .. مخاطبا نفسه بصوت هامس< كله ده بقى ليها .. ليه؟ >
بالصدفة البحتة دخلت مرام قصرها عائدة من المصنع .. فرأت رامي يقف في الحديقة سارحا ينظر فيها .. كأنها شعرت بطمعه الذي بان في شعاع عينيه كنار ملتهبة تكاد تحرق الاشجار من حوله !
فاقتربت منه بخطوات هادئة .. و هي تشعر بأن عليها ان تكون اكثر كياسة و حذرا بالتعامل معه .. ثم وقفت أمامه وقالت له
مرام بهدوء/ انا سبتك ترتاح يومين يا رامي .. بس جاه الوقت الي لازم اسالك فيه عن سبب زيارتك الي شرفتني بيها ! ما تنساش ... انا في الآخر غريبة عنك ، مايصحش راجل غريب يبات في بيتي .. احنا مش قرابة اوي على فكرة انا ارملة المرحوم جدك و بس ..
رامي كان يتوقع ان يطرح عليه هذا السؤال و لحسن الحظ كان مستعدا للأجابة عنه .. رغم خلوه من اي خطة معدة مسبقا
رامي يبتسم بلؤوم/ ..السبب .. اه السبب .. هو اني جاي اكسب خبرات من مصنع جدي .. و لا انت عندك مانع! انا برضه عندي املاك كتير ورثتها عنه .. بس حاسس اني لازم اشيل الراية من بعد جدي و اشتغل في نفس مجاله الي اشتهر بيه .. ! يمكن اقدر في يوم افتح مصنع جديد في اوربا .. ينافس المصنع الاصلي ده !
شعرت مرام بغموض كلماته تتسرب إلى صدرها و عرفت القصد من وراءها .. فابتسمت له ابتسامة متحفظة .. مبهمة ..
ثم ردّت عليه بهدوء وهي تحاول أن تُخفي انزعاجها الذي بان في نبرة صوتها
مرام/ حاضر يا رامي على عيني .. ! و ماله .. مافيهاش حاجة.. بس يا ريت يبقى عندك سقف زمني محدد .. مافيش داعي افكرك كل شويا ان وجودك معايا في القصر .. بيجيب الكلام .. الناس ما ترحمش يا رامي
رامي كان يريد ازعاج مرام اساسا كخطة فرعية لقنتها امه له .. تفكير نساء ! فهي تظن انها لو سببت مشاكلا و إزعاجا لمرام فقد تنجح في جعلها تتخلى عن المصنع مقابل مبلغ مادي زهيد لصالح رامي !
رامي شعر بأول انتصار داخلي بسيط فاجابها و هو يبتسم بخبث/ و ماله .. يا مرات جدي .. نخلي سقف زمني .. مافيهاش حاجة ...
لكنه بالطبع لم يكن ينوي ذلك .. صمتت مرام و لم تواصل الكلام معه .. لكنها عرفت ان القادم لن يكون سهلا بوجود رامي .. هي بإمكانها حتى طرده من البيت .. فقط هي لا تريد ان تستعجل و تتصرف بمشاعرها دون تفكير ... هي تريد ان تفكر بعقلانية و تخرج من هذه الازمة بحلول دبلوماسية مرضية للجميع قدر الأمكان
على بعد بضعة اقدام ..
وبعد ترك رامي لمرام و صعوده الى غرفته .. سراج كان قد سمع المحاورة القصيرة التي دارت بين سيدة القصر وبين رامي فانتظر فرصه مناسبه حتى يكون منفردا معها
سراج لديه غرفة خارجية بكل ملحقاتها خاصة بإقامته لو تطلب الأمر.. مع ان مرام لم تسمح له بالمبيت فيها في اخر مرة .. بل طلبت منه المبيت في غرفة الضيوف .. و مع عودة رامي .. لم يعد بالإمكان دعوة سراج للمبيت في الداخل.. هو لا يبيت اصلا في القصر الا عند الحاجة او لو طلبت منه مرام ذلك
اقترب سراج منها بهدوء
قال لها/ انت وافقتي على طلبه ليه ؟
فأجابته/ سراج؟ انت كنت هنا؟
سراج/ صدفة .. و سمعت كل حاجة!
مرام و الحزن باد عليها/ انا بعمل باصلي .. عشان خاطر عشرتي مع المرحوم و وفاءا مني ليه .. كان لازم استحمل حفيده ..
لكن سراج ابدا متعاضه وغضبه/ يا مرام .. انت عارفة كويس ان الولد ده جاي عشان يعمل مشاكل .. واضح اوي على فكرة .. فبتديه الفرصة ليه ؟
مرام تبتسم له ابتسامة ساحرة/ انت غيران منه صح؟
سراج بإحراج/ ها .. لا .. و هاغير منه ليه .. هو احسن مني في ايه يعني؟ بالفلوس؟ عمر الفلوس ما عملتش قيمة للبني ادم
مرام تبتسم في محاول لجبر خاطره و تقترب منه قليلا حتى شعر سراج بعطرها البهي يغزو روحه
مرام / لا يا سراج انا ماقصدتش كده .. انا متفقة معاك اوي .. الفلوس ما تعملش قيمة لأي حد .. و انت بنظري احسن منه مليون مرة .. كفاية انك انقذت حياتي .. عمري ما هنسى الي عملته عشاني
سراج يخجل/ انا .. انا ماعملتش غير الواجب يا مرام ..
ابتسم لها و ابتسمت له .. مرت لحظة غريبة بينهما وهما يتبادلان نظرات .. قالت اكثر مما عنته ..
نظرات فيها إعجاب و عاطفة فتية بدأت بالنشوء
ثم انتبهت مرام لنفسها و تنحنحنت قليلا .. لتوقظ نفسها و توقظ سراج من لحظة حالمة بدت كدهر ..
مرام/ طيب .. اشوفك بكره ..
في صباح اليوم التالي
قاد سراج مرام الى المصنع في سيارتها الخاصة و رافقهما رامي يجلس في المقعد الخلفي من الجهة الاخرى .. خلف سراح .. وكأنه يريد بذلك ان يحسس سراج بالدرجة الاولى انه هو الرقم واحد وان سراج ما هو سوى مستخدم عنده في القصر ..
مر اليوم الاول بسلام ..
و بشكل غير متوقع ..
و لكن بعد فترة وفي الايام الاولى التي تردد فيها رامي على المصنع .. كرر رامي جولاته في جميع اروقته .. و كأنه يريد ان يرسم بنفسه مخططا له ! ..
بسبب ذكائه استطاع رامي أن يلمح قصي و ينتبه لوجوده .. أذ لاحظ على الفور كيف كان قصي يبدو عليه بسهوله الامتعاض والانزعاج من وجود مرام وتداخلاتها الكثيرة في كل صغيرة و كبيرة تخص عمل المصنع .. رامي وجد تلك فرصة للتقرب من قصي بالتدريج .. تنفيذا منه للمبدأ المعروف .. عدو عدوي صديقي !!
لكن ما كان يزيد من انزعاج رامي هو سراج .. هل كان يغار منه؟ ام هو يتصرف بعدوانية فقط من غير تفكير؟ لقد انتبه رامي ..خاصة في الايام الأخيرة بأن سراج صار لا يفارق مرام .. لا يفارقها حرفيا .. لا في صغيرة و لا في كبيرة ..
حتى انه صار يخاطب نفسه و يقول في داخله .. هل انا حقا اشعر بالغيرة من سراج لكونه اقرب مني اليها ؟ ثم يقول لنفسه .. ما الذي يهمني انا ان كان قريبا منها ام لا؟ ثم يعود يقول لنفسه مجددا .. لا بالعكس الامر يهمني جدا ! لا اريد لسراج ان يضحك عل مرام و يأخذ منها ومننا كل شيء ! نحن اولى نحن بثروة جدي .. لا هي و لا سراج !
لكنه يعود في النهاية يطمئن نفسه بأن مرام لن تلحق ان تفعل اي شيء ولا سراج ..لأنه سينجح .. في جعلها تتنازل عن مصنع جده بأبخس ثمن ..و ربما حتى دون مقابل لو نجح الامر معه !!
في منتصف اليوم ..
وقت استراحة العمال .. كان رامي يقف قريبا من مرام التي همت بدخول مكتبها .. فهرول امامها بطريقة يمنع فيها سراج من اللحاق بسيدته الى الغرفة ..
فنظر سراج اليه مستغربا
رامي/ ممكن تسيبنا لوحدنا شوية ...عندي موضوع خاص مع المدام .. لو سمحت ..
تفاجأت مرام بحركة رامي ..وقبل أن ترد، كان قد تجاوزها بخطوات واثقة داخلا للغرفة، كأنه يعرف الطريق تمامًا.. فتبعته مرام بنظرات مشوبة بالقلق.. وهي تنظر لسراج و الذي نظر اليها منتظر اوامرها ...فأشارت له برأسها مومئة له بوجوب بقاءه خارجا ..
سراج فعل ذلك منزعجا و مرغما تنفيذا لأمر سيدته ..التي صارت تملك قلبه و عقله و كل شيء فيه ..
داخل مكتبها ..
جلس رامي امام مكتبها .. وفاجأها بالسؤال
رامي / هو ماله كده لازق فيكي طول الوقت ؟
مع ان سؤال رامي كان مستفزا لها و يعتبر تدخلا في شؤونها الخاصة لكن مرام سيطرت على نفسها ..
اجابته مرام بهدوء اكبر/ سراج شغال عندي من مدة .. و بيساعدني في كل حاجة انا احتاجها .. ده مش مجرد سواق و مساعد .. ده بيحرسني كمان !
رامي بسخرية/ يحرسك؟ ليه يعني؟ هو انت في حد بيحاول يختالك مثلا عشان يحرسك؟؟؟
فجأة بشكل غير متوقع .. و كأن سراج كان يضع اذنه على باب المكتب .. ففتح الباب فورا ودخل و بيده دوسيه ملفات ... كحجة لدخوله
سراج بغضب محتقن/ انا آسف يا مدام .. بس حد من بتوع الانتاج اداني الدوسيه ده وقالي اديهولك لأنه ضروري .. ما يستحملش تأخير!
عرف رامي ان تلك كانت حركة ساذجة و مكشوفة من سراج لكنها بدأت تؤكد شكوكه و مخاوفه حوله .. فيما واصل سراج التقدم نحو مرام التي ما زالت تجلس بهدوء تخفي كل انفعالاتها ازاء ما يحصل ..
رامي بتحدٍ/ اه .. كويس انك هنا .. كنت بجيب سيرتك عند مرام .. و احنا فيها اهو !
سراج باستغراب/ فيها فين؟
رامي/ مش شايف انك مأفور في شغلك شوية ؟
تسمر سراج في مكانه، ورد عليه بنظرة ثابتة وقال/ انا بعمل شغلي و بسة.. أنا بخدم الهانم و بحرسها بحياتي لو تطلب الأمر وموجود مش بس عشان أساعدها .. موجود عشانها هي في اي حاجة تطلبني فيها !
رامي مال بجسده للأمام، كأنما يتفحصه و ينظر له بنفس النظرة الفوقية مع انه تفاجأ برد سراج الجريء
رامي/ بس واضح إنك واخد راحتك زيادة ! زيادة اوي!
ردّ سراج مرة اخرى عليه ببرود مقصود .. نبرته لا تخلو من احترام مصطنع
سراج/ أنا عارف مكاني كويس .. و بعمل شغلي بإخلاص .. و زي ما قلت لحضرتك .. انا شغال عند الهانم و بس ! .. و كل اللي يهمني رضا الهانم وبس.. الهانم .. و بس !!!
وقبل أن يحتد الموقف بينهما أكثر رفعت مرام يدها قاطعة الحوار ..
مرام / كفاية يا جماعة.. مفيش داعي نتكلم بالشكل ده .. احنا هنا في شغل و بس .. ارجوكم ..
ناول سراج الملف لمرام بصمت، لكن عيناه ظلتا معلقتين على رامي لثوانٍ قبل أن ينصرف..
أما رامي فابتسم ابتسامة خفيفة وهو يتابع خروجه، ثم التفت لمرام وقال لها في تلميح غير مريح منه
رامي / واضح انه بيخاف عليكي اوي .. بجد !!
أجابته مرام بصرامة / بص يا رامي .. كل اللي هم عندي ناس موظفين .. او شغالين و بس .. هم يعملوا شغلهم و خلاص ..
وأنا مش هأسمح لأي حد حتى لو كان انت! .. انه يقلل من قيمتهم او قيمة الي بيعملوه في شغلهم .. لان ده معناه ان بيقلل مني .. مفهوم !
صمت رامي شاعرا بفشل محاولته لاستفزاز مرام التي ظلت محافظة على مظهرها المهني امامه ولم تتفوه بأي كلمة قد تعزز اي شكوك او وساوس قد تنمو في صدره نحوها ..
لم يمر موقف رامي على مرام بسهولة ..
فبعد احداث هذا اليوم .. شعرت مرام بضجر و انزعاج شديد .. وحتى نما في صدرها احساس داخلي .. فتغير مودها و اعتلت الكآبة محياها الجميل ..
بعد مرورة فترة قصيرة ..
قطع سلسلة افكارها .. اتصال من صديقتها نادين
نادين/ معقول كل ده و ما سالتيش عن صاحبتك؟
مرام بضجر واضح/ و اللهي انا مش فايقالك خالص يا نادين ..
نادين/ اي ده .. اي ده .. مالك يا بنتي .. حد من قرايبينك مات ولا حصله حاجة وحشة ؟
مرام والانزعاج واضح عليها/ فال **** ولا فالك يا بنت .. بس الشغل .. الشغل يا نادين بقى موترني طول اليوم .. انا عايشة تحت ضغط كبير بسبب الي بيحصل في الشغل اليومين دول ... انا مش قادرة استحمله ابدا
نادين/ لااااه .. الوضع ده ما يتسكتش عنه .. ده انتي هيجيلك انهيار عصبي ولا حاجة بعد الشر .. كله الا صحتك يا حبيبتي .. ده انت لسه في عز شبابك .. هاتلحقي ع الضغط والسكر لما تعدي الخمسين مش النهاردة يا روحي ..
مرام/ انت بتقولي ايه يا نادين؟
نادين/ بقول الصح .. يابنتي مافيش حاجة في الدنيا تستاهل منك كل ده .. اهم حاجة صحتك .. صدقيني يا مرام انا اكتر وحدة بتخاف عليكي ..
مرام / عارفة واللهي بس اعمل ايه .. أنا حاسة اني تايهه .. مابقتش قادرة اخذ اي قرار ..
نادين/ عشان كده .. لازم تبعدي عن كل الضغط والتوتر ده و تدي لنفسك اجازة قصيرة ..
مرام / اجازة .. اجازة ايه بس يا نادين ..
نادين/ يابنتي اجازة لعقلك .. لجسمك .. طب اقولك على حاجة .. ياستي بلاها الاجازة .. تعالي عندي اللية غيري جو و روقي مودك و فرفشي شوية و انبسطي .. مش هتخسري حاجة.. ساعتين زمن بس
مرام / لا تكونيش ناوية تعملي معايا نفس الي عملتيه اخر مرة مع الواد بتاعك .. ؟
نادين تضحك/ يابنتي انتي مالك بس .. .. انا كنت بمبسط .. انتي مالك ..! ؟
مرام/ مالي ازاي .. هي حبكت عشان تعملي ده قدامي
نادين/ قصره.. انا مستنياكي باليل .. عاملة حفلة و عازمة كام نفر .. كلهم ستات .. فاطمني .. الي خايفه منه مش هايحصل
مرام/ على رأيك ..انا حاسة بجد اني تخنقت ولازم اتنفس شوية..
نادين/ اهو كدة الكلام .. انا مستنياكي يا حبيبتي .. اوعي تتأخري .. انا هزعل منك!
مرام باستسلام/ حاضر .. اما اشوف اخرتها ايه معاكي ..
بعد انتهاء الاتصال..
قررت مرام فعلا ان تتخلص من ضغوطات العمل و البيت .. و وجود رامي مؤخرا صار يربك حياتها في الفترة الاخيرة و يسبب لها ضغطا متواصلا و قلقا مستمرا
لقد قررت مرام الاستجابة لدعوة نادين .. صديقتها الأجتماعية المرحة التي عُرفت بذوقها المختلف وحبها للحياة الصاخبة..
وبعد انتهاء هذا اليوم في المصنع .. و في طريق العودة للقصر .. حاورت مرام سراج .. وهو يقود
مرام/ انا معزومة الليلة عند صحبتي نادين في فيلا مش بعيدة عن هنا .. عايزاك توصلني و تستناني في العربية .. معلش انا هتقل عليك شوية يا سراج ..
سراج/ تقلي عليه ايه بس يا مرام .. انا اخدمك بعنيا و روحي و الهي ..
مرام / **** يخليك ليا يا سراج .. انا لولا كنت خايفة و بحس بقلق كنت طلبت منك تروح على طول بعد متوصلني .. حرام تفضل ساعات مستنيني برى ..
سراج/ ما تشيليش هم اي حاجة يا مرام المهم انت تحضري الحفل و تنبسطي .. صدقيني انا ببقى مبسوط اوي لو شايفك مبسوطة و مرتاحة
كلمات سراج اشعرت مرام بقليل من الحياء .. و ابتسمت لاطراءه الجميل ..
مرام/ متشكرة اوي يا سراج .. ماعرفش انا كنت هاعمل ايه من غيرك والهي ..
سراج بحماس/ انا عنيه ليكي يا مرام .. ما تقلقيش ولا تشيلي هم اي حاجة طول ما انا موجود .
وصلت مرام للقصر و بعد ان اخذت قسطا من الراحة .. قررت الاستعداد للحفل و ارتدت ابهى ثيابها .. كان يكفيها فقط ان تضع لمسات خفيفة جدا من المكياج فجمالها ما زال ساحرا خلابا و اخاذا .. في غنى عن اي الوان او مكياج ..
عندما خرجت من غرفتها .. لكي تصعد في السيارة< في المقعد الخلفي حفاظا على البرستيج امام صديقاتها> انبهر سراج برؤيتها حرفيا .. حتى عجز عن ان يجد اي كلام ليطريه بها ..
فالكلمات احيانا تفسد الشعور باللحظة الجميلة ولذلك فلقد قرر سراج الصمت امام جمال مرام المشرق و اكتفى بالنظر لها كل قليل عبر مرآة سيارته .. مرام شعرت به و بنظرات اعجابه الواضحة فكانت ترد عليه احيانا بابتسامة خفيفة وتعود تشيح بنظرها عنه حياء منه ..
كانت الحفلة مقامة في فيلا خاصة .. تعود ملكيتها لإحدى صديقات نادين المقربات منها جدا .. الفيلا محاطة بحديقة واسعة مضاءة بمصابيح صغيرة متدلية من الأشجار .. تمنح المكان جوًا أشبه بمهرجان ليلي سرّي .. رأت مرام في الحفل مجموعه من صديقات نادين المقربات التي تعرف بعضهن ايضا ولكن هي ليست مقربة منهن بنفس درجة نادين
كان الحضور كلهن من النساء .. كما قالت نادين تماما .. أغلبهن سيدات مجتمع "هاي كلاس"، اجتمعن على حب الموسيقى والرقص والضحك المتواصل.. و الاستمتاع بأجمل اوقاتهن ..
القاعة الداخلية في الفيلا .. او صالتها الضخمة .. امتلأت بأصوات الموسيقى الغربية العالية ..أضواؤها الملونة تتنقل على الجدران والسقف وكأنها أمواج لا تهدأ..
كانت الطاولات مزينة بزهور بيضاء وسوداء صناعية .. في مزهريات زجاجية طويلة .. وعلى الجوانب وقفت خادمات يقدّمن المشروبات والعصائر الفاخرة والنبيذ النفيس في كؤوس لامعة. لم يكن المكان هادئًا ولا رسميًا .. بل أقرب منه إلى مسرح للانطلاق والتمرد على قيود الحياة اليومية..
في قلب القاعة الفخمة التي أضيئت بثريات كريستالية ضخمة.. ارتجّت الأركان بأصوات الموسيقى الصاخبة وضحكات النساء المتعالية..
كانت الأجواء حماسية و حيوية .. تتمازج فيها الألوان والأنغام .. و تختلط فيها رائحة العطور الشرقية الثقيلة بلمعة الأقمشة اللامعة والحرير الناعم الذي كسى اجساد النساء ..
وسط هذا الحشد النسائي الكبير برزت نادين .. وكأنها جمرة مشتعلة وسط بحر من الألوان.
حركاتها كانت رشيقة .. وابتسامتها الواثقة أشعلت دوائر من الحماسة حولها.. كلما خطت خطوة .. تأرجحت الأقراط الماسية مع كل اهتزازة في اذنيها .. تزيد من بريقها .. وشعرها المرفوع لأعلى يُبرز عنقها الساحر..
نادين كالعادة في كل حفل .. مثل كل مرة .. قد خطفت الأنظار بصفتها عريفة الحفل و مقيمته .. فستانها الاحمر القاني كان قصيرًا مفتوح الكتفين .. ينسدل بخفة على قوامها الممشوق.. حتى بدت في اقرب صورها لهدى الاتربى ..! لقد تسابقَت العيون تنظر باتجاهها .. لتتأكد إن كانت هي الممثلة نفسها ؟ والتي ظنها البعض انها هي بلحمها و شحمها !
شعرها الأسود كان مرفوعًا لأعلى في تسريحة أنيقة تُظهر عنقها الجميل فزيّنته بعقد لامع من الماس .. حجمه ليس صغيرا .. غال الثمن .. خطواتها الواثقة على كعب عال يصعب ارتداءه من اي فتاة عادية وضحكتها العالية .. جعلتها محور الأجواء .. وكأنها قائدة الأوركسترا في حفلة صاخبة..
أما مرام
فقد بدت مختلفة تمامًا.. لقد قدمت للحفل و في داخلها بعض التردد و كثير من التحفظ .. كانت قد اختارت فستانًا طويلاً من الساتان الأزرق الداكن .. يلتف حول جسدها الرشيق الجميل بانسيابية .. بفتحة جانبية تكشف عن ساقها النحيلة الناصعة البياض كانها حجر نفيس .. كلما تحركت.
شعرها البني المائل إلى العسلي تركته منسدلًا على كتفيها .. يلمع تحت أضواء القاعة.. التي تغزلت به
مكياجها كان هادئًا، يبرز جمالها الطبيعي .. ويمنحها حضورًا متفردًا بين نساءٍ تبارين في المبالغة.. ما تزال هي شامخة في القمة حتى وان لم تختر ذلك بإرادتها .. ما تزال تستقطب انظار الجميع من حولها بجمالها المتفرد .. وان كن نساء مثلها
في البداية .. جلست مرام بهدوء في مكان منزو قليلا .. تراقب الأجواء بعيون مترددة .. بينما نادين دفعتها للاندماج في اجواء الحفل شيئًا فشيئًا، كأنها أرادت أن تضعها في قلب تلك الفوضى البراقة.. تشدها شدا اليها
النساء كن يرقصن في وسط القاعة بلا قيود .. أصوات ضحكاتهن تختلط بالموسيقى .. عطورهن الجميلة تملأ الاجواء عبيرا .. الجو كان مشبع بروائح العطور الفاخرة والدخان الخفيف المتصاعد من الأركيلة التي انتشرت على الطاولات.. و دخان السجائر الإلكترونية..
كانت الحفلة تعكس تمامًا التناقض بين تلك الشخصيتين .. نادين المتحررة .. اللاهثة وراء المتعة .. ومرام المتحفظة منذ سنوات .. الجميلة التي تحاول ان لا تفقد وقارها وسط صخب يوشك أن يبتلعها..
هذه الحفلة كانت تحمل موقفًا مفصليًا بين نادين ومرام، بحيث تبدأ نادين بالكشف عن نواياها و محاولة التأثير في مرام بشتى الطرق
لقد تحولت الحفلة من مجرد صخب وضوضاء .. إلى لحظة فارقة في نفس مرام .. لحظة تستسلم فيها قليلًا لجو نادين الذي خلقته بيدها .. فتسمح لنفسها بالتأثر بها إيجابًا ..
في ذروة الحفلة
كانت الأنغام ترتفع أكثر فأكثر، وأجساد النساء تهتز على وقع الموسيقى، بنهودهن و أعجازهن و زنودهن الشهية ..
بينما مرام ما زالت تجلس مترددة في طرف القاعة، تحدّق في الأضواء المتراقصة وكأنها تراقب عالمًا لا تنتمي إليه..
حتى عندما كانت فقيرة قبل معرفتها بعبد المنعم .. لم تعرف تلك الاجواء .. وحتى بعد وفاته و انضوائها الى اندية مجتمعية راقية مختلفة لكنها ابدا لم تصل بعد لتلك النقطة
راتها نادين .. فتركت كل شيء من يدها .. و ذهبت باتجاهها
اقتربت نادين منها بخطوات سريعة، ومدّت يدها لها وهي تقول لها بمرح
نادين/ قومي يا مرام… هو إنتي ناوية تفضلي بتتفرجي بس؟ ده يومك و وقتك الي انت عايشاه .. خلي الدنيا .. على الاقل هنا .. تمشي على مزاجك شوية!
ابتسمت مرام لها بتردد وأجابت وهي ماتزال تحاول الانسحاب من الحفل .. فترجع بجسدها مبتعدة عن نادين قليلا ..بلغة جسد تفضح خوفها ..
مرام/ أنا مش بتاعت الجو ده يا نادين .. لسه الحاجات دي جديدة عليه ..
لكن نادين لم تتركها تهرب منها هذه المرة .. فأمسكت يدها بقوة فيها لطف وحزم في آن واحد .. وسحبتها إلى وسط القاعة..
نادين بلطف و ابتسامة / لأ بقى تعالي لهنا .. مش هخليكي تهربي المرة دي
فانساقت مرام معها كما تنساق فراشة غضة الاجنحة نحو حقل كبير من الورود ..
هناك .. في الوسط.. في لحظة تشبه انجلاء الضباب و وضوح الرؤيا .. وجدت مرام نفسها محاطة بعشرات النساء اللواتي يتحركن حولها بحرية وخفة و رشاقة .. ضحكاتهن تتطاير في الهواء مثل شرارات صغيرة .. تتناثر على عواطفها الباردة التي اصبحت كمخزون وقود مركون في قعر رغباتها .. و قد تشعله تلك الشرارات و تفجره في أية لحظة
في البداية وقفت مرام في مكانها متيبّسة .. متشنجة .. تشعر و كأن الجميع يراقبها و ينظر حصرا لها .. لكن الحقيقة ان كل فتاة حاضرة في الحفل كانت مندمجة مع نفسها او مع صديقتها في عالمها الخاص ..و لا واحدة منهن تهتم بمرام و ماذا ستفعل؟
جمود مرام اضطر نادين ألى أن تقترب منها أكثر حتى التصقت بها .. وهمست لها وهي تبتسم ابتسامة مشجعة
نادين/ ما تبقيش سجينة لنفسك… جربي بس تحسي إنك عايشة.. اخرجي من السجن الي بنتيه بنفسك .. اهربي منه .. اهربي يا مرام !
سمعتها مرام و تأثرت بكلامها و لكنها لم تعرف كيف .. كيف ستحطم جدران سجنها الداخلي لتنطلق الى الحرية .. ؟
كلمات نادين اخترقت جدران قلعتها المبنية من تحفظ متراكم عبر السنين ... اخيرا تشجعت مرام قليلا .
.
بدأت بخطوة صغيرة .. ثم ثانية .. حتى انطلقت في حركات خجولة مترددة... سرعان ما تحوّلت إلى خفة لا تشبهها الآن .. بل تشبهها سابقا ..
شعرها انسدل بحرية على اكتافها يتراقص مع إيقاع الموسيقى ووجهها اكتسى بلون احمر بفضل ضخ الدماء فيه .. لون جديد من الحيوية ..
حتى ضحكت بصوت عالٍ جعل نادين نفسها ترفع حاجبيها بدهشة وإعجاب.. و هي ترقص طربا ..
بعد رقصة خجولة مقتضبة .. لكنها كانت كفيلة بجعل مرام تلهث لتسحب انفاسها من التعب .. اخذت مرام قسطا من الراحة
مرام و نادين ..
جلستا على إحدى الأرائك المخملية في ركن جانبي .. تتنفسان بعمق و بسرعة بعد مجهود الرقص الذي بذلتاه ..
قدمت نادين لمرام كأسا من نبيذ معتق .. مرام تشرب الكحول في مثل تلك المناسبات لكنها لا تفرط في الشرب ابدا ..
و لكن .. يبدو انها بحاجة اليوم الى جرعة اكبر لكي تزيد من شجاعتها اكثر .. فصارت تتقبل بصدر رحب كل ما قدمته نادين لها من كؤوس مليئة بشتى انواع المشروبات التي كانت تحتوي على كحول بتركيز عال !
كانت مرام لا تزال تبتسم .. خدّاها محمران من الحماس .. و من تأثير الكحول بنفس الوقت فقالت لها نادين وعينيها تلمع ببريق الانتصار الذي حققته للتو
نادين / شايفة؟ إنتي أحلى بكتير لما تسيبي روحك تتحرر ..
ردّت مرام بصوت منخفض لكنه صادق .. رغم شعورها بنشوة خفيفة و رائعة ...لما تناولته من خمر ..
مرام / يمكن عندك حق… نسيت من زمان يعني إيه أضحك من قلبي.. نسيت من زمان طعم الحياة .. لما ارقص بحس بالحياة ..بحس اني حرة فعلا .. من غير مافكر ببكرى
فجأة .. صمتت مرام و كأن فكرة ما وردت خاطرها للتو ..
ففي تلك اللحظة شعرت أن نادين لم تكن مجرد صديقة مقربة تدعوها إلى حفلة صاخبة كبقية صديقاتها .. بل هي القوة الخفية المستحثة التي تدفعها إلى مواجهة نفسها .. وإلى التذكّر دوما أن بداخلها امرأة لم تمت بعد .. بل تنتظر فقط من يوقظها من سباتها الطويل..
اثناء الحفل و اندماج الحضور بالرقص و الموسيقى .. كانت مرام قد شعرت بصداع خفيف و سألت نادين عن مكان خزانة الادوية لتتناول قرصا مضادا للصداع .. فأشارت لها نادين نحو غرفة على يسارها ..
توجهت مرام بخطى غير متزنة بعد ان اثرت الكحول فيها و في توازنها .. و فتحت باب الغرفة و فور ان دخلت .. شاهدت امامها ما لم تتوقعه!
لقد كان هناك اريكة خاصة على شكل حرف L .. وسط الغرفة .. جلست عليه فتاة في العشرينات كات ترفع ثوبها عن ساقيها حتى وسطها و فاتحة فخذيها على اتساعها و مغمضة عينيها و عاضة على شفتيها تصدر انينا و اهات خفيفة .. و تضع كفيها على راس فتاة اخرى كانت تدس وجهها بين فخذيها و تلعق بنهم كسها !!! كلاهما كانتا ترتديان خواتم زواج ! كل واحدة منهما قد تكون زوجة لشخصية مهمة!
بنفس الوقت كانت الفتاة التي تلعق تجلس القرفصاء و قد تخلت عن كلسونها و هي تعبث بكسها بأحد يديها حتى اسقط كم من المياه تجمع على الارضية تحتها على شكل بقعة ماء بسبب هياجها .. كلاهما كانتا غائبتان في عالم من المتعة ..
المنظر صدم مرام حرفيا .. حتى ان صداعها اختفى و نست ما كانت قادمة من اجله .. فضلت تنظر لهما بذهول و صدمة ..
الاصوات كانت ترتفع و المياه كانت تزداد فورانا من اكساسهن .. لم تكن مرام سحاقية و لم تفكر في حياتها ان تكون كذلك ابدا .. الا أن المنظر قد اثارها و حرك شهوتها و مشاعرها الجياشة ..
و بلا اي تحكم منها او سيطرة على جسمها .. بدأت مرام ترتفع حرارتها بفعل المشهد الساخن .. افرازاتها تحت قد بدأت بالنضوح للأسفل بفعل جاذبية الأرض .. كلسونها ابتل تماما .. بظرها انتصب حتى اصطدم بقماش الكلسون .. و حلمتيها كادتا ان تشوه منظر فستانها الجميل الملتصق على صدرها لشدة انتصابهما ..
استغرقت مرام في النظر .. متجمدة في مكانها .. واقفة بلا حراك لدقائق معدودة .. كأنها تتفرج على مقطع اباحي حي ..
تنظر للفتاة التي تمد لسانها و تطبق فمها واسنانها على كس الاخرى تلعقه و تشمه بشراهة و خبرة و كأنها تلعق طبقا مليئا بالعسل !
اخيرا انتبهت الفتاة الجالسة على الأريكة .. ففتحت عينيها .. و رأت مرام تنظر نحو كسها عيونها مثبتة عليه وهو يُلعق من رفيقتها بنهم لا يهدأ ..
فابتسمت الفتاة .. لمرام .. ابتسامة بعثت فيها الطمأنينة .. ثم قطعت الصمت النسبي الذي كان يخيم على اجواء الغرفة و خاطبت رفيقتها ..
الجالسة/ استني .. اه .. وقفي .. اااه
اللاعقة/ ليه .. اممم .. اممم
الجالسة/ بصي وراكي .. ااااه .. اي .. اي
فنظرت الفتاة اللاعقة و رأت مرام تقف صامته تنظر لهما بفضول غريب و اندماج أغرب.. فابتسمت هي الاخرى لها و لم تهتم كثيرا بوجودها.. اذ عادت لمهمتها في لعق المياه التي لم تكن تلحق ان تنزل حتى تلعقها بلسانها و فمها بنهم .. تشربها فورا ..
اكملت الجالسة كلامها لرفيقتها/ بقلك وسعي شويه .. ما تبقيش طماعة اوي .. سيبي شوية لغيرك ..
ثم وجهت كلامها لمرام و هي تريها كسها الذي كان شديد التوسع والارتخاء و مفرطا في الافرازات و بظرها في قمة انتصابه و بلله ..
الجالسة / تعالي .. تعالي يا حلوة .. مش هقولك لا.. تعالي الحسيه .. اااااه .. لسه فيه عسل كتير بيطلع منه .. لازم يتلحس .. اممممممم
فجأة اللاعقة التفت نحو مرام ايضا وقالت لها / اه والهي ده طعمه يجنن .. انت بس تجربيه هتبقي مدمنة عليه .. تعالي شاركينا .. تعالي ما تخافيش ..!
الجالسة فتحت ساقيها على اتساعها لكي تبرز كسها لمرام والذي كان شعره مبللا من كثرة اللعق.. ثم بدأت تعبث بأشفارها بأصابعها .. تفتح كسها اكثر في مدى رؤية مرام .. مواصلة محاولة اغوائها
الجالسة/ تعالي .. تعالي ذوقيه .. ماتخافيش .. بصي حلو ازاي..
لكن مرام ارتعبت .. و خافت .. و قالت لهن بصوت مرتفع / لأ .. انا مش كده .. مش كده ..!!!
و خرجت مهرولة من الغرفة بسرعة تصفق الباب خلفها بقوة .. فوجدت نفسها وسط القاعة المزدحمة و فوضاها .. فصارت تبحث عن اي كرسي شاغر لتستريح عليه .. فقلبها صار يخفق بسرعة جنونية و ساقاها ما عدتا تحملانها من شدة ارتعاشها و ارتجافها ..
اخير نجحت مرام في ايجاد كرسي لتجلس عليه مرتاحة تشهق انفاسها بسرعة محاولة ان تهدأ و تخفف من انفعالاتها التي حصلت لها بشكل لا إرادي ..
ما اخافها ان افرازاتها تحت لم تنقطع .. بل زادت .. قلبها هدأ قليلا لكن شهوتها ما زالت تتصاعد .. اثارتها تزيد باضطراد مخيف ..
و كردة فعل غير محسوبة .. زادت مرام من ارتشافها للخمر الذي كان موضوعا امامها دون تفكير .. لعلها تسكر و تنسى ما رأته ..
تأثير نادين على مرام .. و حتى الكحول .. سيمتد حتما الى ما بعد الحفلة ! و سوف تترك كلمات نادين ومواقفها أثرًا عميقًا في قرارات مرام القادمة ..
بعد ساعات ..
شارف الحفل على الانتهاء .. وغادر اغلب الحضور .. مرام قد وصلت الى مستوى عال من الانتشاء بسبب سكرها .. حتى انها كانت تضحك مع نفسها بلا سبب ..
نادين لم تكن تملك وقتا كافيا لتخصصه لمرام وحدها .. كانت تمر بها كل قليل تطمئن عليها و تتأكد انها مرتاحة و سعيدة و تعود تدور بين رفيقاتها و صديقاتها تضحك معهن او ترقص و تجامل .. فهي اجتماعية بطبعها جدا ..
في الختام ..
لم يتبق في القاعة غير مرام و نادين .. التي جاءتها وجلست امامها على نفس الطاولة .. تحمل بيدها كاسا من كحول غالية الثمن ..
ثم قالت لها وهي تضرب كاسها بكاس مرام الشبه فارغ ..
نادين هي تضحك/ اي ده .. ده انت بقيتي سكرانة طينة!
مرام ترد عليها بضحك غير مبرر .. و كلام مبهم ..
ثم اكملت نادين كلامها وهي تضحك/ و دلوقتي جاه معاد المفاجأة الي انا محضرهالك .. مفاجأة الحفل الكبرى!!
مرام بضحك / ايه .. هتجيبي فواخير و تطلعيها ؟
نادين/ لا.. استنيني شوية بس!
نهضت نادين تاركة مرام في مكانها .. متوجهة الى خارج القاعة .. و بعد لحظات دخلت عائدة وبيدها عصام!
نادين/ ايه رأيك في المفاجأة الحلوة دي!؟
مرام تضحك غير مبالية/ اه .. مفاجأة حلوة .. و ماله .. من حقك تعملي الي انت عايزاه .. لازم تبقي حرة .. مش انتي قلتي كده برضه ؟
ضحكت نادين تجيبها/ ايوه كده يا حبيبتي .. عايزاك تبقي حرة في كل حاجة تعمليها .. و دلوقتي انا عايزاكي تجي معايا ..
مرام/ على فين ؟
نادين صارت تتبادل القبل الخفيفة والسريعة مع عصام .. ثم اجابتها/ تعالي ورايا بس ما تخافيش ..
مدت يدها لمرام تساعدها على النهوض ثم اخذتها لنفس الغرفة التي رات فيها الفتاتين احداهما تلعق كس الاخرى!
تبعتها مرام كقطعة شطرنج مسلوبة الارادة .. و ما ان دخلت حتى اجلستها نادين على كرسي مريح ..
نادين/ ما تخافيش .. انا مش هاجبرك تعملي حاجة ما تحبهاش .. انا عايزاكي تتفرجي و بس ..
مرام تذكرت مشهد الفتاتين و عادت لها اثارتها و تسارعت دقات قلبها و زادت افرازات كسها رغما عنها و ارتفعت اصوات انفاسها وهي صامتة .. سكوتها كان علامة رضا منها ..
خلعت نادين ثيابها دفعة واخدة ثم اخذت وضع الكلب على اربع و جعلت عجزها مكشوفا لاعين مرام التي صارت تنظر بذهول و فضول و شهوة .. فيما فك عصام ثيابه عنه ثم نزل خلف عجز سيدته يفتح فلقتيها بعنف و يدس لسانه في دبرها المسود قليلا و المتوسع بوضوح بسبب كثرة استهلاكه .. و صار يدخل لسانه و اصبعه فيه ..
نادين كانت تأن و تتمتع و تفرك بكسها الجميل بأحد يديها من تحت بطنها..
ما لفت انتباه مرام رغم سكرها ان جسم نادين كان يلمع لمعانا لشدة ملاسه .. الا كسها! كان مشعرا بشكل صادم .. كأنه مهمل و غير مستخدم منذ زمن طويل!!!
زادت اهات نادين واندماجها و زاد توتر و انتصاب قضيب عصام الطويل .. يبدو ان لحظة الإيلاج قد حانت فنهض عصام من مكانه ليركب عجزها وهو يوجه بقضيبه ذو الراس الكبير ليدخله بسلاسة نوعا ما في دبر نادين التي بدأت تصرخ مستمتعة من الالم ..
حتى صار عصام يزيد من تحركه و رهزه في دبرها .. و انحنى فوق ظهرها ملاصقا بطنه .. لكي يداعب نهديها الجميلين وهو يدفن قضيبه في مستقيمها ..
كان عصام عنيفا جدا في نيك طيز نادين حتى صارت تصرخ من الالم !!!
لكنها بالتأكيد كانت مستمتعة..
اثناء ذلك ..
تنهمر افرازات مرام عليها انهمارا بسبب اثارتها من المشهد..
مازالت ترتدي تحفظا خارقا و تتمنع ان تحرك بيدها لتحت كي تهدئ من ثورة شهوتها ..
مازالت نادين تتوجع و عصام يخترق دبرها بقضيبه .. يتحرك فيها بلا ادنى رحمة و بسرعة خارقة .. رج فيها لحم جسمها العاري رجا ..
كأنهما اتقنا دورهما .. كأنهما ممثلين محترفين يصوران مشهدا للأفلام الإباحية ..
صراخ نادين .. جعل مرام تتساءل رغم تعجبها بالمشهد و تأثرها فيه.. ف جعل مرام تكسر صمتها و تكلمها رغم سكرها
مرام/ .. ايه الي جابرك بس يا نادين؟
نادين تجيبها مبتسمة وحبات العرق تنزل على عيونها تجعلها تغمضهن و تفتحهن بسرعة ..
نادين/ اصله وجع ممتع اوي.. خصوصا لو كنتي متعودة ع الباب الوراني من قبل الجواز.. ! بس .. اه .. اه .. بس انا بقى عندي دلوقت هدف جديد .. لازم احققه .. شاكر !! مافيش غيره
مرام مستغربة رغم سكرها/ و يطلع مين شاكر ده ؟
نادين تقذف من كسها بقوة و تصرخ بأسم حبيبها المنشود
نادين بصراخ/اااااه .. شاكر ...شاكر حبيبيى.. اااااه ...
وبعد ان هدات قليلا / شاكر .. يبقى ابن محمود الذهبي! جوزي ..ااااااه .. اي الحلاوة دي يا عصام شقيت طيزي بزبرك !
مرام بصدمة/ ايه ؟ هو انت تجننتي يا نادين؟ بتفكري بابن جوزك؟
هنا صرخ عصام والقى بلبنه في عمق نادين يرتعش من اللذة و هو يفرغ نفسه داخلها و يستريح بجذعه فوق ظهرها و يديه لا تفارقان نهديها ..
نادين بعد هدوئها تحت ثقل عصام قليلا و هي تلهث/ ااه .. يخرب عقلك يا عصومتي .. جبت في طيزي كتير اوي .. لبنك وصل لزوري! دايما بتحب الوراني لحد ما خلتني انا كمان اتعود عليه .. مممممم ده حلو أوي ..
ثم تنظر لمرام تجيبها بلهاث/ ما تجننتش ولا حاجة .. مسيره هيضعف تاني قدامي و ماطلعش نادين أن ما اخليته يسيب مراته علشاني !
مرام استغربت ردها فقالت معترضة عليها/بس انتي مش هاتتجوزيه ؟
نادين تضحك/لا طبعا .. هو انا مجنونة !
مرام بصدمة/ أمال ليه تعملي فيه كده بس؟
نادين/ أهو كده بمزاجي .. عشان انا نادين .. والي عاوزني .. يبقى لازم يسيب كل حاجة عشاني مش كده يا عصومتي ؟
عصام يجيبها وهو يخرج قضيبه النصف منتصب من دبرها/طبعا يا لبوتي .. اكيد
مرام مصدومة بصديقتها/ لااااا
... انت تجننتي بقى !
نادين/ و لا تجننت ولا حاجة ثم انا هخليه ينيكني من ورا زي عصام ..اظن ده باب وراني مالوش علاقة في الخيانة .. ههههه .. مش كده يا عصومتي ..
عصام يضحك مجاريا لها و موافقا لها الرأي/ طبعا .. ههههه ... طبعا مش خيانة .. ههههه
نادين لعصام/ يالا يا عصومتي .. هات زبرك احلبه تاني ..
نزلت نادين تحت حوض عصام الذي ظل واقفا مفتخرا بطول قضيبه ينظر بتحد لمرام .. و نادين جلست القرفصاء تحته تعبث بكسها المشعر بيد و تمص زبره و تمسكه بيده الاخرى ..
من شدة تأثر مرام وهي ترى نادين تقذف امامها بسبب عبثها بكسها .. هي الاخرى اثيرت من جديد لمستوى لم تعد تقوي فيه على الاستمرار بالنظر او البقاء في نفس المكان ... لم تعد مرام تحتمل افرازاتها المفرطة من تحت .. كانت بحاجة الى ان تداعب بظرها لتخفف هياجها
ولذلك .. واثناء انشغال نادين بعصام .. بلا وعي منها قررت مرام ان تهرب من الموقف كما يهرب الطير من امام سيارة مسرعة تكاد ان تدهسه .. تاركة نادين تصرخ من المتعة و حسام ما زال يقتحم فمها بقضيبه ..
ما شعرت به مرام كان شعورا لا يحتمل دق فيها ناقوس الخطر .. حلماتها و غزارة عسلها افقدتها صوابها .. نادين اشعلت فيها شرارة الرغبة و الهبتها فيها .. في عدة مواقف مجتمعة ..
و مرام ما عادت تعرف كيف تطفئ تلك النار اللاهبة فيها .. ما زال التحفظ سيد تصرفاتها رغم سكرها .. ولكن .. الى متى؟
هرولت مرام من المكان .. خارجة من الباب الرئيسي .. تكاد تسقط كل قليل بسبب تأثير فقدان اتزانها ..
فراها سراج الذي كان ينتظرها عند السيارة بقلق و ترقب .. و ما ان رآها في حالة يرثى لها حتى ركض نحوها ليسعفها من احتمال السقوط .. فتقع عليه مرام و يحضنها ! يمسكها يسندها ..
سراج بقلق/ انت كويسة يا مرام؟ ايه الي عمل فيك كده بس؟
لم تجبه مرام فورا .. فنظرت له بوجهها الجميل .. رائحة الكحول تنبعث منها لكن سراج لم يشمئز منها ابدا بل ظل يطالع عينيها ليكون اسير هذه اللحظة و التي شعر فيها لأول مرة بطراوة لحم مرام على يديه و صدره ..
جسمها الناعم الترف الطري يشبه حلوى المن التي تصنع من اعالي جبال العراق < المن حلوى عراقية طبيعية المنشأ .. نادرة و غالية الثمن في غاية الطراوة و الحلاوة >
نظرت مرام له بعينيها الجميلة وقالت له/ .. انت .. انت حلو اوي يا سراج !
تجاهل سراج ما قالته ثم اخذها وهو يسندها للسيارة .. يد مرام سبقته لتفتح الباب الخلفية .. فسقطت على ظهرها في المقعد الخلفي .. و هي تضحك .. و تتفوه بكلمات غير مفهومة ..
ادرك سراج ان مرام في حالة سكر .. لكنه ظل ملتزما تجاهها بأداء واجبه و الحفاظ على سلامتها كان من اهم اولوياته ..
اما مرام .. صارت تتخبط في مشاعرها بين ضحك تارة .. و بكاء و شكوى و رومانسية تارة اخرى ..
سراج اغلق الباب و قاد بها بسرعة نحو النهر .. لعلها على جرفه تصحصح ..
وهناك .. اخرجها بصعوبة من مكانها و هي تتخبط و تتعثر في مشيتها و ما زالت تنطق بعبارات مبهمة .. حاول سراج ان يصحصحها .. فهزها من كتفها وهو يمسك بها من زندها .. خاطبها عدة مرات .. فكانت لا ترد عليه الا بضحكة او بكلام مبهم
سراج/ مرام .. مرام .. اصحي يا مرام .. فوقي من الي انت فيه ؟
ضحكت مرام و قد اقتربت بجسدها منه وهي تضع كلتا يديها على كتفه و تلتصق بجسدها معه بقوة حتى شعرت بقضيبه المنتفخ يرتطم بحوضها من خلف القماش ..
مرام قربت وجهها منه و عينيها نصف مغمضة و صارت بلا اي ارادة منها تقرب بشفتيها وانفها من وجهه ..
مرام/ افوق؟ و افوق ليه؟ هو انت عايزني افوق بجد؟
كأن سؤالها كان صادراً من شخص في كامل وعيه لا من شخص سكران افرط في الشرب .. فجعل السؤال سراج يتساءل مع نفسه حقا .. هل انا اريدها ان تصحو ..؟ لأنها لو صحت .. فلن تبقى هكذا بين يديه .. تهبه عطرها و ملمس جسدها و احساسها الرقيق .. بلحظة رومانسية حالمة بالنسبة له ..
سراج صار ينظر لها .. يتمعن في جمالها و حركة شفتيها الرطبتين التين تغريه بقوة لتقبيلها ..
وفي لمح البصر .. العقل خسر .. و الحب انتصر!
تلامست شفتيه بجبن و تردد مع شفتيها .. و ما ان شعرت بشفتيه تنطبق على شفتيها حتى بادرت هي الى الصاق فمها بفمه و تطويق كتفه بيديها .. في قبلة لن يجد سراج لها وصفا و لو استعان بلغة الباحث او شعر الأديب !
هنا .. على جرف النهر .. وقعت اول قبلة بينهما .. اول اعلان للحب بينهما ..
بالنسبة لسراج كانت تلك قبلة العمر .. طالت القبلة و تغيرت ثم تحولت من مجرد قبلة حب الى قبلة شهوة .. قبلة رغبة .. تعانقت فيها الألسن بقوة وارتشف فيها كل منهما رحيق الآخر ..
مرام كانت تريد من سراج اكثر فالشهوة و الأثارة دفعتها لحافة الجنون .. فقطعت القبلة و رجعت بخطى ركيكة نحو السيارة ثم فتحت الباب الخلفي ورمت بنفسها على المقعد الخلفي و بجرأة .. سحبت فستانها عن ساقيها و خلعت كلسونها و رمته بعيدا .. لتكشف كسها الرائع الجمال اما عيونه ..
فقالت له بصوت مغر و مثير/ تعالا .. ولا انت مش نفسك فيه ؟
سراج أصابه انتصاب شديد ُحبس خلف قماش بدلته الأنيقة.. كما ادرك لحظتها انه سيكون غبيا جدا .. لو ظل يتهرب او حتى يتنكر لدعوة مرام الواضحة له .. و كل ما تقوم به و ما تقوله له .. وإن كانت مخمورة !
فأقترب منها بتردد كبير .. لكن رغبته كانت مدفوعة بعاطفة اكثر من كونها شهوة .. و فور اقترابه منها .. دس راسه بين فخذيها .. فلاحته منها رائحة جميلة .. كانت مزيجا من عطرها الغالي و رائحة كسها الجميل ..
لم يجد سراج نفسه مخيرا! لقد أجبره جمال كسها المثالي ان يطبق شفتيه على كسها الناعم .. ينهل منه ماءها الذي يشبه عسلا مصفى .. فيما ارتجّت مرام رجة هزت فيها قليلا بدن السيارة ..
ملمس شفتيه على شفرتي كسها اصابها برعشة .. صدمة كهربائية واطئة الجهد .. لكنها عالية التأثير .. افتقدت مرام هذا الشعور منذ سنوات طويلة .. من ايام حبيبها السابق حميد .. حتى مع زوجها عبد المنعم .. لم تكن سوى زوجة على الورق .. لقد كان صريحا معها في ذلك لكبر سنه ..
اطال سراج لعقه و داعب بأصبعه بظرها المحتقن الحساس.. فكانت تتأوه و ترفع صدرها للأعلى و ترجع راسها للخلف مع كل آه و تنهيده .. مندمجة معه في ما يشبه الغيبوبة الا انها كانت صاحية و واعية .. تشعر بكل ما يقوم به و تندمج معه بكل جوارحها .. لحظة بلحظة .. و لكن .. لأن مرام لم تعد تحتمل اكثر من هذا ..
فلقد قامت بحركة فجائية سحبته فيها نحوها تقبله بقوة .. ومن ثم لفت ساقيها حول خصره تسحبه نحوها اكثر لتلتصق به.. فسقط سراج فوقها .. و أصبح وجهيهما أقرب من اي وقت مضى ..
عطر مرام الخلاب المختلط برائحة مكياجها الخفيف يغزو انفه و يحرك مشاعره ويلهب رغبته .. وعندما اصطدمت انفاس مرام الزكية بأنفه ..كأن هذا دغدغ روحه و ايقظ قضيبه بقوة اكبر .. فتحركت رجولته لأقصى مستوى..
سراج بحب/ انت اجمل حاجة شفتها بحياتي .. انتي خدتي قلبي و عقلي و روحي و كياني و كل حاجة .. سحرتيني بجمالك .. بابتسامتك .. بكلامك .بحركاتك ..بريحتك ..بكل شيء فيكي ..
أبتسمت مرام له بإغراء اكثر و مازال تأثير الخمر يعطي مفعوله فيها وهي لا تستطيع ان تفهم معنى كلمات سراج .. لكن سعدت بها .. فتركيزها كان منصبا على اخماد نارها المشتعلة في جسدها بفعل شهواتها المتصاعدة ..
اقترب سراج منها اكثر يريد ان يطبق شفتيه على شفتيها الناعمتين ..
مرام شبه مغمضة / تعرف يا سراج .. بقالي كتير محدش كلمني كده زيك ..
