جدو سامى 🕊️ 𓁈

كبير الإداريين
إدارة ميلفات
كبير الإداريين
حكمدار صور
كاتب حصري
كاتب برنس
ملك الحصريات
أوسكار ميلفات
مستر ميلفاوي
ميلفاوي أكسلانس
ميلفاوي واكل الجو
ميلفاوي كاريزما
ميلفاوي حكيم
ناشر قصص
ناشر صور
ناشر أفلام
ميلفاوي حريف سكس
ميلفاوي كوميدي
إستشاري مميز
شاعر ميلفات
ناشر موسيقي
ميلفاوي سينماوي
ميلفاوي نشيط
ناشر قصص مصورة
ناشر محتوي
ملك الصور
ناقد قصصي
فضفضاوي أسطورة
كوماندا الحصريات
ميلفاوي مثقف
ناشر عدد
ميلفاوي علي قديمو
ميلفاوي متفاعل
كاتب مميز
كاتب خبير
إنضم
20 يوليو 2023
المشاركات
10,326
مستوى التفاعل
3,240
النقاط
62
نقاط
37,618
النوع
ذكر
الميول
طبيعي
الجزء الأول: الجنة المكتشفة





الفصل الاول انتي عاجباني



قال لها بصوتٍ مرتجف، وجهه يحمرّ من الخجل والحماس المفاجئ: "أنتِ عاجباني... وعايز أنيكك. هاتجنن عشان أنيكك وأحط زبري في كسك."

كانت لينا واقفة أمامه في حديقة البيت القديم، فتاة في التاسعة عشرة، شعرها الأسود يتمايل مع نسيم المساء. عيونها الكبيرة اتسعت دهشة، ولم تفهم كلمة واحدة مما قاله. "أنيكك؟ زبري؟ كسك؟" همست ببراءة تامة، كأنها تسمع لغة أجنبية. لم تكن تعرف شيئًا عن الجنس، لا عن الرغبة ولا عن اللمس. كل ما عرفته عن جسدها كان ذلك اليوم قبل سنوات حين سقطت من دراجتها على الدرج الحجري، فنزفت دمًا خفيفًا بين ساقيها، ظنّته جرحًا عاديًا، ولم يخبرها أحد بغير ذلك. لم يكن لديها أم، وأبوها رجل صامت لا يتحدث إلا عن الزرع والمطر.

أما هو، أحمد، ابن الجيران، في العشرين، نشأ في بيتٍ لا يُذكر فيه الجسد إلا بالستر والصمت. لم يقترب من فتاة قط، لم يسمع عن الجنس إلا في همسات الأولاد في المدرسة، كلمات غامضة مثل "زب" و"كس" و"نيك"، لم يفهم معناها تمامًا، لكنه شعر بها اليوم، فجأة، وهو يراها تضحك وهي تسقي الورد. شعر بشيء يتحرك في بنطاله، بشيء يؤلمه من الانتفاخ، فظن أنه مرض، ثم ظن أنها السبب، ثم قال الكلمات دون تفكير.

وقفت لينا تنظر إليه، لا تخاف، لكنها مرتبكة. "يعني... إيه اللي بتقوله ده؟ أنا مش فاهمة." اقترب أحمد خطوة، يده ترتجف، لا يعرف ماذا يفعل. "أنا... أنا مش عارف بالظبط. بس أنا عايز أكون قريب منك. عايز أحس بيكي. زي... زي ما بيقولوا."

نظرت لينا إلى الأرض، ثم رفعت عينيها إليه ببراءة ****: "طب... إزاي؟"

اقترب أكثر، يده تمتد ببطء، تلمس كتفها. لم ترتجف، لم تهرب. كانت تثق به، كصديق طفولة. "ممكن... أشوفك من غير هدومك؟" سألها بصوتٍ مكسور.

"ليه؟" سألته بصدق.

"عشان... أشوف إيه اللي بيحصل لما بنكون مع بعض."

فكرت لينا لحظة، ثم أومأت برأسها. "ماشي. بس أنت كمان."

بدأ ينزع قميصه بيدين مرتجفتين، ثم بنطاله. وقفت هي، تنزع فستانها القطني البسيط ببطء، كأنها تخلع ملابس النوم. لم تكن تعرف الخجل، لم يعلّمها أحد. وقفت عارية أمامه، جسدها النحيل، صدرها الصغير، بين ساقيها شعر خفيف، وندبة صغيرة من سقوط الدراجة.

نظر أحمد إليها، زبه منتصب، ينبض، لا يعرف ماذا يفعل به. اقترب، لمس صدرها بيد مرتجفة. شعرت لينا بلمسة غريبة، دافئة، لكنها لم تفهم. "ده إيه اللي واقف كده؟" سألته وهي تشير إلى زبه.

"مش عارف..." همس. "بس لما بشوفك كده، بيحصل."

مدت يدها، لمسته. كان ساخنًا، صلبًا، يرتجف. "بيوجعك؟"

"لا... حلو."

جلسا على الأرض، بين الورد، يلمسان بعضهما بفضول طفولي، لا شهوة، بل اكتشاف. لمس هو كسها، وجدته رطبًا قليلاً، لم تكن تعرف لماذا. لمست هي زبه، رأت سائلاً شفافًا يخرج من رأسه. "ده إيه؟"

"مش عارف..."

ثم، دون تخطيط، استلقى أحمد على ظهره، وسحبها فوقه بلطف. "ممكن... أحطه جواكي؟"

"ماشي."

دفعته ببطء، دخل قليلاً، توقف. تأوهت لينا، ليس من ألم، بل من غرابة الشعور. "غريب..."

"آه..." قال هو، وهو يحرك نفسه ببطء، لا يعرف الإيقاع، لا يعرف النهاية. استمرا هكذا، يتحركان بفطرة، يلهثان، يضحكان أحيانًا من الغرابة، حتى شعر أحمد بشيء ينفجر بداخله، فخرج منها بسرعة، ورذاذ أبيض سقط على بطنها.

"ده إيه؟" سألته.

"مش عارف..." قال وهو يلهث. "بس كان حلو."

نظرت لينا إلى السائل على بطنها، لمسته بإصبعها، تذوقته. "مالح."

ضحكا معًا، عراة في الحديقة، لا يعلمان أنهما بدآ شيئًا، ولا يعلمان أنهما أنهياه. فقط اكتشفا، ببراءة تامة، عالمًا لم يُخلق لهما بعد.

استلقت لينا على العشب الناعم، بطنها لا يزال لامعًا ببقايا السائل الذي خرج منه، وهي تنظر إليه بعيونٍ واسعة لا تخجل، بل تتساءل. أحمد جلس بجانبها، زبه بدأ يلين ببطء، لكنه لا يزال ينبض كأنه يتنفس لأول مرة. كان الصمت بينهما دافئًا، كأن الحديقة نفسها تتنفس معهما.

"طب... ده بيحصل كل يوم؟" سألته لينا، وهي تمسح بطنها بأطراف أصابعها، ثم ترفع إصبعها لتنظر إليه تحت ضوء القمر.

"مش عارف..." قال أحمد، صوته لا يزال مرتجفًا. "بس أول مرة أحس بحاجة زي دي."

اقتربت لينا أكثر، ركبتها تلامس فخذه، ومدت يدها مرة أخرى إلى زبه، لكن هذه المرة بلطف أكبر، كأنها تتعلم شيئًا جديدًا. "لسه دافي..." همست، وهي تلف أصابعها حوله ببطء. شعرت بجلده الناعم، بالعروق البارزة، بالرأس المنتفخ الذي كان يتحرك تحت لمستها. "بيحرك نفسه!"

ضحك أحمد ضحكة خجولة، لكنه لم يبتعد. "لما تلمسي كده... بيرجع يقف تاني."

"جد؟" رفعت حاجبها، ثم بدأت تحرك يدها صعودًا ونزولًا، ببطء، كأنها تكتشف إيقاعًا. "زي كده؟"

"آه..." أغلق عينيه، رأسه يتأرجح للخلف. "أحسن."

شجعها ذلك، فاقتربت أكثر، حتى أصبح وجهها قريبًا منه. نظرت إليه عن قرب، رأت الفتحة الصغيرة في الأعلى، حيث خرج السائل من قبل. "من هنا طلع؟" سألته، وهي تضغط بلطف بإبهامها.

"آه..." تأوه، جسده يرتجف. "لينا... كفاية، هيحصل تاني."

"طب خليه يحصل." قالت ببراءة، ثم، دون تفكير، انحنت وقبّلت رأس زبه بلطف، كأنها تقبل خدّ ***. تذوقت الملح مرة أخرى، لكن هذه المرة لم تبتعد. فتحت فمها، أدخلته قليلاً، لسانها يلمس الجلد، لا تعرف ماذا تفعل، لكنها تقلّد ما رأته في حلمٍ غامض ذات ليلة.

"يا لهوي..." همس أحمد، يده تذهب إلى شعرها تلقائيًا، لا يدفعها، بل يمسك خصلة بلطف. "ده... ده إيه اللي بتعمليه؟"

"مش عارفة..." قالت وهي ترفع فمها لحظة، لعابها يربط بين شفتيها وزبه. "بس طعمه حلو. زي العسل المالح."

ثم عادت، تأخذه أعمق، فمها الصغير يتمدد، لسانها يدور حول الرأس، تمص بلطف، كأنها تمص حلوى. أحمد يلهث، يتأوه، لا يعرف كيف يوقفها، ولا يريد. "لينا... أنا... هي..."

لم يتمكن من إكمال الجملة. انفجر مرة أخرى، هذه المرة داخل فمها. شعرت لينا بالسائل الساخن يملأ فمها، فابتلعته دون تفكير، ثم رفعت وجهها، شفتاها لامعتان، عيناها مندهشتان. "طلع كتير المرة دي!"

سقط أحمد على ظهره، يلهث، يضحك، يبكي من النشوة. "أنا... أنا مكنتش أعرف إن في حاجة زي دي."

جلست لينا بجانبه، تمسح فمها بظهر يدها، ثم استلقت بجانبه، رأسها على صدره. "طب... وأنا؟" سألته بهدوء. "أنا كمان عايزة أحس بحاجة زي دي."

نظر إليها، عيناه لا تزالان ضبابيتين. "إزاي؟"

"زي ما عملت أنا... اعمل أنت."

فكر لحظة، ثم انزلق ببطء بين ساقيها. كسها لا يزال رطبًا، ورديًا، مفتوحًا قليلاً من قبل. نظر إليه عن قرب، كأنه يرى شيئًا مقدسًا. "ده... ده الكس؟"

"آه..." همست لينا، ساقاها مفتوحتان، لا تخجل.

انحنى، قبّله بلطف، كأنه يقبل وردة. تذوق طعمها، حلو، مالح، غريب. ثم بدأ يلحس، ببطء، لسانه يمر على الشفرتين، يدور حول البظر الصغير المنتفخ. تأوهت لينا لأول مرة، جسدها يرتجف، يدها تذهب إلى شعره. "آه... ده... ده حلو أوي..."

شجعها ذلك، فزاد من سرعته، يدخل لسانه قليلاً، يمص البظر، يسمع أنفاسها تتسارع. "أحمد... في حاجة بتحصل جوايا..."

"خليكي..." همس، وهو يستمر، إصبعه يدخل بلطف، يحرك داخلها، يشعر بجدران كسها تضغط عليه.

ثم، فجأة، صرخت لينا صرخة خفيفة، جسدها يرتعش، سائل شفاف يخرج منها، يبلل وجهه. ظلت ترتجف دقائق، ثم هدأت، تلهث، تضحك. "ده... ده كان إيه؟"

"مش عارف..." قال أحمد، وجهه مبلل، يبتسم. "بس أنتِ كنتِ زي الوردة لما تفتح."

استلقيا معًا، عراة، متعانقين، القمر ينور جسديهما. لم يكن هناك نيك بالمعنى الذي يعرفه العالم، بل اكتشاف، لمس، تذوق، ضحك، دموع، أنفاس. كانا طفلين في جسدين كبيرين، يلعبان بلعبة لم يُخلق لها اسم بعد.

"بكرة نعملها تاني؟" سألته لينا، صوتها ناعس.

"كل يوم." همس، وهو يقبل جبينها.

وناما هكذا، في الحديقة، تحت النجوم، لا يعلمان أن العالم سيأتي غدًا، وسيأخذ منهما هذه البراءة، لكن تلك الليلة... كانت لهما، وحدَهما.





الفصل الثاني في الصباح



استيقظا مع أول ضوءٍ ذهبي يتسلل بين أوراق الشجر، كأن الشمس نفسها كانت خجلانة من رؤيتهما. لينا فتحت عينيها أولاً، وجدت رأس أحمد بين ذراعيها، زبه النائم يلامس فخذها، دافئًا كقطعة خبز طازجة. ابتسمت، ثم حركت ساقها بلطف، فاستيقظ هو، يتثاءب، ينظر حوله كأنه في حلم.

"صباح الخير..." همست، وهي تمرر أصابعها في شعره.

"صباح النور..." قال، ثم شعر بزبه يبدأ يقف مرة أخرى، كأنه يصحو قبل عقله. "أوه... لسه بيحصل."

ضحكت لينا، ثم جلست، ظهرها مستقيم، صدرها الصغير يرتفع مع كل نفس. "طب... نجرب حاجة جديدة؟"

نظر إليها بعيونٍ واسعة. "إزاي؟"

"خليني فوقك المرة دي."

نهضت، ركبتاها على جانبي خصره، كسها فوق زبه المنتصب، لا تلامسه بعد. أمسكت زبه بيدها، كأنها تمسك عصا سحرية، ثم بدأت تحركه على شفراتها، صعودًا ونزولًا، تشعر بصلابته، بحرارته، بينما هو ينظر إليها مندهشًا.

"ده... ده حلو أوي..." تأوهت، ثم جلست ببطء، تدخله داخلها شيئًا فشيئًا. هذه المرة كان أعمق، لأنها هي من تتحكم. شعرت به يملأها، يضغط على جدرانها من الداخل، فأغلقت عينيها، تتحرك صعودًا ونزولًا، بطيئًا في البداية، كأنها تركب دراجة لأول مرة.

أحمد يمسك خصرها، يساعدها، يداه ترتجفان. "لينا... أنتِ... أنتِ بتتحكمي فيا..."

"آه..." همست، ثم زادت سرعتها، صدرها يهتز، شعرها يتطاير. "أنا بحس بيك كله جوايا..."

ثم توقفت فجأة، استدارت، ظهرها له، دون أن يخرج منها. الآن كانت جالسة عكسه، كسها يبتلع زبه من الخلف. بدأت تتحرك مرة أخرى، ترى قدميها، ترى يديه تمتدان لتمسك صدرها من الخلف، تعصر حلماتها بلطف.

"يا لهوي... ده وضع جديد!" قال، صوته مكسور.

"آه... وأحلى..." تأوهت، ثم انحنت للأمام، يديها على ركبتيه، تتحرك بقوة، تسمع صوت لحمهما يصطدم، صوت رطوبتها، صوت أنفاسهما.

ثم، فجأة، سحبها أحمد للخلف، قلبها على بطنها، رفع وركيها للأعلى. الآن كان هو من فوق، لكن من الخلف. دخل مرة أخرى، أعمق، أقوى. "كده؟"

"آه... كده أحسن!" صرخت، وجهها في العشب، يديها تمسكان الأرض. بدأ يضرب، بفطرة، لا يعرف الإيقاع، لكنه يتعلم من أنينها. كلما زاد أنينها، زاد هو.

"لينا... أنا ه..."

"جوايا المرة دي!" قالت، وهي تدفع وركيها للخلف.

انفجر داخلها، ساخنًا، يملأها، يتدفق. شعرت به ينبض، يضخ، ثم يهدأ. خرج ببطء، ورأى السائل يتساقط منها، أبيضًا على العشب الأخضر.

استلقت بجانبه، تلهث، تضحك. "ده كان... مختلف."

"آه..." قال، ثم قبل كتفها. "طب... ولو وقفنا؟"

"إزاي؟"

نهض، سحبها لتقف معه. وقفت أمامه، ظهرها للشجرة. رفع ساقها اليمنى، وضعها على كتفه. الآن كانا واقفين، زبه يدخلها وهي متكئة على الشجرة. بدأ يتحرك، بطيئًا، يمسك خصرها، ينظر في عينيها.

