متسلسلة كافيه الشهوات - السلسلة الثانية - حتى الجزء الثالث

صبرى فخرى

ميلفاوي أبلودر
عضو
ناشر قصص
إنضم
16 أكتوبر 2023
المشاركات
516
مستوى التفاعل
613
النقاط
3
نقاط
769
النوع
ذكر
الميول
طبيعي
الجزء الاول

ياسر قفل الخط. صوت 'توت توت' كان زي رصاصة في ودن معتز. الـ "ماتتحركش من مكانك!" اللي قالها ياسر كانت آخر حاجة ممكن يعملها معتز. الرعب اللي سمعه في صوت ياسر خلاه يقرر إن اللي بيخوف ياسر هو اللي هينقذه.)

(شغل معتز العربية بسرعة، وراح طوالي على صاحبه القديم عادل في الزقاق الضلمة.)

عادل (ببرود وهو بيتكي على الحيطة): "يا معتز، إيه اللي جابك تاني؟ في حاجة قلبت دماغك؟"

معتز (بيقرب منه بسرعة، وبيقاطع كلامه): "اسمعني كويس يا عادل. ياسر كلمني وهددني بالقتل لو جبت سيرة الغراب قولي يا عادل... مين الغراب ده بالظبط؟ الراجل ده مدير مستشفى. إيه حكايته اللي مخليا ياسر مرعوب كده؟"

(بمجرد ما معتز نطق كلمة "الغراب"، وش عادل اتغير تماماً. عادل صرخ برعب وهرب بأقصى سرعة ممكنة، تاركًا معتز مصدومًا في الزقاق الضلمة.)

معتز (واقف مصدوم، يتكلم مع نفسه): "لهذه الدرجة؟ الاسم ده بيخوف الكل؟"

(الخوف زاد، لكن الإصرار تضاعف. معتز لم يعد لديه خيار سوى الذهاب إلى مصدر كل هذا الرعب... المستشفى.)



(ركب معتز العربية، لكنه لم يتجه مباشرة إلى الداخل. قاد سيارته ببطء ووقف على مسافة من بوابة المستشفى. نظر إلى المبنى الزجاجي البارد، وعلم أن أي حركة في هذا التوقيت المتأخر قد تكون انتحارًا، خاصة بعد هروب عادل المريب.)

(قرر معتز أن ينتظر. ينتظر حتى يشرق الصباح، وتخف حدة الظلام. جلس في سيارته، بيراقب المستشفى زي الصقر، وعقارب الساعة بتزحف ببطء شديد. كان ده أطول ليل في حياته، مليان بخوف الإدمان، ورعب ياسر، والرغبة في إنقاذ سلمى. فضل معتز على الوضع ده، عينه على المبنى، لحد ما بدأ فجر جديد يشق سكون الليل.)

(معتز لسه واقف بعربيته على مسافة من المستشفى، بيراقب المبنى الزجاجي البارد. الليل كان طويل، والأعصاب مشدودة. هو منتظر بزوغ الفجر عشان يقابل الغراب.)

(معتز بيسند راسه على الدركسيون. في لحظات، بيحس بغضب ياسر اللي بيقرب منه، وفي لحظات تانية بيحس بالخوف المجهول اللي خلى عادل يهرب بمجرد ذكر اسم "الغراب". هو عارف إن ورا الأبواب دي فيه سلمى، وفرصته الوحيدة للنجاة.)

(معتز بيحاول يتجاهل الرغبة في الجرعة، بيتمسك بالهدف الوحيد: البقاء حياً وإنقاذ سلمى. عقله شغال بيحاول يرسم صورة لـ فارس (الغراب)، اللي ياسر مرعوب منه، واللي عادل ساب البلد بسببه.)

(في نفس الوقت، كان ياسر الرفاعي قاعد لوحده في مكتبه الفخم، اللي مليان بالأنتيكات النادرة. الإضاءة خافتة، بس الغضب على وشه منور المكان. كان بيشرب سجاير وبيتكلم بصوت واطي.)

ياسر (بيلف الكرسي بتاعه وبيضرب قبضة إيده على المكتب بقوة): "حيوان! حيوان! ما كنتش مصدق إن الزفت ده هيروح للكلب ده!"

(ياسر بيقوم وبيروح عند الشباك، بيبص على ضلمة القاهرة اللي مغرقة البلد. هو مش خايف من معتز، هو خايف من اللي ورا معتز.)

ياسر (بيتمتم بمرارة): "كان لازم يحصل دلوقتي؟ بعد كل ده... أقع في طريق الغراب؟"

(بياخد ياسر نفس عميق، وعينيه بتدور في المكتب على أي حاجة ممكن تكون أمان. الخوف اللي في قلبه مكنش من شخص، كان من اسم عيلة.)

ياسر (بينفخ دخان سيجارته): "الغراب ده... ده مش مدير مستشفى! ده ابن عيلة كساب! يا خسارة! ما كانش لازم أورط نفسي معاهم من الأول... ما كنتش فاكر إن الأسطورة لسه عايشة."

(بيقف ياسر قدام خريطة قديمة متعلقة على الحيطة، بيشاور عليها بعصبية.)

ياسر: "الخمسة اللي مش موجودين دول... كلهم راحوا بسبب كساب! دي مش عيلة اقتصاد بس! دي أسطورة في عالم الآثار المنهوبة اللي محدش بيقدر يقرب منها! وديون البلد كلها في جيبهم! لو مسكوا عليا ورقة... هينزلوا عليا بكل نفوذهم. ده لو مسكوا ورقة، ده لو شموا ريحة!"

(بيضحك ياسر ضحكة ساخرة مريرة.)

ياسر: "سلمى... البنت دي هي الكارت. لو البنت دي حكت كلمة واحدة للزفت الغراب... هتبقى نهايتي. لازم أتحرك قبل الفجر ما يطلع. بس لو اتحركت دلوقتي، الغراب هيعرف إني خفت. يا ويلك يا ياسر... يا ويلك من الغراب!"

(رجع ياسر لمكتبه وقعد يحاول يهدأ أعصابه. هو محبوس بين نار الخوف من عيلة كساب، ونار الغضب من معتز اللي خالف أوامره.)



الصبح كان بدأ يشقشق، والنور الخفيف دخل صالون بيت بدر. بدر كان قاعد مع خطيبته دينا، وهما بيقلبوا في مجلات الفرح. أم دينا، الحاجة صفاء، كانت بتشاركهم الحديث بجملة بسيطة.)

دينا (بفرحة): "خلاص يا بدر، كلها كام يوم ونبقى في بيتنا."

بدر (بابتسامة مرهقة، بيطبطب على إيدها): "**** يتمم على خير يا روحي."

صفاء (بهدوء): "**** يتمم على خير يا ولادي."

(صفاء سكتت، وبدر عينه رجعت للساعة. الوقت اللي قضاه فارس في الخارج، بعيد عن أعينهم، بدأ يقلقه بشدة.)

بدر (بيسيب المجلة فجأة، نبرة صوته بتتغير لجدية وقلق): "دينا، أنا آسف. بس أنا مش مرتاح. فارس سابنا من إمبارح بالليل، ودي مش طبيعته خالص. أنا عارف إن هو دلوقتي في وش الخطر، وفي قلب مشكلة مينفعش يتحملها لوحده."

(بدر بيقوم من مكانه، الجو كله بيتغير حواليه.)

بدر: "لازم أروح أشوفه. لازم أشوف فارس ده عامل إيه، وأشوف الوضع اللي هو فيه كويس ولا لأ. أنا مش هسيب الغراب وحده. أنا رايح أطمن، وأضمن إن كل حاجة تحت السيطرة."

دينا (بتقلق من النظرة اللي في عين بدر): "بس... خليك هنا يا بدر. الدنيا لسه بدري."

بدر (وهو بيلبس الجاكيت بتاعه، صوته بيكتسب حسم): "لأ يا دينا. اللعبة اللي بيلعبها فارس دي مفيهاش تأجيل. لازم أروح بنفسي."

(بدر طلع موبايله وعمل مكالمة سريعة ومقتضبة، كلمته كانت حاسمة): "جهزوا كل حاجة. أنا نازل. دلوقتي!"

(بدر نزل السلالم بسرعة، وعلى وشه مزيج من القلق والعزيمة. هو متجه لرؤية فارس، ومجهز نفسه لمواجهة أي خطر يكون أخوه الروحي محطوط فيه.)



در (وهو بيدي إشارة لحارسه): "يلا بينا. بسرعة. المستشفى... بسرعة قصوى."

(ركب بدر عربيته، والأسطول الخاص بيه انطلق في شوارع القاهرة الهادية اللي لسه بتصحى. عينه كانت بتراقب الطريق بعزم، هو رايف يشوف فارس، ويحمي ظهره من أي خطر كان ياسر الرفاعي طرف فيه.)



في نفس التوقيت، كان ياسر الرفاعي في مكتبه الفخم، الغضب والجنون بيملوا وشه بعد ما عرف إن الغراب بقى هو الخصم.



ياسر قفل موبايله بعنف، وصرخ في رجله اليمين اللي كان واقف قدام المكتب.)

ياسر: "الكلب ده... الغراب! هو اللي بيعمل كل ده! مش هسيبه. دي نهايته!"

(ياسر بيلبس الجاكيت بتاعه، وبيبص في المراية. الوش اللي كان دايماً بارد وهادي، بقى مليان شر.)

ياسر (لرجله): "جهز العربيات. كل رجالة الملهى يطلعوا ورايا. مش عايز حد ينام! أنا رايح بنفسي. لازم أجيب البنت دي، وأخلص على الغراب ده قبل ما الدنيا تنور تماماً!"

(ياسر خرج من مكتبه، و ركب عربيته الفخمة. أسطول تاني، أسطول الغضب والبلطجة، انطلق هو كمان في طريق المستشفى. ياسر قرر يواجه الخطر اللي بيخاف منه بنفسه، عشان ينهي اللعبة دي قبل ما تنتهي عليه.)



في نفس التوقيت اللي فيه ياسر و بدر بيتحركوا بعربياتهم في عز الفجر متجهين للمستشفى، كان فارس (الغراب) لسه في مكتبه، بيراقب شاشة الكاميرات بهدوء مخيف.)

(تليفونه الداخلي رن، والممرضة بلغت بإن سلمى فاقت وتقدر تتكلم. فارس قام وراح فورًا لغرفة سلمى.)

(دخل فارس الغرفة بهدوء، وأشار للممرضة بالانصراف. قعد على كرسي جنب السرير. سلمى كانت لسه باين عليها التعب، وعينها بتراقب فارس بتوتر.)

فارس (بهدوء شديد، وهو بيبصلها في عينها): "أنا فارس. أنا اللي لقيتك بعد الحادثة وجبتك هنا. أنا هنا عشان أساعدك وأحميكي. ممكن تحكيلي إيه اللي حصل معاكي ومع أخوكي؟"

سلمى (بصوت ضعيف وواطي، بتنفس بصعوبة): "أنت... أنت فارس؟ أنا متشكرة... متشكرة جداً على إنك أنقذتني وجبتني هنا. وأنا عارفة كمان إنك عملت حاجة لـ أخويا معتز. هو... هو مدمن بس قلبه طيب."

