متسلسلة قصر البارونيسة ــ حتى الجزء الثانى ــ 22/10/2025

ابو دومة

ميلفاوي أبلودر
عضو
ناشر قصص
إنضم
11 يوليو 2024
المشاركات
559
مستوى التفاعل
393
النقاط
0
نقاط
910
النوع
ذكر
الميول
طبيعي
قصر البارونيسة


KSmJYNt.md.png


الجزء الاول :

موسيقى حزينة تملأ الفراغ غرفة مليئة بزجاجات الخمر، سيناريوهات ممزقة، ملصقات أفلام باهتة على الجدران.
بين الدخان وضوء التلفاز، يجلس شريف على الأرض، ببدلة أنيقة غير مرتبة، يحدق في شاشة صغيرة تُعرض فيها مشاهد من فيلمه الأخير: جيفارا مات.

وجوه تتكلم بلا صوت.
هو يرفع الكأس بيده المرتعشة، كأنه يودّع زمنًا كاملًا.

في الخارج، صدى تصفيق بعيد يتداخل مع صوت الريح.
يضحك ضحكة قصيرة متعبة.

شريف (يهمس):
"حتى الثوار… يموتون مرتين، مرة على الشاشة، ومرة حين يُغلق الجمهور التلفاز.

هذا هو شريف بعد فشل فيلمه الأخير ( جيفارا مات) وأمامه العديد من زجاجات الخمر وحالته سيئة ، رغم أن فشل الافلام احتمال وارد عند صناعتها ورغم أن شريف مخرج كبير وأغلب أفلامه نجحت ولكن هذا الفيلم كان مشروع حياته وحلمه منذ الشباب ففشل هذا الفيلم كان بمثابة القشة الذي قسمت ظهر البعير بالإضافة إلى خلافاته مع زوجته الممثلة الشهيرة واشاعات باحتمال الانفصال بينهم


مكتب شريف – وقت متأخر

رنين الهاتف يقطع الصمت.

شريف ينهض ببطء، كمن يسمع صوتًا من عالمٍ آخر.
يمد يده إلى الهاتف… ثم يتراجع.
الرنين يستمر.
خلفه، شاشة التلفاز ما زالت تُعرض مشهدًا من «جيفارا مات» — لكن اللقطة الآن غريبة: الجندي الذي يطلق النار يلتفت نحو الكاميرا، كأنه ينظر إلى شريف مباشرة.

الهاتف لا يتوقف.
يجيب أخيرًا.

شريف (بصوت خشن):"أيوه؟ من؟"
صوت المنتج (مبتهج أكثر من اللازم):"شريف حبيبي! مش قلتلك هترجع؟ عندي مشروع صغير… وثائقي. سهل، خفيف. عن قصر أثري. حاجة بسيطة!"

شريف (يضحك بمرارة):"أنا أعمل وثائقي؟!… بعد ما دفنت جيفارا؟"

المنتج:"اسمعني، القصر ده اسمه قصر البارونيسة. في ناس بتقول إنه مسكون، بس الموضوع مش رعب… غموض فني كده! الكل بيتكلم عنه."

صمت يعم المكان شريف ينهض، يمشي بين زجاجات الخمر المكسورة، كأنه يسير وسط حطام معركة.


المنتج (يتابع):"عايزين نعمل حاجة عن الذاكرة الملعونة. اسمك لو اتكتب على المشروع ده، الناس هتنسى فشل جيفارا. دي فرصة!"
شريف (بصوت متعب):"وإنت متأكد إن القصر ده موجود فعلاً؟"
المنتج (ضاحكًا): "طبعًا، يا راجل! في مكان مش بعيد اوي. أنا هبعتهولك على الواتس… أو يمكن على الحلم."

تتشوش المكالمة. صدى صوته يتحول إلى همهمة كأنها قادمة من بئر.

شريف واقف وكأنه في عالم تاني

صوت المنتج (من بعيد جدًا):"بس أوعى تروح لوحدك..."

الخط ينقطع.
شريف يحدق في الهاتف.

على الشاشة، تظهر رسالة جديدة:
«قصر البارونيسة – العنوان مفقود»

صوت موسيقى سيرك خافتة يعود من بعيد.
عينه تدور ببطء حتى تعود إلى التلفاز.
في اللقطة، يظهر جيفارا ممددًا، وفوقه قصر ضخم يلوح في الخلفية — لم يكن موجودًا في الفيلم من قبل.