أقترب سراج منها اكثر مبتسما في وجهها و وضع يده خلف خصرها ..وهو يقربه وجهها صوبه .. فنظرت هي له بإغراء لا يمكن مقاومته و شفتيها مفتوحة تدعوه لها .. تلفحه منها انفاسها العطرة .. و يسحره عطرها .. فطبع مجددا قبله خفيفة على شفتيها .. فبادلته مرام القبلة بدون تردد وهي تشعر بانتفاخه الكبير خلف بدلته الانيقة ..
بادلته مرام الحضن كذلك .. وهو يشم عطرها بعمق .. من خلف اذنها ..
ثم بعد قليل تلتقي الشفاه مجدداً .. في لحظة رومانسية حالمة بالنسبة لسراج .. و مريحة و لذيذة و شهية بالنسبة لمرام . حتى طالت اللحظة .. في مشهد يشبه الرقصة .. اكثر من كونه قبلة .
فيطيلان القبلة يندمجان بها معا .. و بحركة فجائية سريعة .. فتح سراج ساقيها بيديه مهيئاً قضيبه لاختراقها ..
.. وهو يواصل تقبيلها و يصعد بيده ليمسد نهديها من خلف القماش الحريري الملتصق على جلدها .. فشعر بمرونته و طراوته و نظارته .. ما زال صدرها غضا طرياً لم تؤثر به سنين الحرمان ..
ففك عنها سراج بعد ذلك .. ما تبقى من الملابس داخلية بشكل فوضوي فكاد يمزقها .. لكن مرام لم تكن تهتم للملابس ..فلقد كانت مستسلمة تماما له و مستعدة بقوة لهذه اللحظة ..
لشدة هياج سراج.. دفع بيده بين فخذيها ..صوب كسها الرطب الدافئ الناعم الذي لم يشهد في حياته مثل نعومته ولا طراوته .. فشعر بسخونته و رطوبته الهائلة .. و قوة نيرانه ..
مرام كانت تبتسم له بغنج و دلع و شهوة .. تأن بصوت رقيق شجي .. بدى كلحن اكثر من كونه تنهيداً .. مما دفع بسراج للجنون ففقد سيطرته على نفسه و فقد كياسته و اتزانه و تخلى عن كل تحفظاته .. و هو ينقض عليها كأسد مفترس .. يقبلها بشهوة قبلة وحشية .. فتأن مرام بأنفها الجميل من بين القبل وهي ترخي نفسها له .. وتستسلم لأحضانه القوية ..
لقد كانت تشعر فعلا انها بحاجة الى شاب يافع قوي مثل سراج لديه طاقة كبيرة ..ولن يهدأ حتى يجعلها تشبع نيكا و تطلب منه بلسانها ان يتوقف .. لشدة تعبها من نيكه لها !!!
لم يعد سراج يحتمل .. اراد ان ينيكها حالا .. فأخرج قضيبه الذي كان ذو حجم رائع و مناسب بالنسبة لمرام .. مما جعلها تسهل له الوصول لكسها بين فخذيها .. ثم رفع ساقيها من تحت ركبتها .. ليبرز كسها واضحا بعد ان ازاح الثوب خلف عجزها ..
ورغم صعوبة الوضع في السيارة .. لكنه استطاع ان يدخل الرأس بسرعة بين شفرتي كسها الناعم .. و رغم ان كسها كان قاسيا في بداية الادخال بسبب سنوات الاهمال .. الا ان ما سهل الايلاج كانت الرطوبة الغزيرة .. و الرغبة القوية عند مرام لاستقبال قضيب سراج في أعماقها ..
فراحت مرام تتكهرب لهذا الشعور الجميل ...لم يخترق كسها قضيب منذ سنوات طويله ربما ألمها ذلك قليلا لكنه ألم ممتع و جميل ...ألم يثيرها جدا و يحرك شهوتها القصوى ..
باشر سراج بتحريك قضيبه للداخل ببطيء.. وسط آهات و صرخات مرام .. والتي تحاول كتمانها بوضع يدها على فمها ..
سراج لم يتمتع من قبل بكل هذه الانوثة الطاغية والنعومة المفرطة .. وهو يشم عطر مرام و يقبلها ويتنقل بفمه نحو عنقها و نحرها ..فشعر بسرعة تجاوبها معه .. خاصة حين اطال من رهزه لها .. مستمتعا بكل حركة .. و معطيها حقها الكامل
..
بعد دقائق قليلة زادت وتيرة طعنه لقضيبه في كسها .. و كان يقبلها بجنون و يمطرها بكلمات الحب الصادقة ..
حتى شعر اخيرا بمرام تقذف .. وكسها يتشنج بقوة مرات عديدة حول قضيبه .. فلقد صرخت من بين القبل بآه قطعت فيها صمت السنين الممتلئ بالحرمان .. حتى ظن انها لن تتوقف من القذف !
كل جسمها اهتز كمصاب بنوبة صرع لا تنتهي .. عينيها تتقلب كشخص ملبوس بروح شريرة .. و كسها لم يبلل المقعد تحتها و حسب .. بل وصل مائها حتى ارضية السيارة ..
كأن مرام كانت صائمة لعقد من الزمن و تلك كانت لحظة افطارها .. لحظة لم تكن طويلة لكنها ارادت ان تفرغ فيها كل جوعها و عطشها بكل ما استطاعت من قوة .. بكل عضلة وجدت في جسمها .. كل جسمها تقلص معها متشنجا بقوة مفرطة .. لدرجة اخافت سراج عليها ! فظن انها ستفقد وعيها .. لكنها انتبهت لتوقف رهزه فيها ففتحت عينيها تبتسم بوجهه تشجعه على المواصلة ..
مما اثاره جدا .. ففلتت زمام الامور من يده ..حتى امطر سقف رحمها بدفعات متتالية و قوية من لبنه .. وهو يعتصر نفسه عصرا لإفراغ كل محتواه فيها .. بشعور لم يستمتع به من قبل ابدا .. شعور غريب و جديد عليه .. اذ فعل سراج ذلك متمتعا و محبا بنفس الوقت.. لدرجة كان في داخله رغبة اكبر لأن تكون مرام زوجته و ام ابناءه وليست عشيقته و حبيبته فقط !!
كلاهما غابا في عالم آخر وهما يستمتعان بتلك اللحظات الوجيزة التي دفعت مرام فيها من عمرها بالذات سنوات طويلة تحت قيد الأنتظار
بعد لحظات جميلة لم يريداها ان تنتهي ..
مازالا يلهثان و يتنفسان .. ووسط لهاثهما
خاطبته بصوت مرتعش و كأنها تستجدي تعاطفه لكي يعذر لها انهيارها التام/ انا .. انا محرومة من زمان.. !! من مدة طويلة
ابتسم سراج غير مصدق انه ناك سيدته و فتاة احلامه ثم قال لها بكل صدق/ .. انا بحبك .. بحبك يا مرام .. بحبك ..
للأسف .. لم تستطع مرام ان تسمعه جيدا .. فلقد اغمضت عينيها من شدة التعب ..
و بعدها غطت في نوم عميق ..
سراج لم يصدق ما حصل للتو .. لكن كان عليه أن يأخذها لبيتها .. في نهاية المطاف ..
فعدل من هيئته و ارتدى ثيابه .. و غطا مرام جيدا تاركا اياها ترتاح ممدة في المقعد الخلفي .. ثم اخذ مكانه في السيارة قائدا نحو القصر بهدوء و سلاسة حرصا على الا يوقظ اميرته من غفوتها .. و هو غير مصدق انه مارس الجنس للتو مع رئيسته و سيدته و حبيبة قلبه !
في القصر
كان صباح اليوم التالي مختلفًا
فمع اول خيوط الشمس .. حين تسلّل الضوء الذهبي عبر ستائر غرفة مرام الواسعة ..بدت وكأنها تستيقظ في عالم آخر غير الذي غفت فيه البارحة ..
فتحت مرام عينيها على مهل .. مترددة .. لا تزال أحداث الليلة التي مضت تمر امامها كشريط سينمائي .. ولا يزال طيف سراج و ما فعله معها يثقل نومها .. كأنها تخشى مواجهة سراج قبل مواجهة نفسها .. لا تزال أثار قبله تَثقل على شفتيها و آثار بصمات اصابعه ما زالت موجودة على صدرها الفتي و جلدها الناعم الرقيق .. فيسري في جسدها اقرب ما يشبه كهرباء ساكنة تدغدغ احساسها ..
استدارت في فراشها الناعم .. تلمست بكفيها وجنتها الدافئة .. ثم مدت يدها نحو الأسفل .. تتلمس شفرتي كسها الناعم الذي لم يعد محصنا منذ ان اقتحمه قضيب سراج بالأمس ..
تَعَّرجُ شفرتيها و تشوهمها قليلا بسبب اثار نيك سراج لها .. بعث في نفسها شعور غريب من السعادة فصارت تعبث بشفرتيها الرطبتين بلطف و تبتسم مع نفسها .. بالتأكيد .. شفرتيها تريد المزيد من هذا التشوه الجميل .. هي نفسها تريد المزيد !
ثم غرقت في دوامة من مشاعر متناقضة .. ما بين حياءٌ يشتعل في دمها و خجلٌ سيسرق منها قدرتها على النظر إلى نفسها هذا اليوم في المرآة .. ولذةٌ دفينة لا تعترف بها بصوت مسموع .. قد استيقظت اخيرا من سباتها الطويل ..
لأول مرة منذ سنوات شعرت أنها لم تعد تلك الفتاة التي حكم عليها القدر ان تكون أرملة في عز شبابها .. فتحصنت بجدرانها المتحفظة التي تحرس حدودها بدقة ..
لقد افاقت اليوم وهي امرأة اخرى .. أفاقت على أنوثتها المتفجرة .. كالأميرة النائمة في الحكايات .. تستفيق حين يقبلها فارس احلامها !
بعد ان تركت سريرها بصعوبة ..
و حين ارتدت ثوبها الحريري الصباحي ...كانت حركاتها مضطربة .. يديها ترتجفان كلما انعكست صورتها في المرآة. مسحت على وجهها بمساحيق خفيفة، لكنها لم تستطع أن تخفي احمرار وجنتيها. وكأن كل شيء فيها يفضح سرّها.. يكشفها و يعريها .. تتذكر اثار اصابعه على نهديها .. طعم شفتيه عندما قبلها .. ماءه الذي القاه في اعماق رحمها .. فامتصه جسدها كله حتى آخر قطرة !
نعم .. سوف تتجاهله اليوم ؟
قررت مرام أن تتجنّب سراج في البداية، أن تبقى خلف جدارٍ من التحفظ والبرود و الإنكار .. علّه ينسى هو الآخر أو يتظاهر بالنسيان.
نهضت مرام من فراشها ببطيء ما زال قلبها يخفق كطائر هرب من قفصه نحو الحرية.. فمشت بخفة مترددة نحو النافذة و فتحتها قليلاً .. واستنشقت هواء الصباح العليل.. الذي كان فيه خيط من برودة .. لكن هذا النسيم لم يطفئ حرارتها الداخلية بعد .. فأول فكرة زارتها .. كيف ستواجه سراج اليوم؟ كيف ستنظر في عينيه دون أن تكشفها آثار ارتعاشة الأمس، دون أن يفضحها بريق عينيها لفرط السعادة التي نالتها .. حين تتقاطع النظرات؟
كانت تعرف أن ما حدث لم يكن خطأ عابرًا .. بل شرارة أحرقت جزءًا من جدارها المتحفظ الذي طالما احتمت به .. وها هي الآن تتساءل من جديد.. أتبني فوق الرماد أسوارًا جديدة ؟ أم تدع قلبها ينفس عن ما حاولت كتمه طويلًا؟
لكن مرام كانت تدرك في أعماقها أن الهروب لن يجدي.. وأنها شاءت أم أبت .. ستقف وجهًا لوجه معه اليوم .. ليبدأ فصل جديد من صراعها بين القلب والعقل .. بين ما تشعر به كأنثى وما تفرضه عليها كبرياؤها لأن تظل متقمصة لدور سيّدة القصر.
سراج كان هو الاخر لم ينم الليل بطوله .. لقد قضى الوقت كله بين مصدق و مكذب لما حصل .. فأثر ذلك قليلا على تصرفاته فبدا مرهقا قليلا ..
لم يذق طعم النوم تلك الليلة. ظلّ يتقلب في فراشه الصغير في غرفة الحراسة .. بعد ان اضطر للمبيت فيها مرة اخرى .. مكتفيا بأرسال بصمة صوتية لجدته يخبرها بغيابه لكي لا تقلق عليه
كأن الأرض قد ضاقت به .. ما حصل بينهما مساء الامس بوقت متأخر .. يُحاصر عقله وقلبه معًا ..
المشاهد الساخنة التي فعلها مع مرام تعود إليه في كل رمشة عين، ومع كل نفس .. لم يصدق أن يده تجرأت و لمست جلدها العاري الناعم الملمس .. نهديها .. وجنتيها .. و حتى كسها الناعم
كما أن مرام لم تصده في تلك اللحظة نفسها بل هي من كانت تدعوه اليها بحرارة.. فظلّ سراج يتساءل مع نفسه هل كان اندفاعه جنونًا و تهورا فتجرأ لأنها كانت مخمورة ؟ هل الخمر فقط من جعلها تتجاوب معه دون ارادتها الواعية ؟؟
عندما استيقظ من نومه متعبا و رأسه مثقل بالأفكار .. جلس سراج على حافة السرير واضعا رأسه بين كفيه .. مازال في داخله صراع قاسٍ و متناقض .. من ناحية يخشى أن يكون قد تجاوز حدّه .. و يخاف أنه قد يجرح كبرياءها أو يفقد ثقتها.. فربما بعد ان تستيقظ سيدته اليوم و تعي ان كل ما حصل كان استغلالا منه لحالة سكرها و استغفالا منه لثقتها المفرطة فيه ..
ومن ناحية أخرى شعور لا يوصف يتملكه كلما تذكر دفء قربها .. انفاسها العطرة .. شهد شفتيها و حلاوة عسل كسها .. لحظات يتمناها ان تدوم للأبد و هي كانت في احضانه .. انه يحبها .. يعشقها لا يشتهيها كامرأة فقط ..
لقد خرج سراج من عالمه البليد المشاعر .. كأنه خرج من حدود ذاته إلى عالم جديد آخر لا يملك الرجوع عنه.. عالم مشرق مشبع بالوان من الأماني و اطياف من الامل .. اسمه مرام ..
في الآخر كان لا بد له من مواجهة يومه و القيام بمهامه .. فذهب الى الحمام و غسل وجهه بالماء البارد مرارًا .. لعلّه يطفئ اللهيب الذي يسري في جسده كلما تذكر نعومة شفتيها أو رقة صوتها وهي تأن تحته .. تسلمه مفاتيح جنانها و تمنحه بطاقة مجانية لرحلة الخلود ..
قلبه كان يخفق بعنف .. فهو يخشى أن يلتقيها اليوم فتفضحه عيناه امامها.. بحبه المجنون لها ..
كان يخشى من لحظة المواجهة اليوم .. فهناك سؤال يلحّ عليه .. هل ستعامله مرام ببرود لتعيد الحواجز إلى مكانها؟ أم ستتجاهل ما جرى وكأنه لم يحدث؟ أم ما زال هناك أمل بأنها شعرت بما شعر هو به؟
سراج كان يتأهب ليومٍ ثقيل يوم يحمل احتمالات متعددة .. كان افضلها ألا يواجها .. فقلبه أضعف من أن يواجها .. وأقوى من أن ينسى ما حدث..
في صالة القصر الواسعة ..
كان ضوء شمس الصباح المنعش للروح .. يتسلّل من النوافذ .. يلمع فوق الجدران المصنوعة من الرخام فيعكس صمتًا مهيبًا يرتد عنها...كأنه ينذر بهبوب عاصفة قادمة .. هدوء ما قبل العاصفة!!! ربما !!
خطوات مرام وهي تتجه للصالة كانت بطيئة .. متزنة و ثابتة .. كأنها تخشى أن يسمع سراج قلبها الخافق بشدة قبل أن يسمع خطواتها.
بشكل غريب جدا و بعد ان انهت فطورها و ارتدت ثيابها .. نادت مرام على سراج .. الذي جاءها مرتديا بدلته و متأهبا لعمله .. فأرادت ان تكلمه وهي تمثل انشغالها بالتفيش في حقيبتها اليدوية محاولة ان تتجاهل النظر المباشر في عينيه .. وهو كذلك !
كانت تحمل فنجان قهوة في يدها .. لكن ارتجافة أصابعها فضحت ما بداخلها من توتر.
في الجهة الأخرى ..
كان سراج يخطو بحذر وهو يهمّ بترتيب بعض الأوراق كان يحملها بيديه .. وحين لمحها .. توقف في مكانه لبرهة .. تردّد بين أن يقترب أو ينسحب .. لكن عينيه انجذبتا لجمالها الأخاذ بلا وعي .. ليلتقطا لها صورة لا تُمحى في ذاكرة قلبه ..
شعرها الاسود العسلي ينساب على كتفيها في خيوط حريرية ناعمة .. ووجهها المضيء كان يختبئ خلف مسحة من الخجل الرقيق
مرام نهضت من مكانها و مازال كوب القهوة في يدها تواصل الشرب منه .. ثم اقتربت منه بخطوات خجولة .. وفي قلبها ارتباك كالذي يسبق اعترافًا خطيرًا لمجرم مذنب بعدم اقترافه لجريمة !
وحين التقت نظراتهما.. ارتعشت مرام قليلا لكنها استردت ثقتها بعد أقل من لحظة .. سراج خفض عينيه سريعًا .. محاولًا أن يخفي الاحمرار الذي طرأ على وجهه.
مرام اخيرا ابتسمت ابتسامة صغيرة مترددة قطعت فيها الصمت .. كان في بسمتها من الحياء أكثر مما في الكلمات.
مرام و هي تدس خصلة من شعرها بيدها خلف اذنها/ صباح الخير..!
سراج بابتسامة مدمجة باحترام/ صباح النور يا مرام .. انت كويسة؟
كأن سؤاله لم يكن عن احوالها .. بل عن حال قلبها بعد ما حصل ..
ردّت مرام عليه بهدوء وهي تحاول أن تبدو طبيعية
مرام/ اه .. انا كويسه .. انت كويس؟
لعلها قصدت قلبه بالسؤال
فأجابها سراج بقليل من ارتباك/ اه ..تمام ...انا تمام ..
مرام / جاهز ؟
سراج/ اه جاهز .. اكيد !
حاول سراج أن يشغل نفسه بمواصلة ترتيب ما بين يديه من اوراق لكن ارتجاف أصابعه فضح ارتباكه. أما مرام فقد رفعت فنجان القهوة إلى شفتيها و هي ما زالت واقفة في مكانها ..ليس لتشرب، بل لتخفي اضطرابها..
ومع كل ذلك .. كان هناك نظرات بينهما تهرب من حصن التوتر و تتقاطع مع بعضها في نقطة الوسط مشكلة ومضات صغيرة من السعادة الخفية التي يشعر بهما كلاهما ..
فرحٌ خجول اخفياه عن بعضهما .. يؤكد لكل منهما بأن ما جرى لم يكن مجرد نزوة عابرة بل حقيقة تركت أثرها في قلبيهما .. و سيظل على الأمد البعيد
كانت تلك اللحظة .. لحظة تلاقي اعينهما بكل حيائهما وتردّدهما .. كافية ليشعرا أن المسافة بينهما تغيّرت إلى الأبد .. وأن شيئًا جديدًا بينهما ان لم يبتدأ بعد فإنه حتما سيبدأ .. مهما حاولا التظاهر بالعكس..
اخيرا .. نجحت مرام في ان تعود قليلا الى تحفظها الهش .. و قررت ان تواصل مهامها الروتينية في محاولة لتجاهل احداث الأمس و ستحاول ان لا تعط فرصة لسراج كذلك .. او هكذا هي ظنت !!
مرام بصوت واثق/ ممكن تجهز العربية يا سراج .. احنا قدامنا يوم مهم اوي في المصنع ..
سراج بصوت فيه حياء/ امرك يا .. مرام ..
بالنسبة لرامي كان يجهل تماما احداث الامس رغم تساؤلاته التي لا تلقى اجوبة حول مشوار مرام بالأمس ..
لكنه دخل الصالة فجأة مرتديا ثياب الخروج
رامي / انا جاي معاكم .. !
يتبع
مع تحياتي انا اخوكم الباحث
الجزء الخامس:
{هل يولد الحب لأنه مستحيل!}
نظر سراج الى سيدته ينتظر ان تعطيه الاذن بعد جملة رامي الاخيرة .. فاكتفت مرام بأن أومأت برأسها اليه موافقة ..
ابتسم رامي إبتسامة خفيفة دلت على غروره و فرحتهِ بانتصار صغير جديد يضيفه لسجل معاركه .. لكنه لا يعلم ان الحرب لم يكسبها بعد .. و لن يكسبها بسهولة كما يظن !
في المصنع ..
بعد ان وصلت سيارة مرام للمصنع .. نزلت منها و تبعها الاثنين خلفها وكأنهما حرس شرف يرافقاها!
مرام طلبت من سراج ان يظل ملازما لها في جولتها السريعة داخل المصنع لمتابعة الإنتاج.. اليوم بالذات كان مهما جدا .. لوجود طلبية كبيرة يجب الانتهاء منها بموعد محدد
دخلت مرام إلى المكتب الرئيسي حيث اعتادت أن تعقد اجتماعاتها مع المديرين .. لكن لم تكن تعلم أن وجود رامي هذه المرة سيغيّر مسار يومها.. لا بد انه استعد لها اليوم بخطة جديدة محكمة ليباغتها بها ..
رامي افترق عن مرام و سراج الذين انشغلا بأمور ادارية .. و صار يجول في اروقة المصنع و ردهاته المختلفة .. يتعرف على العمال و يعرف منهم بأسلوبه كل المعلومات التي قد تفيده في حربه ضد مرام ..
كان ينجح في الاستحواذ على فضولهم و اهتمامهم وهو ينفخ نفسه بزهو كطاووس امامهم < انا حفيد عبد المنعم باشا .. صاحب المصنع ده .. جدي هو الي عمل المصنع ده .. جدي هو المؤسس !!>
بعد قليل من تجوله .. جلس في مكتب فرعي يراقب كل شيء يحدث حوله من زجاج المكتب .. يدوّن ملاحظات على ورقة صغيرة كأنه مفتش ضرائب..
فجأة رأى مرام و سراج كان يقف بجانبها .. يقومان بجولة ميدانية و عامل من قسم تحضير المواد الخام يشرح بعض التفاصيل المهمة لها ..
في تلك اللحظة اتى قصي و وقف بجانبهما .. وجهه مشدود و ملامحه متوترة وعينيه تحملان الكثير من الانزعاج الواضح. حيّا مرام بتحية مقتضبة .. و تسمر واقفا قربها .. شكله لم يكن مرتاح ابدا
طال الحديث .. فشد ذلك من فضول رامي الذي ترك مكانه من المكتب الفرعي وتوجه ماشيا الى حيث يقفون !
عند وصوله .. ألقى قصي نظرة سريعة على رامي قبل ان يواصل كلامه المهني مع مرام ..
لكن رامي لم يفوّت الفرصة. ظل يراقب قصي وهو يتحدث .. فلمح شرارة الغضب التي تخرج من عينيه كلما ذكرت مرام قرارات تخص الإدارة.. لغة جسده لا تكذب فالانزعاج المصاحب بالرفض لقراراتها بادٍ عليه
بعد ذلك تركت مرام وسراج المكان .. لإنهاء بعض الترتيبات، فيما بقي رامي في مكانه متعمّدًا أن يتأخر قليلًا.
اقترب رامي من قصي وهو يضع يديه في جيبه .. وقال له بصوت منخفض
رامي/ واضح إنك مش مرتاح أوي للوضع هنا ؟
نظر قصي إليه بريبة / أفندم ؟ انا .. أنا مابحبش اتكلم عن اي حاجة حضرتك !
ضحك رامي بخفة/لا بتحب .. عينيك بتقول كل حاجة.. ده انت واضح اوي انك مفروس منها ..اظن كمان أنك شايف نفسك أحق منها بحاجات كتير هنا… مش كده؟
صمت قصي لثوانٍ .. متأثراً بكلام رامي و شاعرا بكرهه لمرام و بقوة .. ثم قال مترددًا
قصي وهو يجر حسرة / اي .. اقول ايه بس ! الي بيني وبينها ده .. حكاية قديمة .. بس مش وقته خالص !
اقترب رامي منه أكثر لكي يهمس في اذنه بنبرة فيها مكر
رامي بجرأة/ و يمكن وقته بالضبط. أنا كمان عندي تحفظات كتيرة على إن واحدة زيها تبقى هي المتحكمة في اللي بناه جدي.. يمكن أنا وإنت مع بعض.. نقدر نعمل حاجة بخصوص الموضوع ده؟
رفع قصي عينيه نحو رامي بتوجّس و حذر .. حاول أن يقرأ صدق نواياه .. بينما رامي كان يبتسم بثقة ويمد يده له كمن يعرض عليه صفقة مغرية
رامي/ خلي ايدك في ايدي ..انت تكسب .. وانا اكسب .. قلت إيه؟
صافح قصي رامي بشكل تلقائي ولكن بقبضة مرتخية .. وهو مذهول بكلام رامي الذي لم يتوقعه و يحاول ان يستوعبه ويصدقه ..
قصي كان لديه خلفية كبيرة عن رامي و يعرف عنه كل شيء! هو ايضا لديه من ينقل له الاخبار المهمة .. و يعرف جيدا ان مجيء رامي من بلاد الغربة فيه إن و وراءه هدف كبير ..
قصي بتردد/ .. ايوا .. بس .. بس انت ناوي تعمل ايه ..؟ الموضوع مش سهل ابدا ..
رامي رغم صغر سنه لكنه كان ذكيا و كثير القراءة والاطلاع و لديه باع في كل ما يتعلق بالأنترنت والذكاء الصناعي و غيرها من الامور.. رامي سابق لعمره و عصره .. ليته يوظف امكانياته تلك في ثروة جده الهائلة التي يملكها ..بعيداً عن الفُتات الذي تركه جده لمرام ..!
لكن يبدو ان المسالة كانت مسالة مبدأ و عناد اكثر من كونها مسألة مال !
رامي/ ما تخافش .. انا مش غبي عشان اورطك و ورط نفسي .. اناهافهمك على كل حاجة .. بس مش هنا .. خلينا نتقابل .. بعيد عن هنا
ترك رامي قصي واقفًا في مكانه، متردداً بين أن يظل ساكناً يكتم غيظه و بين قبول فرصة جديدة قد تغيّر الموازين ..
فيما مضى رامي مبتعدا عنه .. مبتسمًا كأنه يخط خلفه أثرا يشبه سحاباً أسود .. يرسل برقاً و رعداً .. لا يلوح بأمطارٍ بل ببوادر تحالفٍ غير معلن تشكلت في أفقه
في المساء
بعد خروجه من المصنع .. لم يعد رامي إلى القصر مباشرة. بدلاً من ذلك اتجه إلى مقهى قديم في وسط المدينة
هناك حيث دعا قصي للقائه بعيدًا عن أعين مرام وسراج.
جلس الاثنان في ركن جانبي في المقهى .. دخان النرجيلة كان يملأ المكان .. وأصوات الزبائن و ضحكاتهم و لغطهم تغلب على اجواءه .. لتغطي على صوت مؤامرتهم التي بدأت تُحاك !
فتح رامي الحوار مباشرة
رامي/ أنا شفتك على فكرة .. شفتك قد ايه انت متضايق اوي من مرام .. زيي بالضبط
قصي أطلق زفرة طويلة، ثم قال/متضايق؟ دي كلمة قليلة بصراحة .. أنا أبويا **** يرحمه كان شريك جدك عبد المنعم .. حقي وحق عيلتي في المعمل ده كبير .. فوق ما تتخيل، لكن بعد موت جدك .. كل حاجة راحت لها هي بس .. وأنا طلعت من المولد بلا حمص
أومأ رامي براسه موافقاً ثم قال بنبرة مليئة بالمرارة / انا تقريبا زيك .. نفس اللي حصل معايا.. و مع عيلتي [ لكن رامي اخفى حقيقة انهم ورثوا كل حقهم بالعدل !]
ابتسم قصي قليلا رغم انه لم يصدقه / يعني انا وانت في الهوا سوا.. !
رامي/ بالضبط ! وهو ده الي لازم نعمله .. اننا نكون سوا .. لإننا لو كل واحد لعب لوحده، مش هنكسب حاجة. لكن لو اتفقنا… ساعتها نقدر نغيّر موازين اللعبة.. و تبقى الكفة لصالحنا
قصي بفضول/ تقصد ايه .. يا ريت تنورني ؟
رامي/ أقصد إننا نضغط عليها على قد ما نقدر و اكتر كمان .. ولو ماكانش عندها اخطاء .. نخليها تغلط و نكشف أخطائها، نخلّيها ضعيفة قدام العمال والناس ونبدأ احنا نلعب دورنا .. نصلح الاخطاء دي .. وهانبقى ابطال في عيون الناس و ناخد مكاننا الطبيعي في المصنع .. و ساعتها يمكن انا وانت نعرف نلاقي مخرج .. يخلينا نرجع الحقوق لأصحابها
قصي/ الفكرة حلوة بس مش سهلة .. الكلام سهل دايماً ! فكرك حتى لو عملنا كده ايه الي يخليها تضعف و تتنازل عن المصنع!
رامي/ معقول يا قصي .. انا هزعل منك كده؟
قصي / ليه بس؟
رامي/ يعني انت بقالك سنين شغال معاها ولسه ما عرفتهاش كويس؟ وانا .. انا الي مابقاليش معاها غير كام يوم وقدرت اني افهما بسرعة؟
قصي بدأ يعجب فعلا برامي و هو يلاحظ ان عقله اكبر من عمره بكثير فعلا
قصي/ واللهي ياريت بقى تقولي ايه الي فهمته عنها .. ؟
رامي/ مرام شخصيتها من جوا مهزوزة .. بنت فقيرة خرجت من رحم المعاناة و بعد مابقت في موقع سلطة افتكرت نفسها ملاك ..او حبت تبقى ملاك في عيون الناس الغلابة الي تحتها .. فرحانة بالكلام الي بتسمعه منهم .. وحدة زي دي .. اهم حاجة عندها هي صورتها قدامهم ..
و صورتها لو تكسرت.. هي هتتكسر ! و مش هيبقالها وش تبص فيه بعنيهم .. و ساعتها .. مرام هتهرب .. مش هاتستحمل فكرة انها خيبت ظنون الناس بيها .. ! فهمتني؟
قصي بإعجاب/ يابن اللعيبه ! انت جبت ده كله منين ؟
رامي بفخر/ من امي الي عرفت تربيني كويس ..
قصي/ **** يحفظهالك ..
ثم صمت قصي قليلًا و بعد لحظات قال/ بص كل الي قلته ده حلو .. بس مرام مش سهلة ابدا زي ما انت فاكر دي معاها اغلب العمال و سراج كمان ..
ابتسم رامي/ سراج؟ سيبهولي أنا .. الولد ده شكله متعلق بيها زيادة .. و انا هعرف أتعامل معاه..
قصي/ واحنا ازاي هانقدر نعمل كل ده ؟
رامي/ بص يا قصي… أنا مش هلف ولا أدور عليك بالكلام .. اهم حاجة في الحوار ده ..اننا لازم نعرف اثنين تانيين بس و نبقى قادرين نوثق فيهم ..
قصي/ اتنين تانيين؟ زي مين؟
رامي/ واحد من الادارة العامة .. و يستحسن يكون من الشؤون المالية او القانونية .. و واحد من ادارة الجودة ؟
قصي بفضول كبير/ و دول هتعمل بيهم ايه؟ انت ناوي تعمل ايه اصلا !
رامي مد يده مرة اخرى لقصي/ انا هافهمك على كل حاجة .. بس الاول .. لازم تحط ايدك في ادي!
قصي .. لعابه بدأ يسيل لخطة رامي .. فمد يده و صافح يد رامي بقوة و حماس هذه المرة
قصي/ تمام… أنا موافق !
صافحه قصي بابتسامة عريضة والتقت نظراتهما باتفاق ضمني .. ما كان يحركهما و يشحن طاقتهما ضد مرام هو الغل و الطمع و الاحقاد ..
في تلك اللحظة التي تصافحا فيها .. وُلد تحالف خفي ضد مرام ، تحالف يهدد بأن يفتح عليها أبواب صراع لم تختبره من قبل.. و لن تتوقع حدوثه .. تحالف قد يغير من قواعد اللعبة كثيرا .. و قد يضعها على حافة الهاوية !!!
بعيدا عن اجواء هذا التحالف ..
في خط حياة مرام ..
في مساء جميل و هادئ لم يكسره سوى زقزقة العصافير التي تريد ان تأوي الى عشها قبل حلول المغيب .. كانت مرام تجلس في حديقة القصر الكبيرة ترتشف فنجان شاي بطعم الحبهان .. غارقة في افكارها ..
كانت تشعر ببعض الضيق .. فما حدث بينها وبين سراج ربما قد خفف من لهيب نيرانها و جموح حرمانها لكنها في النهاية ستظل سيدة متزنة العقل و قد روضت عقلها في اخر ١٢ عاما و دربته جيدا حتى لا تسقط في اول هاوية او تتعثر في اول مطب ..
ما قاسته مرام سابقا و عانت منه .. كفيل بأن يجعلها تفكر الف مرة قبل ان تخطو خطوة واحدة برعاية مشاعرها
قطعت مرام سلسلة افكارها بنفسها وهي تنادي على سراج ..
مرام/ ممكن تحضر العربية يا سراج .. عايزاك تاخدني في مشوار
سراج بفضول/ اه اوي اوي .. بس على فين !
مرام/ في السكة هاتعرف !
بعد قليل قاد سراج مرام و هي توجهه كل قليل دون ان تذكر له المكان الذي تريد قصده ..وكأنها تريد ان تفاجأه به ..
حتى وصلا الى اطراف النهر!
استطاع سراج ان يتنبأ بالمكان ..و كيف ينساه! انه المكان الذي اخذها اليه بالأمس! حيث وقعت بينهما اول قبلة .. و ماتلاها ايضا!
لكن سراج آثر السكوت .. احتراما لرغبة سيدته منتظرا مبادرتها في الكلام لتكشف له سبب قدومهم هنا
نزلت مرام من السيارة ثم وقفت على حافة النهر تنظر لغروب الشمس الجميل الساحر في لحظاته الاخيرة ..تبعها سراج بهدوء و وقف خلفها صامتا .. كل واحد منهما الآن يسترجع نفس الذكريات .. ! ذكريات ما حدث بالأمس هنا!
حتى النهر كان ساكنًا و هادئا .. كأنّه يطمئنهما بانه يحتفظ بسرّهما في أعماق مياهه الجارية !
واصلت مرام تحديقها في الماء .. عقلها مازال مشغول بما جرى بالأمس .. كل شيء بدأ بتلك القبلة التي بادرتها هي نحو سراج مثل برقٍ صاعق .. فنزل على ارضها الجرداء وكان السبب في ايقاظ بركانها الخامد من اعماقه .تسبب في اشعال النيران في غابة احاسيسها المتيبسة الجافة منذ اكثر من عقد من الزمان ..
صارت تشعر بالخجل وهي تستعيد لحظة تجاوبه معها وكيف شجعته على ان يسوقها الى ما كانت تصبو اليه و تتطلع نحوه!
مازال سراج يقف خلفها متردّدا في بقاءه ساكناً .. لكنه ظل صامتًا لدقائق .. بينما الهواء يمرّ بين خصلات شعرها الناعم محمّلًا بعطرها الخلاب متجها صوبه .. فيزيد قلبه اضطرابًا.. و حباً !
حاول أن يتكلم .. ان يبادر ليكسر هذا الصمت الذي اصبح مقلقا! لكنه تردّد، فأغمض عينيه لحظة ثم خاطبها وصوته فيه غصة
سراج/ مرام أنا... انا ..
توجهت مرام بنظرها إليه بسرعة، وفي عينيها خليط من ندم وحياء .. و كثير من تبرير ثم همست له بصوتها الرقيق
مرام/ انا جبتك هنا عشان .. عشان لازم نتكلم عن الي حصل ما بينا امبارح ..!
ظل سراج صامتا و قلقا بنفس الوقت .. قلبه صار يخفق بشدة خصوصا ان مرام بان عليها الجدية في الكلام من نبرة صوتها وكأنها استعادت شخصيتها النمطية القوية الاولية ..
اكملت مرام كلامها بنفس نبرتها/
انا عارفة ان الي حصل ما بينا ده . كان المفروض ما يحصلش .. الي حصل ده كان .. كان غلطة .. غلطتي انا يا سراج مش غلطتك !!!
كأن مرام القت بخنجر ذو نصل حاد و مسموم تجاه قلب سراج الفتي لتصيبه بمقتل! فصار سراج يشهق انفاسه بصعوبة وكأنه ينازع الموت !!! كأنه كان يغرق في النهر مع انه كان يقف على جرفه الجاف!!!
سراج سمعها بقلب مكسور و عينيه حاصرتهما الدموع .. ولكنه .. أستجمع شتات نفسه و استطاع ان يتملك من نفسه و من رباطة جأشه فرد عليها باستنكار و بصوت واضح ان فيه الف عتب و مليار لوم
سراج بمرارة / غلطة!!!!!!
مرام سمعته جيدا و فهمت من نبرته ما كن يعانيه بسبب كلماتها الباردة تلك .. لكنها اكملت كلامها بقسوة مترددة .. وهي تعرف ان سراج لن يقبل تبريرها هذا .. و لكنها كسيدة ثرية عليها أن تخاف على سمعتها و مكانتها فكان لابد لها من قول ذلك حتى وان كانت غير مقتنعة به
مرام/ اه .. غلطة .. بس انا مش بلومك على فكرة انا بلوم نفسي ..انا الي شجعتك على كده .. و مش هكدب و اقول انه كان بسبب الخمرة لأن الكدب خيبه ..يمكن الخمرة بس ادتني شرارة البداية .. لأن انا من الاساس .. كنت ... كنت بعيدة اوي عن منطقة المشاعر .. و فضلت سنين طويلة مافكرتش بنفسي ولا بإحساسي كأنثى ..
قاطعها سراج بالكاد يمسك اعصابه و يكتم غضبه
سراح / ليه؟ هو حرام ان الواحد يفكر في نفسه و بقلبه شويا .. حرام انه يعيش حياته صح و مايدفنش نفسه في الحياه قبل ما يموت؟
انتبهت مرام لاعتراضه وفهمت قصده ..هي الاخرى لم يكن الامر سهل عليها لكنها واصلت تبريراتها لنفسها وله .. تريد ان تقنع نفسها قبل ان تقنعه انها لن تقع في حبه .. و عليه ايضا فعل ذلك .. عدم الوقوع في حبها
مرام / يا سراج ..حاول تفهمني . انا مش ضد انك تحب و تعيش حياتك .. انا ..انا ..
سراج بحرقة و مرارة/ قصدك اني مش الشخص الي يستاهل انك تكوني معاه .. حتى لو كنتى في لحظة نزوة! مش كده ؟
مرام بفزع / لا .. لا انت فهمتني غلط خالص انا مش قصدي كده ..انت شاب محترم و كويس والف وحدة تتمناك وتحلم بيك .. بس .. !!!
ثم تنظر لنفسها مشيرة بيديها لجسمها/ بس اكيد شايف .. شايف اني اكبر منك .. فيه فوارق كتيرة مابينا يا سراج .. حاول تفهمني ارجوك
سراج بزعل واضح و هو يكبت غصة في حنجرته تكاد تمنعه من الكلام / ايوه انا كده فهمت خلاص!! . الفلوس ! ما لازم تكون هي اهم حاجة في حياتنا ولازم نبني عليها كل قراراتنا و احلامنا .. و اختياراتنا ..
مرام بقهر/ ارجوك ما تقوّلنيش حاجة على كيفك .. انا ماقلتش كده ..انا عمري مافكرت كده .. انا قصدت اننا لازم نفكر بعقلنا ..مش بس بقلبنا .. ما نسيبش نفسنا و نسلمها للعواطف من غير تفكير .. ارجوك حاول تفهمني
سراج بزعل/ انا فهمتك .. خلاص ..مافيش داعي تتعبي نفسك اكتر ..
ثم في محاولة فاشلة منه لإخفاء قهره لكبت مشاعره .. أراد ان يغير موضوع الكلام
سراج/ لو حابة اخدم حضرتك بحاجة انا عمري ما هتاخر يا.. يا مدام !
مرام باستغراب/ مدام ؟ انت زعلت مني عشان قلت الحقيقة صح؟
سراج/ وهزعل ليه؟ مش المفروض نشيل العواطف و نفكر بالعقل ؟ و العقل يقول اني مُستخدم وانت السيدة .. !
بدأت مرام تتعصب .. طريقة كلام سراج معها دفعتها للغضب . هي تريد ان يعود كل شيء لسابقه كما كان .. قبل ان يحصل بينهم ما حصل بالأمس ..
لكن ..هذا مستحيل و ضرب من الخيال .. لن يعود اي شيء الى ما كان .. بعد ان هرب السجين من السجان .. و طار الطير من القفص .. بعيدا نحو الاغصان ..
سراج ببرود مفتعل/ حضرتك انا طالع قدامك .. هقعد في العربية و استناك لحد ما تؤمريني عشان ارجعك للقصر
مرام نادت عليه وهو يلتف مبتعدا عنها/ استنى يا سراج .. استنى !
لكن سراج اهملها و واصل مسيره .. ما دفع بمرام لأن تغضب اكثر .. فصارت تصرخ خلفه
مرام/ انت ما بتردش عليه ليه ..لما بقولك استنى .. يعني لازم تستنى !!! انت فاهم !!!
لكنه ظل متجاهلا لها ..فغضبت اكثر فصارت تنادي عليه و هو بتجاهلها فصرخت به أكثر وهي تركض نحوه حتى امسكته من قميصه من ظهره .. عندها التف سراج لها وعينيه ترمي شررا من الغضب.. فامسكها من ذراعيها بقوة
سراج بغضب عارم/ عايزة ايه؟ عايزة مني ايه؟ عايزة تعملي تاني فيه ايه؟ ها!!!!
لحظة غريبة مرت بينهما و سراج كان يمسكها بقوة من زنديها يحسسها بضعفها وهشاشة روحها و يبث فيها احساسا غريبا بسعادة ذات طعم مبهم و مختلف .. كأنها احبت ذلك الشعور وهو يفرض عليها سيطرته و سطوته بكل حب يغمرها بكل حنان و امان ..
صمتت مرام بذهول و كأن قوته و عنفوانه حرك فيها انوثتها من جديد ولم تعد تسيطر على مشاعرها و لاعلى جسدها فسلجيا .. فنزلت قطرات عسل جديدة تحت .. بللت كلسونها ..فذكرتها بتعرجات شفرتيها المتشوهة من اثر نيكه و هذا الشعور الصباحي الذي مرت به و ادمنته ..
في لحظة خاطفة ..
قربها سراج بقوة منه .. اصبحت شفتيها اقرب لشفتيه و صارت انفاسها العطرة تتغزل بأرنبة انفه فتبعث في نفسه شعور يشبه الانتشاء من مادة تسبب سعادة روحية .. عيناها اصبحت نصف مغمضة وشفتاها كذلك ..في دعوة واضحة وصريحة لتقبيلها .. !
لم تعد مرام الآن سوى مرام نفسها ..الفتاة التي حُرمت من الحب طوال حياتها و بحثت عنه بيأس في كل زاوية مظلمة من مشوار حياتها السيء
انحنى سراج برأسه مقتربا منها .. وقبّلها.. قبلة مختلفة .. قبلة فيها احساس اخر مختلف .. لم تكن قبلة شهوانية كسابقتها، بل هي أعمق .. أطول ..أجمل ..أهدا .. انبل .. و محمّلة بكل ما فيهما من حيرة واشتياق.. و حب خالص ..
أحسّت مرام وهي تذوب في قبلته و تنصاع لسلطته و تنضوي تحت جناحه .. بأن الجدار الذي بنتْه حول قلبها لسنين طويلة .. تهاوى برمته .. من اوله لآخره .. من اعلاه لأسفله .. أمام دفء شفتيه.. و صدق قبلته ..
لقد شعرت مرام في قبلته تلك بصدق مشاعره و عمقها .. لم تكن مجرد قبلة .. كانت اتحادا جديدا بين روحين .. اتحادا سيكون طويل الأمد !
أغمضت مرام عينيها وهي تسلم شفتيها و نفسها له .. وتجاوبت معه بكل ما في روحها من حرارة و احاسيس صادقة ملتهبة ..
لقد تركت نفسها لتيار حبه العارم الجارف الذي فاق تيار النهر الذي وقفا على جرفه ليجعلانه شاهدا على بداية حبهما ..
بعد ان طالت تلك القبلة الساحرة التي لم يذق فيها سراج اطيب ولا احلا منها في حياته .. آنت اللحظة لأن تفترق الشفاه ..
لكن سراج ظل يحيطها بذراعيه ..و مرام كانت تكاد ان تغفو بحضنه من شدة ذوبان روحها في عالمه .. فاستيقظت الآن على صوت انفاسه و لهيب قلبه الذي اشعل اضلعها لشدة تلاصق صدريهما ..
ثم نظر لها سراج ..
فمد كفه تحت ذقنها يرفع وجهها لينظر الى جمالها الساحر فكانت وجنتيها محمرة و شفتيها رطبة ما تزال تغريه بشدة .. لكن الآن ..وقت الكلام قد حان ..
بعد صمت قصير ..تنفّس سراج بعمق، ثم قال بجرأةٍ اكبر خرجت من أعماق قلبه الصادق/
أنا .. بحبك يا مرام ..!! و انت بتحبيني كمان !!!
و اللي حصل امبارح ما بينا.. مكانش غلطة زي ما انتي فاهمة. لأ... أنا حسيت بيكي وقتها .. حسيت بكل اه طلعت منك .. بكل احساسك الي كان مستخبي من سنين طويلة ..
مرام ..انا بحبك .. بحبك من اول يوم شفتك فيه .. و عمري لا حبيت قبلك ولا ها احب بعدك ..
شعرت مرام بحرارة الدم تصعد إلى وجنتيها .. قلبها صار يخفق كفتاة مراهقة صغيرة .. حاولت أن تبدو متماسكة اكثر فردّت بصوتٍ مرتعش
مرام / بس أنا... خايفة.. خايفة اوي يا سراج!
اقترب سراج منها اكثر .. مازال يحيطها بذراعيه يلصقها بجسده.. فلمس كفّها بحنان .. و نظر في عينيها وقال
سراج/ انا عارف انك خايفة .. بس ما تخليش الخوف يمنعك من انك تعيشي السعادة في حياتك .. و تحبي من كل قلبك و تتحبي .. ما تخليش الخوف ده .. يمنعك من الانسان الي مش قادر يشوف غيرك و مش عايز يشوف غيرك لأنك بقيت كل حاجة في حياته .. و هو مستعد انه يضحي بروحه عشانك
لم تستطع مرام أن ترد فورا مع ان تهاونها كان علامة واضحة على موافقتها و مبادلتها نفس الشعور له ...
لقد شعرت بارتباكٍ مختلط بسعادة دفينة .. كأنها وجدت فجأة كل ما كان ينقصها منذ سنوات.
لم تنسَ لحظة أن العالم كله قد يقف ضدّهما الآن .. لكنّها أيضًا لم تستطع إنكار مشاعرها المتأججة تجاهه مصدقة لعينيه..
ما زالت فرائصها ترتعش وهي تقف بين يديه ...كأن تسمرها بهذا الشكل و استسلامها لقبضة يده ..هو اعتراف صامت منها بالقبول والتصديق و الاذعان لسلطة حبه
خفضت مرام عينيها .. وهي تكاد تذوب حرفيا في سحر عينيه ثم همست بصوتٍ مبحوح محشرج
مرام / أنا.. انا ..
سراج يشجعها/ بتحبيني .. زي ما بحبك .. قوليها ما تخافيش ..
لكن ما حصل .. كان غير متوقع ابدا .. فلقد القت مرام راسها على صدره مستسلمة لحضنه و صارت تبكي !!
مرام تهدج باكية/ ناس كتيرة شايفه اني قوية و قلبي جامد و ميت .. و اني ما بتهزش .. بس الحقيقة اني ضعيفة من جوا يا سراج .. ضعيفة اوي و خايفة .. خايفة من المجهول ..
عارف ليه؟ لأني عمري ما حبيت حد .. يمكن انا تحبيت اه .. ماعرفش .. بس حب حقيقي لا.. ابدا ، يمكن حبيت مرة واحدة وانا صغيرة < تقصد إدريس > بس ساعتها الحب ده ضيعني و خسرني نفسي و كل حاجة
مرام كانت تعترف و تفرغ ما بداخلها لسراج .. بعد ان شعرت انه هو الملجأ لها والسند و الامان ..
سراج شخص نقي و نظيف و يحبها لذاتها .. من اول لحظة راها فيها قد وقع قلبه في حبها .. لم يهمه لا مال و لا جاه ولا حتى فرق السنين ..
سراج حضنها بدفء غامر و قلبه يخفق تعاطفا معها و محاولا ان يحتويها في داخله روحا و جسدا .. دموعها و بكاءها مع انهما زادا من جمالها جمالا و رقة ينكسر لها الحجر .. لكنه لم يتحمل ان تظل مرام حزينة و كسيرة .. لا يريد ان يرى دموعها .. يريد ان يرى ضحكتها فقط .. سعادتها المطلقة وهي تذوب بين يديه في حضنه تدمج روحها بروحه ..
كانت مرام تعترف بضعفها امامه بعد ان وضعت كل ثقتها به ..
كانت تريد ان تريه خوفها من المجهول .. فهي لم تمر بقصه حب حقيقيه في حياتها .. حتى حميد بالنسبة لها كان هامشاً فقط ..
لأول مره تشعر مرام بضعف كبير و ان وجود سراج اصبح مهم جدا في حياتها .. ارتباطها العاطفي المتصاعد نحوه بدرجه كبيره كان يخيفها ايضا .. التعلق .. مخيف بالنسبة لها !
ولكنها و رغم انصياعها لمشاعرها و رغبتها ان تهبه قلبها و روحها و كل خلية حية فيها .. الا انها تعرف بالمنطق وبالعقل ان علاقتهما مهما استمرت او طالت ففي النهاية .. ربما الامر سيكون محكوم عليه بالفشل !!! و ذلك لأسباب عديده جدا هي نفسها لا تريد الاعتراف بها .. لكنها متأكدة ان عليها مواجهتها هي .. وسراج .. لو ارادا ان يحافظا على هذا الحب
في تلك اللحظة .. خف بكاء مرام وهي تتشعر بدف صدر سراج .. حضنهما استمر .. على جرف النهر ..
الهواء كان عليلاً وهادئاً كأنه يتعاطف معهما .. وأضواء البيوت الصفراء الخافتة المتناثرة على جانب النهر كانت تنعكس على وجهها المرهق من التفكير .. فيما كانت عينيه تتأملانها بحب عميق صادق لا يعرف الخفوت ..
الصراع في قلب مرام كان واضحا من خلال نظرة عينيها اليه .. فهي تدرك أن هذا الطريق محفوف بالمخاطر .. وباللغط الاجتماعي الذي لا يهتم سوى بالمظاهر و يتجاهل جوهر الناس ..
زاد سراج من احاطته لمرام بحضنها بحنان اكبر .. كأنه يحاول أن يُسكت كل أصوات الخوف التي تدور برأسها ..
ثم طالع عينيها المغرورقة بالدموع .. فهو يفهم لغة عيونها .. يعرف ماذا تقول روحها ..
ثم قال لها بصوتٍ عميق يملأه الإصرار و التحدي ..
سراج / مرام، اسمعيني كويس... أنا مش عاوز أجبرك على حاجة إنتِ مش عايزاها.. بس الي لازم تعرفيه و تتأكدي منه أني بحبك... وحياتي من غيرك ملهاش معنى. صدقيني لو الدنيا كلها وقفت قصادي وقالولي إن المجتمع مابيقبلش علاقتنا دي .. أنا مش هسيبك .. لأني مش هاممني حاجة غيرك .. يغورو في داهية .. المهم اني معاك وانتي معايا
ارتجف قلب مرام اكثر مع كلماته التي استطاعت ان تلمس صدقها ..من خلال عينيه التين كانتا تلمعان بوضوح كأنهما مرايا تعكس حقيقة ما بداخله و صفاء روحه ..
حاولت مرام أن تسحب يدها من يده لكنها لم تستطع .. لاتدري ان كان هذا بسبب سراج فشدّ على يدها أكثر كأنه يخشى أن تفلت منه.. ام انه انعكاس لوعيها على لغة جسدها التي منعتها من سحب يدها لأنها رفضت ان تُخرج مرام من محيط دائرة حبه و اهتمامه
واصل سراج كلامه / يمكن الناس هيتكلموا،و يمكن عيونهم هتراقبنا وتلومنا .. بس أنا مش فارق معايا.. المهم أنا هفضل جمبك... هفضل سندك.
مرام، أنا بوعدك... عمري ما هسيبك، ولا هخليك تواجهي الدنيا دي بعد كده لوحدك .. انا بحبك .. بحبك من كل قلبي و مش عاوز احب حد تاني غيرك .. مش عاوز حد يكون قبلك ولا بعدك ..
كلمات سراج الصادقة مع حضنه الدافئ اخترقت آخر ما تبقى من حائط الدفاع الذي كانت مرام تحاول دائمًا بناءه حول قلبها.. والذي تهشم معظمه بالأمس عندما كانت تأن من اللذة تحته !