"ده... ده صعب..." ضحكت، لكنها تمسكت بالشجرة.

"بس حلو..." همس، ثم زاد، يدخل ويخرج، يسمع صوت الماء، صوت اللحم.

ثم، فجأة، جلست هي على الأرض، ساقاها مفتوحتان، ودعته ليجلس فوقها، وجهًا لوجه. دخل مرة أخرى، يتحركان معًا، يقبلان، يعضان الشفاه، يضحكان عندما يتعثرون.

"كل مرة بنكتشف حاجة جديدة..." قالت، وهي تلهث.

"ونكمل كل يوم." همس، وهو ينفجر مرة أخرى، هذه المرة على صدرها.

جلسا معًا، متعانقين، العرق يلمع على جسديهما، الشمس ترتفع، والطيور تغني. لم يكن هناك اسم لما يفعلانه، لكن كان لهما، وحدَهما.



الفصل الثالث في أعماق الغابة



هربا بعد الظهر، يمسكان أيدي بعضهما، يضحكان كالأطفال الذين يسرقون حلوى. الغابة المجاورة كانت عالمهم الجديد، أشجار عالية، أوراق تتساقط كمطر ذهبي، أصوات طيور لا يعرفان أسماءها. لينا تجري أمامه، فستانها القصير يرفرف، لا ترتدي شيئًا تحته، وهو يتبعها، بنطاله مفتوح، زبه يهتز مع كل خطوة.

توقفت عند شجرة بلوط عملاقة، جذعها واسع كغرفة صغيرة. "تعالى!" نادت، ثم تسلقت الجذع بسهولة، كأنها قطة. صعد أحمد خلفها، يداه تلامسان فخذيها، يضحكان عندما ينزلق.

على فرع عريض، في منتصف الارتفاع، جلست لينا، ساقاها متدليتان. "هنا!" قالت، ثم فتحت ساقيها، كسها مكشوف للريح، للشمس، لعينيه. "تعالى، زي الطيور."

اقترب أحمد، واقفًا على الفرع، يمسك الجذع بيد، والأخرى تمسك خصرها. دخلها واقفًا، ببطء، يشعر بالريح تداعب ظهره، بالأوراق تلامس وجهه. بدأت تتحرك، وركاها يدوران، كأنها ترقص على الفرع. "لو وقعنا..." ضحكت.

"هنموت سعداء." همس، ثم زاد سرعته، يدخل ويخرج، يسمع صوت الخشب يئن تحتهما، صوت أنفاسهما يختلط بغناء الطيور.

ثم نزلا، يركضان عراة بين الأشجار، حتى وصلا إلى جدول صغير، ماؤه صافٍ كزجاج. دخلت لينا الماء أولاً، حتى ركبتيها، ثم استدارت، جلست على صخرة ناعمة، ساقاها مفتوحتان. "تعالى، اغسلني."

اقترب أحمد، الماء يصل إلى خصره، زبه منتصب كسيف. انحنى، يلحس كسها، يشرب من الماء البارد الممزوج بطعمها. ثم وقفت هي، استدارت، يديها على الصخرة، وركاها مرفوعة. "من ورا... في المية."

دخلها من الخلف، الماء يتناثر حولهما، يدخل ويخرج، يشعر بالبرد يعانق حرارتهما. "ده... زي السمك!" ضحكت، ثم تأوهت عندما ضربها بقوة، الماء يرش وجهها.

ثم، فجأة، رأيا كهفًا صغيرًا في جانب الجدول. دخلا، الأرض رملية، الجدران رطبة. استلقت لينا على ظهرها، ساقاها مرفوعتان للأعلى، كتفاها على الأرض. "كده... زي الخفافيش."

رفع أحمد ساقيها، وضعهما على كتفيه، دخلها عميقًا، يرى كسها يبتلع زبه، يرى وجهها يتقلص من النشوة. "أنا... بحس بيك في بطني..." همست.

ثم قلبها، على بطنها، يدخل من الخلف، يداه تمسكان خصرها، يضربان بقوة، صوت اللحم يتردد في الكهف. "هنا... صوتنا بيرجع..." قالت، ثم صرخت، صوتها يتردد: "أحمد... أحمد... أحمد..."

خرج منها، قلبها على ظهرها مرة أخرى، ثم جلس، سحبها لتجلس فوقه، وجهًا لوجه. دخلها، يتحركان معًا، يقبلان، يعضان، يلهثان. "كل مكان... بنكتشف حاجة..." همس.

"والغابة كلها لينا." قالت، ثم انفجرت، جسدها يرتعش، سائلها يبلل فخذيه.

ثم، في النهاية، استلقيا على الرمال، الماء يداعب أقدامهما، الشمس تخترق الكهف بأشعة ذهبية. "بكرة... نجيب حبل؟" سألته، عيناها تلمعان.

"وليه؟"

"عشان نعلقك... أو نعلقني... ونجرب في الهوا."

ضحكا، متعانقين، الغابة تتنفس معهما، والطيور تغني لحنًا لا يعرفانه، لكنهما يفهمانه.



الفصل الرابع "منى وجمال



كانا يتجولان في أعماق الغابة، عراة كما ولدتهما أمهاتهما، يضحكان ويلمسان بعضهما بين الأشجار، حين سمعا صوت ضحكٍ آخر، أعمق، أكثر نضجًا. توقفا، يدا بيد، ثم تسللا بين الشجيرات حتى رأيا منظرًا غريبًا: رجل وامرأة في الأربعينات، عراة تمامًا، يجلسان على جذع شجرة، يأكلان تفاحًا بريًا، وكأنهما آدم وحواء في جنة لم تُكتشف بعد.

الرجل كان قوي البنية، شعر صدره كثيف، زبه معلق بين ساقيه كثمرة ناضجة. المرأة ممتلئة، صدرها كبير وثقيل، حلماتها بنية، كسها مفتوح قليلاً، شعرها الأسود يتدلى حتى خصرها. لم يبدُ عليهما خجل، بل فضول طفولي.

"مين دول؟" همست لينا، عيناها واسعتان.

"مش عارف..." رد أحمد، لكنه لم يهرب. اقتربا بخطوات خفيفة.

لاحظتهما المرأة أولاً. ابتسمت ابتسامة واسعة، لا تخجل. "آه... جيران جدد؟" قالت بصوتٍ دافئ، وهي تقف، صدرها يهتز مع كل خطوة. "أنا منى... وده جمال."

"أنا لينا... وده أحمد." ردت لينا ببراءة، ثم نظرت إلى زب جمال، ثم إلى كس منى. "أنتوا... بتعملوا زينا؟"

ضحك جمال، صوته يتردد في الغابة. "إحنا بنكتشف... من زمان. بس أول مرة نشوف حد زينا."

اقتربت منى من لينا، تمسك يدها. "تعالي... خلينا نلعب مع بعض."

جلس الأربعة في دائرة على العشب، عراة، ينظرون لبعضهم بفضول. بدأت منى تمسك صدر لينا، تعصره بلطف. "ده صغير... بس حلو." ثم انحنت، تمصه، لسانها يدور حول الحلمة. تأوهت لينا، جسدها يرتجف.

في الجهة الأخرى، اقترب جمال من أحمد، يمد يده، يمسك زبه. "ده قوي... زي بتاعي زمان." ثم بدأ يحركه ببطء، يده خشنة لكن لطيفة. شعر أحمد بالغرابة، ثم بالنشوة. "ده... مختلف..."

ثم تبادلوا. وقفت لينا، جلست على وجه منى، كسها على فمها، ومنى تلحسها بلسان طويل، متمرس، لكن بنفس البراءة. "آه... ده أحلى من أحمد!" قالت لينا، وهي تتحرك على وجهها.

أحمد استلقى، وجمال جلس فوقه، زبه يدخل فم أحمد لأول مرة. لم يعرف كيف يمص، لكنه قلّد لينا، يلحس، يمص، يبتلع. "طعمه... قوي..." همس.

ثم، فجأة، قلبوا الأدوار. استلقت منى على ظهرها، ساقاها مفتوحتان، ودخل أحمد كسها، واسع، دافئ، مختلف عن لينا. "ده... كبير جوايا..." تأوه.

لينا جلست على وجه جمال، وهو يلحسها، بينما يده تمسك زب أحمد من الخارج، يحركه داخل منى. "كلنا... مع بعض..." قالت منى، صوتها مكسور.

ثم وقفت لينا، استدارت، وجلست على زب جمال، بينما أحمد يدخلها من الخلف، في طيزها لأول مرة. لم تعرف الألم، فقط الامتلاء. "آه... كس وطيز... مع بعض!"

منى تمسك صدر لينا، تمصه، بينما جمال يدخل أحمد من الخلف، زبه الكبير يفتح طيزه. "ده... غريب... بس حلو..." تأوه أحمد.

تحرك الأربعة معًا، كآلة واحدة، يدخلون ويخرجون، يلحسون، يعضون، يلهثون. السائل يتدفق، العرق يلمع، الضحك يختلط بالأنين. لم يكن هناك اسم لما يفعلونه، لكن كانوا يكتشفونه معًا.

في النهاية، انفجروا معًا، أحمد داخل منى، جمال داخل أحمد، لينا على وجه منى، منى ترتعش تحت الجميع.

استلقوا على العشب، أربعة أجساد متشابكة، يلهثون، يضحكون.

"بكرة... نجيب فواكه؟" سألت منى.

"ونلعب بيها..." ردت لينا.

"ونعلّمكم حاجات جديدة." قال جمال.

وظلوا هكذا، في الغابة، أربعة سذّج، يكتشفون العالم، جسدًا بجسد.



استمروا في الغابة أيامًا، كأن الزمن توقف. كل صباح يلتقون في نفس المكان، تحت شجرة التفاح البري، يحملون ما وجدوا: موز بري، تين، عنب، حتى أوراق ناعمة يستخدمونها كألعاب. عراة دائمًا، أجسادهم تتعرف على بعضها كأنها خريطة واحدة.

اليوم الأول: منى جلبت حبلًا من أعشاب متشابكة. علّقت لينا من فرع منخفض، يديها للأعلى، قدميها لا تلامسان الأرض. وقفت خلفها، تمسك خصرها، وجمال يدخل كس لينا من الأمام، بينما أحمد يدخل طيزها من الخلف. لينا تتأرجح كالأرجوحة، كل دفعة ترسلها للأمام على زب جمال، ثم للخلف على زب أحمد. منى تمسك الحبل، تسحبها أقوى، ولسانها يلحس ظهر لينا، ينزل إلى طيزها حيث يدخل أحمد. "زي الطيارة!" صرخت لينا، ثم انفجرت، سائلها يسيل على فخذي جمال.

اليوم الثاني: اكتشفوا بركة صغيرة، ماؤها دافئ من الشمس. دخلوا الأربعة، الماء إلى صدورهم. منى استلقت على ظهرها، تطفو، صدرها خارج الماء. لينا جلست على وجهها، كسها يغرق فم منى. أحمد دخل منى من الأمام، وجمال دخل أحمد من الخلف. الماء يتناثر، الأجساد تزلق، الضحك يعلو. "كأننا أسماك!" قال جمال، ثم قلب أحمد، دخل طيزه تحت الماء، بينما لينا تمص زب منى بفمها، رغم أن منى ليس لديها زب، لكنها كانت تمسك بظرها كزب صغير، تدفعه في فم لينا.

اليوم الثالث: جلبوا فواكه. منى قطعة موز كبيرة، أدخلتها في كس لينا ببطء، ثم أكلتها من هناك، تمص الموز مع عصارة لينا. جمال أخذ عنبة، وضعها في طيز أحمد، ثم أخرجها بلسانه، يأكلها. لينا أخذت تفاحة صغيرة، حاولت إدخالها في كس منى، لكنها كبيرة، فاستخدمتها ككرة، تدحرجها على بطن منى، ثم تلحسها. أحمد جرب شيئًا جديدًا: وضع زبه بين صدر منى الكبير، يحركه صعودًا ونزولًا، بينما لينا تلحس رأسه كلما ظهر. منى تضغط صدرها، تمسك زبه ككس ثانٍ.

اليوم الرابع: ليلة قمرية. أشعلوا نارًا صغيرة من أغصان جافة. جلسوا حولها، يدفئون أجسادهم. منى استلقت على بطنها، وجمال دخلها من الخلف. لينا جلست أمام منى، فتحت ساقيها، ومنى لحستها بينما جمال ينيكها. أحمد جلس خلف جمال، دخل طيزه، فأصبحوا سلسلة: أحمد في جمال، جمال في منى، منى في لينا. تحركوا معًا، كأن إيقاع النار هو إيقاعهم. كلما زاد اللهب، زادوا سرعة. انفجروا واحدًا تلو الآخر، كالدومينو، السائل يسيل على الأرض، يطفئ النار قليلاً.

اليوم الخامس: اكتشفوا كهفًا أعمق. داخلها، رسومات قديمة على الجدران، حيوانات، أجساد متشابكة. جلسوا تحت الرسوم، كأنهم يكملون القصة. منى وجمال علّما لينا وأحمد "الـ69"، لكن بأربعة: لينا على ظهر جمال، تمصه، وهو يلحسها. منى على ظهر أحمد، تمصه، وهو يلحسها. ثم تبادلوا، فأصبحت لينا تمص منى (بظرها)، ومنى تمص أحمد، وأحمد يمص جمال، وجمال يمص لينا. دائرة كاملة، أفواه وأعضاء، لا بداية ولا نهاية.

اليوم السادس: جلبوا أوراق موز كبيرة، صنعوا منها "سريرًا" على الأرض. استلقى جمال، وجلست منى فوقه، زبه في كسها. ثم جلست لينا على وجه جمال. أحمد وقف خلف منى، دخل طيزها، فأصبحت منى مملوءة من الأمام والخلف. لينا انحنت، تمص زب أحمد وهو يدخل طيز منى. "كأننا شجرة!" قالت لينا، ثم انفجروا جميعًا، السائل يتدفق كشلال.

اليوم السابع: قرروا "الرقص". وقفوا في دائرة، يمسكون أيدي بعضهم، يدورون. كلما توقف الموسيقى (صوت الريح)، يتوقف اثنان، ينيكان بعضهما، بينما الآخران يلحسان. ثم يدورون مرة أخرى. لينا مع جمال، أحمد مع منى، لينا مع منى، أحمد مع جمال. كل تركيبة، كل وضع، كل ثقب.

في النهاية، استلقوا تحت النجوم، أربعة أجساد، عرق، سائل، ضحك، أنفاس. "إحنا... عيلة دلوقتي؟" سألت لينا. "أكتر من عيلة." قالت منى، وهي تمسك يدها. "إحنا... الغابة نفسها." قال جمال. وأحمد قبل جبين لينا: "ونكمل... كل يوم."

وناموا، متشابكين، كأن الغابة تحتضنهم، والقمر يغني لهم لحنًا لا يعرفونه، لكنهم يعيشونه.



الفصل الخامس الأربعة يصبحون ثمانية



كان الصباح الثامن، والشمس تتسلل بين أوراق الغابة كأصابع ذهبية. الأربعة – لينا، أحمد، منى، جمال – كانوا يتجولون عراة كالعادة، يحملون سلة من التين البري، يضحكون ويلمسون بعضهم بين الأشجار. فجأة، سمعوا صوتًا غريبًا: ضحك طفولي ممزوج بصوت أنفاس ثقيلة، ثم صوت ماء يتناثر.

تسللوا بين الشجيرات، حتى وصلوا إلى بركة أكبر من بركتهم، ماؤها يلمع تحت الشمس. هناك، رأوا منظرًا جديدًا: رجل وامرأة في الأربعينات، عراة، قويي البنية، شعرهما مضطرب كأنهما يعيشان في الغابة منذ سنوات. بجانبهما، ولد وبنت في سن المراهقة – ربما ستة عشر أو سبعة عشر – عراة أيضًا، أجسادهما نحيلة لكن مشدودة، بشرتهما محمرة من الشمس. كان الشبه واضحًا: عيون الولد كعيون الرجل، وشعر البنت الأشقر كشعر الأم. كانوا عائلة، لكن عائلة لم تعرف العالم خارج الغابة.