يقرر شريف أن يتجه إلى القصر فليس هنالك ما يخسره

طريق صحراوي مهجور – نهار مائل إلى الغروب
موسيقى أكورديون حزينة تتحول تدريجيًا إلى أنغام سيرك بطيئة.
سيارة قديمة ألفا روميو تشقّ طريقًا رمليًا بلا اتجاه واضح.

شريف يقود بصمت النظارات تغطي نصف وجهه، التعب يغطي النصف الآخر
المذياع يبثّ برنامجًا عن “الأماكن التي تبتلع الزمن”، فيضحك بخفة غير مفهومة.

الريح تحمل غبارًا كثيفًا يلتف حول السيارة كدوامة.
تظهر لافتة صدئة:
«قصر البارونيسة – 3 كيلومترات»
فجأة، تمرّ امرأة عجوز خلفها، بثوب أسود، تختفي بعد لحظة.

شريف (بصوتٍ منخفض): "يا ترى أنا صاحي؟ ولا دا فيلم وثائقي فعلاً؟"

السيارة تمضي في طريق يلتف حول صخرة ضخمة، كأنها تدور في حلقة مغلقة.


القصر يظهر فجأة، بلا منطق.
واجهته ضخمة، تشبه القصور في لوحات دي شيريكو — الظلال أطول من الواقع، النوافذ بلا زجاج.

تتوقف السيارة، حالة من الصمت تسود المكان

شريف ينزل، يغلق الباب خلفه.
الكاميرا تتبع خطواته من الخلف، ببطء، بينما نسمع صدى خطواته يتضاعف كأن شخصًا آخر يسير معه، عند البوابة، يرى نقشًا شبه ممحو:
«قصر البارونيسة ألينورا – 1899»

يلمسه بأصابعه…، القصر يصدر أنينًا خفيفًا، كأن الحجر يتنفس.

شريف (يهمس):"تحفة فنية… أو كابوس باهظ التكاليف."

الريح تشتد و أوراق قديمة تتطاير من الداخل، إحداها تسقط عند قدميه يلتقطها، إنها صفحة من سيناريو يحمل اسمه:
“إخراج: شريف منصور – قصر البارونيسة.”

يرفع رأسه ببطء ،البوابة تُفتح وحدها، بصرير طويل كأنها تئن، داخل القصر، ظلال طويلة تتحرك دون مصدر، كأنها تنتظره منذ زمن.

ظلام تدريجي مع صوت خافت:
"أهلًا بعودتك يا مخرج الأحلام..."

قصر البارونيسة
الجزء الثاني: «الدخول إلى القصر»

يدخل شريف القصر قاعة المدخل كبيرة جدا وفخمة جدا من عصر قديم غروب يذوب في ظلامٍ رماديّ ، صوت الريح يختفي تدريجيًا، ويُستبدل بهمهمةٍ ناعمة غير مفهومة ، كأن عشرات الأصوات تهمس من خلف الجدران، الغبار يطفو في الهواء مثل رمادٍ مضيء، شعاعٌ وحيد من ضوء الغروب يتسلّل من نافذة عالية ويصطدم بمرآة ضخمة في نهاية القاعة.

شريف يقف في منتصف المكان، يلتقط أنفاسه، صدى خطواته يتضاعف… ثم يتوقّف قبل أن يتوقّف هو، يستدير فجأة، ولا يجد أحد.

صوت داخلي (بهمس): "صدى خطواتي يمشي قبلي… مش وراي."

يمرّ بجانب لوحة كبيرة عليها صورة امرأة جميلة الملامح ، وجهها مألوف على نحوٍ يربكه، يتوقّف، ينظر إليها طويلًا.

شريف (بصوتٍ خافت):"أنا شوفت الصورة دي فين قبل كده؟"

يقترب أكثر، تتحرّك عينا المرأة في اللوحة ببطء وتلتقيان بعينيه.
تبدأ موسيقى الأكورديون من جديد، بنغمة أكثر نعومة وغرابة، تتساقط ذرات من السقف كثلجٍ خفيف، شريف يمدّ يده نحو اللوحة — لحظة تماس — فيتحوّل المشهد فجأة:
اللوحة تضيء من الداخل، والقاعة تكتسي بضوء ذهبيّ.
تُسمع ضحكة خفيفة من بعيد، ضحكة فتاة صغيرة.