لم تستطع مرام الرد فورًا .. فاكتفت بالصمت لكنه كان صمتا يختزل الاف الكلمات التي جالت في صدرها و فكرها حتى باتت كأنها صراخٌ داخليٌ في اعماقها عنوانه كلمة < احبك >
هي صدّقته .. وصدقت في نفس الوقت هذا الوعد الكبير .. لكنه ظل يحدّق فيها بعينين ممتلئتين باليقين التام في كل حرف نطقه ليعبر لها عن حبه .. لقد وصلها منه هذا الإحساس .. فأصبح وعده لها أكثر صدقًا من أي شيء عرفته من قبل..
لأول مرة في حياتها ..
كانت مرام تشعر بالسعادة معه .. ربما يتخيل للرائي انها تعيش في بحبوحة من الغنى و حياة لا ينقصها فيها شيء بعيدا عن ماضيها المثقل بالفقر و الهم و النكد و الصدمات المتلاحقة ..فأصبحت مرام من القلائل اللواتي عوضهن القدر عما عانين بالغنى و المال و السلطة!
لكن .. ما زالت مرام فارغة في جوفها .. حتى يكاد يُسمع لها طنين كالفخار لو طُرق عليه ..
مازالت لم تعش ولا حتى مرة واحدة تجربة حب حقيقي يصمد في وجه الظروف والحياة .. حب صادق نبيل عنوانه الوفاء و شيمته العطاء ..
ربما عوضها القدر عن فقرها ولكنه مازال يجهل مقدار حرمانها !
لقد حُرمت من الحب .. بكل انواعه و مختلف درجاته .. حُرمت حتى من ان تكون أُمّاً .. مع انها لم ترد ان تكون واحدة ..
صغر سنها في وقتها و قلة خبرتها و انخداعها بعذب الكلام و بريق الأموال اللامعة أعما اعينها فجعلها تصدق ادريس ..
لقد حُرمت من ان تكون اما و حرمت من ابنها .. وحرمت من ان تحب ..
والعمر يمشي بسرعة الضوء .. وهي الآن في السادسة والثلاثين ..وبعد اشهر قليلة ستحتفل بعام اخر لتكبره ..
شعرت مرام بجفلة صغيرة وهي تفكر في الوقت الذي سُرق من عمرها .. فلم يعد يهمها في لحظة الحقيقة تلك ..الا ان تستمع لنداء قلبها .. هذه المرة فقط .. لن تسمع لنداء عقلها ..
قد يكون هناك مجازفات و مخاوف و تحديات ..ولكن ألا يستحق الامر المجازفة؟
لقد لان قلب مرام لكلمات سراج .. حتى باغتتها للحظة فكرة اخرى..
ماذا لو احبته حقا .. و الجميع رفض هذا الحب! هل هي ستكون مستعدة لأن تترك كل شيء خلفها من اجل هذا الحب؟
الأيام .. ستجيبها .. الايام ستبرهن لها ان كانت مخطئة ام ستكون على حق
كرر سراج كلامه لها/ .. خلي قلبك هو الي يجاوب .. خليه هو الي يرد عليه أرجوك.. انا بحبك .. وانت .. ردك ايه يا مرام !؟
مرام بلحظة صدق مع تردد/ .. انا .. انا بحبك .. ايوا بحبك يا سراج ..!
في تلك اللحظة شعر سراج بأن الدنيا كلها ابتسمت له .. لم يعد يريد منها شيء اخر .. فالفتاة التي سرقت قلبه في اول لحظة رآها فيها .. اصبحت اخيرا .. حبيبته ..
رغم سعادتهما بنشوء هذا الحب و اعلانه .. ادرك كلاهما أن المعركة للحفاظ عليه قد بدأت للتو .. ليُعلن ان الحب بينهما قد تم اقراره و انه ما زال في بداية الطريق .. وعليهما ان يكافحا معا في وجه كل الظروف و الناس و المجتمع للحفاظ عليه و انمائه و إزهاره ..
كما انهما ايقنا للتو .. ان ما جمعهما على ضفة النهر بالأمس لم يكن صدفة بل تخطيط من القدر.. ليعلنا معا على حافته .. عن ولادة حبّ جديد وُلد من الخوف نفسه .. الخوف من المجهول!
حين همست مرام بكلماتها الأخيرة "أنا بحبك "
ساد بينهما بعدها صمت مُقلق .. كأن النهر نفسه توقّف عن الجريان ليستمع إلى مخاوفهما ..
عيناهما تشابكتا كقلبيهما .. وكلّ المخاوف التي كبّلتهما بالأمس تحررا منها الآن أمام الاحساس بسعادة اللحظة .. و التي استمرت كأنها دهر كامل ..
ابتعد سراج عنها قليلًا ليحررها من حضنه الحنون ثم ابتسم في وجهها ابتسامة مرتعشة وقال لها بصوت مليء بسعادة مختلطة بحماس و تحدِ
سراج/ انا من اللحظة دي .. مش هسيبك .. هافضل جنبك ع طول .. مش هسيبك لحظة ولا واحدة ..
ابتسمت مرام في وجهه ثم عادت ترمي راسها في حضنه وعلى صدره كأنها تخبره ان لا يفض حضنه هذا عنها ابدا فبدونه لن تشعر بالأمان ..
كانت تلك اللحظة .. لحظة نقية بينهما مشبعة بصفاء روحيهما ..
لحظة صعب ان تصفها اي كلمات ولا حتى دواويناً للشعر ..
اكتفيا بالحضن الذي امتد قليلا حتى غمر النهر نفسه بنورهما النقي فجعلا تياره يسكن ليستمع الى قلبيهما وهما يتخاطبان بلغة الملائكة ..
بعيداً عنهما ببضعة عشرات من الامتار ..
كان هناك شخص يراقبهما من بعيد ! هما لم يدركا و لم يعرفا ذلك ابدا .. لقد تبعهما من القصر و ظل يمشي خلفهما بسكون مطبق و حذر شديد ..
كان رامي .. هو بنفسه ..
راقبهم من بعيد و شاهد كل شيء يحدث امامه ! لكنه لم يملك ان يمنعهما من ذلك .. ولكنه صور لقطة القبلة في هاتفه مع انها لم تكن صورة عالية الدقة و كافية الوضوح .. لكنه احتفظ بها و هو يقول لنفسه ربما سيحتاجها مستقبلا !
ما كان خارجا عن أرادته ..
أنه ظل ينظر لهما من بعيد و يتفاعل معهما رغم انه لم يسمعهما .. لقد رأى نظرات سراج لها و كيف كانت نظراتها له ! ..فشعر رامي بشعور غريب .. لم يمر به من قبل ابدا ..
كأنه شعر بالغيرة! كأنه تمنى للحظة ان يكون واقفا بدلا من سراج!!! اندمج للحظات مع هذا الشعور .. ثم استفاق من غفلته .. فرغم شعوره ذلك .. لم يُغير رامي من موقفه تجاه مرام ..
بالعكس .. ما حصل بينها و بين سراج .. زاد اصراره على تنفيذ خطته و كأنه صار يريد ان يُشفي غليله بها ليس لأنها اغتصبت حقوقه كما يظن .. بل لأنها فضلت سراج الفقير عليه وعلى غيره !
رامي صار يعيش مأزقًا داخليًا معقدًا .. مأزقًا لا يشبه صراعًا عابرًا يمكن للإنسان أن يتجاوزه ببساطة بل هو أشبه بمعركة مستمرة تدور في داخله بلا توقف.. فلا تعرف الهدوء او الانتصار ..
منذ أن وطأت قدماه أرض الوطن ورأى مرام ! شيء ما في داخله قد تحرك .. و إن انكر بكل جهده ذلك ..
حاول رامي بادئ الامر ان ينكر مشاعره .. ان يتجاهلها او لا يصدقها .. لكنه ادرك ان هذا الشعور الداخلي الذي نما فيه لم يكن إلا إعجاب مبطن لا يريد الاعتراف به.
من اللحظات الاولى ..
ادرك بأن مرام أنثى رقيقة جدا طاغية الجمال .. شخصيتها تبدو للوهلة الاولى قوية و متزنة للعيان .. و فيها صفات اخرى كثيرة صار يكتشفها كل يوم .. صفات لم تحدثه امه عنها .. ربما لجهلها بمعرفة مرام .. هي لا تعرف عنها سوا ما يصلها من اخبار متناقلة ..
الحقية ان قلب رامي صار يميل ناحية مرام بإعجاب متردد .. و ربما دون ان يقر بذلك ..
كان يعيش ازدواجية خانقة في فترة وجوده معها.. كل ابتسامة يراها في محيا مرام تزيد ارتباكه فيتأرجح بين رغبة في هدم صورتها وبين انجذاب لا إرادي يجره نحوها جراً ..
يراقب خطواتها التي تجذبه بفضول .. يتأمل شخصيتها بإعجاب خفي .. لكن عقله كان مثقلاً بوصايا أمه التي صاغتها كأجندة حرب لا رجعة فيها..
شيء ما في أعماق رامي بدأ يهتز عند رؤيتها .. هو لم يرَ مجرد امرأة عادية .. بل رأى ان لها حضورًا خاصًا و طلة بهية و قبولا عجيب لكل من يلاقيها ..
ذلك الشعور الذي نما في داخله رغما عنه .. هزّ الصورة المسبقة التي تلقاها من أمه عن مرام والتي زرعتها في ذهنه .. وصورتها له كامرأة انتهازية استغلت ضعف جده في شيخوخته وسلبت من العائلة ما كان من المفترض ان يكون حقهم.
كان هناك تناقض فاضح بين ما قالته له أمه عنها .. و واقع يُظهر له أنها عكس ذلك ..
ومع كل لقاء عابر معها .. تلتقي عينيه بعينيها .. لبرهة زمنية تبدو اطول من دهر بالنسبة له ..
ومع كل كلمة هادئة تنطقها ..بصوتها الانثوي الجميل الرخيم أصبح يجد نفسه مشدودًا إليها على نحو لم يفكر فيه من قبل..!
هناك شيء في نبرتها الرقيقة و أنوثتها المتفردة .. يربكه ويجعله مترددًا بين أن يتقرب منها اكثر أو أن يستمر على موقفه و دوره الذي قدم من اجله .. وهو أن يتخذ منها خصمًا له !
فصوت أمه في رأسه مازال لا يفارقه [ دي سرقنا .. دي خدت اللي لازم يبقى لينا .. جَدّك ماكانش في وعيه يوم ما تجوزها… أنت لازم ترجع حقنا و حقك .. لازم توقفها عند حدها ]
صوت امه هذا كان بمثابة قيد يغلّ يديه.. كلما حاول أن ينظر لمرام بعين مختلفة .. شعر كأنه يخون وعده الذي قطعه لأمه .. يخون وصاياها التي حملها معه من بلاد الغربة إلى هنا.
رامي قضى اياماً .. كان يسأل فيها نفسه في الليل عندما يستلقي على سريره في غرفة الضيوف ..[ هل أمي محقة؟ أم أنني أرى بعينيّ ما لا تريد هي أن أراه؟ هل انصف القدر مرام وجعلها بالفعل تستحق ما بين يديها؟ أم أن ما اراه هو مجرد سحر مؤقت يُضللني؟ هل لأنها جميلة جدا .. وجمالها .. اشعل في اخر ذرة عقل متبقية ! فلم اعد ارى الصورة بوضوح؟؟؟ ]
هو لم يعد يعرف أيّهما أقوى بداخله .. الراية التي تسلمها من امه ليخوض حربها بالنيابة ..
أم الرؤيا الجديدة التي تشكلت لديه عنها .. فصار يرى امرأة مختلفة عمّا صُوّر له .. امرأة تسلب منه راحة البال بحضورها الأخّاذ.. و بجمالها البهي .. برقتها العنيفة التي تريد اقتحام قلبه و تكسر سلاسله حوله .. فيذعن لها صاغرا مستسلما لسلطة حبها !
لقد مر هذا الموقف< الموقف الذي رأى فيه سراج يقبل مرام > على خير .. لم يجد رامي الشجاعة الكافية لأن يختلق مشكلة لمرام بسببه!؟ ربما لأنه كان يخشى ان يوسع الهوة بينهما اكثر .. بدلا من ان يرأب الصدع و يقربها منه ..
بعد ايام قليلة ..
شيء ما في القصر .. قد تغير !
لا رامي عاد رامي .. ولا مرام عادت نفسها مرام .. الثابت الوحيد بينهما هو سراج! لأنه من اول يوم دخل فيه القصر وهو يحبها .. وحبه يزداد طرديا مع مرور الوقت ..
هذا التغيير في مرام كان على شكل سعادة غامرة في وسط قلبها و روحها حتى اصبحت مرام منيرة اكثر .. تحوم في هالة تضيء ما حولها بنور بهجتها و احساسها الجديد بالحياة حتى بان ذلك على وجهها فأصبحت طول الوقت مبتسمة .. تبتسم لأبسط الامور .. حتى لنفسها لو كانت لوحدها .. و ابتسامتها زادتها جمالا فوق جمالها ..
اما تغيير رامي .. فانعكس على تصرفاته مع مرام بالذات .. دون ان يشعر ..دون ان يتعمد ذلك .. شيء ما صار يتحكم بتصرفاته نحو ارملة جده ..
الإعجاب بها بدأ يكبر في داخله و يتسرّب من مسامات روحه و يبان حتى من طريقة كلامه ومعاملته لمرام و إن حاول اخفاء ذلك او تصنع اسلوبا مغايرا .. فأنه كان يفشل كل مرة في اخفاء البريق المتألق من عينيه في كل مرة يرى فيها مرام او يحادثها ..
الارق صار يزوره بكثرة .. قبل ان يستسلم للنوم ..
فكان يلوك تلك الافكار ليلا في رأسه .. كأنه يتكلم مع نفسه < أنا .. مش فاهم نفسي ابدا .. ليه كل ما بشوفها في اي مكان قلبي بيدق غصبن عني؟ ..في القصر ولا حتى في المصنع لما تبقى مع العمال الي ملتفين حواليها زي ما تكون اميرة مش رئيسة مصنع !
والولد سراج ده .. طلع مايا من تحت تبن .. اتاريه بيقربلها زي التعبان .. عاوز يضحك عليها بكلمتين عشان يلهف منها كل حاجة .. بس ده بعده طول ما انا موجود مش هايقدر يعمل ده! >
ثم يعود رامي يطرح مع نفسه تساؤلاته < ماهو بصراحه عنده حق .. مرام حلوة اوي و تتحب .. ايوه تتحب حتى لو كان عندها ٣٦ سنة ..دي حتى اجمل من بنت عندها ١٨ ..
كل مرة تبصلي فيها بعنيها الهادية دي .. بحس إني مش قادر أرد بقسوة زي ما كنت ناوي اعاملها؟ كلامي يطلع أهدى معاها؟ حتى لما أحاول أهاجمها .. ألاقي لساني يتلخبط !
أنا بحاول أقنع نفسي إنها عدوتي… بس قلبي بيخوني .. كل ما أقعد معاها، كل ما أسمع صوتها المليان رقة و انوثة .. ألاقي إعجاب غريب بيكبر جوايا.. حتى لو نكرته ..
بقيت شايف فيها حاجة مختلفة .. حاجة أنا نفسي محروم منها.. ماعرفش ليه .. اول ما شفتها حسيت بإحساس لسه مش قادر اوصفه ولا افهمه ..
حسيت كأني بعرفها من زمان .. او حتى .. بحسها اقرب لي من اي حد عرفته زمان .. مع اني لسه شايفها حالا .. ؟
انا مش قادر اكرهها او اتعصب عليها ..و بحس براحة و سكينة كل ما بصيت في عنيها ..
في حاجة تشدني ناحيتها لدرجة اني عاوز اترمي في حصنها و احضنها جامد؟! .. بس ليه ؟ ليه ؟؟ !!! >
رامي شعر بنفسه .. كأنما صار يمشي فوق حبل مشدود بين هاويتين.. حتى انكشف له مدى هشاشة العداء الذي جاء متسلحًا به.. امام لحاظ عيني مرام !
شيئًا فشيئًا ..
مع كل يوم بمر .. لم يعد رامي قادرًا على إخفاء تحوّلاته وأن اظهر عكس ذلك ..
صوته حين يحدثها صار أهدأ مما كان ..
كلماته أقل قسوة وأكثر تردّدًا
معاملته لها أخذت تحمل في طياتها اهتمام خفي .. دون ان يشعر
ومع كل ذلك
كان رامي يدرك أن مشاعره تلك هي ضربٌ من العبث. في الاخر.. كيف له أن يحب امرأة هي في مقام زوجة جدّه؟ و إن أصبحت أرملته ؟
كيف يمكن أن يسمح لنفسه بأن يتعلق بها وهو يعرف أن هذا الطريق مسدود لا أفق خلاص في نهايته
مع ذلك لم يستطع رامي التراجع. كأنما صار أسيرًا لتناقضٍ يزداد قسوته يومًا بعد يوم .. هل نبتت في روحه بذرةُ حبٌّ مستحيل ؟.. لأنه يعرف مسبقاً أنها لن تثمر ..
و ماذا بشأن عداءٌه لها ؟ وهو يعرف أنه لم يعد يملك قلبًا صلبًا ليواصله ..!
سيظل رامي في حيرة مستمرة!
بعيدا عن كل هذا
في خط حياتي نادين ..
نادين لم تكن تعمل في وظيفه معينه .. هي فقط تعيش حياتها بالطول و العرض .. و تعتقد ان العمل مضيعة للوقت .. والا لماذا تزوجت هي محمود ؟ لكي تعيش على اكتافه و من خيره ..
لم يفت نادين ان تجعل من نفسها شريكة رسمية في تجارة زوجها و كل ما يعمل به...
هي اخبرته بكل صراحة ان لا شأن لها بإدارة او موقع عمل .. ستكتفي بالثلث من الوارد الشهري و لن تصدع راسه بطلباتها .. فكانت صفقة مريحة لمحمود نفسه ..
نادين ..
تملك وقت فراغ كبير .. لكنها لا تقضيه في متعتها الخاصة فقط ..هي لديها طرق عدة لتتمتع بحياتها وليس عن طريق الجنس فقط .. فهي تجد متعة ايضا و هي تمارس نشاطات جانبيه خيريه و مجتمعيه .. و تشارك في كثير من المناسبات الاجتماعية و الحفلات خيرية كانت او خاصة ..
أي حدث فيه تجمع لأشخاص .. تجد نادين حاضرة .. اي مناسبة حتى لو تعتبر تافهة تجد نادين تُعظمها وتُعلي من شأنها و تدعو لها عددا من اصدقاءها لتحيي تلك المناسبة .. مثلا المناسبات العالمية .. عيد المرأة ..عيد الشجرة .. عيد الام .. عيد العمال حتى!
في هذا اليوم .. في مساءه الجميل ..
كانت نادين تجلس في حديقة فيلتها الراقية تتناول الشاي مع بعض صديقاتها في جلسة سمر نسائية ..
فقطع حديثها طلب من احدى صديقاتها الحاضرات .. كانت تدعى نرجس .. وهي بنت حلوة في العشرين من عمرها .. ما زالت نجمة صاعدة في عالم الاغنياء و تبحث عن فرصتها مقتدية بنادين و ما تفعله ..
نرجس كانت تحاول ان تدخل مجال الاعلانات .. و تظن انها لو نجحت فيه .. فمن خلاله قد تذهب بعيدا لتحقيق كل طموحاتها !
نرجس/ ممكن اطلب منك خدمة يا نادين؟
نادين/ انت تؤمري يا حبيبتي
نرجس/ انا .. عندي موعد عشان اصور اول اعلان ليه .. و انا بصراحة عايزاك تبقي معايا .. كتشجيع ليا .. وجودك مهم اوي في موقع التصوير .. قلت ايه ؟
نادين/ بس كده .. من عنيا ..
نرجس/ **** يخليكي يا نادين
نادين/ واسمها ايه الشركة الي هتعملك الاعلان؟
نرجس/ شركة الشمس !
نادين تعرف هذا الاسم .. انها شركة شاكر ابن زوجها .. و لذلك ابتسمت نادين مع نفسها اذ وجدتها فرصه مناسبة لأن ترى شاكر في موقع التصوير!
و على الفور هيأت نادين خطة في دماغها لتحقيق هدف ما ظل في نفسها لفترة طويلة .. هي ستعتمد بالدرجة الاولى على ضعف شاكر مجددا نحوها!
نادين/ حلو اوي ..و امتى ده
نرجس/ بكره بعد الظهر
نادين/ ده انتي حظك حلوي لأني ماعنديش اي ارتباطات في الوقت ده
..
نادين تحاور نفسها بصوت غير مسموع < ان ما ذليتك يا شاكر و خليتك تركع عند رجليه!>
في اليوم التالي
استعدت نادين و صديقتها نرجس للموعد المرتقب .. لقد تأنقت نادين لدرجة قد كسرت فيها أناقة وشياكة صديقتها نرجس وكأن نادين هي من ستقوم بتصوير الاعلان.. لا نرجس!
لقد بدت في اجمل وابهى صورها هذا اليوم ..
لقد فعلت كل هذا .. فقط لكي تحرك شاكر من جديد ..!!!
هناك ..
وعند وصول نادين و نرجس الى موقع التصوير..
رأت نادين شاكر يقف مع مجموعة المخرج المنفذ ..
شاكر نفسه لمحها أيضا .. لكنه تعمد تجاهلها .. و اخذ نرجس و ليكمل معها تصوير الأعلان ..
رغم ان شاكر كان رجلا يفضل العقل على قراراته .. لكنه يظل إنسانا في الآخر ..
اليوم .. كان هناك شيء مختلف جدا حصل له .. عند رؤيته نادين
رؤيه نادين بمنظرها الجميل والمثير بعد فترة انقطاع حرك فيه الحنين .. نجحت نادين في اول جزء من خطتها .. لقد حركت مشاعره نحوها مجددا!
اثناء التصوير .. جلست نادين على كرسي في مكان منزو خلف الكواليس.. تراقب ما يحدث بصمت، منتظرة ان تأخذ الطبيعة مجراها و تحرك غرائز شاكر نحوها ..
بعد الانتهاء من تصوير الاعلان .. ترك شاكر كل شيء .. وذهب ليجلس بقربها !!!
ابتسمت نادين له .. ابتسامتها لم تكن ترحيبا به ..بل كانت ابتسامة لأول نصر حققته !
شاكر بتردد/ .. بقالك كتير غايبة؟ انت كويسه؟
نادين بسخرية/ انا الي غايبة؟ انا كويسة يا شاكر .. ع **** انت تكون كويس كمان!
< كانت تقصد ان كان هو بخير وهو بعيد عنها >
شاكر بدأ يرتخي .. عطر نادين الجميل و مظهرها حرك فيه حنينه للأيام الخوالي..
وليس حنينه فقط .. وانما شهوته! شاكر لم يعرف مالذي دهاه؟ لماذا اصيب بكل هذه الشهوة تجاهها .. و في هذا الوقت بالذات ؟
لعله تحمل بُعدها كثيرا .. و آن الاوان ليخفف عن نفسه!! هكذا صار شاكر يعيد تدوير الافكار مع نفسه .. نادين وان كانت زوجة ابيه وهو قد امتنع عنها .. فلم يكن لاحترامه حُرمة ابيه! هو يعرف ان نادين تنام مع رجال كثر اخرين غير ابيه .. كلما في الامر انه يخاف على سمعته و سمعة عائلته .. لو انكشفت علاقته بها!
شاكر يظن ان نادين فتاة سهلة و اي شخص بإمكانه سحبها للسرير .. و لهذا تصور انه سيقوم معها بعلاقه سريعة .. يطفئ بها نار شهوته التي تصاعدت السنتها و صارت تحرق قلبه و روحه و جسمه ..
شاكر بجرأة/ الشوق هو الي جابك ! صح؟
تسخر نادين منه/ ههه .. و حياة باباك .. نرجس هي الي جابتني .. بعد ما ترجتني اجي معاها ..
شاكر سال لعابه و اراد اخفاء انتصابه خلف بنطلونه/ طب بذمتك ما وحشتكيش ايامنا زمان .. مش عاوزة نفتكرها شوية؟
هنا ادركت نادين ان السنارة قد غمزت و السمكة دخلت في الشباك . خطتها نجحت كما توقعت ..
نادين بدلع/ و افتكرها ليه .. ايه المميز فيها يعني!
وضع شاكر يده بتردد على فخذها من فوق الملابس يقبض على لحمها الطري بكفه .. ثم غير نبرته فصار صوته مبحوحا و خال من اي عقل .. تسيره الشهوة فقط
شاكر/ دي كلها مميزة يا حبيبتي .. افكرك ؟
نادين تصحك / حبيبتك؟ بامارة ايه؟
شاكر/ خلينا نتقابل الليلة وانا اديلك الامارة
نادين بثقل/ لا يا روحي .. الي بينا انتهى خلاص.. مش انت الي قلت كده اخر مرة شفتني فيها
شاكر / حمار .. و عرف غلطته .. وعاوز يستسمحك و ينول رضاكي
الشهوة اعمت عيني شاكر و لم يعد يفكر الا في قضيبه و كيف سيدخله بدبر نادين الليلة .. حياته مع زوجته رتيبة وعلاقاته مع الجنس الاخر معدومة .. حتى علاقته الجنسية مع زوجته مملة وغير ممتعة و لا يقوم بها الا مرة بالشهر فقط !!! كما ان زوجته قريبته و لا يجرؤ حتى ان يطلب منها جنسا خلفيا او ان ترضع قضيبه مثلا ..
توقيت عودة نادين يكاد يكون مثاليا بالنسبة له !!!
هو لم يعي ان قدومها كان مخططا له و لغاية في نفسها .. كل ما همه ان يلتقي بها الليلة و ان يخفف توتره معها وفيها..
نادين تذله/ شي يا حمار .. روح بعيد عني ما عندناش برسيم!!
كلام نادين واهانته له شدت من توتر قضيبه و زادت من شهوته . كان مستعدا لفعل اي شيء فقط ليحد زبره بجدران مستقيمها و ينفض عن لبنه المتراكم في قعرها .
شاكر/ اعملي اي حاجة فيه بس السماح يا نادو .. مش معقول قلبك يفضل قاسي علي بالشكل ده ..
نادين ادركت ان خطتها نجحت و كان عليها ان تلين قليلا .. فقالت له بابتسامة خفيفة
نادين/ اما نشوف اخرتها معاك .. هتجيبلي معاك ايه هدية؟
شاكر/ الي تطلبيه يا عيون شاكر ..
فرح شاكر جدا بموافقة نادين كان يظن انه قد استطاع خداعها والضحك على عقلها .. لكنه لا يعرف ماذا ينتظره !؟
طلب شاكر من نادين ان يخرجا معا من موقع التصوير ليذهبا مباشرة الى شقتها الخاصة .. بنفس اليوم !!
كان شاكر متحمسا للغاية .. مثارا و محتقنا و لا يرى امامه غير صورة دبر نادين و لا يريد سوى لعقه و اقتحامه !
عند وصولهما للشقة.. و رغم ان نادين كانت تثقل عليه و تتمنع عنه لتثيره لكنه نجح باخذها سريعا الى غرفة النوم ..
وهناك ..على سريرها .. و على وجه السرعة و من شدة لهفته .. لم يرد شاكر ان يضيع وقتا .. لم يهتم لا بشياكتها ولا بثيابها التي قدمت بها من اجله .. كان يريدها عارية تماما معه على السرير
الشيء الذي كانت نادين تغري به شاكر كل مرة و تنجح به .. هو عذريتها ! نعم فهي ما تزال عذراء!!!!
لقد فشل الذهبي في فض بكارتها لضعفه الجنسي الشديد حتى مع الادوية الغالية ابتي كان يشتريها .. و لكنه كان يستطيع مفاخذتها فقط للسهولة و يقذف لبنه بسرعة كبيرة على بطنها ثم يرمي نفسه على صدرها لينام من شدة التعب ..
نادين كانت تخفي هذا الامر عن الجميع .. فقط شاكر عرف بهذا السر .. فبعد زواجها من ابيه .. و رغم ابتعاده عن نادين لكن .. استطاعت نادين ان توصل له الاخبار بشكل غير مباشر .. بأنها ما تزال عذراء .. < وهذا يفسر ما راته مرام يومها عندما ناك عصام نادين من دبرها و لاحظت ان كسها مشعر و مهمل .. لأنها لا تستخدمه ابدا! >
كانت نادين تبعث بتلك الاخبار لشاكر متعمدة .. تخبره بأنها تحتفظ بعذريتها من اجله .. كان ذلك اغواء كبير له .. لكنه كان يجبن كل مرة في ان يلتقيها ليفتضها .. لخوفه على مكانته الاجتماعية
اليوم .. كان استثناء .. لم يعد يهتم الا بشهوته .. كان يمني نفسه بافتضاض بكارتها ! و لقد هيء نفسه نفسياً و جسديا لذلك ..
فبعد ان اختليا في غرفة النوم .. تعرت نادين امامه كما طلب منها .. فثار شاكر جدا لمنظرها .. و بما ان نادين مدمنة للجنس الخلفي فلقد اصبحت على اربع بوضع دوغي .. استعدادا له ..
شاكر جُن لمنظرها و رأى كسها المشعر .. اثاره شكله جدا .. و لكنه لن يكون عجولا بخصوص هذا الامر ..
نزل شاكر على قوائمه الاربع و صار خلف عجزها و بلا تأخير قبض على فلقتيها الشهيتين الطريتين ..و باعد بينهما ثم بلمح البصر صار يطبق فمه على دبرها يمصه مصا و يقحم لسانه فيه .. و بسرعة اهتزت نادين من المتعة و تأوهت و اندمجت و حلماتها انتصبت ..و افرازات كسها انهمرت ..
ثم نزل شاكر من فتحة دبرها بفمه ليلحس شفرتي كسها من الخلف .. لينشف عسلها بسرعة .. يرشفه كماء ورد .. ويعود يلاعب دبرها بلسانه .. ويتفنن في اثارتها بحركات فمه وعضه بأسنانه ..
بعد ذلك نزل مرة اخرى بفمه لكسها المشعر فأشبعه شما و قبلا .. وهو يدخل لسانه فيه بحركة متكررة .. كان يتمنى ان يفتض بكارتها!
رغم ان نادين تاهت في عالم آخر من الشهوة و كسها اصبح يمطر عسلا لا يتوقف ..لكنها ما زالت تحتفظ بعقلها فصارت تنبهه و تحذره
نادين/ اوعي كسي .. خليك في خرمي و بس يا معرص !!!
شاكر يهمهم و فمه ملتصق بشعرتها / عم عم عم .. حاضر .. عم عم .. حاضر
فعاد شاكر صاعدا بلسانه نحو دبرها المتوسع .. ذو الرائحة الجميلة بالنسبة له .. يلحسه مجددا بنهم و شوق و رغبة صارخة ..
نادين من مكانها على أربع .. بدأت تصرخ بوضوح و كأنها تتعمد رفع صوتها عاليا !
دس شاكر اصابعه في دبرها وصار ينتقل بسرعة بأسنانه مابين دبرها و بظرها .. فصار يلحس بظرها بلسانه و يدخل اصبعه الوسطى في فتحة دبرها يحركه بسرعة إدخالا و اخراجا و نادين تأن من اللذة مستسلمة له .. وتقذف بقوة من كسها عسلا على وجهه .. فتبلله كله .. وهي تتشنج بقوة كبيرة وتصرخ بصوت عال .. من قوة الرعشة والقذف ..
كأن نادين تعمدت صراخها هذا !
لكنها .. بالطبع لم تشبع بعد .. لاتزال في البداية فقط وتريد لقضيب شاكر ان يهتك دبرها و يمزقه لتتمتع بالألم المصاحب لهذه النيكة .. تريده ان يستغلها كيفما يريد و يهوى و يشاء .. لانها ستفعل معه المثل بعد قليل!!!
بعد ذلك .. زحف شاكر فوقها مقوسا ساقيه فوق جسمها .. حتى ركز قضيبه في فتحة دبرها ..
صرخت نادين بجنون/ بسرعة دخله في طيزي يا متناك .. شق طيزي بزبرك يا منيوك !
لم تنتظر نادين رده فصارت تسحب قضيبه الكبير .. و تمسكه بكفها و تدفعه نحو دبرها المرتخي تحاول ابتلاعه كله بطيزها حتى خصيتيه
دفع شاكر برأس قضيبه بفتحة دبرها الكبيرة و هو يركبها ليبدا رحلته بالرهز بنمط اسرع في طيز نادين .. التي صارت تعض شفتيها وتأن اكثر متألمة و متمتعة من نيكه لها
صار شاكر يدفع بقضيبه ببطيء في دبرها و يكلمها بكلام وسخ ليهيجها
شاكر/ .. ماله خرمك مهري كده يا شرموطة؟ هو مين فضل من الي حواليك ما ناكهوش!
نادين بمحنة لتهيجه/ كلهم .. اااااه .. ااااي .. كلهم ناكوني بخرمي .. حتى الفراش الي يشتغل في شركة ابوك !
يضحك شاكر وهو يرهز بدبرها بقوة/ اه يا متناكة يا شرموطة يا بلاعة الازبار .. انتي إيه؟ مافيش حد ما جربش خرمك المهري ده .. اما ابويا راجل مسكين صحيح!
مازال شاكر و نادين يمارسان الجنس بشهوة و عنف و كأنهما يتعاركان عراكا ..
نادين/ .. وهو ابوك في حيل القدام عشان ينيك الورا ..! ده انا بسببه فضلت بنت بنوت .. عشانك .. عشان تفتحني !
شاكر مستمر بالضحك/ اه يا منيوكة .. طب ما تخليني افتحك من كسك و اريحك ..
نادين/ مش قبل ما تطلقها ...
شاكر مستغربا/ ها !!؟؟ اطلق مين؟؟؟
نادين تهيجه/ مش وقته الكلام ده اه .. اه .. هاتهم في خرمي هموت .. هاتهم حالا بسرعة !
شاكر/ خودي يا قحبه .. ااااااااااه ..
صرخ شاكر وهو يقذف لبنه بقوة قي طيز نادين .. وثم أخرج قضيبه .. لينثر بقية دفعات لبنه فوق فلقتي طيزها و ظهرها ..
نادين اخبرته في اكثر من مناسبة انها ستمنحه كسها .. لكن بعد ان يطلق زوجته .. هو قد ظن انها تقول هذا الكلام فقط لتهيجه ..
اثناء ذلك .. بوضعهما الفاضح هذا .. واذا بباب الغرفة يًفتح !!!!!
زوجة شاكر .. السيدة سوسن .. تقتحم المكان .. لتصيبهما في ذعر ..و هي تصرخ و تمسك شعرها بقوة
سوسن/ يا لهوي!!!! يا لهوي!!!! بتخوني مع مرات ابوك يابن الكلب!!!!!!
بسرعة حاول شاكر ان يستر نفسه دون فائدة و التفت نحو زوجته يريد ان يمسك بها ليمنعها من فضحه !!!
لكن سوسن لم تدع له اي مجال للرد فلقد كانت تصرخ بجنون
سوسن/ طلقني .. طلقني احسنلك .. لأحسن وديني هافضحك قدام الدنيا كلها ! انا لولا الولاد و خوفي عليهم يا نجس كنت عملتلك فضيحة بجلاحل و أخلي الي ما يشتري يتفرج ..
شاكر حاول ان يتكلم / سوسن ..!!!!
سوسن قاطعته/ورقتي توصلني وانا عند بيت ابويا الباشا قهار .. انت فاهم !!!
خرجت سوسن هاربة من المكان تبكي و صفقت الباب خلفها بقوة.. فيما ظل شاكر مذهولا مصدوما .. كل محاولاته للحفاظ على صورته قد انتهت وبائت كلها الآن بالفشل !!!
صار شاكر يرتدي ملابسه محمرا متعرقا مُربكا .. ثم انتبه الى ان نادين كانت ما تزال ممدة مستلقية على الفراش عارية ..غير مهتمة بل كانت تضع خنصرها الصغير بين اسنانها مبتسمة و عينيها تحمل نظرة انتصار مخلوطة بشماتة!
شاكر بذهول .. ادرك ان لها يد في الموضوع! لا يعلم كيف ..لكن الامر بات واضح جدا
شاكر/ .. هو انتي ؟؟؟؟؟
نادين تضحك لا تجيبه .. لقد استعادت كرامتها على انقاض حياته و هدم بيته !
اشتعل شاكر من شدة الغضب فتوجه لها و صفعها بقوة على خدها ولولا انه كان يهم بالخروج للحاق زوجته لظل يضرب بها حتى يورم جسمها و يزرق جلدها ..
الصفعة كأنها اثارت نادين التي صارت تتأوه و تغير ملامح وجهها كما تفعل النساء الممحونات
نادين/ أه ..اي.. اممم .. اموت انا في الشديد .. ااااه ..
ثم كلمته بلبونة بالغة وهي تنام على ظهرها تفتح ساقيها على اتساعهما و تريه كسها و تداعبه بيدها الثانية و تقول له
نادين بلبونة/ تعال .. افتحني .. افتح كسي .. كسي دلوقتي ليك يا شاكر .. تعالا اهتك شرفي .. تعالا ...اااااااه ..
لكن شاكر كأنه استفاق من غيبوبة .. و ادرك حجم المصيبة التي هو فيها الآن ..
فخرج يركض خلف زوجته .. غير مهتم بنداءات نادين له لكي يعود و يفتض بكارتها ..
بعد ان خرج شاكر ..
ابتسمت نادين مع نفسها و من شدة اثارتها صارت تداعب حلمتها و تعبث بشفرات كسها و لبن شاكر مازال ساخنا في طيزها .. فدعكت كسها حتى قذفت شلالا وهي تصرخ من المتعة القصوى .. لأنها حققت هدفها للتو و نالت مرادها ..
بعيدا عن نادين ..
نعود الى خط حياة مرام ..
في اليوم التالي بعد اعلان الحب
كانت الشمس تميل نحو الغروب .. تنثر ألوانًا ذهبية عبر نوافذ القصر الكبيرة .. نحو اروقته الداخلية ..
كانت مرام تجلس في صالون الاستقبال الكبير حين رنّ جرس الباب فجأة.. لم تكن تتوقع قدوم أحد .. ! ليس في اجندتها اي مواعيد هذا اليوم
أشارت مرام للخادمة سيدة أن تفتح .. وما إن فُتح الباب حتى ظهرت اختها "أحلام" !!!!!!! لكن مرام لم ترها بعد
احلام كانت واقفة على عتبة الباب !!!! ملامحها كانت متوترة .. وجهها متعرق و تلهث بسرعة كأنها كانت تركض في مشوارها نحو القصر ! عيناها كانتا تلمعان تتطاير شررا من شدة غضب و فيهما مسحة من حزن و انكسار بنفس الوقت ..
تقدمت احلام بسرعة إلى الداخل من دون أن تنتظر دعوة سيدة لها للدخول .. فتبعها ابنها الصغير الذي كان يجرّ حقيبته المدرسية بتعب.. !
رأتها مرام تخطو نحو الصالة فرفعت حاجبيها بدهشة لكنها ابتسمت محرجة وقالت لها بنبرة كلها ترحيب واستغراب
مرام / أحلام؟؟؟؟
يتبع
مع تحيات اخوكم الباحث
الجزء السادس
{ هل معرفتك للحقيقة افضل من ان تظل مخدوعا بوهم السعادة ؟ }
مرام/ أحلام ؟؟؟
إيه المفاجأة الحلوة دي؟ إنتي ماقولتيليش إنك ناوية تيجي !
ردّت أحلام بحدّة و نبرتها مليئة باحتقان و بعصبية واضحة على كل جسمها المتوتر وهي تضع حقيبتها جانبًا وتقف امامها
احلام/هو أنا محتاجة استأذن عشان أجي بيت أختي؟
احلام تغيرت!
شكلها تغير كثيرا .. السنين اتكأت على جسدها النحيل بكل ثقلها فحنته .. لم تعد تلك الفتاة النحيلة .. الجميلة التي عندما تمشي بخفة تبدو كأنها فراشة ملونة الجناحين تطير في حقول واسعة من الورد ..
هناك شيء ما .. يستطيع المقرب منها ان يستشفه عندما يراها .. شيء يجعل المرء يعرف ان احلام لم تكن سعيدة في حياتها ! لم تجد الحب الذي توقعته مع أسامة ..
هي احبته ..نعم .. و ظنت انه سيبادلها حباً مضاعفا ..
و هي قد غفرت له كل آثامه ..
و نست كل عصيانه و تحملت جميع آلامه ..
و صارت له بلسم يخفف جروحه .. و نور يمحي ظلام ايامه ..
لكن ..
البيوت اسرار .. لا احد يعرف مالذي كان يجري حقا في حياتها معه .. كيف كانت ايامها .. و هل عاشت السعادة معه كما تأملت و ترّجت و طمحت؟ ام ان كل ما رأته كان مجرد وهم عابر .. و سراب مُقفر!
نهضت مرام من مكانها و وقفت قُبالتها، تنظر إليها بعينين قَلِقتين .. ارادت ان تمسكها من يدها .. لتحسس عليها كتعبير عن الخوف عليها و التعاطف معها ..
لكن احلام بشكل اقرب للوقاحة ..سحبت يدها منها .. ترفض ان تلمسها!
تلك .. كانت اول علامة دلت على ان احلام تحمل في صدرها غضبا متفجرا نحوها هي ذاتها ..
هي قادمة من اجلها .. و لم تأتي غضبانة من زوجها كما ظنت مرام للوهلة الاولى
ارتبكت مرام من تصرف اختها لكنها حافظت على هدوئها و حاولت ان تجاريها
مرام/ لا طبعًا يا حبيبتي انت مش محتاجة لأي اذن .. البيت بيتك و مطرحك .. بس انت شكلك مش طبيعي … في إيه يا احلام ؟ انتِ كويسه ؟
شاحت أحلام بنظرها بعيدًا و هي تشابك أصابعها بتوتر .. ثم قالت بلهجة حادة تجمع بين الغضب و اللوم والأسى
احلام بصوت غاضب لكن هادئ / ليه كده يا مرام ؟؟؟؟؟ ليه خبيتي عني ؟؟؟
مرام بأنكار وقلق/ .. خبيت ايه عنك يا حبيبتي؟
ثم في محاول منها لكي تتهرب من مواجهة احلام ! لأن مرام رام احست ان السر الكبير الذي طالما كتمته عنها .. مهدد الآن بالكشف!
فنادت على ابن اختها الذي هرول باتجاهها فرحا يحضنها . فحضنته مرام بحب .. تشمه و تقبله و تداعبه .. هي تعشقه كأبنها الذي لا تعلم عنه شيئا .. مجرد رؤيته تبعث في قلبها البهجة والسرور ..
ياسين .. ابن احلام .. كان على مشارف العاشرة من عمره .. ولد ذكي و فطن و محبوب .. وقد تعلق بخالته جدا ..
لم تنجح مرام كثيرا في التهرب حتى سمعت احلام تنادي سيدة
احلام/ تعالي يا سيدة .. خدي ياسين و وديه لاوضة اللعب الي بيحبها !
ياسين/ بس انا عاوز افضل مع خالة مرام كمان شويا ..
مرام تخاطبه بود/ ايه يا ياسين؟ مش قلنا احنا لازم نسمع كلام ماما و ما نزعلهاش!
ياسين/ عشان خاطرك بس يا خالتو.. !
ذهب ياسين مع سيدة لغرفة خاصة مليئة بألعاب الأطفال تاركا خالته لتواجه امه ..
فجأة تكلمت احلام بنبرة حادة/ أنا زهقت يا مرام .. زهقت و تعبت !! حتى من أقرب الناس ليّ !
الكل طلع غشاش .. الكل بان على وشه الحقيقي .. حتى انت يا مرام .. الي عمري ما تخيلت انك ممكن تعملي فيه كده ..
مرام بصدمة / عملت ايه بس يا أحلام... انا .. انا مش فاهمة حاجة..؟
احلام/ ..لا .. انتي فاهمة وعارفة كويس انا بتكلم عن ايه!!!
توترت مرام وقلقت .. افكار كثيرة دارت في راسها .. لكن .. من بينها كلها .. فكرة واحدة فقط برزت .. سر واحد فقط لا غير .. برز لامعا امام عينيها !!!
مرام/ ممكن بس تهدي شوية و تفهميني !
التفتت أحلام بسرعة مبتعدة عنها .. ثم وقفت بعيدا عنها كأنها لا تريد ان تكون قريبة منها بعد الآن!!!!
أحلام / في حاجات كتير كانت بتحصل في حياتي وأنا مش فاهماها .. بس الي مش عارفاه لغاية دلوقتي .. ليه انتي سايباني غرقانة فيها لوحدي؟
سكتت مرام .. تبتلع لسانها .. لا تريد ان تنطق بحرف قد يخل بتوازن قلعة الاسرار التي صمدت لسنين فتنهار على نفسها في ثواني
بنفس الوقت..
كان ياسين ..ابن أحلام الصغير، .. يجلس في غرفة الالعاب مندمجا باللعب فيها .. غير مدرك لهذا الجو المشحون بين أمه وخالته ..
ابتسمت مرام قليلا محاولة تهدئة الموقف
مرام / بُصي يا حبيبتي… خلينا نقعد ونتكلم بهدوء..
لكن أحلام هزّت رأسها بتوتر وقالت بنبرة غاضبة/ أنا جاية عشان أفهم حاجة وحدة بس… إنتي ليه خبّيتي عني؟ وليه أنا آخر واحدة تعرف؟
ارتجف قلب مرام من وقع العبارة .. وأدركت أن زيارة أحلام ستكون مواجهة كبرى لا مفر منها.. ولكنها ستظل تحاول المراوغة قليلا
مرام/ خبيت ايه عنك بس يا حبيبتي! انت متخانقة مع أسامة؟ حصل حاجة مابينكم ؟
احلام تضحك ثم تدمع عيونها وتقول بغضب متصاعد/ ما انتي غرقانة في مصنعك وقصرك ومش دارية بأي حاجة.. مش عارفة انا حياتي بقت عاملة ازاي؟
مرام/ يا حبيبتي ما انا دايما بكلمك واشوفك .. عمرك ما اشتكيتي .. ايه الي حصل بس وخلاكي تزعلي كده فجأة ؟
في هذه اللحظة انهارت احلام و بكت .. وصارت تثور و تصرخ في وجه اختها
احلام تصرخ / لا .. انت عارفة كل حاجة وساكتة .. كل حاجة !!!!
طلبت مرام من سيدة ان تغلق ابواب الصالة عليهما وان لاتدع ياسين او اي احد آخر يستمع لهما .. و كان قلبها يخفق بسرعة من شدة توترها و قلقها وحتى خوفها ..
احلام/ انا هقولك .. مادام انت عاملة فيها مش عارفة انا هاعرفك ..
فلاش باك يُروى من وجهة نظر أحلام
انا تحملت حياتي معاه ..عشان كنت فاكره اني بحبه و هو يحبني .. و قلت لازم اصبر معاه ..اهي فترة و تعدي و هيرجع لمراته وعيلته .. بس ده ماحصلش .. ولا عمره هايحصل!
انا من يوم وفاة ماما شكيت بحاجة ..بس كنت بقول لنفسي ..لا يا احلام ..جوزك بيعز امك عشان بيعتبرها زي امه ..زي ماهو قال .. وكنت راضية اني ابقى غبية عشان افضل اعيش مرتاحه ..
بس في الفترة الاخرانية .. فيه حاجات بدأت تتكشف !!! جوزي .. ابو ابني .. الدكتور المتعلم الفاهم .. الدكتور أسامة .. كان حريص انه ما يفوتش أسبوع من غير ما يزور قبرها !!!! تخيلي!!!
كثره زياره اسامه لقبر بديعة بعد وفاتها بعث الشك في نفس احلام .. حتى انه زار قبرها اكثر مما زار قبر امه .. لقد عرفت احلام ذلك لاحقا ..
فقبل سنوات من الآن .. اصبح اسامه يبتعد عن احلام بشكل طردي مع مرور كل يوم
لا يتكلم كثيرا معها ويحب ان يبقى منفردا مع نفسه .. لقد قلل الكلام حتى مع ابنه ياسين !
لم يكن يقضي الاجازات معهما بل كان يتسلل خفية من بيته لكي يقوم بزياره قبر بديعة!!!
كانت احلام تستغرب خروجه المستمر في ايام عطلته ..التي كانت تنتظرها هي وابنها بفارغ الصبر!
احلام/ هو انت ليه بقيت ما تخرجش معانا ..زي بقية الخلق؟ مش المفروض ان عيلتك تبقى اهم حاجة في حياتك ولا ايه؟ مش المفروض تعمل زي اي زوج .. تخرج مع مراتك و ابنك تفسحهم و لا تقضي معاهم وقت جميل؟
كان اسامه لا يرد في البداية الا بجمل قصيرة وهو يهم يالخروج من البيت
اسامة/ ما انا قلتلك ان عندي شغل !!!
احلام تواصل رواية قصتها لأختها و هي متأثرة .. تشعر بحرقة و مرارة .. و تبكي بحزن منهارة ..
احلام / يا ريته كان يعمل كده و خلاص !
لقد وصل الامر بأسامة ..انه صار يهمل حتى اجابته لها لو سألته الى اي مكان يريد الخروج اليه ؟ فكان اسامه يخرج دون ان يجيبها .. وهو يغلق الباب خلفه بقوة !
الامر دفع بشكوك احلام الى مستويات عالية .. فقررت ان تتابعه و تراقبه .. لكي تعرف اين يقضي زوجها ايام إجازته ؟
وبعد ان تابعته و مشت وراءه .. رأت بعينها الصدمة!
لقد كان اسامه يزور قبر امها بديعة نفسها .. رأته يجلس على ركبتيه عند شاهد قبرها وبعدها يبكي بحرقه .. كانت احلام لا تسمع ما كان اسامة يقوله لامها ! لكن الأمر ادخلها في حيرة كبرى
تساؤلات عديدة طرحتها على نفسها في محاولة يائسة منها لفهم الامر و تفسيره بشكل يقبله العقل و المنطق .. هل زوجها كان متعلقا بحماتها لهذه الدرجة؟
لقد واجهته سابقا عده مرات .. في اول عام من وفاة امها .. فكان يجيبها في وقتها أن بديعه كانت بالنسبة له الأم التي عوضته عن امه و انه احبها كثيرا ..حتى انها لم تنتبه له .. عندما كان يقول لها في الفترة الأخيرة .. انه احبها .. فقط !!
التغيير لم يكن بالزيارات المتكررة فقط .. بل شمل روح اسامة و شخصيته و مزاجه و كل ما يتعلق بمحيطه .. فاصبح شخصاً كئيباً .. منعدم العاطفة تجاهها .. بليد المشاعر .. بارد الاحاسيس .. نحوها بالذات
فبدأت الإحباطات والخيبة تتسرب الى حياه احلام التي صارت ترى ان حبها لأسامه بدأ ينهار أمام عينيها بالتدريج وهي لا تستطيع فعل اي شيء للحفاظ عليه
فدوام أي حب يشترط فيه اهتمام الطرفين معا .. ولكنها اصبحت فيه الطرف الوحيد الذي يقدم التضحيات و الاهتمام ..
ومع كل ذلك .. و رغم اتضاح علامات انهيار حياتها نصب عينيها ..
حاولت احلام ان تنظر الى الجانب الايجابي الوحيد في حياتها .. ألا وهو وجود ابنها ياسين .. و قد قررت ان تركز اهتمامها فيه .. وتسلم امرها للقدر وترضى به
ولكن حتى مع رضاها بهذا القدر طرأ حدث سلبي جديد على حياتها يزيدها مرارة ..
في الفترة الأخيرة لم يكتفي اسامه بأنعزاله عن عائلته و عن كل العالم .. بل صار يعود متأخرا للبيت في كل يوم وهو سكران !
كانت احلام تحاول ان تعيده لصوابه .. لعلها تمنعه من الانخراط في هذا الطريق الذي لن تكون نهايته جيده
ولكن اسامة كان دائما يطلب منها السكوت وان تتركه بسلام فقط لكي يدخل غرفته و ينام !!
ولكن الامر تطورت اكثر ..
فبعد مرور فترة اخرى .. وصل الحال به للتقصير في عمله في المستشفى فكثرت غياباته .. و عدم التزامه بواجباته ..
والعديد من الشكاوى بحقه رفعت من المرضى الذين يرونه دوما في حاله تشبه السكر طوال الوقت ..
مع انه لا يشرب الكحول في النهار .. لكنه الأثر الانسحابي لها .. والذي يجعله في حاله خمول وعدم تركيز طول الوقت
ليس هذا فقط .. بل تعدى الامر ايضا لعيادته الخاصة .. التي اكتسبت سمعه سيئة بسبب تأخره عن مرضاه وقيامه بارتكاب اخطاء كثيره في وصف الدواء للمرضى! مما عرض حياتهم للخطر
حتى اضطره الامر في النهاية الى اغلاق عيادته ! دون ان يبين لأحلام اسبابا مقنعة !
حتى ان ذلك اثر على وضعهم المادي الذي تراجع مؤخرا بسبب اغلاق العيادة واعتماد اسامة فقط على مساعدات ابيه السيد شوكت .. فمرتبه كان منخفضا كثيرا بسبب كثرة غياباته
كل هذا كان يمكن احتماله من قبل احلام التي كانت ترى العوض في ابنها ياسين
ولكن هل انتهى الامر الى هذا الحد ؟؟؟
لقد عبر اسامه جميع الحدود وتجاوزه كل الخطوط الحمراء ايضا ..
فلقد كان يعود في بعض الاحيان وهو في قمة سكره و خارجا عن طبيعته .. فكان يطلب احلام للفراش رغما عنها ..