(فارس هز راسه بهدوء عشان يشجعها تكمل.)

سلمى: "أبويا... أبويا مات مديون لـ ياسر الرفاعي. ديون كتير أوي بسبب شغلهم القديم. ياسر ده شيطان... بعد ما أبويا مات، هددهم إنه هياخد البيت وهيرمي أخويا في الشارع."

(سلمى بتاخد نفس بالعافية، وبتكمل والدموع مغرقة وشها.)

سلمى: "هو ده السبب... ياسر ضغط علينا. قال لـ أخويا معتز لو عايزني أسيب البيت وأنسى الديون دي كلها... هتتجوزيني غصب عني! أنا... أنا خوفت على أخويا. خوفت عليه من الشارع ومن ياسر. عشان كده... أول ما لقيت فرصة... هربت بالعربية! مكنتش عارفة أعمل إيه... عشان كده عملت الحادثة."

(سلمى عينيها بتتقفل من التعب. فارس بيبص عليها بهدوء، هو دلوقتي عرف اللغز كله: ياسر عايز جواز غصب عشان يكمل سيطرته.)

فارس (صوته بيبقى حاسم، زي وعد): "أنا فهمت كل حاجة يا سلمى. اطمني. طول ما إنتي هنا، محدش هيقدر يقرب منك. نامي دلوقتي وارتاحي."



معتز لسه قاعد في عربيته، على مسافة من بوابة المستشفى، بيراقب الأجواء بعد ما الفجر شقشق. كان بيحاول يركز عشان يعرف هيقابل فارس (الغراب) إمتى، وبيحاول يتجاهل صوت ياسر اللي بيهدده. فجأة...)

(صوت موتورات قوية جداً بدأت تقرب من بعيد. صوت تقيل ومنظم، مش صوت عربيات عادية. معتز رفع راسه من الدركسيون وبص في المراية. اللي شافه خلاه يفتح بقه بصدمة. أسطول من العربيات السودا الفخمة، عربيات مصفحة شبه الصندوق، كانت بتدخل المنطقة بهدوء مخيف.)

معتز (بصوت مش مصدق): "إيه ده؟ مين دول؟ دي مش عربيات ياسر... دي شكلها أغلى وأخطر بكتير!"

(الأسطول الأسود ده وقف عند مدخل المستشفى. نزلت منه رجالة ضخمة لابسة أسود في أسود، بيتحركوا زي العساكر المدربة. وبعدين نزل منهم بدر، كان ماشي بخطوات واثقة ووشه كله قلق. معتز فضل قاعد مذهول، ميعرفش مين الشخص اللي عنده القوة دي كلها عشان يجي الصبح بدري كده بالمنظر ده.)

(في نفس اللحظة دي، بدر مابصش حواليه. كان كل تركيزه إنه يطمن على فارس. ساب كل الرجالة في انتظار بره، ودخل المستشفى بسرعة. توجه مباشرة للمكان اللي عارف إن فارس هيكون فيه.)

(في الوقت اللي بدر بيشق طريقه في ممرات المستشفى الهادية، كان فارس (الغراب) لسه خارج من غرفة سلمى. فارس كان على وشه علامات التركيز التام، بعد ما عرف خطة ياسر في جواز الإجبار. بيحاول يفكر في الخطوة الجاية.)

(فجأة، فارس بيشوف بدر جاي من آخر الممر بخطوات سريعة. فارس بيبتسم ابتسامة خفيفة، ابتسامة اللي فاهم كل حاجة.)

بدر (صوته فيه قلق مكتوم): "فارس! أخيراً! إيه اللي جابك من إمبارح بالليل هنا؟ وإيه اللي بيحصل؟"

فارس (بيقف قصاد بدر، وبيطبطب على كتفه بهدوء): "أهدى يا بدر. أنا بخير. بس اللعبة ابتدت... والورق كله بدأ يبان. ياسر الرفاعي مش عايز فلوس، ياسر عايز البنت عشان السيطرة."

(في اللحظة اللي فارس بيتكلم فيها مع بدر في الممر، كان معتز بيفتح باب عربيته عشان ينزل ويلحق يدخل المستشفى قبل ما أي حد تاني يوصل.)


وبكده نكون وصلنا لنهاية الجزء ده من الحكاية
لو عجبتكم الأجواء دي، بنتمنى منكم تشوفوا عملنا التاني بعنوان "نوراه البرون". القصة دي فيها عالم مختلف، وأسرار تانية، بنتمنى إنها تنول إعجابكم



الجزء الثاني

K4YIq7e.md.jpg
الزمان: الصبح بدري شوية.

المكان: مدخل وموقف مستشفى ضخم.

(صوت فرملة قوي. عربية معتز بتزحف في الموقف وبتوقف فجأة. معتز باين عليه التعب والقلق اللي مالي وشه، بس بيحاول يشد نفسه.)

معتز: (بيفتح الباب بعنف وبينزل. بيشد الجاكيت بتاعه، وعينيه على باب المستشفى. بيكلم نفسه بصوت مكتوم) "سلمى... لازم ألحقك قبل ما أي كلب تاني يوصلها. لازم أشوف مين جوه ممكن يسندني... فارس؟ لا، ده خطر عليه... لازم أتصرف لوحدي، لازم."

(معتز بيمشي بسرعة جنونية ناحية الباب الزجاجي للمستشفى، خطوته متلخبطة ومترددة، هو خايف من اللي هيشوفه جوه. بيزق أي حد قدامه عشان يلحق الوقت.)

(في اللحظة اللي معتز بيحط إيده على المقبض عشان يدخل... بتظهر عربية ياسر الرفاعي الفخمة من بعيد، بتدخل بالراحة وثقة. بتقف العربية على مسافة من معتز. الزجاج الأسود بينزل بالبطيء، ووش ياسر الرفاعي بيبان هادي وماكر.)

ياسر الرفاعي: (بيبتسم ابتسامة خفيفة، بيكلم الحارس اللي جنبه من غير ما صوته يعلى) "يا سلام على الصدفة الحلوة... معتز مستعجل كده ليه؟ مفيش وقت للتمثيل خلاص."

(معتز فجأة بيحس إن فيه عين عليه، بيلف راسه بسرعة ناحية العربية. عينه بتيجي في عين ياسر. معتز بيقف مكانه زي الصنم، كل أفكاره عن إنقاذ أخته سلمى بتطير، القلق بيتحول لرعب صريح.)

معتز: (همسة مش مسموعة) "ياسر..."

ياسر الرفاعي: (بيشاور بإيده على معتز للجندي اللي جنبه وهو لسه قاعد في العربية) "مش عايز أي دوشة. خلوه تحت عينيكم. خليه يدخل... بس لو غلط غلطة واحدة... تبقى نهايته هو وأخته سلمى. خليه زي طعم لحد ما نشوف فارس هيعمل إيه."

"تمام يا باشا."

(بينزل بالهدوء وبيقف جنب باب العربية، عينيه متسمرة على معتز. معتز بيفهم اللعبة، هو محاصر.)

في الزحمة:

(معتز بيفتح الباب وبيعدي، مفيش حل تاني. بيمشي خطوة خطوة، عينه مش بتفارق جندي ياسر الواقف بره. العرق بيملأ وشه من التوتر. بيدخل في زحمة الردهة، بيحاول يدور على أي وش يعرفه... فارس أو بدر.)

معتز: (بيكلم نفسه بسرعة وهو بيخترق الردهة) "لازم أتصرف... سلمى... لازم تنقذها يا معتز، مهما كان التمن... دي فرصتك الوحيدة."

(ياسر الرفاعي بيشوف معتز وهو متجمد من الخوف جنب الباب، بينزل من عربيته بثقة ملك، وبيعدي من المدخل الزجاجي. الحارس بتاعه بيمشي وراه بمسافة. معتز لسة مصدوم من الظهور المفاجئ.)

ياسر الرفاعي: (بيقرب من معتز وبيحط إيده على كتفه بهدوء مصطنع، لكن مسكة إيده فيها تهديد) "ايه يا معتز، مالك مصفر كده ليه؟ مش قلت لك إنك هتنفعني في الآخر؟ تعالى يا أبو نسب... يلا بينا نطمن على أختك سلمى."

معتز: (صوته طالع بالعافية) "ياسر... أنت... أنت بتعمل إيه؟ سيبني!"

ياسر الرفاعي: (بيضحك بهدوء وبيشده معاه بقوة) "إيه الكلام ده؟ أختك وأختي، يلا بلا كلام فاضي. أنا لسة ما خلصتش اللعبة معاها. يا دوب بس بدأنا."

(ياسر بيمشي هو ومعتز اللي بيحاول يشد نفسه من إيده، لحد ما بيوصلوا قدام باب غرفة الطوارئ اللي موجودة في آخر الممر. ممرضة واقفة قدام الباب بتبص عليهم بملامح جدية.)

الممرضة: (بترفع إيدها عشان تمنعهم من الدخول) "ممنوع الدخول نهائيًا! المريضة في وضع حرج، ولازم تفضل لوحدها!"

ياسر الرفاعي: (بيقف فجأة، بيبص للممرضة من فوق لتحت بغطرسة، وبيضحك ضحكة قوية وباردة) "أنتِ مجنونة؟! أنتِ ما تعرفيش أنا مين؟ أنا ياسر الرفاعي! مفيش بني آدم على وش الأرض يقول لي أعمل إيه وما أعملش إيه! شيلوا الزفت دي من قدامي!" (بيشاور لواحد من رجاله عشان يبعدها.)

(في اللحظة اللي ياسر كان بيدي فيها الأوامر، سمع صوت جه من وراه، صوت فيه خشونة وهدوء، نبرة متجبرة كأنها بتدي الأمر الأخير.)

بدر: (من ضهر ياسر، صوته حاد وقوي) "أنتَ عارف أنتَ فين دلوقتي؟ وفي أرض مين يا ياسر؟ ومين اللي بيكلمك بالصوت العالي ده؟"

(ياسر بيتخض من الصوت، بيلف بجسمه بسرعة عشان يواجه مصدر الصوت. بيلاقي بدر واقف على بُعد خطوتين، ورا بدر بشوية واقف فارس، عينيه بتلمع زي النار.)

ياسر الرفاعي: (بيلم نفسه وبيحاول يرجع لثقته، بيبص لبدر باستخفاف) "بدر... يا خسارة، كنت فاكرك عقلت. أنتَ إيه دخلك في الموضوع؟ ده حساب بيني وبين فارس، أنت ملكش فيه!"

بدر: (بيتقدم خطوة، قلبه ميت تماماً، بيتكلم بنفس النبرة الهادية اللي بتخوف) "اسمع يا ياسر، طول عمرك فاكر إن كل حاجة بتتشرى بالفلوس وبتتكسر بالتهديد. بس فيه ناس لما بتحب بتتحول لحاجة تانية خالص... أرض المستشفى دي كلها أرضي... والممرضة دي، هي أختي. كلمة زيادة واحدة منك... وأقسم لك... هتمشي من هنا على نقالة مكسور."