الرجل، واسمه سامي، كان يسبح في البركة، زبه يطفو على الماء كسمكة. الأم، سارة، كانت تجلس على صخرة، ساقاها مفتوحتان، والبنت، ليلى، تلحس كسها ببراءة، كأنها تأكل فاكهة. الولد، ياسر، كان يقف خلف سارة، زبه في يدها، وهي تحركه ببطء، يضحكان ويتحدثان بلغة غريبة، مزيج من الكلمات والأصوات.

"مين دول؟" همست لينا، عيناها مفتوحتان على وسعهما.

"زينا..." قال جمال، زبه يقف من مجرد المنظر.

اقتربوا بخطوات خفيفة، حتى لاحظتهم ليلى أولاً. رفعت وجهها، فمها لامع بعصارة أمها، وابتسمت. "آه... ناس جدد!" قالت بصوتٍ مراهق، نقي.

وقف سامي في الماء، يلوح بيده. "تعالوا! المية حلوة!" صرخ، لا خجل، لا خوف.

اقتربت منى أولاً، تدخل البركة، صدرها يهتز. "أنتوا... بتعملوا زينا؟"

"آه!" قالت سارة، وهي تسحب لينا لتجلس بجانبها. "إحنا بنلعب من زمان. بس أول مرة نشوف حد غيرنا."

جلس الأربعة مع الأربعة الجدد، في دائرة كبيرة على ضفاف البركة، الماء يداعب أقدامهم. بدأ الاكتشاف:

اللقاء الأول: ليلى، ببراءتها المراهقة، اقتربت من أحمد، تمسك زبه. "ده أكبر من بتاع ياسر!" قالت، ثم بدأت تمصه، فمها الصغير يتمدد، لسانها يدور. أحمد يتأوه، يمسك شعرها الأشقر. ياسر، بنفس الفضول، اقترب من منى، يدخل أصابعه في كسها الواسع. "ده... زي بتاع ماما، بس أنعم!" منى تضحك، تسحبه ليجلس على وجهها، وهو يلحس بظرها بينما هي تمص زبه الصغير لكن المنتصب.

التبادل العائلي: سامي استلقى على ظهره في الماء الضحل، وجلست لينا فوقه، كسها يبتلع زبه الكبير. "ده... يملاني أكتر من أحمد!" قالت، وهي تتحرك صعودًا ونزولًا. سارة جلست على وجه سامي، كسها على فمه، وهو يلحسها بلسان متمرس. جمال دخل سارة من الخلف، في طيزها، بينما هي تتأوه في فم زوجها. "ده... أول مرة أحس بحاجة زي دي!" قالت سارة.

الأطفال يتعلمون: ليلى استلقت على صخرة، ساقاها مفتوحتان، ودعتهم جمال ولينا. لينا لحست كسها، وهو صغير، وردي، نظيف. "طعمها زي العسل!" قالت لينا. جمال دخل ليلى ببطء، زبه يكاد يمزقها، لكنها تضحك، لا تعرف الألم. "غريب... بس حلو!" ياسر، في الجهة الأخرى، دخل كس منى، وهو يقف، يديه على صدرها الكبير. أحمد دخل طيز ياسر من الخلف، يعلمه الإيقاع. "كده... زي كده..." همس أحمد.

السلسلة الكبرى: وقفوا جميعًا في خط، في الماء:

  • أحمد في طيز ياسر
  • ياسر في كس منى
  • منى تمص زب جمال
  • جمال في كس ليلى
  • ليلى تمص زب سامي
  • سامي في كس سارة
  • سارة تمص زب أحمد، مكملة الدائرة. تحركوا معًا، الماء يتناثر، الضحك يعلو، الأنين يتردد. لم يكن هناك أب أو أم أو ابن أو ابنة، فقط أجساد، فضول، اكتشاف.
الفواكه مرة أخرى: جلبوا موزًا بريًا. سارة أدخلت موزة في كس ليلى، ثم أكلتها، تمص مع عصارة ابنتها. سامي وضع عنبًا في طيز ياسر، ثم أخرجه بفمه. لينا حشوت كسها بتين، ودعت ياسر ليأكل منها، وهو يلحس ويأكل.

النهاية تحت الشجرة: استلقوا تحت شجرة عملاقة، ثمانية أجساد متشابكة. ليلى نائمة على صدر أحمد، ياسر بين فخذي منى، سامي وجمال يقبلان سارة ولينا. السائل يلمع على الجميع، العرق، الضحك، الأنفاس.

"إحنا... قبيلة دلوقتي؟" سألت ليلى، صوتها ناعس. "أكبر من قبيلة." قال سامي، وهو يمسك يد زوجته. "إحنا... الغابة كلها." قالت سارة. وأحمد، وهو يقبل جبين لينا: "ونكمل... كل يوم... كلنا."

وناموا، ثمانية أجساد، تحت النجوم، الغابة تحتضنهم، والقمر يغني لحنًا أكبر، لكنهم جميعًا يعيشونه.



الفصل السادس احمد ومنى

في الأيام التالية، بدأ أحمد يلاحظ منى أكثر. كان يراها كيف تتحرك بين الأشجار، صدرها الكبير يهتز مع كل خطوة، ضحكتها العميقة تملأ الغابة، عيناها الداكنتين تلمعان بفضول لا ينتهي. لم يعد يراها كجزء من المجموعة، بل كشيء خاص، شيء يريد أن يكتشفه لوحده.

في صباح هادئ، بينما الآخرون يسبحون في البركة، سحب أحمد منى خلف شجرة كبيرة، جذعها يخفيهما عن الأنظار. "أنا... عايزك لوحدك النهاردة." همس، صوته مرتجف.

ابتسمت منى، تمسك يده، تضعها على صدرها. "من زمان وأنا مستنية تسأل."

المرة الأولى – خلف الشجرة: دفعها أحمد بلطف على الجذع، ظهرها للخشب، ساقاها مفتوحتان. رفع فخذها اليمنى، دخل كسها بضربة واحدة، عميقة، قوية. كانت منى واسعة، دافئة، لكن جدرانها تضغط عليه كأنها تحتضنه. "آه... أحمد... أنت قوي أوي..." تأوهت، يداها تمسكان كتفيه، أظافرها تغرز في لحمه. بدأ يتحرك بسرعة، يدخل ويخرج، يسمع صوت لحمها يصطدم بفخذيه، صوت رطوبتها. انحنى، مص حلمة صدرها اليمنى، عضها بلطف، ثم اليسرى. منى تضغط رأسه على صدرها، شعرها يتساقط على وجهه. "جوايا... خلّص جوايا!" همست. انفجر داخلها، ساخنًا، يملأها، يتدفق. شعرت به ينبض، ثم يهدأ. خرج ببطء، ورأى السائل يسيل على فخذها.

المرة الثانية – على الأرض: استلقت منى على العشب، ساقاها مرفوعتان للأعلى، كتفاها على الأرض. أحمد جلس بين ساقيها، دخلها مرة أخرى، هذه المرة أعمق. كان يراها كلها: كسها الواسع يبتلع زبه، بظرها المنتفخ، صدرها يهتز مع كل دفعة. "كده... أحلى..." قالت، وهي تمسك صدرها، تعصره. زاد أحمد سرعته، يده تمسك خصرها، يرفعها قليلاً، يضرب بقوة. منى صرخت، صوتها يتردد في الغابة، ثم انفجرت، سائلها يرش وجهه. لم يتوقف، استمر حتى انفجر هو أيضًا، هذه المرة على بطنها، السائل الأبيض يرسم خطوطًا على بشرتها.

المرة الثالثة – في البركة: دخلا الماء معًا، الماء إلى خصريهما. منى استدارت، يديها على صخرة، وركاها مرفوعة. أحمد دخلها من الخلف، الماء يتناثر حولهما. كان يمسك خصرها بقوة، يدخل عميقًا، يشعر بالماء البارد يعانق حرارتهما. "ده... أحلى مكان!" قالت، وهي تدفع وركيها للخلف. أحمد انحنى، قبل ظهرها، عض كتفها، ثم مد يده، يفرك بظرها بإصبعه. منى ترتعش، تصرخ، ثم تنفجر مرة أخرى. هو يتبعها، يخرج زبه، ينفجر على ظهرها، السائل يختلط بالماء.

المرة الرابعة – على الفرع: تسلقا شجرة منخفضة، جلست منى على فرع عريض، ساقاها مفتوحتان. أحمد وقف أمامها، دخلها واقفًا، يمسك الفرع بيد، ويدخل بيده الأخرى. كانا يتأرجحان، الريح تداعب أجسادهما، الطيور تغني حولهما. "زي الطيور!" ضحكت منى. أحمد زاد سرعته، يدخل ويخرج، يرى كسها يبتلع زبه، يرى وجهها يتقلص من النشوة. انفجرا معًا، صراخهما يخيف الطيور.

المرة الخامسة – في الكهف: دخلا كهفًا صغيرًا، الأرض رملية. استلقت منى على ظهرها، وأحمد جلس فوقه، وجهًا لوجه. دخلها ببطء، يقبلها، يعض شفتيها، يلحس عنقها. كان يتحرك ببطء هذه المرة، يستمتع بكل لحظة. "أنا... بحبك." همس، وهو ينفجر داخلها للمرة الخامسة. منى تمسك وجهه، تقبله: "وأنا كمان."

استلقيا معًا، متعانقين، العرق يلمع على جسديهما، الغابة هادئة حولهما. لم يكن هناك أحد غيرهما في تلك اللحظة، فقط أحمد ومنى، يكتشفان بعضهما، مرة بعد مرة، كأن الغابة نفسها تخفيهما عن العالم.



الفصل السابع

خمس مرات أخرى في يوم آخر


(ذروة العلاقة بين أحمد ومنى)

استيقظ أحمد قبل الفجر، قبل أن تصدح الطيور، قبل أن يلمس ضوء الشمس أوراق الغابة. كان جسده ينبض، ليس من الرغبة فقط، بل من شيء أعمق: حاجة. حاجة إلى منى، إلى دفئها، إلى صوتها الذي يهزّه من الداخل. تسلّل من بين الأجساد النائمة – لينا بجانب ليلى، جمال يحتضن سارة – ووجد منى جالسة على صخرة قرب البركة، تفرش شعرها الطويل بأصابعها، القمر يرسم خطوطًا فضية على صدرها العاري.

"ما تناميش؟" همس وهو يقترب.

"كنت مستنياك." ردّت بابتسامة خفيفة، ثم فتحت ذراعيها.

لم يتحدثا. لم يكن هناك حاجة. كان اليوم الجديد ملكًا لهما، وكانا يعرفان أنهما سيأخذانه كله.



المرة الأولى – عند الشلال الصغير

سحبت منى أحمد إلى شلال خفيّ اكتشفته قبل يومين، الماء يتساقط من ارتفاع ثلاثة أمتار، يصدر صوتًا كأنه همس عاشق. وقفت تحت الماء، ظهرها له، الماء يجري على ظهرها، ينزل بين وركيها. اقترب أحمد، زبه منتصب، يدخلها من الخلف ببطء، يشعر بالماء البارد يصطدم بزبه الساخن. "كأن الشلال بينيك معايا..." همست منى، وهي تدفع وركيها للخلف. أمسك خصرها، بدأ يتحرك، كل دفعة ترسل قطرات الماء في كل اتجاه. انفجرا معًا، صراخهما يختلط بصوت الشلال، السائل يختفي في الماء.



المرة الثانية – على جذع مكسور

بعد ساعة، وجدا جذع شجرة مكسور، سطحها أملس من الرطوبة. استلقت منى عليه، بطنها للأسفل، ساقاها متدليتان. أحمد جلس خلفها، رفع وركيها، دخل طيزها لأول مرة بمفردهما. كانت ضيقة، دافئة، مختلفة. "بطيء... أنا عايزة أحس بيك كله." قالت. تحرك ببطء، يدخل ويخرج، يده تمسك شعرها، يسحب بلطف. منى تمسك الجذع، أنفاسها تتسارع، ثم صرخت، جسدها يرتعش. أحمد تبعها، ينفجر داخل طيزها، يشعر بالسائل يملأها.



المرة الثالثة – في الهواء

تسلقا شجرة عالية، فرعها متين. علّقت منى نفسها بحبل من الليانه، يديها للأعلى، قدميها لا تلامسان الأرض. أحمد وقف أمامها، رفع ساقيها، دخل كسها وهي معلقة. كانت تتأرجح مع كل دفعة، صدرها يهتز، شعرها يتطاير. "زي العصافير!" ضحكت. أحمد يمسك الحبل، يسحبها عليه، يدخل أعمق. انفجرا، وهي لا تزال معلقة، السائل يسيل على الأرض تحتها.



المرة الرابعة – على العشب، بطيئة

بعد الظهر، استلقيا على بقعة عشب ناعمة، الشمس تدفئهما. هذه المرة لم يكن هناك استعجال. استلقت منى على ظهرها، فتحت ساقيها، ودعته. دخلها ببطء، يقبلها، يلحس شفتيها، يعض أذنها. "خليني أحس بكل نبضة." همست. تحركا كأنهما يرقصان رقصة بطيئة، يدخل ويخرج، يتوقف، يقبل، يستمر. استمرّا ساعة، يتوقفان عندما يقتربان، يبدآن من جديد. عندما انفجرا أخيرًا، كان ذلك كموجة هادئة، لا صراخ، فقط أنفاس، وعيون في عيون.



المرة الخامسة – عند غروب الشمس

جلسا على صخرة تطل على الغابة، الشمس تغرب، السماء حمراء. منى جلست في حضنه، ظهرها لصدره، زبه داخلها. لم يتحركا كثيرًا، فقط اهتزاز خفيف، يدور وركاها، يده تمسك صدرها. "ده... أحلى يوم في حياتي." قال أحمد، صوته مكسور. "ولسه في بكرة." ردّت منى، ثم انفجرا معًا، الشمس تغرب، والسائل يسيل على الصخرة، يلمع كالذهب.



استلقيا بعد ذلك، متعانقين، النجوم تبدأ بالظهور. لم يتحدثا عن الحب، لم يكن هناك حاجة. كانا يعرفان. كان هذا اليوم ذروة علاقتهما – ليس لأنه الأخير، بل لأنه كان كاملًا. كل لحظة، كل لمسة، كل نفس. كانا واحدًا، في الغابة، تحت السماء، إلى الأبد.



الفصل الثامن

القبيلة


(الثمانية يصبحون وحدة واحدة، ويؤسسون «قانون الغابة»)

استيقظوا معًا، كأن صوتًا واحدًا أيقظهم جميعًا. لم يكن صوت طائر، ولا صوت ريح، بل صوت الغابة نفسها، نبضها، أنفاسها. ثمانية أجساد، ثمانية أرواح، ثمانية أصوات، لكن قلبًا واحدًا. كانوا يعرفون، دون كلام، أن هذا اليوم مختلف. لم يعد هناك أحمد ولينا، ولا منى وجمال، ولا سامي وسارة وليلى وياسر. كان هناك القبيلة.

جلسوا في دائرة كبيرة تحت شجرة التفاح البري العملاقة، التي أصبحت عرشهم، معبدهم، بيتهم. العشب تحت أقدامهم ناعم، الشمس ترسل أشعة ذهبية بين الأوراق، الطيور تغني لحنًا لا يعرفونه، لكنهم يفهمونه.



الكلمة الأولى – من لينا

"إحنا... مش أشخاص تاني. إحنا حاجة واحدة." نظرت إلى الجميع، عيناها تلمعان. "زي الشجرة دي. جذرها واحد، لكن فروعها كتير."



الكلمة الثانية – من سامي

"إحنا عيلة. مش بس دم. دم الغابة فينا كلنا." وضع يده على الأرض، ثم رفعها، ملطخة بالتراب. "ده دمنا دلوقتي."



الكلمة الثالثة – من منى

"محدش يملك حد. محدش يغار. كلنا لكلنا." نظرت إلى أحمد، ابتسمت، ثم إلى جمال، ثم إلى سارة. "الحب مش قيد. الحب هو الغابة."



الكلمة الرابعة – من ليلى

"ونلعب كل يوم. من غير خوف. من غير خجل. زي الأطفال." رفعت ذراعيها، كأنها تطير.