تتغير إضاءة القصر ويتفاجى شريف يبحث عن هذا الصوت ، في الممرّ المقابل، تظهر إيزابيلا — ترتدي ثوبًا أبيض بسيطًا، تمشي بخفّة كأنها لا تلمس الأرض.


KU1RQMF.md.jpg

تتوقّف عند الباب وتنظر إليه بابتسامة شاحبة.

ايزابيلا (بصوتٍ ناعم):"تأخّرت يا شريف… القصر مش بيستنى حد."

تختفي الإضاءة الذهبية فجأة، ويعود المشهد إلى ظلامه الأصلي.
شريف يرمش بعينيه — إيزابيلا اختفت.
اللوحة الآن فارغة تمامًا، إطار فقط بلا صورة.

شريف (مذهول، بصوتٍ متهدّج):"اللوحة راحت…"

من عمق القصر يُسمع صوتُ موسيقى خافتة — لحن طفوليّ يتكرّر كصندوق موسيقى مكسور، شريف يتقدّم نحو مصدر الصوت، يتحول الغروبٌ الرماديّ يتحوّل تدريجيًا إلى ليلٍ ذهبي
خطواته تصدر صدى معدنيًا كأنه يمشي داخل آلة زمن، الغبار يطفو في الهواء مثل شرر ذهبي بطيء، من بعيد، يسمع ضحكة ناعمة جدًا — لا يُعرف مصدرها،يلتفت خلفه… لا أحد، الضحكة تعود، أقرب هذه المرة، تتسلل من وراء بابٍ نصف مفتوح.

يدفع الباب بهدوء، الغرفة مضاءة بضوء ناعم يتسلل من فتحة في السقف، يتراقص الضوء على جدران متقشرة تحمل لوحات لنساء بملامح ممسوحة.

في وسط الغرفة… تجلس نفس الفتاة على الأرض، ترتّب دمى خشبية قديمة في دائرة، ترفع رأسها ببطء، تبتسم دون خوف.

إيزابيلا (بهدوء طفولي) : كنت متأكدة إنك هتيجي.

شريف (يتجمد، صوته منخفض) : إزّاي عرفتي اسمي؟

إيزابيلا:مش محتاجة أعرفه… القصر هو اللي قال لي.

تنهض. شعرها يلمع في الضوء الغبشي، ملامحها نصف واقعية، نصف حلم ، أنفاس شريف تتسارع ، هو لا يعرف هل أمامه إنسانة، أم مشهد من فيلمه القديم.

شريف: انتي… عايشة هنا؟ لوحدِك؟

إيزابيلا: مش لوحدي. الكل هنا، (تشير إلى الظلال على الجدران) بيصحوا لما حد جديد يدخل، وبيتكلموا كتير أول يوم.

تقترب منه، تميل رأسها قليلًا، تراقب نظارته الشمسية.

إيزابيلا (بفضول): ليه مستخبي ورا الازاز؟ ،الضوء هنا مش بيؤذي، (تبتسم بنعومة) إلا اللي خايف يشوف نفسه.


شريف يخلع نظارته ببطء، العينان متعبتان، غارقتان في سؤال لا يُقال.

الضوء في الغرفة يتغير و يصبح أدفأ، أكثر حياة، إيزابيلا تدور في المكان كأنها ترقص، ثم تختفي خلف عمود رخامي، وتبقى ضحكتها عالقة في الهواء.


يظهر انعكاسه في مرآة قديمة حيث تظهر خلفه ملامح إيزابيلا مرة أخرى ، لكن أكبر سنًا، بنظرة حزينة هذه المرة.

---
صوتها يأتي من بعيد:"كل ما تفتكر… أنا أكبر."

الموسيقى ترتفع — أكورديون حالم ممزوج بصوت كمان منفرد.
شريف يحدق في المرآة، عيناه تلمعان بدمعة خفيفة — لحظة اعتراف صامتة بالحنين.

الظلام يبتلع الغرفة تدريجيًا.
نسمع الريح تهمس باسمها: "إيزابيلا..."

يسير شريف في القصر وهو يبحث عن ايزابيلا تائه في خبايا القصر يبدو أنه ضلّ طريقه داخل القصر؛ الأبواب تتشابه، والممرات تدور حول نفسها.
صوت بعيد… نغمة موسيقية، تتردد بين الجدران كأنها تأتي من باطن الحجر.