(بدر بيحط إيده على مقبض الباب وبيضغط عليه بثبات، عينه في عين ياسر، بيستنى رد الفعل. التوتر في الممر بيوصل لأقصاه.)

ياسر الرفاعي: (بيحاول يرجع لثقته، بيبص لبدر باستهزاء مصطنع) "أنتَ يا دكتور؟ جايب نفسك في المشاكل ليه؟ ده حساب بيني وبين فارس، أنتَ ملكش فيه. ولا فاكر إنك لما بقيت مدير هنا، بقيت تملك الدنيا؟"

بدر: (بيدخل إيده في جيبه، وبيطلع مفاتيح المستشفى كلها، بيخبطها على الترابيزة اللي جنبهم بهدوء يرج المكان) "المفتاح ده مش عشان أدخل الأوض، المفتاح ده عشان أتحكم في الأنفاس اللي بتتنفس في المكان ده." (بيتقدم خطوة واحدة بس، صوته بيبقى واطي وهادي زي فحيح الثعبان) "أنتَ قولت إنك بتشتري الأرض اللي أنا واقف عليها بفلوس الفكة بتاعتك؟ يا ياسر... أنا الأرض دي كلها بتاعتي، وأي حاجة بتمشي عليها بتتحرك بأمري. أنتَ هنا ضيف مش مرغوب فيه، ومفيش غير اختيار واحد ليك."

(بدر بيمد إيده ببطء وبيشاور للممرضة اللي كانت واقفة عند الباب.)

بدر: (للممرضة بهدوء) "ادخلي جوه، واقفلي الباب ده كويس لحد ما الحساب يخلص."

(الممرضة بتنفذ الأمر فوراً، بتقفل باب الغرفة على أخت معتز (سلمى)، وكأنها بتحصنها. ياسر بيشوف الأمر بيتنفس بهدوء في المكان ده، بيفهم إن بدر مش بيهزر.)

ياسر الرفاعي: (بيبدأ التوتر يبان على عينه، بيبعد مسافة صغيرة عن بدر) "أنتَ بتلعب بالنار يا بدر... عارف إنك ما تقدرش تلمسني، القانون هيحرقك أنتَ وفارس."

بدر: (بيبتسم ابتسامة باهتة بتوحي بالخطر) "القانون ده بيشتغل على الناس اللي ليها قيمة، مش على الأشباح. لو اختفيت من هنا دلوقتي، محدش هيسأل عليك. الفرصة دي مني، مرة واحدة بس. أنا عارف إن الأخت جوه دي مش بس أخته، دي نقطة ضعف أنتَ عايز تستغلها. دلوقتي، سلمى في حمايتي. اطلع من المستشفى، وسيب اللي في إيدك." (بيشاور على معتز.)

(ياسر بيبص حواليه بسرعة، بيشوف رجاله بره لسه واقفين بس عارف إنهم مش هيقدروا يقتحموا المكان ده بالقوة. بيقرر الانسحاب.)

ياسر الرفاعي: (بيشد معتز بقوة لدرجة إنه بيوجعه) "ماشي يا دكتور. أنا هخرج. بس أنا هاخد البني آدم ده معايا." (بيشد معتز اللي بيحاول يتملص.) "ده موظفي وأنا محتاجه معايا، وهاخده. مش هتمشي كلمتك على كل حاجة."

(ياسر بيلف ظهره عشان يمشي ويسحب معتز معاه... فجأة، بيظهر فارس من جنب بدر وبيقف قدام ياسر مباشرة، مانعاً خروجه.)

فارس: (صوته هادي زي السيف اللي بيطلع من غمده) "لحظة واحدة يا ياسر."

(ياسر بيتوقف، بيبص لفارس بغل وحقد.)

فارس: (بيشاور على معتز) "ده يلزمني برضوا. حسابي لسه ما خلصش معاه. أنا اللي هقرر مصيره، مش أنتَ. سابني في الزنقة، وهو اللي هيرجعني منها."

(ياسر دلوقتي محاصر بين قوة بدر الثابتة وسيطرته، وتحدي فارس المباشر.)

(ياسر بيبص لمعتز اللي وشه شاحب، بيبص لفارس بتحدي، وقبل ما يتكلم، بييجي صوت بدر من وراه، صوت يقطّع الصخر.)

بدر: (بصوت يثبت السيطرة المطلقة، بيمشي ناحية ياسر خطوتين) "سيب الولد يا ياسر. ومش محتاجين نقف كتير في المدخل كده."

ياسر الرفاعي: (بيسيب دراع معتز بغيظ، بيلف ناحية بدر وبيحاول يحافظ على رباطة جأشه) "تمام يا دكتور بدر. أنا خارج. بس الكلام لسه ما خلصش. وموضوع الأخت سلمى ده... هيرجع تاني."

بدر: (بيهز راسه ببرود، بيبص في عين ياسر مباشرة) "أنتَ دخلت المستشفى بتاعتي من غير إذن. أنتَ لعبت مع عيال كساب. اللي يلعب مع عيال كساب يتساهل اللي يحصله. وموضوع أخت معتز... اعتبرها من دلوقتي تحت حماية الاسم ده." (بيشاور على نفسه.)

(ياسر بيسمع الكلام، بياخد نظرة أخيرة كلها وعيد على فارس وبدر، لكنه مبيبينش أي خوف. بيمشي خطوتين ناحية الباب، وبينادي على حراسه بصوت عالي.)

ياسر الرفاعي: (وهو خارج من الباب الزجاجي بيمشي بخطوات سريعة، لكنها موزونة) "يلا بينا! مش هضيّع وقتي مع عيال."

(بيطلع ياسر ورجالته من المستشفى، ياسر بيدخل عربيته وهو متمالك أعصابه، لكن الغضب بياكل فيه. هو عارف إن وجود بدر وفارس عطل خطته، لكنه متأكد إن دي مش النهاية، لأن ضهره محمي من الراجل الكبير اللي بيتحكم في كل الخيوط من ورا الستار.)

(بيقف فارس وبدر قدام بعض، بينهم معتز اللي لسة في حالة صدمة. بدر بيبص على فارس بنظرة فيها أسئلة كتير.)

بدر: "دلوقتي، بعد ما ياسر مشي... تقولي بقى... مين سلمى دي بالظبط؟"

فارس: (بيبص لمعتز بنظرة حادة) "اللي هيجاوب على السؤال ده... هو معتز.

ياسر ورجالته خرجوا من المستشفى. بيقف فارس وبدر قدام معتز اللي لسة في حالة صدمة بعد اللي حصل. بدر بيشاور على كرسي قريب.)

بدر: (بصوت حاسم) "اقعد يا معتز. دلوقتي مفيش وقت نضيعه. سلمى... هي أختك. إيه بالظبط اللي ربطها بياسر الرفاعي لدرجة أنه عايز يقتلها؟ عايز القصة من الأول، ومن غير كذب."

معتز: (بيقعد وهو بيحاول يجمع نفسه. بيبدأ صوته يطلع بصعوبة) "هي... هي أختي الصغيرة. فارس عارف... والدنا مات وساب علينا ديون تقيلة أوي لياسر الرفاعي. ياسر ضغط علينا عشان ياخد كل اللي ورثناه، وكان عايزنا نمضيله على الأرض. سلمى كانت بتدور ورا الورق، بتحاول تفهم إيه اللي بيحصل. فجأة بقت عارفة كل حاجة... عن خطط ياسر... عن الفلوس اللي بتتحول... هي مش بس الديون... هي بقت شاهدة على حاجة أكبر بكتير."

فارس: (بيقطع كلامه ببرود) "عشان كده أنتَ كنت بتحاول تبقى معاه، عشان تحميها؟ بتلعب اللعبة كلها من جوه؟"

معتز: "أنا آسف يا فارس... و**** كنت خايف عليها. عارف إنكم مش هتسكتوا وهتخشوا في المشكلة، بس ساعتها ياسر كان هيموت سلمى. كان لازم أبقى معاه عشان أحاول أسيطر على الموضوع... أنا آسف."

بدر: (بيهز راسه ببطء، بيفهم إن معتز ما كنش خاين قد ما كان ضعيف) "تمام. القصة وصلت. دلوقتي وجودك هنا خطر علينا وعليك. فارس، إيه اللي هيحصل فيه؟"

فارس: (بينادي على رجل أمن من المستشفى كان واقف بعيد) "يا راجل!" (بينادي عليه.) "خد معتز، خليه في العربية اللي بره... خليك معاه. محدش يقرب منه غيري. ممنوع يسيب المستشفى، وممنوع يدخلها تاني. لحد ما نخلص اللي بدأنها."

(رجل الأمن بياخد معتز اللي بيبص لفارس نظرة شكر صامتة، وبيخرجوا من الممر.)

السر الخفي:

(بدر بيلف ناحية فارس اللي لسه بيبص على باب غرفة سلمى.)

بدر: (صوته فيه قلق حقيقي، بيمسح على وشه) "كل ده عشان ***؟ عشان بنت عليها ديون تقيلة لياسر؟ يا فارس، أنتَ عارف إننا لما كنا بنشتغل مع بعض كنا بنحط الفلوس دي على الترابيزة ونمشي! ليه داخلين في حرب مع واحد ضهره محمي من 'الراجل الكبير' ده كله؟ دي نهايتها مش سهلة يا صاحبي."

فارس: (بياخد نفس عميق، عينه لسه ثابتة على الباب، كأنه بيحاول يفتكر حاجة) "مش عارف يا بدر... يمكن عشان مبقتش عايز أهرب... أو يمكن عشان دي أول مرة أحس إن الموضوع ده... مالوش علاقة بالفلوس خالص."

بدر: "مالوش علاقة بالفلوس؟ أومال إيه اللي شدك ليها للدرجة دي؟ مش دي أول مرة تشوفها!"

(فارس ما بيردش على بدر بالكلام، بيقرب من باب غرفة سلمى وبيمد إيده يفتحه بهدوء.)

فارس: "يلا يا بدر. عايز أشوفها."

(بيدخل فارس وبدر الغرفة. سلمى نايمة على سرير المستشفى، متوصلة بأجهزة، باين عليها الضعف الشديد. فارس بيقرب منها بالراحة، بيقف جنب السرير، ملامحه بتنقبض فجأة كأن موجة ذاكرة ضربته في قلبه.)

فارس: (بصوت هامس وخافت، عينه مش بتفارقها) "في حاجة شدتني للبنت دي يا بدر. مش عارف إيه هي... بس أنا حاسس... إن دي مش أول مرة أشوفها في حياتي."

(بدر بيبص لفارس بصدمة، بيحس إن القصة دي أكبر بكتير من مجرد ديون ومشاكل. النهاية اللي كان فاكرها قريبة... لسة في أولها

بدر بيبص لفارس اللي لسه واقف جنب سرير سلمى، عينيه مركزة عليها كأنه بيدور على خيط ذاكرة ضايع. الغموض اللي في كلام فارس بيخليه يتفهم كل حاجة.)