الكلمة الخامسة – من ياسر

"ونحمي بعض. لو جه حد، نقاتل. لو جه مطر، نبني. لو جه برد، نتعانق." شدّ قبضته، لكن عيناه كانتا نقيتين.



الكلمة السادسة – من جمال

"ونعمل قانون. قانوننا. مش قانون بره." أشار إلى الغابة. "الغابة هي القانون."



الكلمة السابعة – من سارة

"نكتب القانون بدمنا. بحياتنا. بأجسادنا." قطعت إصبعها بورقة حادة، قطرة دم تسيل. وضعتها على الأرض.



الكلمة الثامنة – من أحمد

"نبدأ دلوقتي." وقف، مسك يد منى، ثم يد لينا، ثم يد جمال. تكونت الدائرة.



قانون الغابة

(كتبوه بدمائهم على لحاء الشجرة، بأصابعهم، بأظافرهم)

  1. كلنا واحد. لا أنا وأنتِ. لا أب ولا ابن. لا زوج ولا زوجة. فقط القبيلة.
  2. الجسد حر. نلمس، ننيك، نلحس، نضحك، ننام، نأكل، نرقص. بلا إذن، بلا رفض.
  3. الغابة أمنا. نأكل منها، ننام فيها، نحميها. من يؤذي الغابة، يُطرد.
  4. السرّ سرّنا. لا نطلع بره. لا نكلم بره. لا نرجع لبره.
  5. الطفل للقبيلة. كل مولود ابن الغابة، يتربى بيننا، يتعلم قانوننا.
  6. النشوة واجب. كل يوم ننيك، نلحس، نضحك. الجوع للجسد زي الجوع للأكل.
  7. الدم يربط. كل شهر، نجرح أنفسنا، نضع دمنا في الأرض، نجدد العهد.


الاحتفال الأول بقانون الغابة

بعد كتابة القانون، وقفوا في دائرة، يمسكون أيدي بعضهم. ثم، دون إشارة، بدأوا.

  • لينا جلست على وجه سارة، كسها على فمها.
  • سارة تمص بظر لينا، يداها تمسكان فخذيها.
  • سامي دخل كس سارة من الخلف، يتحرك ببطء.
  • ياسر دخل طيز سامي، يتعلم الإيقاع.
  • ليلى تمص زب ياسر وهو يدخل أباها.
  • جمال دخل كس ليلى، يداه على صدرها الصغير.
  • منى تمص زب جمال، فمها كبير، لسانها طويل.
  • أحمد دخل كس منى، يداه تمسكان خصرها، عيناه في عينيها.
تحركوا معًا، كآلة واحدة، كشجرة واحدة، كغابة واحدة. لم يكن هناك ألم، لا غيرة، لا اسم. فقط النشوة، الدم، العرق، الضحك، الأنين.

انفجروا معًا، كأن قلبًا واحدًا ينبض، كأن الغابة نفسها تنفجر. السائل يسيل على الأرض، يخلط بالتراب، يصبح جزءًا من الجذور.



الختام – تحت الشجرة

استلقوا بعد ذلك، ثمانية أجساد، متشابكة، كأنهم جذع واحد. القمر يطلع، النجوم تضيء، الغابة تتنفس.

"إحنا... القبيلة." همست لينا. "إحنا... الغابة." قال أحمد. "إحنا... الأبد." قالت منى.

وناموا، تحت الشجرة، في حضن القانون، في قلب الجنة التي صنعوها بأجسادهم، بدمائهم، بحبهم.

القبيلة وُلدت. ولا أحد يستطيع أن يوقفها. حتى الآن.





الفصل التاسع

صوت من بعيد


كان الصباح هادئًا كأن الغابة نفسها تُمسك أنفاسها. ثمانية أجساد نائمة تحت شجرة التفاح البري، متشابكة كأنها جذع واحد. لينا كانت أول من فتحت عينيها. شيءٌ ما… يهزّ الهواء. ليس صوت طائر، ولا ريح، ولا شلال. صوتٌ عميق، معدني، يقترب ويبتعد، يقترب ويبتعد، كأن وحشًا حديديًا يلهث في صدر الغابة.

قفزت لينا على ركبتيها، صدرها الصغير يرتجف. «أحمد… أحمد!» هزّته، وهزّت منى، ومنى هزّت جمال. في ثوانٍ كانوا جميعًا واقفين، عراة، متجمدين، كأن الزمن عاد فجأة يجري في عروقهم.

سامي رفع رأسه أولاً. «ده… ده صوت عربية.» كلمة «عربية» خرجت من فمه كأنها حجر ثقيل سقط في بركة ساكنة. كيف عرفها؟ كيف تذكّرها؟ قبل أسبوع واحد فقط كانوا يجهلون حتى معنى «زب» و«كس». والآن… صورٌ تتدفق في رؤوسهم كفيلم مُقطّع:

  • أحمد يقف في موقف سيارات أبراج العبور، يفتح باب تويوتا بيضاء.
  • منى في فصل دراسي، تكتب على السبورة «حصة رياضيات».
  • لينا تركض خلف أتوبيس مدرسة، تضحك مع صديقاتها.
  • ليلى وياسر يلعبون ببلايستيشن في غرفة مكيّفة.
  • هواتف تهتز، شاشات تضيء، إشعارات تتكدّس.
كل ذكرى تضرب رأسهم كموجة. تأوه جمال ووضع يديه على أذنيه: «الضوضاء… أنا كنت أكره الضوضاء دي!»

ثم رأوه: خيط دخان رمادي رفيع يتصاعد فوق الأشجار البعيدة، كأن السماء نفسها جُرحت. سحبوا أنفسهم إلى أعلى تلّة صغيرة، متعلقين بالأيدي كالأطفال. من هناك، عبر وادٍ ضبابي، لمحوا وميضًا أزرق… ثم اختفى. ثانية… وميض أحمر. أضواء سيارة.

لينا همست، صوتها مرتجف: «إحنا… إحنا كنا في 2025.» أحمد أكمل، عيناه مفتوحتان على وسعهما: «وفي ليلة العاصفة… البرق اللي ضرب الكهف…» منى أنهت الجملة بصوتٍ خافت: «نقلنا… لورا. آلاف السنين لورا.»

سامي ركع، لمس الأرض بكفّه. «مفيش أسفلت… مفيش أبراج… مفيش حتى عجلة.» نظر إلى يده، ثم إلى السماء النقية: «إحنا في العصر الحجري.»

فجأة، صرخ ياسر وأشار: «شوفوا!» على سفح الجبل المقابل، ظهر شبحٌ معدني للحظة: جيب أسود، عجلاته تدور على طريق ترابي غريب، ثم اختفى خلف الأشجار. لكن الصوت بقي يتردد، يقترب، يبتعد، كأن الزمن نفسه يلهث وراءهم.

لينا بدأت تبكي بصمت. «أنا عايزة أرجع… أرجع لماما.» منى احتضنتها، لكن عينيها كانتا مثبتتين على الدخان. «لو رجعنا… هنخسر اللي اكتشفناه هنا.» أحمد شدّ قبضته، زبه يهتز من التوتر لا الشهوة: «ولو ما رجعناش… ممكن نضيع إلى الأبد.»

في تلك اللحظة، ارتفع الصوت أكثر. هدير المحرك تحول إلى زئير. ثم… صمت. كأن الوحش المعدني توقف ليشمّ رائحتهم.

سامي وقف، صوته هادئ لكنه حاسم: «نروح للكهف. دلوقتي.» جمال سأل: «ليه؟» سامي أشار إلى الدخان الذي بدأ يقترب: «لأن البوابة اللي جتنا… ممكن ترجّعنا.» لينا همست: «ولو ما لقيناهاش؟» أحمد مسك يد منى، عيناه في عينيها: «هنعمل بوابة جديدة… بأي طريقة.»

جرَوا عبر الغابة، عراة، أقدامهم تنزف على الحجارة، لكن قلوبهم تنبض بنبض واحد: إما نرجع… أو نضيع إلى الأبد في الجنة التي سرقتنا من الزمن.

وفي الأفق، اقترب الدخان، كأن العصر الحديث يفتح فمه ليبتلع جنتهم الحجرية.



الفصل العاشر

الخريطة القديمة


دخلوا الكهف قبل أن يغيب ضوء النهار. الصمت بداخله كان ثقيلاً، كأن جدرانه تتنفس. رطوبة باردة تلتصق بجلودهم العارية، وتقطّر من السقف قطراتٍ صوتها يشبه دقات ساعة قديمة.

أحمد رفع شعلة من أغصان جافة، فانعكس الضوء على الجدران… وظهرت.

رسومات. ليس مجرد حيوانات أو صيادين، بل خريطة حية، ملونة بالدم والفحم والعصارة الخضراء.

أول ما رأوه: دائرة كبيرة حول الغابة، مرسومة بخطوط حمراء متوهجة. داخلها شجرة عملاقة، جذورها تصل إلى أعماق الأرض، وأغصانها تمتد إلى السماء حيث نجومٌ مرسومة بدقة غريبة. تحت الشجرة ثمانية أشكال بشرية، عراة تماماً، متشابكة الأيدي، ووجوههم… وجوههم هم.

لينا شهقت، أمسكت ذراع أحمد: «دول… إحنا!» منى اقتربت، أصابعها ترتجف وهي تمرّرها على الرسم: «مش إحنا بس… دول أجدادنا.»

في منتصف الدائرة، رمزٌ واحد يتكرر: برقان متقاطعان، وخط متعرج يخرج منهما إلى فتحة صغيرة في الجدار. تحته كلمات من رموز لا يعرفونها، لكن أحمد قرأها بصوتٍ مرتجف: «البوابة تفتح للعراة، تغلق على الملابس.»

سامي ركع أمام الرسم، لمسه بجبينه: «يعني الغابة دي… محمية زمنية. محدش يدخلها إلا لو خلع كل حاجة.» جمال أضاف: «ولو دخل حد لابس… البوابة تتقفل.»

فجأة، اهتزّ الكهف. صوتٌ من بعيد، لكن هذه المرة لم يكن هدير سيارة. كان صوت بشر… يصرخون، يضحكون، يتكلمون بلغة 2025.

«يا جماعة! الكاميرا لسه شغالة؟» «شوف الدخان ده! في ناس هنا؟» «الجي بي إس بيقول المحمية فاضية!»

الأصوات كانت تأتي من الجدار نفسه. كأن الرسومات أصبحت شاشة. للحظة، ظهر وميض كشاف، ثم وجه رجل بحلاقة حديثة، عيناه مفتوحتان على وسعهما: «يا لهوي… دول عريانين!» ثم اختفى الوجه، وعاد الصمت.

ليلى همست: «دول… من الجانب التاني.» ياسر أكمل: «من 2025.»

منى جلست على الأرض، بطنها المنتفخ قليلاً يرتجف: «يعني البوابة مفتوحة دلوقتي… بس كل ما حد يقرب منها، بتتقفل.» أحمد وقف أمام الرسم، عيناه تلمعان: «الرسم بيقول… البوابة تفتح مرة كل ألف سنة، لما البرق يضرب الكهف، ولما ثمانية عراة يقفوا قدّامها.»

سامي رفع رأسه: «يعني إحنا… المفتاح.» لينا بكت: «أنا مش عايزة أرجع… أنا عايزة أفضل هنا، من غير تليفونات، من غير لبس.» منى مسحت دمعها: «بس لو قفلنا البوابة… هنضيع إلى الأبد.»

في تلك اللحظة، اهتزّ الكهف مرة ثانية. الرسم بدأ يضيء. البرق المرسوم تحوّل إلى خطوط كهربائية زرقاء، تتسلل على الجدران، ثم تجمعت في الفتحة الصغيرة التي أشار إليها الرمز.

من الفتحة خرج صوتٌ واحد، واضح، حديث، صوت امرأة من 2025: «الإحداثيات بتقول… في ناس جوا الكهف! الكاميرا الحرارية بتظهر ثمانية أجساد!»

القبيلة نظرت إلى بعضها. ثمانية أزواج من العيون، ثمانية قلوب تنبض بنفس الإيقاع. أحمد مدّ يده الأولى. منى أمسكتها. ثم لينا، ثم جمال، ثم سامي، ثم سارة، ثم ليلى، ثم ياسر. دائرة كاملة.

أحمد همس: «إحنا هنقرر… نفتح البوابة ونرجع، ونقفلها… ونفضل هنا إلى الأبد.»

البرق الزرقاء بدأ يتسلل من الفتحة، كأن الزمن نفسه يمدّ يده ليأخذهم. الأصوات من الجانب الآخر صارت أعلى: «الدورية جاهزة! هنفتح البوابة بالقوة!»

لينا صرخت: «أنا عايزة أعيش زي الطيور!» سامي رد: «وأنا عايز أعرف بنتي هتعيش فين!» منى نظرت إلى بطنها: «وأنا عايزة ابني يعرف إن أمه اختارت الجنة.»

البرق وصل إلى أقدامهم. الكهف بدأ يهتز. الرسم على الجدار بدأ يتحرك، الشجرة تنبض، الأجساد الثمانية ترقص، والرمز الأخير ظهر تحت أقدامهم:

«اختاروا… قبل ما يختار الزمن عنكم.»

القبيلة وقفت في الدائرة، عراة، مرتجفين، لكن أيديهم متماسكة. البرق يلفّهم، والأصوات من 2025 تقترب، والغابة نفسها تنتظر قرارهم.

هل يفتحون البوابة… أم يقفلونها بأجسادهم؟

الفصل انتهى. لكن الزمن لم ينته بعد.



الفصل الحادي عشر

الغريب الأول


كان البرق الزرقاء لا يزال يرقص على أطراف أصابعهم، لكن القبيلة لم تتحرك بعد. الدائرة متماسكة، الأنفاس متزامنة، والقرار معلّق بين «نفتح» و«نقفل».

فجأة… شقٌّ في الهواء. كأن الجدار نفسه تمزّق. ضوء أبيض حادّ، صوت صفير إلكتروني، ثم… خطا رجلٌ واحدٌ من اللا مكان.

ارتدى بدلة خضراء داكنة، خوذة بلاستيكية، حزام مليان أجهزة، ويدُه تمسك مسدساً أسود لم يرَوه من قبل. وجهه… وجهٌ من 2025: حلاقة نظيفة، نظارات شمسية، وشعر قصير بماكينة.

توقف. نظر إليهم. ثمانية أجساد عراة، مغطاة بالعرق والتراب والسائل الجاف، عيونهم تلمع كالذئاب.

«يا نهار أسود!» صرخته خرجت بالعربية الفصحى الممزوجة باللهجة المصرية الحديثة. رفع يده اليسرى، جهاز مستطيل يضيء بألوان نيون، كاميرا حمراء تومض.

كان يصوّر.

لينا صرخت أولاً: «ده… ده تليفون!» ياسر اندفع خطوة: «أنا عايز أشوفه!» لكن سامي شده من كتفه: «بلاش! ده من الجانب التاني!»

الرجل تراجع خطوتين، المسدس يرتجف في يده. «أنتوا… أنتوا مين؟ التقارير قالت الكهف فاضي!» صوته يرجف، لكن عيناه لا تفارق أجسادهم.

منى تقدمت خطوة، بطنها المنتفخ يلمع تحت ضوء البرق، رفعت يديها ببطء: «إحنا… إحنا عايشين هنا. من زمان.» الرجل بلع ريقه: «من زمان؟ ده العصر الحجري!»

أحمد همس لجمال: «شايف الجهاز؟ ده آيفون 17… لسه طالع السنة دي!» جمال أكمل: «يعني البوابة فتحت دلوقتي… وفتحت من ناحيتهم.»

الرجل ضغط زرّاً في أذنه، سمّاعة بلوتوث تومض أزرق: «مركز… مركز! ف 8 أشخاص عريانين جوا الكهف! أيوه، عريانين تماماً! لأ، مش حيوانات… بشر!»

ليلى ضحكت فجأة، ضحكة ****: «شايفين؟ ده خايف مننا!» ياسر أضاف: «زي ما كنا خايفين من الضوضاء أول مرة!»

الرجل وجه المسدس نحوهم، لكن يده ترتجف. «متتحركوش! هنصوّر تقرير… ونطلع!» لكنه لم يتمالك نفسه، عيناه نزلت على صدر منى، ثم على زب أحمد، ثم على كس لينا المفتوح قليلاً.