يقف لحظة، يصغي.
الأنغام تتضح — تانغو.
يضغط على مقبض بابٍ ذهبي صدئ ويدخله ببطء.
يجد أمامه صالون ذهبي اضاءته الشموع والذهب والغبار وكأنه مزيج من الحلم والعظمة المنهارة، تبدأ موسيقى أكورديون بطيئة ثم تتحوّل إلى تانغو حسي راقص



القاعة مترامية الأطراف، يغمرها ضوء ذهبي من الشموع، ثريات متدلية كأنها معلقة بخيوط زمنية، في الجدران مرايا مشروخة تعكس المشهد في عشرات النسخ.

ووسط الصالون… امرأة ترقص وحدها.

إنها فالنتينا.


KU1dQtV.md.jpg

فستانها أحمر قانٍ، كأنها لهب يسير في دوائر، تتحرك بخفة، كأنها تتحدى الجاذبية، في كل استدارة تلمع الأقراط في أذنيها مثل شرارات.

شريف يتجمّد في مكانه، صوت الموسيقى يتداخل مع أنفاسه.


فالنتينا (بدون أن تلتفت):"اتأخرت يا شريف… التانغو ما بيستناش حد."

( تتوقف. ترفع يدها ببطء، تشير إلى كرسي بجانبها )
"اقعد. بتخاف من الموسيقى ولا من نفسك؟"

شريف (بتردد ساخر) : "من الاتنين… واضح إني ضيف مش مرغوب فيه."

فالنتينا: "اللي يدخل القصر، ما بيخرجش ضيف… بيبقى جزء من العرض."

تقترب منه. خطواتها على الرخام تصنع نغمة بين كل نغمتين من الموسيقى، تلتقط كاميرته القديمة من الطاولة، ترفعها نحو وجهه.

فالنتينا: "المخرج اللي بيخاف يصوّر…إزاي عايز العالم يفتكره؟"

تضغط زر التسجيل، الصوت الخفيف للكاميرا يبدأ يدور، من خلال العدسة، شريف يرى نفسه جالسًا في كرسي فخم، يضحك، يصفّق، يرتدي بدلة بيضاء.

يتراجع فجأة.

شريف: "ده مش أنا…"
فالنتينا (بابتسامة مشاكسة): "هو ده انت زمان… اللي كنت عايزه الناس تشوفه."

تترك الكاميرا تدور وحدها ، وتبدأ ترقص حوله، تقترب خطوة بخطوة، حركتها بطيئة، محسوبة، كأنها طقس مقدّس.

الموسيقى تتحول إلى تانغو كامل، إيقاع أسرع، الشموع تهتز من حركة الهواء.

فالنتينا: "كلنا بنمثل أدوارنا يا شريف… أنا كنت البطلة، وإنت المخرج، لكن لما الكاميرا وقفت… أنا فضلت أرقص، وإنت اختفيت."

تمسك يده، تضعها على خصرها.

فالنتينا: "جرّب تكون البطل المرة دي."

يقاوم لحظة، ثم ينساق و يرقصان وسط الصالون، بخطوات غير متزنة، هي تقوده، لا هو.

الموسيقى تشتعل، الضوء يشتد، المرايا تعكسهم مئات المرات، لكن في كل انعكاس، تتغير ملامحهما قليلًا ، مرة يبدوان أصغر، مرة أكبر، مرة يرتديان ملابس مختلفة.

فجأة تتوقف الموسيقى، يتوقفان معًا، يتنفسان بصوت مرتفع.
فالنتينا تضحك.

فالنتينا: "شايف؟ لسه فيك حياة، بس الحياة عايزة نار، مش خوف."

تقترب منه، تلمس صدره بخفة.

فالنتينا:"القصر ده مش حيطان… ده مسرحك وكل بنت هتشوفها… كانت مشهد من فيلمك."

شريف (بصوت خافت):"وإنتِ؟ أنتي إيه في الفيلم؟"

تبتسم، ترفع وجهها نحوه.

فالنتينا (بهمس):"أنا المشهد اللي كنت بتتهرب منه."

تقبّله قبلة سريعة على الشفاه، الشموع تنطفئ دفعة واحدة، يسمع صوت تصفيق بعيد، كأن جمهورًا خفيًا يصفّق لهما.

شريف يفتح عينيه ،الصالة خالية، المرايا مغطاة بالغبار، الموسيقى توقفت،وكأنه كان يرقص مع ذكرى قديمة فقط.

على الأرض، الكاميرا تعمل وحدها،تعرض على شاشتها لقطة لهما يرقصان…ثم تتحوّل الصورة إلى دخان أبيض يتلاشى.