بدر: (بيقرب من فارس بالراحة، بيطبطب على كتفه بقوة وحنان) "أنا فاهمك ياخويا. اللي أنتَ شفته في حياتك مش قليل. والوجع اللي في عينك دلوقتي... ده بتاع زمان، بتاع الذكريات اللي رجعت فجأة." (بيضغط على كتفه) "أنا معاك يا فارس... ولو هندخل حرب خسارة أنا معاك لحد آخر لحظة فيها. مش عشان البنت دي مين، بس عشان أنتَ اللي عايز كده. عشانك أنتَ وبس."

(ملامح فارس بتتغير، نظرة التوهان بتختفي وبتتحول لامتنان عميق. بيبص لبدر نظرة بتلخص سنين طويلة من الصداقة والأخوة. بيحس قد إيه كساب كان عنده حق لما زرع حب بدر في قلب فارس عشان اللحظة دي بالذات.)

فارس: (يهز راسه بصمت، مش لاقي كلام يقوله غير إنه يمسك إيد بدر ويضغط عليها.)

بدر: (بيفصل إيده وبيرفع موبايله بسرعة، نبرته بتتحول للحدة والحسم) "تمام. ياسر ده جربوع أفعصه بإيدي كده. مفيش وقت للعب معاه، ده لازم ينتهي دلوقتي. أنا هروح أخلّص عليه وأرجع في السريع."

(بدر بيعمل مكالمة سريعة وهو خارج من الغرفة.)

بدر: (في التليفون بصوت جدي وقاطع) "جهزلي كل حاجة، زي ما اتفقنا. عايز كل التحركات بتاعته دلوقتي. ساعة بالكتير وهكون عندك. أنا داخل على الخط خلاص." (بيغلق الخط وبيشيل موبايله.)

بدر: (بيلف ناحية فارس بابتسامة واسعة، بيحاول يخفف الجو) "أنتَ خليك مع سلمى يا فارس، مش هسيبها لوحدها. وبعدين... شكل الفرح هيكون فرحين ياخويا! أنتَ خلاص وقعت."

فارس: (بيبتسم ابتسامة حقيقية، وهي نادرة) "مجنون يا بدر."

بدر: (وهو بيوصل للباب، بيفكر في معتز) "أنا كمان هظبطلك موضوع معتز ده، حرام الواد ده يضيع. هبعت واحد من رجالتنا ياخده من عربية الأمن، ونبعته مصحة محترمة يتعالج من الإدمان اللي حكى عنه. يخرج بني آدم تاني خالص، و**** يتولاه."

(بدر بيبص نظرة أخيرة حاسمة لفارس.)

بدر: "خلي بالك من نفسك. مش هتأخر."

(بيخرج بدر من الغرفة بسرعة، وبيختفي في ممرات المستشفى، تاركًا فارس لوحده مع سلمى، حاملًا على عاتقه مهمة إنهاء صراع ياسر الرفاعي.)

الزمان: بعد ساعتين من خروج بدر من المستشفى.

المكان: مكتب ياسر الرفاعي الفخم، في برج زجاجي شاهق.

(ياسر الرفاعي قاعد على كرسيه الجلدي الضخم، بيشرب قهوته والغل باين في عينيه. بيدخل بدر لوحده بخطوات هادية ومحسوبة. ياسر بيأمر رجاله ينزلوا السلاح.)

بدر: (بيتقدم لحد ما بيقف قدام مكتب ياسر) "أنا جاي أفهمك الفرق يا ياسر. الفرق بين اللي عنده هدف... واللي عنده تمن."

ياسر الرفاعي: (بيقوم من كرسيه، بيضحك ببرود) "التمن ده اللي أنتَ وأخوك مش قادرين تدفعوه عشاني. فلوس الديون اللي عليكم. أنتَ جاي هنا عشان تطلب رحمة؟"

بدر: (بيبتسم ابتسامة قاتلة، بيخرج من جيب بدلته دفتر شيكات راقي وقلم ذهبي، بيرميهم على المكتب قدام ياسر) "أنا ما عنديش عليك أي فلوس يا ياسر. الدين على اسم المرحوم. لكن بما إنك شايف إن الموضوع كله تمن... خد."

(ياسر بيبص للدفتر والقلم بدهشة، مش مصدق الوقاحة والسيطرة دي

بدر بيسحب القلم الذهبي من على المكتب وبيحطه في جيبه مرة تانية. ياسر الرفاعي لسه بيبص على الشيك والأوراق، عقله بيصارع بين الإغراء والغضب. جنون العظمة بدأ يسيطر عليه.)

ياسر الرفاعي: (بيضرب المكتب بقبضة إيده بعنف، بيطير الأوراق والشيك في الهوا) "أنتَ فاكرني بياع شاورما يا بدر؟!شيك؟ عشان أبيع حياتي كلها؟ أنتَ بتهينني! أنا ياسر الرفاعي! مفيش حد بيشتري ياسر الرفاعي! أنا اللي بشتري الرقاب والذمم!"

(بيصرخ ياسر في حراسه بلهجة مجنونة.)

ياسر الرفاعي: "امسكوه! مش عايزة حي! مش عايز ورثة كساب دول يمشوا من مكتبي على رجليهم! وريوني هتعملوا إيه قدام قوة الفلوس الحقيقية!"

(الحراس بيوجهوا أسلحتهم على بدر تاني، لكن المرة دي بشكل حاسم. بدر بيفهم إن اللعب خلص.)

بدر: (بيهز راسه بأسف) "أنتَ اللي اخترت. أنا اديتك فرصتك."

(بسرعة خاطفة، بدر بيرمي كرسي جلدي ضخم كان قريب منه ناحية أقرب حارس لياسر. الكرسي بيخبط في صدر الحارس وبيوقعه على الأرض. حركة الهروب بدأت: بدر بيندفع ناحية زاوية المكتب وبيسحب مسدس كاتم صوت كان مخبيه في مكان سري تحت الستارة. بيضرب طلقة سريعة بتخبط في حائط المكتب وبتطفي الأنوار الرئيسية، الغرفة بتتحول لظلام وفوضى.

: بدر بيستغل الظلام وبيبدأ يتحرك زي الظل. بيطرح الحارس التاني اللي بيحاول يمسكه، وبيوجه سلاحه ناحية ياسر.

: ياسر بيصرخ بأعلى صوته، وهو بيزحف تحت المكتب عشان ياخد سلاح متخبي هناك.

ياسر الرفاعي: (بيصرخ زي المجنون) "مش هتهرب يا بدر! أنا هقتلك وهقبرك جنب أخوك! أنا الراجل الكبير هنا!"

بدر: (صوته طالع من الظلام ببرود مرعب) "الراجل الكبير ده... نهايته قربت. وأنتَ مجرد ورقة اتحرقت."

(ياسر بيطلع سلاحه وبيضرب طلقة عشوائية في الظلام. الطلقة بتيجي في لوح زجاجي ضخم، الزجاج بيتكسر بصوت مدوٍ

ياسر الرفاعي: (بيجري ورا بدر زي المجنون وهو بيضرب طلقات في الممر الطويل) "وقف مكانك يا ابن كساب! أنا هدفعك تمن كل حاجة!"

(بدر بيوصل لمكان مصعد خاص كان مجهزه مسبقاً، بيفتحه وبيجري يدخل. ياسر بيوصل لباب المصعد وبيضرب طلقة أخيرة، الطلقة بتخبط في جدار المصعد المعدني بصوت مزلزل. المصعد بيبدأ ينزل بسرعة صاروخية.)

(المصعد بيقف فجأة في بدروم المبنى، مكان سري مهجور. بدر بينزل بسرعة وبيستنى ياسر. بعد ثواني، المصعد بينزل تاني، وبيخرج منه ياسر وهو منهك وغضبان، سلاحه موجه للأمام.)

ياسر الرفاعي: (بينهج وهو بيمشي) "أنتَ... مكنش ليك حل غير القتل يا بدر! كنت فاكر إني هسيبك تهرب؟"

(ياسر بيقف فجأة، بيلاقي بدر واقف قدامه في نصف الظلام، الإضاءة الخافتة بتنور وش بدر اللي ملامحه هادية وحاسمة.)

بدر: "أنا مكنتش بهرب يا ياسر... كنت بجيبك للمكان اللي هتنتهي فيه. المكان ده مفيش فيه راجل كبير يحميك."

(بدر بيسحب سكينة قتالية من بدلته، وبيسيب مسدسه على الأرض. دي النهاية اللي عايزها.)

بدر: "النهاردة... هنرجع للأصول. القوة مش في الفلوس... القوة في القلب الميت."

(ياسر بيرفع سلاحه وبيحاول يضرب... لكن بدر بيتحرك أسرع من الضوء. بيلف حوالين ياسر، بيضرب إيده بقوة بتخلي المسدس يقع من إيده. الصراع بيتحول لصراع يدوي عنيف صرخات ياسر بتملأ المكان، وهو بيحاول يقاوم بقوة اليائس. لكن بدر بقلبه الميت، بيسيطر عليه تماماً. بيستخدم قوته المكتومة وسرعته اللي اكتسبها من سنين تدريب تحت إشراف كساب.

: بدر بيثبت ياسر على الأرض بقوة جبارة.

ياسر الرفاعي: (بينهج بصعوبة، بصوت واطي وضعيف) "هتدفع... تمن... كل حاجة يا بدر..."

بدر: (بيثبت نظرة باردة وحاسمة في عينيه، بيستخدم السكينة القتالية) "ده تمن الأخوة."

(يتم إنهاء حياة ياسر الرفاعي بضربة قاضية. جسده بيرتخي على أرضية البدروم الباردة. الضجيج بيتوقف.)

(بدر بيقف ببطء، بيبص على ياسر اللي خلاص انتهى. بيمسح دمه بهدوء، وبيطلع موبايله.)

بدر: (بصوت هادي وقاطع) "العملية تمت. خلصوا على اللي كان في البرج. شيلوا الورق كله... وخلوا الأثر يختفي. مفيش حد هيعرف إن ده كان موجود."

(بدر بيمشي من البدروم بخطوات ثابتة، خارجاً من الظلام وعارف إن الحرب مع الراجل الكبير بدأت بالفعل، بس هو كسب الجولة الأولى بأخلاق كساب وقلب فارس.)

الجزء الثالث

الزمان: نفس الليلة، بعد ساعة من خروج بدر.

المكان: غرفة سلمى الخاصة في المستشفى.

(الغرفة هادية. فارس قاعد جنب سرير سلمى، مركز في وشها. ملامحه هادية وفيها تركيز. بدر بيفتح باب الأوضة بهدوء، بيشوف فارس.)

بدر: (بصوت واطي وحاد) "أنا رجعت يا فارس. ياسر انتهى. الراجل ده مش هيفتح بقه تاني ولا هيقرب من أي حد تاني خلاص."

(فارس بيهز راسه ببطء، وكأنه بيسمع أخبار عادية. بيمد إيده بالراحة وبيعدل الغطا على كتف سلمى.)

فارس: "تمام. كويس إنه خلص. عشان نركز في اللي جاي."

بدر: (بيقرب منه، ملامحه بتتحول للفضول الأخوي) "طيب إيه اللي جاي؟ أنتَ دخلت الحرب دي كلها عشان البنت دي. مش ديون ولا شغل. ليه بالظبط؟"

فارس: (بيبص على سلمى بتأمل، عينه بتفحص تفاصيل وشها الهادي) "مش عارف أقولك إيه يا بدر... القصة بسيطة."