«يا ***… دول بجد!» صرخ، وضغط زرّاً آخر في التليفون. فلاش أبيض قوي انفجر، صورة واحدة، ثم اثنتين، ثم فيديو.

سامي صرخ: «بلاش تصور!» لكن الرجل كان يتراجع بالفعل، خطواته سريعة، كعب حذائه يصطدم بالحجر.

فجأة… البرق الزرقاء عاد، لفّ الرجل كحبل كهربائي، سحبه للخلف. «لا! لا! أنا لسه ما…» اختفى. البوابة أغلقت بصوت صفير حادّ، كأن الباب الحديدي قفل على الزمن.

سقط التليفون من يده، ارتطم بالأرض، شاشته مكسورة، لكن لا يزال يضيء. شاشة القفل: صورة عائلية، زوجة وطفلين، خلفية شاطئ شرم الشيخ.

لينا ركضت، التقطته بيدين مرتجفتين: «ده… ده حقيقي.» ياسر لمس الشاشة، فتحت بصمة إصبع ليلى بالخطأ: «شوفوا! فيه واتساب!» رسايل كثيرة: «بابا، إمتى هترجع؟» «المحمية اتفتحت رسمي النهاردة!» «فيه إشاعات عن ناس عرايا جوا الكهف!»

منى جلست على الأرض، التليفون في حضنها: «يعني هما عارفين بوجودنا… بس مش عارفين إن إحنا من عندهم.» أحمد أضاف: «وكل صورة صوّرها… هتوصل للعالم كله في ثواني.»

سامي رفع التليفون، نظر إلى الشاشة المكسورة: «ده اسمه… أحمد.» أشار إلى اسم المستخدم: Ahmed_Protect2025 «زي اسمك.» أحمد ابتسم بمرارة: «يمكن جدّي… أو أنا نفسي… بعد ألف سنة.»

في تلك اللحظة، اهتزّ الكهف مرة أخيرة. الرسم على الجدار غيّر لونه، البرق تحول إلى أحمر، والرمز الأخير ظهر تحتهم:

«الغريب الأول دخل. البوابة هتفتح تاني… بس المرة دي… مش هتسمع كلام العراة.»

لينا بكت: «يعني إحنا مش هنقدر نقفلها؟» منى مسحت دمعها: «لأ… هنقدر نقفلها… بس لازم نختار حاجة واحدة.»

أحمد وقف، أمسك يد منى، ثم يد لينا: «نختار إيه؟» سامي رد: «نختار… نكون إحنا اللي بنفتح البوابة… أو اللي بنقفلها على العالم كله.»

التليفون في يد لينا بدأ يرنّ، نغمة «يا ليلي يا عين» بصوت محمد رمضان. الشاشة: مكالمة واردة من «مركز المحمية». القبيلة نظرت إلى بعضها. ثمانية أجساد، ثمانية قلوب، واحدة من أصعب اللحظات في تاريخ البشرية.

هل يردّون؟ أم يحطّمون التليفون… ويقفلون البوابة إلى الأبد؟

الفصل انتهى. لكن البوابة لم تنته بعد.



الفصل الثاني عشر

انقسام القبيلة


كان التليفون لا يزال يرنّ في يد لينا، نغمة محمد رمضان تتردد في الكهف كصرخة من عالم ميت. الشاشة تومض: «مركز المحمية – مكالمة واردة». القبيلة وقفت حولها، عراة، مرتجفين، كأن الجهاز الصغير ده حملقبضة الزمن كله.

لينا نظرت إلى الشاشة، عيناها واسعتان: «لو ردينا… هيعرفوا مكاننا.» ياسر شدّ يدها: «ولو ما رديناش… هيجوا يدوروا!»

سامي انتزع التليفون بلطف، ضغط على زرّ الرفض. الشاشة هدأت، لكن رسالة صوتية وصلت فوراً: «أحمد… أحمد! لو سمعتني، رد! المحمية اتفتحت، والحكومة عايزة تصور كل حاجة! فيه إشاعات عن قبيلة عرايا… رد يا راجل!»

منى جلست على الأرض، يداها على بطنها: «مش هنرد. مش هنرجع.» رفعت عينيها إلى الجميع، صوتها هادئ لكنه حاسم: «هنا جنة. هنا مفيش تلوث، مفيش لبس، مفيش قوانين غير قوانيننا. أنا عايزة ابني يولد هنا، يجري عريان زي الطيور، مش يلبس قناع عشان الهوا السام.»

أحمد جلس بجانبها، أمسك يدها، زبه يلامس فخذها بلطف: «أنا معاكي. أحميكي، وأحمي اللي جواكي. البراءة اللي اكتشفناها هنا… مش هنلاقيها بره. بره كان ضغط، عربيات، شغل، فلوس… هنا، كل يوم نيك وضحك واكتشاف.» قبل كتفها، عيناه مليانة خوف: «بس لو رجعنا… هنفقد كل ده.»

لينا تراجعت خطوة، صدرها الصغير يرتجف: «أنا… أنا خايفة. بره عالم ملوث، أيوه، بس هنا… لو البوابة قفلت، هنموت لوحدنا! أنا عايزة أشوف ماما، عايزة أكل مكدونالدز، عايزة ألبس فستان وأرقص في حفلة!» دموعها تسيل على خدودها، تمسحها بظهر يدها: «الغابة حلوة، بس مش عايزة أفضل فيها إلى الأبد!»

سامي وقف، جسده القوي يلمع تحت ضوء الشعلة: «أنا مع البحث عن البوابة. مش هنستنى يجوا يصطادونا زي الحيوانات! أنا كنت مهندس بره، عندي بنت ولد في 2025، عايز أرجع أشوفهم، أعيش في بيت، أشغل تكييف، أشتري آيفون جديد! هنا جميل، أيوه، بس مش حقيقي. ده حلم، وكل حلم لازم يصحى منه.» نظر إلى سارة: «مش كده؟»

سارة هزت رأسها ببطء: «أنا… مش عارفة. هنا بحس إني حرة، بس خايفة على ليلى وياسر.»

ليلى وياسر وقفا جنب بعض، يدا بيد: ليلى قالت: «أنا عايزة أجرب الاتنين! نروح ونرجع، زي لعبة!» ياسر أضاف: «بس لو قفلت البوابة… هنلعب إيه؟»

جمال كان صامتاً حتى الآن، ثم تكلم بصوت عميق: «القانون اللي كتبناه… كان بيقول كلنا واحد. دلوقتي، بنقسم؟»

الكهف اهتزّ فجأة. التليفون في يد سامي بدأ يرنّ تاني، لكن هذه المرة الشاشة غيرت: فيديو كول. وجه الرجل اللي دخل قبل شوية، الغريب الأول، يظهر: «يا جماعة! أنا أحمد، حارس المحمية! شوفتكم… وصورتكم! الفيديو واصل للإعلام! الجيش جاي يفتح البوابة بالقوة! ردوا… قولوا إيه عايزين!»

منى وقفت، صرخت: «عايزين نفضل هنا! دي جنتنا!» سامي رد: «لا! عايزين نرجع! افتحوا البوابة!» لينا بكت: «أنا خايفة… مش عارفة!» أحمد احتضن منى: «هنحمي الجنة… مع بعض.»

التليفون سقط من يد سامي، الشاشة تكسرت أكتر، لكن الصوت استمر: «الدورية وصلت! هنفتح الكهف في 10 دقايق!»

القبيلة انقسمت. أربعة على يمين: منى، أحمد، جمال، سارة – عايزين يقفلوا البوابة. أربعة على شمال: سامي، لينا، ليلى، ياسر – عايزين يفتحوها.

البرق الزرقاء عاد، يلفّ الكهف، كأن الزمن نفسه يسأل: «مين هيختار؟»

منى مسكت يد أحمد: «لو قسمنا… هنموت.» سامي رد: «لو ما قسمناش… هنضيع.»

في تلك اللحظة، سمعوا أصوات أقدام خارج الكهف. أضواء كشافات، أصوات رجالة: «الكهف هنا! جهزوا المتفجرات!»

القبيلة نظرت إلى بعضها، الانقسام واضح، الخوف يأكل قلوبهم. هل يتحدوا تاني… أم ينفصلوا إلى الأبد؟

الفصل انتهى. لكن الانقسام بدأ.



الفصل الثالث عشر

ليلة الاعتراف


تركوا الكهف خلفهم، الأضواء الكهربائية تتلاشى، الأصوات البشرية تبتعد، وخرجوا إلى ليلةٍ مفتوحة، قمرٌ كبير يُغرق الغابة بضوءٍ فضيّ، كأن السماء نفسها فتحت عينيها عليهم.

أحمد ومنى مشيا يداً بيد، بعيداً عن الآخرين، عراة، أقدامهما تترك أثراً رطباً على العشب. توقفا عند شجرة التفاح البري، نفس الشجرة التي كتبوا تحتها قانون الغابة.

منى جلست أولاً، ظهرها للجذع، ساقاها مفتوحتان، بطنها المنتفخ يلمع تحت القمر. أحمد جلس أمامها، ركبتاه على الأرض، زبه منتصب من البرد والخوف والرغبة معاً.

«منى…» بدأ، صوته يرتجف أكثر من أي وقت. «أنا… أنا بحبك.» الكلمة خرجت بسيطة، لكنها حملت كل ما عجز عن قوله منذ أشهر. «مش حب الغابة، ولا حب الجسد، حبك أنتِ.»

منى ابتسمت، دمعة صغيرة تلمع في عينها اليمنى. «أنا عارفة من أول يوم.» مدّت يدها، وضعتها على قلبه: «لما دخلت جوايا أول مرة، كنت خايف أكتر مني.»

أحمد أمسك يدها، قبل كفّها، ثم قبل أصابعها واحدة واحدة. «أنا كنت مهندس في القاهرة. أرقام، كباري، خرسانة. كل يوم أصحى الساعة 6، ألبس بدلة، أركب مترو، أشرب قهوة من ستاربكس. بس كنت ميت جوايا.» نظر إلى السماء: «هنا… صحيت.»

منى ضحكت ضحكة خفيفة: «وأنا كنت ميس منى، مدرسة رياضيات في مدرسة حكومي. أصحى ألبس جلبية طويلة، أخبّي شعري، أكتب معادلات على السبورة. كنت بحلم أعيش يوم واحد من غير قيود.» وضعت يده على بطنها: «دلوقتي عايشة كل يوم كده.»

أحمد اقترب، وضع جبهته على جبهتها. «لو البوابة فتحت… هنهرب مع بعض؟ أنتِ وأنا واللي جواكي؟» صوته انخفض: «بس أنا خايف… خايف الطفل يتربى في عالم ما يعرفش فيه عري، ولا ضحك، ولا حب من غير خوف.»

منى قبلته، قبلة طويلة، لسانها يدخل فمه، يداها تذهبان إلى زبه، تمسكه بلطف، تحركه صعوداً ونزولاً. «هنقرر مع بعض. بس الليلة… خلينا نعيش.»

استلقت منى على ظهرها، العشب الناعم تحتها، القمر فوقها، ساقاها مفتوحتان كدعوة. أحمد انحنى، قبّل بطنها، قبّل الندبة الصغيرة فوق سرتها، ثم نزل، لسانه يلحس كسها ببطء، يدور حول البظر، يدخل قليلاً، يخرج، يشرب طعمها المالح الحلو.

منى تأوهت، يداها في شعره: «آه… أحمد… أكتر…» رفع ساقيها، وضعهما على كتفيه، زبه يلامس شفراتها، لكن ما دخلش، حرّكه على كسها، صعوداً ونزولاً، كأنه يدهنها بنفسه.

«عايزة جواكي…» همس. منى ردّت: «ادخل… بس بطيء… خليني أحس بكل سنتي.»

دخل ببطء، ملimeter بـ ملimeter، يشعر بجدرانها تضغط عليه، دافئة، رطبة، حيّة. توقف لما وصل للآخر، بقي ساكت، قلبه يدق في زبه. منى همست: «حرّكني…» بدأ يتحرك، بطيء، عميق، كل دفعة يخرج للنص، يدخل للآخر.

أمسك يديها، شبك أصابعه بأصابعها، عيناه في عينيها. «أنا بحبك…» كررها مع كل دخلة. منى ردّت: «وأنا بحبك…» مع كل خروج.

زاد الإيقاع، لكن ما زال ناعماً، كأنهما يرقصان رقصة سرية. منى رفعت وركها، استقبلته أعمق، بظرها يحتك بجذع زبه. «هنا… أحمد… هنا…» صرخت صرخة خفيفة، جسدها يرتعش، سائلها يبلل فخذيه.

أحمد لم يتوقف، استمر، يدخل ويخرج، يشعر بنبضها يضغط عليه. «هجيب جواكي…» همس. منى شدّته: «جيب… عايزة أحس بيك جوا الطفل.»

انفجر، ساخن، كثير، نبضات طويلة، كأن كل قطرة تحمل اسمه. بقي داخله، لا يتحرك، يحتضنها، زبه يلين ببطء.

استلقيا جنب بعض، القمر ينور جسديهما، النجوم تشهد. أحمد وضع يده على بطنها: «لو فتحت البوابة… هنهرب مع بعض؟» منى قبلت جبينه: «لو فتحت… هنقرر مع بعض. بس لو قفلت… هنعيش هنا، وأنت أبو الطفل، وأنا أمه، والغابة بيتنا.»

أحمد ابتسم، دمعة صغيرة في عينه: «أنا كنت مهندس… دلوقتي صرت أب.» منى ضحكت: «وأنا كنت ميس… دلوقتي صرت جنة.»

ناموا تحت الشجرة، متعانقين، زبه لا يزال نصف منتصب بين فخذيها، كسها لا يزال رطب ببذرته. القمر كان شاهداً، والنجوم كتبت في السماء: «مهما فتحت البوابة… حبهم لن يُقفل.»

الفصل انتهى. لكن الحب بدأ.



الفصل الرابع عشر

الخيانة الصغيرة


الليل كان ساكتاً، إلا من همس الريح بين أوراق التفاح البري. القبيلة نامت تحت الشجرة، أجسادها متشابكة كأنها جذع واحد، لكن ليلى وياسر لم يناما.

كانا مستلقيين جنب بعض، يديهما متشابكة، عيونهما مفتوحتان على النجوم. ليلى همست: «بتفتكر… البلايستيشن لسه موجود؟» ياسر ابتسم: «والبطيخ المكعّب؟ والآيس كريم اللي بيطلع دخان؟» ليلى ضحكت ضحكة ****: «أنا عايزة أرجع أجرب تاني… بس شوية.» ياسر شدّ يدها: «نروح… نطلّ بس… ونرجع قبل ما يصحوا.»

قاما بهدوء، أقدامهما الصغيرة لا تصدر صوتاً على العشب. مرّا بجانب أحمد ومنى، رأيا أحمد يحتضن منى، زبه نائم بين فخذيها، منى تتنفس بهدوء. ليلى غطّت فمها لتكتم ضحكتها، ياسر همس: «زي الدمى الكبيرة.»

تسللا خارج المخيم، عراة، جلدهما يلمع تحت القمر، كأنهما شبحان صغيران. عرفا الطريق للكهف، كانوا يلعبون هناك كل يوم، يرسمون على الجدران، يصرخون والصوت يرجع.

دخلا الكهف، الشعلة اللي سابوها أحمد مطفية، لكن ضوء القمر كان يتسلل من السقف. وقفا أمام الجدار اللي ظهر فيه الغريب الأول. ليلى لمست الرسم، إصبعها على البرق المرسوم: «هنا… البوابة.»

ياسر وضع أذنه على الحجر: «بتسمع؟» ليلى أغمضت عينيها: صوت خافت… موسيقى، ضحك، سيارات، كأن 2025 كله يهمس من الجهة التانية.

ليلى ضغطت بكفّها على الجدار، كأنها بتدقّ باب: «افتحي… افتحي يا بوابة!» ياسر ضحك: «زي سوبر ماريو!» دفع الجدار معاها، ضغطا بكل قوتهما الصغيرة.