احلام كانت في البداية تلبي رغبات زوجها المخمور لكي تتجنب شر الجدال معه و لكن اسامة حين يكون معها على فراش الزوجية فأنه كان يعاملها معاملة الحيوانات ..!!! لا يهتم الّا بنفسه ومتعته الخاصة
فبعد ان ينتهي من افراغ شهوته يستدير بوجهه على الجنب الآخر و يغط في نوم عميق دون اي اكتراث لأحلام !
حتى الآن.. لم تصل احلام بعد الى نقطة انطلاقة ثورتها عليه ..
لكن ما افقدها صوابها .. و فجر ثوراتها .. انه في الايام الأخيرة عندما كان يمارس الجنس معها ..
كان يريد ان يخترق بقضيبه دبرها رغما عنها .. ولم يكتف بهذا الحد .. بل وصل الى اعلا درجات شروره و فقد سيطرته على نفسه فاجبرها على ذلك اجبارا ..
ولكن لم تكن الصدمة في هذا و حسب.. !!! ما كان سبباً حقيقيا لصدمة عمرها الكبرى انه حين كان يخترق دبرها كان ينطق بأسم بديعه !!! امها .. وهو يقذف حممه اللبنية في دبرها البكر .. يصرخ من شدة المتعة .. كأنه لم يحظ بمثلها من قبل مع احلام!!!!
أحلام .. صدمتها كانت عميقة و كبيرة .. زوجها يذكر اسم امها وهو يمارس الشذوذ معها !!!؟؟؟ حتى وإن كان مخمورا!!! فالخمر قد تجعل من يشربها يُفصح عن حقيقته و يكشف كل ما في جوفه من اسرار!!!!
أسامة بفعله هذا ..أكد لأحلام جميع شكوكها القديمة والجديدة عن وجود أمر مريب حدث بينه وبين أمها !!!
في تلك اللحظة ..
قاطعت مرام رواية احلام ..
مرام بقلق و توتر واضح/ يابنتي .. ده سكران .. السكران بيقول اي حاجة ...اي كلام و خلاص .. ده بيخرف أكيد!!!!
واصلت احلام بكائها بغضب/ سيبيني اكمل ماتقاطعنيش!!!!
ثم واصلت احلام روايتها للفلاش باك .. من وجهة نظرها
ليلتها لم تستطع النوم وظلت تصرخ وتبكي لوحدها ..
فزوجها نال مبتغاه و نام بعدها بهدوء!!! كأنه ارتاح فقط .. عندما كمارس الجنس مشركا امها معها ..
لهول تلك الصدمة واصلت احلام صراخها وهي وتبكي منزوية في حافة الغرفة حتى الصباح .. غير مهتمة لآلام دبرها الذي جُرح و نزف دما بسبب افتضاض اسامة له بعنف غير عابئ بها .. ولا بمشاعرها ..
في اليوم التالي ..
حاولت احلام ان تواجهه في الصباح وما ان استيقظ اسامة حتى جنه جنونه وهو يسمع أسالة احلام المباشر له ..
احلام ببكاء و ألم/ في ايه بينك وبين امي!!! ايه الي كان بينك و بينها يا اسامة!
أسامة في البداية حاول ان يتجاهلها/ .. انت بتخرفي تقولي ايه!!!
احلام / انا ما بخرفش .. ما بخرفش يا اسامة و انت عارف ده كويس ..
أسامة بدأ يغضب/ اللهم طولك يا روح ع الصبح ..
احلام/ تعملها معايا من ورا يا اسامة و غصبن عني؟ ليه؟ هو ده حبك ليه ؟؟
اسامة ساخرا وغير مهتم لآلامها و حزنها/ و هو يعني انت اول وحدة ولا اخر واحدة جوزها يعملها من ورا معاها .. ثم ده حقي .. هتمنعيني عن حقي؟؟
احلام تنفجر/ انا عايزة اعرف حالا ..ايه الي بينك وبينها .. انطق .. قول ..!!!
تحول اسامة فجأة لثور هائج وهو ينفض كل ما أختلج في صدره كأنه يلفظ ما اثقل صدره لسنين طويله .. فتغيرت ملامح وجهه ..و احمرت عينيه متسعتان ..
ثم اقترب من احلام .. وهو يمسكها من ذراعيها بقوة .. ليفرغ كل حنقه وغضبه بوجهها
اسامة بثورة/ ايوا .. ايوا حصل .. حصل من قبل ما اعرفك .. !!!
كأن تلك الكلمات .. طعنت احلام في امل حياتها قبل ان تطعن قلبها ..لتهشم جميع امالاها واحلامها و رجائاتها التي كانت تعلقها على ذرة امل في صورة زوجها ..
من شدة صدمتها .. انشلت حنجرتها ..لا تجد ما تنطقه وان حاولت ذلك !
فجأة تغيرت ملامح اسامة الى انهيار و كسران و حزن .. وهو يستمر بلفظ ما تكدس في صدره من هموم و اسرار ..
اسامة بصوت حزين منكسر/ ايوا .. هي كانت حبيبتي .. و عمرها مابقت غير كده !! ..
انا .. انا صحيح حاولت اني احبك .. حاولت كتير صدقيني .. بس كل مره احاول فيها كنت بفشل .. عارفة ليه ؟؟؟
عشان كل مرة بحاول فيها اني ابوسك .. شفايها تبقى هي الحاضرة بين شفايفي و شفايفك ..
عشان في كل مرة المسك فيها .. إيدها هي الحاضرة بين ايدي و ايدك ..
عشان في كل مره عاوز فيها اشمك .. ريحتها تبقى هي الحاضرة واشمها بدل ما اشمك .. و مش بس كده .. لا ..
كل مره احاول انيكك فيها تبقى هي الحاضرة ما بيني وبينك .. وكسها يبقى بدل كسك !!!!
افلت اسامة يدي احلام التي مازالت مصدومة تهمر دموعها بدون توقف و تعجز عن الكلام .. ثم تغيرت نبرته لحزن اكبر و شعور بالحسرة والمرارة
أسامة بحزن عميق / انا تعبت .. تعبت .. مش قادر استحمل اكتر..
بعد ما ماتت .. كنت فاكر اني هقدر اعيش عادي من بعدها .. كنت فاكر انهاعلاقة و راحت لحالها ..نزوة . غلطة .. سميها زي ما تسميها .. بس الي حصل .. اني لقيت نفسي زي ابن صغير ماتت امه و سابته لوحده في الحياة ..
من يوم ما ماتت وانا بقيت اشوف الحياه مش ممكنه من غيرها .. مش ممكنة ابدا !
كانت الصدمة أكبر من اي وصف ممكن .. اخيرا استعادت احلام قدرتها على تحريك حبالها الصوتية .. و لكن في كل مرة تنطق بكلمة .. كان اسامه يقاطعها .. لا يترك لها مجال لتستوعب حجم الصدمة .. لا يهتم إطلاقا برد فعلها .. بل كان يواصل كلامه و هو يشعر براحة خفية لتخفيف احماله عن كاهله
واصل اسامة كلامه و هو في كامل وعيه .. ليس سكرانا ولا تحت تأثير الكحول .. بل كان في لحظة الحقيقة مع نفسه .. يعريها تماما امام احلام .
اسامة/ ايوا ...ايوا انا عشقتها .. عشقت بديعه .. حبيتها .. وكان ليه علاقه معاها من قبل ما اعرفك .. كنت فاكرها انتهت من يوم ما هجرتها .. عمري ما تخيلت انها هترجع تظهر تاني في حياتي !
وكأنها مش عايزة تسيبني اعيش حياتي بهدوء وسلام من غيرها .. كأنها مكملة حصارها ليه ..
ايوا انا بحبها .. بحبها .. !!!!!
لقد إنهار اسامه وهو يجهز على احلام بخنجر الحقيقة .. يخبرها انه هو و امها كانا عشيقين .. وانه تزوجها عرفيا ايضا .. وطلقها بعد فترة لأجل ان ينساها وان يبتدأ حياة نظيفة جديدة بعيدة عن كل سلوكياته الشاذة ..
لكن أبى القدر إلا إعادة بديعه اليه عن طريقها هي احلام !!!
احلام بغضب و صدمة تنطق اخيرا/ انت تجننت .. تجننت .. تجننت .. !!! اكيد تجننت!!!
اسامة بتحدي/ ايوا انا تجننت .. انا تجننت بحبها و مش قادر اعيش من غيرها .. مش قادر ...مش قادر ..!!!
أنهار اسامة وسقط على قدميه ويديه .. فصار يبكي بندم و حرقة تحت اقدام احلام ..
في النهاية ..بعد جولة بكاء طويلة ..لم يبكها حتى على امه التي ولدته يوم وفاتها .. هدأ اسامة قليلا .. و صار يخاطب احلام دون ان يرفع راسه او نظره باتجاهها
اسامة / سامحيني .. سامحيني يا احلام .. انا ماكنتش عايز اظلمك .. ماكنتش عايز ااذيك .. بس كل ده حصل غصبن عني .. غصبن عني و الهي
احلام بصدق/ بس انت ظلمتني .. و اذتني .. انت عملت اكتر من كده بكتير ..
ظلمتني وكسرتني وحطمتني ودمرت حياتي كلها .. و ربطتني بطفل .. للأسف ..
بس ما تخافش .. انت مش هاتشوف وشي ولا وشه بعد كده ....
صدمة احلام كانت كبيره جدا .. وهي تفكر بهجر اسامه والطلاق منه ولكنها تعرف انا ارتبطت معه بطفل .. وسيكون هذا الطفل ابنهما المشترك مدى الحياه و سيُصعب عليها تلك المهمة ...لكنها ... ستهرب رغم كل شيء ...ستهرب من هذه الحياة المقززة التي تثير الاشمئزاز .. الى المجهول!
خرج اسامة من البيت .. متهربا من استمرار المواجهة و تقبل الحقيقة .. ان علاقته بأحلام.. انتهت .. لا يمكن ابدا اصلاحها .. زواجه انهار تماما و لا امل في اعادة بعث الروح فيه من جديد
عندها ظلت احلام وحدها بعد تلك الصدمة .. تحاول استيعاب كلمات اسامة .. تحاول ان تصدق ان ما حصل للتو لم يكن حلما .. متنقلة بين نقطتين .. بكاء و صدمة .. صدمة و بكاء ..
عندها تذكرت ايضا .. و استعادت اشياء كثيرة كانت غافلة عنها او ربما تغافلت عي عنها بإرادتها..
فتذكرت اليوم الذي جاء اسامه فيه لخطبتها .. وكيف اسقطت امها صينيه القهوة عندما رأته !!! و كيف هرب اسامه من المكان دون ان يقدم لها لاحقا اي تفسير ..
ولكن احلام ادركت ان امها كذبت عليها عندما اخبرتها ان اسامه هو الطبيب الذي قام بالعملية لأختها مرام و ان هذا كان هو سبب الصدمة .. فقط ! .. كم كانت هي ساذجة و كيف كانت غبية لهذه الدرجة و صدقت كذبتها !!! كيف لم تشك بوجود شيء بينهما .. كيف؟
ولكن الشكوك الفعلية بدأت تتصاعد لاحقا بعد وفاة بديعة .. لقد حرص اسامه وبديعه على مواصلة علاقتهما في السر والخفاء حتى اثناء زواج أسامة من أحلام .. ابنتها !!!
الآن فقط .. بدأت احلام تسترجع ذكريات مهمة و تفسر تصرفات اسامة الغريبة في يوم وفاه امها بديعه وكثرة زياراته لقبرها حتى بعد وفاتها بفترة طويلة .. حتى انه زار قبرها اكثر مما زار قبر امه !
الآن فقط عرفت حلولاً لألغاز كثيرة لطالما أرهقت ذهنها ..
لطالما ظلت تتساءل كيف رضي أسامة ان يتزوجها .. حتى بعد ان عرف ماضيها غير المشرف .. مع انها لم تكن مذنبه في انتمائها لتلك الأسرة قطعا
احلام صارت تلوم نفسها كيف احبت اسامه حبا حقيقيا وعشقته بكل جوارحها وكانت تطمح الى ان يكون شخصا نزيها طيبا ومستقيما يعيش حياته معها كأي زوج محب لعائلته ولطفله
الآن بدأت تدرك ...لماذا لم تعترض مرام في وقتها على زواجها من اسامة ؟ وهي تعلم جيدا ان اسامه هو طبيبها الذي اجرى له عملية الولادة ؟
نهاية الفلاش باك الخاص بأحلام
أحلام كانت تنظر بنظرة فيها من اللوم و الغضب مالا يمكن اختزاله بالكلمات ...
فبعد ان روت احلام اعترافات اسامة بنفسه لها عن وجود علاقة بينه وبين امها .. كان ذكائها كافيا ليجعلها تدرك ان موضوعا كبيرا مثل زواج امها العرفي من اسامة .. لايمكن ان يكون قد خُفي على مرام .. ولا يمكن ان تكون قد جهلته !!!
احلام تصيح/ كنتي ..عارفة! مش كده!!! انطقي بقى .. انطقي كفاية تخبي عني اكتر ...انا بموت كل لحظة الف مرة .. ريحيني و قوليلي الحقيقة كلها .. و اياكي تكذبي عليه اكتر من كده ..
بعد كل ما قالته احلام .. و كشفها لكل تلك الاسرار الدفينة العفنة الآسنة .. التي ظلت لأكثر من عقدٍ من الزمان .. مختبئة في دهاليز النفس البشرية السوداء .. فأن مرام لم تجد بعد شيئا آخر لتخفيه عنها ...
وشعرت ان اللحظة قد حانت لتكشف الحقيقة امام احلام .. فهي تستحق ان تعرفها .. لا مزيد من الاسرار .. يا مرام .. هكذا خاطبت مرام نفسها ..
مرام ذرفت دموعها حزنا و تعاطفا مع اختها/ انت بس اهدي شوية ارجوكي .. كده مش كويس عليكي
احلام تصرخ / انطقي بقى .. خلصيني يا بنت ناصر!!!! ع اساس انك خايفة عليه؟
مرام/ انا .. انا واللهي .. واللهي ما كنتش عايزة الجوازة دي تتم مالاساس .. بس اعمل ايه .. ما كانش عندي اي اختيار تاني ..
بدأت مرام تقص على اختها قصة اكتشافها لعلاقة امها باسامة بالصدفة البحتة ..
وكيف انها ضبطت امها مع اسامه في العيادة .في وضع مخل .. وانهما فاجئاها في وقتها بأن أظهرا لها ورقه الزواج العرفي و كانا متزوجين شرعا!!!
ولكن ما حصل بعد ذلك انهما تطلقا و ان الموضوع انتهى و عندما تقدم اسامه لأحلام .. فأن مرام قد اعترضت .. و رفضت ..لكن امها بديعة اجبرتها على السكوت و هي من منعتها من ان تبوح لأحلام بالحقيقة .. تحت مسمى .. الخوف والحرص على سعادة احلام ..
مرام/ احلفلك بأيه يا احلام .. انا ..انا كنت فاكرة ان ده في مصلحتك زي ما هي اقنعتني بده ...
احلام تضحك ساخرة / مصلحتي!!! مصلحتي ولا مصلحتها هي .. عشان تفضل قريبة من حبيب القلب .. الوسخة !!!
مرام/ انا عارفة انك غضبانة منها و زعلانة عليها .. بس خلاص هي ماتت وبقت عند الي خلقها .. و هايحاسبها ع الي عملته فيكي اكيد .. اقسملك يا احلام .. انا في وقتها صدقتها ..
مرام صارت تؤكد لأحلام ان بديعه قد اقسمت لها ايمانا غليظة .. بأن ما حصل مع اسامة قد انتهى و ولى و انها فضلت العيش بعيدا عنهما وعدم الاحتكاك بهما ابدا ... وان عليهما الاثنتين< بديعة و مرام> ان تحفظا هذا السر عن احلام لتعيش حياتها سعيدة مع اسامه وانها صدقتها في وقتها .. و ظنت .. انه ربما من الافضل لبعض الاسرار ان تظل في طي الكتمان ..
مرام حاولت جهدها ان تبين لأختها انها قد احسنت الظن بأمها وباسامه وطوال فتره زواجها من اسامة .. لم تشك بشيء ..
مع انها هي نفسها عادت لها الشكوك والظنون بأن اسامه لم يتوقف عن علاقته ببديعة حتى عندما كانت احلام على ذمته ولكنها لم تجد دليلا واحدا يؤيد شكوكها .. يبدو انهما لم يقترفا اي خطأ او يتركا اي اثر خلفهما كديل على تلك العلاقة..
احلام بهدوء مخيف/ يعني انتي كنتي عارفة! .. عارفة ان جوزي .. ابو ابني .. الي انتي بتحبيه زي ابنك .. جوزي كان متجوز امي .. !!!
انا اقول للناس ايه في الحالة دي؟؟؟ اقول ايه؟
مرام بصدمة/ ناس!!! ناس ايه بس يا احلام .. خليكي عاقلة .. الاسرار دي ما تطلعش من بيوتها .. و ..
قاطعتها احلام بهدوء مرعب/ خايفة على سمعتك! سمعة الباشا النظيف الي لمك من الوساخة و خلاكي تعيشي عيشة نظيفة ..
ماخفتيش طيب على اختك .. الي المفروض انها تبقى انسانة من لحم و ددمم و عندها مشاعر و بتحب و عايزة تتحب و تعيش زي اي مخلوقة ..
ماخفتيش من **** طيب!!!! و انت تشوفي راجل متحرم على اختك يتجوزها و يخلف منها ..
حرام عليكي يا شيخه .. تعرفي كل ده و تقفلي بقك .. حرام عليكي .. ..حرام تكوني اختي حتى .. ما تستاهليش انك تبقي اختي ..
مرام بصدمة و ذعر/ لا يا أحلام .. ارجوكي .. ارجوكي ما تقوليش كده ..انا عمري ما قصدت اجرحك ..انا .. انا كانت نيتي سليمة .. والهي .. احلفلك بايه .. ارجوك ما تقوليهاش .. انا ماليش غيرك في الدنيا دي يا حبيبتي
حاولت مرام ان تقترب من احلام لتلمسها او تحضنها .. فنهرتها احلام فورا ..
احلام/ ابعدي عني بقولك .. اياكي تفكري تلمسيني تاني .. انت مش بشر .. انت شطان .. و امي كمان شطان .. يبقى انا اطلع ملاك ليه؟ ها .. عمر الشطان ماخلفش غير شياطين زيه .. وسخين زيه ..
مرام تنهار و تبكي و تتوسل باحلام
مرام/ ارجوكي يا احلام .. سامحيني وغلاوة ياسين عندك .. انا .. انا هموت لو فضلتي زعلانة عليه ..
ولكن ..عبثا كانت مرام تحاول .. كل محاولاتها بائت بالفشل ..
اسرعت احلام الى غرفة الالعاب و سحبت ياسين من يده وهي تهم بالخروج و مرام تركض خلفها تحاول ثني عزيمتها عما تود فعله ..
في حين ان ياسين صار يصرخ ويبكي متفاجئ من التصرف الخشن غير المتوقع من امه و اخذه عنوة للخارج .. وامه تتجاهل نداءاته و رغبته بالبقاء اكثر في قصر خالته ..
احلام خرجت من البيت باكيه وصارخة وهي تمسك ابنها بيدها
احلام/ انا رايحة لحتة .. محدش هايعرفني فيها .. مش عايزة اشوف خلقتك تاني .. لا انتي اختي ولا انا اعرفك
حاولت مرام التمسك بها بقوة .. لكنها لم تستطع مواجهة ثورة احلام و غضبها العارم الذي اكسبها قوة جسمانية عجيبة ..
احلام .. خرجت .. هربت .. تركت هذا البيت .. بلا عوده .. و اختفت !!!
بلحظة خروج احلام .. دخل سراج مصدوما .. كان يحمل بين يديه اخبارا عاجلة .. الا انه صدم بما رأى .. و ما سمعه من كلمات احلام القاسية عن اختها ..
لو كان الامر بيده .. لخرج فورا .. لكن الامر لا يحتمل اي تاخير! منظر مرام المنهارة .. عيونها المحمرة المحتقنة ..مظهرها و بكاءها و انكسارها كله..جعل سراج يقف هو الاخر مصدوما منذهلا .. لا يعرف ماذا يقول ..
تداركت مرام نفسها .. انتبهت له اخيرا .. لم تبذل جهدا لتغيير هيئتها .. لكنها صارت تشهق رغم توقفها عن البكاء ..
مرام / في ايه يا سراج ؟؟؟؟
سراج متلعثما/ انا .. انا اسف .. جيت في وقت مش مناسب.. و .. و..
مرام/ مش مهم .. ارجوك قول الي انت جاي عشانه !
سراج/ انا اسف ..عشان جايب اخبار .. مش حلوة ..
مرام بفضول غلب حزنها/ هات مالاخر يا سراج ...ارجوك .. !
سراج/ ...في مصيبة حصلت في المصنع يا مرام .. !!!!
رغم صدمتها التي ما زالت حاضرة بسبب مواجهة احلام .. لم تجد مرام امامها خيارا سوى ان تركن كل مشاعرها و ضعفها جانبا و تستعيد شخصيتها القوية الجافة التي اكتسبتها من زوجها الراحل ..
و مع ذلك أرتبكت مرام قليلا .. ثم ونظرت إليه بجدية
مرام بصوت مبحوح/ مصيبة إيه يا سراج؟ هو في إيه؟ حصل ايه؟
سراج هو الاخر كان وجهه متوتر ونبرة صوته قلقة.. وقفت مرام من مكانها .. فاقترب منها بخطوات سريعة وقال لها
سراج/ في مشكلة كبيرة حصلت في المصنع.. والموضوع شكله مش بسيط ابدا .. احنا لازم نروح حالًا.
من غير ان تضيع مزيدا من الوقت .. قررت مرام مع نفسها تأجيل رد فعلها بصدمة اختها و ستتناول امرها لاحقا ..
فهرولت مسرعة الى غرفتها و ارتدت ثيابها بسرعة و وضعت على راسها شالا مخمليا اسود اللون .. و من ثم طلبت من مرام ان يقود بها بسرعة نحو المصنع ..
بعد نصف ساعة ..
وصل الموكب الصغير إلى بوابة المصنع .. كان الجو مشحونًا فيه بوضوح ..
أصوات العمال كانت تعلو من الداخل .. كأن المكان كان يغلي من الغضب .. كان الوقت متأخرا .. وهم كانوا عمال الشفت المسائي ..
توقفت سيارة مرام ..ثم نزلت بثبات .. وإن كان قلبها يخفق غير مستقر بالمرة ..
إلى جوارها كان سراج يسير متأهبًا .. لا يعلم انها معركة مختلفة .. لا ينفع فيها العضلات ..
فيما قابلهما رامي وقصي بنفس الوقت .. و كأنهم اتفقا على موعد في المصنع!!!
كانا يتبادلان بينهما النظرات المريبة !!!
توجهت مرام بسرعة الى قلب الادارة في المصنع ..
مرام/ حد يفهمني يا جماعة فيه ايه ؟ حصل ايه؟
قصي بصوت منخفض قليلاً/ بيقولوا إن في مواد ناقصة .. وإن الشحنة اللي كان المفروض تخرج للتجار تأجلت … ودي مش اول شحنة .. دي كمان اكبر شحنة انتجها المصنع .. والعمال متضايقين كمان .. في كلام بيتردد إن الإدارة بقت مهملة اليومين دول ..
لم تمض ثوانٍ حتى دخل رامي غرفة الادارة هو الآخر.. عيناه تتفحصان سراج ومرام معًا .. بينما ارتسمت على شفتيه ابتسامة ساخرة
رامي/ ده شيء كان متوقّع. إدارة من غير خبرة كافية .. طبيعي يحصل فيها كده !
مرام بغضب يشوبه تحدي/ المصنع لسه بخير يا رامي. ودي مش أول أزمة نمر بيها. إحنا هننزل ونشوف إيه الحكاية .. و نحلها ان شاء**** ..
في تلك اللحظة أظهر قصي ملفًا في يده وكأن توقيت وجوده كان مقصودًا تمامًا..
قصي/ بالمناسبة .. انا عندي تقارير بتأكد إن فيه تلاعب حصل في شوية اوراق .. بالشكل ده .. مش بس الإدارة .. حتى العمال هيفقدوا الثقة… ودي هتبقى ضربة قوية لسمعة المصنع ..
سراج يهمس قرب اذن مرام/ انتي لازم تواجهي الموضوع ده حالا .. ماينفعش تخلي حد يسبقك .. حتى لو بالكلام
التفتت مرام إلى رامي .. نظرت في عينيه بكل جدية .. ثم إلى قصي الذي بدا كأنه يستمتع بما يرى وقالت
مرام / عايزة أوضح حاجة .. أنا اللي هتكلم قدام العمال. وكل واحد هنا لازم يعرف مكانه و إن المصنع مش لعبة في إيد حد .. مفهوم !
رامي ابتسم بسخرية خفيفة ثم قال بصوت خافت لقصي دون ان تسمعه مرام
رامي/ هنشوف يا مرام… العمال هيسمعوا كلام مين المرة دي !
قصي أطرق رأسه متظاهرًا بالحياد .. لكنه في الحقيقة كان ينتظر الانفجار المقبل بفارغ الصبر.
أما سراج .. فقد ظل قريبًا من مرام .. عازمًا على أن يكون درعًا لها وسط العاصفة القادمة..
توجه الجميع إلى ساحة المصنع حيث احتشد العمال في دائرة .. و لغطهم يتصاعد .. بعضهم يلوّح بيده أو يرفع صوته متذمراً .. بمجرد أن لمحوا مرام قادمة.. خيّم الصمت عليهم لثوانٍ قبل أن يعلو صوت رئيس العمال
/إحنا تعبنا يا مدام… الشغل كله واقف والمواد ناقصة.. و لو فضل الوضع كده .. مش هنلاقي مكان في المخازن للبضاعة المتردة من التجار .. والعمال بقت خايفة على مرتباتها ! لانها شايفة مافيش بضاعة بتتباع ! يعني نافيش إيرادات بتدخل للمصنع ..
كان كلام رئيس العمال واقعي و منطقي .. وجود مشاكل في ادارة جودة المنتج ! كيف سمحت بمرور شحنات معيبة دون ان تفحص جودتها! و تراجع الطلب على الانتاج يهدد المصنع بالإفلاس ! الانتاج السابق تكدس في المخازن .. وجعل الادارة المالية تشكو!!
في غضون اشهر .. لن يكون هناك مرتبات للعمال ! وسيكون هناك تلويح بتقليص اليد العاملة من قبل الشؤون الادارية ..!!
شعرت مرام بوخز في صدرها.. بوادر مؤامرة تم حياكة خيوطها بشكل متقن .. قد ظهرت للعلن .. لكنها تماسكت مع نفسها اكثر
مرام /أنا هنا علشان أسمعكم… وأفهم إيه اللي حصل. بس أحب أوضحلكم حاجة .. المصنع ده هيفضل شغال .. ومفيش حد هيضيع حقه.. ما تخافوش ابدا .. مصنع عبد المنعم هايفضل مفتوح .. مهما حصل
في تلك اللحظة، خطا رامي إلى الأمام محاولا استغلال الفرصة لصالحه
رامي بشكل مستفز/ بس الحقيقة يا مرات جدي .. الناس دي عندها حق. الإدارة الحالية فشلت في إنها تمنع الكارثة دي. يمكن الوقت جه إن حد تاني يمسك زمام الأمور..
ارتفعت همهمة و لغط كثير بين العمال.. بعضهم أيّد كلامه .. بينما آخرون ظلوا مترددين.
مرام التفتت نحوه مستغربة تدخله غير المبرر .. لكن قبل أن ترد عليه .. و اذا بقصي يتدخل واضعًا ملفاً آخر في يده كأنه يملك الدليل القاطع
قصي / أنا عندي مستندات بتأكد إن في شحنة مواد خام اتسجلت كأنها دخلت المخازن… والورق ده يثبت ان جودة المواد الخام دي مش مطابقة للشروط .. العمال ليهم حق يشكّوا
ازدادت الفوضى .. وارتفعت الأصوات من جديد. بدا المشهد وكأنه على وشك الانفجار.
سراج لم يحتمل، اندفع بخطوة للأمام وصاح بالجميع
سراج / كفاية! أي اتهام لازم يتثبت.. مش كلام و بس .. الاوراق دي لازم تتعرض على النيابة عشان تثبت صحتها ! ومش مسموح لحد يشكك في شغل مدام مرام من غير دليل واضح. المستندات دي لازم تتعرض على جهة قانونية !
ارتفعت العيون نحو مرام من جديد ..الكلمة الأخيرة ستكون بيدها. ..
أخذت مرام نفسًا عميقًا، ثم قالت
مرام / أنا مش هسمح لحد يلعب بمستقبل المصنع. اللي عنده دليل يقدمه .. واللي عنده شكوى يتفضل يتكلم قدامي.. وأنا مش هسيب المصنع ينهار.. ابدا .. مهما حصل
لحظتها ..تباينت ملامح الوجوه بعض العمال شعروا بصدق مرام و وضعا ثقتهم فيها .. والبعض الآخر ظلوا مترددين
أما رامي فقد اكتفى بابتسامة ساخرة .. بينما قصي اكتفى بالصمت قلقا من كلام سراج و تلويحه براية القانون ونيته اشراك السلطات في الأمر ..!!
في طريق العودة إلى القصر .. الصمت كان سيد الموقف
السيارة كانت تشق طريقها نحو القصر والليل قد بدا بالهبوط .. أضواء السيارات المتفرقة على جانبي الطريق .. كانت تزيد توتر مرام اكثر ..
ما مرّت به في المصنع ..كان كفيلا بإيقاظها من سباتها .. الذي استغرق سنوات وهي تحسن الظن بكل من حولها ..
سراج .. خلف المقود ..
لم يكن مرتاحًا لما شاهده من جدّية الموقف وخطورته داخل المصنع .. ولا لوجود رامي الذي طال بلا سبب ..
مرام شعرت بأن ما ينتظرها سيكون أخطر بكثير مما يبدو ..
لأكثر من عقد من الزمان .. لم تتعرض مرام لمثل هذه المشكلة!
حتى مع وجود قصي و معارضته المتواصلة ..لم تصل الامور الى هذا المنحى ..!
بوادر الشك بدأت عندها و كل اصابع الإتهام تتجه نحو شخص واحد فقط! رامي! .. فكل شيء بدأ بعد قدومه سريعا ..
كما ان زيارته قد طالت ! و لم يكن لوجوده وبقاءه معنى .. كل ما فعلته مرام معه قد تجاوز حتى حدود المجاملات ..
لملمت مرام المستندات التي قدمها قصي لها وهي عازمة على الوقوع على أصل المشكلة و من ثم حلها .. مهما كلف الامر ..
ثم غادرت المصنع مع سراج .. متجهة للقصر ..
بعيدا عن كل هذه الأجواء المشحونة ..
في خط حياة نادين ..
بعد فضيحة شاكر الأخيرة مع نادين و طلاقه من زوجته .. و انتشار الخبر .. عن وجود علاقة غير شرعية بين زوجته و ابنه .. توفي محمود الذهبي اثر الفضيحة بسبب ازمة قلبية ..!
نادين لم تهتم لوفاته ..
لقد ورثت كل شيء بل و حتى انها فرحت لنيلها حريتها دون ان تخسر شيئاً .. او تخطط لأي شيء !
كانت نادين تنوي ان تعمل حفلة كبيرة بمناسبة ميراثها الكبير الذي تلقته بدون ان تبذل حتى ذرة تعب فيه ..
ارادت هي ان تدعو في هذه المناسبة كل اصدقائها و احباؤها و حتى مرام .. لكن لخوفها من لوم الناس فقط.. كان عليها ان تنتظر انتهاء العدة فقط ..
لكن ...قبل ان تفعل نادين ذلك ببضعة ايام .. يزورها ضيف غير متوقع !!!
حمادة .. !!!
حمادة ٣١ عاما .. شاب طويل و اسمر البشرة .. فقير و لا يملك وظيفة ثابته .. هو في الوقت الحالي زوج اخت نادين الكبرى نهى ..
ولكن .. كيف تزوج حمادة من نهى ؟؟؟ و متى؟
قبل اكثر من عشرة سنوات
تزوج حمادة من نهى وهي اكبر منه بثلاث سنوات .. لقد تزوجها منذ فترة طويلة ..
قبل ان تتزوج نادين محمود الذهبي ..
الحقيقة ان حمادة كان على علاقة بنادين في البداية .. وهو اول شخص افتض بكارة طيزها في المنطقة وفي كل حياتها..
في ايام مراهقتها ..
كانت نادين فتاة شهوانية و شبقة جدا .. بنت لعوب .. و لأنها اجمل اخواتها كانت تفرح بجمالها وهي ترى تأثيره على كل من يراها في المنطقة ..
و كانت تحب الهدايا كثيرا .. ايا كان نوعها .. فكانت تهمس لهذا و تغمز لذاك و تبتسم لآخر و تجعلهم يطمعون فيها .. فلا تعطيهم اكثر مما تقرره هي .. مقابل تلك الهدايا ..
ولكن نادين كأي فتاة أخرى .. لديها رغباتها و شهوتها و كانت تريد ان تطفئ تلك الشهوات مع شخص موثوق و امين بالنسبة لها و تستطيع السيطرة عليه بنفس الوقت ..
فكان حمادة وقتها هو الخيار الأنسب .. هو شاب طائش صحيح و تعليمه متدني جدا .. ابن الحتة الكلاسيكي بكل عيوبه .. لكن كان فيه ميزة وحيدة فقط ..انه مطيع جدا لها وكتوم ايضا ..
فلو طلبت منه ان يكتم خبرا او حدثا ما .. كتمه لأجلها وان كان ذلك على حساب نفسه و ضد مصلحته ..
فأرادت نادين كأي فتاة ان تجد لها قضيبا يريح شبقها يطفئ محنتها عندما تحتاج لذلك.. دون ان تفضح نفسها..
و حمادة قد وقع عليه الاختيار .. مع إن الكثيرين كانوا يطمعوا ان ينالوا ربع حظه ..
فتعرفت نادين عليه و جعلته يحبها ثم منحته ما شاءت فقط .. وقت ما ارادت ..
و في وقتها .. كانت قدد قررت ان تذهب اليه في مكان وموعد المحدد ..
وهناك سلمته مفاتيحها .. فتعرت له تماما ليلعق كل شبر في جسمها قبل ان ترضع قضيبه ثم تسمح له ان يخترق دبرها لأول مرة .. و استقبلت لبنه في جوفها و هي تفرك كسها بيدها تقذف من شدة المتعة ..
لقد ارتاحت نادين له ..
خاصة عندما وجدته قد تفذ الامر و كتم كل ما حدث بينهم .. فتطورت العلاقة بينهم .. حتى تعودت نادين عليه و ادمنت قضيبه و عشقت لبنه .. وهو كذلك
ولكون بيت حمادة قريب جدا من شقتها .. فلقد كان يتفق معها كثيرا ان يلتقيا على السطوح و هناك .. كان ينيكها بسرعة .. يريحها و يرتاح ..
حتى اصبح الامر شبه تقليدي .. فكان كل ما يراها على السطح .. خصوصا في مساء يوم الجمعة .. كان يقفز نحوها .. يمسكها يحضنها يقبلها .. ينيكها .. يقذف فيها .. فيرتاح .. و يريحها مثل كل مرة!!!
حمادة كان يقفز كل اسبوع تقريبا على سطح البيت ليفرغ لبن خصيتيه في دبر نادين .. ثم يهرب .. كلص
لكن .. في يوم مشؤوم ..
قفز حمادة ليلا على السطح وظن ان نادين كانت هي من تنتظره .. مثل كل مرة .. فهو لم يرها جيدا بسبب الظلام ..
وبلا مقدمات قفز حمادة فورا ..وقف امامها في ظلام حالك .. حاول ان يعريها لينيكها فصارت تصرخ ..و تستنجد بأهلها وهو مصدوم متفاجئ من ردة فعلها و غير متوقع لها ..
و لسوء حظه .. صعد والدها و امسكه متلبسا .. ليكتشف حمادة عندها فقط انها لم تكن نادين .. بل كانت نهى اختها .. ولذلك هي صرخت و فزعت .. عندما حاول تعريتها !
عندما امسك ابيها حمادة معها متلبسا .. وقعت نهى على قدميه تقبلها تحلف له انها بحياتها لم تره ..
و الاب المسكين انكسر قلبه على ابنته .. فامسك حمادة من رقبته .. و قال له و هو يهدد برميه من السطح
الأب / يا تتجوزها .. يا تموت !
وهكذا خطب حمادة نهى مجبرا ثم تزوجها درءا للفضيحة و دون ان يتفوه بكلمة عن علاقته بنادين .. و نهى رضيت كذلك به .. في وقتها كان لا خيار اخر لديها ..
ولكن علاقته بنادين لم تستمر بعد زواجه من نهى .. لأن نادين حذرته كثيرا من خطر استمرار هذه العلاقة ..
و حتى بعد ان تزوجت هي من محمود الذهبي .. و سكّنت اهلها بشقة راقية .. لم تعد تبالي بحمادة اصلا
كان حمادة يزورها من حين لآخر طامعا بالمال و يذكرها بالأيام الخوالي ..
كانت نادين ترفض ان تهبه نفسها مرة اخرى .. لكنها تعطيه مالا فقط و تطرده ..
ولكن اليوم ..
شيء استثنائي سيحصل ..
شائت الصدف .. ان يقرر حمادة زيارتها اليوم في فيلاتها الفخمة .. طمعا في المال .. مثل كل مرة ..
نادين كانت تجلس في صالة الفيلا الخاصة باستقبال الضيوف .. تلبس ثوبا اسودا من الستن .. كشف تفاصيل جسمها كلها بسبب التصاق قماشه بجلدها الناعم..
دخل حمادة الفيلا .. ثم الصالة .. بعد ان عرفت نادين بقدومه و اذنت للخدم بإدخاله .. فدخل و كان ينظر اليها بعيون تفترسها .. و نظراته مليئة بالشهوة و الرغبة الشديدة ..
جلس حمادة قبالتها على كرسي فخم و عينيه ملتصقة بحلمتيها التي برزت من خلف قماش الستن بوضوح ..
حمادة وعينيه ملتصقة بحلماتها/ البقية فحياتك يا اخت مراتي!!!
نادين بانزعاج/ بتعمل ايه هنا يا حمادة ؟
حمادة يبتسم/ طب ع الاقل قوليلي حياتك البقية !
نادين تزفر منزعجة/ اففف .. حياتك البقية .. ارتحت دلوقتي ! هات مالاخر يا حمادة .. انت جاي ليه وعشان إيه؟
حمادة/ مالك يا نادين .. هو انت نسيتي العشرة كده بسهولة و كل الي كان ما بينا !
نادين/ مايصحش الكلام ده يا حمادة .. ما تنساش انك جوز نهى اختي ..
تلفت حمادة يمينا وشمالا .. كأنه لص يتأكد من خلو المكان .. ثم قال لها بصوت مريب
حمادة/ انت عارفة ان مشروعي الاخراني خسر .. و بقالي مدة بدور على شغل.. و طلبات اختك وعيالها ما بتخلصش ..
نادين نهضت من مكانها ضجرة و منزعجة .. و توجهت الى غرفة جانبية وهي تزفر منزعجة و حمادة كان يلاحقها بخفة ..
نادين/ انا عارفة .. حظي المهبب بقى .. اعمل ايه في بختي المايل ؟
بعد ان دخلت نادين الغرفة و توجهت لدولاب خشبي ..
سحبت حقيبة صغيرة من درج صغير تخرج رزمة من المال لتعطيها له ..
لكنها بشكل غير متوقع تفاجأت ان حمادة التصق بها من الخلف بقوة ثم امسك يديها من خلف ظهرها يمنعها من الحركة ..
نادين تقاوم و بغضب/ ايه الي بتعمله ده يا حيوان .. انت تجننت؟
حمادة كان يعاني من انتصاب شديد كاد يمزق بنطلونه .. شعرت نادين بحجم قضيبه المنتفخ حتى من خلف القماش ..
الصق حمادة نفسه بها يحرك حوضه بين فلقتي طيزها .. فاتضح انها لم تكن ترتدي شيء تحت الثوب
حمادة بشهوة/ احححح .. انا عايزك دلوقتي حالا .. مش قادر امسك نفسي ..
كان حمادة يدس انفه في رقبتها يشن عطر جسدها الشهي المختلط بأرقى البارفانات .. و لم يكن يملك سيطرة على نفسه ..
نادين حاولت ان تتخلص منه ..لكنه احكم قبضته عليها ..
و لحسن حظه ..ارتخت نادين قليلا بيده فلقد صار كسها يفرز عسلا بشكل فوري!!! .. أما دبرها فبدأ يرتخي مجهزا نفسه لكي يتم اقتحامه من قضيب حمادة ..
و مع كل ذلك غالطت نادين نفسها و تمنعت و تكبرت وهي تهدده بأن تنادي الخدم ليعلموه درسا لن ينساه..
لكن ما لم تلاحظه نادين ان صوتها كان يخرج واطئا .. و ارق من المعتاد !!!
نادين بصوت منخفض / سيبني بقولك .. لاحسن اندهلك الخدم يوكلوك علقة و يرموك بره ..
حمادة يعرف نقطة ضعف نادين .. لم يهتم لأي كلمة قالتها .. و بحركة خفيفة و سريعة رفع ثوبها الخفيف عن عجزها ليكشفه لعينيه ..
حتى رأى فلقتيها الطريتين العاريتين .. تشعان نورا من مكانهما لشدة بياضهما ..
بشرة نادين كانت ناعمة و طرية و تلمع لمعانا قل نظيره في كل اجزاء جسمها ..
حمادة فتح سوستة بنطلونه و اخرج قضيبه الطويل المتوتر بقوة شديدة .. و اراحه بين فلقتيها مباشرة ..
فشعرت نادين به .. فأصابها ذلك الشعور بجفلة مختلطة برعشة كهربائية صعقت كل جسمها .. فانتصبت حلمتيها رغما عنها و زاد افراز كسها معاندا لها و لكلامها
حمادة بلؤم/ .. يالا صوتي .. ايه الي حايشك ؟ .. زبري الطويل هو الي حايشك يا لبوة .. مش كده ..
نادين وجدت نفسها ترتخي و تستسلم ليدي حمادة العابثتين بها دون ارادتها ..
يديه الممدودة من خلف ظهرها تحركتا للأمام نحو صدرها .. امسك حمادة كلا ثدييها براحة و صار يفرشهما من خلف القماش برقة و سلاسة و يلاعب حلمتها .. وهو يستمع لصوتها الذي ترقق اكثر مع كل حركة جريئة يقوم بها
نادين في نقطة تحول و بضعف/ ما يصحش يا حمادة .. انا . اه .. امم .. انا .. اخت مراتك .. اااااه ..
حمادة بجرأة/ و هو ده الي مهيجني عليكي اكتر يا لبوة ..
صار حمادة يخرط بقضيبه بين فلقتيها حتى غطس بينهما اكثر ..و بالتدريج .. لمس دبرها برأس حشفته .. فشعر ان دبرها كان ينبض بقوة .. منقبضا و متسعا على شكل موجات .. كأنه يريد ابتلاع زبره كله فورا ..
حمادة كان يعرف ان نادين مازالت عذراء .. ليس منها مباشرة .. لكن من بعض صديقاتها المقربات .. الخبر كان معروفا عند عدد لا باس به من الاقارب و الاصدقاء ..
ولذلك فأنه لن يجازف بهتك شرفها ابدا .. سيظل في منطقة الامان بالنسبة لكليهما ..
استغل حمادة ضعف نادين النسبي .. فراح يدفع بقضيبه الصلب بوسط حلقة دبرها الطري المرتخي .. فغابت حشفته بسهولة مع افلات نادين لتنهيدة .. و سرعة استسلامها و اندماجها معه ..
حمادة/ يا بنت الأيه؟ ده بقى واسع ع الاخر يا لبوة .. هو انت ما بتريحهوش خالص؟
نادين باستسلام ولكن برفض كاذب/ يوه بقى .. ما تخلص و تخلصني في نهارك الي مش فايت ده ! ااااااه ..
حمادة يضحك/ اه يا لبوه يا منيوكة يا بلاعة الازبارة ..
يا الي خرمك اتقلب بيت دعارة
ثم راح يحرك قضيبه داخل دبرها و يمسك بنهديها يلاعبهما بقوة . فصار حمادة يعمل كمكبس سريع .. ذو خمسة اسطوانات .. ثلاثة تحت< زبره وخصيتيه> و اثنان فوق .. < يديه> حتى كاد يمزق نهديها من شدة فعصه لهما .. الامر سبب لذه قصوى لنادين التي كان الامر ينعكس عليها بأن تفضح نفسها من خلال ارتخاء دبرها اكثر .. فاصبح دبرها جائعا يريد ان يبتلع قضيب حمادة وحتى خصيتيه .. !
فقدت نادين رباطة جأشها .. و حررت احدى يديها من قبضة حمادة لتمدها تحت و تداعب كسها عابثة بشفرتيها .. وهي تأن و تتاوه متمتعة بالآلام التي يسببها لها حمادة في كل موضع .. صدرها و دبرها .. فكانت تتمتع بشدة بما يفعله بها .
لم يطل الامر كثيرا .. حتى سمعته يتأوه بقوة و يزفر خلف اذنها { جبتهم في طيزك ااااااحححححح}
فشعرت بلبنه الساخن قد ملأ كامل مستقيمها .. كان كثيرا و كثيفا و حارا جدا حتى شعرت انه كواها من الداخل ..
فارتعشت بقوة و هي تعبث بكسها لتقذف .. شلالا من عسل ..و هي تهز ساقيها مرتعشة ..متشنجة .. و مرتاحة .. جدا ..
كلاهما وصلا لقمتهما بنفس التوقيت .. لكنهما لم يتوقفا بل واصل حمادة رهزه البطيء في دبرها وواصلت نادين اللعب ببظرها متمتعة ..
بعد قليل هدأ كليهما .. و سحب حمادة قضيبه من طيزها ليحرر قسم كبير من لبنه كان متجمعا في مستقيم نادين .. ليلوث فخذيها و يسقط قسم منه على الارض ..
بعدها .. لفها حميد باتجاهه وهما واقفين .. فيما كانت نادين مستسلمة له بشكل غريب ..
فتجرأ حمادة ليضع شفاهه على شفتيها . و الاغرب ان نادين تجاوبت لقبلته وبادلته قُبل اكثر .. استمرت دقائق عديدة..
حتى قطعها حمادة وهو يقول لها وهو يحضنها ومن بين القبل/ .. اه يا لبوة .. لسه زي ما انتي ما تغيرتيش .. عمر الانسان ما يتغير حتى لو دلعته الفلوس ..
ضحكت نادين له / شايفاك بقيت بتقول حكم ؟ ايه .. الي حصل .. مش عاجبك؟
حمادة/ لا .. مش عاجبني ازاي .. ده عاجبني ونص ..
نادين/ ماتجيش مرة تانية من غير موعد .. انت فاهم !
فرح حمادة كثيرا بجملتها هذه .. فهذا يعني عودة علاقته مع نادين وانه سيتمكن مجددا من نيكها كلما اراد ..
نادين .. شخصية شبقة جدا .. يثيرها الالم لكن ليس الى مستوى مجنون .. و تثيرها العلاقة المحرمة اكثر من اي علاقة اخرى ..
و رغم انها تمتعت كثيرا مع حمادة .. لكن .. كان هناك شخص آخر في بالها !! تريده ان يضعف امامها .. و ستبذل كل جهدها لتحقيق هذا الهدف!!!!!! فمن يكون هذا الشخص يا ترى ؟
بعيدا عن هوس نادين ..
في خط حياة رامي
بعيدا عن القصر ..
خرج رامي و قصي من المصنع بعد ان تركتهما مرام .. ثم ذهبا الى نفس المقهى الذي اجتمعا فيه لأول مرة ..
رامي و قصي .. اجتمعا ثانية في لقاء سري جديد ناقشا فيه تطورات ما حصل في المصنع ..
يبدو ان ما حصل في المصنع كان يصب في صالحهما بوضوح كبير ..
انهى رامي و قصي جلستهما البسيطة المتواضعة .. و التي اعتبراها حفل اول انتصار لهما .. ثم ودع قصي و هو يشد على يده .. مباركا و مسرورا حصدهما اول نجاح مشترك !
وفي طريق عودته للقصر .. ورد رامي اتصال دولي من اوربا .. من ابيه آسر!!!!
آسر/ ازايك يا محسن؟؟
يتبع
مع تحيات اخوكم الباحث
الجزء السابع
{ هل صحيح ان الفرص لا تتكرر ؟ }
تكملة
آسر/ازايك يا محسن؟؟ .. وحشتني بجد يا محسن يابني ! فينك ؟ .. انت طولت الغيبة اوي
رامي/ بابا ؟ لسه مُصر انك تسميني محسن!
آسر/ ماهو ده اسمك يابني .. اسمك مزعلك في حاجة يا محسن؟
رامي/ .. ما مزعلنيش يا بابا .. بس ماما طول عمرها بتحب تسميني رامي .. انا عجبني رامي خلاص ..
آسر/ و هو رامي ده .. مش كان اسم اخوك الي تولد قبلك .. **** يرحمه !
رامي/ ما انا عارف ده يا بابا .. عارف كويس
آسر/ ليه كده بس يابني .. هتفضل تهرب من اسمك الحقيقي .. ليه
آسر/ .. انا ما بهربش يا بابا .. صدقني انا بعمل كده عشان ابسط امي .. هي بتبقى مبسوطة لما تناديني بالإسم ده .. انا مش مستعد ازعلها في اي حاجة يا بابا .. دي شقيت و تعبت كتير عشاني ..
آسر باستسلام/ زي ما تحب يا محسن .. ولا رامي .. المهم انك ابننا ضنانا ..
رامي/ **** يخليكم ليا انت وماما .. بس هو فيه حاجة ؟ انت كويس؟
آسر/ .. يابني .. انت وحشتني اوي ... انا .. انا ابتديت اقلق عليك .. ما تسيب كل حاجة وترجع لنا؟ .. ده خير **** كتير و الاملاك الي سابهالنا جدك .. محتاجالك هنا عشان تديرها .. لسه عندك شركة الاستيراد و التصدير .. و لسه شركة اليخوت .. و شركة توكيل العربيات .. يابني .. انا هلاحق على ايه لا وايه بس ..
سيبك من الفتافيت الي سابها جدك لمراته ..وتعالى ارجع لحضن اهلك ..انا محتاجلك يابني .. محتاجك تقف معايا و تشيل الحمل عني ..
رامي بقليل من ندم/ .. هانت يا بابا .. هانت صدقني .. ما فضلش الا القليل .. كلها شهر ولا اتنين وهرجع ليكم و انا رافع راسكم و المصنع هايبقى متسجل باسمي ..
آسر بضجر/ يغور المصنع و أصحابه .. يابني احنا مش محتاجين للمصنع ده .. انا ابتديت اخاف عليك وانت لوحدك هناك ... سيب كل حاجة من ايدك يابني و ارجع حالا
رامي / ماقدرش يا بابا .. ماقدرش !
اسر/ و ماتقدرش ليه ..؟ ها ؟
رامي/ ماقدرش ارجع من غير ما افرح امي .. صعب اوي يا بابا ..
آسر باستسلام / **** يهديكو انتو الاتنين .. ماعرفش اقولك ايه يابني .. بس اقولك .. بلاش تتاخر علي .. هو انا ما وحشتكش .. طب ماما مش واحشاك ؟
رامي يكاد يبكي/ واللهي وحشتوني موت .. بس كلها شهر و هبقى عندكم و اشبع منكم و تشبعوا مني
آسر/ آمين يا رب .. طب خلي بالك من نفسك يا محسن..
رامي/ حاضر يا بابا ..
انتهى الاتصال ..
ثم توجه رامي الى القصر .. رأسه مثقل بالأفكار المتزاحمة .. يعاني مابين الحنين لأهله .. وبين الانصياع لرغبة امه و تحقيق هدفها !
بعيدا عن كل هذا ..
هناك رجل .. يمشي ببطيء و راسه مطاطا نحو الارض .. معزول عن العالم مع نفسه .. لا يشعر باي شيء يحدث حوله ..
كان يمر بحالة تشبه الهلاوس البصرية .. يرى خيالات و صور متفرقة تمر من امامه ..بعضها يخطفه بسرعة و اخرى تطيل بقاءها امام عينيه ..حتى تحجب الرؤية عنه .. سعيدة و حزينة و غاضبة و هادئة .. جميلة و قبيحة .. هكذا كان شكل تلك الصور المعبرة عن ذكرياته .. تتقافز امامه ..
فجأة سمع صوت منبه موتوسيكل .. كاد ان يصدمه وهو يعبر الشارع بلا اي انتباه ..
/ ما تحاسب يا اخينا؟؟؟ مش تفتح وانت معدي الشارع؟
لكن هذا الرجل .. لم يجبه .. نظر له بنظرة خاوية فاقده للحياة حتى بدت كأنها نظرة من عيون رجل ميت .. ثم اكمل طريقه غير مبال .. حتى ان السائق الغريب شتمه قبل ان يقود مبتعدا ..
ولم يعره اي اهتمام ..
واصل هذا الرجل مسيره الملحمي .. الذي يشبه مسير فرسان العصور الوسطى بعد معركة خاسرة .. حتى اخذته قدميه الى منطقة شعبية .. قديمة ..
دخل شوارعها الضيقة .. حاراتها القديمة المشبعة بضجيج المارة و منبهات السيارات الصغيرة التي تكافح فيها لشق طريقها .. و صياح الباعة المتجولين .. و مختلف الروائح و الادخنة الملتحمة في قبة السماء ..