بدر: "بسيطة إزاي؟"

فارس: "هي كانت بتهرب... من ياسر ورجالته، وعملت حادثة. لما وصلت هنا... شفتها. حسيت إنها محتاجة حماية... زي ما تكون أمانة في إيدي. بصراحة كده..."

(فارس بياخد نفس خفيف، وبيفصل بصره عن سلمى عشان يبص لبدر بصدق.)

فارس: "أنا معجب بيها يا بدر. مش بس عشان هي ضعيفة دلوقتي. في حاجة في عينيها... فيها تحدي كده. عجبتني بجد. وكون إنها قدرت تهرب من ياسر لوحدها... ده يخليها تستاهل إن واحد زيي يحميها."

بدر: (بيبتسم ابتسامة واسعة، بيطبطب على كتف فارس) "يا عم! قول كده من الأول! طول عمرك بتوقع على الواقف. يعني حرب بين عشائر عشان... قصة حب!"

فارس: (بيهز راسه) "مش قصة حب... لسه. بس هي تستاهل إني أدخل أي حرب عشانها. وإلا... هتبقى زيك زي ياسر... بتبيع الضعيف عشان القوي. المرة دي مش هسمح بده يحصل."

بدر: "وأنا معاك ياخويا. لو الإعجاب ده هيخليك ترجع بطل زي زمان... فـ يا مرحب. أنا دلوقتي رايح أشوف معتز، وأجهزه لرحلة العلاج زي ما اتفقنا. أنتَ خليك هنا وما تتحركش من جنبها."

فارس: (بيمسك إيد بدر) "تسلم يا صاحبي. عارف إنك معايا في أي حاجة."

(بدر بيخرج من الغرفة، بيسيب فارس لوحده مرة تانية. فارس بيبص لسلمى، على وشه نظرة مصممة. القصة يمكن تكون بدأت ببساطة إعجاب... لكنها الآن أصبحت التزامًا لن يسمح لأحد بتهديده.)



(بدر واقف جنب عربية الأمن في موقف المستشفى. معتز قاعد جواها وشكله لسه مرهق. رجل الأمن بتاع المستشفى واقف جنب العربية.)

بدر: (بصوت هادي وحنون) "اسمعني يا معتز كويس. أنتَ دلوقتي رايح مكان تاني خالص. هترتاح فيه، وهتتعالج من كل التعب اللي جواك ده. أنا مش هسيبك، وأختك سلمى في أمان. أنتَ ليك *** قديم عند فارس، بس احنا اللي هندفعه بكرامتك."

معتز: (صوته فيه ندم حقيقي) "يا بدر... أنا آسف على كل اللي عملته. شكراً ليك ولـ فارس. أنا مش عارف أقول إيه."

بدر: "متقولش حاجة. الأهم دلوقتي... إنك ترجع إنسان تاني، عشان أختك محتاجة سند قوي. وحياتك دي... مش هتروح ببلاش. اللي عملناه ده ثمنه كبير." (بيمد إيده وبيطبطب على كتف معتز.) "يلا. خلي بالك من نفسك. وهنطمن عليك."

(بدر بيشاور لرجل الأمن عشان يتحرك بالعربية. بيقف يراقب العربية وهي بتمشي، بيحس إنه سدد جزء من *** الأخلاق اللي على ورثة كساب.)



(بدر بيوصل قصر كساب الفخم. بيدخل بسرعة لكن خطوته بتهدى أول ما بيشوف دينا خطيبته قاعدة في الصالون الهادي، مستنياه. وشها فيه قلق.)

دينا: (بتقوم بسرعة، بتحضنه بقلق) "كنت فين يا بدر؟ قلقت عليك أوي! سمعت صوتك وأنتَ بتتكلم في التليفون... في حاجة حصلت؟"

بدر: (بيهديها، بيمسك وشها بين إيديه بابتسامة دافية) "مفيش حاجة تقلقك يا حبيبتي. شوية شغل قديم لزم يخلص بسرعة. دلوقتي كل حاجة هديت. الخطر الأولي راح."

دينا: "يا بدر، أنتَ بتتكلم عن خطر مين بالظبط؟ أنا عارفة إن في حاجة بتدور كبيرة من ساعة ما فارس رجع."

بدر: (بيطمنها) "مش عايزك تشيلي هم أي حاجة. أنا موجود. المهم عندي دلوقتي... إني أشوفك مرتاحة ومبسوطة. ده بيخليني أقوى عشان أعرف أواجه اللي جاي." (بيمد إيده وبيحضنها بحب.)

(في اللحظة دي، موبايل بدر بيرن فيديو كول، بيشوف صورة كساب.)

بدر: (بيبتسم، بيمسك الموبايل وبيشاور لـ دينا) "ده كساب. عايز يطمن."

(بدر بيرد على المكالمة، وبيبعد شوية عن دينا.)

بدر: "يا كساب! يا حبيب قلبي! وحشتني يا معلم!"

كساب: (صوته قوي ومسيطر رغم إنه في السجن) "أهلاً بضهر سندك يا بدر. الخبر وصلني هنا. عملت الصح في ياسر الرفاعي يا ابني."

بدر: "كله تمام يا كساب. زي ما خططنا. مفيش أثر. بس الخيط الكبير لسه موجود. لازم نتحرك بسرعة قبل ما الراجل ده يتحرك."

كساب: "سيبلي أنا الراجل الكبير ده. المهم دلوقتي... فارس عامل إيه؟"

بدر: "فارس؟ فارس كويس. بس الموضوع ده رجع له ذكريات كتير. بس صدقني، هو دلوقتي بقى أقوى وأكثر حسم. الأخوة اللي زرعتها في قلبه، أنتَ اللي هتحصدها يا كساب."

كساب: (بيضحك) "تمام. على سيرة الحصاد... فرح بتسلم عليك وعايزة تعرف هتطلع إمتى بالظبط عشان تحدد موعد الفرح."

بدر: "أهلاً بفرح. قول لها تجهز نفسها وتجهز الفرح. الخطة كلها ماشية عشان اللحظة دي. أنا خارج، وقريب جداً كمان. الخروج بتاعي هيكون هو أحلى فرحة ليها ولـ فارس."

(بدر بيقفل المكالمة، بيلف ناحية دينا وبيبتسم.)

بدر: "يلا يا حبيبتي، الوقت متأخر. لازم أنام عشان اللي جاي محتاج تركيز."

دينا: (بتمسك إيده وهي بتبص في عينه بقلق محب) "**** يحميك يا حبيبي. أنا واثقة فيك."

(بدر بيطمنها، وعارف إن وجود دينا هو الملاذ الوحيد له من عالم الظلام اللي دخله تاني.

(الصبح طلع. فارس لسه قاعد في الغرفة جنب سلمى، نايمة في هدوء لكن ملامحها لسه شاحبة. فارس مش بيتحرك من مكانه، وكأنه خايف لو سابها الذاكرة ترجع تطير تاني.)

(موبايل فارس بيرن. ده بدر.)

فارس: (بيرد بصوت هادي) "أيوة يا بدر."

بدر: (صوت بدر حاسم ومسيطر، جاي من مكتبه في القصر) "فينك يا فارس؟ أنا عارف إنك مش هتسيبها، بس لازم تتحرك وتيجي القصر بسرعة. دلوقتي حالاً."

فارس: "في إيه؟ كل حاجة خلصت، ياسر خلاص."

بدر: "ياسر ده كان جربوع يا فارس، مجرد مخلب للراجل الكبير. دلوقتي التجار عرفوا إن المخلب اتقطع، والكل مرعوب. لازم نثبت سيطرتنا على المنطقة دي ونرجع نشتغل تاني بسرعة."

فارس: "مين مستني؟"

بدر: "تجار الآثار. الصفقة الجديدة... بس خايفين. خايفين إن الراجل الكبير ينتقم منهم لو عملوا الصفقة معانا بدل ياسر. عايزين ضمانة. الضمانة دي مش هديها أنا... أنتَ اللي هتديها."

(فارس بيسكت لحظة، بيبص على سلمى بتركيز. بيعرف إن لو ساب القصر ينهار، مش هيقدر يحميها.)

فارس: (صوته بيتحول للبرود والحدة) "يعني لازم يشوفوني؟"

بدر: "أنتَ عارف إنهم بيعملوا لك ألف حساب يا فارس. عارفين إن الغراب ده يقتل جيش لوحده. وجودك بس على الترابيزة... ده معناه نهاية الراجل الكبير في منطقتنا دي. أنتَ الوحيد اللي يقدر يكسر عينهم ويطمنهم في نفس الوقت."

فارس: (بيتنهد، بيقوم ببطء من مكانه) "تمام. جاي في السريع. خلي بالك من سلمى لحد ما أرجع."

بدر: "في انتظارك. مفيش ثانية تضيع."

(فارس بيقفل المكالمة، بيبص نظرة أخيرة حازمة لسلمى، وبيخرج من الغرفة زي اللي بيخرج من الجنة عشان يدخل الحرب.)



(فارس بيوصل قصر كساب. بيدخل مباشرة إلى قاعة الاجتماعات الفخمة. على الترابيزة الضخمة قاعدين ثلاث تجار آثار كبار، وشهم شاحب وواضح عليهم التوتر، كأنهم مستنيين حكم الإعدام.)

(بدر قاعد في صدر الترابيزة بثقة وهدوء، وفنجان قهوة قدامه.)

بدر: (بيشاور لفارس على الكرسي اللي جنبه) "أهلاً بالغراب. اتفضل يا فارس."

(فارس بيمشي بخطوات هادية، كل عين في القاعة بتبص عليه بحذر ورعب. ملامحه باردة، زي تمثال من حجر. بمجرد ما بيقعد، بيحس التجار إن درجة حرارة الأوضة نزلت فجأة.)

التاجر الأول (بيحاول يتماسك): "أهلاً يا أستاذ فارس. كنا بنتكلم مع الأستاذ بدر عن الصفقة الجديدة... بس زي ما حضرتك عارف... الأحداث الأخيرة... خلتنا نقلق."

فارس: (بيتكلم لأول مرة، صوته منخفض بس بيخترق السكون) "تقلقوا من إيه بالظبط؟ من إن ياسر الرفاعي اتفهم اللعبة غلط؟"

التاجر الثاني: "مش ياسر يا أستاذ فارس... الراجل الكبير... هو اللي خايفين منه. هو اللي كان ورا ياسر. لو عرف إننا عملنا الصفقة دي مع ورثة كساب... هينهينا."

بدر: (بيتدخل بنظرة حادة، بيوجه كلامه للتجار) "اللي كان ورا ياسر... لسه ما ظهرش. لكن اللي قدامكم دلوقتي... مش هيعمل غير اللي فارس هيأمر بيه."

بدر: (بيلف ناحية فارس، بيسلم له القيادة بالكامل) "يلا يا فارس. وريهم قوة كساب الجديدة."