فجأة… شقٌّ صغير، ضوء أبيض، صوت صفير. البوابة انفتحت، لكن ليست كاملة، مجرد نافذة بحجم ***. من خلالها، رأيا ممرّ إسمنتي، أضواء فلورسنت، لافتة مكتوب عليها: «محمية الغابة الزمنية – افتتاح 1 يوليو 2025».

ليلى صرخت من الفرحة: «شايف؟ شايف؟!» ياسر مدّ رأسه: «فيه كاميرا!» كاميرا أمنية حمراء تومض، شافت وشوشهما، سجّلت.

ليلى مدت يدها، لمست الأرضية الإسمنتية الباردة: «باردة!» ياسر أخرج حجر صغير من الكهف، كتب على الأرض بخط طفولي: «ليلى + ياسر كانوا هنا ♥»

ثم سمعا صوت أقدام. حارس، صوت راديو: «الكاميرا لقطت حركة! في ***** جوا البوابة!»

ليلى وياسر تراجعا بسرعة، البوابة انقبضت، أغلقت، لكن الحجر اللي كتبوا عليه بقي على الجهة التانية، مع بصمات أقدامهما الصغيرة في الغبار.

رجعا يجريان، قلبهما يدقّ، ضحك وخوف معاً. لما وصلوا المخيم، استلقيا جنب بعض، تظاهرا بالنوم. ليلى همست: «كان حلو… زي الحلم.» ياسر رد: «بس لو عرفوا… هيقولوا خيانة.» ليلى ابتسمت: «خيانة صغيرة… زي لما نكسر طبق ونخبيه.»

لكن في الجهة التانية، في 2025، الحارس رفع الحجر، قرأ الكتابة، صوّرها، أرسلها للمركز: «***** من العصر الحجري… كتبوا اسمهم.» وفي ثواني، الصورة وصلت لكل قنوات الأخبار: «أول دليل حي على قبيلة زمنية!»

في الغابة، القبيلة نامت، لا تعلم أن خيانة صغيرة، بريئة كضحكة طفلين، فتحت باباً للعالم كله.

الفصل انتهى. لكن الأثر بقي.



الفصل الخامس عشر

المداهمة


قبل الفجر بساعة، انشقّ الكهف كأن السماء سقطت داخله.

صوت صفير حادّ، ضوء أبيض قاطع، ثم… خطوات ثقيلة على الحجر.

البوابة فتحت كاملة، مستطيلٌ من نورٍ يقطع الظلام، وخرج منه ستة أشخاص، ليسوا حراساً، بل علماء.

بدل بيضاء، نظارات واقية، كاميرات معلقة على الصدر، أجهزة تطلق أضواء خضراء، وأصواتهم تهمس في سماعات الأذن:

«تأكيد… ثمانية أجساد حرارية.» «الكاميرا 360 جاهزة.» «لا تطلقوا النار… مجرد توثيق.»

القبيلة استيقظت فجأة، كأن حلمًا ثقيلاً رفعوه عن صدورهم. أحمد قفز أمام منى، جمال أمسك عصا حجرية، سامي شدّ لينا خلفه، ليلى وياسر تشبثا بأقدامهما.

أول عالم، امرأة طويلة، رفعت كاميرا صغيرة: «ابتسموا… أنتم تاريخ!» فلاش. صورة. ثم عشر صور في الثانية.

منى صرخت: «ابعدوا عننا!» لكن صوتها غرق في صوت الطائرة المُسيَّرة التي دخلت من البوابة، تحوم فوق رؤوسهم، تسجل من كل زاوية.

العالم الثاني، رجل أصلع، فتح جهاز لوحي: «الإعلان الرسمي: الانتقال الزمني غير مصرح. الغابة ستُطهر من التدخلات الحديثة خلال 48 ساعة. كل من يُعثر عليه بعد ذلك… سيُرحَّل قسرياً إلى 2025.»

سامي تقدم خطوة: «ترحيل؟ إحنا هنا من آلاف السنين!» العالمة ابتسمت ابتسامة باردة: «لأ… أنتم من 2025. العاصفة نقلتكم. والآن سنعيدكم… أو نغلق البوابة عليكم إلى الأبد.»

لينا بكت: «أنا مش عايزة أرجع!» ليلى وياسر صرخا: «إحنا لسة لعبنا!»

الكاميرات دارت، صوّرت كل شيء: أجسادهم العارية، الرسومات على الجدران، بطن منى المنتفخ، زب أحمد المنتصب من الغضب والخوف.

العالم الثالث رفع مكبر صوت: «آخر تحذير. غادروا الكهف الآن… أو نُجبركم.» ثم أشار إلى جندي خلفه، يحمل أنبوبًا معدنيًا يصدر صوتًا كالنحل.

أحمد همس لمنى: «هنقاوم… أو نهرب؟» منى أمسكت يده: «لا نهرب… نحمي جنتنا.»

فجأة، سامي ركض نحو البوابة، لينا خلفه. ليلى وياسر تبعاهما. صرخوا: «هنفتحها! هنرجع!»

جمال تردد، نظر إلى سارة، ثم إلى أحمد ومنى. سارة بكت: «أنا عايزة أفضل…» لكن جمال شدها: «مع السلامة.»

القبيلة انقسمت أمام الكاميرات، أربعة يركضون نحو البوابة، أربعة يقفون في الظلام.

العالمة ضحكت: «انظروا… انقسام طبيعي!» رفعت صوتها: «الفريق الأول: يُرحَّل إلى 2025. الفريق الثاني: يُترك هنا… لكن البوابة ستُغلق بعد 24 ساعة. لا عودة.»

الجندي أطلق قنبلة دخانية، دخان أبيض يملأ الكهف، أصوات سعال، صراخ، أقدام تركض.

عندما انقشع الدخان، كانت البوابة لا تزال مفتوحة، لكن أمامها حاجز كهربائي أزرق، وخلفه الجندي يصرخ: «الوقت بدأ!»

أحمد، منى، جمال، سارة، وقفوا في الظلام، أيديهم متشابكة. منى همست: «24 ساعة… عشان نقرر إحنا نعيش… أو نترحَّل.»

في الجهة التانية، سامي، لينا، ليلى، ياسر، ركضوا داخل البوابة، أضواء 2025 تضيء وجوههم، لكن عيونهم مليانة دموع.

البوابة بدأت تضيق، صوت صفير، كأن الزمن يُغلق فمه.

الكاميرات سجّلت كل شيء. في 2025، العالم كله شاهد: «قبيلة الغابة تنقسم… من سيبقى في الجنة؟ من سيعود إلى الجحيم؟»

الفصل انتهى. لكن العد التنازلي بدأ. 24:00:00 23:59:59 23:59:58…



الفصل السادس عشر

الاختباء


23:47:12

دخلوا الكهف الثاني من فتحةٍ ضيقة، أجسادهم الأربعة تتزحلق على الصخور الزلقة، كأن الأرض نفسها تبلعهم. أحمد أولاً، منى خلفه يمسك بطنها، جمال يدفع سارة، ثم يغلقون الفتحة بحجرٍ كبير.

ظلامٌ كامل. رطوبةٌ تلتصق بالجلد. صوت قطراتٍ تتساقط كل ثانية، مثل ساعةٍ لا تتوقف.

أحمد همس: «هنا… أعمق من البوابة الأولى.» منى ارتعشت: «يعني… لو قفلوها، مش هنلاقيها تاني؟» جمال ضرب الحجر بقوة: «صوت!» صوتٌ معدني بعيد، كأن الدورية تضرب الجدران من الخارج.

جلسوا في دائرة، ركبهم تلمس بعضها، أنفاسهم تتصاعد كدخان. البرد يدخل العظام. الجوع يعضّ المعدة.

سارة همست: «آخر مرة أكلنا… كان التفاح ده الصبح.» منى وضعت يدها على بطنها: «الصغير بيضرب… جعان.» أحمد مسح جبينه: «مفيش نار… مفيش فاكهة… مفيش حتى ماء.»

في الظلام، بدأت الذكريات تضرب كالأمواج:

  • أحمد يتذكر ثلاجة سامسونج، بابها يفتح بضوء أزرق، زجاجات بيبسي باردة.
  • منى تتذكر فرن الميكروويف، صوت «بيب» لما البيتزا تطلع.
  • جمال يشمّ رائحة شاورما ٢٤ ساعة في وسط البلد.
  • سارة تسمع صوت آيس كريم فانيليا يتكسر في الكاسة.
كل ذكرى تؤلم أكثر من الجوع.

أحمد وقف، تحسّس الجدار، وجد حجرًا حادًا. «هنعمل زي أجدادنا.» ضرب حجرين ببعض، شرارة صغيرة، ثم ثانية، ثم شعلة خفيفة من أعشاب جافة. النار الصغيرة كشفت وجوههم: شاحبة، مرتجفة، لكن عيونهم لا تزال حية.

جمال جمع أغصانًا، صنع رمحًا بدائيًا. سارة لفت ورق شجر حول خصرها، محاولة عبيطة للدفء. منى جلست، تضغط بطنها: «مش هسيبه يتألم.» أحمد قبل جبينها: «هنلاقي أكل… ولو اضطرينا ناكل حجر.»

في الضوء الخافت، رأوا رسمًا قديمًا على الجدار: أربعة أشكال، بطن واحدة منتفخة، تحتها رمزٌ واحد: «الجوع يفتح البوابة».

سارة بكت: «يعني… لازم نموت عشان نرجع؟» جمال شدها: «لأ… لازم نعيش عشان نثبت إننا هنا بيتنا.»

فجأة، صوتٌ من بعيد: «الفريق الثالث… الكهف الأعمق تم اكتشافه!» أضواء كشافات تتسلل من شقوق الحجر.

أحمد همس: «23:42:00…» منى أكملت: «يعني 42 دقيقة… قبل ما يقفلوا كل حاجة.»

الجوع يزيد. البرد يعضّ. الخوف يأكل القلوب. لكن أيديهم متماسكة.

أحمد رفع الرمح: «هنخرج… مش عشان نرجع، عشان نلاقي أكل، ونرجع هنا، ونعيش.» منى ابتسمت: «ونسمّي ابننا… «كهف».»

ضحكوا ضحكة صغيرة، أول ضحكة من ساعات. ثم وقفوا، أربعة أجساد، أربعة قلوب، نارٌ صغيرة في أيديهم، ورمحٌ حجري في أيديهم.

خرجوا من الفتحة، عراة، جوعى، لكن أحياء.

العد التنازلي: 23:40:11 23:40:10 23:40:09…

الفصل انتهى. لكن الصيد بدأ.



الفصل السابع عشر

الطفل الأول


الليلة الثالثة في الكهف الأعمق. النار صغيرة، تكاد تُطفأ. أحمد يُطعمها بأغصانٍ جافة، جمال يُحرس المدخل بحربةٍ من عظم غزال، سارة نائمة، رأسها على فخذ منى.

منى فجأة تُمسك بطنها، تُغمض عينيها، تُطلق أنيناً خافتاً. أحمد يركع بجانبها: «إيه؟ الجوع؟» منى تهزّ رأسها، تضحك ضحكة مكسورة: «لا… ده بيضرب.»

تضع يد أحمد على بطنها. نبضة. ثم ثانية. ثم ركلة صغيرة، كأن ***ٌ يرفس باباً من الداخل.

سارة تستيقظ، تُمسك يد منى: «بيحرك؟» منى تُومئ، دموعها على خدّها: «أيوه… أول *** في العصر الحجري.»

جمال يقترب، يضع جبهته على بطنها، يسمع. صمتٌ مطوّل، ثم يبتسم: «صوته زي صوت الشلال.»

أحمد ينظر إلى جمال، إلى منى، إلى النار. يسأل بصوتٍ هادئ: «مين الأب؟» منى تمسك يديهما معاً، تضعهما على بطنها: «قانون الغابة… كلنا أب.»

سارة تضحك، تبكي، تُقبّل بطن منى: «هيبقى اسمه «حرّ»… علشان ولد حر.»

منى تُغمض عينيها، تتكلم كأنها تحكي حلم: «هيولد تحت القمر، مش في مستشفى. هيرضع من ثديي، مش من ببرونة. هيجري عريان، مش هيعرف لبس. هيسمّي النجوم بأسماء جديدة، مش هيخاف من الظلام.»

أحمد يُقبّل جبينها: «وهيبقى أول إنسان ما يعرفش كلمة «تليفون».»

جمال يرفع حربته، يخطّ على الجدار رسمًا جديدًا: أمٌ حامل، ثلاثة رجال حولها، طائرٌ فوق رأسها. تحته يكتب برموزٍ حجرية: «الطفل الأول – بداية القبيلة الجديدة».

فجأة، صوتٌ من الخارج: «23:03:11… الكهف الأعمق سيُغلق بالديناميت بعد ساعتين!»

منى تُمسك يد أحمد، تُمسك يد جمال: «مش هياخدوه. هنولّد هنا، ولو فجّروا الكهف، هنولّد فوق الأنقاض.»

سارة تضع أذنها على بطن منى، تُغني للطفل أغنية قديمة كانت تُغنيها لدميتها في 2025: «نَم يا صغير… الغابة أمّك… والنجوم أبوك…»

النار تشتعل أكثر، كأن الطفل نفسه يُشعلها من الداخل.

أحمد يقف، يرفع صوته لأول مرة منذ المداهمة: «اسمعوا يا عالم 2025! إحنا مش ضحايا! إحنا أول أب وأم وعمّ وخالة لجيل جديد هيعيش من غير أسلاك ولا شاشات! ولو جيتوا تاخدوه، هتلاقوا جدار من أجسادنا!»

صوته يتردد في الكهف، يخرج من الشقوق، يصل إلى مكبرات الدورية.

في الجهة التانية، العالمة تُسجّل الصوت، تكتب في تقريرها: «الطفل الأول سيولد خلال أيام. القبيلة ترفض الترحيل. نوصي بتأجيل التفجير 72 ساعة.»

في الكهف، منى تُمسك بطنها، تضحك بين الطلق الأول: «سمعتوا؟ حتى هما خافوا من طفلي!»

جمال يُشعل شعلة أكبر، سارة تُحضّر أوراقاً ناعمة للفراش، أحمد يُقبّل منى بين كل طلقة.

العد التنازلي: 23:01:47 23:01:46 23:01:45…

لكن في بطن منى، عدٌّ تنازلي آخر بدأ: طلقة… طلقة… طلقة…

الفصل انتهى. لكن الولادة بدأت.



الفصل الثامن عشر

الانفصال


22:59:58

الطلق السابع ضرب منى كموجة صخرية. صاحت، عضّت على ذراع أحمد، الدم يسيل بين أسنانها. جمال يمسح جبينها بعشبٍ مبلل، سارة تعدّ الثواني بين كل طلقة.

فجأة، صوت انفجار بعيد. الكهف يهتزّ، غبار يتساقط من السقف. صوت مكبر الصوت من الخارج: «آخر ٥٩ دقيقة! الديناميت في مكانه!»

أحمد ينظر إلى منى، إلى بطنها الذي يتقلّص، إلى الدم الذي بدأ يبلل فخذيها. «مش هيولد هنا.» يقولها بصوتٍ حاسم. «مش هيولد تحت قنبلة.»

منى تلهث: «إحنا… إحنا هنموت لو بقينا.» أحمد يمسك وجهها: «إحنا هنعيش… بس لازم نطلع دلوقتي.»

جمال يقف، يرفع حربته: «أنا وسارة هنفضل.» سارة تمسك يده، عيناها مليانة دموع: «هنقفل البوابة من جوا… هنحمي الجنة.»

الطلق الثامن. منى تصرخ، تدفع، لكن الطفل لسّه مش جاهز. أحمد يحملها بين ذراعيه، جسدها ثقيل، رطب، ينزف. «هنهرب من الشق اللي ليلى وياسر فتحوه.»

جمال يركض أمامهما، يضرب الحجر بقوة، يفتح الشقّ الصغير، ضوء أبيض يتسرب. منى تُمسك يد سارة: «إوعدكم… هنرجع.» سارة تبكي: «إوعديني إنك هتسميه «كهف» لو ولد.»

أحمد يدفع منى عبر الشق، رأسها أولاً، كتفاها، بطنها، ساقاها. الطلق التاسع يضربها وهي نصّها في البوابة، تصرخ، تدفع، رأس الطفل يظهر.