---

شريف (بهمس): "كل ما أفتكر… الصورة تحرقني."

ينظر حوله، يلمح بابًا آخر في نهاية الصالون، نصف مفتوح،
ومن داخله يأتي صوت خافت لبيانو يعزف نغمة حزينة.

يتنفس بعمق، يتجه نحوه ببطء.
الظل يبتلع خطواته.

تصدر رائحة الهواء مشبع برائحة خشب قديم ورطوبة، صوت البيانو يزداد وضوحًا من هذا الباب

يصل إلى بابٍ نصف مفتوح، يدفعه ببطء يجد أمامه جناح مظلم في القصر – باب بيودي لمسرح قديم اضاءته ضوء أزرق خفيف داخل من سقف مكسور و موسيقى بيانو بيعزف نغمة مكسورة، كأنها قلب بيحاول يفتكر النبض

كل خطوة بيخدها الأرض بتصرّف كأنها بتتوجّع، ريحة الخشب والعتق مالية الجو، صوت البيانو بيقرب أكتر وأكتر وبيكتشف المسرح


المكان كبير… فاضي، الكراسي مغطاة بملاءات بيضا، التراب عامل ضباب خفيف حوالين الخشبةعند البيانو قاعدة سيلفيا، فستانها أسود، صوابعها بتلمس المفاتيح كأنها بتحكي سرّ لآلة قديمة.


KU0bV72.md.jpg

شريف (بهمس):انتي… كنتي بتعزفي؟

سيلفيا (من غير ما تبص):كنت بحاول أسمع الصمت… لو ليه لحن.

شريف: هو في حد بيعزف صمت؟

سيلفيا (تبتسم بخفة): انت جيت تسأل ولا تسمع؟


يقرب منها بخطوات بطيئة، صوت الأرضية الخشبية بيعمل صدى كأنه تصفيق.

سيلفيا: اتأخرت قوي يا شريف.

شريف (مستغرب):أنا؟! هو كان في ميعاد بينا

سيلفيا (تضحك بهدوء): الفن عمره ما بيستنى المواعيد… بس ساعات بيستنى اللي نسيه.

تلف ناحيته، عنيها فيها عمق يخوّف ويريّح في نفس الوقت.

سيلفيا: القصر بيختبرك…إيزابيلا سألتك عن اللي كنت…وفالنتينا جرّبتك في اللي نفسك تبقى…وأنا… هجربك في اللي انت فعلًا عليه.

شريف: أنا؟ أنا مجرد مخرج تايه في بيت مجانين!

سيلفيا (بهدوء): كلمة "مجرد" أول كذبة بيقولها أي فنان.

---

تقوم وتبص ناحية الكراسي الفاضية ، فجأة النور يشتغل لوحده،ويبان جمهور من ظلال ناس قاعدين، وشوشهم مش واضحة… لكن بيصفقوا ببطء.

شريف (مذعور): إيه ده؟!

سيلفيا: دول جمهورك…اللي كنت بتصور عشانهم، بس عمرك ما شفتهم.

شريف (بصوت مبحوح): بس أنا كنت فاكرهم راحوا!

سيلفيا: ماحدش بيروح يا شريف…اللي بيروح هو النور اللي بيكشفهم.

---

تلمس صدره بخفة:

سيلفيا:انت بطّلت تسمع صوت الجرح ، الفن مش كاميرا…الفن جرح بيتكلم بلغات مختلفة.

شريف (بحزن): أنا تعبت من الحلم يا سيلفيا.

سيلفيا: الحلم ما بيتعبش…اللي بيتعب هو اللي عايز يملكه.

(تبتسم بخفة)
سيلفيا : انت جيت القصر تدور على فيلمك الأخير، بس يمكن القصر جابك علشان تصوّر نفسك… للمرة الأولى بجد.

---

تبدأ الأنوار تخفت، وصوت البيانو يعلى لوحده ، الظلال تصفق ببطء…وسيلفي
ا تبتعد ناحية الظلمة.


سيلفيا (قبل ما تختفي):لما تقابل البارونيسة…ما تسألهاش عن الفيلم ، اسألها عن نفسك .



يجرى ناحيتها، لكنها بتختفي.
الخشبة تفضل فاضية.


صوت شريف (من بعيد): يمكن دي أول مرة… أكون فعلاً جوّا فيلمي.
 
أعلى أسفل