فارس: (بيحط كوعيه على الترابيزة، بيبص لكل تاجر بنظرة تثبت الرعب في قلوبهم) "اسمعوا كويس. اللي كان حامي ياسر... كان حاميه عشان ياسر كان بيشتغل تحت رجله. أنا مش شغال تحت رجل حد. الصفقة دي هتم. الشحنة دي هتتحرك. واللي هيقف في وشها... هيقابلني أنا."

فارس: (بيبتسم ابتسامة خفيفة، بس بتزيد الرعب) "وبما إنكم عارفين مين الغراب، فأنتم عارفين إن أنا... ما بهددش. اللي بينكم وبين الراجل الكبير، دلوقتي بينكم وبيني. اختاروا... يا تكملوا الشغل، يا تختفوا من الدنيا دي خالص."

(التجار بيبصوا لبعض، الإجابة بقت واضحة. قوة فارس الغاشمة، اللي دايماً بتتحرك في الظل، هي الضمانة الوحيدة ليهم. هم اختاروا الرعب الأقل والأكثر قوة.)

التاجر الثالث: (صوته بيرتعش) "تمام يا أستاذ فارس. الصفقة هتم زي ما طلبت بالظبط. أوامرك هي اللي هتمشي."

(بدر بيبتسم ابتسامة النصر، عارف إن فارس جاب لهم أول نقطة سيطرة حقيقية على إمبراطورية الراجل الكبير.)



التجار بينهضوا بسرعة من على الترابيزة، بيهمسوا لبعض وبيخرجوا من القاعة في عجلة، وكأنهم بيهربوا من شبح. فارس لسه قاعد في مكانه، وبدر بيجمع الأوراق بابتسامة نصر.)

بدر: (بصوت هادي وهو بيلم الأوراق) "زي ما توقعت بالظبط. الغراب يقتل جيش لوحده. مفيش حد يقدر يقف قدامك يا فارس. الصفقة هتتم وهنأمن المنطقة دي تماماً."

فارس: (بيقوم من مكانه ببطء) "دي البداية بس يا بدر. الراجل الكبير مش هيسكت. ده اللي كان ورا كل حاجة. لازم نتحرك بسرعة."

بدر: (بيشاور لفارس) "تعالى نطلع المكتب. في كلام تاني أهم."

(بدر وفارس بيخرجوا من القاعة وبيطلعوا على مكتب بدر الخاص في القصر.)

(في المكتب، الجو أكثر هدوءاً. بدر بيشرب قهوة، وفارس واقف جنب الشباك بيبص على القصر.)

بدر: (بجدية حاسمة) "ياسر الرفاعي ده كان مخلب اتكسر. لكن الحرب الحقيقية مش في الصفقات، يا فارس. الحرب في الرجالة."

فارس: (بيلف ناحيته) "رجالتنا مستعدين. كلهم عارفين إن أي صفقة هتتم هتمشي بأمان."

بدر: "ده شغل. أنا بتكلم عن حاجة تانية. عن الإحساس يا فارس." (بيمشي ناحية فارس.)

بدر: "إحنا من فترة طويلة مقعدناش مع رجالتنا يا فارس. من ساعة ما أنتَ غبت، وأنا اللي بتابع الشغل كله. بس في الأوقات دي... في أوقات الصراع مع واحد زي 'الراجل الكبير'... لازم كل واحد فيهم يحس إن ضهرنا واحد."

فارس: "قصدك إيه؟"

بدر: "قصدي إننا مش عايزين نكون بعيد عنهم. هم ضهرنا الحقيقي يا فارس. لو حسوا إننا بعيد أو خايفين... الراجل الكبير هيعرف يشتري منهم ناس. لازم يشوفوا فارس وبدر سوا، زي زمان. يشوفوا إن القوة دي لسه موجودة وما اتكسرتش."

فارس: (بيتأمل كلام بدر، وبيفهم إن دي خطة أعمق من مجرد تأمين صفقات. دي إعادة بناء للثقة والولاء.) "تمام. عندك حق. لازم نجمعهم ونقعد معاهم."

بدر: "بالظبط. النهاردة بالليل. عشا كبير، نجمع فيه كل اللي يهمونا. ونوريهم إن الخوف انتهى. ونبدأ نجهزهم للتحرك الأخير اللي هنوصل بيه للراجل الكبير."

(فارس بيبتسم ابتسامة خفيفة، لكنها بتوحي بالتصميم. بيعرف إن بدر دايماً بيفكر في الأساسيات.)

فارس: "اللي تشوفه يا بدر. جهز العشا. الغراب هيكون موجود."



(بدر خرج عشان يجهز عشاء الرجالة. فارس رجع الأوضة، واقف جنب سرير سلمى. هو دلوقتي شايفها بعين تانية خالص، مش بس إعجاب، ده حمل تقيل.)

(فارس بيغمض عينيه وبيحاول يركز. الذاكرة بتيجي زي موجة بحر قوية بتخبط في دماغه. بيشوف ومضة قديمة فيها نار ودوشة. بيشوف نفسه وهو صغير وغاضب في عز صراع قديم، صراع دموي شارك فيه فارس من سنين.)

• ومضة ذاكرة (صراع عنيف): فارس شاب في عز قوته. دوشة معركة. بيشوف نفسه وهو بيضرب ضربة قاضية في خناقة كبيرة... وبعدين بيشوف نفسه وهو بيبص على بيت قريب، النار مولعة في البيت ده.

(الومضة بتطير. فارس بيفتح عينيه بسرعة، ملامحه مصدومة ومتجمدة. بيتنفس بصعوبة.)

فارس: (همس قوي، بيضغط على إيده) "الحريق ده... نار الصراع اللي كان بين كساب وناس تانية... أنا كنت معاهم."

(فارس بيلف ناحية سلمى النايمة، عينه مليانة بالمرارة والفهم. بيتذكر إن عائلة سلمى كانت جزء من ضحايا الصراع ده. سلمى هي الناجية الوحيدة اللي عرفت تهرب من الحريق ده.)

فارس: "مش ديون يا معتز... دي خسائر حرب قديمة."

(فارس بيقرب من سلمى، بيحس بالمسؤولية القاتمة. كساب أنقذها وأمنها بعيداً عن الصراع، لكنه عمره ما حكى لفارس كل حاجة. سلمى هي الوش الوحيد البريء اللي طلع من معارك فارس القديمة.)

فارس: "أنا مش هحاسب كساب... أنا اللي لازم أدفع التمن دلوقتي."

(بيمد فارس إيده ببطء وبيمسك إيد سلمى النايمة. الإعجاب تحول لـ *** عليه لازم يسدده. هي مش بنت بيحبها، هي مفتاح خلاصه. لو قدر يحميها دلوقتي، ممكن يغفر لنفسه ما ارتكبه زمان.)

فارس: (بوعد قاطع لنفسه) "أنتِ الناجية الوحيدة اللي فضلت لي. المرة دي أنا اللي هحميكي... عشان ما أخسرش آخر جزء من روحي."

(فارس بيجلس جنبها، بيجهز نفسه لـ "عشاء الرجالة" اللي هيعمله بدر، وهو عارف دلوقتي إنه بيقاتل من أجل التكفير عن الذنب، ودي كانت أقوى ضمانة للتجار.)



الزمان: بليل متأخر، بعد الاجتماع.

المكان: قاعة الأكل الرئيسية في قصر كساب.

(القاعة كانت مليانة برجالة كساب التقيلة. من أول المديرين لحد القيادات اللي بتشتغل في الخباثة. الجو متكهرب والكل موتر بعد خبر موت ياسر الرفاعي.)

(الكل قاعد مستني. فجأة، بيدخل بدر وفارس القاعة. بدر لابس رسمي وواثق من نفسه، وفارس ماشي جنبه ببرود، بس وجوده لوحده عامل هيبة تخلي الواحد يخاف يتنفس.)

(الكل بيقوم يقف باحترام شديد. محدش فيهم بيقدر يبص في عين فارس اللي عينه بتجمد الدم في العروق. كأنهم شايفين الغراب بنفسه.)

بدر: (بصوت قوي وواضح بيوصل لأخر القاعة) "اتفضلوا اقعدوا. مفيش حد يقف. ده عشا إخوات، مش اجتماع شغل."

(الكل بيقعد تاني. بدر بيقعد في صدر الترابيزة، وبيشاور لـ فارس يقعد جنبه. العشا بيبدأ، بس محدش قادر ينطق.)

بدر: (بيكسر الصمت فجأة، صوته بيبقى هادي ومسيطر) "أنا عارف إن الكل قلقان من اللي حصل لـ ياسر الرفاعي." (بيسكت، وبيخلي الكلمة تقيلة.)

بدر: "ياسر ده كان بيلعب دور مش دورُه. نسي إن الإمبراطورية دي... بتاعت كساب. والكل اللي هنا... رجالة كساب."

(بدر بيلف ناحية فارس، ويسلمه الكلام بطريقة تثبت القيادة المشتركة.)

فارس: (صوته طالع حاد وواطي زي رصاصة كاتمة. بيوجه الكلام لكل اللي على الترابيزة) "اللي حصل لياسر... ده كان درس."

(فارس بيسكت، بيسيب التوتر يوصل لأقصاه. الكل بيبص له في صمت.)

فارس: "درس عشان تعرفوا إن الخوف خلص. الراجل الكبير اللي كان بيستغل ضعف الناس، دلوقتي لازم يعرف إن رجالة كساب رجعوا أقوى من الأول. أي حد فيكم... هيشتغل تحت اسمي أنا و بدر."

فارس: (بيخبط بإيده على الترابيزة بهدوء وقوة) "اللي خايف من الراجل الكبير، دلوقتي هو اللي لازم يخاف مننا. ولاءكم مش هيكون لفلوس ياسر... ولا هيكون لخوفكم. ولاءكم لينا إحنا وبس. اللي هيثبت ولائه، هيعيش ويكون ضهرنا. واللي هيخون..."

(فارس مابيكملش الجملة، بس النظرة اللي في عينيه بتوصل التهديد كله.)

بدر: (بيدخل بذكاء، وبيضيف لمسة العهد) "زي ما قال فارس. من الليلة دي، مفيش شغل يمشي من غير موافقة فارس وموافقتي. وأي حد هيحاول يشتري رجالتنا بالخوف... أنا هقطع إيده."

بدر: (بيرفع كاسه وبيتوجه بالكلام للكل) "اشربوا. دي مش صفقة جديدة، ده عهد ددمم. عهد عشان نرجع بيه كساب بالسلامة، ونحط بيه نهاية للراجل الكبير. ولاءنا لكساب... وولاءكم لينا."

(الكل بيرفع الكاسات وبيشربوا بسرعة، العهد بيتم تثبيته في اللحظة دي. الثقة والولاء رجعت لورثة كساب بفضل قوة بدر في الإدارة، ورعب فارس المطلق.)



(القاعة فضيت. بدر وفارس في مكتب بدر، الجو هادي. بدر بيصب لنفسه قهوة وبيشاور لفارس على كرسي.)

بدر: "اقعد يا فارس. الحمد ***، الليلة دي عدت على خير. الرجالة دي لو شافت خوف في عينينا... كنا ضيعنا كل حاجة."