واصل مسيره .. حتى وصل الى ناصية الشارع ..حيث يفترش بعض الباعة المتجولين الارض .. يبيعون خضارا او اشياء اخرى .. فالقى بنظره عليهم .. كأنه يبحث عن شخص يعرفه .. او كان يعرفه .
هز راسه مبتسما بحزن .. و بضيق اكبر .. التف عائدا .. يبحث في الابنية المختلفة عن دار قديمة آيلة للسقوط .. فوجئ اذ وجد اخرى قد بُنيت بدالها .. فتبخرت كل ذكرياته المتعلقة بهذا الدار .. فحاول امساكها .. لكن الصورة للدار الجديدة شدت انتباهه اكثر ..حتى نسي ان يركض خلف ذكرياته !!!
عندما يأس من الدار .. التفت مجددا .. يسير في اتجاه آخر .. بعض المارة يطالعون بفضول هذا الرجل الغريب .. بعضم شبه عليه .. و اخرون عرفوه ..لكنهم تجاهلوه ..
كثير منا يفعل ذلك عندما يرى شخصا ربما كان يعرفه من زمن طويل ..
واصل الرجل مسيره ..حتى وصل الى بناية كبيرة .. كادت ان تناديه فور ان وقف امامها ..لكثرة ما امضى فيها من ايام ..
لقد تغير كل شيء فيها .. لم يعد هناك صالون حلاقة ارضي ولا عيادة في الطابق العلوي .. لقد حولها صاحب الملك الى عمارة سكنية بترميم خجول .. كشف اضرارا في البناء اكثر مما غطاه!!
تعب الرجل من المسير ..شعر بنفسه غريبا عن كل من حوله .. ضاق نفسه كثيرا .. كيف خدعته الذكريات ليزور مكانا لم يعد نفس المكان .. في زمان مختلف جدا عن ذاك الزمان ..؟
سرح مع نفسه كثيرا .. وهو ينظر للمحلات المختلفة .. فشد انتباهه قطعة صغيرة معلقة فوق محل ضيق جدا بالكاد يتسع لمكتب صغير و شخص يجلس خلفه ..
على القطعة مكتوب < سمسار> ..
القى التحية على الرجل الستيني الذي كان يجلس في المكتب .. يترنح على كرسيه الدوار كأنه مدير عام .. يدخن النرجيلة بخيلاء واضحة ..
السمسار/ اهلا يا اخينا .. اتفضل .. استريح
جلس الرجل بصمت .. ينظر للمكان القديم ذو الجدران التي تساقط عنها الصبغ الزيتي السميك كقشرة سميكة من الجلد ..
السمسار طلب شايا للرجل ثم قال له/ محسوبك عوض .. اكبر سمسار في الحتة دي .. وفي كل حتة كمان .. و عندي بيوت .. عمارات .. فلل .. محلات .. اي حاجة حضرتك محتاجها .. تلاقيها عندي .. سواء كنت عايز في الحتة او بره الحتة ..
الرجل/ .. عندك اوضة مفروشة للإجار!!!
غريب .. منظر الرجل كان يدل على انه ابن عز .. طلبه فاجئ السمسار عوض
عوض/ .. العفو حضرتك ..ما تشرفتش بالأسم!
الرجل/ أسامة!!!!!!! أسامة شوكت!!!!
عوض / عاشت الأسامي يا بيه .. بس شمعنى حضرتك محتاج لاوضة؟
اسامة بانزعاج/ .. الاقي عندك ولا امشي من هنا اشوف حد تاني غيرك!!
عوض/ حيلك حيلك يا بيه .. انت عصبي كده ليه .. بالراحة عليه بس !
أسامة/ يعني الاقي عندك؟
عوض/ طبعا تلاقي .. طلبك موجود عندي ..
أسامة يقاطعه/ انا عاوزها حالا .. اللية لو ينفع!
عوض مستغربا/ ايه .. بس المسالة ما تمشيش بالشكل ده يا اسامة بيه .. لازم نروح الاول و نشوف الاوضة . يمكن تعجبك او متعجبكش !
أسامة/ مش مهم .. المهم انها تبقى في الحتة دي .. وقريبة على ناصية الشارع ..
عوض/ فيه موجود يا سعادة البيه .. بس الأوله شرط اخره نور .. انا عمولتي اجار شهرين ..
اسامة غير مبال/ موافق !!!
ذهب السمسار و اسامة الى غرفة بسيطة تقع فوق محلات قديمة في الشارع الرئيسي للحارة القديمة .. نفس المنطقة التي كان بيت بديعة و عائلتها تقع فيها .. و كانت تطل على نفس الشارع الذي كانت بديعة تفترش ارضه لتبيع الخضار .
اثناء معاينته للشقة .. اخذه الفضول ليطل من على الشرفة ..
كان اسامة بالكاد يحبس دموعه وهو ينظر من شرفة الغرفة الصغيرة نحو هذا المكان ..وكأنه سرق حياته كلها وليس قلبه فقط ..
هل كان تعلقه ببديعة تعلقا مرضيا فعلا ..ام تحول ذلك فيما بعد الى حب جنوني لا يشبه شيء اخر؟ .. حب مخيف اناني جدا ..اكتسح كل من حوله و أذاهم في سبيل بقاءه و ديمومته؟
عوض/ ها يا بيه .. ايه رأيك؟
اسامة بسرعة/ هاخدها ..
ثم اعطى اسامة رزمة من المال للسمسار .. وهو يخرج ..محملا بكثير من التساؤلات التي لم يجد لها اجابة .. لكنه كل ما همه في نهاية الامر هو كم المال الذي حصل عليه من هذا الرجل الغامض ..
لقد ترك أسامة كل شيء خلفه .. كل شيء حرفياً .. زوجته.. ابنه.. مهنته .. كل شيء.. و استمع لنداء روحه فأخذته قدميه الى المنطقة القديمة .. حيث بدأ فيها كل شيء ..
كان المساء على وشك الحلول .. منظر الغروب هنا مختلف عن اي مكان آخر عهده اسامة ..
لم يهمه كم كانت الغرفة قديمة و رطبة و رائحة ماضيها القديم انبعثت من بين خشب اثاثها الذي اثقلته و انهكته السنين .. ولا همه السعر الذي كان مبالغا فيه نسبة لحالتها ..
كل ما همه .. ان فيها فراش يتحمل ثقل جسمه ..ليريح جسده المنهك عليه .. و مصباح واحد ذو إضاءة خافتة .. كي لا يتعثر ليلا وهو يدخل اليها او يخرج منها ..
والشرفة الصغيرة .. التي كانت تطل على الحارة ..
كان هناك راديو عتيق في الغرفة .. من حسن حظه انه كان يعمل ..
فشغله أسامة يبحث عن اي صوت يؤنس وحدته ووحشته .. و بالصدفة البحت وجد اذاعة تبث اغنية للعظيم عبد الوهاب .. في اغنيته الخالدة < من غير ليه> و كانت عند هذا المقطع تماما
{ زي ما رمشك خذ ليالـــــــيّ وحكم وامر فيها وفــــيَ
ولقيت بيتي بعد الغربة وقلبك ده وعيونـــك ديّ
ولقيت روحي فأحضان قلبك بحلم واصحى واعيش على حبك
حتى فى عز عذابي بحبك عارف ليه .. من غير ليــه}
فأدمعت عيناه .. و لم يحبس دموعه .. بل حررهما فورا .. ليشهق باكيا على نفسه ..وعلى ما حصل له ..
لطالما كان يسأل نفسه ..لماذا القدر اختاره ليعيش كل هذا و يختبره .. فكان يقول مع نفسه < ليه انا .. ليه؟> .. ولكن .. الاغنية اجابته ..
< من غير ليه !>
في نهاية اليوم ..
اوى اسامة الى فراشه العتيق .. مثبتا نظره في سقف الغرفة المهترئ .. و قد سرح مع نفسه قليلا ..
فجأة زارته ذكرى مهمة ..
بكل تفاصيلها ..
استرجع ذكريات واحد من اهم اللقاءات التي جمعته ببديعة قبل بضعة سنوات .. من قبل ان يفتك بها المرض و يسرقها منه ..
فلاش باك
قبل بضعة سنوات ..
بديعة تصرخ/ ااااه .. اممم .. هجيبهم .. هجيبهم خلاص ..
اسامة تحتها مطبقا فمه على كامل كسها بصعوبة/ عق ..عق .. هاتيهم ..عق . في ..عق .. بقي .. عق .. عق ..
صرخت بديعة/ ااااااااه .. اااااه ..اممممممممم ..
وهي تقلص نفسها تطبق كسها اكثر على فم اسامة وانفه فكاد يختنق ..
كانت بديعة عارية تماما ..متعرقة بحيث كان جلدها كله يلمع من شدة العرق .. بجسمها الكبير و لحمها المترهل و اثدائها النازلة على بطنها .. تجلس بكسها الكبير على وجه اسامة .. الذي كان مستلقيا على ظهره ..فيما تشبثت بديعة بحافة السرير الخلفية وراء رأسه و هي تقرفص فوق وجهه ..
لقد طلب منها اسامة في وقتها ان تقوم له بهذا الوضع المميز رغم صعوبته عليها و ثقلها عليه .. لكنه كان يسند ثقل جسمها بذراعيه من تحت فلقتيها حتى انفرجتا جدا .. مسببة الما لذيذا لبديعة و بنفس الوقت .. باعد ذلك بين شفرات كسها الكبير و فتح فوهته على اتساعها .. الفوهة التي خرجت منها زوجته للدنيا .. احلام!!!
كان اسامة يلعق كسها بنهم .. بجنون غير مسبوق .. مداعبا قرطها الفضي بلسانه و اسنانه .. كأنه ادرك ان هذه السعادة لن تبقى و تدوم للأبد .. فكان يستغل كل لحظة مع بديعة .. ابشع استغلال ..
بديعة كانت تتحرك جيئة و ذهابا بحوضها على وجه اسامة مستندة لحافة ظهر السرير بيديها .. تحرك كسها و دبرها .. كل عجانها فوق انفه وفمه ووجه فمرغته بعسلها .. و هي تكاد تطير من السعادة بسبب دغدغة لسان اسامة .. المتنقل ما بين فتحة كسها و فتحة دبرها .. داخلا فيهما كل مرة
حتى قذفت بقوة تفرغ عسلها كله بفمه .. متلوية كأفعى من شدة شهوتها والمتعة التي نالتها للتو .. حتى سقته آخر قطرة جاد بها كسها .. ليشربها فمه بنهم !
بعد لحظات من الهدوء و الارتخاء .. سقطت بديعة بجسمها فوقه تقبله.. قبلة فرنسية طويلة .. اسامة كان يمص لسانها بجنون و يتنفس انفاسها التي كانت تخرج من انفها مباشرة .. ليحرقها في صدره ..
بعد ذلك قلبها اسامة تحته .. وواصل تقبيلها و حضنها بقوة .. ضاغطا كل لحمها الطري و شحوم صدرها تحت ضغط صدره المشعر .. و قضيبه كان يداعب قرط كسها الأملس تماما .. يثيرها متعمدا ..
بديعة كان جلدها كله يلمع .. املس كالحرير .. لكثرة طلب أسامة لها للجنس بشكل شبه يومي .. لم تعد تجد وقتا لتعمل حلاوة لجسمها .. فطلبت منه ان يساعدها في اجراء عملية ليزر لكل جسمها وخاصة كسها و دبرها وابطيها ..
وهو من عمل لها ذلك بنفسه .. بعد أن استأجر عيادة ليزر خاصة يملكها صديق له .. بل ووصلت بهما الجرأة لأن تطلب بديعة منه ان يعمل لها تاتو خاص في دبرها بنفسه .. و كتب عليه حول حلقة دبرها < مُلك اسامة>
نعم .. هو اجرى لها الليزر بنفسه .. فأسامة كان يغار على بديعة التي كانت تعني له اكثر من كونها خليلة او عشيقة او ام زوجته .. هي كانت تعني له كل شيء !
فيما كان اسامة فوقها ..
ادخل قضيبه المتوتر ببساطة وسلاسة في كسها النهم مرتاحا لهذا الشعور الجميل ..
كم ناك احلام ..بكسها الشاب الضيق .. لكنها لم تمنحه مثل احساس كس امها حول زبره.. ابدا
لم يرهز اسامة بكسها ..اكتفى بذلك الآن .. ثم قطع القبلة .. نظر لها مركزا في عينيها وقال
اسامة بلحظة صدق/ انا بحبك .
بديعة تبتسم .. مرتاحة لكلماته التي تزامنت مع الشعور الجميل الذي نالته من قضيبه الذي ملأ تجويف كسها الرطب ..
بديعة/ قصدك تحبها هي ؟ < تقصد أمه المتوفية>
اسامة صار يحرك قضيبه فيها بشكل خفيف متمتعا بدفء كسها و رطوبتها الغزيرة و ملمس جلدها و لحم صدرها الطري تحت صدره
اسامة/ لا .. انا بحبك انت .. انت يا بديعة ..
ابتسمت له بديعة غير مصدقة لكلامه / انت تتكلم بجد ولا عاوز تهيجني و تهيج نفسك وبس !!
اسامة كان جادا في تلك اللحظة .. ترك نفسه تنوب عنه ..و ترك قلبه يتكلم بدلا من لسانه .. كان هو نفسه يجهل السبب
اسامة/ انا بعمري ما كنت جد زي النهاردة ..انا بحبك .. بحبك انتي يا بديعة !!!
كلماته كانت صادقة جدا و بديعة شعرت بصدقه و صدقها لدرجة لامست شعورها الانثوي ..
فانتفضت كلها من راسها حتى اخمص قدمها .. تقذف بقوة .. عضلات كسها التفت بقوة حول قضيبه كأنها تشفطه للداخل ..تريد انتزاع لبنه منه الآن ..
الكلام مع انه كان رومانسيا و صادقا ..الا انه اثار بديعة لدرجة فقدت فيها كل سيطرة على جسمها و حلماتها و كسها و انفاسها وصوتها .. كل شيء في جسمها .. انتفض من قوة الرعشة .. فقذفت بديعة شهوتها مغمضة عينيها تفلت آه طويلة .. تكاد تكون صرخة من قوة قذفها وهي تحته ..
حتى بدت كأنه أُغمي عليها بعد ذلك !!!!
استفاقت بديعة بعد قليل .. معتذرة!
بديعة/ و انا بحبك كمان .. انا بعبدك .. انا بتاعتك انت يا اسامة.. وانت بتاعي انا كمان .. انا و بس ..
انا ..انا اسفة .. مكانش المفروض اجيبهم .. < تقصد المفروض ان تبادله الشعور بنفس الكلام .. لا ان تهيج و تقذف >
ابتسم اسامة و مازال زبره يغلق فوهة كسها وهو يلهث/ .. بتعتذري ليه .. ده واحد من الحاجات الي حببتني فيكي .. و خلتني اتجنن بحبك!
ابتسم اسامة لها بحب قبل ان يحرك بقضيبه مرة اخرى بسرعة وهو يعود يقبلها و لينيكها بقوة وسرعة ..
ثم انتقل لرقبتها يشمها و يهمس كلمات حب بأذنيها و هو يواصل رهزه السريع فيها ..
فيما كانت بديعة تهيجه/ هاتهم ..هاتهم فيه يا حبيبي .. عشان هجيبهم معاك مرة تانية ..هاتهم ..!!!
جن جنون اسامة و تحول نحو كرة ثديها يعصرها بيده والكرة الاخرى التقمها بفمه يرضعها رضاعا .. وزادت سرعة رهزه لها ..
فجأة رفع يديها فوق راسها كاشفا ابطيها الاملسين اللامعين من العرق ليدس وجهه وفمه في أحدهما . و يستنشق عطرها منه ويرتشف عرقها كأنه ماء الحياة ..
حتى وصل لذروته ..و قذف اول دفعة من لبنه مستقرا في كسها ..
و بديعة ارتعشت مرة اخرى معه تقذف بقوة و كسها ذو العضلات القوية التي نمت بفضل كثرة نيك اسامة لها .. تقلص بقوة مرة اخرى حول قضيبه ليحلب كل قطرة لبن منه .. و يعطيه احساسا لم ينله الا معها ..
بعد ان هدئا قليلا ..
بديعة من تحته بقليل من دلع/ بجد بتحبني انا يا اسامة؟
اسامة بكل جد/ بجد .. اقسملك ان عمري ما كنت جد زي دلوقتي ..
بديعة/ بس انا كبرت و داخلة ع ال٦٠ .. هو ده معقول يا اسامة.. ؟
بديعة كانت تعني .. انها كبرت حقا .. و المنطق يقول العكس .. الحب قد يختفي في مثل هذه المرحلة ..
لكن اسامة بكل ثقة قال/ مش مهم ٦٠ ولا ٧٠ .. جسمك ده عاجبني .. ، و المهم الي جوا الجسم ده .. انتي بديعة .. انا بجد بحبك وهفضل طول عمري بحبك
هذا الكلام اثلج قلب بديعة الذي كان يحترق بالنار لسنين طويلة فقط لتسمع هذه الكلمة منه . .
بديعة بقليل من لؤم/ طب و احلام ..!!!
اسامة/ احلام مش عارفة ولا هتعرف ..احنا هنفضل نحب بعض و بس ودي اهم حاجة هنعملها.. طول عمرنا ..
بديعة نظرت له/ انت عارف كويس اني بحبك اكتر من روحي .. بحبك من اول يوم اغتصبت خرمي في العيادة و مليته لبن .. مش لأني كنت هايجة .. ابدا .. لأني بجد حبيتك و كان نفسي انك تحبني زي ما بحبك ..
كان نفسي اني ابقى ليك وحدك .. وانك تبقى ليا ..
اسامة/ يا حبيبتي احنا فيها .. اديني بعترفلك اني بحبك انتي .. انت ليه مش مصدقاني ؟
بديعة/ عشان خايفة ..
اسامة/ من ايه ؟
بديعة/ فاكر ولا نسيت!!!!
تقصد يوم ان هجرها ببساطة و ذهب ليتزوج ابنة صديق والده لكنه فسخ الخطوبة وقتها ثم تعلق بأحلام دون ان يعلم انها بنتها..
صمت اسامة لأنه ادرك ان بديعة لديها كل الحق ..لكنه تدارك نفسه اخيرا وقال/ اقسملك بروحي .. عمري ما هسيبك بعد كده ابدا .. انش**** اموت لو عملت كده
بديعة وضعت يدها على فمه/ اششش .. بعد الشر عنك يا قلبي .. يجعل يومي قبل يومك !!!
(و كأن دعائها قد أًستجيب!!!!)
بعد قليل .. عاد اسامة يقبلها قبلا رومانسية طويلة وهو يداعب ثديها الكبير ..
بديعة وهي مستمتعة بلمساته/ عارف يا حبيبي ..انت خليت الأم تغير من بنتها .. انا نسيت اني امها ، زي ما يكون هي بقت ضرتي!!!.. بقيت عايزاك ليه انا وبس .. مافيش وحدة تانية تشاركني فيك .. حتى لو كانت بنتي!!!
اسامة/ طب ما انا ليك وعشانك ..
بديعة/ تصدقني لو قلتلك .. بغير منها ؟ .. ياريتك ما تلمسهاش ابدا!!! ماقدرش اتحمل الفكرة دي .. بتكويني بنار لو تخيلتك انت بتلمسها !
اسامة بقبول/وانا فعلا ما بلمسهاش يا حبيبتي .. انا فعلا بعمل كده .. صدقيني .
كأن هذه الاجابة لم تكف طمع بديعة وطموحها حتى عادت تقول له
بديعة/ بغير منها .. حتى وانت نايم جنبها .. بغير ..!!!
اسامة / .. مجنونة !
بديعة بدلع/ عشان بحبك اكتر من نفسي ..
اسامة/ وانا مش خلاص اعترفتلك اني بحبك انت وبس .. مش مصدقاني ؟
بديعة بدلع/ لا .. مش مصدقاك !!
أسامة/ طب اعملك ايه عشان تصدقيني؟
بديعة بإغراء وهي تحرك حوضها تحته و توجه دبرها نحو رأس زبره
بديعة/ وريني هتعمل ايه في الي بتحبها ..؟
اسامة باثارة/ ..ده انا هوريكي ..
فينيكها فورا في دبرها نيكة جنونية و هي تصرخ تحته و تسمعه اوسخ كلام يهيجه و يرتاح له .. فصار يضرب نهديها بقوة وهو يرهز بدبرها وهي تشجعه على فعل المزيد .. حتى قذف في طيزها .. و قذفت معه ..
كل منهما يصرخ بأسم الاخر و بكلمة < بحبك> و هما يدخلان عالما آخر .. مكون منهما هما فقط .. !!!
نهاية الفلاش باك
استيقظ اسامة صباحا .. كان يشعر بنوع من السعادة .. بسبب هذه الذكرى التي جعلته يحلم ببديعة و يحتلم بها ..
لكنه ادرك بعد لحظات انها لم تعد موجودة.. فعاد له اكتئابه بسرعة ..
بعد مرور ايام
و رغم صراعه النفسي .. و ادراكه بأنه تحول لإنسان ظالم و جاحد للنعمة ، فلقد ترك بيته و زوجته وابنه!!! و حطم زواجه بأحلام للأبد.. لكن .. مازال سِحر بديعة يجعله مشدودا لعالمها بقوة
كان اسامة يتمشى بلا هدف .. بين الطرقات و الاسواق .. حيث الناصية التي كانت تبيع فيها بديعة الخضار ! ..
ثم يعود يدور في جميع الاماكن القديمة و حتى مكان عيادته المشبوهة .. كان يلف هنا وهناك بلا هدف ..
دخل اسامة في مرحلة من اللامبالاة وانكار الذات ..لم يعد يهمه أحد .. ولا حتى نفسه
لقد فقد كل احساس لديه ..و اقترب فعليا من حافة الجنون ..
من حسن حظه .. انه ما زال يستلم مساعدات ابيه المالية عبر الماستر كارت ..
استقر أبيه السيد شوكت في الإمارات .. و قل تواصله به كثيرا حتى انه سمع بزواجه من فتاة تصغره كثيرا ..
لم يعد شوكت يهتم كثيرا بإبنه .. ابنه الذي يأس منه و رأى ان لا أمل فيه .. فكان يؤدي دوره فقط تجاهه كرعاية ابوية .. و يوفر له نصيبه من المال
لقد ادرك أسامة ان عودته للحارة القديمة .. كانت تُعبر عن ارادته بأن يظل يعيش على الاطلال .. والذكريات .. فقط
كان يستهلك وقته بأشياء محدودة .. فلقد اكثر من الدخان والخمر .. والانغماس في الحزن والقهر ..
لم يكن يخرج كثيرا .. كان معتكفا في غرفته مقاطعا لأغلب الناس .. حتى اعتبره بعض المقربين منه انه ميت بالنسبة لهم .. لكن اسامة لم يكن ميتا .. بل كان يعيش على ذكرياته المجنونة مع بديعة .. وحدها تلك الذكريات من تدفعه للعيش
ظل اسامة يدور في حياته العابثة والتافهة هذه كما يدور في حلقة مفرغة ..
حتى .. جاء يوم ..
تغير فيه كل شيء !!!
صدفة ..
في احدى جولاته وتجواله الروتيني في الحارة ..
رأى اسامة امرأة كبيرة بالعمر يبدو عليها الوقار و العفة .. قد جلست مكان بديعة القديم لكنها كانت تبيع اشياء اخرى بسيطة .. من ضمنها مواد تنظيف ..
كان مكان بديعة خاليا اغلب الاوقات .. و احيانا يرى باعة مختلفين فيه .. لا احد يثبت في هذا المكان ..
هذه المرة .. استحوذت هذه السيدة على اهتمامه .. و جعلت نظره مشدودا اليها ..
لقد كانت سيدة عادية جدا .. تكاد تبلغ الخمسين عاما .. ممتلئة الجسم .. محتشمة جدا بصدر و عجز كبيرين جدا .. ووجه مستدير .. كل شيء فيها مشابه لما يحلم دوما به .. كأن تلك المرأة بالذات سقت بذرة روحه التي ماتت يوم وفاة بديعة .. فأحيتها من جديد ..
شيء ما اوقد النار في موقد قلبه .. بعث الدفأ في روحه المتجمدة عندما ظل يركز نظره في وجهها المستدير .. المنير ..
كأنها اعطت صورة تقليدية للأمهات الكادحات في الحياة ..
لكن اسامة .. وجد نفسه يتجه اليها دون وعي .. حتى وجد نفسه يقف امامها .. وهي جالسة على الارض .. عند مستوى قدميه
انتبهت السيدة له .. رفعت راسها من مكان جلوسها نحوه .. ظنت انه يريد شراء شيء منها ..
السيدة/ تفضل يابني .. عندي كل حاجة تحتاجها بسعر رخيص .. تفضل !!
لم يخطط اسامة لفعل اي شيء .. ولم يستعد لأي كلام لحظتها .. لكن وجهها المستدير جذبه و شده فشعر بارتياح كبير و غريب لم يعهده من قبل !
اسامة بتردد/ ها ..اه .. هم دول يطلعوا بكام ؟
السيدة/ دول ب ٥٠ بس
اسامة/ طب .. انا .. انا عاوزهم كلهم ..همه و دول كمان .. كلهم .. !!
السيدة رغم فرحها بحماس لأنها ستبيع كل ما لديها لكنها ظلت مستغربة لفعل اسامة؟
السيدة/ ..ايه؟ بس دول كتير؟ انت هتعمل بيهم إيه يا بيه؟
اسامة/ اصل انا ساكن في اوضة اخر الشارع ..والاوضة ريحتها وحشة وياعالم لو دول كفوني انظفها و يروحوا ريحتها الوحشة .. ولا لأ!!!
ضحكت السيدة لكلام أسامة/ ياه ..قد كده الاوضة وحشة! طب ما تجيب حد ينضفهالك يا بيه ! هو انت هتقدر تنضفها لوحدك؟
لمعت عينا اسامة لكلام السيدة الذي لم يتوقعه و كأنها طرحت عليه فكرة لم يكن يفكر بها ..
اسامة/ ها .. والهي هايبقى جميل مش هنسهولك لو تعرفي حد يجي ينظفهالي ! وانا مستعد اديله الي هوا عاوزه!
السيدة بتردد/ ..ها .. تصدق ما اعرفش ! كنت بعرف وحدة بس خلاص الحظ ضحك ليها و اشتغلت في المصنع بتاع النسيج .. !
اسامة بجرأة / طب .. ما تيجي انت تنضفيهالي .. و انت تاخدي الاجرة لنفسك بدل ما غيرك يستفيد! قلت ايه؟
السيدة بتردد/ بس .. بس انا كبرت ع الحاجات دي .. و جسمي تعب و مش قادرة اعمل كل الحاجات دي لوحدي ..
اسامة بدأ يسيل لعابه و انتفاخ بسيط يحصل في قضيبه خلف بنطلونه.. و قلبه صار يتحرك بسرعة
أسامة/ .. انا . انا هساعدك .. قلت ايه ..؟
صمتت السيدة مترددة جدا .. لكن أسامة لوح لها بمبلغ كبير لا تحلم به .. فرغم افلاس اسامة بسبب اقفال عيادته و فصله من الوظيفة لكن .. مازال يتلقى مبلغا محترما من والده ولديه رصيد كاف جدا في البنك ..
السيدة/ .. ماعرفش اقولك ايه ..بس انا .. انا ماقدرش النهاردة يا بيه .. صعب اوي .. انا لازم ارجع بدري للبيت ..لاحسن ولادي يقلقوا عليه ..
اسامة / طب نخليها بكره من الصبح؟ قلت ايه؟
قبل ان تجيبه ..دس اسامة مبلغا اخر كبير في يدها وهو يقول لها
اسامة/ بكره هديكي زيهم مرتين .. بس ع **** تبقي هنا .. عشان اجيلك من بدري و اخدك ع اوضتي .. و ننضفها سوا . قلت ايه ..؟
السيدة شعرت بتردد و قلق و لكن يبدو انها تمر بظروف صعبة .. المال اغراها جدا .. مال لم تحلم بجنيه حتى لو استمرت تبيع اشياءها لشهرين مقدما ..
اومأت السيدة راسها موافقة .. ففرح اسامة جدا لردها .. ثم قال لها
اسامة/ هو انت اسمك ايه ؟
السيدة/ خدامتك ام جمال ..
اسامة/ لا .. اسمك انتي ..؟ اسمك ايه .. بيقولولك ايه؟
السيدة/ نجاة .. نجاة يا سعات البيه !
اسامة مبتسما/ نجاة .. اسم جميل اوي .. ما كنتش متوقع ان اسمك نجاة
نجاة تبتسم ضاحكة/ اصل المرحومة امي كانت بتحب نجاة الصغيرة اوي .. و سمتني على اسمها ..
أسامة/ طيب يا نجاة .. مش عايزة تعرفي اسمي انا كمان ؟
أومأت نجاة راسها بخجل ايضا .. ليس حبا ولا أعجابا .. انما كانت تشعر بالحرج من فقرها و من وضعها و ظنت ان اسامة واحدا من البهوات الكبار .. وهي ليست بهذا المقام !
اخبرها اسامة بإسمه ثم قال لها / بكره من بدري يا نجاة .. عشان ورانا شغل كتير .. و ياريت متلبسيش هدوم جديدة!
نجاة باستغراب/ ليه يا سعات البيه؟
اسامة و عيناه تلمع شهوة/ عشان ما تتوسخش مش اكتر .. اصل الاوضة هتحتاج مننا شغل كتير .. كتير اوي
نجاة/ امرك يا بيه ..
اسامة مؤكدا عليها/ هستناك من النجمة . اوعي تتأخري
نجاة و هي فرحة بالمال/ تمام يا بيه !
في نفس الحارة ..
على بعد مربع سكني .. تقريبا
نهال ..
اتذكرونها ؟ تلك التي عينتها مرام في المصنع .. قبل مدة قصيرة بوساطة من سيدة الشغالة ..
نهال كانت تعمل في الشفت المسائي يوم حصول مشكلة الانتاج بالمصنع .. و رات كل شيء يحصل امامها .. و حز في نفسها كثيرا ان ترى ما يحصل لمرام .. لأنها صاحبة فضل عليها
فعادت حزينة جدا لبيتها .. نهال كانت تسكن قريبا من بيت حنين ..ابنة القابلة ام راجح !! اتذكروها؟
< ام راجح هي من قامت بمساعدة مرام على القيام بعملية حث ولادة مبكرة لها في عيادة اسامة >
و كباقي النساء في اي منطقة شعبية .. كن يزورن بعضهن كل فترة .. و بالصدفة البحتة .. او ربما بتخطيط من القدر .. زارتها مساء اليوم ..حنين !
اثناء جلسة زيارتها وتسامرهما معا ..لاحظت حنين ان نهال كانت تبدو حزينة و مهمومة فسالتها عن السبب ..
حنين/ فيه ايه يا نهال .. شايفاكي مش على بعضك ابدا .. فيه حاجة مزعلاكي؟
نهال/ اصل حصلت حاجة كبيرة في المصنع من يومين فاتو .. و بصراحة الست مرام صعبت عليه كتير اوي ..
حنين/ ليه .. هو ايه الي حصل لمرام ؟ !
شرحت نهال ما حدث لحنين .. بالتفصيل الممل
حنين/ .. انت قلتي حفيد الباشا عامل تحالف مع قصي ضد الست مرام!!! بصراحة مرام ما تستاهلش .. دي حتى بعد ما **** اكرمها و اداها من واسعه فضلت تتصل بيه و تكلمني و ياما كانت بتساعدني .. لا كده فعلا حرام الي يحصلها ..
نهال/ **** يفك ازمتها على خير .. يا رب
حنين/ امين يا رب ..
اثناء ذلك .. دخلت عليهما ام راجح بشكل مفاجأ !!!!
للتذكير< سحر او حنين هي ابنة ام راجح ورثت جميع اسرارها والمهنة ايضا وهي كانت صديقة زينة اخت حميد الذي كان له علاقة بمرام . و حنين لديها اسمين ايضا .. في البيت يسميها ابنائها سحر .. و اخرون في المنطقة يسمونها حنين >
ام راجح ما زالت حية ترزق ولكنها اصبحت امراه طاعنه في السن وغير قادره على الحركة الا بصعوبة بالغة متكأه على عكاز ..
و مازالت تعيش في البيت مع ابنتها حنين/سحر ..و رغم ان الدهر اذبلها و استهلك صحتها و اصبحت نحيفه وضعيفة .. لكنها ما تزال تتمتع بذاكره جيده و سمع حاد !!
كلام نهال مع ابنتها كأنه جعلها قادرة على استعاده شريط ذكرياتها المهمة ..
اسم نطقته نهال اصابها بجفله فتذكرت الماضي السحيق قبل اكثر من ١٨ عاما .. حيث قامت بتوليد مرام مع د. اسامة في عيادته المشبوهة!!!!
ام راجح لنهال/ انتي قلتي الواد ده اسمه ايه .. و ابن مين!؟
نهال مستغربة/ رامي .. رامي آسر عبد المنعم!
ام راجح بقلق و بنبرة تشوبها الحسرة و الندم/ ادي الي ما كنتش عاملة حسابه ابدا !!
حنين تدخلت / حساب إيه يا امي .. انت كويسه؟
ام راجح لنهال/ تقدري توصفيلي الواد ده ؟ شكله ايه؟
نهال باستغراب اكبر/ ها .. اه طبعا .. و انا هتوه عنه ..
فوصفت لها ملامحه و طوله و كل ما حفظته عن شكله الخارجي ..
ام راجح/ طب .. ما لاحظتيش كده .. حسنة صغير فوق حاجبه اليمين ؟ هي صعب تتشاف الا من قريب ..
نهال/ ها .. والهي ما ركزتش اوي بالشكل ده .. بس انا هروح المصنع بكره و لو عزتي .. هصورهولك كمان ..بس انتي بتسالي ده كله ليه ؟؟
اطرقت أم راجح راسها في الارض .. كانت ترمي ثقل جسمها منحنية على عكازتها .. لكنها شعرت بالإنهاك فجأة و كادت تسقط .. فركضت ابنتها نحوها و سندتها ثم اجلستها بقربها ..
حنين/ ايه فيه اي مالك يا امي انت كويسه ؟ اجيبلك دكتور؟
ام راجح تضحك/ دكتور!!! وهو الدكتور ده هيعرف يصلح ايه ولا ايه يا بنتي ..
حنين/ طب فيه ايه يا امي .. احكيلي .. دي نهال زي اختي .. ماتقلقيش منها
ام راجح بعد ان هدأت / انا .. انا هاقول لكم على سر .. بس اياكم تجيبه سيرة لحد!!!
بعد ان عاهدتاها على حفظ السر ..
قالت ام راجح لهما .. كل القصة مع مرام .. أخبرتهما بما فعلته لها عندما كانت حامل و انها تعاطفت معها لأن ادريس ضحك عليها و كان هو سبب حملها ..
ثم اخبرتهما انها اعطت هذا الصبي فور ولادته الى شخص .. شخص مجهول لا احد يعرف انه يعمل بتجارة البشر .. ولا حتى اسامة نفسه ..
و انه كان يبيع هؤلاء الحديثي الولادة لناس يعيشون في الخارج .. بعد ان يهربهم عن طريق اليونان ليتبنوهم عوائل مغتربة .. بمقابل مادي !
صدمت نهال اكثر من حنين بما تسمعه .. لكن حنين تدخلت
حنين/ يا امي .. انتي متأكدة؟ مش يمكن الراجل ده باعه لتجار الاعضاء و موتوه؟
ام راجح/ يابنتي .. انا عمري ما قبلت اكون قتالة قتلة .. صحيح انا عملت حاجات وحشة كتير في حياتي بس عمري موصلت للمرحلة دي .. عشان كده .. الناس الي كنت بعرفها كانوا كمان زيي .. هم اه يشتغلوا في الشمال .. بس عمرهم ما كانوا قتالين قتله ..
الراجل ده اعرفه كويس .. و انا متأكدة من الي بقوله
ام راجح اخبرتهما .. انها ظلت على تواصل مع هذا الشخص .. مع كل *** تعطيه له .. فكانت تشعر بأن ضميرها مرتاح .. كلما اطمأنت على الاولاد الذين تعطيهم لهذا الشخص والذي يتكفل ببيعهم لعوائل تتبناهم ..
و كان هذا الشخص لديه عيون في اوربا .. تخبره بتطورات تلك العوائل بعد تبنيهم للأولاد .. فبعضهم كانوا يتخلون عنهم لدار ايتام بعد مدة من تبنيهم .. و بعضهم احتفظوا بهم ..
و قصت ام راجح تفاصيل كثيرة لهما .. و من ضمنها ان الرجل قد اعطى هذا الطفل لعائله ثرية جداً تسكن في الخارج ولكنه لم يعطها تفاصيل كثيرة .. سوى معلومات عامة عن تلك العائلة
لكنها كانت متأكدة انه قال لها .. ان اسم الشخص الذي اشترى المولود منه .. هو آسر!!!!
< راجع اخر مقطع في الجزء الاخير من السلسلة الاولى >
يومها كانت <سحر/حنين> فرحة بزواج صديقتها والفرحة واضحة جدا عليها ..
ام راجح/ في ايه يا سحر .. ما تفرحيني معاكي؟
سحر/ ايوا .. اصل انا كنت عند البنت مرام .. و ..
ام راجح/ مرام ؟ وازاي قدرتي تجيبي عنوانها .. دا انا ماعرفتش حاجة عنها من يوم ما عزلوا من هنا ..
سحر / ههه .. لاه ده انا اعجبك .. انا عرفت اجيبه قبل كم يوم ..
ام راجح/ وهي واهلها عاملين ايه دلوقتي ؟
سحر تخبرها بجميع الاخبار و من ضمنها زواج مرام من ثري معروف اسمه عبد المنعم جمال
تتغير ملامح ام راجح وتعبس قليلاً
ام راجح / ايه ... عبد المنعم !!! هي تجوزت الراجل ده ؟؟
سحر/ اه .. ده راجل غني قوي .. ليه يا ماما هو انت تعرفيه ؟
ام راجح/ .. لا .. لا مش مهم .. المهم كمليلي عرفتي عنها ايه كمان ؟ !
تواصل سحر اخبارها بكل ماعرفته عن مرام .. لكن فكر ام راجح كان مشغولا عنها ولم تركز كثيرا فيما قالته ابنتها ..
ام راجح مع نفسها / هي عرفته منين .. وازاي .. و تجوزته ليه هو بالذات ؟؟؟!!!!
لذلك هي انزعجت يوم سمعت بأن مرام ارتبطت بعبد المنعم .. لأنها تعرف ان ابنه آسر تبنى ابنها و اسموه محسن .. و لاحقا صارت امه تناديه برامي ..
< نهاية التذكير>
عودة للحوار الحالي
سحر/ بس الكلام ده يمكن يطلع مش مضبوط !
ام راجح/ انا قلت الي عندي و خلصت ضميري ..
بعد اتضاح هذه المعلومة الخطيرة .. اصيبت نهال بالذات بصدمة و صداع شديد بنفس الوقت.. حجم المعلومة و خطورتها كان يفوق قدرتها على التحمل ..
فبعد ان تركت بيت حنين عائدة لبيتها .. صارت تشعر بتأنيب ضمير كبير!
لقد عرفت هي هذا السر الخطير .. وعاهدت ام راجح على كتمانه .. ولكنها بدأت تشعر بثقله ..
خاصة بعد ان رأت كيف ان الابن يحارب امه و يعرض حياتها للانهيار .. دون ان يعلم انها امه ..
وكل ما رات مرام تتواجه مع رامي او تقف معه بتوتر ..وهي لا تعلم انه ابنها وهو لا يعرف انها امه .. يؤنبها ضميرها اكثر
فكانت تعتقد انها باستطاعتها انهاء هذه الحرب .. لو كشفت الحقيقة لأي منهما ...
عقل نهال بسيط و هي شخصية طيبة و نيتها حسنة و تظن ان الامور ممكن ان تتصلح بتلك البساطة وتشعر ان الامور قد تعود الى وضعها الطبيعي والمياه تعود الى مجاريها وان يتصلح الوضع من الناحية الاخرى .. لو تم كشف السر لهما .. او احدهما !
فأصبحت نهال متعبة من كثرة التفكير في نفس الأمر .. و الحيرة اعمتها حتى عن رؤية طريقها ..
نهال اصبحت تفكر جديا في ان تصارح مرام بالحقيقة .. او .. رامي نفسه !!!!
في خط حياة مرام ..
في أروقة المصنع
في يوم تشوبه الغيوم المتفرقة .. فتبرز من بينها الشمس كل قليل لتنير زوايا المصنع المظلمة قليلا.. والتي لم تنيرها الإضاءة كفاية .
كانت نهال تتحرك بحذر .. شعورها بالذنب و ضميرها يزدادان ثقلاً كلما رأت رامي يمرّ امامها .. وهو يرمق مرام من بعيد بنظراته المليئة بالعداء وكأن بينهما حروبًا لا تعرف السلام ..
لم تعد نهال قادرة على كتمان ما سمعته من ام راجح
في لحظة ما .. رأت نهال رامي يخرج إلى الممر الجانبي .. بعيدًا عن ضوضاء الآلات .. فترددت لحظة .. ثم جمعت شتات نفسها وتقدمت نحوه..
نهال/ ممكن أكلمك دقيقة يا رامي بيه؟
التفت إليها رامي ببرود/ انت مين يا ست انتي؟ و عاوزه مني ايه؟ هو انا اعرفك ؟
ابتلعت نهال ريقها، نظرت حولها لتتأكد أن لا أحد يسمعها ثم قالت له بسرعة
نهال/ انا .. مش مهم ابقى مين .. بس الموضوع يخص مدام مرام... وحضرتك كمان..
رامي بفضول و قلق/ و انت تعرفيها منين .. و ايه الي يخصها و يخصني وانتي تعرفيه؟ .. تكلمي !
نهال/ كل الي اقدر اقولهولك يا بيه .. انك بتعادي اقرب الناس ليك وانت مش دريان ..!
صدقني انا خلاص .. مش قادرة اكتم في قلبي اكتر .. ده انا كل يوم بتقطع من الي بشوفه ..
ازاي .. ازاي ممكن الانسان يكره اقرب الناس ليه و يعمل فيهم كده
رامي اصبح غاضبا و تردد ان يوقفها عن الكلام و يطردها لجراتها .. لكن .. شيء ما .. في داخله .. جعله يواصل الاستماع .. ربما الفضول .. ربما شيء اخر هو نفسه لا يعرفه
رامي بغضب/ اقرب الناس ايه وهري فاضي ايه ؟ .. انتي بتخرفي ايه يا بنت انتي؟
نهال بجنون وكأنها تريد ان تلفظ جمره من على لسانها/ يا رامي بيه ..حرام تعمل كده في ست مرام .. ست مرام .. تبقى .. تبقى .. !!!
رامي/ تبقى مرات جدي .. وايه يعني .. وحدة غريبة تجوزت جدي و لهفت كل حاجة ..حرام هي الي تعمله مش انا
نهال/ لا يا رامي بيه .. دي .. مش بس مرات جدك .. الست مرام تبقى .. تبقى امك .. امك الحقيقية الي خلفتك !!!
تجمّد وجه رامي للحظة .. ثم انفجر ضاحكًا ضحكة قصيرة ممزوجة بسخرية
رامي يسخر/إيه؟! أمي ؟! إنتي عايزاني أصدّق الهري دا؟ دي حيلة جديدة من ستك مرام .. مش كده .. اما تفكير عيال صحيح .. قال امي قال ..
انا امي اعظم ست في الدنيا .. الست فاتن ..الي عرفت تربيني كويس .. مرام مين دي .. دي ما تجيش حتى جنب جزمتها !!
رامي يكمل كلامه بانفعال و غضب/ امشي يابنت من هنا لا ارفدك !!
نهال متوسلة / و**** يا بيه ما ليش اي مصلحة بالي قلته .. أنا سمعت الكلام ده من الداية الي قدرت تتعرف عليك اول ما شافت صورتك ..
و انا لما عرفت الحقيقة .. بقيت مش قادرة اشوف ابن يكره امه بالشكل ده و يأذيها و يعذبها.. وهو مش عارف انها امه .. حرام يا رامي بيه .. ما يصحش تعاملها بالعداوة وهي .. تبقى أمك .. امك يا رامي بيه . والهي امك !
أشار رامي إليها بيده بازدراء يطلب منها السكوت / كفاية! بس بقى !! إنتي شايفاني عبيط عشان اصدق الهري ده كله ..؟ أصدق كلام واحدة هي مجرد عاملة في المصنع بتحاول تتدخل في اللي ما يخصهاش ؟
دمعت عينا نهال وهي تقول بحرقة/ أنا ماليش مصلحة يا بيه .. حتى لو قطعت عيشي .. المهم اني قلت الحقيقة ورضيت ضميري... عشان ما تظلمش حد هو أقرب ليك من نفسك. صدّقتني أو ما صدقتش ... ده هايفضل بينك وبين قلبك.
رامي بصدمة خفيفة و تفكير عميق / امشي من هنا حالا .. لا ارفدك ...امشي من وشي بسرعة!!!
هو كان قادرا على فصلها من عملها .. لكن الفضول فيه .. جعله يبقيها .. و كأنه بحاجة لاستيعاب الصدمة اولا .. ثم التعامل لاحقا مع الأمر ..
ظل رامي واقفا في الممر .. بعد ابتعاد نهال عنه باكية بصدق و حرقة .. وهو يهز رأسه ساخرًا ..
لكن .. الحقيقة ان نهال نجحت في اشعال فتيل الشك والظن في عقله !!!
اذ شعر فجأة باضطرابٍ داخليٍ لم يستطع إخفاءه..
أما نهال .. ابتعدت مسرعة و هي تنظر إليه بحزنٍ عميق .. تعرف أن كلماتها وقعت في قلبه و اثرت فيه حتى لو أنكرها هو بلسانه
عودة لحياة مرام
بعد مرور عدة ايام على الازمة ..
أُنهكت مرام من كثرة التفكير و هي تشعر بالعجز عن ايجاد مخرج للأمر .. و باتت تفكر في بيع نصف حصتها من المصنع فعليا لكي تنقذه من الافلاس ..
ستشترط على المشتري ان لا يغير في صفة المصنع او يحوله لشيء اخر ..
فكل الحلول اختفت من امامها .. خاصة ان الازمة لم تضرب المصنع ماديا فحسب .. بل و حتى معنويا اذ تأثرت سمعته بين التجار حتى بعد ان تلافت مرام الاخطاء في الانتاج الجديد .. من يجازف وبشتري بضاعة غير مضمونة!؟
قبل ان تتخذ مرام اي قرار ..
وقبل ان تختار ..
تدخلت مجددا الاقدار !
حدث جديد .. و طارئ .. حصل هذا الصباح المشرق الجميل .. و المشمس !!! ..
كان يبدو للوهلة الاولى يوما روتينيا مثل كل الايام .. يحمل ثقل همومه و مليء بنفس عقده ..
مرام كعادتها كانت في المصنع ..تكثر من اجتماعاتها مع المهندسين و موظفي الانتاج والادارة .. لعلها تصل لحل ينقذها قبل ان ينقذ المصنع من الضياع و الانهيار
و اذا .. بدورية للشرطة تقف على باب المصنع !!!
.. ضباط شرطة اثنين بملابسهم الرسمية .. نزلوا من السيارات .. ومعهم افراد شرطة اخرين ..
المنظر جذب انتباه الجميع من موظف استعلامات المصنع وحتى اخر نقطة تسمح بالرؤية من داخله
تمشى الضابطين و حرسهم بمنظر يثير القلق والخوف
الكل ظن للوهلة الاولى ان الشكاوى بخصوص التلاعب في الاوراق و الفساد الاداري قد عُرضت على النيابة و ان الشرطة ربما قد قدمت بهذا الخصوص ..
الخوف دب في عروق معظم المتواجدين.. حتى مرام التي سمعت بقدومهم من موظف الاستعلامات! اصابها بعض القلق
دخل الضابط الأول المصنع و طلب من موظف الاستعلامات ان يقوده لغرفة الادارة .
وعندما وصلها قال للحاضرين في الغرفة/ إحنا من المباحث .. احنا جايين بخصوص .. الأستاذ قصي نظمي .. !!!!
يتبع
مع تحيات اخوكم الباحث
الجزء الثامن
رفع قصي رأسه من مقعده حيث كان يتحدث مع رامي منذ قليل .. وتبدلت ملامحه الى قلق شديد
قصي/ خير يا حضرة الضابط؟ في إيه؟
أجاب الضابط / قبل مدة .. اتعرضت المدام مرام ناصر لمحاولة خطف .. و هي قدمت بلاغ بكده .. و التحقيقات في حادثة الاعتداء على مدام مرام .. كشفت أسماء الجناة و قدرنا نوصل لأصحاب العربية و نعرف مكان اقامتهم واحنا قبضنا عليهم و سحبناهم ع التحقيق .كل ده بفضل كاميرا الداش كام الي زودهالنا سواقها الخاص سراج
.. و بعد التحقيق معاهم .. اعترفوا إن اللي جنّدهم وحرّضهم هو حضرتك !
ارتبك قصي للحظة لكنه سرعان ما حاول أن يتمالك نفسه مدافعا
قصي/ ده كلام فاضي! دول مجرد بلطجية… أكيد عايزين يرموا التهمة على أي حد و خلاص ..
ابتسم الضابط ببرود وأخرج ملفًا من حقيبته/ معانا تسجيلات لمكالمات .. وتحويلات مالية اتعملت من حسابك الشخصي… وكمان اعترافاتهم كلها متطابقة. كل ده بيأكد إنك ورا الموضوع ده
اقترب اثنان من أفراد الشرطة وأمسكا بذراع قصي .. الذي بدأ يتململ ويحاول المقاومة
قصي/ أنا ما عملتش حاجة! دي لعبة… مرام وراها! أكيد هي اللي دبّرت ده عشان تخلص مني!
نظرت مرام إليه بشماتة .. و ارتياح بنفس الوقت .. لأن تلك كانت علامات الخلاص .. لكنها لم تنطق بكلمة واحدة. كانت تعرف أن لحظة سقوط قصي ستأتي من **** دون أن تضطر هي لتدبيرها.
بينما اقتادوه إلى الخارج .. ظل صوته يعلو بالاتهامات والسباب .. حتى اختفى خلف باب المصنع
أما رامي فجلس مذهولًا، يحاول استيعاب ما حدث .. وقد أدرك أن اللعبة بدأت تنقلب عليه بشكل لم يكن في الحسبان.. ابداً ..
سراج تمتم بصوت خافت وهو ينظر إلى مرام
سراج / الحق بان لوحده… شوفتي **** ازاي نجاكي ..
مرام اكتفت بابتسامة قصيرة لكنها كانت تعلم أن سقوط قصي لن يكون النهاية، بل بداية فصل آخر جديد عنوانه مواجهة رامي ..
تم اقتياد قصي لقسم الشرطة
و هناك في قسم المباحث
في غرفة التحقيق بمبنى المباحث
جلس قصي على كرسي معدني بارد .. يتعرق بغزارة رغم برودة المكيّف الذي كان يعمل في غرفة ضابط التحقيق .. أمامه طاولة عليها ملف ضخم ..
جلس الضابط المقابل له يتأمله بنظرات استجوابية تكاد تخترق روحه .. بينما كان هناك أحد المساعدين يدوّن الملاحظات..
الضابط بصوت ذو نبرة ولدّت عند قصي شعور بالخوف / يا قصي… الأدلة كلها واضحة. و الجُناة اعترفوا إنك انت اللي جنّدتهم. فيه تحويلات مالية مثبتة باسمك. الأفضل تعترف وتتكلم بنفسك.. يمكن يتخفف عليك الحكم !
قصي حاول التظاهر بالتماسك لكنه لم يتحمل الضغط. بدأ صوته يتقطع .. وهو ينهار
قصي منهاراً/ أنا… أنا ما كنتش ناوي أقتلها… و**** ما كانش قصدي أوصل للدرجة دي.
انحنى الضابط قليلًا للأمام/ طيب .. عملت كده ليه؟
ضرب قصي كفّه على الطاولة بندم .. ثم دفن وجهه بين يديه وقال
قصي معترفاً / أنا بكرهها! بكره مرام من يوم ما دخلت حياتنا… قلبت الدنيا فوق تحت .. سيطرت على المصنع ..بيوم وليلة .. وبقت الكلمة كلمتها و الشور شورها ..
أنا كنت فاكر إنّي لو خوّفتها بس… لو حسّت هي إن حياتها في خطر.. هتسيب كل حاجة وتمشي .. ماكنتش ناوي ااذيها
رفع الضابط حاجبيه مستفسرا/ يعني موضوع البلطجية والعربية الي كانت هتخبطها .. كان مجرد تخويف مش شروع في القتل او الخطف؟
قصي منكسرا / لا مش قتل .. ابدا ولا خطف انا كنت عايزها تخاف بس. لكن… الموضوع كبر و خرج من ايدي .. ورامي… رامي خلاني ادخل معاه في سكة أوسخ.!!!
الضابط/ إزاي ؟ عاوز اعرف كل حاجة يا قصي!
ابتلع قصي ريقه بصعوبة، ثم بدأ يتكلم بسرعة كأنما يريد أن يفرغ صدره كله
قصي/ رامي .. أقنعني إن الحل مش بس في تخويفها .. لازم نخليها تخسر هيبتها و سمعتها بين عمال المصنع نفسه.. فاتفقنا نزور السجلات و الورق وكمان… دخلنا مواد خام رخيصة وغير صالحة للإنتاج. الهدف كان إن المنتج النهائي يترفض من التجار وبكده .. هي هاتخسر سمعتها في السوق.. و بين العمال كمان .. الكل هيفقد ثقته فيها .. و هتطر تتخلا عن المصنع .. و تبيعه لأول مشتري و هتقبل بأي سعر كمان !!!