أحمد يدخل خلفها، يمسك الطفل من رأسه، يسحبه بلطف، الحبل السري يخرج معه. البوابة تضيق، تُغلق، تترك جمال وسارة في الظلام.

في الجهة التانية، ممر إسمنتي، كاميرات، أصوات أقدام. أحمد يقطع الحبل بحجرٍ حاد، يلفّ الطفل في قميصٍ مهمل على الأرض، يحمله على صدره. منى تنزف، لكنها تضحك: «شايف؟ ولد… في نصّ الزمن.»

أحمد يحملها، يركض، الطفل يبكي بصوتٍ عالٍ، كأنّه يعلن لـ2025: «أنا أوّل مولود من العصر الحجري!»

خلفهما، البوابة تنفجر، صوت انهيار، غبار، ظلام. جمال وسارة يقفان أمام الشق، يضعان أجسادهما كدرع، يصرخان: «الجنة لسّه عايشة!»

أحمد ومنى يخرجان من الممر، يجدون بابًا مفتوحًا، سيارة جيب مفتوحة، مفتاحها في المحرّك. أحمد يركب، يضع منى في المقعد الخلفي، الطفل في حضنها. يضغط على البنزين، السيارة تطير في طريق ترابي، بعيدًا عن المحمية.

في المرآة الخلفية، يرى انفجارًا أزرق، البوابة تنهار، الغابة تبتلع نفسها. منى تبكي، تضمّ الطفل: «إحنا هربنا… بس هما ضحّوا.»

أحمد يمسك يدها: «هنرجع… لما الطفل يكبر، هنرجع ننقذهم.»

الطفل يفتح عينيه، أول ما يراه: سماء 2025، نجومٌ مخفية خلف الضوضاء، لكن عيناه تلمعان بنور الغابة.

السيارة تختفي في الأفق، خلفها دخانٌ أزرق، وأمامها طريقٌ مجهول.

الفصل انتهى. لكن الطفل بدأ يتنفس.



الفصل التاسع عشر

خارج الغابة


الجيب الأسود يتوقف أمام بوابة حديدية مكتوب عليها: «قرية النخيل السياحية – 2025»

الساعة على التابلوه: 04:17 صباحاً. الطفل في حضن منى يتنفس بهدوء، كأنه يعرف أن العالم الجديد لم يستيق بعد.

أحمد ينزل، يفتح الباب الخلفي، يساعد منى على الخروج. قدماها العاريتان تلامسان الأسفلت لأول مرة، الأرض حارة، خشنة، كأنها جلد غريب.

من بعيد، صوت حراسة: «مين هناك؟» شاب في العشرينات، زي أزرق، مصباح يدوي.

أحمد يرفع يديه: «إحنا… إحنا من المحمية.» الحارس يقترب، يرى الدم على فخذ منى، الطفل الملفوف في قميص متسخ، أحمد عريان تماماً. يفتح فمه، لكن لا كلمة تخرج.

منى تهمس: «عايزين هدوم… ومستشفى.» الحارس يركض، يعود ببطانيتين، يغطيهما، يدخلهما إلى غرفة صغيرة في البوابة.

أول قميص يلمس جلد أحمد: قطن ناعم، بارد، لكنه يخنقه. يحس كأن ذراعيه مربوطتين. منى تلبس بنطلون جينز، زرّه يضغط على بطنها المنتفخ، تضحك ضحكة مكسورة: «كأني في قفص.»

الحارس يقدم موبايل: «اتصل بحد؟» أحمد يمسك الجهاز، شاشة لامعة، إشعارات تتزاحم، يضغط على أول اسم يظهر: «ماما». الرنة الأولى… الثانية… صوت امرأة نائمة: «ألو؟» أحمد يبكي: «ماما… أنا أحمد.» صرخة في التليفون، ثم صمت، ثم بكاء.

بعد عشر دقايق، سيارة بيضاء تقف بسرعة. أم أحمد تنزل، شعرها أبيض، تركض، تحتضن ابنها، لا تتكلم، تبكي على كتفه.

في المستشفى، غرفة طوارئ، أضواء بيضاء، أصوات أجهزة. ممرضة تحاول تقيس ضغط منى، تتوقف: «إنتي… ولدتي من ساعة؟» منى تضحك: «في نص بوابة زمنية.»

طبيب يدخل، يرفع حاجبا: «الطفل سليم… لكن الأم محتاجة دم.» أحمد يمدّ ذراعه: «خد مني.»

في السرير، منى تنام، الطفل في حضنها، أحمد يجلس بجانبها، يرتدي روب أبيض، يشعر بثقله على كتفيه. يدخل التلفزيون: «عاجل: زوجان ومولودهما يخرجان من المحمية الزمنية!» صورة أحمد ومنى على الشاشة، عريانين، مغطيين ببطانية، يحملان طفلاً.

أحمد يغلق التلفزيون، يمسك يد منى، يهمس: «إحنا بره… بس قلبي لسّه هناك.»

منى تفتح عينيها، تنظر من النافذة: سيارات، أبراج، أضواء نيون. تضحك بصوتٍ خافت: «شايف؟ الغابة أحلى.»

في الخارج، صحفيون يتجمعون، كاميرات، أسئلة. لكن في الغرفة، ثلاثة أجساد فقط: أحمد، منى، وطفل اسمه «حر».

الفصل انتهى. لكن الغربة بدأت.



الفصل العشرون

المدينة ترفضهما


السيارة البيضاء توقفت أمام مركز شرطة صغير في وسط القاهرة، الساعة ٧ صباحاً، الشمس ترسل أشعة حادة على الزجاج.

أحمد حمل منى على ذراعيه، الطفل في حضنها، البطانية متسخة بدم الولادة. الباب يفتح، أربعة رجالة في زي أسود، أسلحة على الخصر، وجوههم جامدة.

«أنتم الناجين من الكارثة الزمنية؟» سأل الضابط الأكبر، صوته رسمي، كأنه يقرأ من ورقة.

أحمد هزّ رأسه: «إحنا… إحنا بس عايزين نرتاح.» الضابط أشار إلى سيارة سوداء: «معانا في الإدارة. أوامر من فوق.»

في غرفة التحقيق، طاولة معدنية، كراسي بلاستيك، كاميرا في الزاوية تومض أحمر. منى جالسة، الطفل يرضع، أحمد بجانبها، يديه مكبّلة بكلبش بلاستيك.

المحقق دخل، ملف سميك في يده، صور من الكاميرات الأمنية: أحمد ومنى عريانين، يخرجان من الممر، الطفل في حضنهما.

«اسمكم؟» «أحمد… ومنى.» «من 2025؟» أحمد ابتسم بمرارة: «كنا… بس دلوقتي من مكان تاني.»

المحقق فتح الملف: «التقارير بتقول فيه ٦ أشخاص تانيين جوا الغابة. جمال، سارة، سامي، لينا، ليلى، ياسر. قولوا مكانهم… هننقذهم.»

منى رفعت رأسها، عيناها حادة: «مش هتقولوا ننقذهم. هتقولوا هتطهر الغابة.» المحقق ضرب الطاولة: «الانتقال الزمني خطر! البوابة لازم تتقفل! قولوا الإحداثيات… أو هتُعتقلا كمسببي كارثة وطنية.»

أحمد نظر إلى منى، هزّ رأسه بلطف. «مش هنقول.» المحقق اقترب: «ليه؟» منى ردّت بهدوء: «علشان الجنة سرّنا. مش هتاخدوها مننا.»

الكلبش يُغلق على معصمي منى، الطفل يُؤخذ بلطف إلى ممرضة. أحمد يُسحب إلى زنزانة، منى إلى أخرى. الباب يُقفل، الأضواء تُطفأ.

في الزنزانة، أحمد جالس على الأرض الباردة، القميص يخنقه، يتذكر الغابة: العشب الناعم، الريح على جلده، صوت منى تتأوه تحت النجوم.

منى في الزنزانة المجاورة، تُمسك بطنها الفارغ، تبكي بصمت: «حر… هنرجع لك الجنة.»

خارج الجدران، التلفزيون يعلن: «اعتقال الناجين من الكارثة الزمنية… يرفضون الكشف عن موقع الآخرين!» المدينة ترفضهما، الأسلاك تحيط بهما، الأسئلة تتكرر.

لكن في قلوبهما، السر محفوظ: الغابة عايشة، جمال وسارة يحمونها، والطفل هيكبر… عشان يرجع.

الفصل انتهى. لكن الرفض بدأ.



الفصل الحادي والعشرون

الإعلام يقتحم


الساعة ٨:١٧ صباحاً، الخبر ينفجر على كل شاشة في مصر.

عاجل | قناة ON «قبيلة عارية تعيش في العصر الحجري منذ ٩ أشهر… وتخرج بمولود جديد!»

الصورة الأولى: أحمد ومنى يخرجان من الممر، عريانين، مغطيين ببطانية متسخة، الطفل في حضن منى يبكي.

الصورة الثانية: فيديو مسرب من كاميرا الدورية، ثمانية أجساد تركض في الكهف، ضحك، عري، قبلات، ثم انقسام، ثم انفجار أزرق.

تيك توك هاشتاج #قبيلة_العراة ٣.٤ مليون مشاهدة في ساعتين. شباب يقلدون الحركات، فتيات يرسمون رموز الكهف على أجسادهن، ميم: «لما تكوني في ميتينج وتفتكري الغابة».

فيسبوك صفحة «أنقذوا الجنة الحجرية» ٩٨ ألف عضو في ٣٠ دقيقة. منشور: «هم عاشوا ٩ أشهر بدون فلوس ولا لبس… إحنا بنموت كل يوم عشان فاتورة الكهربا».

تويتر تريند عالمي #StoneAgeRebels تغريدة من إيلون ماسك: «Time-travel nudists? I want coordinates.»

داخل المركز، الباب ينفجر. صحفيون، كاميرات، مذيعات مكياج ثقيل. مذيعة «الحدث» تصرخ في الميكروفون: «أحمد… منى… كلمة للعالم!»

أحمد واقف، كلبش بلاستيك في يديه، قميص المستشفى مفتوح. يبتسم ابتسامة هادية: «العالم ده… مش عالمكم.»

منى تُخرج من الزنزانة، شعرها متشابك، عيناها حادة. مذيع يمدّ ميكروفون: «هل مارستم الجنس بحرية؟» منى تنظر للكاميرا، تضحك: «مارسنا الحب… مش زي ما بتعملوه قدام الشاشات.»

الكاميرات تومض، الأسئلة تتزاحم: «مين أبو الطفل؟» «هترجعوا؟» «هتعملوا فيلم؟»

أحمد يمسك يد منى، يرفعهما للكاميرات: «إحنا مش فضيحة… إحنا رسالة.» منى تكمل: «اللي عايز يعيش حر… يسيب اللبس والتليفون، ويجي يدور على الغابة.»

في الخارج، الناس تتجمع، لافتات: «#أرجعوا_للجنة» «#الحرية_عريانة»

داخل المركز، الضابط يصرخ: «كفاية! اقفلوا التصوير!» لكن المذيعة تهرب بالكاميرا، تبث مباشرة: «الناجيان يرفضان الاستجواب… ويطالبان بالعودة للعصر الحجري!»

في غرفة التحقيق، شاشة صغيرة تظهر البث. أحمد ومنى يشاهدان نفسيهما، عريانين، في الغابة، في الكهف، في السيارة. منى تبكي: «شايف؟ العالم شافنا… بس مش شاف الجنة.»

أحمد يضمها: «مش مهم… المهم إن جمال وسارة لسّه هناك.»

خارج الباب، صوت هتاف: «أطلقوا سراح القبيلة!» الهاتف يرنّ في جيب الضابط، أمر من فوق: «سيبوهم… الرأي العام هيولّع البلد.»

الباب يفتح، الكلبش يُفك، أحمد ومنى يخرجان، الطفل في حضن ممرضة. الناس تصفق، الكاميرات تتفلش، لكن عيناهما على السماء: غابة بعيدة، شجرة تفاح، واثنين يحرسانها.

الإعلام يقتحم، لكن السر بقي. الجنة لسّه عايشة.

الفصل انتهى. لكن الصوت انتشر.



الفصل الثاني والعشرون

العودة السرية


الساعة ٢:٤٣ فجرًا، المركز نائم، الحراس يتثاوبون أمام شاشات المراقبة.

أحمد يفتح الباب الخلفي بمفتاح سرقه من جيب الضابط، منى تحمل «حر» ملفوفًا في بطانية، تركضان حافيتين على الأسفلت البارد.

سيارة جيب قديمة مفتوحة في موقف الشرطة، مفتاحها في المحرك. أحمد يضغط بنزين، الإطارات تصرخ، يخرجان من البوابة قبل ما يصحى أحد.

على الطريق السريع، منى تفتح الخريطة على تليفون مسروق: «المحمية… ١٢٠ كيلو شمال.» أحمد يبتسم: «هنوصل قبل الشمس.»

٤:٥٩ صباحًا، الجيب يتوقف عند سياج حديدي جديد، كاميرات، لافتة: «ممنوع الاقتراب – إغلاق نهائي».

أحمد يقطع السياج بكماشة، يدخلان، يجريان بين الأشجار. رائحة الغابة تضربهما كصفعة حنين: تفاح بري، رطوبة، صوت شلال.

لكن شيءٌ تغيّر.

أضواء خضراء صغيرة تومض على الأشجار: كاميرات حرارية. أسلاك رفيعة تمتد بين الجذوع: أجهزة تتبّع. لوحات معدنية مكتوب عليها: «مشروع تنمية المحمية – ٢٠٢٦».

منى تهمس: «دخلوا… حتى لو البوابة اتقفلت.»

يصلان للكهف، المدخل محاط بحواجز بلاستيك، شريط أصفر: «خطر – انهيار».

أحمد يزيح الحاجز، يدخلان، الظلام يبتلعهما. شعاع مصباح أحمد يكشف: الرسومات القديمة ما زالت، لكن فوقها طلاء أحمر: «ملكية حكومية».

في العمق، صوت ماء. صوت ضحك ***.

جمال يخرج من الظلام، عريان، شعره أطول، في يده رمح جديد. خلفه سارة، تحمل **** صغيرة، عيونها خضراء زي الغابة.

منى تصرخ، تركض، تحتضن سارة: «إنتوا… إنتوا عايشين!»

جمال يضم أحمد: «البوابة اتقفلت… بس الغابة فتحت لنا بوابة تانية.» يشير إلى شقّ صغير في السقف، ضوء قمري يتسرب.

سارة تضع الطفلة في حضن منى: «دي «لونا»… ولدت من شهر.» منى تبكي: «يعني… إحنا رجعنا قبيلة؟»

أحمد ينظر حوله: الكهف أصبح أوسع، أسرّة من أوراق، نار دائمة، أواني من قشور الفاكهة. لكن في الزاوية: صندوق بلاستيك أزرق، مكتوب عليه: «مساعدات إنسانية – الأمم المتحدة».

جمال يضحك: «كل أسبوعين يرموا صندوق… بس ما يدخلوش.» يفتح الصندوق: علب تونة، بطاريات، كاميرا مكسورة.

منى تضع «حر» بجانب «لونا»، الطفلين يمسكان أيدي بعض، كأنهما يعرفان بعض من حياة سابقة.

أحمد يمسك يد جمال: «هنرجع كلنا… أنا ومنى هنفتح بوابة جديدة.» جمال يهز رأسه: «مش لازم… الغابة دلوقتي بيتنا وبيتكم.»

في الخارج، صوت هليكوبتر. كشافات تبحث. سارة تهمس: «جايين يصوّروا تاني.»

أحمد يخرج تليفون مسروق، يصوّر فيديو قصير: «القبيلة عايشة… الجنة لسّه هنا… سيبوا الغابة… أو تعالوا عريانين.» يرسل الفيديو لكل الصحفيين.

ثواني، والهاشتاج يشتعل تاني: #الغابة_عايشة

الهليكوبتر تبتعد، الكشافات تُطفأ، الغابة تعود للصمت.

في الكهف، خمسة كبار، طفلان، نار، ضحك.

أحمد يرفع «حر» عاليًا: «ده أول جيل… هيعيش بين زمنين.» منى تضيف: «وهيختار كل يوم… يلبس ولا يفضل عريان.»