فارس: (وهو بيقعد، صوته هادي بعد الضغط اللي كان فيه) "هما شافوا الغراب. طول ما أنتَ جنبي، مفيش خوف. بس المشكلة مش في الرجالة يا بدر. المشكلة في اللي بيدي الأوامر."

بدر: "عارف. 'الراجل الكبير'. ياسر كان مفتاح، وإحنا قفلناه. دلوقتي لازم نعرف مين هو بالظبط عشان نعرف نوصله."

فارس: (بيحط إيده على المكتب، بيبص لبدر مباشرة) "أنا عايز أخلص الموضوع ده في أسرع وقت. مش عشان الشغل... عشان سلمى."

بدر: (بيفهم القصد، بيهز راسه) "سلمى... البنت دي قلبت الدنيا كلها في يوم وليلة. إيه اللي خلاك متمسك بيها كده يا فارس؟ هي مجرد ضحية صراع قديم، مش لازم تتحمل كل المسؤولية دي لوحدها."

فارس: (بيتنهد تنهيدة تقيلة) "أنتَ مش فاهم. البنت دي... وش بريء طالع من نار أنا كنت سبب فيها زمان. يمكن مش بإيدي مباشرة، بس كنت طرف في اللعبة القذرة دي. طول السنين اللي فاتت... أنا كنت عايش بتكفير عن ذنب مكنتش فاكره. دلوقتي لما الذاكرة رجعت... بقت *** عليا لازم أسدده."

بدر: (بيشرب من قهوته، بيحس بالعمق اللي في كلام فارس) "يعني الموضوع بالنسبالك حياة أو موت عشان ضميرك؟"

فارس: "بالظبط. لحد ما تبقى هي في أمان، أنا مش هعرف أرجع أعيش مرتاح. عشان كده... خطة الشغل هتكون مرتبطة بخطة الأمان بتاعتها."

بدر: "تمام. يبقى خطتنا الجاية هي: مين هو الراجل الكبير، وإيه علاقته بالديون اللي على أبو سلمى. لازم نعرف إيه الورقة اللي معاه عشان يهدد بيها الناس دي."

فارس: "مين أقرب واحد كان بيشتغل مع ياسر؟ واحد خفيف ومبيخافش غير من الفلوس."

بدر: "في واحد اسمه 'شكري'. كان ذراعه اليمين في صفقات الآثار. ده لو اتمسك، هيبيع الراجل الكبير بفلوس أقل من اللي اديتها لياسر في الشيك."

فارس: (بتظهر على وشه نظرة حسم خطيرة) "يبقى نجيب شكري ده. بس مش بالطريقة العادية. عايز الراجل الكبير يحس إننا بنشد السجادة من تحت رجله. عايزينه هو اللي يتحرك ويغلط."

بدر: "أوامرك يا غراب. هنجهز لـ 'شكري' ليلة مش هينساها. جهز نفسك... الحرب لسه في أولها."



الزمان: نفس الليلة، متأخرًا جدًا.

المكان: شقة قديمة ومتربة في عمارة مهجورة على أطراف البلد.

(الجو في الشقة ظلام، الضوء جاي من كشاف صغير بس. شكري قاعد على الأرض، جسمه كله عرق، بيحاول يجمع فلوس وورق مهم في شنطة قماش قديمة. وشه شاحب ومفيش فيه نقطة ددمم من ساعة ما سمع خبر نهاية ياسر.)

شكري: (بهمس مرعوب لنفسه وهو بيمسح وشه) "ياسر الغبي! كان لازم يسمع الكلام! مكنش لازم يحط راسه براس كساب... دلوقتي أنا اللي بدفع التمن."

(بيحاول شكري يرن على رقم غريب كذا مرة، ومفيش رد.)

شكري: (بيصرخ بهمس وهو بيخبط الموبايل في الأرض) "فينك يا زفت! فين الراجل الكبير دلوقتي؟ كنت بتقوللي الأمان... فين الأمان؟"

(شكري بيقوم بسرعة، وبيحاول يفتح باب الشقة عشان يجري. بيحط إيده على المقبض، بس بيتجمد فجأة. فيه صوت خبطة واطية جاي من برة الباب، زي ما يكون حد بيزق حاجة تقيلة.)

شكري: (بيتنفس بسرعة وخوف) "مين... مين هناك؟!"

(مفيش رد. الصوت بيتكرر. شكري بيرجع لورا خطوتين، بيسحب مسدس قديم كان مخبيه في حزام البنطلون.)

(فجأة، الباب بيتفتح بالراحة، مش بيتكسر، كأنه بيتفتح بمفتاح. الضوء الخافت اللي في ممر العمارة بينور ضل راجل ضخم واقف في الباب. ده مش بدر.)

الراجل (من رجالة بدر): (صوته تخين وهادي، زي ما يكون بيتكلم عادي) "متقلقش يا شكري بيه. مفيش داعي للمسدس. أوامرنا إننا منصبش حد غير لما نشوف الغراب."

(شكري بيرفع المسدس بسرعة، إيده بتترعش.)

شكري: "ابعد! أنا مش عايز مشاكل! أنا مليش دعوة باللي حصل لياسر!"

(الراجل بيضحك ضحكة باردة، وبيشاور ناحية شكري.)

الراجل: "مين قالك إننا عايزين ددمم؟ احنا عايزين بس نعرف الراجل الكبير مين بالظبط. بدر بيه وفارس بيه عايزين يقعدوا معاك قعدة أخوية."

(شكري بيبص حواليه في يأس. بيشوف شباك، بيجري ناحيته بسرعة جنونية. بيكسر إزاز الشباك وبيحاول يطلع منه. لكن قبل ما يوصل، بيظهر ضل تاني في الزاوية الضلمة بتاعة الأوضة.)

الظل (راجل تاني من رجالة فارس): (صوته حاد) "مفيش خروج من هنا يا شكري."

(شكري بيقع على الأرض، الشنطة بتطير من إيده. بيبص للراجل الأول اللي لسه واقف في الباب بهدوء، وللراجل التاني اللي بيقرب منه من الزاوية التانية.)

شكري: (بيصرخ بصوت عالي، خلاص استسلم) "هقول! هقولكم على كل حاجة! بس بلاش الغراب هو اللي ياخدني! هو بيقتل..."

الراجل الأول: (بيتقدم ببطء ناحيته) "متخافش. أنتَ دلوقتي في أمان الغراب. ومفيش حد تاني هيأذيك... غير لو كدبت."

(رجالة بدر بيمسكوا شكري بسرعة وبيكمموا بقه. المشهد بينتهي على شكري وهو بيتاخد بالقوة، عارف إن نهايته مش هتكون زي ياسر، هتكون أصعب بكتير.)
 

دكتور نساء

ميلفاوي جديد
عضو
إنضم
21 أكتوبر 2025
المشاركات
19
مستوى التفاعل
8
النقاط
0
نقاط
232
النوع
ذكر
الميول
عدم الإفصاح
الجزء الاول

ياسر قفل الخط. صوت 'توت توت' كان زي رصاصة في ودن معتز. الـ "ماتتحركش من مكانك!" اللي قالها ياسر كانت آخر حاجة ممكن يعملها معتز. الرعب اللي سمعه في صوت ياسر خلاه يقرر إن اللي بيخوف ياسر هو اللي هينقذه.)

(شغل معتز العربية بسرعة، وراح طوالي على صاحبه القديم عادل في الزقاق الضلمة.)

عادل (ببرود وهو بيتكي على الحيطة): "يا معتز، إيه اللي جابك تاني؟ في حاجة قلبت دماغك؟"

معتز (بيقرب منه بسرعة، وبيقاطع كلامه): "اسمعني كويس يا عادل. ياسر كلمني وهددني بالقتل لو جبت سيرة الغراب قولي يا عادل... مين الغراب ده بالظبط؟ الراجل ده مدير مستشفى. إيه حكايته اللي مخليا ياسر مرعوب كده؟"

(بمجرد ما معتز نطق كلمة "الغراب"، وش عادل اتغير تماماً. عادل صرخ برعب وهرب بأقصى سرعة ممكنة، تاركًا معتز مصدومًا في الزقاق الضلمة.)

معتز (واقف مصدوم، يتكلم مع نفسه): "لهذه الدرجة؟ الاسم ده بيخوف الكل؟"

(الخوف زاد، لكن الإصرار تضاعف. معتز لم يعد لديه خيار سوى الذهاب إلى مصدر كل هذا الرعب... المستشفى.)



(ركب معتز العربية، لكنه لم يتجه مباشرة إلى الداخل. قاد سيارته ببطء ووقف على مسافة من بوابة المستشفى. نظر إلى المبنى الزجاجي البارد، وعلم أن أي حركة في هذا التوقيت المتأخر قد تكون انتحارًا، خاصة بعد هروب عادل المريب.)

(قرر معتز أن ينتظر. ينتظر حتى يشرق الصباح، وتخف حدة الظلام. جلس في سيارته، بيراقب المستشفى زي الصقر، وعقارب الساعة بتزحف ببطء شديد. كان ده أطول ليل في حياته، مليان بخوف الإدمان، ورعب ياسر، والرغبة في إنقاذ سلمى. فضل معتز على الوضع ده، عينه على المبنى، لحد ما بدأ فجر جديد يشق سكون الليل.)

(معتز لسه واقف بعربيته على مسافة من المستشفى، بيراقب المبنى الزجاجي البارد. الليل كان طويل، والأعصاب مشدودة. هو منتظر بزوغ الفجر عشان يقابل الغراب.)

(معتز بيسند راسه على الدركسيون. في لحظات، بيحس بغضب ياسر اللي بيقرب منه، وفي لحظات تانية بيحس بالخوف المجهول اللي خلى عادل يهرب بمجرد ذكر اسم "الغراب". هو عارف إن ورا الأبواب دي فيه سلمى، وفرصته الوحيدة للنجاة.)

(معتز بيحاول يتجاهل الرغبة في الجرعة، بيتمسك بالهدف الوحيد: البقاء حياً وإنقاذ سلمى. عقله شغال بيحاول يرسم صورة لـ فارس (الغراب)، اللي ياسر مرعوب منه، واللي عادل ساب البلد بسببه.)

(في نفس الوقت، كان ياسر الرفاعي قاعد لوحده في مكتبه الفخم، اللي مليان بالأنتيكات النادرة. الإضاءة خافتة، بس الغضب على وشه منور المكان. كان بيشرب سجاير وبيتكلم بصوت واطي.)

ياسر (بيلف الكرسي بتاعه وبيضرب قبضة إيده على المكتب بقوة): "حيوان! حيوان! ما كنتش مصدق إن الزفت ده هيروح للكلب ده!"

(ياسر بيقوم وبيروح عند الشباك، بيبص على ضلمة القاهرة اللي مغرقة البلد. هو مش خايف من معتز، هو خايف من اللي ورا معتز.)

ياسر (بيتمتم بمرارة): "كان لازم يحصل دلوقتي؟ بعد كل ده... أقع في طريق الغراب؟"

(بياخد ياسر نفس عميق، وعينيه بتدور في المكتب على أي حاجة ممكن تكون أمان. الخوف اللي في قلبه مكنش من شخص، كان من اسم عيلة.)