الضابط بحدة / مين اللي كان عارف بالخطة دي؟
قصي خفض صوته/ أنا… ورامي. محدش غيرنا..
لحظات من صمت مخيف مرت بصعوبة .. بعدها اغلق الضابط الملف أمامه بهدوء وقال
الضابط/ كويس إنك اعترفت. ده هيتوثّق في المحضر .. و احنا هنقبض على رامي كمان .. و نحقق معاه .. و كل واحد غِلط هياخذ جزاءه ..
بدأت دموع الندم تنزل من عيني قصي الذي اكتفى بالبكاء من غير ضجيج ..
فقال له الضابط بعد ان ادرك ان ندمه جاء متأخرا/ الكراهية عمرها ما كانت مبرر للجريمة .. دلوقتي… المسألة بقت أكبر .. و تحولت من مجرد خلاف شخصي .. لجناية تخريب وتزوير.. !
قصي أسند ظهره للكرسي، منهارًا، وقد أدرك أن الطريق انتهى عند هذا الحد .. في عينيه بان ذل وانكسار وفي صوته بانت نبرة رجل خسر كل شيء.. وهو يردد مع نفسه < انا آسف .. انا آسف !!>
الاخبار تسربت .. و وصلت للمصنع و القصر .. و رامي ادرك ان لحظته حانت ..
فحانت لحظة الهروب .. كان عليه الفرار بأسرع وقت من المكان .. قبل ان تلقي الشرطة القبض عليه ..
مع انه صُددمم بما رأى و سمع في اقامته القصيرة مع مرام .. و قلبه تعلق بها رغما عنه وتمنى احيانا ان يكون بدلا من سراج و شعر بداخله بعاطفة تشوبها رغبة خفية تجاه مرام .. لقد أُعجب بها كامرأة.. كأي رجل يعجب بأي امرأة جميلة و قد يصل بإعجابه لها ان يفتتن بها و بمفاتنها و يصل لأفكار جنسية كذلك!
انسل رامي من المصنع بخفة .. مسرعا خطاه نحو القصر ..فحزم حقيبته الصغيرة و اوراقه الثبوتية و فر مسرعا الى اقرب مطار .. !
كان يشعر بانقباض كبير في صدره وهو يتجرع الخسارة كمتجرع السم ..لم تكن خسارة فقط بل كانت انهزام و لوذان بالفرار ..
لقد اصبح رامي يكافح للخلاص بنفسه بعد ان جاء محملا بأحقاد لم تكن احقاده .. طمع و جشع لا يمثلانه .. ها هو الآن يريد ان يفلت بجلده ..
كان يشعر بآلام كبيرة لخسارته المختلطة بصدمته الجديدة .. فهو سيعود محملا بشكوك وظنون لم يتوقع ان ياخذها معه .. فلقد نجحت نهال العاملة البسيطة في زرعها في نفسه .
اخيرا ..
خرج رامي من البلاد على عجل .. وهو مدرك ان قصي سيعترف بكل شيء ليخلص نفسه .. فهو لن يغرق لوحده !
لقد سافر رامي عائدا إلى أهله في أوروبا محمّلًا بخيبة ثقيلة، تاركًا خلفه أثرًا مضطربًا عند نفس مرام .. وخلافاً لم تكتمل ملامحه معها !
لم يهتم بتوبيخ ابيه له هناك بعد وصوله .. كان يستعّر في داخله من الحيرة و الغضب .. فصار مصابا بارتياب كبير .. جعله ينعزل عن اهله اكثر .. و يستعيد كل ذكريات طفولته مع ابويه ..
فصار ينبش عن صوره القديمة و يبحث عن اي اوراق رسمية مسجلة باسمه ..
اين بيان ولادته! اين سجلات المستشفى التي ولد فيها ؟.. لماذا لا توجد صورة واحدة له وهو في حضن امه فور ولادته ؟
لم يواجهم بعد بالأمر .. ما زال متحيرا و مترددا .. و مصدوما !
في يوم لاحق ..
تم استدعاء مرام للإدلاء بشهادتها ضد قصي.. ولكن ما حدث قد فاجأ كل الحاضرين ..
مرام أمام المحققين/ أنا متنازلة عن حقي الشخصي يا حضرة الضابط .. خلاص كفاية اللي حصل .. و **** هو الحكم .
فوجئ الجميع بقرارها، حتى سراج/ ليه التنازل؟ الحق في صفك.. خليه ياخد جزاءه
لم ترد مرام على سراج ولكن الضابط سألها/ انت متأكدة يا مدام مرام ؟
مرام برضا/ اللي يهمني المصنع وسمعته و العمال يرجعوا ياكله عيش فيه وبس
الضابط/ ده موقف انساني جميل من حضرتك. بس احنا مش هانقدر نفرج عن قصي .. حتى لو اتنازلتِ عن حقك الشخصي .. .. لأن لسه فيه الحق العام .. التنازل هايخفف الحكم عليه بس ..
بعد ما فعلته مرام من موقف و ما حصل لقصي .. و كذلك اكتشافها لهرب رامي قبل ان يتم القبض عليه ..
انتشر الخبر سريعًا بين التجار وأصحاب المصانع. فتناقلوا في مجالسهم أن مرام أثبتت أنها ليست مسؤولة عن ما حصل في الشحنات المعيبة .. و من فعل ذلك بها قد نال جزاءه .. الكل صار يحترمها اكثر لأنها عرفت كيف تحمي اسم عبد المنعم وصناعته.. وتحمي مئات العوائل من ان تفقد مصدر رزقها
بعد أيام قليلة
بدأت الهواتف ترن في مكتب مرام الاداري .. تجار كبار يطلبون تجديد العقود القديمة .. وآخرون يعرضون شراكات جديدة بعدما تأكدوا أن المصنع نجا من المؤامرة.
عاد العمال إلى عملهم بارتياح وبدت الوجوه مطمئنة .. اخيرا ..الغيوم الثقيلة قد انقشعت.. و ظهرت شمس الحق
في مساء اليوم التالي
جلست مرام في شرفة الفيلا تحتسي قهوتها وهي تنظر إلى ألأفق .. نسمة هواء باردة داعبت شعرها .. فأحست بسلام داخلي لم تعرفه منذ زمن طويل..
ربما تعرف هي جيدا انها فرحة ناقصة رغم كل ذلك .. فما زالت صدمة احلام تؤرق نومها و تكّدر بالها .. و تصيبها بقلق دائم ..
لقد باغتتها مشكلة المصنع دون ان تعطيها فرصة او وقت لكي تنتبه لمشاكلها الشخصية .. أما الآن .. بعد ان كسبت الرهان ..
على مرام ان تجند من يبحث عن احلام و يأتي بأخبارها لها .. على الاقل لتطمئن عليها فقك ولو كان اطمئنان من بعيد ..
لم تكن مرام تعلم بما فعلته نهال مع رامي . نهال التي غيرت من كفة الموازنين بتصرف عفوي منها .. لا زالت مرام تجهل ان رامي .. هو ابنها !
في ايام لاحقة
رغم شعورها بارتياح و نصر ساحق .. ما زالت تشعر بنوع من التعاطف مع رامي رغم كل ما فعله فيها .
لا تدري لماذا تشعر به كذئب جريح ! لا تدري لماذا لا تستطيع كرهه ! ولكن كان عليها النظر للأمام والتفكير في حياتها ..
هي ارادت ان تلتفت لنفسها قليلا .. ما يعيقها نوعا ما .. هو تعلقها المبهم برامي ! لم يكن تعلقا عاطفيا رومانسيا بل كان تعلقا غريبا لم تجد له تفسيرا حتى الآن
رغم اختفاء احلام غاضبة منها و ربما لن تتصلح علاقتها بها ابدا .. لكنها اطمأنت عليها بعد فترة من الزمن .. بطريقة غير مباشرة عن طريق تجنيد اشخاص موثوقين ..
لقد وصلتها الأخبار انها مقيمة مع ابنها عند خالتهم عزيزة الاخت الوسطى التي تزوجت مبكرا و استقرت في الريف ..
بعد ان كسبت مرام معركتها ..
شعرت ان عليها ان تنظر لموضوع سراج .. فعليها ان تجعل علاقتها به علاقة جدية .. و رسمية ربما !.. رغم انها احبته فعلا و تعلقت به ..
و رغم انها ما زالت في حالة احتفال بالنصر و مرورها بمرحلة هدوء ..
تفاجأت مرة اخرى باتصال من نادين ..!!!
نادين/ اولا بقولك ألف مبروك .. **** نصرك على الي ما يتسمى ده ..قصي
مرام / **** يبارك فيكي يا نادين
نادين / بصي انا مش حابة اكون قليلة ذوق .. عارفة انك لسه خلصانة من معركة كبيرة ..بس صدقيني لولا اني محرجة مزنوقة و محتاجة مساعدتك ماكنتش قلتلك
مرام / فيه ايه يا نادين .. اتكلمي يا حبيبتي ..قولي انا رقبتي سدادة
نادين/ **** يخليكي ليا يا مرام .. بصي هو طلب صغير و ياريت متكسفنيش
باختصار .. نادين اخبرتها ان عصام السواق اصبح لديه امر طارئ اضطره للسفر لعائلته في محافظة اخرى .. وانها مدعوة لمناسبة رسمية مهمه جدا سيحضر فيها الكثير الشخصيات المرموقة وانها تحتاج الى ان تستعير منها سراج ليوم واحد فقط !
مرام/ بس كده .. انت تؤمريني يا نادين
نادين / انا مش عارفة كنت هعمل ايه من غيرك ..
مرام تعز نادين و لا تحب ان تخيب رجاءها فوافقت على طلب نادين ..
فنادت على سراج وشرحت له الموضوع بالتفصيل و قالت له
مرام/ انت هتاخذ عربيتي تروح بيها لنادين .. ارجوك ما تكسفنيش .. عارفة اني بتقل عليك .. بس نادين صحبتي و ما بحبش اردلها طلب
سراج بكل ود/ اوي اوي يا مرام .. انا اخدمك بعنية
مرام بخجل/ **** ما يحرمنيش منك يا سراج
سراج بخجل/ ولا يحرمني منك كمان
سراج حقق لها مرادها .. لأنه لا يقدر على ان يرفض لها طلبا لها ابدا ..
في الموعد المرتقب ..
اخذ سراج السيارة الخاصة بمرام و توجه نحو فيلا نادين ..
التي استقبلته بترحاب كبير و اظهرت له الكثير من الاحترام بكلامها و بنظراتها و بتعاملها .. مما القى في قلب سراج الاستحسان ..
نادين كانت جاهزة و ترتدي ابهى ثيابها و قد ظهرت بأجمل صورة لها .. عطورها الفرنسية الغالية ملأت المكان بعبقها الفواح ..
نادين فاجأت سراج وهي تركب بقربه / يالا بينا يا سراج .. احنا قدامنا حفلة ..انما ايه!
سراج بتحفظ/ امرك يا مدام نادين ..
تولى سراج قياده سيارة نادين و اوصلها الى المكان المحدد ..
لكن ما لاحظ سراج طوال الطريق .. أن نادين لم تشيح بنظرها عنه .. وكانت تحاوره بلهجه غريبه كأنها تحاول اغراءه بصوتها و ميوعتها!
لقد انقلبت نادين من صورتها الأولى التي تركت انطباع جميل عنده الى صورة اخرى مختلفة بمحرد ان ركبت معه السيارة ..
حاول سراج ان يبدو ودودا في بادئ الأمر فأعتبر ذلك ملاطفه منها .. وظل متشبثا بواجبه كسائق و دوره كمرافق لها ..
بعد حوالي نصف ساعة ...وصلت السيارة الى مكان الحفل الذي دُعيت نادين له ...
نادين/ اظن انت عارف الاتيكيت كويس..مش محتاج افكرك ..
سراج / اه ..طبعا فاكر ..
نزل سراج خلفها و قد بدا يشعر بعدم الارتياح ..لكن ..كل مرة يتذكر فيها مرام و يقول < كله عشان خاطرها>
بعد دخولهما الفيلا المقصودة معاً
صُددمم سراج حرفيا بما رآه!!!
لم يكن حفلا كبيرا كما وصفته نادين لمرام وله .. كان حفلا بسيطا فيه عدد قليل من الشخصيات .. كلهم ذكور!!!!
نادين/ عايزاك تستنى هنا ..يمكن اعوزك في حاجة يا سراج !
سراج كاتماً انزعاجه/ أمرك !!
بخفة .. انسلت نادين بين الحضور .. تدور عليهم كما يدور النحل حول حقل من الزهور .. فيأخذ رحيقا من كل زهرة!
كذلك نادين كانت تحضن هذا مبتسمة له وهو يهديها عقدا ..و تنتقل للذي بقربه فتطبع قبلة سريعة على خده ..فيهديها خاتما مرصعا بالماس .. و تذهب الى آخر تراقصه لمدة قصيرة ثم تحضنه و يهديها شيكا لم يستطع سراج قراءة الرقم المكتوب عليه لبعد المسافة ..!!!!
كان هناك خدم اخرون ..يدورون على الحضور بأوانيهم المحملة بمختلف انواع الشراب و المكسرات و الفواكه الصغيرة الحجم و الحلوة المذاق كالفراولة و الكرز ..
رغم انشغالها بضيوفها ومسامرتهم والحديث معهم .. لكن عيون نادين كانت لا تنزل من على سراج الواقف في زاوية بعيدة كجبل شامخ !
لم يعرف سراج ماهي طبيعة هذه الحفلة .. الغريبة ..لكن يبدو ان نادين كانت تعقد صفقات خاصة مع هؤلاء الرجال الثقيلة مكانتهم في المجتمع كما يبدو ..
بعد ساعات ..
في نهاية الحفل تقريبا .. بان على نادين انها سكرت قليلا لكن ما زالت في كامل وعيها .. تضحك و تبتسم للجميع .. و تترنح في مشيتها قليلا ..
ثم بدأ الحضور بالتناقص بالتدريج .. كل قليل يغادر ضيف من الحفل وهو يطبع قبلة على خد نادين و يكثر من شكره و ثناءه لها ! كأنها قامت له خدمة كبيرة ! مع انها هي من تلقت منه هدايا ثمينة جدا ..
بعد مغادرة اخر ضيف .. تنفس سراج الصعداء و بدا يشعر بارتياح قليل .. لزوال الضغط من عليه ..
اتجهت نادين له تبتسم .. عيونها بحراة تنظر له كأنها تريد افتراسه .. !
نادين/ ايه يا حبيبي! شايفاك مش مرتاح خالص .. حد زعلك هنا .. ده انا اقطم رقبته بس انت قولي عليه ..
لم يتضايق سراج من كلمة حبيبي .. ادرك ان نادين كانت مخمورة .. ليس مهما ان فالت له هذه الكلمة بشكل عشوائي
سراج/ لا ..ابدا ..محدش زعلني في حاجة
نادين/ امال ليه ما شاركتش معانا في الحفلة .. ليه ما جتش ترقص معايا زيهم ؟ هو انا مش عاجباك ؟ ولا انا وحشه للدرجة دي؟
سراج معتذرا/ لا ..العفو ..انا ماقلتش كده ..بس انا ..انا كنت بعمل واجبي وبس .. مش هو ده الي انت طلبتيني علشانه من مدام مرام ؟!
تضحك نادين/ لا حلوة كلمة مدام ..هههه ..
بص يا سراج .. انا لسه عندي ضيف مهم اوي .. و انت ..لازم تبقى موجود معايا وانا بقابله
سراج/ ضيف؟ هو فين؟ انا مش شايف حد؟
نادين تضحك و تضع بديها بشكل مستفز على كتفي سراج/ سلامة نظرك يا روحي .. الضيف ده مش هنا .. هناك !!!
نظرت نادين بإتجاه باب جانبي .. واكملت/ هو مستنيني هناك! ..بس خلي بالك .. فتح عنيك كويس وانت موجود معايا !
سراج بسذاجة/ ليه ..هو الضيف ده خطير !
نادين تضحك بهستيريا/ ايواه .. خطير اوي .. اوي !
ثم تمشت امام سراج بغنوجة و تمايل شراميط ..و فتحت الباب وقالت له
نادين بإغراء/ تعالا .. انت هتفضل واقف كده؟
سراج مازال يؤدي مهمته حتى مع عدم شعوره بارتياح ..لكن الفضول قاده خلفها .. فبصفته مستخدم مُعار لها لم يتجرأ حتى الآن على مخالفتها فنفذ امرها
وعندها دخلت نادين الى الغرفة و دخل سراج خلفها، شده ما رأى .. فلقد كانت الغرفة غريبة التصميم من الداخل .. و اضاءتها حمراء خافتة تثير التوتر بالنسبة له اكثر مما تثير شهوته .. وفيها كذلك العاباً جنسيه متنوعة وازياء وكوستومات مختلفة و غريبة جداً بالنسبة له.. كانت موضوعة في ما يشبه المعرض .. < دولاب بباب زجاجي يظهر من خلاله ما يخزنه من ملابس>
وحده الفضول ما سيطر على سراج و جعله يواصل بقاءه المشبوه في هذا المكان.. كان يريد ان يفر بسرعة لعدم ارتياحه ..
دخلت نادين في باب صغير آخر من نفس الغرفة .. وقبل ان تغلقه نظرت لسراج و قالت
نادين/ انا راجعة حالا .. اوعى تتحرك من مكانك !
فيما كان سراج يضرب مع نفسه اسداسا في اخماس .. وبعد مرور عشر دقائق .. ظهرت نادين من الباب الصغير وهي ترتدي كوستوما جلديا اسود اللون ..في ما يشبهه الكات ومن cat woman !!!
bugle deutsch
لكن كان مصمماً بطريقة مغرية جدا .. أذ أظهر هذا الكوستوم كامل كسها المشعر بشكل كثيف و صادم بالنسبة لسراج .. و غطى باقي جسمها .. وبيدها حملت نادين سوطاً صغيراَ !!
ثم ظهر من خلفها رجل شبه عار .. يرتدي ازياء غريبة .. يزحف على قدميه و يديه ككلب خلفها و نادين تمسك بطوق حول رقبته ..
كان هذا الرجل الذي يتبعها .. حمادة!!! والذي كان يطيعها في الصغيرة وفي الكبيرة ..
عند هذه النقطة .. غضب سراج .. و هم بترك المكان .. ! لكن نادين منعته بنبرة غريبة
نادين/ على فين يا حليوة ..الحفلة لسة ما خلصتش ..
سراج بغضب/ اظن وجودي هنا مالوش لازمة .. انت مش هتحتاجيني اكتر من كده
نادين/ استنى عندك!! انت فاكر ان دخول الحمام زي خروجه!!!
بص حواليك كويس .. انا زارعة كاميرات بتصور كل حاجة .. ولو خرجت ..انا هعرف امنتجها و ابعتها لحبيبة القلب .. و بطولاتك دي كلها و فشخرتك الكدابة هاتبقى ع الفاضي !!!
< تقصد تستطيع تعديلها ليبدو سراج في وضع مخل معها او يتحرش بها >
سراج بصدمة/ ايه؟ انت بتهدديني!!؟؟
نادين/ انا مش عايزة منك حاجة على فكرة .. مش هجبرك على اي حاجة ..
سراج بضجر/ امال انت عايزة ايه؟
نادين/ عايزاك تتفرج .. و بس..
تنفس سراج بغضب ..ولكنه شعر بقلق و توتر .. نادين لم تكن سهلة ابدا .. لو كان وقوفه متفرجا سينهي المسالة بدون مشاكل فهو سيظل في مكانه واقفا .. !! ولينتهي الامر على خير
نادين لاحظت تسمره في مكانه/ ايوا كده .. احب الي يسمعوا الكلام .. خليك شطور يا سراج !!
دلوقتي .. عايزاك تبص و تتفرج .. بمزاج !!!!
طلبت نادين من حمادة ان يقف .. ثم نزلت هي على ركبتيها .. في مواجهة حوضه .. و اخرجت قضيبه من لباسه الجلدي الغريب .. امسكته بيد و ابتدت ترضعه و تمصه بخبرة ولبونه و هي تبلل عمود زبره بلعابها حتى نزل على خصيتيه .. كل ذلك و هي وتدعك كسها بيدها الاخرى و تعرضه بزاوية نظر ممتازة لسراج ليكي يراه ..
كانت نادين تنظر لسراج بنظرات مغريه جدا وهي تتفنن في مص قضيب حمادة تمسكه بيد تضعه في فمها ..و تدعك كسها الذي فاض بالمياه حتى لوث الأرض من تحتها
و صارت نادين تأن بلبونة واضحة وهي تمص قضيب حمادة بقوة و الذي تفاعل معها.. كانت تريد ان تؤثر على سراج .. تريده ان يشتهيها .. تريده ان ينيكها .. بأي ثمن ..
بعد قليل .. انحنت نادين على اربع تظهر كل طيزها وعجزها لوجه سراج و طلبت من حمادة أن يركبها من الخلف .. كانت تريد اظهار افضل زاوية نظر لسراج و قضيب حمادة يخترق دبرها المستهلك من النيك ..
فصعد حمادة عليها هائجا وهو يُسمعها كلمات قذرة يهيجها و يريد بها ان يهيج سراج كذلك.. يريده ان يعرف انهما محرمان على بعضهما < بتحبي زبر جوز اختك يا لبوة؟ بتموتي في زنا المحارم يا شرموطة مش كدة؟>
كانت نادين مثارة بجنون ..فقط لشعورها بأن سراج يتفرج على لحمها وهي تُركب من حمادة .. فزادت افرازاتها بشكل عجيب .. وصراخها بدأ يعلو اكثر ..
حمادة ادخل زبره الطويل بسهولة واضحة في دبرها .. حتى آخره وصار يرهز بها بسلاسة و نعومة لتعودها على هذا الفعل ..
فيما حاول سراج ان يمسك من نفسه و يقاوم ما يراه ..معرفته بوجود علاقة محرمة بين نادين و حمادة .. اصابه بذهول اثاره رغما عنه وحرك شهوته !
فجأة دون سابق انذار .. و بشكل غريب و غير متوقع ..
دفعت نادين بحمادة بعيدا عنها فسقط قربها.. تاركا حلقة دبرها واسعة مفتوحة بوضوح للعيان .. ثم انقلبت على ظهرها لتستلق على مايشبه وسادة دائرية كبيرة منتفخة قريبة منها .. فغطست فيها
وافرجت عن ساقيها وفتحت فخذيها على اتساعهما ..و صارت تمد يدها لكسها و تعبث به و بشفراته وببظرها .. فتتساقط المياه منه بقوة ..
ثم نظرت نحو سراج بتوسل ورجاء ..
نادين بلبونة/ تعالا .. تعالا يا حبيبي .. بص .. شوف كسي ده .. ده لسه فيرجن يا سراج .. ماحدش لمسه قبلك .. انا سايباه زي ماهو من يوم ما بلغت .. انا قلت ده لصاحب النصيب الي يستاهل .. ومافيش حد يستاهله غيرك .. تعالا ..اااااه ... اممممم ..انا هموت من الهيجان ..تعالا بقى افتحني يا سراج ..افتح كسي و نيك شرفي ..
سراج مذهولا و متمنعا بصعوبة/ ايه .. انتي .. انتي بتقولي ايه .. انتي مش قلت انا اتفرج وبس ؟
نادين بقمة اثارتها/ ااااي... كسي بيوجعني ..تعالا طفي ناره بزبرك ... تعالا يا سراج .. وهو معقول هتفضل تتفرج وبس.. ايه .. هو احنا ما بنشبهش ولا ايه .. هو انا وحشه يا واد يا حمادة
حمادة من مكانه وهو يداعب قضيبه متهيجا/ ده انتي ست ستهم .. ده اكيد مجنون في عقله الي يشوف الجمال ده كله و يفضل ماسك نفسه
نادين لسراج/ شفت .. شفت الرجالة بتحبني ازاي .. اممممم ..يالا بقى انا مش مستحملة أكثر .. تعالا بقى !!
سراج طأطأ رأسه نحو الارض وعلى وجهه علامات حسرة و ندم/ ماقدرش .. ماقدرش يا ست نادين ..
في تلك اللحظة .. انزعجت نادين .. ولكنها ما زالت تحاول معه بالطرق الدبلوماسية ..
نادين مواصلة العبث في كسها/انا عارفة كل حاجة يا حبيبي .. انا مش زي مرام .. مش عاوزة منك حب .. انا عاوزة الزب .. الزب بس يا سروجي ..
انت ماسمعتش عن علاقة الون نايت ستاند ! نيكة وحدة بس يا مغفل .. تعالا نيكني و قضي الليلة دي بس معايا .. خليني اجيبهم على زبرك و ارتاح واريحك يا عبيط !!! تعالا نفض لبنك جوايا .. في كسي المحروم ده .. ااااااه
تعالا .. تعالا بقى .. تعالا نيكني .. و لا من شاف .. ولا من دري
هايبقى سر ما بينا احنا بس!
سراج ليس نبيا كي لا يتأثر بما يراه .. شعر بضعف .. رغم حبه لمرام .. الشيطان لعب في راسه .. و جمل له طلب نادين .. فقضيبه متوتر بوضوح خلف بنطلونه ..
فاقترب مترددا بخطوات ركيكة باتجاه نادين التي ابتسمت بفرح وصارت تشجعه اكثر وهي تفتح كسها بأصابعها له اكثر
نادين بجنون/ بص.. لو عندك خبرة ..بص ازاي لسه غشاء بكارتي زي ماهو .. بص؟ تعالا افتحه بزبرك ..تعالا!
لحظات كانت صعبة وثقيلة على سراج الذي ضعف جدا امام كل هذا الاغراء ..فاقترب منها .. وتقدم باتجاهها
و ما ان لمست قدميه قدما نادين حتى سحبته نادين بساقيها نحوها فسقط فوقها وهو مازال يرتدي ثيابه ..
حضنته نادين بقوة و صارت تشمه و تلعب بشعره وتطبق شفتيها على شفتيه وتحاول فتح سوستة بنطلونه لكي تخرج قضيبه المتوتر الذي كان متمركزا فوق كسها ..
حين تلامست شفتيها مع شفتيه ..شعر سراج بشعور غريب جدا .. لم تكن شفتيها نفس شفاه مرام ..لا الملمس نفسه ..لا الطعم هو نفسه ..لا الانفاس تحمل نفس العطر الطبيعي .. كل شيء مختلف .. لقد شعر بشيء غريب جدا .. جعله يشمئز من نادين رغم كل اغرائها له ..
هذه الشفاه .. تحمل اثرا لشفاه مئات الرجال الغرباء .. كما لم يكن لنادين عطرا مميز كمرام .. عطر ينتج من روحها ليتسامى عبر جسدها العاجي ..
عندما وصل سراج الى نقطة حرجة .. كاد ان يفقد السيطرة على نفسه .. ولكنه و بشكل عجيب تراجع في اللحظة الأخيرة وهو يهز براسه كأنه يريد ان يبعد فكرة ضعفه بالقوة ..
عندها انتبهت نادين لانسحابه و تصاعد غضبها لدرجة شعرت ان دمها يغلي .. ثم قالت له
نادين/ انت مش خايف لا ابعتلها كل الي لتصور ده؟ انت كده كده مش هتستفيد حاجة يا مغفل !
سراج/ انا .. انا بجد متاسف .. انا مش قصدي ارفضك .. بس انا حبي لمرام .. كبير اوي مش هتقدري تفهميه .. ولو بعتيلها الي اتصور .. مش هتفرق معايا .. يمكن انا ضعفت شوية .. بس هي هتفهم ده و هتسامحني
ابتعد سراج بعيدا عنها و صار يعدل بثيابه و يتجهز للرحيل
نادين انفجرت غاضبة/ هو انت فاكرها ملاك ؟ ولا تكونش فاكرها ملاك !!! هو انت تعرف ايه عن مرام ؟ ها .. تقدر تقولي تعرف انت ايه عن تاريخها ؟ تعرف هي كانت بنت مين .. امها كانت مين؟ وابوها .. تعرفه ؟ بتعرف هي جات من انهي مستنقع يا .. يا سراج!!!؟؟؟
سراج انتبه لحقد نادين لكنه لم يفهم سببه .. و واصل استماعه ..فقط ليعرف الى اي درجة نادين تكره مرام و تحقد عليها
نادين/ روح .. روح أسألها .. قلها امك كانت بتشتغل ايه ..وهي عملت ايه .. ولا خايف تعرف حقيقتها ..
سراج بثقة/ مش مهم .. انا ما يهمنيش ماضيها .. كل الي يهمني حاضرها وبس
و سواء .. مرام كانت غنية او فقيرة .. انا بحبها هي .. لذاتها وبس
نادين بغضب/ مرام مش ملاك .. فوق يا الي دايب فيها .. دي مش ملاك خالص !!!
سراج يسخر/ ومين فينا كده اصلا ..؟ احنا كلنا بشر .. نغلط و نكره و نأذي .. بس الي يخلينا نبقى ملايكة .. هو أننا نصلح غلطنا و نحب و نسامح!
غادر سراج المكان .. مما دفع بنادين الى ان تصرخ غاصبة .. و هي تضرب المخدة تحتها بيدها بكل قوة
بشكل غير متوقع .. كان حمادة بقربها يشعر بإثارة كبيرة .. كأن غضبها حفزه و آثاره .. و من غير اي مقدمات .. اخذ السوط الذي كان ساقطا بقربها و بدأ ينهال عليها ضربا به ..
نادين فوجئت لفعل حمادة و صارت تحمي نفسها بيديها / اي .. اي .. يا مجنون .. انت بتعمل ايه .. بتوجعني يا مجنون
لكن ..حمادة لم يجبها .. ضربها عدة مرات حتى صارت تبكي متوسلة له ان يتوقف .. ثم نط قافزا فوقها .. و زبره متوتر على آخره .. مستغلا ضعف نادين و استسلامها بسبب الألم الذي نالته من ضرب السوط
ووجه قضيبه نحو كسها المشعر.. فاخترقه فورا .. وهو يتأوه متمتعا .. فيما اطلقت نادين صرخة قوية من شدة الألم ..
نادين/ اااااه .. يا حيوان .. يا جربوع ..اااااااه
تجاهلها حمادة وهو يرهز بكسها الضيق محاولا تقبيلها و هي تمنعه .. حتى تلوث قضيبه بدم شرفها الذي انتهكه للتو غير مبال ..
و بعد لحظات قليلا اطلق صياحه وهو يفرغ محتواه من اللبن في قعر كسها العذري .. مرتاحا فوقها يلهث بقوة .. مرتخيا فوق جسمها ..وهو يصيح < بحبك يا شرموطة ..ااااااااح >
هدأت نادين قليلا ثم نظرت لمنظرها الرث و دماء قليلة تسيل من كسها بسبب افتضاض بكارتها على يده
قالت له/ يا معفن .. بقى كده .. كده دمرت جوهره حافظت انا عليها لسنين وكان نفسي اديها للي يستاهلها ..اه يا معفن .. يا معفن !!! ده انا كنت بقول يا ترى مين الي يستاهل عذريتك يا نرمين .. ملك ولا امير؟
اقترب حماده بشكل من اذنها و مازال قضيبه غائر في كسها الضيق وقال لها /اهو القدر جاوبك وقالك مين !!! قالك ان انا ..هو الشخص الموعود ده .. عشان انت عارفة كويس ان احنا الاتنين جايين من نفس المستنقع ..
نادين تحته بغضب/ انت بتقول ايه .. انت هتفضل جربوع بالنسبالي يا .. يا جوز اختي
ضحك حمادة/ هههه .. جربوع! علساس انتي ايه؟ اوعي تفتكري ان الفلوس عملت منك نضيفة .. الفلوس ممكن تخلينا نضاف من برى .. بس طول عمرها مش هتنضف الي جوانا طول ما فضل وسخ ..
بعيداً عن هذا الثنائي الغريب
عاد سراج الى القصر في وقت غير متوقع .. وانتبهت مرام لحضوره المبكر .. اذ سمعت خطواته وهو يتوجه نحو غرفتها ..
فتحت مرام باب غرفة نومها له .. بعد ان طرقه سراج .. واقفا امامها بشكل مريب و غريب ..
ثم لاحظت انه متوتر جدا ..
كان سراج شاحبا مرتبكا قلقا لا يشعر بارتياح يقف امامها صامتاً
فسألته مرام عما حصل/ ايه فيه يا سراج؟ انت رجعت بدري ليه؟ حصل حاجة؟
سراج بارتباك ينظر لها بعيون تكاد تجدح نارا من قوة اثارته/ انا تعبت بصراحة.. تعبت !
اقتربت منه مرام بتعاطف .. كان سراج يشعر بإثارة كبيرة بنفس الوقت و حاول اخفاؤها لكن اقتراب مرام منه .. لدرجة صار يشم عطر شعرها السرح زاد كثيرا من اثارته ..
بالإضافة الى انها كانت ترتدي ثوب نوم كحلي من الستن الناعم الذي التصق على مفاتن جسمها و اظهرها بوضوح
كانت تبدو في وضع بإمكانه ان يغري الحجر نفسه لا البشر و حسب .. مع انها كانت تتصرف على طبيعتها
كأن مرام شعرت ما يجول في خاطره .. فمدت يدها الناعمة تلامس خده متعاطفة معه .. تريد ان تخفف عنه توتره و ارتباكه
مرام/ تعبت من ايه يا حبيبي؟
بشكل عفوي تلقائي .. اخذ سراج يدها الناعمة و قبلها بحنان .. و انتقل بفمه نحو ذراعها ببطيء و سلاسة .. حتى التصق جسده بجسدها وهما واقفين
شعرت مرام بإثارته و واثارها وقوفه معها .. هي ايضا لم تعد تسيطر كثيرا على نفسها ..لم تعد تحتمل ان تظل مرتدية لقناع الرتابة و التحفظ و البرود .. هي في داخلها امرأة تحب الحياة و تريد ان تعيشها بشغف و سعادة ..
طوقها سراج بيديه يحضنها مقربا شفتيه من شفتيها .. شاعرا بأنفاسها العطرة تداعب شاربه
يقول لها بنبرة ملتهبة/ تعبت من بعدك عني .. تعبت من اشواقي ليكي ..
لم تجبه مرام لكن يبدو انها لم تمانع اقترابه منها .. فقلبها فتح ابوابه على مصراعيها من اجله .
في غضون ثانية التحمت شفتيهما في قبلة رومانسية شاعرية جميلة .. كاد فيها سراج بالذات ان يطير في شعورها نحو عالم الاحلام الذي تحقق بفضل قبلتها ..
لم يذق اجمل ولا احلا من طعم شفتيها ولا ازكى من عطر انفاسها ..
اندمجت مرام معه في القبلة و هو يدفعا بلطف داخل الغرفة .. حتى استلقيا معا على فراشها الوفير الناعم ..
فصار يتقلبان مع بعضهما حول الفراش .. كل منهما يساعد الاخر في التخلي عن قطعة من ملابسه ..حتى اصبحا عاريين تمتما ..
فكاد سراج يجن .. استوقفه منظرها ..لاول مرة يرى مرام عارية تماما امامه.. لم يصدق انها بكل هذا الكمال و التناسق .. كأنها حورية هربت من بحر الجمال الابدي ليهب لها قدمين تمشي بهما على الارض كما في الأساطير ..
انتقل سىاج بعد تلك المرحلة الى ان يقبل رقبتها و يشم عطرها من خلف اذنها .. تصاعدت الآهات من كليهما .. وهنا يغيبان عن العالم و يذوبان مع بعضهما
لم تكن مرام من قبل في مثل هذا الوضع ..متحررة من كل قيودها و متنازلة عن كل اقنعتها .. فقط لتكون انثى بكل ذرة خلقت فيها .. لتكون أمراة على طبيعتها ..
حتى وصل سراج الى نهدها المنتصب .. الذي لم تغير من شكله السنين ولم ينسحب ..
فصار يتنعم بملمسه الطري وجلده الناعم .. و حلمته المنتصبه الفاتحة اللون .. فارخى شفتيه عليها .. يمتصها بلطف فيحرك شهوة مرام اكثر لتفرز عسلا من كسها الجميل .. عسلا يرطب شفرتيها استعدادا لخوض المعركة ..
لكن .. ما زال سراج في بدايته ..
كان يكسر الصمت الجميل في تلك الاثناء بعبارت الحب و الغزل التي تصدر بصدق من قلبه النقي ..
لم يكن يشتهي مرام ليسد نقصا عنده .. بل كان يشتهيها لانها حبيبته .. لانه لا يريد ان ينشد احتياجه مع غيرها ..
في نزوله اللطيف بفمه ..وصل الى بطنها الجميلة .. الناعمة .. مع كل قبلة و لمسة ترتجف مرام لا تنطق الا بتاوهات خجولة .. معلنة انها له .. !
فارتعشت مرام اكثر وهو يطبق فمه على كسها الذي فاق الوصف في جماله .. كسها كان يلمع لرطوبته و لمعانه .. شفراتها الوردية الملساء ترحب بلسانه .. وانفه يشم عطرها بنهم ..
سراج كل قليل/ انت ايه؟ ملاك .. انا .. انا بعشقك .. بحب كل ذرة فيكي .. بحبك ..ومش عاوز من الدنيا دي كلها غيرك ..
كانت مرام مع كل هذا .. تجد ان الكلام لن يعبر حقا عن ما تشعر به نحو سراج .. فكانت تكتفي بانينها ونظراتها المثيرة له وهو يواصل اكتشاف جسدها .. ثم باعدت له بين ساقيها ..تهيء نفسها لكي يكون داخلها .. نعم .. الجنس في الحب اندماج لجسمين بروحيهما معا ..لا مجرد ممارسة شهوانية ..
حانت اللحظة ..
فاعدل سراج من نفسه و اصبح فوقها يتوسطها .. وجهه مقابل وجهها الجميل .. يغازلها بلغة العيون .. تجيبه بتعابير طريفة من وجهها و هي تعض على شفتيها في لحظة ايلاج سراج لقضيبه في كسها الجميل الناعم ..
ادخله سراج بالتدريج و ببطيء.. وهي تومأ براسها موافقة ..متمتعة معه .. لم تكن تلك مجرد ارضاء لغريزتها كانثى ..
هي تشعر بقوة حبه و صدقه نحوها . ولذلك هي لم تتورع من ان تهبه مفاتيحها كلها ..
صار سراج ..يتحرك بنمط اسرع .. متمتعا بهذا الاحساس الجميل الناعم الذي لم يألف مثله ..ولا يريد سواه .. نعومة جدرانها الضيقة كانت تكسبه دغدغة لروحه و مشاعره قبل ان تحاور رغبة رجولته ..
واصل سراج تحركه فيها و عاد يقبلها بنفس الحب ..نفس الرغبة .. نفس الاصرار .. على ان تكون له .. طول العمر..
كانت مرام تفرز عسلا بغزارة ..مسهلة له التحرك فيها بحرية .. فاستمر سراج لفترة طويلة .. يعذب فيها مرام .. قبل ان يريحها ..
يريد ان يثبت لها انه يستطيع التحكم في شهوته .. و لذلك هو لم يقذف بسرعة ..اراد ان يطيل معها اطول مدة ممكنة ..متنعما بذلك الشعور ..
حتى .. ضجت مرام بكلمة كسرت فيها كل صمتها و تحفظها وهي تصيح به/ هاتهم فيه يا سراج .. انا هموت .. هاتهم .. اااااااااه ..
فقذف سراج لحظتها وهو يصيح معها /بحبببببببببك ... ااااااه ..
دفعات قوية من مياهه البيضاء .. التي سقت و روت مرام .. كغيوم بالمطر انهمرت .. و لرغبتها القوية أهدات .. و مع قذفه الجميل قذفت ..
ارتعشت مرام .. وارتعش معها سىاج بقوة .. يفرغان حرمانهما مع بعضهما .. يشعران بحبهما لبعضهما .. مرتاحين و راضيين .. و محبين ..
بعد تلك الثورة ..
هدأ سراج .. وهو فوقها ..و عاد يقبلها بحب و رومانسية .. يخبرها مؤكدا لها كل قليل ..انه يحبها .. يحبها هي فقط
في الصباح الباكر ..
استيقظ سراج و بجواره مرام مستلقية .. كانت تغفو في حضنه كأميرة .. وجهها مشرق اكثر من اشراقة الشمس التي تتسلل من بين الستائر لتقتحم ظلام غرفتهما و تعلن عن بزوغ يوم جديد
داعب سراج خصلة من شعرها .. وهو ينظر الى جمال وجهها الساحر .. فانتبهت مرام له .. و فتحت عينيها بصعوبة تبتسم له بسحر .. فطبع قبلة على جبينها ..
بعد قليل سرح سراج مع نفسه و لاحظت مرام انه كان متكدرا ولم يبد عليه الارتياح
قبلها قبلة سريعة .. فشعرت مرام أنه لم يكن مرتاحا
مرام/ مالك يا حبيبي .. هو انت .. مكنتش مبسوط معايا ؟
سراج/ بالعكس .. انت بتقولي كده ليه؟ بس .. انا ..
مرام/ بس ايه يا حبيبي
سراج/ بس انا بحبك يا مرام.. بحبك اوي .. حب مش ممكن تتخيليه ..
مرام تبتسم له / طب ما انا بحبك برضه .. فيه ايه يا حبيبي.. هو احنا عملنا حاجة وحشة؟ ولا انت زعلان مني؟
سراج/ لا .. ابدا .. مش زعلان .. بس انا .. مش عاوز حبنا يبقى كده ؟
فهمت مرام قصده ..
مرام/ ممكن تقولي بكل صراحه .. انت بتفكر في ايه دلوقتي؟
سراج بتردد/ بصراحة .. انا .. عاوزك مش بس تبقي حبيبتي ..!
انا مش عاوز ابقى مع حد تاني غيرك طول عمري .. عاوزك تبقي ليه..
انا .. انا عاوز اتجوزك يا مرام !!!
مرام فرحت باعتراف سراج الجميل لها .. هي لم تصدم به .. لقد كانت تتوقع منه ذلك .. ومع انها فرحت جدا بطلبه الزواج منها الا ان فرحتها كانت ناقصه..
فلقد شعرت ان هناك حجر ناقص في الأحجية .. و ان عليها تضع النقاط على الحروف لتكتمل تلك الصورة التي يلوناها معا .. و تأخذ شكلا مفهوما و جميلا يسر الناظرين
فقالت له/ .. دي احلا حاجة سمعتها في حياتي يا سراج .. بس .. بس..
سراج بقلق/ بس ايه؟ هو انا مش قد المقام؟
مرام/ ما تقولش كده يا سراج ..انت مقامك عندي بالدنيا كلها ..بس خلينا الاول ناخذ الامور بالعقل عشان نعرف نوزنها كويس ..
انت عارف لو اننا عاوزين ده يحصل .. فاحنا قدامنا تحدي كبير عشان الي بينا ده ينجح .. فاحنا محتاجين شوية صبر بس ..
سراج بضجر/ لامته بس .. انا عاوزك في النور يا مرام .. انا بحبك و مش بيهمني اي حد ولا اي حاجة .. انا عاوز الناس كلها تعرف انك حبيبتي ومراتي ..
ابتسمت مرام له فرحة وقبلته في خده وقالت/ صدقني يا سراج .. انا برضه بحبك و مش عايزة ابقى مع حد غيرك .. بس صبرك عليه شوية يا حبيبي ..
ثم وضعت يدها على كتفه تطوقه وقالت له
مرام / في حاجات لازما نعملها قبل كده .. و اول حاجة انت لازم تخلي ثقتك فيه على الي انا ناوية اعمله
سراج/ و انا واثق فيكي اكتر من روحي
مرام / مع انك والهي كبير اوي في نظري .. بس لازم نخلي الناس كمان تشوفك كبير و متمكن و محدش يتجرأ ويقول انك ما تستاهلنيش ..
سراج منزعجا/ هو انا مستاهلكيش بجد ؟
مرام تمزح معه تضربه بخفة على وجهه وتضحك/ بس بقى بطل تفكر زي العيال .. انا بقولك الناس .. مع اني والهي مش مهتمة ليهم ولا بكلامهم
بس انا عارفة شخصيتك وان عندك عزة نفس كبيرة و انك حساس اوي للكلام ده ..
فاكر يوم ما اديتك الظرف عشان اساعدك .. ازاي زعلت و رفضته ؟
ابتسم سراج مؤيدا/ طبعا فاكر ..وانا لسه بقولك ..انا ماقبلش ده على نفسي .. ابدا
مرام/ و عشان انا عارفاك و اعرف شخصيتك كويس فدي اول حاجة هتواجها انت بالذات بعد ما نتجوز ..
عشان كدة .. انت لازم تترقى و تبقى كبير في المصنع .. والكل يعملك حساب . واسمك يبقى مكتوب على مكتبك قدام الكل بالبنط العريض ..
ساعتها .. بس .. هانقدر نتجوز و ماحدش هايقدر يسمعك كلمة ..
سراح بقبول/ طب .. هوانت هتعملي ايه ؟
مرام / سيب ده عليه ..
سراج فرح بذلك وهو يرى ان القدر ابتسم له اخيرا .. و سيحقق حلمه بالارتباط بفتاة احلامه ..
بعيدا عن سراج و مرام
في خط حياة أسامة
في الصباح الباكر..
في الغرفة الضيقة التي يسكنها أسامة .. كان ضوء الشمس يتسلل من الشرفة الصغيرة .. يتسلط على جدرانها الرطبة .. وأثاثها البائس ..
و كان قلبه هذا اليوم يخفق بسرعة لم يعرفها منذ زمن .. منذ أيام قصة حبه مع بديعة
لكنه لم يعد ينتظر بديعة .. بعد ان تركته وحيدا في عالمه .. بل كان ينتظر قدوم نجاة التي اتفق معها على تنظيف الغرفة.. هذا اليوم ..
بالنسبة له .. نجاة ليست امرأة عادية .. فيها شيء ما يثير كل شيء في داخله .. كأن روح بديعة نسخت نفسها على هيئة نجاة!
ما زالت ملامح نجاة تحمل جمالاً هادئًا بسيطا رغم السنين ..لقد تذكر دفء صوتها عندما حدثته آخر مرة .. و وجد نفسه يعدّ الدقائق كما لو كان مراهقًا ينتظر موعدًا غامضًا.. لرؤية حبيبته الاولى !
كان يمشي في غرفته الضيقة جيئة و ذهابا .. حتى توتر اكثر .. فجلس على حافة السرير .. يمرر يده على الطاولة وكأنه يتهيأ لاستقبالها..
اسامة مع نفسه/ أنا مالي كده متوتر؟ دي مجرد ست عادية … إنما قلبي ليه عامل زي العيال الصغيرين؟ .. انا ياما نكت كتير زيها بكلمة واحدة .. دي .. دي مش هتاخد في ايدي غلوة .. ايوه .. مش هتصعب عليه انا ابدا !
حين طُرق الباب كاسرا صمته و توتره .. انتفض اسامة واقفًا على قدميه .. وأخذ نفسًا عميقًا قبل أن يفتح.
على عتبة الباب ..
كانت نجاة تقف و تبدو بنفس ملامحها المريحة و وجهها البشوش .. تبتسم له بحياء .. متجنبةً النظر المباشر في عينيه ..
تحمل بيدها أدوات بسيطة للتنظيف. كان شَعرها مغطى بطرحة داكنة .. و ترتدي ثيابا بسيطة خفيفة بعض الشيء لكنها لم تكن لا جريئة ولا شفافة ..
نجاة بحرج/ إزيك يا بيه ؟ انا جيت ع الموعد .. انا.. انا إن شاء **** النهارده هخلّي الأوضة دي تنوّر..
أحنى أسامة رأسه قليلًا وهو يفتح لها المجال للدخول وهو ينظر لها بعينيه .. من راسها حتى قدميها .. كأنه يعمل لها فحصا بأشعة تنطلق من عينيه
اسامة/ أهلا وسهلا يا نجاة .. نورتي! تفضلي ..
نجاة بحياء/ يزيد فضلك يا بيه .. انا هبتدي الشغل حالا !
دخلت نجاة على عجل وهي تنظر بسرعة الى مكونات الغرفة.. ثم توجهت مباشرة الى الحمام البسيط تملأ جردلا بالماء .. تستعد لتقوم بعملها مباشرة ..
حين انحنت ..كان اسامة يقف خلفها .. ينظر للخط الفاصل بين فلقتيها فيصاب بانتصاب فوري مرعب.
كان يود لو ان ينقض عليها حالا .. يعريها و يطرحها ارضا .. ثم ينيكها بسرعة ..مفرغا حمولته من اللبن الذي أذى خصيتيه بتجمعه .. لكنه سيطر على نفسه ..
واصل اسامة مراقبتها وهي تبدأ بترتيب الأشياء، قلبه يزداد خفقانًا.. لم يتحمل أن يظل ساكنًا .. فاقترب يعرض المساعدة ..
انحنى اسامة محتكا بها ملتصقا بشحمها .. كتفا على كتف .. جنبا على جنب .. فلامس يدها بسرعة .. وهو يساعدها لرفع الجردل ..
اسامة/ خليني اساعدك !
نجاة ترتبك اكثر .. شعرت ان لمسته لم تكن عرضية ..لكنها واصلت تجاهلها للأمر و اخذت تصرفه بحسن نية !
نجاة/ ها .. **** يخليك يا بيه .. بس احنا لسه في اولها .. لما اعوزك هقولك ..
عرف اسامة ان عليه التريث عليها قليلا .. فأنفصل عنها وترك لها حرية الحركة ..
صارت نجاة تمسح البلاط و تنغمس بالتدريج في عملها .. و تبذل جهدا واضحا .. حتى بدأت اثار التنظيف تترك اثرها عليها ..
ابتلت ثيابها بسبب اختلاط مياه التنظيف مع عرق جسدها فأصبحت شبه شفافة في كثير من المناطق ..
عندما وصلت لسريره المتواضع .. تريد تنظيف ما تحته
اسامة بعيون لامعة / تحبي أرفعلك السرير من الناحية دي عشان تعرفي تمسحي تحت؟
ابتسمت نجاة بدهشة خفيفة/ ها ...لا يا بيه … مش عايزة اتعبك .. سيب الشغل عليّا انا بس ..
لكن اسامة أصر و رفع السرير بجهد واضح. هي التفتت نحوه وقالت بنبرة فيها اعجاب لقوته
نجاة / **** يحفظك و يقويك ! واضح إنك عايز تشتغل معايا.. بس مش عايزة هدومك تتوسخ ..
اسامة/ مش مهم .. فداكي..!
شعرت نجاة بنظراته تخترق روحها قبل جسدها .. ما زالت في حالة انكار ساذجة.. امرأة مثلها تعرف جيدا .. ان الرجل طلبها لا لأجل تنظيف غرفته ..بل لغاية في نفسه ..
وقدومها هنا و قبولها بالمهمة .. كان اول علامة من علامات موافقتها و رضاها !..
لأن خبرتها في الحياة .. علمتها جيدا ان وجودها لوحدها معه .. لا يمكن ان يمر .. بسلام!!!!
انحنت نجاة تحت السرير و صارت تمسح .. فيما ركز اسامة نظره اكثر على فلقتيها اللتين ابتلعتا قماش الثوب المبلل .. فبان حز كلوتها بوضوح له
مرت لحظة .. كشفت عن إعجابه المريض بنوعها من النساء .. نظراته نحوها لم تعد تخفي شهوته لها، وهي بدورها التقطت منه ذلك .. لكنها انكرت هذا الشعور بصمت
مع كل حركة قامت بها نجاة في تنظيف الغرفة .. ازداد شعور اسامة بالراحة .. و بأن هذا المكان البائس لم يعد باردًا كما كان وأن حضورها أضاء شيئًا في حياته المظلمة.. بل و ان وجودها اصبح ضروريا جدا للمكان
بعد دقائق .. من مواصلة نجاة لعملها ..و اسامة من النظر لكل حركة تقوم بها ..
أراد اسامة ان يهجم على طيزها الآن.. لكن .. ما زال يؤيد الطبخ على نار هادئة ..
نهضت نجاة بعد ذلك من مكانها وهي متعرقة تلهث .. تلهث متعبة! ام انها هي الأخرى صارت تشعر بأثارة لا مبرر لها ؟ ..
فنظرات اسامة لها كانت مجنونة .. خارقة .. مكتسحة .. كأن نظراته عرتها تماما امامه .. فصار قلبها يخفق بسرعة و كسها يفرز عسلا لأول مرة ..منذ سنوات طويلة .. لم تظن لحظة بأنها ما تزال مرغوبة بنظر الرجال !
امرأة عادية تفترش الارض كل يوم لتكافح في جلب رزقها و رزق عائلتها .. لا ينتبه لها احد ..لا يراها احد .. هي غير مرئية حتى من قبل اهلها!! و زوجها !! لا احد يهتم بها .. لا احد يراها ..
الآن فقط ..شعرت انها موجودة ..و ان هناك من يراها..!!
وصلت نجاة لمرحلة تنظيف الحائط الذي شكا منه اسامة ..فمسحته و هي تتحرك بطريقة غريبة .. مع كل تلويحة من يدها الممسكة بقطعة قماش .. فيرتج لحم جسمها رجاً .. واسامه ينظر لها من خلفها بشهوة يكاد يفترس فلقتيها بعيونه.. حتى وصلت نجاة لصورة قديمة معلقة ارادت ازالتها .. لكن يدها لم تصل لها
فجأة . شعرت نجاة بأسامة يلتصق بظهرها !!! و ممسكا بيدها وضاغطا بقضيبه بين فلقتيها ..