القمر يضيء الشقّ في السقف، كأنه بوابة جديدة، لكن هذه المرة… مفتوحة للأبد.

الفصل انتهى. لكن القبيلة كبرت.



الفصل الثالث والعشرون

اللقاء الأخير


الساعة ٣:١١ فجرًا، الغابة ساكتة إلا من صوت أقدامهما على الأوراق الجافة.

أحمد يحمل «حر» على صدره، منى تمسك شعلة من أغصان، يجريان بين الأشجار المألوفة، لكن شيئًا ما مكسور: لا رائحة نار، لا صوت ضحك، لا أثر للأطفال.

يصلان لمدخل الكهف. الحاجز البلاستيكي ممزق، الشريط الأصفر مقطوع، بصمات أحذية عسكرية ثقيلة في الطين.

يدخلان.

الكهف فارغ. النار مطفأة، الرماد بارد، أسرّة الأوراق مبعثرة. أدوات حجرية ملقاة على الأرض: مطرقة، سكين عظمي، رمح مكسور في النص.

منى تركع، تلمس الأرض: «دم…» بقعة بنية جافة، بجانبها قطعة قماش خضراء، شعار «قوات الأمن الزمني».

أحمد يرفع شعلته، يكشف الجدار: رسمة جمال الأخيرة، الأم الحامل، الأربعة حولها، ممحية بطلاء أسود، مكتوب فوقها بالإنجليزية: «تم الإخلاء – ١٤/١٠/٢٠٢٥»

في الزاوية، ورقة مطبوعة ملقاة: أمر ترحيل قسري «الأشخاص: جمال، سارة، سامي، لينا، ليلى، ياسر الوجهة: مركز الحجر الصحي الزمني – القاهرة السبب: حماية الخط الزمني»

منى تصرخ، صوتها يتردد في الكهف الفارغ: «أخدوا عيلتنا!»

أحمد يقترب من الشقّ في السقف، الذي كان بوابة القمر. مغلق الآن بحاجز حديدي، كاميرا حمراء تومض. يضرب الحاجز بقبضته، الدم يسيل: «كانوا هنا… من يومين بس!»

«حر» يبكي في حضن أحمد، كأنه يفهم الفراغ. منى تجمع الأدوات الحجرية في كيس قماش، تضعه على كتفها: «هنلاقيهم… ولو اضطرينا نفتح كل بوابة في مصر.»

في الخارج، يجدون أثرًا أخيرًا: دائرة صغيرة من الحجارة، في وسطها ورقة مكتوب عليها بخط جمال: «لو رجعتوا… التقوا فينا في النيل. تحت الجسر القديم. ليلة اكتمال القمر.»

أحمد يقبّل الورقة، يضعها في جيب القميص الوحيد اللي لابسه. منى تضم «حر»، تنظر للسماء: «اكتمال القمر… بعد ٩ ليالي.»

يخرجان من الكهف، الشعلة تُطفأ، الغابة تبتلعهما من جديد. لكن هذه المرة، مش للعيش. للإنقاذ.

الكهف فارغ، لكن القلب ممتلئ بالوعد: اللقاء الأخير لم يحدث بعد.

الفصل انتهى. لكن المطاردة بدأت.



الفصل الرابع والعشرون

الولادة


الليلة التاسعة بعد اكتمال القمر. الغابة كلها تتنفس مع منى.

أحمد يجري أمامها، يحمل «حر» نائمًا على كتفه، منى تمشي ببطء، كل خطوة تُطلق طلقة. يداها على بطنها، الماء انفجر منذ ساعة، يسيل على فخذيها كشلال صغير.

«هنا…» تهمس، تتكئ على شجرة التفاح البري، نفس الشجرة التي كتبوا تحتها القانون الأول.

أحمد يُشعل نارًا صغيرة، يضع فوقها حجرًا مسطحًا، يغلي ماءً من الشلال في قشرة جوز هند. يخرج السكين العظمي، يلفّه بورق موز مطهر بالنار.

منى تستلقي على فراش من أوراق التين، ساقاها مفتوحتان، القمر يضيء كشافًا طبيعيًا. تتنفس بعمق، كل شهقة تُشعل الغابة.

أحمد يركع بين ساقيها، يداه مرتجفتان لكن ثابتتان. «شايفة الرأس…» يهمس، يُمسك رأس الطفل بلطف، شعر أسود مبلل يظهر.

منى تدفع، تصرخ صرخة حيوانية، الطيور تطير من الأشجار. دفعة… دفعة… الكتف الأيمن، الأيسر، ثم الجسد كله ينزلق في يد أحمد.

****. صغيرة، وردية، تبكي بصوت يملأ الغابة.

أحمد يقطع الحبل السري بالسكين، يلفّ الطفلة في قماشٍ من لحاء شجرة، يضعها على صدر منى. الدم والسائل يغطيان الثلاثة، لكن الابتسامة تغطي الوجود كله.

منى تُقبّل جبين الطفلة، دموعها تسيل على خدّها: «اسمها… غابة.» أحمد يضحك، يُقبّل يد منى: «غابة… جسر بين حجر وحديد.»

«حر» يستيقظ، يمدّ يده الصغيرة، يلمس أنف أخته، يضحك ضحكة أول مرة.

فوق رؤوسهم، القمر يكتمل تمامًا، يرسل شعاعًا فضيًا يحيط بالعائلة. الغابة تُغني: صراصير، شلال، ريح في الأوراق.

أحمد يرسم على الأرض بدم الولادة: دائرة، في وسطها أربعة أشكال، واحدة صغيرة جدًا. تحتها: «الجيل الثاني – بداية الزمن الجديد».

منى تهمس للطفلة: «هتجري هنا قبل ما تعرفي كلمة شارع.» أحمد يضيف: «وهتحبي قبل ما تعرفي كلمة قفل.»

النار تشتعل أكبر، كأن الغابة نفسها تحتفل. أحمد يحمل «غابة»، يرفعها للقمر: «يا زمن… شوفي أول بنت بين عصرين.»

القمر يبتسم، والغابة تُردد الاسم: غابة… غابة… غابة…

الفصل انتهى. لكن الحياة بدأت.



الفصل الخامس والعشرون

القرار الأخير


الفجر الأول بعد الولادة. النار صارت رمادًا دافئًا، القمر غرق في النهر، و«غابة» نائمة بين ذراعي منى، تتنفس رائحة الحليب والتراب.

أحمد يجلس على حجرٍ مرتفع، ينظر إلى الغابة من فوق. في يده ورقتان: ورقة جمال الممزقة: «تحت الجسر القديم»، ورقة حجرية رسمها ليلة أمس: دائرة، أربعة أشكال، **** في الوسط.

منى تقترب، تضع «غابة» في حضنه، تجلس بجانبه. صمت طويل، كأن الغابة نفسها تنتظر.

أحمد يهمس: «لو بقينا… هتبقي آخر آدم وحواء.» منى تكمل: «وهيبقوا أول آدم وحواء جدد.» أحمد يشير إلى «حر» اللي بيجري ورا فراشة: «هيعرف يجري قبل ما يعرف يكتب.» منى تضيف: «وهتعرف تحب قبل ما تعرف تخاف.»

لكن عينيها تنزل على أثر الأحذية العسكرية، على الكاميرا الحمراء اللي لسّه بتومض في الشجرة. «ولو رجعنا…» تقول، «هنفتح حرب على العالم كله.»

أحمد يفتح التليفون المسروق، الشاشة مكسورة، بطارية ٣٪. آخر رسالة وصلت من رقم مجهول: «الستة في معسكر سري. إحداثيات: ٣٠.٠٧٦٥، ٣١.٢٨٤١ اكتمال القمر الجاي… آخر فرصة.»

منى تمسك يده: «لو رحنا… ممكن ننقذهم.» أحمد ينظر لـ«غابة»: «وممكن نضيّعهم إحنا الاتنين.»

صمت آخر، أطول. «حر» يرجع، يضع زهرة صفراء في يد أخته، يضحك.

منى تبكي بهدوء: «أنا عايزة أعيش هنا… بس مش عايزة أعيش لوحدنا.»

أحمد يقف، يحمل «غابة»، يضعها على كتفه، يمدّ يده لمنى. «هنعمل الاتنين.»

منى ترفع حاجب: «ازاي؟»

أحمد يشعل نارًا جديدة، يضع فيها التليفون، الشاشة تذوب، الرسالة تختفي. ثم يرسم على الأرض بخرة النار: خطين متوازيين، واحد للغابة، واحد للمدينة، وفي النص جسر صغير.

«هنربيهم هنا… لحد ما يكبروا. لما يقدروا يجريوا بسرعة الفهد، لما يعرفوا يشعلوا نار بإيديهم، لما يقولوا أول كلمة: «غابة». وبعدين…» يضع يده على قلب منى: «هناخدهم، هنفتح البوابة بأجسادنا، ونرجع ننقذ الباقيين. مش دلوقتي… لما نكون جيش.»

منى تضحك، تبكي، تقبّله: «يعني مش آخر آدم وحواء… إحنا أول جيشين.»

أحمد يرفع «غابة» للسماء، «حر» يرفع يديه، منى ترفع صوتها: «يا عالم ٢٠٢٥… استنوا ١٨ سنة. هنيجي، مش نطلب حريتنا… هنيجي ناخدها.»

الغابة تردد صدى الوعد، النار تشتعل أكبر، القمر يرجع يطلع تاني، كأنه بيحيي الجسر الجديد.

القرار اتخذ: مش بقاء، ولا عودة. تربية جيش… من طفلين، في حضن الغابة.

الفصل انتهى. والحكاية… لسه في أول سطر.



نهاية A

التحرر


السنة الأولى بعد «القرار الأخير».

الشجرة العجوز تُثمر تفاحًا أحمر يشبه قلبًا مفتوحًا. تحتها، أحمد يبني كوخًا من أعواد الخيزران وأوراق الموز، منى تُعلّم «حر» كيف يُشعل النار بحجرين، و«غابة» تضحك لأول مرة، صوتها كقطرة ماء على حجر.

السنة الخامسة. «حر» يركض أسرع من الغزال، يصطاد أرنبًا بفخ من الحبال، يُقدّمه لأخته كهدية. «غابة» تُعلّم الطيور أن تأكل من يدها، تُسمّي كل نجمة باسم صديق لم تلتقِه بعد.

السنة العاشرة. الأطفال يرسمان على جدران الكهف: قصة أبوين خرجا من عالم الحديد، ورجعا إلى عالم التراب، وأنجبا جيشًا من طفلين.

السنة الثامنة عشرة. «حر» يقف على التلّة، طويلًا، عضلاته كالجذور، يحمل رمحًا من خشب الزيتون. «غابة» بجانبه، شعرها أسود كالليل، عيناها خضراوان كالغابة، تضع يدها على كتفه.

أحمد ومنى، شعرهما أبيض، جلدهما محفور بخطوط الشمس، يجلسان تحت الشجرة، يتبادلان تفاحة واحدة.

أحمد يهمس: «شايفين؟ البوابة لسّه مفتوحة.» يشير إلى شقّ صغير في السماء، ضوء أزرق خافت يتسلل.

منى تضحك: «مش هنحتاجها.» تُشير إلى أطفالهما: «هما البوابة.»

في تلك اللحظة، يخرج «حر» و«غابة» من الغابة، يحمّلان سلة مليئة بالفاكهة، يضعانها أمام والديهما. «حر» يقول: «اليوم… هنعلّم القبيلة الجديدة.» «غابة» تكمل: «اللي هيجوا من ٢٠٢٥، هنعلّمهم يعيشوا من غير لبس.»

أحمد يقف، يرفع يديه للسماء: «يا زمن… إحنا مش هربنا. إحنا بنينا.»

الريح تحمل صوته، تدخل البوابات، تصل إلى أذن عالم في ٢٠٤٣، ثم ٢١٢٥، ثم ٣٠٠٠.

الأسطورة تُروى: «كان فيه راجل وست، هربوا من عالم الحديد، ورجعوا لعالم التراب، وأنجبوا **** اسمها «غابة»، وكل من يدخل البوابة، بيسمع صوتها يقول: «اخلع… وادخل جنتك».»

في الغابة، أحمد يُقبّل منى، كأن أول قبلة لسة بتحصل. «غابة» تركض، «حر» يجري خلفها، والشجرة تُثمر من جديد.

النهاية ليست نهاية. النهاية هي أول يوم في جنة بدائية جديدة، تُروى عبر البوابات الزمنية، إلى آخر إنسان يختار أن يخلع كل شيء، ويبدأ من جديد.

القصة انتهت. لكن الجنة لسّه بتكبر.



نهاية C

الثورة


الليلة الثامنة عشرة بعد «القرار الأخير».

الغابة ليست نائمة. هي تنتظر.

أحمد يقف على التلّة، عريان، يحمل «غابة» على كتفه، منى بجانبه، تحمل «حر»، شعرها مربوط بحبل من الليف. تحتهما، ثلاثين كاميرا، عشرة علماء، خمسة صحفيين من قنوات عالمية، كلهم عراة، أحذيتهم مرمية عند السياج.

البوابة مفتوحة، مستطيل أزرق كبير، كأن السماء فتحت فمها.

أحمد يرفع صوته: «اللي دخل… خلّص. مش هيرجع يلبس.»

الصحفية الفرنسية، جسدها يرتجف من البرد، تسأل بالميكروفون: «هل هذه ثورة؟» منى تجيب: «هي عودة. مش ثورة على المدينة… ثورة على الخوف.»

أحمد يُشير إلى لافتة خشبية كتبها «حر» بحجر: «محمية الزمن الحر – ممنوع اللبس، ممنوع التلوث، ممنوع الخوف».

الأشهر التالية:

  • الأمم المتحدة تُعلن الغابة «أول محمية زمنية حرة».
  • بوابتان دائمة تفتحان: واحدة في القاهرة، واحدة في البرازيل.
  • كل شهر، ألف زائر يخلعون ملابسهم عند البوابة، يدخلون ليوم واحد، يخرجون بقلوب جديدة.
  • أحمد يُلقّب «آدم ٢.٠»، منى «حواء الثورة».
السنة الخامسة:

مدرسة حجرية تحت الشلال، «غابة» تُعلّم ***** ٢٠٥٠ كيف يصنعون رمحًا، «حر» يُعلّم كيف يقرأ النجوم بدل الجي بي إس.

على جدران الكهف، شاشات عضوية (نباتات مضيئة) تعرض بثًا حيًا: «عدد الذين عادوا إلى البراءة اليوم: ١٤٧٢».

السنة العاشرة:

مظاهرات في ٤٧ عاصمة، لافتات: «نريد غابة في كل مدينة!» برلمانات تُصوّت على قوانين «يوم عري إجباري». مصانع تُغلق أبوابها لأن العمّال يرفضون لبس الزي الرسمي.

السنة الخامسة عشرة:

أحمد ومنى، شعرهما أبيض، يقفان أمام بوابة عملاقة في نيويورك، يفتتحان «غابة تايمز سكوير»، مساحة خضراء وسط الأسفلت، لا كاميرات، لا هواتف، فقط بشر يرقصون تحت المطر.

منى تُمسك ميكروفون عضوي، تقول لمليار مشاهد: «التلوث مش في الهوا… التلوث في الخوف. اخلعوا خوفكم، وادخلوا جنتكم.»

أحمد يرفع «غابة» و«حر»، الآن في العشرين، يصرخان: «العودة إلى البراءة الحجرية… مش حلم. هي وعد.»

في الغابة الأم، شجرة التفاح البري تُثمر ذهبيًا، كل تفاحة تحمل بذرة، تُزرع في كل مدينة، تنبت غابة صغيرة، تنبت قبيلة.

الثورة لم تبدأ بصرخة. بدأت بخلع قميص.

اليوم، في كل بوابة زمنية، تُروى الأسطورة: «كان فيه راجل وست، فتحوا بابًا، وقالوا للعالم: ادخل… بس اخلع كل شيء.»

النهاية ليست نهاية. النهاية هي أول يوم في عالم يُعاد كتابته بأقدام حافية، وقلوب مفتوحة.

القصة انتهت. لكن الثورة لسّه بتبدأ… في كل مدينة، في كل قلب، في كل *** يولد ويُسمّى: غابة.
 
أعلى أسفل