ياسر (بينفخ دخان سيجارته): "الغراب ده... ده مش مدير مستشفى! ده ابن عيلة كساب! يا خسارة! ما كانش لازم أورط نفسي معاهم من الأول... ما كنتش فاكر إن الأسطورة لسه عايشة."

(بيقف ياسر قدام خريطة قديمة متعلقة على الحيطة، بيشاور عليها بعصبية.)

ياسر: "الخمسة اللي مش موجودين دول... كلهم راحوا بسبب كساب! دي مش عيلة اقتصاد بس! دي أسطورة في عالم الآثار المنهوبة اللي محدش بيقدر يقرب منها! وديون البلد كلها في جيبهم! لو مسكوا عليا ورقة... هينزلوا عليا بكل نفوذهم. ده لو مسكوا ورقة، ده لو شموا ريحة!"

(بيضحك ياسر ضحكة ساخرة مريرة.)

ياسر: "سلمى... البنت دي هي الكارت. لو البنت دي حكت كلمة واحدة للزفت الغراب... هتبقى نهايتي. لازم أتحرك قبل الفجر ما يطلع. بس لو اتحركت دلوقتي، الغراب هيعرف إني خفت. يا ويلك يا ياسر... يا ويلك من الغراب!"

(رجع ياسر لمكتبه وقعد يحاول يهدأ أعصابه. هو محبوس بين نار الخوف من عيلة كساب، ونار الغضب من معتز اللي خالف أوامره.)



الصبح كان بدأ يشقشق، والنور الخفيف دخل صالون بيت بدر. بدر كان قاعد مع خطيبته دينا، وهما بيقلبوا في مجلات الفرح. أم دينا، الحاجة صفاء، كانت بتشاركهم الحديث بجملة بسيطة.)

دينا (بفرحة): "خلاص يا بدر، كلها كام يوم ونبقى في بيتنا."

بدر (بابتسامة مرهقة، بيطبطب على إيدها): "**** يتمم على خير يا روحي."

صفاء (بهدوء): "**** يتمم على خير يا ولادي."

(صفاء سكتت، وبدر عينه رجعت للساعة. الوقت اللي قضاه فارس في الخارج، بعيد عن أعينهم، بدأ يقلقه بشدة.)

بدر (بيسيب المجلة فجأة، نبرة صوته بتتغير لجدية وقلق): "دينا، أنا آسف. بس أنا مش مرتاح. فارس سابنا من إمبارح بالليل، ودي مش طبيعته خالص. أنا عارف إن هو دلوقتي في وش الخطر، وفي قلب مشكلة مينفعش يتحملها لوحده."

(بدر بيقوم من مكانه، الجو كله بيتغير حواليه.)

بدر: "لازم أروح أشوفه. لازم أشوف فارس ده عامل إيه، وأشوف الوضع اللي هو فيه كويس ولا لأ. أنا مش هسيب الغراب وحده. أنا رايح أطمن، وأضمن إن كل حاجة تحت السيطرة."

دينا (بتقلق من النظرة اللي في عين بدر): "بس... خليك هنا يا بدر. الدنيا لسه بدري."

بدر (وهو بيلبس الجاكيت بتاعه، صوته بيكتسب حسم): "لأ يا دينا. اللعبة اللي بيلعبها فارس دي مفيهاش تأجيل. لازم أروح بنفسي."

(بدر طلع موبايله وعمل مكالمة سريعة ومقتضبة، كلمته كانت حاسمة): "جهزوا كل حاجة. أنا نازل. دلوقتي!"

(بدر نزل السلالم بسرعة، وعلى وشه مزيج من القلق والعزيمة. هو متجه لرؤية فارس، ومجهز نفسه لمواجهة أي خطر يكون أخوه الروحي محطوط فيه.)



در (وهو بيدي إشارة لحارسه): "يلا بينا. بسرعة. المستشفى... بسرعة قصوى."

(ركب بدر عربيته، والأسطول الخاص بيه انطلق في شوارع القاهرة الهادية اللي لسه بتصحى. عينه كانت بتراقب الطريق بعزم، هو رايف يشوف فارس، ويحمي ظهره من أي خطر كان ياسر الرفاعي طرف فيه.)



في نفس التوقيت، كان ياسر الرفاعي في مكتبه الفخم، الغضب والجنون بيملوا وشه بعد ما عرف إن الغراب بقى هو الخصم.



ياسر قفل موبايله بعنف، وصرخ في رجله اليمين اللي كان واقف قدام المكتب.)

ياسر: "الكلب ده... الغراب! هو اللي بيعمل كل ده! مش هسيبه. دي نهايته!"

(ياسر بيلبس الجاكيت بتاعه، وبيبص في المراية. الوش اللي كان دايماً بارد وهادي، بقى مليان شر.)

ياسر (لرجله): "جهز العربيات. كل رجالة الملهى يطلعوا ورايا. مش عايز حد ينام! أنا رايح بنفسي. لازم أجيب البنت دي، وأخلص على الغراب ده قبل ما الدنيا تنور تماماً!"

(ياسر خرج من مكتبه، و ركب عربيته الفخمة. أسطول تاني، أسطول الغضب والبلطجة، انطلق هو كمان في طريق المستشفى. ياسر قرر يواجه الخطر اللي بيخاف منه بنفسه، عشان ينهي اللعبة دي قبل ما تنتهي عليه.)



في نفس التوقيت اللي فيه ياسر و بدر بيتحركوا بعربياتهم في عز الفجر متجهين للمستشفى، كان فارس (الغراب) لسه في مكتبه، بيراقب شاشة الكاميرات بهدوء مخيف.)

(تليفونه الداخلي رن، والممرضة بلغت بإن سلمى فاقت وتقدر تتكلم. فارس قام وراح فورًا لغرفة سلمى.)

(دخل فارس الغرفة بهدوء، وأشار للممرضة بالانصراف. قعد على كرسي جنب السرير. سلمى كانت لسه باين عليها التعب، وعينها بتراقب فارس بتوتر.)

فارس (بهدوء شديد، وهو بيبصلها في عينها): "أنا فارس. أنا اللي لقيتك بعد الحادثة وجبتك هنا. أنا هنا عشان أساعدك وأحميكي. ممكن تحكيلي إيه اللي حصل معاكي ومع أخوكي؟"

سلمى (بصوت ضعيف وواطي، بتنفس بصعوبة): "أنت... أنت فارس؟ أنا متشكرة... متشكرة جداً على إنك أنقذتني وجبتني هنا. وأنا عارفة كمان إنك عملت حاجة لـ أخويا معتز. هو... هو مدمن بس قلبه طيب."

(فارس هز راسه بهدوء عشان يشجعها تكمل.)

سلمى: "أبويا... أبويا مات مديون لـ ياسر الرفاعي. ديون كتير أوي بسبب شغلهم القديم. ياسر ده شيطان... بعد ما أبويا مات، هددهم إنه هياخد البيت وهيرمي أخويا في الشارع."

(سلمى بتاخد نفس بالعافية، وبتكمل والدموع مغرقة وشها.)

سلمى: "هو ده السبب... ياسر ضغط علينا. قال لـ أخويا معتز لو عايزني أسيب البيت وأنسى الديون دي كلها... هتتجوزيني غصب عني! أنا... أنا خوفت على أخويا. خوفت عليه من الشارع ومن ياسر. عشان كده... أول ما لقيت فرصة... هربت بالعربية! مكنتش عارفة أعمل إيه... عشان كده عملت الحادثة."

(سلمى عينيها بتتقفل من التعب. فارس بيبص عليها بهدوء، هو دلوقتي عرف اللغز كله: ياسر عايز جواز غصب عشان يكمل سيطرته.)

فارس (صوته بيبقى حاسم، زي وعد): "أنا فهمت كل حاجة يا سلمى. اطمني. طول ما إنتي هنا، محدش هيقدر يقرب منك. نامي دلوقتي وارتاحي."



معتز لسه قاعد في عربيته، على مسافة من بوابة المستشفى، بيراقب الأجواء بعد ما الفجر شقشق. كان بيحاول يركز عشان يعرف هيقابل فارس (الغراب) إمتى، وبيحاول يتجاهل صوت ياسر اللي بيهدده. فجأة...)

(صوت موتورات قوية جداً بدأت تقرب من بعيد. صوت تقيل ومنظم، مش صوت عربيات عادية. معتز رفع راسه من الدركسيون وبص في المراية. اللي شافه خلاه يفتح بقه بصدمة. أسطول من العربيات السودا الفخمة، عربيات مصفحة شبه الصندوق، كانت بتدخل المنطقة بهدوء مخيف.)

معتز (بصوت مش مصدق): "إيه ده؟ مين دول؟ دي مش عربيات ياسر... دي شكلها أغلى وأخطر بكتير!"

(الأسطول الأسود ده وقف عند مدخل المستشفى. نزلت منه رجالة ضخمة لابسة أسود في أسود، بيتحركوا زي العساكر المدربة. وبعدين نزل منهم بدر، كان ماشي بخطوات واثقة ووشه كله قلق. معتز فضل قاعد مذهول، ميعرفش مين الشخص اللي عنده القوة دي كلها عشان يجي الصبح بدري كده بالمنظر ده.)

(في نفس اللحظة دي، بدر مابصش حواليه. كان كل تركيزه إنه يطمن على فارس. ساب كل الرجالة في انتظار بره، ودخل المستشفى بسرعة. توجه مباشرة للمكان اللي عارف إن فارس هيكون فيه.)

(في الوقت اللي بدر بيشق طريقه في ممرات المستشفى الهادية، كان فارس (الغراب) لسه خارج من غرفة سلمى. فارس كان على وشه علامات التركيز التام، بعد ما عرف خطة ياسر في جواز الإجبار. بيحاول يفكر في الخطوة الجاية.)

(فجأة، فارس بيشوف بدر جاي من آخر الممر بخطوات سريعة. فارس بيبتسم ابتسامة خفيفة، ابتسامة اللي فاهم كل حاجة.)

بدر (صوته فيه قلق مكتوم): "فارس! أخيراً! إيه اللي جابك من إمبارح بالليل هنا؟ وإيه اللي بيحصل؟"

فارس (بيقف قصاد بدر، وبيطبطب على كتفه بهدوء): "أهدى يا بدر. أنا بخير. بس اللعبة ابتدت... والورق كله بدأ يبان. ياسر الرفاعي مش عايز فلوس، ياسر عايز البنت عشان السيطرة."

(في اللحظة اللي فارس بيتكلم فيها مع بدر في الممر، كان معتز بيفتح باب عربيته عشان ينزل ويلحق يدخل المستشفى قبل ما أي حد تاني يوصل.)


وبكده نكون وصلنا لنهاية الجزء ده من الحكاية
لو عجبتكم الأجواء دي، بنتمنى منكم تشوفوا عملنا التاني بعنوان "نوراه البرون". القصة دي فيها عالم مختلف، وأسرار تانية، بنتمنى إنها تنول إعجابكم
قصة جميلة جدا رغم قلة السكس اللي فيها
 
أعلى أسفل