جفلت نجاة من حركته .. فشهقت .. لم تظن ان اسامة سيكون سريعا بهذا الشكل ..هي كانت تتوقع مبادرته لكن ليس الآن .. ربما في مرة اخرى .. ربما غدا ؟؟؟
اسامة يضغط اكثر عليها وهي تجمدت مشلولة ساكنة بينه وبين الحائط يهمس في اذنها/ خليني اساعدك شوية ..
فصار يحرك عجزه على طيزها ويرفعها مع دفع قضيبه الذي كاد يمزق ثوبها ..
نجاة بصدمة/ اه .. لا .. ما ..لا ..ما ينفعش ..
بسرعة لفها أسامة لنحوه لتقابله واهنة ضعيفة ..
ولم يعد هناك وقتا لتضييعه .. فحاصرها بجسمه ضاغطا لحمها بكل انج منه ..
شعرت نجاة بقوة قضيبه من خلف ثوبها و عرفت ان تهاونها و ضعفها له كان مفضوحا للغاية وهو سبب تجرأ أسامة عليها ..
بشكل وحشي ..فتق اسامة ثوب نجاة من صدرها حتى عانتها.. فشهقت صارخة من شدة صدمتها! ومعها اندلقت للأمام كرتي ثدييها الضخمين ..لم تكن ترتدي ستيان ...
فهجم على فمها يقبله ويمنعها من الصراخ .. لم يعطها فرصة اذ صار يفعص بنهديها بيديه و يمص فمها كمجنون ..
نجاة .. كأنها زبدة ساحت فوق صفيح نار ساخن ..لم تر هي في مقاومتها الا نفاقا مكشوفا لا فائدة منه ..لكن ..شيء بسيط فيها ظل يتمنع .. تتمنع وهي راغبة !
السرير كان قريبا .. فسحبها نحوه ..والقاها عليه وهي لا تفعل شيء سوى التأوه و التمنع الخفيف .
نجاة بياس/ .. بس ما ينفعش .. اصل انا .. انا وسخة ..
اسامة بجنون/ وسخة فشخ .. وانا هنظفك حالا ببقي ..!!
فنزل على نهديها يلعقهما ينشفهما من اي بلل محتمل ..ماءا كان ام عرقا ..لم يهتم ويفعصهما بقوة .. ونجاة خارت قواها بعد كل تلك اللمسات ..
ثم نزل على بطنها المستديرة و سوتها وصار يلعق كل ما في دربه .. جلدها و حبات العرق التي بللته .. بجنون
حتى وصل الى كنزها فخلع عنها كلوتها المبلل بخليط ماء و عرق و عسل !
كان كسها كما توقع .. مشعرا مهملا .. ينبعث منه عطر غريب .. مما جعله يشتهيه اكثر ..
كان هذا دليل واضح ان نجاة لم تكن متهيئة للجنس ولم تفكر به و لم تتوقعه منه
فهجم اسامة على كسها وصار يلحسه بنهم . هنا بالضبط .. فقدت نجاة مقاومتها تماما ..
لم يلحس احد كسها لها في حياتها كلها ابدا .. شعور غريب جديد تمر به لم تألفه و لم تعشه من قبل ..
حركات فم اسامة و لسانه بين شفراتها المشعرة والمهملة .. جعلاها تفقد نفسها في بحر ضياعه .. تتوه في مملكة جنونه .. تتربع على عرش شهوته ..
ولأن نجاة .. يتم لحس كسها الآن لأول مرة .. فلقد فقدت نفسها من قوة الاحساس و قذفت فورا !! لأول مرة في حياتها ..!! قذفت عسلها على شكل شلال منطلق في وجهه .. وهي تصمت بدل ان تصرخ .
بالكاد صارت تشهق انفاسها . كاد ان يغمى عليها من قوة هذا الشعور ..
فيما كانت صامتة شبه غائبة .. مرتخية .. مستسلمة ..
زحف اسامة فوقها بسرعة ليولج قضيبه المتوتر في كسها الموحش .. الضيق ! نعم ..كان ضيقا لأنه مهجور منذ مدة .
ادخل أسامة زبره فيها ايقظها ثانية على شعور نسته تقريبا .. تمركز اسامة فوقها .. و هو يقبلها كما يقبل عروسا! و يضغط بصدره المشعر على صدرها الكبير الطري .
وصار يرهز بها كمجنون وهو يتأوه .. فيما نجاة استعادت الآن وعيها متأخرا و ادركت انها سلمت مفاتيح وهنها لجنود قوته .. فيسيطرون على قصر شهوتها مقتحمين منفذ جسدها الحساس..
أسامة كان يرهز فيها بسرعة مجنونة.. وهي تحولت .. تبدلت .. صارت تشعر بأن الانثى فيها حيّت و عادت تتنفس من جديد .. و أُسعدت!
لم تكتف بذلك ..بل انها تجرأت و بادلت اسامة القبل .. بعد ان كانت جماداً بلا روح ولا امل !
قذف اسامة لبنه فيها صارخا .. من هول شهوته ..لكنه بعدها واصل سكوته ... وتحركه البطيء فيها .. وهي تتقبل منه كل هداياه .. و لن ترفض ايا من عطاياه ..
يبدو أن رغبه اسامه الحقيقية فيها ولمساته الخبيرة ايقظت فيها مكامن الأنوثة التي لم كانت في سبات منذ سنوات طويلة
لكن اسامه ولمساته المثيرة في الاماكن الحساسة وفي الوقت المناسب حول مقاومتها الى استسلام و اندماج
عندما انتهى أسامة مفرغا كل لبنه في جوفها ..ابتعد عنها مستلقيا بجانبها على ظهره .. فالتقط انفاسه من كثرة المتعة التي نالها معها ..
اما نجاة فبقيت في مكانها.. ساقيها منفرجتان .. كسها مليء بلينه الذي صار يسيل خارجا منه .. نازلا للأسفل ..فيما بدأت هي تبكي بصوت خافت .. ندم ما بعد الذنب ..!
هي نفسها لا تعلم لماذا استسلمت له بسهولة؟ لقد قذفت هي ايضا متزامنة مع قذفه ؟؟و كسها يتقلص رغما عنها حول زبره ..
هي .. لا تعلم لماذا جاءت له من الأساس وهي تعرف ان نيته كانت سوء ؟
كانت نجاة تتساءل مع نفسها .. هل كان السبب الحقيقي لمجيئها هو احتياجها المالي حقا ام شيء اخر ؟
اسامة بعد ان التقط انفاسه .. نظر باتجاهها وقال لها يفاجئها/ انا .. بحبك !!!!!!!
في خط حياة مرام
في ادارة المصنع
في مكتب الإدارة
جلست مرام خلف مكتبها العريض .. كانت تفكر منذ أيام أن تكافئ سراج على إخلاصه ووقوفه بجانبها في المصنع .. و تحقيقا منها لوعدها له بالزواج منه بعد أن ترقيه لمنصب مرموق في ادارة المصنع .. كمعاون مثلا !
نادت مرام على السكرتيرة/ من فضلك يا أنصاف .. ابعتي هاتيلي الملف الشخصي لسراج .. من الموارد البشرية..
انصاف/ قصد حضرتك .. سراج الي هو السواق بتاع حضرتك؟
مرام/ بالضبط .. لو سمحتي!
ذهبت السكرتيرة الى مكتب الموارد البشرية ثم عادت لمكتب مرام و بين يديها ملفه ..
أخذت مرام الملف الأزرق بين يديها وقالت/ ممكن تبعتيلي وراه يا انصاف .. خليه يجيلي المكتب حالا !
انصاف/ تمام .. حالا حضرتك..
بعد ان خرجت السكرتيرة فتحت مرام الغلاف وبدأت تقرأ المعلومات الشخصية المدونة فيه
الاسم:- سراج خميس عبد القادر !!!
ارتجفت يد مرام وهي تقرأ وتوقف نفسها لوهلة .. جف حلقها و خفق قلبها بقوة .. حتى تعرق جبينها و هي تردد مع نفسها
مرام / خميس؟!… هو ده معقول؟؟ خميس نفسه؟؟؟ مش ممكن !!
يتبع
........
الجزء التاسع
{ هل يستحق الجميع نهاية سعيدة ؟ }
البارت الأول
مقطع منسوخ من السلسلة الاولى- الجزء الأول
[ لقد طلق خميس زوجته الاخيرة قبل مدة بسيطة .. حتى مرام نفسها لا تعرف عدد المرات التي تزوج بها خميس ثم طلق ..
لكنه رزق بأبن هذه المرة .. ولكونه اب مهمل ايضا ..فلقد ترك رعايته للجدة الكبيرة في العمر .. هي من تولت تربيته بعيدا عن بيته ]
للتذكير. { خميس هو زوجها السابق و صديق والدها ناصر. تزوجته بناء على نصيحة امها بديعة لكي تداري فضيحتها من ادريس . خميس توفي مع ناصر في نفس حادث السيارة}
خميس ..
ذلك الاسم الذي ارتبط بماضيها الموحش الكئيب .. الرجل السكير العجوز الذي يكبرها بعقود .. لم تقض معه يوما سعيدا واحدا .. لم تملك أي مشاعر تجاهه سوى الكره و الاشمئزاز ..
لقد مات بحادث سيارة مع ابيها ناصر .. من قبل أن تلتقي بعبد المنعم.. بسنوات ..
ازدحمت الذكريات في رأس مرام .. وصور خميس تعود حية امام ناظرها .. مع طيف حياتها القصيرة معه في بيته القديم..
ظلت تحدّق في الورقة بعينين متسعتين .. تكاد ان تدمع .. لم تشعر بوقع خطوات سراج وهو يطرق الباب ثم يدخل مترددًا..
سراج / صباح الخير !
رفعت مرام رأسها ببطء، تحاول ان تخفي ارتباكها بابتسامة مصطنعة لعلها تخفي صدمتها ..لعل هناك بصيص امل ..ان يكون هذا مجرد تشابه أسماء .. خلط غير متعمد .. خطأ مطبعي ربما!!!
مرام / صباح النور يا سراج… تعالى اقعد.. !
جلس سراج امامها والفضول.. يكاد يفضحه في نظرات عينيه .. كان سراج متلهفا و متحمسا لهذا اللقاء .. ليس طمعا في منصب او ترقية .. بل في تحقيق فرصة لارتباطه بها بشكل اكبر
مدّت مرام يدها بالملف نحوه وكأنها تريد التأكد بنفسها من كل ما ورد فيه
مرام/ .. هو .. انت اسمك الكامل إيه يا سراج؟
أجابها سراج بابتسامة و عينيه تلمعان حماسة و فرح
سراج / .. سراج خميس عبد القادر.. ماهو مكتوب قدامك
خميس **** يرحمه… كان أبويا . بس أنا ما لحقتش أعرفه كويس .. كنت لسه *** صغير يوم ما اتطلق من أمي واتجوز ست تانية. انا ما عشتش معاه كتير ..
شعرت مرام كأن الأرض اهتزت تحتها.. حتى لم يستقر مكتبها تحت يديها ..قلبها انقبض بشدة وأصابعها قبضت بقوة على الملف كي لا يظهر ارتعاشها..
مرام / يعني… يعني إنت ابن خميس عبد القادر؟ .. خميس .. هو ابوك ؟؟؟
ابتسم سراج بخجل/ هو فيه ايه؟ الإسم مكتوب غلط عندك ولا ايه بالضبط ؟
أخفضت مرام راسها ممثلة النظر في اوراق الملف ..تريد ان تخفي عينيها عنه سريعًا .. لتخفي عاصفة من المشاعر التي اجتاحتها الآن
في داخلها سؤال يصرخ ولا تسمع له اجابة < إزاي القدر رجّعلي ابن خميس .. و خلاني أحبه ! .. ليه يا *** يتعمل فيه كده .. مش ممكن .. مش ممكن ده يحصل ؟"
لكنها سيطرت على نفسها وأجابت بصوت منخفض فيه نبرة غريبة و كأنها تريد حبس حشرجة صوتها و تؤجل ثورة بكاءها ..
مرام بصوت محشرج قليلا/ ها.. لا .. لا ده واضح ..انا الي ما شفتوش كويس..
انا بعت وراك .. لأني هعملك ترقية يا سراج .. و من بكرة هتبقى .. معاون اداري ..
سراج يبتسم/ بس انا ما بفهمش في الادارة
مرام بشكل غريب/ مش مهم .. انا هخليهم يعلموك الشغل و انت معاهم ..
سراج شعر بشيء غريب في مرام .. لم تكن ابدا على طبيعتها
سراج / مالك يا مرام .. هو انتي كويسه؟
مرام/ اه ..تمام ..بس .. مجرد صداع .. ممكن تاخذ الملف ده بايدك و تديه لأنصاف و انت طالع ؟
سراج/ سلامتك الف سلامة .. طب ابعت اجيبلك دكتور؟
مرام/ لا ..لا انا كويسه .. اعمل الي قلتلك عليه وبس .. لو سمحت
سراج/ حاضر.. زي ما تحبي
اخذ سراج الملف و خرج من مكتبها و الفضول يملأ تفكيره .. كان يتمنى ان يعرف سبب لخبطة مرام قبل قليل ..
مرام كانت قد دونت عنوان سراج وكل معلوماته المهمة في ورقة صغيرة ..
مرام مع نفسها/ انا ازاي ما انتبهتش الا دلوقتي ؟ .. ازاي ما ركزتش في معلوماته قبل كده.. ؟
في وقتها قبلت مرام تعيينه بناء على توصيات العم حسن الذي مدحه كثيرا .. ولما قابلته اعجبها كموظف و كشخص يبدو عليه الجدية والامانة .. و وقعت اوراقه دون ان تركز كثيرا في اسمه الكامل !!!
لم تستطع مرام تمالك اعصابها اكثر .. ولا الصبر لدقيقة اخرى .. فأخذت بعضها و خرجت من المصنع دون ان يدري بها احد .. و قادت سيارتها و هي بالكاد تستطيع رؤية الطريق امامها بسبب دموعها المنهمرة و بكاءها المتواصل ..
كانت تبكي نفسها و حظها و تلاعب القدر بحياتها .. لماذا ظل القدر مصرا على معاقبتها؟
كانت نيتها ان تذهب الى بيت سراج .. بعد ان عرفت من المعلومات المقيدة في ملفه انه يسكن مع جدته العجوز..
قادت مرام بصعوبة حتى وصلت الحي الشعبي المتواضع .. سيارتها لفتت انتباه المارة و الاولاد الذين كانوا يلعبون في الازقة ..
توقفت قريبا من بيت سراج ..متحيرة ..تريد ايجاد باب بيته ..لا ارقام واضحة تحملها تلك البيوت ..
من بعيد جاءها رجل متوسط العمر .. عرف انها تنشد عنوانا .. فسألته عن بيت سراج .. و دلها عليه فورا ..
ثم دست مرام مبلغا من المال في يده ليحرس سيارتها الفارهة .. و تمشت نحو الباب المقصود ..
لم يكن هو بيت خميس نفسه .. كان بيتا مختلفا في منطقة اخرى لا علاقة لها بخميس
طرقت الباب و كلها توتر ..حاولت مسح دموعها و ووضعت نظارة شمسية لتخفي اثار بكاءها ..
سيدة عجوز وقورة . فتحت لها الباب محنية الظهر ..لكنها واقفة على قدميها
شكت العجوز بهيئة الضيفة .. فهم لا يزورهم ضيوف الا نادرا .. فمن تكون تلك السيدة الثرية التي تقف على باباها ؟
السيدة نجية/ اهلا يا هانم .. اي خدمة؟
مرام بصوت محشرج/ انا .. مدام مرام .. مديرة سراج في الشغل
السيدة نجية بحماس/ اهلا وسهلا .. زارتنا البركة .. تفضلي يا بنتي .. ولو ان البيت مش من مقامك
دخلت مرام بفضول .. تريد ان تتعرف للمكان الذي نشأ فيه حبيبها .. ام .. هو لم يعد كذلك؟ لأنه أتضح الآن أبن زوجها السابق ؟؟
البيت كان بسيطا لكنه نظيف و مرتب. جلست مرام على واحد من الارائك المتواضعة و قابلتها العجوز بعد ان أحضرت لها شرابا ..
مرام بإحراج/ انا .. انا كنت جاية في موضوع يخص سراج ..
السيدة نجية فرحت بداخلها .. زيارة مرام للبيت تعني الكثير.. هي قد شعرت من قبل ان حفيدها معجب بمديرته .. لابد من سبب وجيه لزيارة المديرة لبيته
السيدة نجية/ .. انا تحت امرك يا هانم في اي حاجة..
مرام/ .. انا .. عاوزة اعرف كل حاجة عن سراج .. من وهو صغير لغاية النهاردة ..لو سمحتي ..
ضحكت العجوز مبتشرة/ كل حاجة من وهو صغير .. ياه.. ده كتير اوي .. لا مؤاخذة .. هو انت عايزة تعرفي كل ده ليه؟ ما سراج بقالة يجي كام شهر بيشتغل معاكي .. و اكيد حضرتك عرفته عني كل حاجة تهمك
مرام بقليل من عصبية/ لا .. مش كل حاجة .. لو سمحتي انا عايزة اعرف الفترة الي كان فيها صغير .. لو سمحتي
مع استغراب السيدة نجية لطلب مرام ..لكنها قررت ان ترضي فضولها و تجيب سؤالها ..فليس هناك شيء تخاف ان تخفيه عنها
السيدة نجية/ بصي يا بنتي ..
سراج ده .. يتيم ، **** يعفرله بقى .. ابوه هو الي كان السبب في يتمه !
مرام تخنقها العبرة/ ازاي بقى؟ هو فيه اب بييتم ابنه بارادته؟
السيدة نجية/ اه .. فيه .. الي مايتسمى خميس .. هو ابني صحيح .. بس كان خيبة .. عمره ما عمل حاجة كويسه لأهله ولا لصحابه .. يالا . اهو راح عند الي خلقه ..
ثم اكملت العجوز سردها/
خميس ده كان بتاع ستات ..وكل يوم يتجوز وحدة و يطلقها ..
ده حتى عيلتة الاولانية محدش يعرف عنها حاجة ..
اخر مرة كان متجوز بنت مسكينة مقطوعة من شجرة .. اسمها أنيسة .. يتيمة ومالهاش حد .. **** يرحمها و يحسن اليها < انزلت العجوز دمعة مسحتها بمنديل>
ضحك عليها بكلامه و وهمها انه معاه فلوس و هيعيشها احسن عيشة .. بس بعد ما جابتله الواد سراج .. كل حاجة تغيرت .. و كل حاجة طلعت كدب .. خميس ماحلتوش حاجة ..و البنت أنيسة دي شافت ايام سودة معاه ...
لا بيديها مصروف ولا بيشتريلها حاجات البيت ولا لابنها حتى .. دي كانت بتموت من الجوع هي وابنها و هي عايشة معاه ..
كنت بقولها يابنتي سيبيه .. وتعالي اقعدي عيشي معايا .. مع ان بيتي قديم وصغير .. بس كان سترنا و غطانا .. هو ده الي طلعت بيه من ابويا المرحوم .. و خميس ياما قعد يتحايل عليا عشان احول البيت ده باسمه بس ما قدرش .. الحمد**** أني ما عملتش كده
مرام بدأت تنزل دموعها فمثلت ان شيء ما ضايقها و دخل عينيها فخلعت النظارة و مسحت عينيها بسرعة و اعادت ارتداءها
مرام/ كملي يا حجة .. ارجوكي
السيدة نجية/ .. لما بقى عند سراج ٥ سنين .. و كان داخل على ال٦ .. الما يتسمى اتجوز مرة تانية! تانية ده ايه؟ قولي عاشرة! تجوز .. بنت اصغر من بناته .. وحدة كده سمعتها لا مؤاخذة مش و لابد ، والهي ولا عرفت اسمها من كتر جوازاته.. بس الي عرفته ان امها كانت تبيع خضار في الحارة الي جنبينا و محدش سلم من لسانها ولا ايدها !! سمعتها وحشة اوي!!!
وعشان البنت دي ضحكت عليه ولا يمكن هو الي دحك عليها .. اتجوزوا و ساب انيسة و ابنه ولا عادش سائل فيهم .. ولا مصروف ولا بتاع .
البنت انيسة كانت هتموت من القهرة قبل الجوع .. بسبب الي عمله خميس فيها .. و يا عيني عليها عِيت .. و ماتت بحسرتها ..
مرام بصدمة/ ايه .. ماتت؟
السيدة نجية/ ايوه يا بنتي ماتت .. **** يرحمها ..
مرام/ طب وحصل ايه بعديها
السيدة نجية/ الخبر وصل لخميس ولولا ملامة الناس ..كان ابنه كمان مات من الجوع .. قام خاد الواد و رماه عليه و قالي .. خليه عندك لحد ما تفرج .. بس من يومها لا شفته ولا سمعت منه حاجة لحد يوم خبر وفاته .. **** يرحمه بقى
مرام متأثرة/ وانت عملت ايه ..
السيدة نجية/ انا قلت امري *** .. ذنبه ايه الواد ده .. قلت انا اربيه مع أن الحال كان صعب اوي بس *** ما يسيبش حد ..
السيد نجيه لم تكن تعلم ان مرام هي نفسها زوجة خميس!! و قد تلت عليها القصة كلها
مرام/ .. وهو سراج .. لسه فاكر كل حاجة ؟
السيدة نجية/ وهو يقدر ينسى؟ ده كل يوم بيدعي علي الي كانت السبب في موت امه و حرمانه منها .. ده ولد ذكي و فاهم و فاكر كل حاجة .. عمره ما قدر ينسى ..
بس نقول ايه بقى .. **** يعوضه خير ان شاء **** ..
بس لامؤاخذه يا بنتي .. هو انت شمعنى جاية لهنا و بتسالي الاسالة دي كلها ليه ؟
مرام بارتباك/ اصل .. اصل سراج ولد كويس و محترم .. فكنت حابه اساعده انه يلاقي بنت تناسبه .. و انا هتكفل بكل مصاريف جوازه .. عشان كده كنت حابة اعرف عنه كل حاجة.. لأجل البنت الي هترتبط بيه !
السيدة نجية فرحت جدا بكلام مرام وظلت تدعو لها بالخير .. فيما استغلت مرام انشغالها بالدعاء و نهضت مسرعة لتهرب من المكان
تنويه: راجع النصف الاول من الجزء الأول في السلسلة الأولى
بالكاد استطاعت ان تمسك دموعها .. حتى غادرت المنطقة فصارت تجهش مع نفسها بالبكاء ..
لقد رأت نفسها تعود الى نفس الماضي الذي كانت تهرب منه و تتناساه و تحاول ان تسحب جذورها منه للابد ..
لقد ابت الاقدار الا ان تعيد عليها نفس الموقف .. نفس المطب مره اخرى ..
لماذا كلما احبت شخصا يعاندها القدر فيه .. ؟؟؟
هل هي الكارما .. تعود اليها لتعيدها حيث بدأت .. لتجزيها لها على ما فعلته من اخطاء في حياتها سابقا؟
لكن مرام بعد ان تزوجت من عبد المنعم قررت أن تكون انسانه جديده بفضله .. وان تبدا صفحه جديده مع نفسها ومع الناس .. وبذلت كل جهودها لمساعدتهم
لماذا يحصل لها كل ذلك ؟
في قصرها
في عتمة الليل الموحشة
جلست مرام على حافة سريرها، والستائر مسدلة .. والغرفة غارقة في صمت كئيب
الكلمات التي كانت تدق في راسها كطبول عملاقة .. فتؤرق نومها
"سراج… ابن خميس!!"
ارتعشت أصابعها وهي تضغط على صدرها. كأن الزمن عاد بها فجأة إلى ماضيها الأول .. إلى سنوات خميس العجوز الرجل الذي دخل حياتها بموافقة من امها و دعم منها لتداري خطأ بخطأ اخر ..
ثم كما جاء .. رحل .. وتركها محمّلة بذكريات لا تريد الا ان تنساها للابد ..
بعد تلك الزيارة التي هزت حياة مرام من اساساتها ..
كانت الايام التالية تمر ثقيلة و خانقة جدا على قلبها .. لم تستطع النوم .. كلما أغمضت عينيها رأت وجه سراج بعينيه اللتين امتلئتا حبا و هياما لها! قلبها كان أضعف من قدرتها على الاحتمال.. فصار يخفق بجنون .. حتى كاد يقف!
في صباح اليوم التالي
كانت تجلس أمام المرآة ..تنظر إلى انعكاس وجهها الشاحب و المتعب من كثرة التفكير و قلة النوم..
مرام تهمس لنفسها/ إزاي أنا ما خدتش بالي؟ إزاي ما انتبهتش من الأول؟
شعرت بمرارة تلسع روحها .. المحاصرة بصراع لا ينتهي .. بين شعورها الحقيقي الذي ولد بعد عقد عقيم من الاحاسيس .. وبين احساس عال من ندم .. ليس لأنها احبته .. بل لأنها كانت سببا في حزنه و بؤسه و ووفاة امه وان لم تقصد ذلك ولم تعرفه ..
كأنها قد أخطأت في حقه وفي حق نفسها أيضا .. بدخولها تلك العلاقة المعقدة التي طالما اخبرها عقلها بأنها علاقة مليئة بالتحديات .. و سيكون محكوم عليها بالفشل .. فكيف سيكون مصير هذه العلاقة بعد تكشف الحقائق .. و كشف المستور؟
ماذا سيفعل سراج .. لو عرف ان من احبها حبا جما و رسمها شريكة حتمية لحياته .. هي نفسها من خطفت ابيه منه وهو في عمر الزهور .. و كانت سببا لموت امه!!!
اثناء اندماجها مع نفسها بهذا الصراع .. دخلت عليها سيدة بالخدمة المعتادة .. فالتفتت مرام إليها بسرعة وقالت لها
مرام / من فضلك يا سيدة … لما ييجي سراج ..قوليله انا مش رايحة المصنع النهاردة .. و قوليله انه اجازة كمان .. !! خليه يمشي .. يشوف مصالحه!!!
نظرت سيدة لها باستغراب / خير يا مدام مرام؟ هو سي سراج عمل حاجة تضايق حضرتك؟
مرام / لا ما عملش حاجة … بس أنا محتاجة أفضل مع نفسي شوية .. عايزة شوية هدوء .. وبس !
هزّت سيدة رأسها موافقة .. لكنها خرجت من عندها والفضول يعتريها
في الأيام التالية
كان سراج ينتظر عند باب الفيلا كعادته .. يترقّب أن ترافقه مرام في مشاويرها ألى المصنع او قد تكلفه بأي أمر آخر.
لقد مرت بضعة ايام منذ ان اخبرته سيدة ان مرام اعطته اجازة ! فكان سراج يحاول الاتصال بها لكنها لا ترد على اتصاله
طرق سراج باب القصر و سمحت له سيدة بالدخول .. هو في النهاية ما زال مستخدما عند مرام و قد تحتاج لخدماته ..
مرام .. سمعت بقدومه .. فنزلت من غرفتها وهي ترتدي ثياباً بيتية ! لكي تجعله يعرف فور ان يراها انها لن تخرج اليوم ايضا !
لكنها تعمّدت أن تمر من أمامه دون أن ترفع عينيها في وجهه.
سراج سلّم عليها فردت ببرود
مرام / أهلاً يا سراج .. مش المفروض انك بقيت معاون اداري ؟ مش لازم تخلّي بالك من شغلك الأيام دي؟
مشت بخطوات سريعة من أمامه كأنها تهرب من نظراته التي كانت تحاول تفحصها
سراج باستغراب/ اه .. بس .. بس انتي مين هيجيبك المصنع؟ مين هايشوف طلباتك !
مرام بابتسامة باهتة/ انت نسيت اني اعرف اسوق! المهم .. ما تشغلش بالك انت بيه .. روح شوف شغلك في مكتبك يا سراج !
كانت كلماتها فيها مرارة .. و بعض القسوة كانت تقفز من بين سطورها .. سراج ليس ساذجا لهذه الدرجة كي لا يشعر بوجود خطب ما .. شيء ما تغير في مرام..
لم يشأ ان يكدرها اكثر بأسالته ..هو الآخر لديه عزة نفس .. فاكتفى بالصمت وهو يخرج من القصر .. محملا بثقل هموم جديدة لم يكن يتوقعها ولم يحسب لها حسابا
في خط حياة أسامة
استمرت علاقة أسامة بنجاة بشكل غير متوقع لكليهما .. رغم ان نجاة شعرت بالندم في بداية العلاقة .. ولكن الأمر بدأ بعد ذلك يعجبها! فأسامة كان يجزل لها العطاء بالأموال .. و نجاة تضع ذلك حجة لتخدر ضميرها و توهم نفسها انها تفعل ذلك لأجل المال ..
كما انه كان يأخذها لعالم جديد لم تعشه من قبل وهو يلحس كل جزء في جسدها و يجعلها تقذف عدة مرات معه .. يهديها نشوة لا تقدر بثمن !
لم يهتم اسامة كثيرا بظروف نجاة الخاصة و حياتها العائلية .. كل ما كان يهمه هو قدومها له في المواعيد المحددة ليمارس معها الجنس بكل اشكاله والوانه و أنماطه الغريبة ..
ولم يخبرها عن نفسه اكثر مما ارادها ان تعرف .. اراد ان يبقي نفسه في صدفة مغلقة .. مليئة بالأسرار
اسامة بعلاقته معها .. اوهم نفسه انه يعيش الحلم الذي طال انتظاره .. و انه اقترب من ان يحقق غايته و مبتغاه ..
ومع كل يوم يمر .. كان اسامة يتجرأ مع نجاة اكثر .. يطلب منها شيئا جديدا و يرى ردة فعلها ..
بعض الطلبات .. كانت سهلة و معقوله .. فنفذتها نجاة فورا له .. مثلا يطلب منها ان تترك شعر ابطيها و كسها دون حلاقة .. او تأتيه غير مستحمة .. و احيانا اخرى يطلب منها العكس ..
ولكن .. لم يكن هذا كافيا له ..
في مرة من مرات لقاءهما .. رأت نجاة ان أسامة كان يضع علبة طبية صغيرة فيها معدات ثَقب على الطاولة!!! فاستغربت وجودها وهي كانت تخلع ثيابها استعدادا للجنس مع عشيقها الجديد ..
اسامة طلب منها مسبقا ان تأتيه نظيفة خالية من اي شعر .. عليها ان تبدو ملساء ناعمة كالحرير .. فنفذت نجاة طلبه ..وقدمت اليه ..
لكن منظر العلبة الطبية اخافها قليلا !
نجاة بخوف / ايه دول ؟ هتعمل بيهم ايه؟
أسامة/ هو انت مش واثقة فيا؟
نجاة/ ده انا اديك روحي مغمضة
أسامة/ يبقى تستحملي الي انا هعمله ..
نجاة/ انت هتعمل ايه؟
اسامة/ شكة صغيرة بس .. ماتخافيش .. انا هخلي الحلق ده يزين اجمل كس شفته بحياتي
نحاة بخوف/ ايه .. بس .. بس انا بخاف .. انا ما عملتش كده من قبل
اسامة يقبلها / ما تخافيش يا روحي .. استحملي عشاني شوية بس
بتردد وافقت نجاة على جنونه .. ولكنها صرخت متألمة بعد ان اخترق اسامة شفرة كسها الخارجية بالأداة الثاقبة ليزينه بحلق ذهبي غال و نادر ..
بعد نجاح العملية البسيطة .. كافأها اسامة بأن لعق لها كسها حتى قذفت في فمه بقوة . ثم عاد لينيكها مثل كل مرة .. و كأنها زوجته .. لا عشيقته
لم ينتهي الامر عند هذا الحد .. تطور الأمر اكثر .. فطلب منها جنسا خلفيا .. فرفضت بشدة .لأنها لم تفعل ذلك من قبل .. ولكنه اقنعها بكلماته و غزله و جعلها تستسلم له في النهاية حتى ينول مراده ..
كل شيء كان يسير مثلما كان يريد .. لقد دخل اسامة جنته من جديد .. ولن يخرج منها ابدا .. كان يريد ان يحول من نجاة نسخة مطابقة لبديعة ليعوض بها نفسه ..
اما نجاة فلقد وجدت معه نفسها و اكتشفت انوثتها و مكامن نشوتها و منابع شهوتها .. فكانت تراه كزوج لها .. و هو احق بها من زوجها الحقيقي نفسه !
بعد مدة .. و بشكل غريب .. كأن الاقدار تعيد نفسها .. غابت نجاة عنه لفترة .. فعرف لاحقا ان زوجها توفى .. و كانت في حداد عليه ..
وهنا ..قرر اسامة ان يقوم بخطوة مهمة حدا .. قبل ان يتخذ قرارا مهما جدا في علاقته بنجاة ..
بعد ان انهت نجاة حدادها . وعادت تزوره في غرفته المتواضعة كما في الأيام السابقة ..
كان اسامة ينيكها و هو يسمعها غزلا . و قذف للتو فيها وقذفت معه ..فظل يقبلها .. و لكنه ..قطع قبلته ونظر في عينيها وقال لها
أسامة/ هو انت بتحبيني
نجاة مستغربة/ اكتر من روحي ..
صمت اسامة ونهض من مكانه و ذهب لدولاب الغرفة اخرج منه حقيبة جلبها ووضعها امامها ..ثم فتحها و اخرج منها فستان زفاف !!!!
نجاة مصدومة/ ايه ده؟
أسامة/ عايزك تلبسيه؟
نحاة/ ليه؟ و بتاع مين ده
أسامة/ ده بتاع .. المرحومة امي !!!!!!!!!!
لم تتمالك نجاة نفسها .. اضطربت و اشمأزت و قفلت .. نهضت من مكانها بسرعة ترتدي ثيابها على عجل وهي تتجاهل اسالة اسامة لها
أسامة/ فيه ايه مالك .. انت رايحة فين ..؟
نجاة وقفت على باب الغرفة قبل ان تخرج وقالت له/ انا مش هاجي تاني هنا ابدا ..
وخرجت .. و قد اقفلت الباب بقوة خلفها
تاركة اسامة في صدمة كبيرة مع نفسه .. يبكي نادما على فراقها ..
في خط حياة مرام
في الأيام التالية
ومع كل يوم يمر .. زادت عزلة مرام لنفسها .. لم تعد تخرج كثيراً ولا تشارك في إدارة المصنع إلا بالضرورة..
الصدمة كانت اكبر مما تتتحمله بكثير .. انهكها البكاء و اظناها الحزن و اتعبها الندم .. ندم فقدان حبها الحقيقي.. و ندم ظلمها لغيرها و مافعلته من سوء
بدا عليها الشحوب .. وصار الحزن رفيقها الدائم .. كأنها تعاقب نفسها على ذنب لم تقترفه بأرادتها .. لكنها حملته فوق كاهلها بمرارة.
منذ تلك الليلة تغيّر كل شيء.. أطفأت هاتفها .. تجنبت المرور على سراج عندما يكون متواجدا في الفناء، وحتى في المصنع صارت تعطيه الأوامر عبر غيرها.. وإن اضطرت لمخاطبته .. كان صوتها جافاً أقرب إلى الأمر العسكري منه إلى الحديث الحاني
وكانت تمضي بعدها مسرعة دون أن تلتفت اليه ..
بالنسبة لسراج ..
وقف سراج في الحديقة الخلفية. انتظرها لتخرج من القصر كالعادة فتسلم عليه .. لكنها لم تأتِ.
رفع عينيه نحو شرفة غرفتها، ورأى ظلها خلف الستارة، لكنه لم يسمع صوتها.
تمتم بمرارة/هو أنا عملت إيه؟ ليه فجأة ابتدت بتتجنبني؟ دي كانت بتكلمني زي ماكون أي حد غريب.. مش حبيبها .. دلوقتي حتى مش عايزة تشوفني !
كان قلبه يضيق يوماً بعد يوم. لم يكن يعرف أن مرام .. في أعماقها، تعيش عاصفة صراع بين كونها تبحث عن حياة طبيعية مستقرة تعيشها مع الرجل الذي اختارته .. وبين كونها اكتشفت أن الشاب الذي اختارته و أحبته بصدق هو ابن ماضيها المظلم .. ابن رجل لم تتمنَّ أن يعود اسمه يوماً ليسكن حياتها من جديد.. أبن خميس!!
سراج مع نفسه/ لا ده بقى شيء مش معقول .. انا لازم اواجهها ! لا يكونش الي اسمها نادين قالتلها على الي حصل بيني وبينها في الليلة النحس اياها؟
كان الليل قد أرخى سدوله على القصر ..
والهدوء يلف أركانه إلا من أصوات متقطّعة لعصافير اختبأت في أشجار الحديقة.. تأوي لأعشاشها ..
جلس سراج في الصالة .. يداه مشدودتان إلى بعضهما، وعيناه لا تفارقان باب الغرفة التي اعتادت مرام أن تجلس فيها وحدها.. غرفة مكتب عبد المنعم سابقا
مرّ على صدره شعور بالاختناق .. لم يعد يتحمّل ذلك التجاهل البارد منها ولا الصمت الذي طال. لقد كان يرى نظراتها الهاربة .. ويسمع صوتها وهي تتجنّبه عمدًا كأنها تضع بينهما جدارًا شفافا لا يراه غيره
اتجه نحو الغرفة.. والغضب يحركه.. لم يطرق الباب بل دفعه دفعة حادة ودخل. كانت مرام واقفة قرب النافذة .. ظهرها له .. وعندما التفتت نحوه بدت متفاجئة من جرأته.
اقترب منها بوجه محتقن:
سراج بعصبية/ لحد إمتى هتفضّلي تبعدي عني يا مرام؟! أنا عامل إيه غلط علشان تتجاهليني كده؟
حاولت هي أن تحافظ على رباطة جأشها لكنها شعرت بارتباك ما قبل المواجهة
مرام بصوت هادئ لكنها مترددة /مش وقته يا سراج… سيبني دلوقتي ارجوك
زاد احتقان صوته، واقترب أكثر حتى صار أمامها مباشرة
سراج / لا! مش هسيبك غير لما أفهم إيه اللي بيحصل؟ ليه من يومين وانتي بتعملي حسابك تبعدي عني؟ أنا مش عبيط عشان ما بحسش بكده؟ هو وجودي بقى يضايقك اوي !
ارتعشت يداها و خفضت عينيها لتتفادى نظراته/ أنا بعمل كده علشان مصلحتك… صدقني !
سراج يسخر/ مصلحتي؟! إنتي شايفة إن اللي بتعمليه ده في مصلحتي؟ تخليني حاسس إني ولا حاجة؟!
لا يا مرام… أنا راجل عنده كرامة .. ومش هقبل منك الهروب ده. لازم أعرف الحقيقة منك دلوقتي!
ولا اقولك .. انا الي هقولك الحقيقة.. بدل ما اخليكي قلقانة كده ؟
تراجعت مرام خطوة للخلف .. لكنها اصطدمت بحافة طاولة، فبقيت واقفة في مواجهته، لا تجد منفذًا تهرب منه.. قلبها صار يدق سريعا جد .. هل تراه عرف الآخر بحقيقته؟ كيف عرف؟ من قال له؟
فيما تخشبت مرام في وقوفها بلا اي حركة كرد فعل منها .. صامتة و مرتعبة من جملة سراح الاخيرة .. حتى نطق وقال لها
سراج / اكيد نادين قالتلك بالي حصل مش كده؟
مرام مصدومة بكلامه .. للحظة توقعت معرفته بالسر . ما دخل نادين وسط محاورتهما المشدودة تلك ؟
سراج بحرقة و لحظة صدق/ ايوا .. انا ضعفت .. انا ضعفت صحيح، و كنت ناوي اقولك .. بس بعد الحاجة الجميلة الي حصلت ما بينا ..خفت .. و ترددت .. مش عاوز اهدم كل الي تبنى ده بلحظة .. مكانتش ده اختياري ..
مرام بغضب و انزعاج وعيون مدمعة/ نادين؟ ايه الي حصل يا سراج؟ انطق؟
تردد سراج .. ادرك ان مرام ما زالت تجهل غلطته .. لكنه استعاد شجاعته وقرر مواجهتها الآن .. كان لا بد من الوصول لتلك اللحظة .. لابد من ان تعرف منه خير من ان تعرف من غيره
باختصار .. و بمشاعر صادقة و بتأثر كبير.. روى سراج لمرام كيف اغوته نادين .. لقد كان ذلك هدفها من البداية .. اخبرها بكل شيء ..
ثم تنفس بعمق وقال/ اه ..انا ضعفت .. ضعفت شوية .. بس ما غلطتش .. قدرت اصحى في اخر لحظة و الحق نفسي .. عارفة ليه؟ لأن وشك كان قدامي طول ما انا كنت معاها .. حبك هو الي منعني اكمل في الغلط .. انا ماقدرش اخونك يا مرام .. سامحيني لو ضعفت ...بس عمري ما كنت ناوي اخون ثقتك وحبك ..عمري ..
صمتت مرام .. صدمتها الجديدة اضيفت لصدمتها الكبرى .. كل شيء حولها بانت هشاشته و وهنه .. حتى نادين .. ؟؟؟ نادين تفعل بها ذلك؟ لماذا؟
و رغم صدمتها بنادين .. لم تغضب مرام حقا من سراج .. لأنها تعرف .. ان حجم غلطته لا شيء مقارنة بغلطتها هي! الذنب الذي تحمله على عاتقها اثقل الاف المرات .. مما يشعر به سراج تلك اللحظة
ولكنها .. كانت مشوشة جدا .. لدرجة لم تهتم كثيرا باعتراف سراج بغلطته التي اعتبرتها .. غلطة عيال! لو كانت في وضع افضل منه < اي لو لم تكن زوجة ابيه سابقا > لوجدت له عذرا و سامحته بعد زعل بسيط عليه .. ليتها لم تعرف خميس ولا تزوجته!!!
المشكلة .. سكوتها استفزه .. و اثار غضبه .. حتى ظن انها لا تريد ان تكلمه بعد ان عرفت بغلطته ..
سراج بانزعاج/ .. انا .. انا بجد آسف .. يا ريتك تسامحيني بس!
ترك سراج مرام غارقة في صمتها مع نفسها .. وابتعد عنها مسرعا يجر خطاه بصعوبة كجندي خسر معركة للدفاع عن ارضه !!
برودها غير المتوقع اثار غضبه وحفيظته و كرامته أكثر .. فخرج من البيت مستاء .. و هي به لا تشعر !
خرج سراج وأغلق الباب خلفه بهدوء .. تاركًا مرام وحيدة في مكانها .. تتنفس بصعوبة وكأن قلبها سينهار تحت ثقل السر الذي تخفيه عنه ..
خارج القصر
كان سراح يعدو مسرعا و تائها .. وهو يرى حب حياته النقي ينهار امام عينيه وهو يقف عاجزا لا يحرك ساكنا .. لا يقدر ان يفعل اي شيء ..
اثقلت رأسه الهموم و مزقته الحيرة و اكل قلبه الندم .. حتى اصبح لا يشعر بما يدور حوله ..
قدميه ساقت به نحو بيته ..
دخل مرهقا .. متعبا .. حزينا .. مهموما بوضوح ..
تلقته جدته بابتسامة سرعان ما اختفت عندما رات صورة حفيدها المنهار!
في البداية .. ظنت انه مجرد يوم عصيب قد مر به سراج .. و اعتقدت ..انها ستنجح في اسعاده و اخراجه من حالته تلك عندما تتلو عليه الاخبار المفرحة!!!
السيدة نجية/ كويس انك رجعت يا ضنايا .. انا عندي ليك خبر يفرحك اوي .. اوي يا سراج ..
سراج ببرود وهو يرمي جسده على الأريكة المتواضعة كأنه اسير حرب/ .. فيه ايه يا تيته!!؟
السيدة نجية واصلت حماسها/ مش المديرة بتاعتك كانت هنا من كام يوم!!!!
فجأة .. شد سراج من عوده و ووقف على قدميه يصلب طوله .. عيناه اتسعتا بدهشة و فضول
سراج/ ايه؟ مرام؟ و دي كانت بتعمل ايه هنا؟
السيدة نجية بعتب/ اسمها الست مرام .. دي كانت جاية و كل قصدها خير !!!!
العجوز اخبرته بكل ما حصل بينها وبين مرام .. فاستغرب سراج كثيرا .. كيف تبحث مرام له عن من يتزوجها ؟ ماذا اذا بخصوص ما وعدته له!
هل هذه هي العقوبة التي اعدتها مرام له .. كمكافئة له على خيانته لها .. ؟
اشتعل سراج غضبا .. كان يريد ان ينفجر .. لكن ما شد انتباهه في حديث جدته .. هو تركيز أسألة مرام عن طفولته .. و سؤالها عن حياة ابيه خميس!
و صار يربط بداية تغيراتها مع توقيت ترقيته! و ظل يتساءل مع نفسه اسالة عديدة لا يجد اجابة لها .. و تذكر ايضا يومها استغراب مرام لأسمه الكامل و تكرارها السؤال عليه بشكل غريب .. عن كون اسم والده < خميس>
لولا عزة نفسه .. لعاد سراج اليها فورا ليسالها عما حصل .. كان مضطرا للصبر قليلا ..
لكن الفضول انتصر عليه في صباح اليوم التالي
فعاد لها للقصر غاضبا يريد ان يواجها .. يريد ان يعرف سبب عقوبتها له ؟ لأنه لم يخنها ابدا .. كانت هفوة بسيطة .. لماذا يستحق منها كل هذا العقاب؟
بنفس الجرأة .. دخل سراج قصرها وهو ينادي عليها من وسط الصالة
سراج/ من بعد اذنك يا مدام مرام.. احنا لازم نتكلم و دلوقتي حالا ..
بعد لحظات .. نزلت مرام بنفس منظرها الكئيب والحزين . والصمت كان سلاحها .. وعلامات ارق واضحة عليها و عيونها غائرة ..
سراج بغضب/ ممكن اعرف كنتي تعملي ايه عند تيتة؟ وايه هي حكاية العروسة الي بتدوري عليها عشاني؟ هو انتي بقيتي خاطبة و انا ماعرفش؟؟؟
لم تهتم مرام كثيرا بسخريته منها فأجابته ببرود/ما ينفعش .. ما ينفعش يا سراج ..!!
سراج باستغراب/ هو ايه الي ما ينفعش؟
مرام وهي تذرف دموعا/ .. الي بينا ده .. ماينفعش .. ما ينفعش خالص!
ارادت مرام ان تجعل سراج يتركها وهو يحتفظ بنفس الصورة التي كونها عنها ..لا تريده ان يكتشف السر الكبير الذي لو عرفه ..فمن الممكن ان تتحطم حياته !
كانت تقول مع نفسها< فلنفترق وكل منا يحتفظ بصوره جميله عن الآخر >
سراج بغضب/ حتى لو ما ينفعش .. برضه من حقي اعرف السبب .. انا مش نكرة عشان تسيبيني كده من غير توضيح .. انا لازم اعرف الحقيقة ..! لازم !!
كان واضحا جدا أن تلك الطريقة التي حاولت مرام في البداية استخدامها .. لم تنفع مع سراج ..
كانت نظراته نحوها وهي تقف بمنظر منكسر .. تُشعل حبه نحوها بصدق اكبر ..
وإصراره على مواجهتها كان يضغط على جدار صمتها.. الركيك .. الذي سينهار في اية لحظة ..
في داخلها كانت اعاصير متجمعة .. شكلت زوبعة هوجاء لا تهدأ .. مكونة من ذنبها .. و اكتشافها لحقيقته .. وترددها بين كشف السر أو الاستمرار في كتمانه..
رفعت مرام وجهها نحوه أخيراً
مرام بصوت اقرب للهمس/ لو عرفت الحقيقة يا سراج… حياتك كلها هتتغير..
سكتت مرام بعد كلماتها الأخيرة .. بينما بقي سراج واقفًا ينظر إليها بفضول و حيرة .. في داخله كان يغلي من الغضب، لكنه لم يجد بعد جوابًا شافيًا منها. شعر كأنها تضع أمامه لغزًا محيراً .. دون أن تمنحه أي فرصة ليحله !
شدّ سراج قبضته بعصبية، ثم ضرب الطاولة التي امامه بيده
سراج بحدة/ كفاية يا مرام! هو إنتي بتلعبـي بيا؟! لو مش ناوية تقولي الحقيقة… يبقى ما تستهنيش بيا كده! ارجوكي احترمي الي كان ما بينا .. خلينا نبقى ناضجين وواعين .. مش بنتصرف زي العيال !!!
لكنها ظلّت ساكنة و ساكتة .. تجبن عن اخباره بأي حرف .. حرف واحد لو نطقته .. كفيل بأسقاط احجيتها التي بنتها من احجار الدومينو
شيء ما في داخلها وهن .. قد تُمنح الغفران .. لو كشفت السر للعلن ! مع انها تدرك ان ذلك سيكلفها ثمن ..
فجأة.. بكت مرام .. حتى انهارت .. وهي تخبره
مرام/ انا .. انا مش ملاك زي ما انت بتتصور !!! كل الافكار الحلوة الي جمعتها في خيالك عني.. غلط !!!
سراج بدأ يشعر بان هناك صدمة اكبر قادمة بعد كلماتها تلك
سراج/ انتي .. بتقولي كده ليه؟؟؟
مرام في لحظة الحقيقة الخاصة بها/ عمرك سألت نفسك .. انا ابقى مين؟ انا بنت مين؟ امي تبقى مين؟ انا كنت عايشة ازاي و فين؟ عمرك ما فكرت تلاقي أجوبة الاسالة دي ؟
سراج شعر بصدقها و بكاءها المختلط بكلامها/ .. و انا .. انا ما بيهمنيش كل ده .. انا ..
قاطعته مرام/ انا هقولك .. انا ابقى مين .. هقولك كل حاجة .. كل حاجة لازم تعرفها عن الملاك الي انت متخيله في دماغك
بدأت مرام تشبك أصابع يديها ببعضها و راسها مطأطأ نحو الارض .. و دموعها تنهمر بغزارة مختلطة بكحلها حتى لونت وجنتيها بنهرين من السواد
لقد حانت لحظة البوح بكل الاسرار الدفينة .. الآسنة المشينة .. لحظة كشف المستور .. والبوح بما في الصدور ..
بدأت ..
مرام تخبره عن ماضيها .. كله .. لم تُخفِ حدثا واحدا .. كيف تخفي شيئا وهو ترك ندوبا في روحها لا تمحى مهما عدى عليها الزمن!؟
اخبرته .. انها من عائله سيئة ولديها ماضي سيء سحيق .. و عاشت حياه سيئة و مرت بظروف اسوء ..
اخبرته .. انها لم تكن افضل من قصي الذي اعماه الطمع .. لقد كانت هي نسخه سيئة منه قبل ان تعرف عبد المنعم و تتزوجه ..
قاطعها سراج متأثرا بدموعها وانهيارها /و ايه هي المشكلة؟ احنا اولاد النهاردة! و انت نويتي تبقي انسانه جديده .. كل الي فات مش مهم .. المهم انك فضلتي ماشية على النهج الصحيح !
لكن مرام قالت له بصوت صادق و ضميرها متفق معها/ اسمعني يا سراج ارجوك .. انا .. هقولك ايه هي حقيقتي .. ايه هو معدني الاصلي .. وبعد ما تعرف كل حاجة .. ارجوك .. بلاش تعاتبني بعدها ..
حرك سراج رأسه موما بالموافقة و كان قلبه يحترق تعاطفا لها .. ما زال هائما بحبها و يصعب عليه ان يراها تبكي متألمة..
اختصرت مرام له في لحظه الحقيقة مع نفسها .. كل الامور السيئة التي عملتها في حياتها سابقا والتي لاحقتها الآن في حاضرها هذا .. و ابتدأت بأول علامة من علامات انتقام الماضي منها .. بزعل احلام منها !!! وكيف انها سمحت لها ان تتزوج من طليق امها !!
مرام/ فاكر يوم ما شفتها خارجة بتعيط من هنا !!! هو ده كان السبب الحقيقي لزعلها .. عايز تعرف الملاك الي انت بتحبه عمل تاني ايه ؟
مع انه مرام بدأت تقول له الحقيقة .. لكنه صدم بما سمعه .. و مع ذلك ما زال مصرا على التمسك بها .. ما زال مستغربا مع نفسه .. لماذا تريد مرام ان تنهي علاقتهم الجميلة هذه بسبب خطأ كبير فعلته في الماضي .. ربما دون قصد منها و ربما فعلت ذلك بحسن نية ..
سراج كان يحاول ان يجد اي أعذار لمرام كي لا يفقدها .. ما زال يعشقها و يريدها .. و سيغفر لها كل شيء .. لأنه يعرف جيدا ان مرام التي عرفها .. انسانة .. ليست شيطانة ..
فيما واصلت مرام تلفظ الحقائق و الأسرار .. كما تلفظ جمرة من على لسانها ..
و ابتدأت معه الحكاية .. منذ ان تعرفت بإدريس و أخطأت معه .. وحملت منه!!!
وكيف انها اضطرت للزواج برجل عجوز لكي تتلافى الفضيحة و تسترها .. و هي لم تخرج بزواجها منه بشيء
لقد نصب عليها ايضا .. و اتضح انه لا يملك شيئا
مرام ببكاء عال/ عارف .. العجوز الي تجوزني ده .. يبقى مين ؟؟؟؟
سراج جف حلقه من الخوف .. كأنه غير مصدق لما يسمع .. لم يفتح فمه بكلمة .. كأن قلبه يكاد يطير لكن ليس من الفرح بل من القلق و الخوف والترقب
اكملت مرام/ العجوز ده .. يبقى خميس عبد القادر!!! ابوك ..يا سراج .. بس والهي ما كنت اعرف الي عمله في امك .. والهي انا تخدعت فيه .. و عمري ما شفت يوم عدل معاه .. انا .. انا ..
