كان يا ما كان، في سالف العصر والأوان، لكن في شارع ضيق من شوارع وسط البلد… في قهوة اسمها "السلطانية". قهوة قديمة، عمرها أكتر من خمسين سنة، واللي يقعد فيها يحس إنه رجع لزمن تاني… شيشة تفوح ريحتها، وصوت عبد الحليم من الراديو، ونقاشات مالهاش آخر بين الزباين.
لكن في ركن هادي، بعيد عن دوشة الناس، كان بيقعد واحد اسمه عم رفعت.
راجل في آخر الخمسينات، دايمًا لابس طربوش مفرود وبدلة شبه عسكرية، ومحدش يعرف عنه حاجة. بييجي كل يوم الساعة 7 المسا، يقعد على نفس الترابيزة، يطلب قهوة سادة، ويفتح شنطة جلد صغيرة… ويقعد يبص قدامه كأنه شايف فيلم محدش غيره شايفه.
اللي غريب بقى؟ إن محدش شافه بيتكلم مع حد… غير سعيد القهوجي.
سعيد كان شاب صغير، وبيشتغل في القهوة من كام سنة، لكنه حلف يوم وقال:
"عم رفعت ده مش طبيعي... أنا سمعته بيكلم حد مش موجود… وبيقول له: "مش هسكت أكتر من كده، السر لازم يتقال!"
من اليوم ده، بدأت الناس تراقب عم رفعت، لكنه مابيعملش حاجة غريبة.
لحد ما في يوم… ماجاش!
الغريب؟ إن ترابيسته كانت فاضية، بس الشنطة الجلد سابت مكانها… ومفيش حد عارف جابها ولا شالها!
سعيد مسك الشنطة وفتحها… لقـى جواها:
صور قديمة لناس متعلقة في صورهم على حيطة القهوة.
جواب مكتوب بخط إيده بيقول فيه:
"أنا رفعت عبد الرحيم… كنت ظابط مباحث زمان، واتحبست ظلم في قضية قتل حصلت هنا في القهوة دي من ٣٠ سنة… اللي اتقتل كان صاحبي، واتلفقتلي التهمة عشان كنت قربت أفضح اللي وراها… لو لقيتوا الجواب ده، اعرفوا إنهم لحقوني قبل ما أتكلم. الحقيقة في الصور."
القصة انتشرت في الحارة زي النار… واتبلغت المباحث… وتم إعادة فتح القضية.
والمفاجأة؟
إن واحد من الزباين القدام اللي لسه بييجي القهوة، طلع متورط في الجريمة فعلاً… واتقبض عليه!
ومن يومها، سموها "قهوة السلطانية… اللي كشفت وش الزمن التاني!"
تفتكروا بقى؟
كم سر لسه مستخبي في قهوة شكلها عادي…؟
ولسه عندنا حكايات تانية من قلب القهاوي… خليكم معانا الحلقة الجاية من "حكاوي القهاوي"!