مرام لم تكمل كلامها عندما رات تعابير سراج على وجهه الغاضب المحمر .. حتى برزت عروق رقبته .. يكاد ينفجر من الغضب وهو يشد بقبضة يده بقوة .. كأنه يريد الآن ان ينقض عليها ليفترسها كذئب جائع لا يعرف الرحمة ..
كانت كلمات مرام الاخيرة هي الصدمة الكبرى التي جعلت سراج يفقد عقله ..و ينسى مشاعره نحوها .. و صورة امه المكلومة وقتها تعود حاضرة بقوة امامه ..و المرض و والوهن يأخذ منها مأخذا ..و بكاءها المستمر من القهر والجوع .. هو يتذكر ذلك .. كيف ينساه وقد قاسى معها ما قاسته و عاش ما عاشته .. و نال من الظلم ما نالته ..
كيف ينسى انه عاش يتيم الاب قبل ان يموت ابيه .. مع انه كان يتيم الأم اولا !!!
لقد تذكر سراج كل شيء في لحظه واحدة .. كل معاناته ومأساته و بؤسه و كيف ان امه ماتت من القهر والعوز والجوع بسبب امرأة تزوجها ابيه الجاحد ..
ولولا ان احتضنته جدته رغم ظروفه الصعبة لكان هو الآن في عداد المشردين او الاموات ..
ما زالت مرام تنظر بعينيها إلى الأرض بصمت .. وجهه الغاضب كان اشارة لها لتواصل صمتها عن الكلام .. لكن ذلك الصمت أشعل غضبه أكثر..
فاستدار بسرعة .. لشدة غضبه .. مشى و خطواته تضرب الأرض بقوة .. حتى وصل إلى الباب.. فتحه بعنف، وصوت ارتطام الباب بالجدار دوّى في الغرفة.
قبل أن يخرج .. التفت لحظة قصيرة نحوها .. عيناه ممتلئتان بخيبة أمل وغضب
سراج وهو يذرف دموعا / أنا مش هسامحك ابدا .. ع الي عملتيه فيا .. يا .. مدام مرام ! مش هسامحك .. !!!
ثم خرج و تركها .. خرج .. و ترك مرام وهي تبكي بلا توقف .. حتى سقطت على الارض من شدة حزنها و قهرها ..
في خط حياة أسامة
بعد رحيل نجاة عن اسامة و عالمه .. اصيب بنوبة اكتئاب جديدة اشد قسوة من فترة اكتئابه ما بعد وفاة بديعة ..
دخل اسامة في مرحلة يأس شديد و جزع .. و هو يرى حياته قد اهدرت بلا اي قيمة .. فأصبحت عبث في عبث ..
لقد خسر كل شيء .. هذه المرة فعليا .. حتى بعد ان ظن انه وجد الخلاص و الامل على يد نجاة .. فقده من جديد ..
اكثر اسامة من ترحاله و جولاته خارج غرفته .. فكان لا يعود الا متأخرا فقط ليريح جسده المنهك و لينام بعد ان يشرب جرعته القصوى من الكحول ..
لم يعد اسامة يرى العيش مجديا في حياة لا يملك فيها الا ذكريات .. و قد ضحى بعائلته وابنه وهو يركض خلف وهم لا يمكنه تحقيقه ..
وصل الامر بأسامة لأن يفكر بجدية في الانتحار!!! فربما سيجد فيه الخلاص و الارتياح ..
في مساء هذا اليوم..
عاد اسامة متأخرا لغرفته .. بعد جولة طويلة بين الحارات والازقة الضيقة .. كان متعبا و مثقلا بالهموم والحزن .. وقد اشترى حفنة من الادوية التي نوى ان يخلطها مع الكحول ...ليتناولها بجرعة .. هو اعرف من غيره بتأثيرها على الجسم !!!!
ستكون محاولته الاولى للانتحار .. كان مترددا قليلا و لكنه كلما فكر بالعدول عن نيته ..يرى فراغا و ظلاما لا فائدة ترجى من العودة اليه .. فيعود ليصمم اكثر على محاولته ..
وقف اسامة امام باب غرفته لكي يدخلها ..فسمع صوتا داخل الغرفة .. توجس خيفة .. و ظن ان لصا قد دخل فيها ..
ولكن .. اي لص غبي سيفكر في سرقة غرفة اغلى مافيها كانت ملابسه التي يرتديها الآن ! ؟
مع ذلك .. ورغم نيته الانتحار .. تأهب اسامة للدفاع عن نفسه فأمسك قارورة الكحول من عنقها ليجعلها كسلاح يضرب به اللص.. ثم فتح الباب بمفتاحه بهدوء ..
وفور ان دخل .. كانت المفاجأة الكبرى !!!
fotos teilen
يتبع ..
ترقبوا الجزء القادم و الأخير . .
مع تحيات اخوكم الباحث
الجزء العاشر و الأخير
{ هل يستحق الجميع نهاية سعيدة ؟}
البارت الثاني والأخير
في بلاد المهجر
لقد قرر رامي اخيرا مواجهة أهله ..
لم يعد يحتمل ان يعيش في حيرة اكثر .. وكل ذكرياته التي عاشها معهم تتداعى امامه .. بسبب كلمة من نهال كانت كافية لتنمي الشكوك الكثيرة في حقول افكاره .
آسر و فاتن لاحظا تغيير رامي الذي قضى وقته منعزلا في البداية منذ عودته للمنزل الكبير الذي كانا يملكانه..
فكان طول الوقت مكتئبا .. متكدراً .. متجنبا مخالطتهما ..حتى نجح بأن يشعرهما انهما أصبحا غريبان عنه !
كان رامي يشعر بوهن كبير تحت ثقل الأسئلة التي تطارده في كل وقت .. و لم يجد لها إجابة.
جلس في الصالة .. عيناه مثبتتان على وجه أمه فاتن .. بينما كان والده آسر يحاول التظاهر بالهدوء وهو يدخن سيجارته.
الجو كان خانقاً و كئيباً .. الصمت كان يشبه ضوضاءً لا تحتملها الأذان من فرط السكون !
آسر نظر لأبنه وشعر بهمه/ ممكن نتكلم يا رامي؟
رامي ببرود/ ليه؟
آسر/ هو ايه ليه؟ انت مش شايف نافسك ؟ من يوم ما رجعت وانت مش على بعضك .. لا تتكلم معانا ولا تقعد معانا و طول الوقت حابس نفسك في اوضتك؟
رامي بشكل مفاجأ/ .. هو انا ليه ماعنديش صورة وحدة .. وانا في اللفة في يوم ولادتي ؟
فاتن من مكانها ..سمعت .. و تجمدت اوصالها .. ابتلعت ريقها بسرعة وحاولت ان تضحك ضحكة باهتة
فاتن/ فيه ايه يا حبيبي .. ايه الي خلاك تفكر في حاجة زي دي دلوقتي؟
رامي بنبرة تتصاعد/ ولا صورة حتى لشهادة الولادة؟ ليه كل صوري بتبدأ من وانا عندي كام شهر؟ ليه فيه حتة ناقصة في الحدوتة دي!
آسر مرتبكا/ حدوتة ايه يابني؟؟
انت جرالك ايه بس ؟
رامي بجراة/ هو انا ابنكم بجد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
فاتن بخضة مرتعبة .. تنهض من مكانها وتتوجه نحو رامي تحضنه خائفة مرعوبة/
إيه الكلام ده يا رامي؟ طبعًا يا حبيبي… إنت ابننا.. ابننا و ضنانا و كل حاجة في حياتنا ..
لكن رامي كان باهتا باردا .. لم يهمه سوى ان يكتشف الحقيقة
رامي/حابين تعرفوا .. انا قابلت مين كمان هناك ؟ أنا قابلت الي يعرف الداية الي ولدتني هناك !!! وقالتلي مين هم اهلي الحقيقين!!!
دولقتي .. الي قال كده مكانش ليه اي مصلحة اني اعرف ده .. الا حاجة وحدة ..
هو اني .. ما بعاديش الست الي هي اقرب الناس ليه .. أمي الحقيقية!!!!
آسر حاول يسيطر على الموقف، فقال بنبرة غاضبة /انت بتشك فينا يا رامي؟! إيه الكلام الفاضي ده؟ جايبه منين الكلام ده ؟
رامي بنفس الإصرار/ أنا عايز أدلة .. تسكتوني بيها و تخلصوني من الحيرة الي بتاكل روحي من جوايا .. وروني اي حاجة تريحني من عذابي ده ..صور حمل امي بيه .. شهادة ميلاد أصلية، أي حاجة تثبت إني ابنكم بجد.. ! ؟ ما تخلونيش اني اطر اعمل دي إن أي !!
السكوت خيّم على الجميع ..فاتن ارخت من حضنها له ..و نظرت في عينيه .. وبدأت دموعها تنزل دون ان تتكلم. آسر ترك السيجارة تقع من يده على الأرض، وجهه صار شاحب وملامحه مكسورة.. مقهورة ..
أخيرًا، بصوت مخنوق قال آسر/رامي… إحنا… إحنا صحيح مش أهلك الحقيقيين.. بس انت هتفضل ابننا الي ربناه و تعلقناه بيه من اول يوم دخل فيه حياتنا ..
رامي شعر كأنه الأرض انسحبت من تحت قدميه اتراجع خطوة للوراء ..
وقال في دهشة مليئة بالألم/ إيه؟! يعني كلام البنت نهال طلع صحيح !!!!
فاتن اندفعت تبكي، أمسكت يده تقبلها و تضع خدها على كفه
فاتن/ سامحني يا ابني… كنا بنخاف لا اليوم ده ييجي. إحنا جبناك وإنت *** رضيع ..ما عرفناش أصلك ولا مين أهلك.. بس روحنا تعلقت بيك من اول لحظة شفناك فيها .. انت ابني يا رامي وعمرك ما هتكون غير ابني .. ولو فكرت لحظة تسبني انا هموت نفسي وراك!!!
رامي بصوت مكسور وهو يصرخ/ يعني أنا مش ابنكم ! ...!!! ... ... ...
آسر غطى وجهه بيده كان عاجزاً عن الرد. وفاتن تنوح في كلامها/إحنا حبناك اكتر من ابننا… عمرك ما كنت غريب علينا.. انت ابننا ونن عيننا و فرحة عمرنا و املنا و كل حياتنا .. انت ابننا يا رامي .. و احنا اهلك ..
رامي… كان واقفا يتنفس بصعوبة، الدموع اغرقت وجهه .. والإحساس بالخذلان يهز كيانه.. كل شيء انهار فجأة .. الهوية، الانتماء، العائلة .. الذكريات ..
لقد انهار جدار الأسرار أمامه .. لكن رامي لم يستطع أن يرى في وجه فاتن وآسر سوى ملامح الحنان الحقيقي الذي عاش معه عمره كله.
دموع أمه، وانكسار والده، كسرا شيئًا في داخله .. فحرك تعلقه بهما ..
جلس رامي على الأريكة وأخفى وجهه بين كفيه.
رامي بصوت مبحوح/أنا .. أنا عمري ما عرفت غيركم. أنتو اللي ربيتوني، أنتو أهلي… وهفضل أعتبركم أهلي، حتى لو الحقيقة طلعت مُرّة بالشكل ده.. انتو أحلا ما فيها ..
فاتن شهقت وبكت أكتر، ارتمت في حضنه وهي تكرر باكية/يا روحي… يا ابني… سامحني… سامحنا.. خبينا عنك عشان مصلحتك .. مكناش عايزينك تحس بغير الي احنا حاسينه ناحيتك ..وهو انك الننا و ضنانا .. و اغلى حاجة عندنا
آسر أقترب منهم وصوته مهزوز/إحنا فعلاً حبناك من قلبنا .. وعمرك ما كنت غريب عننا يا رامي.. انت اقرب لنا من نفسنا .. انت ابننا يا رامي .. ايوا .. ابننا !
رفع رامي عينيه نحوهم، وفي نظراته خليط من الحيرة و قليل الحزن .. كان يتمنى من كل قلبه لو انهم ابويه الحقيقيين من كثرة حبه لهما .. لكنه تراجع عن قسوته الأولى ..لأنه عرف جيداً إنهم أهله الذين ربّوه وأحبّوه و لن يجد احن منهم عليه ..
رامي صار يحضنهم معا و يبادلهم القُبل في مشهد مؤثر جدا .. ثم سكت، ونظر لهم نظرة حنان ووجع في نفس الوقت
رامي/ انا عارف ده .. عشان طول عمري مكنتش شايفكم غير ابويا وامي .. ولا هقدر اعرف اعيش حياتي من غيركم ..أنا مش هنسى فضلكم عليا… حتى لو طلع لي أصل تاني.. هتفضلم انتو اهلي ..
لكن رامي وفي نفس الوقت اراد ان يفجر مفاجأة أكبر تخص مرام.. ما دامت الاسرار كلها تكشفت .. فلتظهر الحقيقة كلها..
رامي/ انا بس… في معلومة وصلتني .. لازم اقولهالكم .. ولازم تعرفوها ..
فاتن مسحت دموعها بسرعة/معلومة إيه يابني ؟
رامي تنفس بعمق، كأنه يستجمع شجاعته/أناعرفت… إن أنا في الأصل ابن .. ابن مرام.. مرام .. تبقى هي أمي!!!!
تجمدت فاتن في مكانها، عينيها اتسعت وهي تقول بصدمة/ مرام؟! طب إزاي ده ؟! .. مش ممكن؟!
رامي / هي لسه ما تعرفش… وأنا كمان مش متأكد مية في المية. لكن عندي خيوط ولازم اتابعها و أتأكد بنفسي. لحد ما أوصل للحقيقة .. وما تقلقوش .. حتى لو اتضح انها امي البيولوجية .. هتفضلوا أنتو أهلي اللي عشت معاهم واتربيت في حضنهم.. و لا عمري هسيبكم ..
بس عاوز استاذنكم في حاجة وحدة بس .. لو هي طلعت امي بجد .. فمن حقها تعرف ده
فاتن بخوف/ انا مش عارفة هي ازاي تبقى امك و كانت مرات جدك .. بس الي عايزاك تعرفه .. انها سابتك من زمان .. وحدة غنية زيها مش هيصعب عليها لو كانت عايزة تدور على ضناها ..
رامي/ معلش يا امي .. الاصول انها تعرف بس .. زي ما انا عرفت ده ..
فاتن بخوف وقلق/ بس انا خايفة يابني .. لا تاخدك مني .. انا هاموت لو سبتني يا رامي
حضنته بقوة تبكي فطبطب رامي على كتفها وقال لها بنبرة تبعث على الاطمئنان
رامي/ ما تخافيش يا امي .. انا مش هسيبكم ابدا .. و افتكر .. وحدة زيها نسيت خلاص ان عندها ابن .. و انا كبرت خلاص .. وهي لسه في عز شبابها و انا .. اظن انها بتخطط تتجوز واحد شغال عندها و تبتدي حياة جديدة معاه < يقصد سراج > و ماظنش ظهور ابنها هيكون مثالي ليها في الوقت ده .. حياتها هتتلخبط بسببي
فاتن/ اديك قلتها يا حبيبي .. لازمتها ايه انك تقولها
رامي/ مش عارف .. بس فيه حاجة جوايا تقلي انها لازم تعرف .. فيه حاجة جوايا بتقولي انها لسه مش ناسية ابنها .. مع اني لسه مش عارف الظروف الي خلتها تتخلا عني في يوم ولادتي . و مش قادر اعذرها .. بس برضه مش قادر اكرهها ..
فاتن برجاء/ احنا معاك يا رامي في كل حاجة انت ناوي تعملها .. هنفضل معاك و واقفين في ظهرك طول العمر ..
رامي حضنها بحنان ثم حضن ابيه . و الجميع اشتبكوا بحضن جماعي مؤثر .. اختلطت فيه كل المشاعر المختلفة .. فرح و سرور و قليل من مرارة و حزن ..
عودة لخط حياة مرام
بعد مرورة عدة أشهر
لم يترك سراج مرام فقط .. بل ترك حتى وظيفته ولم يعد احد يراه لا في القصر ولا في المصنع ..
كأنه اختفى ببساطة .. كما يذوب الملح في الماء ..
تاركا مرام تعيش اسوأ و اسود ايامها من بعد زعل احلام عليها .. حزنها لشدته قد غطى كل ما حولها .. فخيم على أرجاء القصر و زواياه .. حتى أنّ الجدران نفسها بدت كأنها باكية .. تعاطفا معها
في هذا المساء
هناك شيء جديد سيحدث لمرام .. ليضاف لكل هذه الصدمات التي باغتتها مجتمعة ..
جلست مرام على حافة سريرها يدها ترتجف وهي تمسك بالتحليل الطبي الذي لم تجرؤ على النظر إليه لأكثر من لحظة .. لكنها لحظة كانت كافية لتقلب عالمها رأسًا على عقب.
الحروف الصغيرة أمامها لم تكن تحتمل تأويلًا مطولاً .. كل شيء كان واضحا جدا
نتيجة الفحص : حامل. !
وضعت الورقة جانبًا، وضمت بطنها بكفيها كأنها تحاول أن تتأكد من وجود شيءٍ فعلاً بداخلها .. ثم أغمضت عينيها وانحدرت دمعة ساخنة على خدها.
همست لنفسها بصوتٍ مبحوح/
يا رب .. أعمل إيه؟ ساعدني!
كانت تعرف أن الخبر لو وصل لسراج .. فكل شيء سيتغيّر .. سينكشف السر الذي تريد أن تدفنه بين قلبها وضميرها، وسيتحوّل هذا الخبر إلى فضيحةٍ لا يمكن لاسم عبد المنعم أن يحتملها.
لكنها أيضًا كانت تشعر بشيء لم تعهده من قبل .. شوقٌ حارق لأمومة مفقودة طال انتظارها .. دفءٌ غريب يسري في جسدها الهشّ.. خوف يعتريها من تكرار الخسارة .. ! لا تريد ان تفرط بتلك الفرصة مرة اخرى !
قامت من مكانها تمشي متوترة في الغرفة .. تضع يدها على بطنها كأنها تحميه من الهواء نفسه..
مع نفسها/ أنا مش هسيبك… و**** ما هسيبك المرادي .. حتى لو العالم كله بقى ضدي !!
في الأيام التالية
بدأت مرام تختلق الأعذار لتبرر تعبها ودوارها أمام الجميع. تقول إنها مرهقة من العمل، أو إنها لم تنم جيدًا.
كانت تخشى أن يصل الخبر الى سراج مع انه كان مختفيا و غائبا .. لا تعرف شيئًا عنه ..
كانت كل لحظة تمرّ عليها .. تزيدها خوفًا وارتباكًا و قلقاً .. لكنها رغم ذلك كانت تزداد ارتباطًا بذلك الكائن الصغير الذي يسكنها.. والذي بدأ يغيرها من داخلها فجعلها اكثر عطفا و ارق قلبا و اكبر حجما!!
في يوم لاحق
في المساء ..
جلست أمام المرآة في غرفتها .. وجهها شاحب لكن فيه نور جديد.. يشبه نور الحياة ..
قالت لنفسها بصوتٍ خافت/ مش مهم هو يعرف أو لأ .. المهم إن اللي جوايا يعيش. يمكن **** بعتهولي عوض عن الي راح .. !
ثم وضعت يدها على صدرها، تنفست بعمق .. تقفز بشعورها بين الذنب والأمل .. بين الخوف والحنين .. قبل ان تتخذ قرارها بأنها لن تفقد هذا الطفل .. لن تتخلا عنه .. ولن تسمح لأحد حتى وان كان سراج أن يعرف الحقيقة..
كانت مرام تجلس بجانب النافذة تلك الليلة و المطر بدأ يهطل على الزجاج بخفة كأنّه يذكّرها بالزمن الذي مرّ عليها بخفة اكبر ..
تذكرت أحلام .. تذكرت حبيبها الصغير ياسين .. الذي كانت عندما تحضنه تشعر كأنها حضنت ابنها المفقود .. فتشعر برضا خفيف .. و تزيح عن قلبها هم مخيف ..
بتردد بالغ .. نظرت إلى الهاتف طويلًا قبل أن تضغط الرقم .. رقم اختها احلام ..
بلا شعور .. ضغطت اتصال!
رنّ الهاتف طويلاً .. بلا رد .. فكررت المحاولة .. هي تعرف ان اختها ما تزال غاضبة عليها و تعطيها العذر .. فكررت الإتصال .. حتى جاءها الرد
صوت أحلام، متردّد، بارد قليلًا/ مرام ؟! أيوه يا مرام؟ فيه أيه؟
صمتت مرام لحظة، ودمعتها نزلت قبل ان تتكلم
مرام ببكاء شديد/أحلام .. يا حبيبتي يا أختي .. ارجوكي سامحيني.. وغلاوة ياسين عندك تسامحيني .. انا .. انا ماليش حد غيرك ..
احلام بغضب مختلط ببكاء خفيف/ أسامحِك؟ بعد كل اللي حصل؟ طب ازاي؟ هو انت الي عملتيه ده .. ممكن يتصلح .. ؟ لا يا مرام .. انا مش قادرة اسامحك
مرام/ عارفة .. وعارفة قد إيه وجعتِك. بس و**** ما كنت قادرة افسر الي عملته .. كنت تايهة و لسه صغيرة .. انا مخنوقة يا احلام ..
لما زعلتي .. حسّيت إني خسرت الدنيا كلها.. إنتِ عمري يا أحلام إنتِ اختي اللي فضلتِ دايمًا في ضهري.
سكت الطرفان .. لم يُسمع إلا صوت المطر يهطل بقوة اكبر على زجاج النوافذ
احلام بنبرة مليئة بالحيرة/ ليه بتكلميني دلوقتي يا مرام؟
تنهدت مرام، وضعت يدها على بطنها بحنوٍّ وهي تهمس بصوت مليء بحب و رجاء
مرام / يمكن عشان .. هبقى أم يا أحلام .. و حاسة بيكي كأم خسرت ابو ابنها ..
ساد صمت طويل بين طرفي الهاتف .. ثم شهقت احلام شهقة خافتة
احلام / إيه؟ إنتِ .. حامل؟
مرام بصوتٍ مبحوح،ممتزج بالخوف والفرح معًا/ أيوه .. يا احلام .. انا حامل !!! مش عارفة إزاي ده حصل ولا إزاي هقدر أكمّل لوحدي… بس الي متأكدة منه إني مش عايزة أخلف ابني و إنتِ لسه زعلانة مني.
انفجرت احلام باكية .. حبها و طيبة قلبها فاق كل غضبها و زعلها .. فرحت بصدق لأختها فهي اعرف الناس بخسارتها و حرمانها الطويل من هبة الأمومة
احلام بفرح و بكاء/ يا مجنونة.. ليه ما قلتيش من الأول؟ده انا .. كنت بدعيلك كل يوم من قلبي ان **** يعوضك .. من يوم ما خسرتي ابنك الاول وأنا متضايقة عشانك .. كنت حاسة إنك محتاجة حضن صغير< أبن> يهون الدنيا عليكي .. و يخليكي تعيشيها صح
مرام بتأثر/ سامحيني يا أحلام، قلبي واجعني عليكي من يوم ما بعدتي عني .. نفسي تبقي جنبي .. نفسي لما الطفل ده ييجي للدنيا، تبقى خالته اللي بتحبه.. موجودة جنبه ..
انهارت أحلام بالبكاء من الطرف الآخر، وقالت بصوتٍ مرتعش
احلام/**** يسامحك يا أختي.!
مرام بخوف / ايه ؟
احلام بفرح/ وانا .. انا كمان مسامحاكي يا مرام ..
مرام بفرح / **** ما يحرمنيش منك يا اجمل و اطيب اخت في الدنيا ..
احلام / بقولك ايه يا حبيبتي ..تعالي ! تعالي عندنا هنا .. هتلاقي الدفا والحنان اللي فقدتيه وأنا هابقى جنبك !
مرام بتردد/ طب و هقول لجوز عزيزة ايه .. دول ناس فلاحين مايرضوش بكده !
احلام بعد لحظة تفكير/ هنقولهم انك تجوزتي جواز ماذون بس عشان محدش يطمع فيكي و انك تطلقتي بعدها بشوية ..
مرام تضحك/ يخرب عقلك .. لسه كل يوم بنثبت ان احنا بناتها .. انا وانتي !!!
تضحك احلام ثم تضحك مرام .. و يضلان يتبادلان أحاديث فرحة و جميلة يستعيدان فيها رباطهما الأبدي
بعد نهاية الحديث
ابتسمت مرام كثيرا وهي تشعر بان هموما ثقيلة انزاحت من على كتفها ..
دموعها كانت تلمع .. وهي تجف بعد ذلك من على خدها ..
ثم أغلقت الهاتف .. وضمّت بطنها برفق تهمس مع نفسها/شايف يا حبيبي؟ خالتك سامحت مامتك.. وشك حلو علي اوي ! انا بحبك .. بحبك اوي.
بعد الصلح
قررت مرام ان تشد رحالها للريف .. لتقضي مدة مع اخواتها احلام و عزيزة في رحلة لتجديد الحب و الوئام بين افراد العائلة ..
قبل ان تحزم اغراضها .. ببضعة ايام ..
كان رامي قد اتصل بنهال يطلب منها ان تخبر مرام انه ابنها لأنها قد لا تصدقه.. لو اتصل بها فورا ليخبرها ذلك
نهال لم تكن تتجرأ ان تخاطب مرام .. لذلك ذهبت هي لحنين .. لا يوجد افضل منها لتقوم بهذه المهمة ..
مرام كانت تجلس في غرفة مكتبها .. أمامها فنجان قهوة برد منذ ساعة .. شاردة النظر في الفراغ .. يدها على بطنها الذي بدأ يبرز قليلاً.
رنّ الهاتف، فاهتزت يدها فوق الطاولة.. نظرت إلى الشاشة .. فقرأت الاسم < حنين>
ترددت لحظة، ثم أجابت بصوت متعب/ أيوه يا حنين ؟
جاءها صوت حنين متردداً، كأنها تخشى رد الفعل/ في موضوع لازم تعرفيه .. ومينفعش أسكُت عليه أكتر من كده.
مرام / خير؟ مالك؟ صوتك غريب كده ليه؟
حنين تنفست بعمق قبل أن تنطق/فيه سر كبير و خطير .. عرفته انا متأخر .. من أمي .. يخص .. يخص ابنك الي اتحرمتي منه
مرام/ ايه؟ و ايه الي فكرك بموضوع زي ده دلوقتي؟
حنين/ عشان انا لسه عارفة ده من كام يوم . صدقيني مكنتش عارفة حاجة زيك .
.
مرام بقهر/ هاتي الي عندك يا حنين .. انا صبرت كفاية ..
حنين بتردد/ رامي !!
مرام باستغراب/ مالة؟ دخله ايه بموضوعنا ؟
حنين/رامي مش حفيد المرحوم عبد المنعم. ده في الحقيقة ابنِك إنتِ.. !!!!!!
ساد صمت طويل. لم يُسمع فيه سوى دقات ساعة الحائط وضربات قلب مرام ..
مرام لم تقل شيئًا. لم تصرخ، لم تبكِ. فقط فتحت فمها قليلاً كأنها تبحث عن هواء لتتنفسه ..
مرام/ إيه اللي بتقولي ده؟
حنين/ و**** زي ما بقولك، أمي.. تقول انها عايزة تريح ضميرها قبل ما تموت .. بس هي ما كانتش تعرف ان رامي ممكن يبقى ابنك .. هي كمان عرفت متأخر .. و مش قادرة تتخيل ازاي قدر يرجع لبلده و يبقى عدوك كمان !!! وحكتلي كل حاجة... نفس التاريخ، نفس العلامات اللي في جسم الولد. رامي هو ابنك الي خلفتيه يا مرام ..!
أغلقت مرام عينيها، وأسندت رأسها إلى المقعد. كلمات حنين كانت كالسكاكين تقطع فؤادها .. لكن الغريب أنها لم تشعر بالانفجار الذي توقّعته طول عمرها..!
ظلّت تبحث في داخلها عن تلك اللهفة القديمة .. الجمرة التي كانت ترتاح تحت قاعدة قلبها فتكويه كلما تذكرت فقيدها .. هل خفتت؟ أم طال الزمان بها فانطفأت؟
بحثت كثيرا عن الدموع التي كانت ترافق كل ليلة حرمان مضت عليها .. فلم تجدها.
همست مرام بخفوت/ إنتِ متأكدة يا حنين ؟
حنين/ متأكدة يا مرام، و**** العظيم متأكدة.
مرام ببرود/ خلاص... فهمت.
صوتها كان هادئًا إلى حدٍ أربك حنين
حنين/ مرام .. انتي كويسة؟
مرام /آه .. كويسة.
حنين/ هو هيكلمك .. عايز يعرفك انه ابنك ..
صمتت مرام .. ثم ردت بشكل آلي/ شكرًا يا حنين .. **** يوفقك ..
أنهت الاتصال ببطء و برود عجيب ووضعت الهاتف جانبًا.
ثم مدت يدها تمسح على بطنها بحنانٍ غريزي.
ابتسمت وهي تهمس لنفسها/ يمكن خلاص... قلبي خلاص شِبع انتظار.. يمكن **** هيعوضني بالمولود اللي جاي... ده هو اللي هايعوضني عن الدنيا.
لكن خلف تلك الكلمات التي همستها لنفسها.. كانت هناك غصةٌ باردة في قلبها تشبه الحيرة أكثر من الألم.
كيف يمكن أن يتحقق حلمها الذي يأست منه .. ثم لا تهتز روحها له؟
هل أرهقها الانتظار حتى ماتت فيها الدهشة و الأمل؟
أم أن هذا الجنين الصغير الذي في رحمها قد سرق منها كل الحنين القديم؟
أغمضت مرام عينيها والدمعة الوحيدة التي تسللت على خدّها لم تكن دمعة فرح ولا حزن...
كانت دمعة غربة عن نفسها..
في نفس اليوم ..
قبل ان تغيب الشمس بقليل مبشرة بقدوم ليل هادئ .. كانت السماء ملبدة بالغيوم .. والريح تمرّ على أوراق الأشجار فتُصدر همسًا متقطّعًا..
كانت مرام جالسة في شرفتها تلفّ حول رقبتها شالاً صوفيًا .. وبجانبها كوب من القهوة.
تقبض على بطانيتها الخفيفة فوق بطنها .. وقد بدأت تشعر بحركة الجنين داخلها، تبتسم أحيانًا .. وتغيب بعينيها في سكون مليء بالبهجة
رنّ الهاتف الموضوع على الطاولة الصغيرة.
نظرت إلى الشاشة .. فتوقفت أنفاسها لحظة.. الرقم الذي ظهر جعل قلبها يضطرب قليلًا .. فهو رقم دولي .. هل هو رامي ؟؟
مدّت يدها بتردد، وضغطت على زرّ الإجابة.
مرام بصوت مرتعش/ ألو...
صوته جاء من بعيد، خافتًا يحمل نبرة تردّد وغربة/ مساء الخير يا .. احم .. يا مدام مرام.
ردّت بهدوءٍ مائلٍ للارتباك/ مساء النور يا رامي ! انت .. انت كويس؟
صمت قصير تخلله صوت تنفّسه المرتبك ثم قال بنبرة متماسكة أكثر مما توقعت/ كنت عايز أقولك الاول .. اني متأسف بجد .. على كل الي عملته فيكي .. انا .. انا ما كنتش عارف انك .. انك تبقي امي .. امي البيولوجية!!!
صمتت مرام فلم يسمع رامي منها غير صوت تنفسها البطيء .. فاكمل كلامه
رامي/ انا قلت مع نفسي .. إنك من حقك تعرفي .. زي ما أنا عرفت الحقيقة خلاص. أنا اكتشفت بالصدفة ..اني ابنِك..
ثم ضحك رامي ضحكة فيها حزن اكبر من كونها مجرد ضحكة
رامي/ تخيلي .. عايش بقالي ١٨ سنة مع الناس الي بحبهم و بيحبوني .. وفجأة اكتشفت انهم مش اهلي الحقيقيين!!
أغلقت مرام عينيها للحظة كأنها تتأكد أنها سمعت ما قاله حقًا.
مرام /عرفت منين؟ و ازاي؟
رامي/ مش مهم ازاي و منين. المهم إنّي عرفت.
تردد ثم أضاف بصوتٍ باردٍ لكنه صادق/ انا بس حبيت أقولك إن اللي ربّوني... دول أهلي.. عمري ما هتخلى عنهم، ولا عن المكان اللي كبرت فيه.
بدأت تنهال دموع مرام من غير ان تسيطر عليها .. حاولت كتمها واخفاءها لكن رامي شعر بها .. فبكى هو ايضا .. ثم سكت لحظة، وأكمل بنبرة أهدأ
رامي/أنا مش جاي أعاتبك، ولا أسألك ليه.. يمكن كنتِ مضطرة، أو الدنيا كانت أقسى عليك من قسوتك علية .. بس انا حبيت أقولك .. إني مسامحك..
سكت الاثنان.
صوت الريح خلف النوافذ ملأ الصمت المخيف بينهما .. كأنه يمنع الكلمات من الخروج.
مرام كانت تمسك الهاتف بيدٍ مرتجفة .. تتمنى أن تستمر بالدموع التي ظنتها ستغمرها لو عرفت أن ابنها عاد إليها، لكن قلبها كان ساكنًا و غريبًا عنها.. بشكل غريب ..
مرام/ أنا... مبسوطة إنك بخير يا رامي.. دي أهم حاجة عندي.. الحمد ***، أنك كويس.. وعايش هناك مع الناس اللي بتحبك ..
رامي يمسح دموعه/ أيوه .. انا مبسوط بجد ومرتاح.. **** عوضني بأعظم ام و أب في الدنيا ..
مرام / **** ما يحرمكوش من بعض .. خلي بالك من نفسك، يا إب .. يا رامي !
تردّدت قليلاً عند كلمة <ابني> التي قطعتها قبل ان تكملها .. لم تجدها مناسبة
شعر رامي بها ثم قال/ وانتي كمان يا ... مرام.
وانتهى الاتصال..
وضعت الهاتف بجانبها .. وأسندت رأسها إلى وسادتها الصغيرة .. ابتسمت ابتسامة حزينة.
ثم وضعت يدها على بطنها وقالت بصوتٍ رقيقٍ مخنوق/ يمكن كده أحسن .. هو عايش في أمان هناك مع الناس الي بتحبه .. وأنا... لسه عندي أمل كبير في اللي جاي ..
في عينيها كان نور صغير يشع بمزيج من الرضا و القبول ..
عرفت أن القدر قد ردّ لها ابنها لكن ليس كما تخيّلت و تصورت .. لقد عاد إليها مُطمئنًا .. لا ليعوضها حضنًا مفقودًا.
مع كل هذا..
الاتصال كان باهتا على خلاف المتوقع .هل كان هذا هو ابنها الذي انتظرته سنين طويلة ؟
لقد تغير كل شيء الآن..
مرام لم تجد ما ترد به على اتصال رامي سوى كلمات روتينية خاوية .. ربما لأن مولودها القادم سرق كل اهتمامها .
و مع ذلك فأن رامي ترك حسرة في قلبها لم تنمحي حتى بعد ان عرفت مصيره..
بعد ايام من تلك المحادثة التي لم تغير شيئاً يذكر في حياة مرام ..
قررت مرام زيارة اختيها في ريف البلد .. لقضاء بعض الوقت معهما
في خط حياة أسامة
عندما رأى أسامة نجاة واقفة امامه بنفس الثوب الذي عرضه عليها .. كان الحياة بعثت في روحه والدماء سارت في عروقه من جديد ..
بلا أية مقدمات .. اتجه نحوها يترنح .. من فرحته ادمعت عيناه .. حتى وصل لها و احتضنها يبكي على كتفها ..
استغربت نجاة .. ظنت انه سيفرح ..
نجاة باستغراب/ بتبكي ليه يا حبيبي .. مش ده هو الي انت كنت عاوزه؟
اسامة/ من الفرحة يا نجاة .. من الفرحة .. انا مش مصدق .. مش مصدق اني لقيتك ..
لقد كانت فرحة اسامة لا يمكن وصفها فعلا .. لم يكن يظن في يوم من الايام انه سيجد بديلا لبديعة تعوضه مكانها و تذوب معه في نفس انحرافاته و ميوله الجنسية المريضة ..
نجاة تقطع بكاءه/ يا روحي .. قد كده بتحبني ..
اسامة / و اكتر مما تتصوري ..
ظل كل واحد منهما ينظر في عيون الآخر .. يتكلم بلغة العيون .. حتى تخيل اسامة ان من كانت امامه هي كيم كاردشيان .. وليست نجاة المراة البدينة الفقيرة التي بلغت الخمسين عاما ..
اقترب اسامة بسرعة منها ليقبلها في البداية .. قبلة شاعرية .. سرعان ما تحولت لقبلة شهوانية .. و هو يزيد من حضنها و مص لسانها و تنفس انفاسها كمن كان مختنقا ..
ثم سحبها نحو السرير .. وهو مستمر بحضنها .. حتى القاها على ظهرها ..
ارادت نجاة ان تخلع ثوبها لكي تمارس الجنس معه ..لكنها فوجئت باسامة وهو يخبرها
اسامة/ لأ .. انا عايزك تفضلي لابساه ..
نجاة رغم استغرابها لكنها وافقت/ زي ما تحب يا حبيبي ..
وبلا مقدمات كثيرة رفع اسامة فخذيها للأعلى بعد ان جردها من كلوتها .. و بسرعة البرق دس وجهه و فمه وانفه بين طيتي لحم فخذيها الممتلئين يشق طريقه نحو فتحة دبرها ..
كان يستمتع وهو يشق طريقه بصعوبة .. متمتعا باستنشاق الروائح المختلفة التي جادت بها نجاة من جسدها عليه ..
حتى استطاع ان يصل لدبرها فأطبق فمه عليه يلعقه بجنون و يدخل لسانه فيه ..
تأثرت نجاة بلعقه لدبرها .. لقد عودها اسامة كثيرا على التمتع بالجنس الخلفي .. الذي مارسه بكثرة معها قبل ان تتركه ..
فصارت تأن .. و تتلوى كأفعى من شدة تأثرها
بعد ان شعر اسامة ان دبر نجاة ارتخى و صار مستعدا لأن يُخترق .. تخلا عن بنطلونه و زحف فوق بدنها الممتلئ .. و ركز راس قضيبه في فتحة شرجها ..
فدفعه دفعة واحدة مؤذية جعلها تصرخ من الالم ..
لكن .. سرعان ما استوعبت نجاة حجم قضيبه في داخل مستقيمها ..و عاد اسامة يقبلها بجنون .. يُسمعها غزلا جديدا لم تسمع مثله من قبل .. لدرجة .. قذفت من كسها لشدة تأثرها بكلام وجنون اسامة و شهوته التي كانت مرتفعة على غير عادته ..
لقد احيا ثوب زفاف أمه فيه نشاطه و قوته و شهوته و جنونه .. و اعاد له رغبته في الحياة ..
بعد دقائق من رهزه العنيف في دبرها .. قذف اسامة بحرا من لبن في اعماق دبر نجاة .. لدرجة شعرت كأن بطنها انتفخت من كثر ما القى فيها من مني ..
وهو يصرخ/ بحبك يا مجنونة .. اااااااه ..
ظل يقذف في دبرها حتى كاد يفقد وعيه من كثرة الجهد و المتعة التي اكتسبها منها الآن ..
فيما ارتعشت نجاة مرة اخرى تقذف من كسها الذي كان يحتك ببطن اسامة وهو يتحرك بها حركة منشارية ..
بعد ان ارتاحا كليهما من فرط المتعة و الشهوة التي حققاها في اول بقاء .. استعاد اسامة وعيه كاملا و فتح عينيه.. ثم نظر لها مبتسما و قال لها بصوت حنون ..
اسامة/ تتجوزيني يا ب .. يا نجاة ؟
نحاة تفتح عينيها على اتساعها من الفرحة/ انت .. بتتكلم جد؟
اسامة/ ما كنتش من قبل جد زي دلوقتي ..
نجاة بفرح غامر/ .. ايوا يا حبيبي .. هتجوزك .. هتجوزك يا روحي..
ابتسم اسامة فرحا بردها وعاد يقبلها بحب و يحضنها و يدخلها في جولة جديدة من الجنس .. الذي لن ينتهي معها بعد الآن ..
لقد استعاد أسامة ما فقده بضربة حظ .. رغم انه خسر كل شيء .. لم يهمه سوى ان يستعيد ما فقده بعد خسارته لبديعة ..
لشدة خوفه على ان لا تضيع هذه الفرصة من يده .. كما فعل سابقا مع بديعة يوم طلقها ..< قبل ان يتزوج أحلام لاحقا> فلقد الزم نجاة بأن تكون العصمة في يدها .. لن يثق حتى بنفسه بعد اليوم ..
لن يترك نجاة ..
لن يخرج من عالمه الجديد هذا ولن يغادره ..
سيظل محشورا فيه بروحه و عقله و قلبه و جسده ..
الى الابد ...
عودة الى خط حياة مرام
في الريف ..
بعد مرور مدة ..
في صباح صافٍ و هادئ تغمره شمس دافئة أشرقت بعد ليلة ممطرة..
الحقول كانت تفوح برائحة الطين المبتلّ بعد مرور ليلة ممطرة .. والعصافير كانت تملأ السماء زقزقةً و رفرفة باجنحتها.
في بيت عزيزة ..
ذهبت مرام تزور اختيها في بيت عزيزة الريفي ..
اخبرتها مرام .. انها تزوجت زواج مأذون فقط قبل مدة خوفا على ثروتها و تطلقت مؤخرا ..
لم تخبر عزيزة بأنها حامل .. كانت غير مستعدة بعد ..
ولكن .. بعد ان لمست الحب من الجميع حولها .. و شعرت بأمان و دفء بينهم .. قررت ان تخبرها بطريقتها !
في هذا اليوم .. بالذات ..
كانت مرام ترتدي فستانًا بسيطًا من الكتان بلون أخضؤ فاتح .. شعرها منسدل كعادته على كتفيها.. وجهها مشرق كأن النور يخرج منه.
تضحك بصفاء لم تعرفه منذ زمن طويل .. والنسيم كان يداعب أطراف فستانها وهي تساعد أختها عزيزة في نشر الغسيل على الحبل الممتد بين شجرتين.
من بعيد جاءت عزيزة وهي تمسح يديها في ثوبها .. وعلى وجهها ابتسامة واسعة/مرام .. خلي بالك من الغسيل .. ده الجو لسه فيه ندى!
ضحكت مرام وهي ترد بخفة/ يا شيخة سيبيه .. ده حتى الندى هنا كأنه علاج للروح!
اقتربت عزيزة منها .. وضمتها بحنانٍ غامر.. ثم همست في أذنها/على فكرة... شكلك متغير اوي اليوم .. و عنينكي منورة!
ابتسمت مرام بخجلٍ ثم وضعت يدها على بطنها بلطف وقالت بصوتٍ خافت
مرام / يمكن علشان فيّ جوايا حياة جديدة ابتدت !
تجمدت عزيزة لحظة .. ثم شهقت وهي تضع يدها على فمها/ ايه؟ ده **** عوضك يا حبيبتي .. **** يتمم بخير .. اخيرا **** عوضك عن حرمانك ..
ضحكت مرام برقة/ أيوه يا أختي .. **** عوضني .. أخيرًا هبقى أم.
صرخت عزيزة بسعادة وهي تحتضنها بشدة .. ثم نادت بأعلى صوتها/ أحلام ! تعالي اسمعي الخبر ده ! مرام حامل!
خرجت احلام من المطبخ تجفف يديها بالمريلة .. وضحكت وهي تقول / ما انا عرفت بس متأخر ..! ألف مبروك يا حبيبتي!
ثم اجتمعن حولها كأنهن ثلاث طفلات صغيرات، يضحكن ويتهامسن وسط أشعة الصباح المتلألئة على أوراق اشجار الليمون.
وفي تلك اللحظة
ركض ياسين، ابن أحلام الصغير، من خلف الشجرة وهو يحمل لعبة صنعها من القش .. في يده يصيح بصوت طفولي مرح
ياسين / خالتو مرام! شوفي! عملت ايه ؟!
ضحكت مرام بصوتٍ عالٍ، جلست على ركبتيها وفتحَت ذراعيها له، فاندفع إليها واحتضنها بقوة. قبلت جبينه وقالت وهي تمسح على شعره الأشقر الصغير
مرام /يا حبيبي يا ياسين .. عارف .. انت هتبقى صاحب البيبي لما ييجي .. ماشي؟
نظر إليها بعينيه اللامعتين من الحماس وسأل ببراءة /يعني هو هييجي دلوقتي؟
ضحكت امه أحلام وقالت/ لأ يا ياسين، لسه بدري، استنى عليه شوية كمان
ضحكت مرام معهم، ثم نظرت إلى السماء، قلبها ممتلئ دفئًا وطمأنينةً لم تعرفها منذ سنوات.
كانت اجواء الريف الجميلة .. وصوت العصافير، وضحكة ياسين الصغيرة... كلها تؤكد لها أن الحياة ما زالت قادرة على أن تبدأ معها من جديد.
لم تكن السعادة التي تعيشها الآن في المال الذي تركه لها عبد المنعم .. بل كان .. في لحظة نقاء و براءة تقضيها مع اختيها .. في اجواء العائلة ..
ربما لم تكن عائلة مثالية و قد مرت بالكثير .. لكنها رغم كل عيوبها و اخطاءها ستظل عائلتها ..
لم يكن هناك شيء ينغص تلك السعادة ..الا شعور خفيف يمر بمرام كل مدة .. فيجعلها تشعر ان سعادتها منقوصة ..
سراج !
الذي اختفى تماما ..و لم يكلف نفسه حتى بالسؤال عنها او معرفة اخبارها . كانت تتمنى ان يتغلب حبه اليها على حزنه وغضبه فيعيده اليها ..
مع ان جميع من كان في المصنع .. عرف ان مرام كانت حامل .. هي من نشرت الخبر بنفسها !
لم تكن تريد الهروب هذه المرة ..
بل فضلت المواجهة ..لكنها استعانت بكذبة صغيرة لكي تسكت الافواه عنها .. الكذبة التي نصحتها بها اختها احلام ..
ظن الجميع ان مرام تزوجت رجلا غامضا بالسر و تطلقت بسرعة .. فقط لتكون اما بسببه ..
المشهد الأخيــــر
بعد مرور بضعة أشهر
في أحد مستشفيات الولادة
في غرفة المستشفى
وقت الفجر ..
كانت مرام ترقد على السرير الأبيض .. وجهها شاحب لكنه يفيض نورًا لم تره أختاها من قبل.. شعرها منسدل على وسادتها .. وملامحها المرهقة تمتزج بابتسامة هادئة تُشبه سلامًا بعد معركة طويلة.. نتجت عن وصول مولودها لبر الحياة ..
على صدرها كان الوليد الصغير .. ملفوفًا ببطانية ناعمة .. ينام بطمأنينة بعد ان وجد أخيرًا مكانه في العالم.
مرام تحدّق في ملامحه الصغيرة بعينين دامعتين تهمس بصوت متعب بسبب اثار الولادة المضنية
مرام / يا روحي إنت .. كنت فاكرني مش هقدر؟ كنت خايف لا اتخلا عنك زي ما عملت مع اخوك .. ؟ لا يروحي .. خلاص .. **** وقف معايا ..و انت في بر الأمان .. بحبك يا روحي .. بحبك يا قلبي و نن عيني ..
كانت أحلام واقفة عند رأس السرير .. تضع يدها على جبين مرام وتمسح برفق خصلات شعرها ..
بينما عزيزة تقف بجوارها تدمع عيناها من الفرح .. وتغالب ضحكتها كي لا تبكي..
فقالت أحلام بصوت مرتعش من شدة التأثر/الحمد *** على سلامتك يا مرام... الولد طالع شبهك سبحان ****! ده بيجنن ! يا روح قلبي ..
ضحكت مرام والدموع على وجنتيها .. ثم رفعت عينيها نحوهما وعادت بنظرها نحو ابنها كأنها تخاطبه
مرام/ كنت فاكرة الدنيا ظلمتني كتير .. النهاردة اثبتتلي ان لسه الواحد يقدر يبتدي فيها من جديد .. لسه الحياة فيها وش حلو اوي هايخليني احبها اكتر معاه !
أحلام/ هتسميه إيه يا مرام ؟
مرام بدون تفكير/ محسن !!!!
أحلام/ اللله .. حلو اوي الاسم ده ..
لم تدر مرام .. ان اسم محسن هو اسم ابنها الحقيقي الذي اصبح ابناً لغيرها .. كأن القدر جعلها تستبدل محسنا بآخر.. دون ان تدري !
في تلك اللحظة كان الصمت هو سيد الموقف .. لا يكسره سوى صوت تنفّس الرضيع .. وصوت جهاز المراقبة الوظائف الصحية الهادئ.
كان الفرح هادئًا وعميقًا .. و فيه دفء يملأ المكان كأنه وعد تحقق من السماء يخبرها بأن الألم انتهى .. وأن حياة جديدة قد بدأت حقًا. لقد تحقق حلم مرام بالأمومة اخيرا .. في عمر صعب .. كادت ان تشعر باليأس وهي تقارب كل يوم من مشارف الأربعين ..
اثناء ذلك ..
فجأة ..
دخل ضيف غير متوقع بالمرة ..
كان سراج ..
هو بعينه ..
لقد سمع بالخبر منذ مدة..
لكنه استغرق وقتا في صراعه الداخلي مع نفسه.. فكان ينحاز أكثر لماضيه .. فيقرر بعدها ان الابتعاد هو الحل ..
ولكن .. كانت كفة الحب ما تزال تصارعه .. ترفض الاستسلام .. و تكرر تحديه في كل مرة ..
الإنسانة التي يعشقها واحبها بكل جوارحه هي نفسها الإنسانة التي كانت سببا في مأساة حياته وموت امه حتى وان كان ذلك سببا غير مباشر
انتبه الجميع لدخول سراج .. و ساد الصمت .. لم يشبه غير صوت الوليد الجديد الذي كان يصدر اصواتا متقطعة وهو ينعم بحضن امه ..
نظرت مرام لسراج .. بعيون فيها تحدٍ .. رغم ان الدموع نزلت رغما عنها اخيرا .. ففي النهاية هي امرأة حساسة و عانت الكثير قبل و بعد ان عرفته ..
احلام نظرت لعزيزة تشير لها لكي يخرجان و يتركا مرام و سراج بخصوصية .. لكي يضعا النقاط على الحروف و يختتمان قصتهما .. بفرح ..او فراق! القرار في يد مرام ..
اقترب سراج بعدها مترددا ينظر الى الوليد الجديد .. يكاد يسقط على الارض من التأثر ..لم يعرف من قبل ما معنى الابوة .. لكن هذا المنظر يشده من اعماقه شدا و يلتصق بشغاف قلبه شاء ام أبى ..
انها السعادة بعينها .. انها اثمن لحظة عند الإنسان .. والتي لا يقدر لها سعر او ثمن ..
جثى سراج على ركبتيه مقتربا من حضن مرام المحيط بالوليد الجديد .. ينظر له بتأثر .. غير مصدق .. دموعه تنزل بلا توقف ..
سراج بعيون مدمعة وابتسامة حزينة ينظر لها و ينظر نحو ابنه الذي في حضنها .. يكاد يسقط كل قليل من شدة تأثره .
مرام .. كانت صامتة . تشيح بوجهها عنه .. رغم انها كانت سببا غير مباشر في مأساته ..لكنها لم تكن تعي ذلك ولم تعلمه ..
هي الآن في حالة تشبه الحياد .. لا تملك ان تعود له بقوة .. ففي حضنها ما هو اهم و اكثر قيمة .. ولا تملك ان تبتعد و تُبعده عنها ..
لأنها شعرت بقوة تأثره و صدق مشاعره .. هي تعرف ماذا يعني ان تفقد فلذة كبدك .. لن تتمنى هذا الشعور له .. لن تجعل مكانا لا لكلام الناس ولا حتى للتقاليد بأن تحرم أب من ابنه ..
ثم شيء ما نما فجأة بداخلها.. جعلها تغفر .. تغفر لنفسها .. و تغفر له .. فنظرت له بعيون باكية و مليئة بالحب والغفران ..
لم تنطق بشيء .. فقط ارتسمت على وجهها ابتسامة وهي ترفع مولودها نحوه ليمسكه سراج بتأثر يحضنه ويشمه و يبكي ..
بعد لحظات .. ابتسم الطفل في وجهه ..كأنه يقول له .. لقد جئتكم بالسعادة .. كفاكم حزنا ..
ولأن المشهد كان يدعو للابتسامة والفرح .. جعل مرام تنظر لمولودها الذي كان ينظر لهما كلاهما باسماً .. فضحكا ضحكة خفيفة اوقفت حزنهما الداخلي ..
فجأة نظر سراج لمرام وقال لها بابتسامة مليئة بدموع الفرح/ هي الوظيفة الي سبتها .. لسه فاضية؟
مرام تضحك وهي تكفكف دموعها/ لأ .. !!
سراج يمسك يدها يقبلها/ طب الاقي اي شغلانة تانية عندك ..
ضحكت له مرام بعيون مع دموع فرح .. تشد على يده .. و تومأ رأسها بالموافقة ..
لقد ادرك سراج .. انه ما زال يحبها ولن يستطيع تركها حتى بعد ان عرف كل اسرار ماضيها الآسنة ..
لأنه في النهاية لم يكن ذنبها ولا حتى ذنبه ..
== ألـــنــهايــــــة ==
اشكر لكم متابعتكم ..
سأتوقف لفترة .. سألتقيكم بعدها لأول مرة في قسم آخر ..
مع تحيات اخوكم الباحث